|
حي على الفلاح موضوعات وحوارات ومقالات إسلامية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
خطاب الكراهية ضد الإسلام ينتشر بلا رادع في الغرب
ليس للبلدان الأوروبية موقف غريب ومقلق من «الحرية» وحسب، بل تدأب أيضاً على اعتماد معايير مزدوجة في التعامل مع التعصّب. ففي حين أنه لعدد كبير من هذه الدول قوانين صارمة ضد معاداة السامية وازدراء الأديان، غالباً ما يُطلق العنان للمصابين برهاب الإسلام بأن يهينوا الدين الإسلامي من دون رادع ولا حسيب، ويُقلّلوا من احترام النبي، صلى الله عليه وسلّم، ويؤجّجوا الأحقاد المناهضة للمسلمين تحت راية حرية التعبير. السماح للمواطنين بممارسة حرياتهم أمر مفهوم، لكن لا يجوز أبداً القبول، في أي مجتمع لائق ومحترم، بالتراجع والانكفاء عندما يكون كلامهم موجّهاً بطريقة مؤذية ضد الآخرين. فالسلوكيات التي تعتبر أن «أي شيء يمكن أن يكون مباحاً»، أدّت إلى منح منابر للأحزاب اليمينية المتطرفة، والأحزاب العنصرية، لبثّ البروباغندا المفعمة بالكراهية والحقد التي يصدّقها أصحاب العقول الضعيفة. وتكتسب هذه الأحزاب، فضلاً عن جماعات النازيين الجدد، زخماً في أميركا ومختلف أنحاء أوروبا، لا سيما في فرنسا وبلجيكا وإيطاليا والنمسا والسويد والدنمارك والنرويج وفنلندا وهولندا، حيث يرأس غريت وايلدرز، داعية الكراهية الأشد سوءاً منذ أدولف هتلر، «حزب الحرية» الصاعد. لقد طالب وايلدرز بحظر القرآن الكريم، مطلقاً ما أسماه الضريبة على «الرأس المعمَّم».. وأصدر قبل بضع سنوات فيلماً قصيراً مناهضاً للإسلام بعنوان «فتنة». وقد حوكِم بتهمة التحريض على كراهية الإسلام، لكنه بُرِّئ من التهمة. في الواقع، حكَم القضاة بأن تصريحات المدّعى عليه «مقبولة في سياق النقاش العام»، واعتبروا أنها لم تؤجّج الكراهية على الرغم من أنها «فظة ومسيئة». في ديسمبر الماضي، أعلن أحد المدّعين العامين في لاهاي أنه ستتم مقاضاة السياسي الهولندي الشعبوي بتهمة التحريض على الكراهية العنصرية ضد الجالية المغربية في البلاد التي نعتها بـ«الحثالة». لكن لم يتم تحديد موعد للمحاكمة، ويبدو أنه تم إسقاط التهم. في مايو الماضي، كان وايلدرز المتحدّث الرئيس في مسابقة للرسوم الكاريكاتورية عن النبي محمد، صلى الله عليه وسلّم، في غارلاند في ولاية تكساس - تحت عنوان «مسابقة في حرية التعبير» - التي اعترضها مسلّحَان أمام مقر المسابقة. والآن بعدما رفض البرلمان الهولندي نشر تلك الرسوم الكاريكاتورية، ينوي وايلدرز عرضها عبر شاشة التلفزيون. إذا عُرِضَت هذه الإساءات المدنِّسة حول العالم، قد تترتّب عن ذلك نتائج كارثية. شخصياً، أعتقد أن البلدان المشار إليها أعلاه تحفر قبرها بيدها، على المستويَين الاجتماعي والسياسي. يستغلّ اليمين خوف الأشخاص من الآخر الذي يتفاقم خلال مرحلة التباطؤ الاقتصادي. إذا تمكّن حزب وايلدرز، أو سواه من الأحزاب التي على شاكلته، من الفوز في الانتخابات يوماً ما، سوف تتجزّأ المجتمعات المحلية، وتتعرّض الأقليات للتمييز.. وسوف يتفشّى ال*** في الشوارع. ثمة خيط رفيع جداً بين الحرية والفوضى. لكن إذا كان المسؤولون عن الدول الأوروبية التي تنزلق نحو الفاشية، عاجزين عن قراءة المكتوب من عنوانه، من دون أن يرغبوا في الإيحاء بأنهم غير مبالين، فهذه ليست مشكلتي. ما يشعرني بالقلق هو عزوف البلدان ذات الأغلبية المسلمة، لا سيما في العالم العربي، عن توجيه رسالة واضحة إلى البلدان التي تقدّم منبراً لمن يعتاشون من التهجّم على الدين الإسلامي الحنيف، وإفهامها أن هذا أمر غير مقبول. أما في ما يتعلق بالأغبياء الذين لا رسالة لهم في الحياة سوى إعداد رسوم كاريكاتورية مسيئة للنبي، صلى الله عليه وسلّم، وهم يعلمون تماماً أن رسم النبي محمد، صلى الله عليه وسلّم، ممنوع منعاً باتاً في الإسلام، فهم مجرد أقزام لا يستحقون مني حتى مشاعر الاحتقار. لن تضرّ تصرفاتهم تلك الإسلام شيئاً، فالديانة الإسلامية هي الأسرع نمواً بوجود 1.6 مليار مسلم في مختلف أنحاء العالم؛ إنهم في نظري مجرد أشخاص نكرة ومرضى. المخزي هو المباركة التي يحصلون عليها من الحكومات التي تزعم أنه من شأن أي تقييد لأنشطتهم أن يتسبّب في انتهاك حرياتهم الشخصية. لا يمكننا، نحن العرب والمسلمين، أن نقبل مثل هذا العذر، لأن التقليل من احترام ديانتنا التي يفرض علينا واجبنا والتزامنا الديني حمايتها، خط أحمر لا يمكن تجاوزه. يجب أن تكون للحرية حدود، لا سيما عندما يمكن أن تتسبّب حرية الشخص في الألم والمعاناة لشخص آخر. إنها شريعة الغاب.. حيث تنهش الكلاب بعضها بعضاً. والولايات المتحدة مذنبة بالدرجة نفسها، لفشلها في إقرار قوانين تمنع مشاهد التعصّب العامة التي تهدف إلى التحريض على الكراهية، مثل «يوم حرق القرآن» الذي دعا إليه أحد القساوسة في تكساس، ومسابقة الرسوم الكاريكاتورية في غارلاند، والإعلانات المناهضة للإسلام الملصقة على الحافلات في مدينة نيويورك. لماذا؟ لأن المتعصّبين والعنصريين محميون بموجب التعديل الأول للدستور الذي يضمن حرية التعبير. حتى منظمة «كو كلوكس كلان» العنصرية والمعادية للسامية وللإسلام، والمعروفة بعمليات التفجير والحرق على امتداد تاريخها الطويل، تتمتّع بموجب التعديل الأول بحقوق التجمّع وتنظيم المسيرات وتقديم مرشّحين للمناصب السياسية. أما نحن المسلمين فلا نسخر أبداً بالديانات الأخرى - وأقصد بذلك المؤمنين الذين لا يجب خلطهم مع الإرهابيين الذين يشوّهون رسالة الإسلام ويستخدمونها لتبرير جرائمهم. من مكامن القوة التي يتمتّع بها الإسلام تقبُّله للديانات الأخرى وإيمانه برسل الله، موسى وعيسى والنبي محمد، الذين أعطونا كلمة الله التي ترشدنا في كل جانب من حياتنا. لا يبجّل الإسلام الأنبياء موسى وعيسى ومحمد عليهم الصلاة والسلام فقط، إنما جميع الرسل والأنبياء أيضاً، كما أنه يحترم أهل الكتاب، أي المسيحيين واليهود.. كما في قوله سبحانه: «قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ» (الآية 84 من سورة آل عمران). وجل ما نطلبه هو احترام الإسلام في المقابل. إذا لم يقدّم حلفاؤنا الغربيون هذا الاحترام طوعاً، فعلى العالم الإسلامي أن يطلبه بنفسه، وأن يُبنى على الشيء مقتضاه. عام 2012، ردّت منظمة التعاون الإسلامي على فيلم «براءة المسلمين» الذي أُنتِج في الولايات المتحدة وتضمّن تشويهاً لسمعة النبي، صلى الله عليه وسلّم، ما أثار موجة احتجاجات قوية في العديد من البلدان الإسلامية، وزاد من حدة مشاعر العداء للولايات المتحدة. فقد أعلن السفير الباكستاني لدى الأمم المتحدة باسم منظمة التعاون الإسلامي: «من الواضح أن الحوادث المماثلة تُظهر الحاجة الملحّة إلى أن تعمد الدول إلى تطبيق الحماية المناسبة في مواجهة جرائم الكره.. وخطاب الكراهية، والتمييز، والترهيب والإكراه من جرّاء الافتراء على الأديان وترويج الأفكار النمطية السلبية عنها، والتحريض على الكراهية الدينية، فضلاً عن الإساءة إلى شخصيات هي محط عبادة وتبجيل». وقد ردّ نظيره الأميركي بالقول: «السبيل الأفضل لحماية الكرامة الدينية هو ضمان حرية التعبير...». وأود أن أناشد هنا منظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي رفع طلب مناشدة إلى تلك البلدان التي تشكّل ملاذاً للمتعصّبين والعنصريين والحاقدين، وإفهامها بوضوح أن هناك ثمناً إذا استمرت الإساءة إلى النبي في العلن من دون رادع ولا عقاب. ينبغي على الحكومات في البلدان الإسلامية كافة، بما في ذلك في العالم العربي، أن تبرهن على قوة واتحاد في هذه المرحلة؛ يجب أن تصرّ على دفع الغرب نحو إقرار القوانين المناسبة من أجل وضع حد لهذه النزعة المقلقة والخطرة التي لا تُلحق الأذى بالحساسيات الإسلامية فقط، إنما تقدّم أيضاً هدية للتنظيمات المتطرفة التي تسعى إلى تجنيد الأشخاص في صفوفها. لا يجوز للقادة المسلمين أن يُعموا عيونهم أو يصمّوا آذانهم عن تشويه سمعة الإسلام، لمجرّد الحفاظ على حسن العلاقات. لا نقبل بأن يوجّه صديق إلينا إهانة إلى والدتنا، فلماذا نقبل بأن يفعل حلفاؤنا ما هو أسوأ بكثير، عبر منح مواطنيهم ضوءاً أخضر كي يهينوا النبي، صلى الله عليه وسلّم، أو القرآن الكريم؟ خلف أحمد الحبتور
__________________
|
#2
|
|||
|
|||
الإسلام في أوروبا
أولا: السياق الأوروبي والسياق الإسلامي
بداية أرى أنه من الضروري الانتباه إلى جوانب الاتصال والانفصال بين السياقين الأوروبي والإسلامي بخصوص القضايا الدينية التي أثيرت . فالقضايا الأساسية التي اعتُبِرت تحديات للإسلام والمسلمين في الغرب، لا تخص السياق الأوروبي وحده، وإنما تفرض نفسها أيضا وبإلحاح على واقع المسلمين الحالي في البلدان الإسلامية؛ هذا الواقع يفرض نفس التحديات وإن بشكل مختلف وزاوية نظر مغايرة؛ والإجابة عن الأسئلة التي يفرضها السياق الأوروبي لن تكون شاملة وعميقة ما لم تسبقها أو توازيها على الأقل الإجابة عن نفس الأسئلة أو مثيلاتها في السياق الإسلامي. فأسئلة: الديموقراطية، والتعايش، ومهوم الدولة الإسلامية، والخلافة، والحرية الدينية والمواطن، وغيرها؛ كلها من القضايا الملحة التي تسائل المسلمين في البلدان الإسلامية بالدرجة الأولى، وتنتظر إجابات جريئة وحاسمة، بغية الانعتاق من الوضع الاجتماعي والسياسي الذي تعيشه هذه الدول؛ وتَرْكُها دون حلول يزيد بالتأكيد من عمق التحديات التي يواجهها الإسلام والمسلمون في أوروبا. فعلى سبيل المثال لا يمكن الحديث بشكل صادق في الغرب عن أنه لا تصادم ولا صراع بين الإسلام ومفهوم الديموقراطية الذي تأسست عليه الأنظمة السياسية لهذه البلدان، في الوقت الذي تعج فيه المكتبات الإسلامية في أوروبا بكتب إسلامية قادمة من الشرق، كلها تلعن الديمقراطية وتعتبرها في الحد الأدنى أمرا حراما لا يجوز للمسلم أن يعترف به، لأنه حكم بغير ما أنزل الله، مع ما يدعم هذه الكتب من فتاوى تنتقل عبر وسائل الاتصال الحديثة. كما لا يمكن إقناع المواطن الأوروبي سواء في ذلك المسلم وغير المسلم بسهولة، بأن التعايش بين أفراد المجتمع على اختلاف توجهاتهم ومعتقداتهم أمر لا يتناقض مع الإسلام، في الوقت الذي تغرق فيه أوروبا والغرب عموما بخطاب ديني أنزل قضية الولاء والبراء من مستوى "لكم دينكم ولي دين" إلى مستوى العلاقات الإنسانية العادية التي تجمع الناس في الشارع والعمل والسكن ..إلخ؛ حتى أصبح بعض الشباب المسلم يسألنا عن مجرد جواز أن يكون له صديق غير مسلم،.. إلخ. وهذان الأمران: "مفهمومي الديموقراطية والتعايش" مجرد مثالين من مجموعة من القضايا الدينية الجوهرية التي لا تسائل المسلمين في السياق الأوروبي فقط، وإنما أيضا في السياق الإسلامي. ثانيا: قضية التراث إضافة إلى وجود عوامل أخرى، يبقى التراث أهم خزّان يمد الخطاب الديني العنيف بكل المقولات والاجتهادات التي يُشرْعِن بها تصوراته النظرية وتصرفاته العملية. كان واضحا أن جل المحاضرين والمتدخلين، كانوا واعين بأن المقدس الذي لا نختلف حوله هو الوحي بمصدريه: الكتاب والسنة، وأن ما عداه يبقى فهما بشريا لا يمكن أن يصل لدرجة القداسة مهما حظي أصحابه من المكانة والفضل. على الرغم من ملامسة بعض المحاضرات لهذه الإشكالية حين دعا بعضها إلى ضرورة الانتباه إلى أن اللفظة القرآنية يجب أن ترتبط بمعناها الشرعي الثابت وليس بسياقها التاريخي، وحين دعا بعضها الآخر إلى ضرورة فهم هذه التحديات الكبرى في ظل المقاصد العامة للإسلام ..إلخ؛ مع كل ذلك كان جليا أيضا أن التراث يشكل ضغطا واضحا يحول دون الانطلاق في تناول التحديات الدينية الراهنة بكل أريحية؛ إذ يبدو أننا لم نستطع بعد تجاوز تقسيم تراثي يفصل العالم إلى دارين: دار الإسلام ودار الحرب، أو دار الإسلام ودار الكفر؛ ومن يرغب في أن يتزحزح خطوة إلى الأمام، يجعل التقسيم على أساس الاستجابة للإسلام، فيقول: أمة الإجابة وأمة الدعوة؛ وللإشارة فإن التقسيم الثاني هو الرائج في كتب الفتاوى في أوروبا، أي دار الإسلام ودار الكفر. ومن الأسئلة التي تستدعي نفسها هنا: هل نحن في حاجة إلى هذا التقسيم من أساسه؟ وعلى فرض الحاجة إليه، فهل من الضروري أن نلتزم فيه نفس التقسم الذي قيل في فترات تاريخية معينة؟ وحتى لو أخذنا بألطف هذه التقسيمات وهو أمة الدعوة وأمة الإجابة، أَلَنْ يكون لذلك تأثير سلبي على شخصية الأجيال المسلمة التي ولدت في أوروبا وتعتبر من مواطني هذه البلدان؟ وأقل تأثيراتها أنها تشعرهم بالغربة عن هذا المجتمع..إلخ. ثالثا: المنظومة الفقهية تتصل بالمنظومة الفقهية في الغرب إشكالات متعددة الجذور ومتفرعة الأغصان، بعضها يعود إلى غياب المرجعية الدينية الجامعة، وبعضها الآخر يرجع إلى التراث الفقهي الضخم الذي يحتاج إلى تحيين يتماشي مع التطور الذي عرفته هذه المجتمعات، مع ما يقتضي ذلك من ضرورة تحيين مفهوم التّمذهب بما يمنح المسلم أفقا أرحب في اختيار الاجتهادات التي تناسب الوضع الأوروبي، حتى لا يكون تدينه عبئا يثقل كاهله ويجعله في صراع دائم في التوفيق بين التزامه ومتطلبات حياته اليومية. كان واضحا أن بعض المحاضرين لم يدركوا بعد عمق هذا التحدي، وظنوا أن الحل يكمن ببساطة في إيجاد فقه خاص بالأقليات المسلمة مغاير لذلك السائد في البلدان المسلمة، غير منتبهين إلى أن هذه النوع من الاجتهاد سينتهي بالإسلام إلى التعامل بوجهين، وهو ما سيفقده مصداقيته في نهاية المطاف. وفي مقابل هذا الطرح ذهب بعض المحاضرين الآخرين خطوة إلى الإمام عندما دعوا إلى تجاوز فقه الأقليات إلى فقه الاندماج؛ ومع أن هذه الخطوة تعبر مبدئيا عن إدراك لعمق التحدي الذي تفرضه المنظومة الفقهية الراهنة، يبقى من الواجب أن تتلوها خطوات أخرى تحدد المراد بهذا الفقه الإندماجي وتبرز تصوره. رابعا: الحرية الدينية قضية الحرية الدينية هي المسألة التي لم تنل حظها بشكل يناسب حجمها في هذا اللقاء؛ والمحاضرة التي كان يفترض فيها أن تتناول هذه القضية بنوع من الشمول والعمق، وكانت تحت عنوان: "حرية المعتقد من منظور شرعي"، جاءت باهتة لا تلامس الواقع ولا تستشعر معطياته الراهنة، إذ كل ما أجادت به قريحة هذا المحاضر أن: (أن التدين ثابت للمكلف ..، وأن له حق الجهر بممارسة الشعائر الدينية، وأنه إذا ثبت للمكَلّف هذا الحق، فلا يجوز له أن يتعسف فيه، -وأعلى درجات التعسف في نظر هذا المحاضر- هو الارتداد، فمن فعله فللحاكم أن يقيم عليه حد الردة؛ .. وأن لأهل الكتاب الحق في ممارسة شعائرهم .) فلم أدر عن أي حرية دينية يتحدث هذا المحاضر..؟ وما معنى أنه إذا ثبت للإنسان حق التدين فلا يجوز له أن يتعسف فيه بالارتداد؟ خامسا: الغرب وصناعة الإسلاموفوبيا أثيرت هذه المسألة من قبل بعض المحاضرين في اللقاء، وهو من حيث الظاهر أمر صحيح مبدئيا، فالإعلام الغربي بشكل عام عمل على إيجاد هذه الصورة، صورة الإسلام أو المسلم المخيف. لكن السؤال الذي غالبا ما يتم القفز عليه من قبل بعض المسلمين في هذا السياق، هو هل الإعلام الغربي أوجد هذه الصورة من فراغ، أو ثمة مادة لذلك متوفرة بشكل كبير ومتنوع، وهي مادة جاهزة لم يجد هذا الإعلام عناء في أخذ ما يناسب توجهه منها؟ ولست أبرر هنا سلوك هذا الإعلام الذي استعان بكل ما لديه من احترافية في صناعة هذه الصورة؛ وإنما لضرورة التركيز على زاوية نظر مغايرة، وهي أن القفز على هذا السؤال الجوهري أو عدم أخذه على محمل الجد ينسينا مسألة النقد الذاتي، التي نحن في أمس الحاجة إليها اليوم لتجاوز الثغرات الحضارية التي أوجدناها في تعاطينا مع الإسلام، وهي ثغرات ليست صغيرة، بل في غاية العمق والاتساع بحيث لا تخطؤها العين. -إمام بألمانيا سعيد الهبطي
__________________
|
العلامات المرجعية |
|
|