الجندى المظلوم بقلم هانى مهنى
الجندي المظلوم
هاني مهني
حينما تستوقفني المشاهد المؤسفة التي يتعرض لها جنود الأمن المركزي اثناء تأديتهم لواجباتهم الوطنية اشعر بالأسي والحزن لحالهم.. للأسف منظر أي جندي أمن مركزي أو مجند في الداخلية من أهلنا البسطاء الذين لم يكملوا تعليمهم دائما ما يثير الشفقة لدي والرثاء لحالهم فهم دائما كما يقال "أبيض من الفل" يعني لا يعرف في الدنيا سوي ما يأمره به قائده في الجيش أو الشرطة.
فلا ثقافة لديه ولا تعليم فأغلبهم لا يعرف الا العمل في الحقل أو ورشة أو خلافه وهذا ليس بعيب إنما المشكلة انهم اغلب من الغلب نفسه.. فهم اناس بسطاء من الطبقة المطحونة المغلوبة علي أمرها دائما ولهذا السبب كان النظام السابق يستخدمهم في تنفيذ الأوامر ضد أي ناشط سياسي وكانوا مطيعين للأوامر بدون نقاش حيث كانوا يصوروا لهم ان هؤلاء النشطاء يعملون ضد مصلحة البلد.. أما اليوم فلم يختلف المشهد إلا قليلا فقد لغت الثورة مشهد الجندي الأمني مع الناشط السياسي في المعتقل واستبدلته بمشهد جندي الأمن المركزي مع الثوار في الميدان. فالجندي لا يعرف لماذا يثور هؤلاء وما الداعي من ثورتهم بعد ان أنعم الله علينا بالحرية بينما الثائر لا يعرف كيف يوصل رسالته ويفهمها لهذا الجندي البسيط ومع ذلك فإن الثورة لم تلغ مشهد البؤس والفقر والجهل لدي الكثير من هؤلاء الجنود بل مازالوا مهمشين يطحنون تحت عجلات القطار دون ان يعرفوا لماذا يموتون وفي أي شيء يضيغون ومن المسئول عن ***هم تحت عجلات القطار؟
انهم المهمشون الضائع حقهم المغلوبون علي أمرهم.. انهم اهلنا.. اخوتنا وابناؤنا.. ابناء عمومتنا وجيراننا.. مصريون.. مواطنون لكنهم يعاملون كمواطنين درجة ثانية في بلد كثيرا ما خضبوا أرضه بدمائهم كثيرا ما عاشوا يحلمون بحياة كريمة تحت سمائه لكن مازال الفساد والاهمال يحصد أرواحهم ويزيد فقرهم وجهلهم دون ان يرحم انسانيتهم وكرامتهم.
وها هو اليوم يتكرر المشهد وان كانت الصورة قد اختلفت بدرجة أو بأخري فهناك الكثير من الاقسام يحاول البعض اقتحامها واطلاق النار علي هؤلاء الجنود البسطاء البعيدين تمام البعد عن السياسة ومشكلاتها وبحورها العميقة وطلاسمها الغريبة بل ومستنقعها الذي لا ينجو من شروره أحد ولا ندري من الذي يهاجم هؤلاء الجنود الذين لا ناقة لهم ولا جمل فيما يحدث هل هم ثوار. أم مأجورون أو طرف ثالث كما يقال؟
مع الأسف اصبحنا في مشهد ضبابي واختلطت الأمور ببعضها وتصارع الجميع علي السلطة والخاسر الأول في هذا كله هو مصر وخصوصا البسطاء من الناس وأولهم جنود الأمن المركزي والداخلية بشكل عام.
نقلا عن جريدة الجمهورية عدد الجمعة 1 فبراير 2013
|