|
حي على الفلاح موضوعات وحوارات ومقالات إسلامية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
نصوص فهمت خطأً...."عليكم أنفسكم"
يميل كثير من الناس إلى الراحة والدعة والتقوقع على الذات والانصراف عن القيام بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تكاسلا وإهمالا تارة ورغبة في عدم تكليف النفس ما لا تهوى وتحب أحيانا أخرى .
لم يكتف بعض الناس من هذا الصنف بترك واجب من الواجبات وأمر منصوص عليه في كتاب الله وسنة رسوله المصطفى صلى الله عليه وسلم فحسب , بل سارع بعضهم إلى تبرير قعوده وتقاعسه عن أداء الفريضة التي اعتبرها العلماء الركن السادس من أركان الإسلام بالاستشهاد بآية من القرآن الكريم لم يفهمها فهما دقيقا ولم يضعها في سياقها الصحيح ولم يطلع على أقوال الصحابة الكرام وعلماء الأمة الثقات فيها , ليزيد فوق خطئه الأول خطأ آخر لا يقل عن الأول فداحة وخطرا . الآية التي يستشهد بها هؤلاء هي قوله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } المائدة/105 حيث يزعمون أن ظاهر الآية يدل على عدم وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأن على الإنسان أن يهتم بخاصة نفسه فحسب و ربما ذهب بعضهم إلى أبعد من ذلك بمجادلة من يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر والاحتجاج بالآية ضدهم وضد ما يقومون به من واجب إسلامي ثابت راسخ .* الغريب في الأمر أن أمثال هذه الفئة من الناس لم تكلف نفسها الاطلاع على أقرب التفاسير رغم سهولة ذلك ويسره , بل ولم تتمعن و لو قليلا في نص الآية ومضمونها الذي يرد على مزاعمهم ويدحض قولهم ويظهر خطأ فهمهم لها . جاء في تفسير ابن كثير في معرض تفسيره للآية قوله : وَلَيْسَ فِي الْآيَةِ مسْتَدلٌّ عَلَى تَرْكِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ إِذَا كَانَ فِعْلُ ذَلِكَ مُمْكِنًا، ونقل عن الْإِمَام أَحْمَد رَحِمَهُ اللَّهُ قوله : قَامَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَقَالَ : أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ تَقْرَؤُونَ هَذِهِ الْآيَةَ: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ } إِلَى آخَرِ الْآيَةِ وَإِنَّكُمْ تَضَعُونَهَا عَلَى غَيْرِ مَوْضِعِهَا وَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوُا الْمُنْكَرَ وَلَا يُغَيِّرُونَهُ أَوْشَكَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَعُمَّهُمْ بعِقَابه".*مسند الإمام أحمد وصححه الألباني . وأضاف ابن كثير : يفهم بعضهم الآية فهما خاطئاً بترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والصواب : أي لا تضركم ذنوب غيركم إن اهتديتم بالقيام بأمر الله بالأمر بالمعروف , ومن تركه وهو مستطيع فهو ضال وليس مهتد. وروى حول هذا المعنى عن عدد من الصحابة رضوان الله عليهم منهم : أبو بكر وابن عمر وأبي ثعلبة الخشني وغيرهم . كما أورد قول سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ : إِذَا أَمَرْتَ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَيْتَ عَنِ الْمُنْكَرِ فَلَا يَضُرُّكَ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتَ .*تفسير ابن كثير 3/212** وقال العلامة محمد الأمين الشنقيطي في تفسير الآية : قد يتوهم الجاهل من ظاهر هذه الآية الكريمة عدم وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ولكن نفس الآية فيها الإشارة إلى أن ذلك فيما إذا بلغ جهده فلم يقبل منه المأمور ، وذلك في قوله ( إذا اهتديتم ) لأن من ترك الأمر بالمعروف لم يهتد. وممن قال بهذا حذيفة وسعيد بن المسيب كما نقله عنهما الألوسي في تفسيره وابن جرير ، ونقله القرطبي عن سعيد بن المسيب وأبي عبيد القاسم بن سلام ، ونقل نحوه ابن جرير عن جماعة من الصحابة منهم ابن عمر وابن مسعود . إذن...أول ما يمكن التنويه إليه بأن نص الآية نفسه يزيل أي لبس أو فهم خاطئ يمكن أن يركن إليه من تقاعس عن واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أو توهم عدم وجوب الدعوة إلى الله , إذ الهداية لا يمكن أن تتم بدونها كما أكد كوكبة من العلماء منهم شيخ الإسلام ابن تيمية الذي قال : "وإنما يتمُّ الاهتداء إذا أُطيع الله و أدِّيَ الواجب مِن الأمر والنهي وغيرِهما" . ثم إن أقوال الصحابة الكرام نص قاطع على عدم دلالة الآية على ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر , ناهيك عن أن نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة التي تدل على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتحذر من آثار تركها أكثر من أن تحصى في هذا المقام . ليس المتقاعسون والقاعدون عن واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من المسلمين هم وحدهم من يحاول الاتكاء على فهمه الخاطئ لهذه الآية لتبرير كسلهم وتركهم لأعظم واجبات الإسلام بعد الأركان....فهناك من أصحاب التيارات الفكرية الحديثة المنحرفة عن منهج الله وأصحاب الفسوق والموبقات والمعاصي من يحاول أن يواجه الدعاة إلى الله والناصحين والمربين بهذه الآية لصدهم عن الاستمرار بأداء مهمة الأنبياء والمرسلين . ليس هناك أولى من التركيز على ضرورة الفهم الصحيح لكلام الله وسنة رسوله الخاتم صلى الله عليه وسلم , والتحذير من آثار وتبعات الفهم الخاطئ لنص من النصوص الشرعية إذ هو الأساس المتين الذي لا يمكن الاستغناء عنه لنهضة الأمة من جديد واستعادتها لمجدها وعزها التليد . د. عامر الهوشان
__________________
|
العلامات المرجعية |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|