|
الأدب العربي قسم يختص بنشر ما يكتبه كبار الشعراء والأدباء قديمًا وحديثًا |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
<div align="center">أصبحت الفلسفة إسما محملا بالرعب و الكراهية ، و هي في الواقع تهم كل من حاول
التكلم بغير علم ، ِلنُحاِول أن نُخِرج هذه الصورة من أذهاننا و لنقرأ موجزا بسيطا حول شخصية قُرن إسمها مع هذا العلم ، ألا و هي سقراط ، المرور على هذا العَلم الفلسفي سيكفي القارئ مؤونة المعرفة السطحية بمعنى الفلسفة. كان سقراط قبل أن يتفرغ للفلسفة رجلا متزوجا متواضعا و له أبناء ، حرفته صناعة الصخور و بناء الجدران ، إلا أن سقراط زهد بكل ذلك و سخّر جلّ وقته لدراسة ما حوله ، لابد لنا من معرفة السبب الذي جعل سقراط يتجه إلى بحر الفلسفة العاصف و يبحر فيه ربّاناً زاهدا قويا في معترك الرياح. كانت اليونان في ذلك الزمان دولة يعبٌد أهلها الشمس و القمر و السماء و البحر و غير ذلك من آلهة ، و كان هنالك عرّافة تقطن في معبد إله الشمس و الحكمة و يعتبرها الناس أصدق مصدر لمعرفة الماضي و الحاضر و حتى المستقبل ، و في يوم من الأيام زار أحد أصدقاء سقراط هذه العرافة و سألها : من أحكم الناس ؟ فأجابته العرافة بأن أحكم الناس هو سقراط في حين لم يكن سقراط حينئذ إلا رجلا بسيطا كباقي الرجال ، متزوج و له أبناء و يعمل على بناء الجدران. عندما وصلت سقراط نبؤة العرافة تفاجئ و قال : كيف أكون أحكم الناس و أنا لا أعلم شيئا غير تكسير الصخور وبناء الجدران ؟! سأذهب لأتيقن من نبؤة العرافة. زهد سقراط تَبعاً لذلك في الدنيا مكرسا معظم وقته للتجول في الأسواق بحثا عمن يدعي الحكمة ، فإذا وجد أحدا متقمصا المعرفة سأله سقراط عنها ، فعلى سبيل المثال يلتقي سقراط بقاضي فيسأله عن عمله ، فيجيب القاضي أن عمله هو الحكم بالعدل بين الناس ، فسرعان ما يقول سقراط : إذن لا بد أنك تعرف ما هو العدل ! فيجيب القاضي و كيف لا ؟! لكن ، و للأسف ، عندما يأخذ سقراط في سؤال القاضي عن العدل و حقيقته و عن ماهيته ، يعجز القاضي في النهاية بالإجابة عن الأسئلة و يكتشف الإثنان أن كلاهما لا يعرف عن العدل شيئا. تكررت هذه الحكاية مع الفنان لما سُئل عن الجمال ، و مع القسّيس عندما سئل عن التقوى ، حتى اكتشف سقراط في النهاية لماذا هو أحكم الناس ، كل الناس يدّعون الحكمة و هم لا يملكونها ، إلا سقراط فإنه الوحيد الذي يعلم أنه لا يعلم !! فلسفة سقراط تعتمد على التساؤل عن المعطيات ، خصوصا التشريعات الموروثة في الأعراف و الكتب المقدسة ، على سبيل المثال أحد الأسئلة التي طرحها سقراط كان لماذا المقدسات مقدسات ؟ هل لأنها ذكرت في الدين ؟ أم هل ذكرها الدين لأنها مقدسة بذاتها ؟ أودت هذه الفلسفة بحياة سقراط ، إذ أن الدولة لم تطق عليه صبرا ، فقبض عليه و حكم عليه بالإعدام سُمٍّا ، لم يخلف سقراط ورائه أي كتب ، لكن طلبته دوّنوا مناظراته ، فاختلطت تعاليم سقراط بفهم تلامذته لها ، ومن أشهر هذه المناظرات "جمهورية أفلاطون" ، تطرق سقراط في هذه المناظرة إلى معرفة حقيقة الحكومة المثلى و العدل فيها. كما رأينا أيها القارئ العزيز ، أن سقراط دخل عالم الفلسفة عن طريق التساؤل ، و بالأخص التساؤل عن المعطيات و المقدسات التي تُعتبر الأساس الذي نبني عليه المنهج الذي ننتهجه في هذه الحياة ، فإن حسُنت مقدساتنا حسنت حياتنا و إن ساءت ساءت حياتنا معها. </div> |
العلامات المرجعية |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|