|
التنمية البشرية يختص ببناء الانسان و توسيع قدراته التعليمية للارتقاء بنفسه و مجتمه |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
قراءة الوجه عبر التاريخ
قراءة الوجه عبر التاريخ
أحمد رياض عرفت البشرية فكرة الربط بين الملامح و السمات الجسدية للفرد و شخصيته منذ قديم الأزل ، و لعل الصينيون القدماء هم اول من قام بقراءة الوجه منذ حوالي 2700 عام فيما يعرف حديثا بالميان شيانج Mian Xiang و هو علم قراءة الوجوه الصيني ، فكانو يقرأون الوجه لتشخيص الحالات المرضية و لمعرفة جوانب الشخصية و أيضا للتنبوء بمستقبل الفرد ، و لازال هذا العلم موجوداً حتى و قتنا الحاضر و قد طرأ عليه القليل من التغييرات ، و هو يختلف في طبيعته و طريقته عن الفيسيونومي ، و سنتعرض لجوانب عدة منه ( فيما يتعلق بمعرفة جوانب الشخصية فقط ) في هذه المدونة إن شاء الله. كما توجد بعض الدلالات على ان المصريين القدماء عرفوا الفراسة في بعضٍ من برديات الاسرة الثانية عشر. و ذكر الشاعر اليوناني هوميروس (700 ق.م.) و صفا لشخصية ترسيس في ملحمة الإلياذة ما إستدل به من ظاهر اوصافه على أخلاقه الباطنة ، كما ان الفيلسوف اليوناني فيثاغورس (550 ق.م.) كتب عن عدة قواعد لقراءة الوجه ، وكان يستخدم هذا العلم في مقابلاته الشخصية لقبول تلاميذ جدد في مدرسته. ثم جاء ابوقراط ابو الطب (400 ق.م.) ووضع نظريته عن فراسة الأمزجة ، و قسم الأمزجة الى 4 أمزجة تبعاً لكيمياء الدم وهي المزاج الصفراوي و المزاج السوداوي و المزاج الليمفاوي و المزاج الدموي ، ولكل مزاج صفات وسمات جسدية و طباع و أخلاق مختلفة عن المزاج الأخر. و يعتبر اول من كتب كتابا في علم الفيسيونومي هو الفيلسوف اليوناني ارسطو (350 ق.م.) ، فذكر ان للإنسان سمات في وجهه تدل على الصفات المختلفة كالشجاعة و القوة و الجبن و الغباء . . الخ ، و ربط ارسطو بين شكل اوجه الحيوانات و وجه الإنسان ، حيث انه من قارب وجهه وجهاً لأحد الحيوانات فإنه (حسب نظرية ارسطو) يتصف بصفات هذا الحيوان كشجاعة الأسد و قوة الثور و مكر الثعلب و هكذا ، و قد انتشرت هذه النظرية في اوروبا و ترجمت لعدة لغات و كانت اساساً لعدة نظريات و دراسات بعدها في هذا العلم. فلقد كتب الكثير من المفكرين و الفلاسفة كتباً عن الفيسيونومي مستخدمين في ذلك نظرية ارسطو و فراسة الأمزجة لأبوقراط و مجموعة من النظريات الفلسفية و الفيزيائية منهم مثلاً بولمون و جالين و ماجنوس باكون و أخرون كثيرون. وكان للعرب نصيبٌ من الفراسة ، فلقد كانت الفراسة علما عربيا قديما توارثته الأجيال في الجاهلية ، و كانت سراً يورثه الأب لأبنائه و احفاده و لم يدًون منه إلا القليل في وقت متأخر من تاريخ العرب ، فكانت تدّرس بلا كتب ، ومن أشهر من تعلم الفراسة من العرب الإمام الشافعي ، فقد قضى عدة اعوام في اليمن يدرس هذا العلم ، و قد نبغ فيه نبوغاً ظاهراً ، فكان يعرف نسب الرجل و عمره و مهنته و أخلاقه من النظر اليه فقط ، و قد نقل العرب المسلمون علم الفراسة لاحقاً عن اليونان و الرومان ، و إستفادوا من نظريات ارسطو و أبوقراط ، و الًفوا كتبا مستقلة اصبحت فيما بعد مراجع لعلماء أوروبا في القرون المظلمة الوسطى ، ومن اشهر هؤلاء العلماء العرب : الإمام فخر الدين الرازي (1190 م) – كتب كتابا عنوانه “كتاب الفراسة” الإمام إبن القيم الجوزية (1320 م) – كتب كتابا عنوانه “الفراسة” شمس الدين محمد بن ابي طالب ساري (1360 م) – كتب كتابا عنوانه “السياسة في علم الفراسة” العارف بالله زين العابدين محمد العمري المرصفي – كتب كتابا عنوانه “البهجة الإنسية في الفراسة الإنسانية” ومعظم هذه الكتب مختصر جدا ولا يشفي غليلاً ، وهي كتب نصية فقط لا تحوي صورا او رسومات توضيحية. و مع إقتراب القرن الثامن عشر من نهايته ، قام الشاعر و العالم والفنان النمساوي جون كاسبر لافاتر بعمل بحث مطول عن العلاقة بين ملامح الوجه و القدرات العقلية و الميول الطبيعية للإنسان ، وكان البحث يقوم على نهج علمي مستخدما علم الفسيولوجيا و علم التشريح ، و قام برصد وملاحظة العديد من الوجوه و السمات ، ثم أصدر كتاباً عام (1775 م) بعنوان Essays on Physiognomy يحتوي على 500 صفحة و 600 صورة لرؤوس و سمات وجهيه مختلفة لشرح ملاحظاته ، وعلى هذا يعتبر جون كاسبر لافاتر هو ابو علم الفيسيونومي الحديث ، حيث انه قدم اول بحث على اساس علمي يشرح جوانب هذا العلم ، و قد ترجم هذا الكتاب الى عديد من اللغات ، و اصبح اساسا لهذا العلم بني عليه العديد من النظريات و الأبحاث الى يومنا هذا. وضع بيتر كامبر(1780 م) خبير التشريح الالماني نظرية تنص على انه يمكن قياس الذكاء و الرقي بقياس زوايا الوجه و الجبهه ، وتقاس الزاوية بين خطين يبدأن عند طرف الانف و ينتهيان عند اسفل الأذن و أعلى الجبهة ، و كلما زادت الزاوية إنفراجا كلما زاد رقي و ذكاء الشخص. وفي بداية القرن التاسع عشر ، قدم العالم فرانز جوزيف جول نظريته عن امكانية معرفة الشخصية من خلال شكل و محيط الجمجمة ، حيث أن شكل الجمجمة يدل على شكل المخ بداخلها ، فأشار جال الى 27 موضعا في الجمجمة ووضح ان هذه المواضع من المخ تعكس سلوكيات و شخصية الفرد ، فقسم الرأس الى عدة مواضع كلٌ منها مختص بمَلكة فكرية معينة ، وإذا كبر نتوء الجمجمة في هذه المنطقة زاد وضوح الصفة المختصة بها هذه المَلكة ، و إذا ضمر هذا النتوء ضمر معه وضوح الصفة . . وهكذا ، و قد كانت هذه النظرية مبنية على العديد من الأدلة المادية و الملاحظات الشخصية ، ولاقت نجاحا و قبولاً كبيرين ، ثم اكمل عمله من بعده جون جاسبر سبورزيم الذي عكف على دراسة نظرية جول وطورها وجعلها علما مستقلاً اسماه الفرينولوجي Phrenology او علم فراسة الدماغ ، و إنتشرت الفرينولوجيا في جميع انحاء أوروبا و أمريكا في أواخر القرن التاسع عشر و بدايات القرن العشرين ، حتى حمل لواء الفرينولوجيا الأخوان فاولر اللذان حولاه إلى إستعراض ترفيهي أقرب الى الشعوذة مما افقد هذا العلم مصداقيته ومكانته. في عشرينيات القرن العشرين ، كتب الكثير من العلماء العديد من الكتب عن قراءة الوجه و الرأس على اساس علميّ الفيسيونومي و الفرينولوجي واسموه علم الكاراكترولجي Characterology وقد بني هذا العلم على اسس علميه و تشريحية و نفسية ، ومن اشهر من كتب في هذا العلم : ماري اولمستاد ستانتون – كتبت كتابا عنوانه The Encyclopedia Of Face And Form Reading ليندر هاملتون ماكورمك – كتب كتابا عنوانه Characterology An Exact Science كاثرين بلاكفورد – كتبت كتابا عنوانه ****yzing Character و قد جمع هذا الكتاب افضل ما في الفيسيونومي و الفرينولوجي معاً. في اربعينيات القرن العشرين قدم عالم النفس ويليام شيلدون نظريته عن علاقة البنية الجسدية بشخصية الإنسان ، حيث عكف على دراسة العلاقة بين ثلاثة انواع من البنى الجسدية وهي البنية النحيلة و العضلية و البدينة ، و وضح ان لكل منهم سمات مختلفة في الشخصية. في ثلاثينيات القرن العشرين ، أخذ قاضي لوس انجلوس إدوارد جونز يلاحظ سلوك الأفراد الذين مثلوا أمامه في المحكمة و يقارن بين الملامح الوجهيه والجسدية وبين شخصية الفرد ، و زاد إعجابه بهذه الملاحظات حتى ترك عمله و تفرغ للبحث في هذا المجال مستعيناً بالفيسيونومي و الفرينولوجي ، وإستند جونز على الأسس العلمية في إختياره لثمانية و ستين سمة في الوجه و الرأس و راحة اليد و بنية الجسم والتي بنى عليها أسس علم الفراسة الجديد الذي عُرف بإسم البرسونولوجي Personology ، و يعتبر جونز هو مؤسس احدث اتجاه أو مدرسة في علم قراءة الوجه ، ثم اكمل روبرت وايت سايد ما بدأه جونز وأضاف اليه و نقحه ، و قام بعمل بحث ميداني على عينة من 1028 شخص ليتحرى مدى دقة سمات الشخصية و العلاقات و برامج تقييم العاملين في الوظائف المختلفة ، و كانت النتيجة أن نسبة الدقة وصلت 92% ، ومنذ عصر وايت سايد و حتى وقتنا هذا و العديد ممن يخضعون لعملية تقييم سماتهم الشخصية عن طريق قراءة الوجه يدللون على صحة هذا العلم. و في وقتنا الحالي يوجد العديد من الكتب عن قراءة الوجه في أوروبا و أمريكا قائم على أساس الفيسيونومي و البرسونولوجي و الفرينولوجي و ايضا علم قراءة الوجه الصيني ميان شيانج. أما في الوطن العربي فلا يكاد هذا العلم أن يكون موجوداً ، فتوجد العديد من الكتب التي تحمل عنوان الفراسة و لكنها إما تتحدث عن الفراسة القديمة التي بنيت على اساس نظريات ارسطو و أبوقراط عن قراءة الوجه ، أو انها كتب تتحدث عن علم الكينيسيكز و معرفة الشخصية من خلال لغة الجسد و الإيماءات ، و لكن جدير بالذكر أنه يوجد بعض من المدربين العرب الذين يحاضرون و يعطون دروساً عن تطوير الشخصية قد درس علوم الفراسة الحديثة من قراءة وجه و لغة جسد و فراسة خط اليد . . الخ ، لكن لازالت هذه العلوم حديثة عهد في الوطن العربي. |
العلامات المرجعية |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|