|
محمد ﷺ نبينا .. للخير ينادينا سيرة سيد البشر بكل لغات العالم |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
شهادة بحيرى الراهب بنبوة النبي صلى الله عليه وسلم
شهادة بحيرى الراهب بنبوة النبي صلى الله عليه وسلم
شهادات معاصريه من أهل الكتاب بنبوته صلى الله عليه وسلم إيهاب كمال أحمد الْتقى نبيُّ الرحمةِ محمد - صلى الله عليه وسلم - بالكثير من أهل الكتاب، سواء قبل بعثته أو بعدها، فأقرُّوا بأنه النبي المُنتظَر، وجزَموا بأن ما جاء به مُوافِقٌ لما جاء في كتُبِهم وما أُوحي به لموسى وعيسى - عليهما السلام - ومِن هؤلاء مَن آمن به واتبعَه وحَسُنَ إسلامه، لكن منهم أيضًا من صدَّه عن اتِّباع الحق العنادُ والكِبرُ أو الحِرص على متاع الدنيا، رغم إقرارهم بأن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - هو رسولُ الله. ونَعرض الآن لبعض تلك الشخصيات من اليهود والنصارى الذي عاصروا النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - والتقوا به، وأقرُّوا بأنه رسولُ اللهِ حقًّا. بحيرى الراهب: خرَج عمُّ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أبو طالب تاجرًا في ركبٍ إلى الشام، واصطحَبَ معه الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهو وقتَها ابن اثنتي عشرة سنةً تقريبًا. ونزَل الركبُ بُصرى من أرض الشام، وكان بها راهبٌ يقال له: "بحيرى" في صومعة له، ولم يزل في تلك الصومعةِ راهبًا فيها، إليه يَصيرُ عِلم كتب النَّصارى وأحبارِهم الذين يتوارَثونه كابرًا عن كابر. وكانوا كثيرًا ما يَمرُّون ببحيرى فلا يُكلِّمهم ولا يعرض لهم، ولكن في ذلك العام لمَّا نزلوا قريبًا من صومعته، صنَع لهم طعامًا كثيرًا؛ وذلك لشيء رآه وهو في صومعته؛ حيث رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الركب حتى أقبل وغمامة تُظلِّله مِن بين القوم، ثم أقبَلوا فنزلوا في ظل شجرة قريبًا منه، فنظر إلى الغمامة حين أظلَّت الشجرة ومالت أغصانُ الشجرةِ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى استظلَّ تحتها، فلمَّا رأى ذلك بحيرى نزل من صومعته وقد أمر بطعام فصُنع، ثم أرسل إليهم فقال: إني صنعتُ لكم طعامًا يا معشر قريش، فأنا أحب أن تَحضُروا كلكم، كبيرَكم وصَغيرَكم، عبدَكم وحُرَّكم، فقال له رجل منهم: واللهِ يا بحيرى إن لك لشأنًا اليوم! ما كنتَ تصنَع هذا بِنا، وقد كُنَّا نَمرُّ بك كثيرًا، فما شأنك اليوم؟ قال له بحيرى: صدقتَ، قد كان ما تقولُ، ولكنَّكم ضيوفٌ، وقد أحببتُ أن أُكرِمكم وأصنع لكم طعامًا فتأكُلونَ منه كلكم. فاجتمَعوا إليه، وتخلَّف رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - من بين القوم؛ لصغر سنِّه، وجلَس بجوار رِحال القوم تحت الشجرة، فلمَّا رآهم بحيرى، لم يرَ الصِّفةَ التي يَعرفها ويجدها عنده في كتبه، فقال: يا معشرَ قُريشٍ، لا يتخلَّفنَّ أحد منكم عن طعامي. قالوا: يا بحيرى، ما تخلَّفَ أحدٌ ينبغي له أن يأتيك إلا غلامٌ، وهو أحدثُنا سنًّا، فتخلف في رحالنا. قال بحيرى: لا تفعلوا، ادعوه فليَحضر هذا الطعام معكم. فقال رجل من قريش مع القوم: واللات والعزى، لقد كان شيئًا قبيحًا مِنَّا أن نَحضر نحن الطعام ويتخلف عنه محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب من بينِنا، ثم قام إليه فاحتضَنه وأجلَسَه مع القوم. فلمَّا رآه بحيرى، جعل يلحظه لحظًا شديدًا، ويَنظُر إلى أشياء من جسده قد كان يَجِدها عنده من صفته في كتب النصارى، حتى إذا فرغ القوم من طعامهم وتفرَّقوا، قام إليه بحيرى وقال له: يا غلام، أسألك بحق اللات والعُزى[1] إلا أخبَرتني عما أسألك عنه، وإنَّما قال له بحيرى: "بحق اللات والعزى"؛ لأنه سمع قومه يَحلِفون بهما، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - له: ((لا تسألني باللات والعُزَّى شيئًا، فوالله ما أبغضت شيئًا قَطُّ بُغضهما)) (وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يكره الأصنام حتى قبل بعثه). فقال له بحيرى: فبالله إلا ما أخبرتني عما أسألك عنه؟ فقال له: ((سَلْني عمَّا بدا لك)). فجعَل يسأله عن أشياء من حاله من نومه وهيئته وأموره، فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُخبِره، فوافقَ ذلك ما عند بحيرى من صفته، ثم نظَر إلى ظهره فرأى خاتم النبوة بين كتفَيه موضعَه من صفته التي عنده. ثم قال بحيرى: هذا سيد العالمين، هذا رسولُ ربِّ العالَمين، يبعثه الله رحمةً للعالَمين. قال له أشياخ من قريش: ما علمك؟ فقال بحيرى: إنكم حين أشرفتُم من العقبة لم يبقَ حجر ولا شجر إلا خرَّ ساجدًا، ولا يَسجُدان إلا لنبي، وإني أعرفه بخاتم النبوة أسفلَ مِن غُضروف كتفه. ثم أقبل على عمِّه أبي طالب فقال: ما هذا الغلام منكَ؟ قال: ابني. قال بحيرى: ما هو بابنِك، وما ينبغي لهذا الغلام أن يكون أبوه حيًّا. قال أبو طالب: فإنه ابن أخي. قال بحيرى: فما فعَل أبوه؟ قال: مات وأمه حُبلى به. قال بحيرى: صدقتَ، ارجع بابن أخيك إلى بلده واحذر عليه اليهود، فوالله لئن رأوه وعرفوا منه ما عرفتُ ليقصدنَّه بالشر، فإنه كائن لابن أخيك هذا شأنٌ عظيم، فأسرِع به إلى بلاده، فخرَج به عمُّه أبو طالب سريعًا حتى أقدمه مكة حين فرَغ مِن تجارته بالشام[2]. [1] اللات والعُزى صنَمان كانا يُعبَدان في مكة ويُعظَّمان جدًّا، حتى انتشر القسَم بهما بين العرب. [2] السيرة النبوية؛ لابن كثير (1: 245)، الروض الأنف (1: 325)، زاد المعاد (1: 70). |
العلامات المرجعية |
|
|