نظف يا ريس

[abomokhtar]

بقلم/ هشام النجار
"القصص موجودة حين نتذكرها" .. فما بالك بقصة مرت عليها أشهر قصيرة ولم تزل بمراراتها راسخة في الوجدان الشعبي الحُر.. وقصة البرلمان أقسى وأكثر تعقيدا ً من قضية الرئاسة .. فتشويه شخص واحد وشيطنته أسهل كثيرا ً من شيطنة المئات . وبالرغم من صعوبة المهمة – المغشوشة – استطاع الجنرالات تمريرها وأجهزوا على أول مولود ديمقراطي شرعي من أب وأم معلومين يفخر به المصريون ويشمخون بأنوفهم ويرفعون رؤوسهم أمام العالم كله.
وأيضاً نجح الجنرالات في ذلك رغم السُخط الشعبي الحقيقي مع تمثيليات السُخط الغربي وتعبيرات الست هيلاري الغاضبة المصطنعة – اللي كدا وكدا - !
البرلمان – الذي يعز على وصفه بالمنحل - انشغل بقضايا وأحوال أقل خطورة وأهمية من قضية الوقت وهى قضية التطهير المعروفة إعلاميا ً بالعزل السياسي.. وكذلك تطهير المؤسسات وأجهزة الدولة السيادية من سدنة النظام السابق .. وأهمل البرلمان عن عمد أو عن غير عمد هذه القضية الثورية التي تمثل أولوية قُصوى .. ولم ينتبه إليها إلا في الوقت الضائع .
ساعتها كان الجنرالات – الوصف الشيك للعسكر – يجهزون البديل لهزيمة البرلمان بالخطأ التكتيكي المغشوش .
بالطبع لست مُثبطاُ ولا مُخذلا ..ً وأنا أول مشارك في كل حملة وكل أمر يأمر به الرئيس مرسى .
ولا أقلل على الإطلاق من أهمية ملفات نظافة الشوارع وتنظيم المرور.. لكنها ليست الملفات والقضايا ذات الأولوية القصوى والتي ربما يتعمد أو لا يتعمد رئيس الجمهورية النأي بنفسه عنها .
"التطهير .. المحاكمات الجدية الناجعة وإعادة محاكمات قتلة الشهداء وتوفير الأدلة والقرائن والشواهد التي تدينهم" – وقد وعد الرئيس بذلك خلال حملته - .. كل هذه ملفات وقضايا تدخل أيضا ً في باب " النظافة ".. لكنها نظافة أكثر أهمية وضرورة لجسد الوطن من كنس الزبالة وتلميع الميادين ودهان الحوائط.
ما يحدث حالياً عملية أشبه بوضع المساحيق والمكياجات الكثيفة على وجه قبيح به تقيحات وميكروبات .
سنمشى في شوارع نظيفة.. هذا جميل جدا .. لكن ما جدوى نظافة شارع يقابلك فيه ضابط شرطة يُذلك ويتكبر عليك ويلعن ثورتك وبلطجية جاهزون للعمل في أي وقت .. ونعود إلى البيت بعد أن تمشينا في الشارع النظيف لنجده كما هو متسخ وموبوء بالكائنات الإعلامية المريضة التي أصابتنا بالقرف الفكري والتلبك الذهني و"الشنوانى" الذي مات به عمر سليمان !
إستراتيجية الرئيس الدكتور مرسى – حفظه الله لنا – القائمة على النأي بالنفس عن الملفات الثورية التي تمثل أولوية قُصوى وتقديم الرتوش والتجميليات تخيفني وتجعل فزَع تجربة البرلمان يلاحقني .
نخاف إذا استيقظنا في يوم قائظ على أقدام الجنرالات على خطأ تكتيكي آخر – مغشوش – مع الرئيس.. فيسقطوه في لمح البصر كما أسقطوا البرلمان.. وساعتها نندم على عدم مبادرتنا بالعزل والتطهير قبل المكياج والمساحيق .
سعيد أنا بهذه الروح الجماعية الحماسية وهذا التجاوب الشعبي مع الرئيس.. وهذا يؤكد أن الشعب مع الرئيس إذا استنهضه للقيام بمهمة مصيرية أو تنفيذ حملة قومية .
لنستفيد إذاُ من حملة "وطن نظيف".. فهي تجربة عملية ناجحة مؤداها أن الجماهير تدعم رئيس الجمهورية المنتخب في توجهاته ومشاريعه القومية.
الشعب كان معه في نظافة الشوارع من العَك.. ولا شك سيكون معه في الحملة الأهم والجهاد الأكبر ضد صناديد الثورة المضادة داخل أجهزة الدولة ومن يعيقون بقوة وهوس مسيرة التغيير.
نظف يا ريس بجد لنحصل على وطن نظيف بجد .. ونحن معك.. والله ناصرك .