#1
|
||||
|
||||
هل الأداء من اجتهاد القراء ؟
هل الأداء من اجتهاد القراء ؟
السؤال: هل الأداء في القراءة يعتبر من الرواية، بمعنى أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ بذلك؟ أو أنه من اجتهادات القراء؟ الجواب: يحسن التفريق هنا بين أصول الأداء، ومقادير الأداء. وأعني بالأصول: وجود أصل المد والسكت والغنة والروم والإشمام وغيرها، فهذه ثابتة في لغة العرب، وقد حكاها النحويون في كتبهم، وهذه لا يُمارى في كونها مأخوذة بالرواية. والرواية فيها قد تكون موافقة لما عند العرب، وقد يكون فيها قدر زائد يؤخذ من طريق القراء. أما ما يتعلق بها من المقادير، فهذه ما وقع فيه الاجتهاد، بدلالة الاختلاف في بعض المقادير، كالاختلاف الواقع في مقادير المدِّ. وقد ذكر ابن الجزري طرفًا يتعلق بمقادير المدِّ في حديثه عن المدِّ المتصل في كتابه العظيم: النشر في القراءات العشر. (تعقيب: وجواب حول الموضوع السابق) أستاذي الكريمناقش ابنُ الجزري السبكي في ما يدخل تحت الأداء في منجد المقرئين . ولاريب في أن تلاوة القرآن عبادة لا تؤخذ إلا بالتلقي (لامجال لإعمال الرأي فيها) غير ما يدخل تحت تحسين الصوت بالتلاوة . وقد بحث المسألة بتوسّع الشيخ عبدالعزيز قاري في محاضرة بعنوان (قرآن وسنة متبعة) موجودة في التسجيلات ... ثم وضع قدرا منها في كتابه (سنن القراء ومناهج المجودين) . الجواب: الأخ الفاضل حسين حسَّن الله أيَّامي وأيامك بطاعته، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد: فقد ذكر الشيخ المحرِّر المحقِّق عبد العزيز بن عبد الفتاح القارئ في كتابه (حديث الأحرف السبعة ...) جوابًا على هذه المسألة، قال فيه: ((... ولكن مع عناية الرواة العظيمة وحرصهم الشديد على الالتزام بما تلقته العامة بالقبول، وألا يقرئوا إلا بالمعلوم المشهور فإن هناك موضوعين يمكن أن يناقش فيهما ناقد معترض: أولهما: ما انفرد بذكره واحد من الرواة . ثانيهما: بعض أوجه الأداء التي يصعب حصول التواتر على نقلها ولا يتصور وقوعه كضبط مقادير المدود بالدقة المتناهية المقيسة بالحركات، فإن الاتفاق على ضبط ذلك بتلك الدقة المتناهية شيء فوق طاقة البشر، لذلك تجد الروايات مختلفة اختلافًا كبيرًا في مقدار مد المتصل مع أن جميعهم مجمعون على وجوب مدِّه، ومثل الأوجه المروية في تقسيم وقف حمزة وهشام، وأنواع التسهيل فيه. قال الجزري: "إنه وإن تواتر تخفيف الهمزة في الوقف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يتواتر أن وقف على موضع بخمسين وجهًا، ولا بعشرين ولا بنحو ذلك، وإنما إن صحَّ شيء منها فوجهٌ، والباقي لا شكَّ أنه من قبيل الأداء". قلت - القائل: الشيخ عبد العزيز -: هذا هو ما يسمونه بالتحريرات، ووقد توسعوا فيه بعد ذلك وجاءوا فيه بالعجائب مما لا قِبَلَ للأمة به، ولا دلَّ نقلٌ على مشروعيته، فهذه بعض مواضع من أوجه الأداء لا يزعم أحد وقوع التواتر فيها، فمدُّ المتصل وجه أداء، وهو متواتر، لكن تحديد مقدار مدِّه وضبط هذا المقدار بالحركات خارج عن حدِّ المتواتر، وتسهيل الهمزة وجه أداء، وهو متواتر، لكن الأوجه الخمسين أو العشرين، وكذا سائر التحريرات، وما فيها، وما ينتج من الضرب فيها من أوجه، إنما هي اصطلاح محدث، ولا يدخل في حدِّ التواتر، بل لم يكن معروفًا لدى الأقدمِين))[1] . فإذا كان ضبط المقادير بالدقة المتناهية شيء فوق طاقة البشر - كما يقول الشيخ المحقق - فإن ضبط المقادير يرجع إلى الاجتهاد، والله الموفق. (*) نشر هذا المقال بملتقى أهل التفسير (1) (حديث الأحرف السبعة / ط: مؤسسة الرسالة / ص: 127 - 130). |
#2
|
||||
|
||||
جزاك الله كل الخير وبارك فيك
__________________
الحمد لله رب العالمين |
العلامات المرجعية |
|
|