#1
|
||||
|
||||
دور المنظمات اليهودية مع الإسلام
دور المنظمات اليهودية مع الإسلام
أ. د. عمر بن عبدالعزيز قريشي إن تاريخ اليهود مع المسلمين لَهُو تاريخ مليءٌ بالتعصب من أوله إلى آخره، فنحن المسلمين قد نالنا من اليهود أذًى كثير، فاليهود هم الذين حاربوا الدعوة الإسلامية منذ مهدها وإلى يومنا هذا بكل سلاح، وبكافة الوسائل، ابتداءً بما صنعوه مع النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - من غدر ونقض للعهود في أحرج الظروف وأحلك المعارك، كما صنع "بنو قريظة" يوم الأحزاب، ولا يزال غدر اليهود مستمرًّا، يصدق ما حكاه القرآن عن أخلاق اليهود التي دمغت بالغدر، وطبعت على نقض العهود تحت أفانين من الخداع، والمبرِّرات الكاذبة، وتزييف المعاني والمفاهيم، وفلسفات الاستحلال التي يُجِيدونها، وتجري منهم مجرى الدم، فالعهد عند اليهود ضرورةٌ مرحلية يعقدُه لأجلها، ثم ينقضه بانتهاء ظروفها ومنفعتها، وإذ يقبل اليهودي أن يعاهد مسلمًا، يبقى بين العهد والنقض كالثعلب الجبان، يتلفَّت ويرقب الفرصة أو يوجدها لينقضَّ تحت أمان العقد وغفلة الخصم. وانتهاء حيث اغتصبوا - بمعاونة دول الكفر - بقعةً من أرضنا المقدسة، وهي فلسطين بما فيها "المسجد الأقصى"، وأقاموا عليها دولة لهم في عام 1948م، وما بين البداية والنهاية، استمرَّت عداوة اليهود في أشدِّ صورها، وكَيْدهم في غايتِه، ما تكاد تنطفئ نار حروبهم إلا وأوقدوها، وأشعلوا نارَها من جديد؛ [بنو إسرائيل في القرآن والسنة، د/ محمد طنطاوي، ص11، 12، 78، بتصرف، ط/ الزهراء للإعلام العربي، الأولى، سنة 1417هـ 1987م]. ونظم اليهود أنفسهم، ونشطوا لمحاربة الدعوة الإسلامية، وسلكوا كل طريق لإطفاء نورها وإخماد سلطانها، وليس من قبيل المبالغة أن نؤكِّد أن اليهود لم يتركوا وسيلة من شأنها تعطيل سير الدعوة الإسلامية إلا ولجوها، أو بادرة يستطيعون معها الطعن في الإسلام ونبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - إلا استغلوها؛ ومن ذلك: 1- مسلك المجادلات الدينية والمخاصمات الكلامية، كجدالهم للنبي - صلى الله عليه وسلم - في شأن نبوته؛ بقصد الطعن فيها، وجدالهم مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في شأن إبراهيم وملته، وجدالهم في نبوة عيسى - عليه السلام - وجدالهم في قضية النسخ، وجدالهم في تحويل القِبْلة من بيت المقدس إلى المسجد الحرام... إلخ. 2- تعنُّتهم في الأسئلة بقصد إحراج الرسول - عليه الصلاة والسلام. 3- محاولتهم الدس والوقيعة، وإثارة الفتنة بين المؤمنين، فيما بين الأوس والخزرج، أو فيما بين المهاجرين والأنصار. 4- محاولتهم رد المسلمين عن دينهم بطريق الخداع والتلبيس. 5- تلاعبُهم بأحكام الله - تعالى - ومحاولتهم فتنة الرسول - صلى الله عليه وسلم - عند تقاضيهم إليه. 6- تحالفهم مع المنافقين ضد المسلمين. 7- تحالفهم مع المشركين، وشهادتهم لهم بأنهم أهدى من الذين آمنوا سبيلاًً. 8- إيذاؤهم لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالقول القبيح والخطاب السيئ. 9- استهزاؤهم بالدين وشعائره. 10- محاولتهم *** الرسول - صلى الله عليه وسلم؛ [راجع بتوسع: بنو إسرائيل في القرآن والسنة، ص135 - 240]. ولقد استخدم اليهود في ذلك صورًا متعدِّدة؛ منها: الهمس المشكك، والتشكيك المبطن، والتآمر الخفي، فالنفاق الملتوي، فالحرب السافرة؛ [القوى الخفية، ص66، بتصرف]. لقد ظلَّ اليهود يعملون على بثِّ الفتن، وانتشار العداوات، وإلقاء التُّهَم، ووضع العراقيل، وإثارة الحروب، لقد ظلَّت اليد الخفية لليهود - المتمثلة في جمعياتهم السرية القديمة - تعملُ بكيد ومكر بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - فكانت لهم يدٌ في ردَّة المرتدِّين، ومانعي الزكاة الناكثين، ومدَّعي النبوة الكاذبين، وظلَّت دسائسهم تُحَاك بليلٍ، وتنفَّذ بكيد في خفية من النهار، وذلك في خلافة أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - وكذلك في خلافة عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - الذي كادت أن تختفي فيه تلك الفتن، وذلك بسبب إجلائهم في خلافته - رضي الله عنه - عن الجزيرة العربية، ولكنهم بعد إجلائهم أرادوا أن يثأروا لأنفسهم، فلم يتمَّ لهم ذلك عن قرب، فخطَّطوا له من بعيد، ودبِّرت المؤامرة ل*** فاروق الأمة "عمر من الخطاب" - رضي الله عنه - بالاتفاق مع المنافقين، وبمعاونة "أبي لؤلؤة المجوسي"، الذي توعَّد أمير المؤمنين "عمر بن الخطاب"، وعزَّاه "كعب الأحبار" في نفسه قبل موته بثلاث، فلما سأله عمر في ذلك، قال كعب: نجده مع صفتِك في التوراة، ونفِّذت المؤامرة في صلاة الفجر، بطعن أمير المؤمنين "عمر بن الخطاب"؛ ليكون شهيدًا في المحراب"؛ [تعصب اليهود، ص 249 - 250 بتصرف]. ولم تنتهِ فتن اليهود، ولم ينقطع عَدَاؤهم للإسلام ولا للمسلمين، ولن ينتهي طالما وُجِد على ظهر الأرض يهودي حيًّا، ولا يؤمَنُ لليهودي شرٌّ ما بقيت له قدرة على فعله، ولا نعرف لهذه النقمة الدفينة علَّة إلا انحراف أصحابها عن الجادة، وذلك أنهم لما عجزوا عن ضرب الإسلام في الميادين المكشوفة، وخاب أملهم في تحقيق أي نصر، نفثوا سموم حقدِهم في مؤامرات مَقِيتة تحت ستار الإسلام نفسِه، وذلك عن طريق النفاق، وتأسيس الجمعيات السرية اليهودية؛ حيث تظاهر بعضهم بالإسلام، وهو في نفس الوقت يُضمِر الكيد له، ومن ذلك ما عُرِف عن "ابن سبأ" - عليه لعنة الله - الذي ادَّعى الإسلام في السنة السابعة من خلافة "عثمان بن عفان - رضي الله عنه - لقد أسلم وهو حاقدٌ على الإسلام والمسلمين، ويُدْعَى "عبدالله بن سبأ" المشهور بـ: "ابن السوداء"، لقد استطاع ذلك الخبيث أن ينفخَ في رماد الفتنة حتى أشعلها نارًا متأججة، وضرب على الوتر الحساس لدى حُدَثاء الإسلام وضعفاء الإيمان، وبدأ يفتل غزله، ويمد حبله شرق البلاد وغربها، حتى استطاع أن يجمع أنصارًا كثيرين لفكرته الخبيثة المبنية على القول برجعة النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الحياة الدنيا بعد موته، مستندًا على القول برجعة "عيسى" - عليه السلام - وكان يقول: "العجب ممن يزعم أن عيسى يرجع، ويكذِّب بأن محمدًا يرجع". ويستدل على ذلك بتأويل خاطئ لقوله -تعالى-: ﴿ إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ ﴾ [القصص: 85]، يقول عند ذلك: فمحمد - صلى الله عليه وسلم - أحق بالرجوع من عيسى، فيقبل منه هذا الكلامَ السذَّجُ والبُلَهاء، وهو كلام لا يتمشى مع القرآن، وكذلك قال بالوصية بالخلافة بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعلي بن أبي طالب - رضي الله عنه - خاصة، ولآل البيت عامة من بعده، مستغلاًّ عاطفة الناس تجاه آل بيت النبي - صلى الله عليه وسلم - كما أثار الناس على عثمان - رضي الله عنه - وأخذ ينتحل له الاتهامات، ويختلق له المظالم، ويكيل له في الأخطاء، وأخذ الخبيث يطعن علنًا في خلافته، واتهمه بالظلم، ونادى بالخروج عليه وعلى ولاته في الأقاليم، مظهرًا ناحية أخرى حساسة لدى المسلمين؛ هي: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فذلك أمرٌ من صميم الإسلام، وبه كان المسلمون خيرَ أمة أخرجت للناس، وبذلك حرَّك الفتنة بتأليبِ الناس على "عثمان" - رضي الله عنه - وكاتَب الأمصار، واتخذ أشياعًا له فيها، وحرَّض البلدان، وأغضب الناس على أميرهم، وسمع له كل مفتون موتور، وصانَعَ بعضَ أهل المدينة، وكتب الكتب زورًا باسم "علي" إلى مصر، وباسم "طلحة" إلى البصرة، وباسم "الزبير" إلى الكوفة؛ لتحريض الناس على الخليفة وعمَّاله، وكان لهذه الكتب فعل السحر في نفوس الناس خصوصًا في مصر، ولم يفتأ - ذلك الملعون - عن إضمار الكيد للإسلام وأهله، ولم يقنع هو ومَن وراءه بم*** "عثمان" وإثارة الفتن؛ لأنهم يُرِيدون ما هو أكبر من ذلك من قضاء على الإسلام وإجهاز عليه، حتى تخلو لهم الساحة وحدَهم. فبعد م*** "عثمان" عَمِل اليهود على فُرْقة بين المسلمين، وصلت إلى حد الاصطدام المسلَّح العنيف، في موقعتي "صفِّين" و"الجمل"، هذا فضلاً عن الطوائف المختلفة التي نشأت عن تلك الفرقة، ففرَّقت وحدة المسلمين، وجعلت شملهم بددًا، ولم يكتفِ "ابن سبأ" بذلك حتى أظهر دعوة جديدة، بعد قوله بأحقية عليٍّ بالخلافة، وكذلك بالوصاية له من قِبَل النبي - صلى الله عليه وسلم - والزعم بأن عليًّا خاتم الأوصياء، كما أن محمدًا خاتم الأنبياء، وبعد القول بالرجعة، فراح يزعم ألوهية "علي بن أبي طالب" - رضي الله عنه - وقال له: أنتَ أنتَ، أو "أنت الله"، و"أنت إله حقًّا"، فنفاه عليٌّ إلى المدائن، ولما قُتِل عليٌّ - رضي الله عنه - قال عنه: إنه لم يَمُتْ، ولم يَقتُل "ابنُ ملجم" إلا شيطانًا في صورة علي، وعلي في السحاب، والرعد صوته، والبرق تبسُّمه، وأنه سينزل بعد هذا إلى الأرض، ويملؤها عدلاً. وقال: كما كذبت اليهود والنصارى في دعواها *** عيسى، كذلك كذبت النواصب والخوارج في دعواها *** علي، وإنما رأتِ اليهود والنصارى شخصًا مصلوبًا شبَّهوه بعيسى، وكذلك القائلون ب*** علي، رَأَوا قتيلاً يُشبِه عليًّا، فظنوا أنه علي، وعلي قد صَعِد إلى السماء، وسينزل إلى الدنيا وينتقم من أعدائه. وقال المحقِّقون: "إن (ابن السوداء) كان على هوى دين اليهود، وأراد أن يفسد على المسلمين دينهم بتأويلاته في علي وأولاده، لكي يعتقدوا فيه ما اعتقدتِ النصارى في عيسى - عليه السلام - وانتسب إلى الرافضة حين وجدهم أعرق أهل الأهواء في الكفر، ودس ضلالته في تأويلاته، هذا إن لم يكن هو رأس الرافضة، وأساس فكرها، ومخترع مذهبها". وقرن المستشرق "فلهوزن" بين السبئية الرافضة، باعتبار السبئية الاسم الأقدم للرافضة، وقال: إن السبئية تستمدُّ فكرتها من اليهودية؛ لأن الأخيرة هي التي تقول بأن لموسى خليفة هو "يوشع"، وأن لكل نبي خليفة يعيش إلى جانبه أثناء حياته، ويخلفه بعد مماته، وقد قال السبئية بأن عليًّا هو خليفة محمد - صلى الله عليه وسلم - غير أن اليهود يُطلِقون اسم النبي - صلى الله عليه وسلم - أيضًا على الخليفة، بينما يطلق عليه السبئية اسمَ الوصي، أو المهدي، أو الإمام. وقال المستشرق "جولد تسيهر": "إن فكرة الرجعة التي روَّج لها "ابن سبأ" يهودية مسيحية، فعند اليهود والنصارى أن النبي "إيليا" قد رُفع إلى السماء، وأنه لا بد أن يعود إلى الأرض في آخر الزمان لإقامة دعائم الحق والعدل، ومن ثَمَّ كان "إيليا" هو النموذج الأول للإمام "علي" المختفي الذي قال به "ابن سبأ"، والذي سيعود يومًا ليهدي الناس وينقذ العالم!"؛ [راجع بتوسع: جنايات بني إسرائيل على الدين والمجتمع، ص319، 327، العواصم من القواصم في تحقيق مواقف الصحابة بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - للقاضي أبي بكر بن العربي المالكي ص76 - 144، تحقيق/ محب الخطيب، ط/ دار الكتب السلفية، البداية والنهاية لابن كثير، ج 7، ص187 - 207، ص246 - 267, القوى الخفية، 64 - 71، اليهودية، د/ أحمد شلبي، ص325، المخططات التلمودية، ص194 - 195، مكايد يهودية عبر التاريخ، د/ عبدالرحمن حسن حبنكة، ص150 - 157، ط دار القلم - دمشق (الخامسة) 1405هـ/ 1985م، موسوعة فلاسفة ومتصوفة اليهودية، د/ عبدالمنعم الحفني، ص 121 - 124، ط/ مكتبة مدبولي، بدون ذكر الطبع والتاريخ]. بمثل هذه الأساليب أخذتِ القُوَى الخفيَّة تعمل عملَها في ضرب الإسلام والمسلمين، فأسسوا مدرسة، بل مدارس يدسُّون على النبي - صلى الله عليه وسلم - الأحاديثَ المكذوبة، التي عرفت بالموضوعة، كما أخذوا يؤولون القرآن، ويزعمون أن له ظاهرًا وباطنًا، وقالوا بالإسرائيليات ونشَروها، كما قالوا بالتناسخ، والاتحاد والحلول، ووحدة الوجود، وزعموا خلق القرآن، ووضعوا أسس الحركات الباطنية في الإسلام، وجرى اتصال الخبر بأن "الاعتزال" كان له صلة باليهود، ولقد انتشر اليهود المتمسلمون "المنافقون" في المساجد ينفثون سمومَهم، وذلك بطرح أسئلة تشكيكية ظاهرها بريء، وباطنها سم رعاف، نشأت على إثرها فرق؛ كالقدرية، والجبرية، وغيرهما من فرق الضلال؛ [القوى الخفية، ص69 - 71، بتصرف، والمخططات التلمودية، ص120، بتصرف]. حتى إن تخليص الكتب الإسلامية من الإسرائيليات وهذه الانحرافات الفكرية لأمرٌ تنوء به كواهل عشرات الجماعات من أولي العزم. لقد حَرَص اليهود في مخططاتهم ومنظماتهم - خاصة في جانب الغزو الثقافي - أن تحلَّ المفاهيم اليهودية التلمودية محل المفاهيم القرآنية الإسلامية؛ [المخططات التلمودية، ص109 - 120، بتصرف]. ولقد استمرَّ عداء اليهود للإسلام والمسلمين على مدى الأيام والأزمنة، ما ينتهي أو يقل، بل يزيد ضراوة ويشتد حنقًا، وصدق الله العظيم القائل: ﴿ لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا ﴾ [المائدة: 82]، يُعَادُون الإسلام تارة في العلانية وتاراتٍ في الخفاء، مرة مواجهة، وأخريات من وراء ستار، حينًا بالقوة والسلاح، وأحيانًا يبث الفساد، وإشاعة الفاحشة وغزو المسلمين بما يدمر الأخلاق، وما يفسد الدين، ويضيع الأمة فكريًّا، وسياسيًّا، واقتصاديًّا، وعسكريًّا... إلخ، وإن الوقائع والأحداث أكبر من أن تعدَّ، وأكثر من أن تُحصَى؛ [جنايات بني إسرائيل، ص319، بتصرف]. إن عَدَاء اليهود قديمٌ يتجدَّد مع الأيام، ويستمرُّ مع الزمان حتى عصرنا الحديث، وما ينتهي حتى قرب قيام الساعة، ((ولن تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهودَ، فيَقتُلهم المسلِمونَ حتى يختبئَ اليهوديُّ خلف الشجر والحجر، فينطق الشجر والحجر، فيقول: يا مسلم، يا عبد الله، تعالَ، ورائي يهودي فا***ْه، إلا شجر الغَرْقَد؛ فإنه من شجر اليهود))؛ [أخرجه البخاري، كتاب الجهاد، باب قتال اليهود، وأخرجه مسلم، كتاب الفتن]. |
#2
|
||||
|
||||
جزاك الله خيرا وبارك الله فيك
|
العلامات المرجعية |
|
|