| أنا وعجوز العِـقدِ الرابعْ |
اتجهت لتلك الحديقة التي ألجأ إليها دائماً وأقضي فيها معظم أوقاتي .. عابثا ًبسلسلة الميدالية الطويلة لمفاتيحي ومترنحاً علي أنغام الموسيقي الصادرة من ( الهيدفون ) المتصل بهاتفي المحمول.. ناداني باسمي الثلاثي واسم لا يعرفه سوي أقرب أقربائي .. كيف لشخصٍ أن يعرف ذلك ؟!!!!.. نزعت سماعة الأذن واستدرت ببطئ لأراه .. رجل بمجرد أن تنظر له تشفق عليه من حالته المزرية .. توجستُ خيفةً من مظهرِه البائس وشرابه المتدلي .. وشعره الرمادي المجعد ونظارته المتهالكه وعكازه القديم المتآكل أضف إلي ذلك نبرته العنيفة التي ناداني بها والتي جعلتني أرتعد بداخلي .. قال لي بلهجة شديدة : ( لماذا فعلت ذلك ؟ ) سمعت السؤال ولكني لم استطع أن أدركه بل كل ما فعلته انني رددت نفس السؤال علي نفسي .. ولم أكد أن أكمله حتي أقتربَ مني و صرخَ بكلِ ما أوتي من قوة .. ( لماذا فعلت ذلك ؟! ) انتبه الناس حولنا وصار الجو هادئاً بقدرٍ يكفيك تسطيع فيها أن تسمع دقات قلوبهم .. فقلتُ له ( إهدأ أرجوك وأخبرني ماذا فعلت وماذا يحدث ؟! ) فقال لي : ( جعلتني هكذا أيها الأحمق ) .. فقلت له وضلوعي أطبقت علي رئتاى .. ( ها ؟ ماذا ؟! وهل أعرفك ؟! ) قال نعم أيها الأحمق وكيف لا .. وأنا نتيجتك ) .. فقلت له بصوت متقطع وأنا لا استطيعُ ان أبلع ريقي .. فانهال علىّ بأسئلة ألجمت لساني وماكان لي إلا السكوت الجبري ..( أتُري مسمتمع ٌ انت بيأسك ؟ أمستمتعٌ انت بتضيع وقتك ؟ هل تري ماذا فعلت بي ؟ بالطبع لا تري لانك أعمي العقل .. اليأس قد أعماك أيها الأحمق .. جعلتني في العِقد الرابع من عمري أبدو ككهلٍ في أرذل عمره .. قد إجتاز العام الاول في العقد الثامن .. كل هذا بسبب حماقاتك وأفكارك الخرقاء .. إن كان يأسك بسبب مشاكلك ، فأن تصبح صاحب مشاكل متميز وناجح .. خير لك من أن تصير صاحب مشاكل أحمق مستهلك متهالك أكل الدهر عليه وشرب وغسل يديه وهو في الأربعين من عمره.. أمازلت لا تعرفني ؟ أنا انت أيها الأحمق البائس ولكن بعد عشرين عاماً ) .. لم أكد أصدق .. ثم رمي عكازه وانقض عليا واسقطني أرضا ًوطوق رقبتي بسلسلة مادليته التي صدأت من زمن ليس بقريب واخذ يصرخ ويحاول خنقي مردداً ( يجب أن تموت .. يجب ألا أكون هكذا ) .. حاولت أن أبعده عني فلم استطع .. صرخت صرخة استغاثة هزت أركان غرفتي .. وقمت من نومي مفزوعا ً واضعا ً يداي علي رقبتي ومازلت كلمات هذا العجوز تتردد في أذناي .. استعذت باللهِ من الشيطان الرجيم وعدت للنوم مرة أخري وأطرافي مازلت ترتجف ..
بقلم / أحمد رضا
3/3/2009