زيارة أخيره إلى قبو ذكريات الصمت العذرى ..!!

[آسر الصمت]

لا شئ يثير الرمل
لا الريح
ولا الماء
ولا الهواء
ولا الدم
أو ذكريات الجياد ..!!

تلك هى الشجرة
ويدى
فهل أرحل الآن
متسخا بالصبابة
وبالشجن الرملى
أم أقطع دابر صمتى الليلى
وأغنى للشجرة
ثانية
أجمع جسدى المتناثر فوق الأسطح
أجمع أجنحة الألوان
أقدمها إيقاعا
للوطن الحجرى ..!!

ما الذى تمسكه البناية
من هذا الهواء
وما الذى يمسكه القلب ..؟!
مضى .. ما مضى
الزوال اشرئب كقط يموء
الصدى ما ارتدى
غير كحل الفراغ
الندى
لم يبح بالندى
كل ما كان .. كان
مضى .. ما مضى
أيها الشاعر النائم العنفوان
أفق
رغم هذا الدخان ..!
تلك غريزة الصبا
وارتجافة الأصابع
حيث يبدو الأفق بعيدا
برتقالة شهية
والبدر قرص حلم
والسماء كأسا أزرق منقلبا
على مرايا الاشتهاء
والمرأة التى تحرك المخيلة
تنام فوق زهر الماء ..!!

كم أنت جميل هكذا
حينما تتعرى نافذة
من قضبانها
وقصيدة من أوزارها
وامرأة من سخافتها
وبلاد من هزائمها
وأشجار من جفافها
كم أنت جميل ..هكذا
وأنت لا ترى
فى أخر الليل سوى
أجسام الحوائط
وأبواب البنايات التى
تمنع الهواء وأسراب الطيور
كم أنت جميل ..هكذا
والقلم يسحب الظلام
فاتحا ذراعيه وسره
لامرأة داجنة
كم انت جميل
جميل هكذا
فى سقوط الأقنعة
ما هذه الرائحة
خيول برية تموت
أم رمل ينشر أسرابه
وصباره المتوعك
أم بياض يستقبل الرماد ..؟؟!!

ما هذه الرائحة
ندى يحترق
على سفود ظهيرة
أم مدى يتوثب نحو الرماد
ما هذه الرائحة
جنون يقفز من نافذة العربة
أم بلاد تبايع هذا الرماد
ما هذه الرائحة
ما هذه ..؟؟

ربما رائحة الموسيقى
تعبر بوح الهواء إلى
وربما رائحة الفضول التى
تركتها الطيور على النافذة
وربما صباح قديم ومرهق
يقوم من النوم
مغتسلا بالوهن
وربما وطن
أعرفه من ظلى
ومن تراب عرقى
ربما رائحة الشعراء التى
تعطر الفراغ
والأخشاب النيلية
ولقاح النخيل
فما الذى تحمله الصبابات
للمبعدين عن الحلم الذى
يكتبه الطمى ..
وما الذى يتركه القلب
من عشق
وما الذى أكتبه ..:
معلقا بين الوريد وأسطح الجرح المملح ..!!

تبدأ الهجرة فى القلب
ويأخذ الخطو فى الاتساع
هل رأيت بلادك أيها السائر
هل ..!!
هل رأيت بلادك أيها الثائر
هل ..!!

بماذا يذكرك القبو
وقضبان النافذة ..؟؟؟
بإمرأة خرجت عن طواعية السبى
وبماذا تذكرك الطيور التى
تركت أصابعها على النافذة ..؟
برائحة الموسيقى التى اشتعلت
فى صداى
عشية أن أهملتنى المدينة
وبماذا تفسر حزنك بالنغم المنكفئ

الذى يكدس الفرار
فى أصابعك وما الذى
يعطيك أسئلة القصيدة
أيها السوقى البدائى الذى
يحلم بالوطن الجميل
وبالقصيدة الوبيلة
أيها الشمسى الذى يقشر الظلام
ما الذى يكرس الفرار
فى خطاك
ويلحو النوم من عينيك
يقشر الصبابة التى
تلوح فى يديك
ويفسر العشق المفاجئ
بالجحيم ..؟؟

ما الذى يكسر الظل
فوق حافة السبيل
النيل .؟؟
النيل أم .. بداوة النخيل
أم سكنة هذه المدائن المبتذلة
وابتلاع الوهم
للحزن النبيل
أم ترقد امرأة
فى أقصى شجونك
تبكى على جثث الصهيل
ما ضل فى عينيك هذا الرمل
بل ضلت بهذا الرمل عيناك
وأدماك الفراغ
وخرجت وقت الغزو للأصحاب
تحدو جوعهم
لبساطة الصحراء
وتخنق ما تبقى
من عصافير الغناء ..!
متمنعا عن صمتك العذرى

تستلب ابتهاج القلب للرؤيا وتستلب الخواء ..!!

أحتفظ
بالطلقة الأخيرة
لرأسى
حين يشتعل الفرار
وأحفظ مراسم الجناز
لأقيم عزائى
حين ينهار الوطن ..!!

Hany