اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > قصر الثقافة > الأدب العربي

الأدب العربي قسم يختص بنشر ما يكتبه كبار الشعراء والأدباء قديمًا وحديثًا

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #11  
قديم 08-12-2011, 02:03 PM
نقاء الروح نقاء الروح غير متواجد حالياً
طالبة جامعية
عضو مثالي لعام 2011
 
تاريخ التسجيل: Apr 2009
المشاركات: 3,789
معدل تقييم المستوى: 20
نقاء الروح is on a distinguished road
افتراضي

الفصل الحادي عشر



أخذتُ أطبطب على كتف إياس وظهره وهو يبكي بحرقة كأنما لامس في حديثه جرحاً غائراً ، لا أفشي سراً إن قلتُ أنه أبكاني بحديثه ووصفه فكيف ألومه وقد عايش تلك الأحداث بنفسه وذاق لذتها وحلاوتها بكامل شعوره وإحساسه ، كنت أحاول تسليته والتخفيف عنه ، والحقيقة أنه غشاني بذلك الموقف المهول الذي لا أملك أمامه إلا أن أسكت وأشاركه بكاءه ، ولكني كنت أخشى على صاحبي لكثرة ما بكى ، كنت أردد على مسمعه ( هوّن عليك .. هوّن عليك ) فيهز رأسه ويخفض صوته إلى أن هدأ قليلاً وبدأ يسكت عن بكائه وإن كنت أعلم أن دمعه ما يزال منهمراً وأنا أراه ينسكب على خدّه مبللاً لحيته الخفيفة .

رفع إياس رأسه بعد أن سكت عنه بكاؤه وقام عجِلاً نحو حامل المصاحف وجاء بواحد يحمله في يده ، قبّله ثم اعتنقه في لحظة هدوء وسكون وأنا أرقبه لا أتحدّث ولا أسأل وإنما تركته ليفعل ما يشاء إن أراد أن يكمل حديثه أو أن يقف ، وفي هذه الأثناء التفت نحوي وقال ...

إياس : ربنا عظيم يا ريّان .. عظيم عظمة لا يمكن أن نتخيلها ، عظيم عظمة تأخذ قلبك ولبّك لمجرّد أن تمشي خطواتك الأولى وأنت تدخل بيته المحرّم ، فتبدأ الكعبة تتراءى لك من بعيد وتظهر لك هيبتها رويداً رويداً ، حتى تصل إلى أولى عتبات صحن الكعبة ؛ حيث الجلال والرهبة والتعظيم والحب والخوف والرجاء .. كلها تحيا في قلبك وتهتز فيه وأنت تشاهد الكعبة بكاملها أمامك والناس حولها يطوفون في سكينة ، إننا حينما نذهب إلى مكة لأداء العمرة لا نستشعر هذه المعاني ولا نلتفت إليها ، مشغولون بما معنا من نساء وأطفـال أن لا يضيعوا في فوج الزحام ، مستعجلون نريد الانتهاء من عمرتنا في أسرع وقت ونتباهى في ذلك إذا جلسنا مع رفاقنا سوياً ، ليت شعري ما لهذا شُرعت زيارة البيت !

ريّان : إيــــه .. صدقت يا أخي .. صدقت .

إياس : بعد أن انتهيت من عمرتي عُدت إلى مقرّ سكني ، انشغلتُ في تلك الرحلة - لأول مرة في حياتي - بالعبادة تماماً ، انقطعتُ عن كل شيء من ملاذّ الطعام والشراب ، حتى القيل والقال ما كنت ألتفتُ إليه ولا أبغيه ، إلتزمتُ كلام ربي صباح مساء في ثلاثة أيام قضيتها هناك ، ليس لي من عملٍ فيها إلا الصلاة والقرآن والذكر والدعاء ، كنتُ أدعو في كل حينٍ متى ما تذكرتُ طلبي من ربّي ، كنتُ ألح عليه إلحاحاً وأعيد طلبي عليه وأكرره مرات كثيرة .

ريّان : أشعر أن بعض المطالب أحياناً تزيدنا قرباً من ربنا .. دون أن نشعر !

إياس : ثم بعد أيامٍ ثلاثٍ قضيتها في رحاب بيت الله ؛ عُدتُ وكلي أمل بالله وثقة به أنه لن يُخيبني ولن يردني صفراً ، عُدتُ من هناك وكأني ضمنتُ رؤى من فرط يقيني ، بدأت أخطط ماذا سأفعل وأين سنذهب وما نوع الأثاث الذي سنختاره وما الطعام الذي تُحبّه ، جاء العيد فصارت بهجته بهجتين .. بهجة العيد وبهجة ثقتي بأني سأفوز بـ " رؤى " ، وبعد العيد كنتُ أسأل أمي كل يوم - وكأن المسألة مسألة وقت لا أكثر - هل اتصلت بهم أم لم تفعل ، وكنت حينها لم أترك الدعاء ولا سؤال ربي طلبي ، كانت أمي تعجب من ثقتي بموافقتهم بل كانت تظن أنهم لن يوافقوا بسهولة كوني طالب لم أنهي دراستي الجامعية بعد .


رد مع اقتباس
 

العلامات المرجعية

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 07:38 PM.