|
الأدب العربي قسم يختص بنشر ما يكتبه كبار الشعراء والأدباء قديمًا وحديثًا |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
قصة الغلام المؤمن في قالب شعري
فيما مضى في سالفِ الأزمانِ
مَلِكٌ عتاْ في الكفر والطغيانِ فدعا الرعية أن تكون عبيدَه ويكون ربَّ الناس ذا السلطانِ وله على تلك الضلالة ساحرٌ حذِقٌ بسعي الشر والشيطانِ فدعاه إخلاصُ الوظيفة مرةً لنصيحةٍ عجلى بلا كتمانِ يا أيها الملك المعظَّم إنني قد شختُ والموتُ المحقَّق دانِ فابعث إليَّ من البلاد غليِّمًا حتى يقوم لدى الرحيل مكاني فرحَ المليك بنصح ساحره وفي عجَلٍ أدار البحثَ في الغلمانِ حتى رأى ما يبتغي فأتى به للساحر الأفَّاك ذي العدوانِ طفق الغلام يزوره متعلمًا منه دورسَ السحر والبطلانِ ويرى الغلامُ إذا سعى لسبيله متعبِّداً من أنْسكِ الرهبانِ وإذا بنورٍ حلَّ وسْط جنانه أزجاهُ نحوَ الراهب الرباني فهفا إليه وراقَه ما قالَه عن ربه المعبود ذي السبحانِ فغدتْ له في كل يوم حصةٌ في واحة التوفيق والإيمانِ ظل الغلام على تعهده لها قبل المجيء لساحر البهتان فإذا بأستاذ الضلال يذيقه ضربًا لإبطاءٍ عن الإتيان فشكا لأستاذ الهدى ما مسَّه فهداه للحلِّ القويم الداني مرَّت به الأيامُ حتى أشرقتْ شمسُ الهدى بالحق والفرقان إذْ جاْ على وحشٍ عظيم حابسٍ للناس عن غاياتهم بأمان فأتى فقال اليوم أعلمُ واثقًا أين الصوابُ لطالبٍ حيران يا ربُّ إن كان الهدى عن راهب فا***ْ مخيفَ الناس للبرهان فرمى بفهرٍ دابةَ الخوف التي ماتت برميته أمام عِيان وبموتها ولِد الهدى ليكون في وجه الشقا بالجهر والإعلان آب الغلام إلى معلمه التقى وحكى إليه كرامةَ الرحمن قال المعلِّم صرتَ أفضل منزلاً مني فصُني في حشا الكتمان ومضى غلام الحق يبعث نورَه هديًا لمن ضلوا عن الدَّيان ويعالج المرضى ويجهر بينهم أن الشفا من خالق الأكوان فأتى جليسٌ للمليك به عمىً يرجو الشفاءَ بأثمن الأثمان قال الغلام دواءُ دائك ليس بي بل عند ربي بارئِ الإنسان آمِنْ به فإذا فعلتَ فإنني أدعو بأن تُشفى لك العينان رجع الجليس إلى المليك ولم يعُدْ بعد الهدى من معشر العُميان دَهِشَ المليك وقال من هذا الذي كانت له بالطب فيك يدان؟ قال الجليس فإنه ربي وما نحن لخالقنا سوى عُبدان غضب الكفور وشطَّ في *****ه ليدلَّه عن مصدر الإيمان جاء الغلام، فقال سحرك قد شفى قومًا من الأدواء والأحزان قال الغلام فإن ربي وحده هو من يداوي مدْنَفَ الجثمان فغدا يعذبه ليأتيَ بعده ذو الدَّيْر موئلِ ذلك العرفان قال المليك فعُدْ بغير تمهل عن دينك القاضي على سلطاني فأبى فشقَّ بسطوه أركانَه نصفينِ حتى أُسقط الجنبان وجزاءَه نال الجليسُ فنِعمَ ما قد قدَّما للحق من أثمان ورجا المليك من الغلام نكوصَه إذ صار ذا صيتٍ عظيم الشان فدعا الفتى للكفر ظنًّا أنه قد لانَ لما أُزهقَ الرجُلان فأبى الغلام فقال فليُحملْ إلى جبلٍ ليُلقى إن رأى عصياني فدعا الغلام على الجنود فأُهلِكوا وارتدَّ نحو المَلْك ذي الطغيان فاشتاطَ غضبانًا فقال لجنده للبحر فامضوا بالفتى الفتَّان فدعا الغلام على الجنود فأُغرِقوا وأتى المليكَ بصحة وأمان حار الظلومُ لأمره حتى بدا رأيٌ رأى فيه شِفا الأضغان ما كان يدري أن مولود الهدى في طيِّ هذا الرأي ذي الرجحان قال الغلام فلستَ أنت بقاتلي حتى تنفِّذ ما تقول لساني فاجمعْ جموع الناس وانصب بينهم جذعًا وعلِّقني لرأي عِيان واستلْ ل***ي السهمَ واذكر معلنًا ربِّي وسدِّدْ منك في جثماني فإذا فعلتَ فحين ذاك ***تني وأرحتَ نفسك من فتى الفتيان فصغا إلى رأي الغلام فعندها مات الفتى ومضى إلى الرحمن فاستيقظ الشعبُ المضلَّل واعتلى فيه نداءُ الجهر بالإيمان وهنا علا صوت الهداية بعدما ضحَّى الفتى بالنفس للمنان وتهدَّلت أغصان خطَّته سَناً للناس تنجيهم من الخسران جُنَّ المليك وثار في جنباته غضبٌ تفجَّر مثلما النيران خُدُّوا أخاديدَ العذاب وأشعلِوا فيها الجحيمَ لعابدي الديان ألقى جنودُ الظلم كلَّ موحِّد في النار والعقبى إلى الرضوان حتى أتتْ أمٌّ وفي أحضانها طفلٌ رضيع لم يفُهْ ببيان فتقاعست خوفًا عليه وحينما نطق الرضيع تدثرتْ بأمان فلْتصبري يا أمُّ أنتِ على التقى وهمُ على الإشراك والكفران رحل الزمانُ وخُلِّدتْ عن أهله ذكرى الثناء لثابتي الإيمان عبدالله بن عبده نعمان العواضي
__________________
|
العلامات المرجعية |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|