|
حي على الفلاح موضوعات وحوارات ومقالات إسلامية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
بين يدي رمضان ( التخلية قبل التحلية )
بين يدي رمضان التخلية قبل التحلية الخطبة الأولى أخي المسلم: كل عام وأنتم بخير.. نقف اليوم مع التخلية قبل التحلية: قبل أن ننغمس في نهر رمضان قبل أن نغترف من فيض الرحمن قبل أن نرتل القران قبل أن نقف بين يدي الرحمن لا بد من التخلية وهي: تخلية المحل - القلب - من الذنوب والمعاصي قبول المحل لما يوضع فيه مشروط بتفريغه من ضده، وهذا كما أنه في الذوات والأعيان، فكذلك هو في الاعتقادات والإرادات، فإذا كان القلب ممتلئاً بالباطل اعتقاداً ومحبة لم يبق فيه لاعتقاد الحق ومحبته موضع كما أن اللسان إذا اشتغل بالتكلم بما لا ينفع لم يتمكن صاحبه من النطق بما ينفعه إلا إذا فرغ لسانه من النطق بالباطل، وكذلك الجوارح إذا اشتغلت بغير الطاعة لم يمكن شغلها بالطاعة إلا إذا فرغها من ضدها. تفريغ الإناء من الأدران والمعاصي حتى يمكن للمسلم أن يملئه بالخشية والرهبة و المحبة و القربة. يقول العلماء: التخلية قبل التحلية.. لا بد من التوبة لأنها بمثابة تنقية الإناء من الأوساخ قبل وضع الشراب فيه.. قبل أن نتعرض لنفحات الرحمن، لا بد أن ننقي قلوبنا من الأدران. متى يتوب، من لم يتب في رمضان؟ ورغم أنف رجل أدرك رمضان فلم يغفر له.. لماذا؟ رمضان فرصة للمذنبين .. فالشياطين مصفدة .. وشهوات النفس مقيدة.. والنفحات ممنوحة .. وأبواب الجنة مفتوحة لذا أنا أضع بين يديك أخي الحبيب ما ينقيك و يصفيك من تلك الأدران و ذلك لتفريغ القلب إلى الرب فالله تعالى لا ينظر إلى أجسامنا و إنما ينظر إلى قلوبنا عن أبي هريرة عبد الرحمان بن صخر - رضي الله عنه -، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (( إن الله لا ينظر إلى أجسامكم، ولا إلى صوركم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم )) رواه مسلم. فيا ذا القلب الذي غطاه الران اعمل على إزالة رانك قبل رمضانك. مصفاة التوبة و الندم: قال فيها شيخ الإسلام ابن تيمية: إن أعظم منزلة يصل إليها العبد منزلة التوبة، لن يصل إليها أحد بسهولة، فهي أعظم المنازل، لذلك يقول الله تعالى في آخر العهد: ﴿ لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ ﴾ [التوبة: 117] كيف يتوب عليهم؟ لما كانت غزوة تبوك من آخر الغزوات تاب الله عليهم، فهي آخر المنازل وأرقاها، إذاً: أكبر منزلة لك هي منزلة التوبة، لذلك قال: "أبشر بخير يوم مر عليك منذ ولدتك أمك". لقد حث الله في كتابه الكريم، على التوبة في مواضع كثيرة، يقول الله عز وجل في صدر سورة هود: ﴿ الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ * أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ * وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعاً حَسَناً إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ ﴾ [هود: 1-3] .ويقول الله عز وجل: ﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [الزمر: 53]. ويقول عز وجل: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ ﴾ [التحريم: 8]. ويقول عز وجل: ﴿ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [النور: 31]. ويقول سبحانه عن نبيه آدم عليه السلام: ﴿ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى * ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى ﴾ [طه: 121-122]. إلى غير ذلك من الآيات التي فيها الحث على التوبة والأمر بها. الأحاديث من سنة النبي صلى الله عليه وسلم: وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، من الأحاديث في ذلك الكثير الطيب، فمن ذلك ما في صحيح مسلم عن الأغر المزني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنه ليغانُ على قلبي، وإني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة". الغين: شيء يغشى القلب، فيغطيه بعض التغطية، ولا يحجبه عما يشاهده، وهو كالغيم الرقيق الذي يعرض في الهواء، فلا يكاد يحجب عين الشيء، ولا يمنع ضوئها، والنبي صلى الله عليه وسلم ذكر أنه يغشى قلبه ما هذه صفته، وذكر أنه يستغفر الله تعالى في كل يوم مائة مرة. وعن ابن عمر رضي الله عنه نحوه وفي صحيح مسلم -أيضاً- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها". أنواع التوبة: واعلموا عباد الله أن للتوبة نوعان: واجبة ومستحبة: التوبة الواجبة: فهي التوبة من فعل المحرمات، وترك الواجبات، وأعظم المحرمات الوقوع في الكفر، والشرك، والنفاق، فهي واجبة لاشك، وكذلك التوبة من سائر المعاصي، كأكل الربا، وأكل الحرام، وسماع الغناء، وعقوق الوالدين، وقطيعة الأرحام، والغيبة، والنميمة، وقول الزور، وغير ذلك من المعاصي التي فشت في أوساط مجتمعاتنا اليوم، فهذه التوبة واجبة، وكذلك التوبة من ترك الواجبات، كترك الصلاة، أو ترك صلاة الجماعة، أو ترك الصيام، أو الزكاة، أو الحج، أو ترك تعلم العلم الذي يجب على الإنسان تعلمه، إلى غير ذلك من الواجبات التي قد يُقصر فيها الإنسان، فهذه التوبة واجبة. التوبة المستحبة: أما التوبة المستحبة: فهي التوبة من فعل المكروه، أو ترك المستحب، فالإنسان يتوب من ترك الوتر مثلاً، أو ترك السنن الرواتب، أو ترك الإكثار من قراءة القرآن، أو ترك قيام الليل، أو غير ذلك من الأعمال والطاعات والصالحات، كما يتوب من فعل الأمور المكروهة، التي لا يحبها الله ولا رسوله، ولكن ليست محرمة، وإذا عُلم أن التوبة هكذا، عُلم أنه لا غنى للإنسان أي إنسان عنها، فإنه ما من إنسان وإلا يقع في بعض المعاصي ويترك بعض الواجبات، أو يقع في بعض المكروهات ويترك بعض المستحبات، ولذلك في الحديث، عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "كل بني آدم خطَّاء، وخير الخطائين التوابون" والحديث رواه الترمذي وغيره وحسنه، وفيه إشارة إلى أن من شأن الإنسان أن يخطئ، ويغلط، ولذلك قيل: وما سُمي الإنسان إلا لنسيه ولا القلبُ إلا أنه يتقلبُ التوبة طريق الأنبياء: واعلموا عباد الله أن التوبة طريق الأنبياء و الأصفياء فالأنبياء هم سادة التائبين إلى رب العالمين فهذا ادم وحواء - عليهما السلام - يقول الله - عز وجل وه يحدثنا عن توبتهم: ﴿ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [الأعراف: 23]. و هذا موسى الكليم - عليه السلام - يعلن عن توبته و يعترف بحوبته ﴿ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي ﴾ [القصص: 16]. و هذا نبي الله داود -عليه السلام- النبي الاواب تأملوا في حال إنابته و تضرعه لربه – جل جلاله - ﴿ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعاً وَأَنَابَ * فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ ﴾ [ص: 24-25]. بل لقد امر الله بها نبيه - المصطفى و خليله المجتبى - عليه الصلاة و السلام - فقال: ﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ ﴾ [محمد: 19]. وكان من شأنه عليه الصلاة والسلام في كثرة الاستغفار، أنه يحسب له في المجلس الواحد نحو مائة مرة، (أستغفر الله وأتوب إليه) وفي لفظ سبعين مرة. فإذا كان هذا شأن الرسل والأنبياء، فما بالك بنا ونحن في جَلْجَلتنا، وفي أوضارنا، وفي تقصيرنا، وفي غفلتنا، وقلوبنا قد أصابها من الران وغطى عليها من الغبار ما لا يدفعه إلا الله عز وجل، فنحن أحوج وأحوج إلى أن نتوب إلى الله عز وجل ونستغفره. الأمر بالإكثار من الاستغفار: فاذا كان ذا حال الأنبياء و الأصفياء فقد أمرنا رب الأرض و السماء بالإكثار من التوبة و الاستغفار يقول الله عز وجل: ﴿ فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً ﴾ [البقرة: 200] ويقول: ﴿ فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ * ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [البقرة: 198-199]. ويقول سبحانه لرسوله صلى الله عليه وسلم في آخر عمره، وبعد أن فتح الله عليه الفتوح ودانت له جزيرة العرب: ﴿ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً ﴾ [النصر: 1-3]. فكان عليه الصلاة والسلام، كما في حديث عائشة، في الصحيح، بعد نزول هذه السورة، "يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: سبحانك اللهم وبحمدك اللهم اغفر لي يتأول القرآن" يعني: ينفذ أمر الله عز وجل له بقوله: ﴿ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ ﴾ [النصر: 3]. عن عائشة وثوبان في صحيح مسلم "أنه إذا صلى استغفر ثلاثاً ثم قال: اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام" فيتعود المسلم: أنه حين يعمل الأعمال الصالحة، ينبغي أن يستغفر، ولذلك قال الله عز وجل في وصف عباده المؤمنين: ﴿ كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾ [الذاريات: 17-18] قيل معنى الآية: أنهم كانوا يقومون الليل تهجداً، قائمين، وراكعين، وساجدين، يراوحون بين أرجلهم، وجباههم، فإذا كان الفجر استغفروا الله عز وجل، وهذا له دلالات عظيمة جداً، منها: أن يدرك الإنسان أنه مهما بذل، فبذله شيء يسير بالنسبة لحق الله عز وجل، ولا يمكن أن يؤدي الإنسان حقيقة شكر نعمة الله تعالى عليه، لأنه كلما تعبد، كانت هذه العبادة نعمة جديدة، تستحق شكراً، فإذا شكر الله عز وجل على هذه النعمة، كان الشكر نعمة أخرى تستحق شكراً آخر. أخي المسلم: الحبل ممدود ولكن من يتشبث والخير مبذول ولكن من يتعرض والباب مفتوح ولكن من يلج أتيتك راجيًا يا ذا الجلال ففرج ما تري من سوء حالي عصيتك سيدي ويلي بجهلي وعيب الذنب لم يخطر ببالي إلى من يشتكي المملوك إلا إلي مولاه يا مولي الموالي لعمري ليت أمي لم تلدني ولم أغضبك في ظلم الليالي فها أنا عبدك العاصي فقير إلي رحماك فاقبل لي سؤالي رجل من بني إسرائيل قال لأحد الفسقة: "تب إلى الله، قال: اتركني وربي -يقول الفاسق للعابد: اتركني وربي، أنا أصطلح مع الله- قال: والله لا يغفر الله لك -أصدر حكماً من الأرض، والذي في السماء يرفض هذا الحكم- فأوحى الله عز وجل إلى موسى: من الذي يتألى عليَّ -من الذي يحلف علي: ﴿ وَاللَّهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ ﴾ [الرعد: 41] ويقول: ﴿ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ ﴾ [يوسف: 21]- أشهدكم يا ملائكتي أني قد أحبطت عمل هذا العابد، وغفرت لهذا الفاسق، فليستأنف العمل ". أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم.. الخطبة الثانية الحمد لله رب العالمين... اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان ولك الحمد أن جعلتنا من أمة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام.... أما بعد: أيها المسلم: التصفية قبل الترقية: أخي المسلم أختي المسلمة قبل الانغماس في شهر الخير و الرحمات و شهر المواساة و الصلة لا بد من التصفية قبل الترقية لابد أن نتصافى و أن نتراحم و أن ننزع ما في القلوب من غل و من حسد و من بغضاء إذ كيف يليق بك أخي السلم أن تمتنع عن الطعام و الشراب و الشهوات و قبلك ما زال يحمل بين نياط عروقه كراهية لأحد من عباد الله. هل تريد الأفضلية؟ عليك بالتصفية القلبية: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما، قَالَ: قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَيُّ النَّاسِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: (كُلّ مَخْمُومِ الْقَلْبِ، صَدُوقِ اللِّسَانِ ). قَالُوا: صَدُوقُ اللِّسَانِ، نَعْرِفُهُ. فَمَا مَخْمُومُ الْقَلْبِ؟ قَالَ: (هُوَ التَّقِيُّ النَّقِيُّ. لاَ إِثْمَ فِيهِ وَلاَ بَغْيَ وَلاَ غِلَّ وَلاَ حَسَدَ ) رواه ابن ماجه. فعليك بالتنقية القلبية: عن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "خيار أمتي الذين إذا رؤوا ذكر الله وإن شرار أمتي المشاؤون بالنميمة المفرقون بين الاحبة الباغون للبرآء العيب" [رواه الطبراني]. و اعلم أن صلاتك و صيامك و قراءة للقران لا تجتمع هذه الأشياء اذا كان في قلبك حقد أو حسد -وقد قال رسول اله: (( لا يجتمع في جوف عبد غبار في سبيل الله وفيح جهنم . ولا يجتمع في جوف عبد، الإيمان والحسد)). وجاء في الأثر: ((إذا جمع الله الخلائق يوم القيامة نادى منادي: أين أهل الفضل؟؟فيقوم الناس وهم يسيرون فينطلقون سراعا إلى الجنة فتتلقاهم الملائكة فيقولون لهم إنا نراكم سراعا إلى الجنة فيقولون نحن أهل الفضل فيقولون لهم ما كان فضلكم؟؟ فيقولون كنا إذا ظلمنا صبرنا وإذا أسيء إلينا عفونا وإذا جهل علينا حلمنا...فيقال لهم أدخلوا الجنة فنعم أجر العاملين. وصيامك أخي المسلم وسيلة فعالة إلى القضاء على الحسد والغل فهو مصفاة و تنقية فلا تستقبله إلا بقلب محب للخير و لعياد الله الصالحين. عن الأعمش عن أبي عمار الهمداني عن عمرو بن شرحبيل قال: قال رجل: يا رسول الله، أرأيت رجلا يصوم الدهر كله قال: وددت أنه يطعم الدهر كله قال: ثلثيه؟ قال أكثر قال نصفه قال أكثر ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أنبئكم ما يذهب حر الصدر صيام ثلاثة أيام من كل شهر . أي غله وحقده ( رواه النسائي). عبد الله أعمالك لا ترفع إلى الله جل في علاه إذا كان بينك وبين أخيك شحناء أو بغضاء قال النبي صلى الله عليه وسلم: " تُفْتَحُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا إِلَّا رَجُلًا كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ فَيُقَالُ أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا "رواه مسلم. عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كنا جلوساً مع الرسول صلى الله عليه وسلم فقال: ( يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة )، فطلع رجل من الأنصار تنطف لحيته من وضوئه قد تعلق نعليه في يده الشمال فلما كان الغد قال النبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك فطلع ذلك الرجل مثل المرة الأولى، فلما كان اليوم الثالث قال النبي صلى الله عليه وسلم مثل مقالته أيضاً فطلع ذلك الرجل على مثل حاله الأولى، فلما قام النبي صلى الله عليه وسلم تبعه عبد الله بن عمرو بن العاص فقال: إني لاحيت أبي فأقسمت ألا أدخل عليه ثلاثاً، فإن رأيت أن تؤويني إليك حتى تمضي فعلت فقال: نعم، قال أنس: وكان عبد الله يحدث أنه بات معه تلك الليالي الثلاث فلم يره يقوم من الليل شيئاَ غير أنه إذا تعار وتقلب على فراشه ذكر الله عز وجل وكبر حتى يقوم لصلاة الفجر، قال عبد الله غير أني لم أسمعه يقول إلا خيراً فلما مضت الثلاث ليال وكدت أن أحتقر عمله قلت: يا عبد الله إني لم يكن بيني وبين أبي غضب ولا هجر، ولكن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ثلاث مرار يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة فطلعت أنت الثلاث مرار فأردت أن آوي إليك لأنظر ما عملك فأق تدي به فلم أرك تعمل كثير عمل، فما الذي بلغ بك ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما هو إلا ما رأيت غير أني لا أجد في نفسي لأحد من المسلمين غشاً ولا أحسد أحداً على خير أعطاه الله إياه. فقال عبد الله: هذه التي بلغت بك وهي التي لا نطيق. رواه عبد الرزاق وأحمد. الواقع التطبيقي في حياة الصالحين: وسيد الصالحين هو نبينا الأمين -صلى الله عليه وسلم- فهذا سيد ولد آدم أجمعين عليه صلوات رب العالمين، يذهب إلى الطائف عارضًا نفسه على وجهائها وأهلها، فلم يجبه منهم أحد، فانطلق مهمومًا، وإذا هو بسحابة قد أظلته فيها جبريل، ومعه ملك الجبال فناداه ملك الجبال: "إن الله قد سمع قول قومك لك وأنا ملك الجبال وقد بعثني ربك إليك لتأمرني بأمرك فما شئت، إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين "جبلا مكة" فقال صاحب الصدر السليم صَلى الله عليه وسلم: "بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئًا". فأي صبر وسلامة صدر هذا!! يضرب لنا أبو ضمضم أروع الأمثلة فكان يقول إذا أصبح: ( اللهم إنه لا مال لي أتصدق به على الناس، وقد تصدقت عليهم بعرضي، فمن شتمني أو قذفني فهو في حل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( من يستطيع منكم أن يكون كأبي ضمضم ) قال ابن القيم رحمه الله: وفي هذا الجود من سلامة الصدر وراحة القلب والتخلص من معاداة الخلق ما فيه ). • ولما دُخل على أبي دجانة وهو مريض كان وجه يتهلل، فقيل له: مالي أرى وجهك يتهلل؟ فقال: "ما من عمل شيء أوثق عندي من اثنتين: كنت لا أتكلم فيما لا يعنيني، والأخرى فكان قلبي للمسلمين سليماً ". وكان الإمام الشافعي يقول: (وددت أن الناس تعلموا هذا العلم ولم ينسب إلي منه شيء). • قال إياس بن معاوية بن قرة عن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم-: ((كان أفضلهم عندهم أسلمهم صدراً وأقلهم غيبة)) وقد قال سفيان بن دينار لأبي بشر أحد السلف الصالحين: أخبرني عن أعمال من كان قبلنا؟ قال: كانوا يعملون يسيراً ويؤجرون كثيراً. قال سفيان: ولم ذاك؟ قال أبو بشر: لسلامة صدورهم. • وقال ابن تيمية رحمه الله تعالى: " فالقلب السليم المحمود هو الذي يريد الخير لا الشر، وكمال ذلك بأن يعرف الخير والشر، فأما من لا يعرف الشر فذاك نقص فيه لا يمدح به. وقال قاسم الجُوعي رحمه الله تعالى: أصل الدين الورع، وأفضل العبادة مكابدة الليل، وأقصر طرق الجنة سلامة الصدر. تجارة النيات طريق إلى الجنات: شهر رمضان هو شهر الجنة و شهر تتشبع فيه سبل الخير الموصلة إلى الجنة لذا فجمع نيتك و اصلح سريرتك فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (بمحلوف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه ما أتى على المسلمين شهر خير لهم من رمضان، -أي: أقسم أبو هريرة بما حلف به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم- ولا أتى على المنافقين شهر شر لهم من رمضان، وذلك لما يعد المؤمنون فيه من القوة للعبادة، وما يعد فيه المنافقون من غفلات الناس وعوراتهم، هو غنم للمؤمن يغتنمه الفاجر). أخرجه أحمد. لذا تعلم النية من الأن وانوي الخير واعمل بمقتضى هذه النية قال يحيى ابن كثير: ((تعلموا النية فإنها أبلغ من العمل)). وقال ابن المبارك: ((رب عمل صغير تعظمه النية ورب عمل كبير تصغره النية)). قال بعض السلف: ((إني لأستحب أن يكون لي في كل شيء نية)). وقال الإمام الغزالي: ((ما من طاعة إلا وتحتمل نيات كثيرة، وإنما تحضر في قلب العبد المؤمن بقدر جده في طلب الخير، وتشمره له، وتفكره فيه، فبهذا تزكو الأعمال وتتضاعف الحسنات)). نيات الصيام: 1- أن يضاعف الله لك الأجر بغير حساب: يقول صلى الله عليه وسلم: « يقول الله عز وجل: كل عمل ابن آدم يضاعف الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزى به، يدع شهوته وطعامه من أجلي » رواه مسلم عن أبي هريرة. 2- أن يشفع لك الصيام و القران: قال صلى الله عليه وسلم: « الصيام والقرآن يشفعان للعبد يقول الصيام: رب منعته الطعام والشراب في النهار فشفعني فيه ويقول القرآن: رب منعته النوم بالليل فشفعني فيه فيُشفعان » رواه أحمد عن عبدالله بن عمرو. 3- أن يباعد الله بينك و بين النار: قال صلى الله عليه وسلم: « ما من عبد يصوم يوماً في سبيل الله إلا باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفا » متفق عليه عن أبي سعيد الخدري. 4- أن تدخل الجنة من باب الريان: قال صلى الله عليه وسلم: « إن في الجنة باباً يقال له الريان يدخل منه الصائمون يوم القيامة...» متفق عليه عن سهل بن سعد. 5- أن تفرح في الدنيا و الأخرة: قال صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي: « للصائم فرحتان فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه» رواه مسلم عن أبي هريرة. 6- أن يطيب الله رائحتك يوم القيامة: قال صلى الله عليه وسلم: « ولخلوف فيه أطيب عند الله من ربح المسك» رواه مسلم عن أبي هريرة. 7- أن يحبك الله: قال صلى الله عليه وسلم في صيام النافلة: « وما يزال عبدي يتقرب بالنوافل حتى أحبه» رواه البخاري عن أبي هريرة. 8- أن تضييق على الشيطان مجاريه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم » رواه البخاري عن علي بن الحسين والصيام يضيق مجرى الدم في الإنسان فتضيق بالتالي على الشيطان في شهر رمضان. 9- أن يغفر الله لك الخطايا: قال صلى الله عليه وسلم: « ومن صام رمضان إيماناً واحتساباً غُفِرَ له ما تقدم من ذنبه» متفق عليه عن أبي هريرة. 10- أن تحقق الغاية المنشودة و الدرة المفقودة تقوى الله تعالى: قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 183]. الدعاء........ السيد مراد سلامة
__________________
|
#2
|
||||
|
||||
جزاكم الله خيرا
|
العلامات المرجعية |
|
|