اتهام مبارك بنشر الفوضى في البلاد !!

[ابو سند]

'الدستور': مبارك مسؤول
عن الفوضى العارمة في البلد

وإلى بارك الله لنا فيه ودعواتنا الدائمة له بأن يحقق المزيد والمزيد من النجاحات لنا ولأولادنا وأحفادنا من بعدنا، ويحميه من حسد الحاسدين خاصة زميلنا وصديقنا إبراهيم عيسى رئيس تحرير 'الدستور' الذي كتب يوم الأربعاء كلاما أنا اعتذر للقراء عن حجبه عنهم لأنه من نوع: 'أين الرئيس مبارك من هذا كله؟! طبعا الرئيس مبارك مسؤول عن هذه الفوضى العارمة في البلد، مسؤول بحكم رئاسته وبحكم أنه رئيس منذ ثلاثين عاما ومن ثم لقد أثر في تكوين وحياة وطبائع وسلوكيات الشعب بسياسته وبوجوده الطويل في الحكم.
لكن المفاجأة هنا أن الرئيس يعترف بمسؤوليته الرئاسية قطعاً، لكنه لا يمكن أن يعترف بمسؤوليته عن الفوضى، لأنه ببساطة في رأيه مفيش فوضى! الفوضى التي يحذر منها الرئيس هي تعديل الدستور مثلا، هي حرية تكوين الأحزاب، هي الرقابة على الانتخابات، هي المظاهرات التي تطالب بالإصلاح السياسي، هي الوقفات الاحتجاجية التي تهتف ضد الحكومة، هي المطالبة بفتح معبر رفح الرئيس مبارك لديه صورة عما يحدث لكنها صورة وردية جميلة ناعمة رائعة، الرئيس يعيش حالة رضا سامية عن النفس ويعتقد أنه عمل لنا ما لا نحلم به، وإذا كنا نعتقد أن مصر الآن في حالة من الفوضى والانحدار والتفكك، والشعب كله ينهش في كله ، ونغرق في فساد واستبداد، فإن الرئيس مبارك يؤمن أن مصر تعيش أزهى عصورها، والرئيس والذين معه لا يطيقون إفساد فرحتهم بأنفسهم، ولهذا هم لا يبصرون ما نبصر ولا يحسون بما نحس، ثم إن الرئيس بفرض أن ما نقوله عن الفوضى صحيح قادر بعون الله أن يتصل بالتليفون بالمحامين والقضاة والبابا والأقباط ورؤساء دول حوض النيل، وجمهور الالتراس فيحل كل المشاكل، إذن لا توجد فوضى ولا يحزنون وهذه مجرد أوهام في عقولنا المريضة وخلاص، عايزين إيه بقى غير إنكم تشكروا السيد الرئيس!'.

ماذا لو غاب مبارك وترك مصر هكذا؟

كما اعتذر مرة ثانية للقراء الأعزاء عن حجب بعض ما جاء في نفس العدد في مقال للمستشار أشرف البارودي، لأنه كان من نوع: 'إني أقرع ناقوس الخطر! إن مصر على حافة الانهيار الكامل وليرحمنا الله، أرى المجتمع المصري يتفسخ وينهار بالتدريج، النار قادمة بأسرع مما نتصور وستأكل الأخضر واليابس دون تمييز، ودون رحمة! أرى طاقة غضب مرعبة في كل مكان، سادت الفوضى في مصر بعد أن فشل الناس في تغيير واقعهم ومواجهة حكامهم خوفاً وعجزاً وقهراً ويأساً، فكان أن انفجرت طاقة اليأس والغضب في الاتجاه الخاطىء فانقلب المجتمع على نفسه ينهش بعضه بعضا، إن المجتمع المصري ينهار، أصبح المسلمون والمسيحيون من سواد هذا الشعب يكرهون بعضهم بعضا وبشدة، وهذه حقيقة كارثية مذهلة مؤلمة لمستها بعد طول إنكار، كان سببه اطمئناني المخدوع لميراث شعب مصر الحضاري العظيم الذي يلفظ بطبيعته الفتنة الطائفية، ولكنني كنت مخطئاً لأن هناك حقيقة أخرى وهي أن هناك تفرقة بالفعل وتمييزا، فقدت أحكام القضاء قيمتها لأنها لا تنفذ بعد أن كانت الدولة سباقة في ضرب أسوأ المثل بعدم تنفيذ ما لا يعجبها من أحكام المحاكم ولجوئها المرة تلو الأخرى للاستشكال فيها أمام محاكم غير مختصة وتبعها مجلس الحزب الحاكم 'الشعب سابقاً'.
أضف لكل ذلك معتقلين دون محاكمة بالآلاف، عمال ينامون في الشوارع، اعتصامات واحتجاجات وظلم فادح على رؤوس الناس، قانون طوارىء وسلطة غاشمة تحكم البلد منذ ما يقرب من ثلاثين عاما متواصلة بيد من حديد دون قانون وفساد منتشر، وأخلاق ضاعت وزحام يحطم الأعصاب وشوارع مكدسة لا تتحرك أبدا وفقر يذهب بعقول الناس واستشراء شريعة الغاب في الشوارع.
قال الرئيس الخالد لشعبه اطمئنوا، فأنا موجود، ومستمر وبخير! والسؤال: الى متى يا سيادة الرئيس؟ كلماتك تطمئننا عليك ولكنها في ذات الوقت تقلقنا أشد القلق على مصر من بعدك هو أمر لا يشغلك كثيرا، وفي جميع الأحوال فان البلد ليس بخير الآن، والرئيس بعيد، هناك في شرم الشيخ باستمرار وقد تجاوز الثمانين من العمر! ولا أريد أن أعرف ما الذي سوف يحدث عندما يأتي يوم يستيقظ فيه الناس في الصباح لمناشدة الرئيس ليجدوا أنه رغم أنف كل القبضة الأمنية وكل الحماية المكثفة لم يعد هناك رئيس! وما الذي سوف يحدث عندما تنكشف الأوراق أخيرا وينكشف معها حجم الفساد المذهل الذي كان، وعندما يهرب السادة ياهم من البلد ومعهم مليارات البلد بطائراتهم الخاصة في بحر ساعة واحدة إلى منتجعات العالم الديمقراطي الحر وقبل أن يفيق الناس من الصدمة تاركين مصر خلفهم جافة كالليمونة المعصورة حتى آخر نقطة بعد ان 'اتباعت واتخصخصت' وأصبحت ملكاً للأجانب والإخوة الأشقاء أبناء دول الخليج ونحن في بلدنا ضيوف عليهم وأجراء عندهم؟'. وهذا نوع آخر من 'الأر' أكرهه من هؤلاء الناس، رغم اني أتابع ما يكتبه المستشار أشرف، وألمح فيه حقيقة اتجاهاته التي تتوافق معنا، ولا بد أن يتخلى عن عادة الأر على رئيسنا، هو وعيسى، وإذا لم يرتدعا.

مبارك انصت ببغاوات النضال بالحناجر

إن كان لكل داء دواء يستطب به، فالدواء قدمه يوم الجمعة زميلنا بـ'الأخبار' عاطف النمر، مشيرا إلى ما في العلبة: 'عندما يتحدث الرئيس مبارك فلا بد أن ينصت ببغاوات النضال بالحناجر لكي يتعلموا كيفية إدارة الأزمات بواقعية الكلمة وشجاعة الفعل، فعندما امر الرئيس بفتح معبر رفح فور الاعتداء الإسرائيلي على اسطول الحرية لم يفعل ذلك تحت ضغط من أحد أو بأمر من أحد أو كسباً لشعبية، أو لنيل تصفيق من هنا وهناك، إنما فعل الرئيس ذلك بحكمة تبعث برسائل واضحة وفورية لم يعنيهم الأمر، فمصر مبارك لم تكتف بعبارات الشجب والإدانة والاستنكار.ولم تلجأ مثل البعض لأسلوب العنتريات الكلامية والعبارات الخطابية التي لم يعد لها معنى في عالم اليوم، مصر مبارك تلجأ دائماً لما يمليه ضميرها القومي والوطني في الوقت المناسب'.