لماذا تغيرتُ؟

[abomokhtar]

بقلم/ سمير العركي
بعض أصدقائي الطيبين الذين أحسبهم من المخلصين سألني بعد كتابتي عدة مقالات هاجمت فيها التيارات العلمانية سواء من اليمين أو اليسار وقال لي: ما الذي غيرك؟.. لقد كنت تدعو إلى التوافق ولم الشمل والبحث عن المشتركات بين القوى السياسية المختلفة!!! والحقيقة أنني لم أتغير أو تتغير قناعاتي.. فمازلت مؤمناً بأن الحوار وبناء المشتركات هو سبيل التعايش السلمي بين الأطياف كافة.
ولكن الذي حدث أنه بعد مرور هذه المدة من عمر الثورة اكتشفت أننا لسنا أمام قوى سياسية تبحث عن التعايش وتريد بناء نظام ديمقراطي سليم يتم الاحتكام فيه لإرادة الشعب والنزول على اختياراته.. بل أمام كائنات معظمها (ولن أقول كلها) تم تخليقها في حضانات الحزب الوطني المنحل ورعاية الأجهزة الأمنية لمبارك.. وليس لديها ثم استعداد للقبول بالديمقراطية أو آلياتها ونتائجها.. بل تريد فرض مبدأ (إما أنا أو الفوضى).
فقد عاقبوا الشعب المصري على اختياراته منذ استفتاء 19 مارس 2011 وأوسعوه سبا ً وشتما ً وتنقيصا ً.. وفضحوه أمام العالم أجمع وأظهروه بمظهر الخائن الذي يبيع صوته من أجل زجاجة زيت وكيس سكر.. مع أن معظم هذه "الكائنات" السياسية باعت شرفها السياسي من قبل لمبارك وقبضت الثمن.. ولم تستح أن تتحول إلى كتبة تقارير أمنية في حق المعارضين الشرفاء .
وقناعتي التي لن تتغير أن الشعب هو صاحب القرار ومصدر السلطات.. ولن يسمح ضميري بالتهاون أو التعاون مع من يريد العصف بهذه الإرادة تحت مسمى "التوافق" أو غيره.. لأنها بداية الطريق لبناء أي نظام ديكتاتوري.. وأمثال هؤلاء يريدون تنحية الإرادة الجماهيرية جانباً !!
نعم تغيرت.. لأنني اكتشفت أننا أمام مجموعات من كارهي دينهم وعقيدتهم يعملون جهدهم من أجل سرقة الحلم من بين أعييناً يريدون أن نظل نرسف في أغلال الاستعمار.. وألا نغادر مرحلة (سايكس – بيكو) بجميع تداعياتها التي مازالت جاثمة على صدورنا حتى الآن.
فالاستعمار رحل بعساكره ومجنزراته.. ولكنه مازال جاثما ً على صدورنا بثقافته وتشريعاته وهيمنته الاقتصادية ونفوذه السياسي وحلفائه الصهاينة.. والأهم أنه مازال بيننا بطابور خامس من بني جلدتنا يجتهدون الآن لدوام بقائنا في أسواق النخاسة نباع ونشترى كالعبيد ودوام ارتباطنا بالمستعمر الغربي.. لذا يفعلون الأفاعيل من أجل محاصرة الإسلام (عقيدة وشريعة).. كما كان على مدار أكثر من قرن من الزمان.. لأنه وحده الذي يملك لنا مقومات الاستقلال والريادة.
نعم تغيرت.. لأنني اكتشفت أنني أمام مجموعات من المنتفعين الذين لديهم استعداد لحرق البلد من أجل وصولهم إلى كراسي الحكم دون الاحتكام للإرادة الشعبية الفاصلة.. لذا تحولوا من ساسة يمارسون السياسة وفق ما تعارفت عليه البشرية إلى زعماء عصابات تنشر الخراب وتستبيح الدماء وتنتهك الأعراض.
ولعل ما رأيناه في شوارع مصر على مدار الأيام الماضية من خراب ودمار لهو مثال واضح على تدنيهم الأخلاقي وعدم صلاحيتهم لممارسة العمل السياسي.
فعصابات الخراب التي تتحرك في شوارع مصر إنما تفعلها تحت غطاء سياسي من جبهة الإنقاذ والتيار الشعبي وغيرهم.. إضافة إلى غطاء إعلامي لا يقل إجراما عما يفعله ال***ة في الشوارع والطرقات.. فهل أمثال هؤلاء يستحقون الحوار.. أم لابد من محاكمتهم على ما اقترفت أيديهم من جرائم؟!!
نعم تغيرت.. لأنني فوجئت أنني أمام أحزاب تبيع لنا الوهم.. فليس لديها أي برامج سياسية ولا رؤى اقتصادية تقدمها كصك اعتماد للناخب المصري.. بعد أن تحول قادتها إلى محترفي تغريدات على تويتر وبوستات على الفيس بوك.
فلم نسمع واحدا منهم لا البرادعي ولا حمدين ولا موسى ولا البدوي ولا غيرهم يحدثنا عن رؤية اقتصادية شاملة بديلة عن الرؤية الحكومية الحالية.. ولا برنامجا مفصلاً لتطبيق العدالة الاجتماعية الغائبة من وجهة نظرهم.. فظهورهم الإعلامي على كثرته لا يقدم جديدا ً سوى إغراق في العموميات.. وكلام مكرر ومعاد.. واستخفاف بالمواطن المصري غير محدود !
نعم تغيرت.. ولكني كلى أمل أن ينبعث جيل شريف عفيف يؤمن بالديمقراطية ويعوضنا خيرا ً في أمثال هؤلاء الذين يجب محاسبتهم على ما اقترفت أيديهم في حق المواطن المصري الذي روعوه في ماله وعرضه واستباحوا دمه بدلا من استجداء الحوار معهم فهل التمستم لي عذرا ً.. أم مازلتم مصرين على أني تغيرتُ ؟!!.