|
محمد ﷺ نبينا .. للخير ينادينا سيرة سيد البشر بكل لغات العالم |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
مكانة الحسن والحسين عند الخلفاء الراشدين
بعد أن توفي صلوات الله وسلامه عليه و الحسن و الحسين لم يبلغا الحلم بعد، فكانا رضي الله عنهما موئل حفاوة الصديق من بعد نبيه، فكان رضي الله عنه وأرضاه يصلي بالناس فيخرج، فإذا لقي الحسن بن علي حمله وأخذ ينشد: شبيه بالنبي ليس شبيها بعلي وعلي يسمع ويضحك، رضي الله عن الجميع.
ثم كانت خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فكان الحسين يرقى إلى المنبر وعمر عليه فيقول: انزل عن منبر أبي واذهب إلى منبر أبيك، فيقول عمر : ولكن أبي ليس له منبر. ثم يضعه بجواره ثم لما كانت خلافة أمير المؤمنين عثمان رضي الله تعالى عنه وأرضاه تطوع الحسن و الحسين بأن يدافعا عن داره حتى أمرهما رضي الله عنه وأرضاه - فيمن أمر- بأن يتركا الدار حتى لا يراق دم بسببه، وكان عثمان رضي الله تعالى عنه من أحوط الناس ومن أشد الناس ورعاً وحيطة في دماء المسلمين. تنازل الحسن بالخلافة وتحقيق خبر النبوة
ثم كان الأمر في يوم الفتنة بين علي و معاوية رضي الله تعالى عنهما فكان الحسن و الحسين مع أبيهما حتى قتل علي رضي الله تعالى عنه وأرضاه، فلما قتل سلم بعض المسلمين الخلافة للحسن ، فلما خاف على المسلمين أن يقتتلوا وتسفك دماؤهم وتتفرق كلمتهم وتضعف شوكتهم تنازل رضي الله تعالى عنه عن أمر الخلافة لـمعاوية رضي الله عنه وأرضاه، فبقي معاوية أميراً على المؤمنين عشر سنين بعد ذلك، وهذا تحقيق لقوله صلى الله عليه وسلم: (إن ابني هذا سيد، وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين) ثم سكن الحسن المدينة المنورة وبقي فيها، وورد أنه مات مسموماً فيها وعمره سبعة وأربعون عاماً، ودفن بجوار أمه فاطمة . أحداث مقتل الحسين رضي الله تعالى عنه وأما الحسين فإنه مكث إلى عام واحد وستين، وهي السنة التي تولى فيها يزيد بن معاوية أمر المسلمين، فلما تولى يزيد كان الحسين يرى أن لا ولاية لـيزيد ، وهذه أمور لا تقال لكل أحد، ولا تنشر للعامة وإنما الذي يعنينا في الحديث مكانة الحسين عند رسولنا صلى الله عليه وسلم. فخرج الحسين رضي الله عنه وأرضاه من مكة يريد الكوفة لما بعث له أهل العراق أن ائت إلينا فإنا سننصرك، وكان ابن عمر رضي الله تعالى عنهما فقيها، فلما علم بخروجه تبعه على مسيرة يومين أو ثلاثة، فلما لقيه قال: يا ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم! إنهم لن ينصروك. فلما ألح الحسين على الخروج قال له ابن عمر - وهذا من فقهه -: إن جبريل أتى النبي عليه الصلاة والسلام فخيره بين أمري الدنيا والآخرة، فاختار عليه الصلاة والسلام أمر الآخرة وأنت بضعة من رسول الله صلى الله عليه وسلم فلن تنال من الدنيا شيئاً ولكن الحسين - ليجري قدر الله - لم يأخذ بنصيحة ابن عمر ، ومضى حتى وصل إلى واد 65 في كربلاء من أرض العراق، فكان مقتله في يوم الجمعة في العاشر من محرم لعام واحد وستين من الهجرة رضي الله عنه وأرضاه، وقتل بعد أن أحجم الناس عن قتله قليلاً، وقتل إخوته الأربعة، ثم قتل اثنان من أبنائه علي الأكبر و عبد الله ، وبقي علي الأصغر المعروف بـزين العابدين وكان مريضاً فلم يستطع أن يخوض المعركة مع أبيه، فتنحى جانباً، ثم أخذ الناس بين إقدام وإحجام، ثم دلهم أحد الأشرار على أن يقتحموا الأمر فقتلوه رضي الله عنه وأرضاه وهو صائم في اليوم العاشر من المحرم. جاءوا برأسك يا ابن بنت محمد متزملاً في دمائه تزميلاً وكأنما بك يا ابن بنت محمد قتلوا جهاراً عامدين رسولا قتلوك عطشاناً ولم يترقبوا في قتلك التنزيل والتأويلا ويكبرون بأن قتلت وإنما قتلوا بك التكبير والتهليلا حكمة الله تعالى في أقداره وتلك فتن سلمنا الله جل وعلا منها، ونعوذ بالله من الفتن كلها ما ظهر منها وما بطن، والذي يعنينا في هذا المقام أن تعلم أمراً واحداً من هذه الموقعة كلها، وهو أن الأمور تجري بقدر الله، وأن الله يقول: لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي كَبَدٍ [البلد:4] فقد يحرم الإنسان مكاناً هو أهل له، ولكنك لا تدري أين حكمة الله وأين مراد الله. قال العلماء في مقتل الحسين : لعل الله جل وعلا أراد بمقتله بهذا الوصف أن يرفعه إلى درجة جده صلوات الله وسلامه عليه. وأياً كان الأمر فإنك ترى في واقع الناس أنه قد ينال المال من لم يجمع وقد يحصد الثمر من لم يزرع ، ولكن المؤمن العاقل ليس له في الدنيا مطمع. يقول الله جل وعلا: وَلَوْلا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فَضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ * وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ * وَزُخْرُفًا وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ [الزخرف:33-35]. فالمؤمن لا ينشد شيئاً أعظم من رضوان الله تبارك وتعالى، فما أتى من الدنيا تبعاً غير مقصود فلا مانع، وأما أن يسعى الإنسان في متاع الدنيا وزخرفها فيرتكب من أجل ذلك المحرمات ويظلم ويحقد ويحسد ليرتفع فإن الدنيا كلها زائلة، ولو كانت تنال بالعواطف لكان ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى بهذا الأمر من يزيد وغيره، ولكن الأمور تجري وتمضي بقدر من الله تبارك وتعالى. اللهم إنا نسألك قلوباً تحمدك على نعمائك، وترضى وتصبر على قدرك وقضائك، وتحن وتشتاق إلى يوم لقائك. |
العلامات المرجعية |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|