|
حي على الفلاح موضوعات وحوارات ومقالات إسلامية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
نداء للفرنسيين: احترموا عقائدنا يا أحفاد فولتير
فى أعقاب العدوان على مجلة «شارلى إبدو» أعتقد أن المثقفين الفرنسيين قد وصلهم انطباع أكيد من العالمين العربى والإسلامى بأن الإرهاب مرفوض وأن استخدام ال*** وال*** لحل الخلافات الفكرية والعقائدية أمر يستهجنه كل القادة السياسيين والدينيين المعتدلين وجمهور المثقفين العرب والمسلمين. اليوم أوجه هذا النداء لأحفاد فولتير العظيم، فيلسوف الحرية، وأذكرهم وأذكر نفسى بأن مقولة فولتير الخالدة حول حرية التعبير كانت تتعلق بضرورة مواجهة السلطة الملكية المستبدة الجائرة التى كانت تحجر على الناس حقهم فى حرية التعبير عن شكاواهم من مظالم هذه السلطة، أعتقد أن فولتير عندما أطلق مقولته التى يقول فيها: «قد أخالفك الرأى، ولكننى مستعد لدفع رأسى ثمناً لحريتك فى التعبير عن رأيك»، كان يطالب الجميع بمساندة حرية المظلومين فى التعبير عن شكاواهم وآلامهم، حتى لو كنا نختلف معهم فى الرأى. إننى أفهم أن المناداة بحرية التعبير على لسان فولتير وفلاسفة الثورة الفرنسية على الملكية المستبدة والظالمة كانت موجهة ضد الخماسية الشيطانية، وهى: الاستبداد والقهر والفساد والانحطاط وانحطاط الفكر الكنسى والتحالف بين الكهنة والملوك ضد الشعب، وإذا كان فهمى هذا خاطئاً فإننى أرجو أن يصحح لى المثقفون الفرنسيون على عنوانى الإلكترونى وهو info@bahrawy.com راجياً أن يكون الإيضاح باللغة الإنجليزية. ترتيباً على هذا، فإننى أعتقد أن بين المثقفين الفرنسيين والمثقفين العرب والمسلمين مهمة مشتركة، وهى مهمة بلورة إدراك أمرين فى الشرق وفى الغرب معاً، الأمر الأول أن الاعتداء على معتقدات الآخرين ومقدساتهم باسم حرية التعبير والعلمانية أمر لا يندرج بأى حال من الأحوال فى نطاق مكافحة الخماسية الشيطانية المذكورة سلفاً بأى حال أو بأى درجة، ولنكن أكثر تحديداً، فنقول إن العقيدة الإسلامية تحرم تصوير النبى محمد، صلوات الله وسلامه عليه، من حيث المبدأ ولا يستثنى هذا التحريم أن تكون الصورة جميلة أو قبيحة، فالتصوير أو رسم الصورة للنبى بأى طريقة هما موضوع التحريم. السؤال هنا الذى أوجهه للمثقفين الفرنسيين هو: هل تصميم مجلة شارلى إبدو قبل تعرضها للهجوم الإرهابى وبعده على تقديم رسم كاريكاتورى للنبى محمد يدخل فى باب مكافحة الخماسية الشيطانية التى صادرت ثروات الشعوب وحقوقها فى الحياة؟ ترى ماذا يضير رسامى مجلة شارلى إبدو إذا أفهمناهم أن مثل هذا الرسم يؤذى مشاعر المسلمين المعتدلين الذين يؤمنون بالحوار والجدل كوسيلة لحل الصراعات الفكرية؟ إن القرآن الكريم يدعو النبى إلى استخدام الحوار مع الكافرين الذين كانوا يعبدون الأوثان، وهو بالتالى يلزمنا بنفس المنهج عندما يقول الله تعالى: «وجادلهم بالتى هى أحسن»، ها أنا أعطى نموذجاً لامتثالنا لهذا الأمر الإلهى، وأطالب المثقفين الفرنسيين بأن يتفهموا حق الآخرين فى الحفاظ على مقدساتهم ومعتقداتهم بالحوار السلمى الهادئ، أرجو هنا ألا يكون حوارنا حوار «طرشان»، أى حوار من فقدوا حاسة السمع، فلا يسمع المتكلم كلام الآخرين، وبالتالى يعود ليكرر نفس ما قاله كأنه لم يسمع وجهة النظر الأخرى. إننى أدرك حسن نية الرسام لوز، الذى قال بعد صدور العدد الجديد من المجلة، فى أعقاب الهجوم الإرهابى: «لقد رسمت محمداً على الغلاف كرجل طيب تدمع عيناه، تأثراً ل*** الرسامين، ولست قلقاً مما سيثيره الرسم»، إننى أقول لمسيو لوز أرجوك أن تفهم أن عقائدنا ومشاعرنا كمسلمين تتأذى لمجرد إطلاق اسم النبى على الرسم الكاريكاتورى أو غيره، فليس مهماً بالنسبة لنا أن ترسمه فى صورة طيبة أو صورة غير طيبة، إنما المهم هو ألا ترسمه على الإطلاق، ترى هل كان يؤذيك أو ينتقص من حريتك فى التعبير لمواجهة الاستبداد والظلم وأخطاء الحكومات والإرهاب لو أطلقت على رسمك الكاريكاتورى أى اسم آخر غير اسم النبى محمد؟ إنك ما كنت ستخسر شيئاً لو أطلقت على هذا الرسم اسم أحد السياسيين العرب أو أحد المثقفين المسلمين لتوصل رسالتك فى استنكار ال*** والإرهاب، ولو فعلت هذا - مسيو لوز - لتجنبنا جميعاً موجة الغضب الجديدة فى العالمين العربى والإسلامى. أعتقد أننى أوضحت الأمر الأول الذى أطالب المثقفين الفرنسيين والعرب ببلورته وإيصاله واضحاً لجماهير الشرق والغرب على حد سواء، إننى أسجل هنا احترامى العميق لبابا الفاتيكان، الذى قال بوضوح إن حرية التعبير لا تعنى إهانة معتقدات الآخرين. أما الأمر الثانى الذى أعتقد أن علينا أن نبلوره مع المثقفين الفرنسيين فهو إدراك أوضاع الظلم الاجتماعى التى يعانيها المسلمون فى فرنسا وسائر بلدان أوروبا، وأيضاً ميراث الظلم الاستعمارى الذى تركه الاستعمار الفرنسى والأوروبى فى نفوسنا نحن مسلمى الشرق. إن مسؤولية المثقف الفرنسى المؤمن حقاً بمقولة فولتير الداعية إلى احترام قيمة حرية التعبير هى أن يعمل على تخفيف هذا الظلم الذى يعانيه مسلمو أوروبا، وأن يعوض مشاعر المسلمين فى الشرق الذين عانوا من مظالم الاستعمار الفرنسى والأوروبى. إنها مسؤولية نابعة من الضمير المحترم للمثقف. لقد سمعت فى يوم الهجوم الإرهابى اثنين من المثقفين الفرنسيين يتحدثان إلى «سى. إن. إن» وقد أشار الاثنان إلى ضرورة معالجة الأوضاع الظالمة التى يعانيها مسلمو فرنسا اجتماعياً واقتصادياً ومعنوياً، هنا يأتى السؤال الذى أوجهه للمثقفين الفرنسيين، بمن فيهم رسامو ومحررو شارلى إبدو، ألا ترون معى أن إهانة معتقدات المسلمين المسالمين المعتدلين برسم النبى تمثل ظلماً معنوياً جديداً يضاف إلى الظلم الاستعمارى والاجتماعى والاقتصادى؟ هل تلاحظون هنا أن حرية التعبير فى هذه الحالة قد ضاعفت ظلم الشعوب المظلومة أصلاً بدلاً من أن تأخذ مسارها الصحيح فى مقاومة الظلم الذى تمارسه حكومات أوروبا بتهميش المسلمين الأوروبيين وأيضاً الظلم الذى مارسته دول أوروبا فى عصرها الاستعمارى القائم على نهب الشعوب الشرقية وقمعها؟ إن هذا أمر يجب أن نبلوره أكثر فى حوار بين المثقفين العرب والفرنسيين، لكى نحافظ على حرية التعبير فى مسارها المقاوم للظلم وليس كأداة لإضافة ظلم معنوى جديد للمظالم القائمة والسابقة. إبراهيم البحراوي
__________________
|
#2
|
|||
|
|||
النداء الثانى للفرنسيين والأوروبيين
فى النداء الأول بمقال الثلاثاء الماضى، طالبت الفرنسيين (أحفاد فيلسوف الحرية والثورة الفرنسية العظيمة فولتير) بأن يحاولوا تفهم حق المسلمين المعتدلين فى صون معتقداتهم من السخرية. بيّنت أننا نحترم قيمة حرية التعبير مادامت لا تمس عقائد الآخرين، وأننا نتفهم أن الرسوم الكاريكاتورية الساخرة عادة ما يكون هدفها الجوهرى السخرية من السلطة الظالمة أو أخطاء السلطة، على نحو عام بغية تصحيحها، وبالتالى فإننى أرى أن التصميم على إطلاق اسم النبى محمد- صلوات الله وسلامه عليه- على رسوم كاريكاتورية هو عمل غير مسؤول، خاصة أن بابا الفاتيكان قد علق أخيراً على هذه الرسوم التى جاءت بعد العمل الإرهابى فى باريس قائلاً: «إن حرية التعبير لا تعنى إهانة عقائد الآخرين».
اليوم أضيف أنه إذا كانت خصوصية الفرد ومعتقداته الفردية مصونة فى المجتمعات الديمقراطية، فلماذا لا ينتبه رسامو الكاريكاتير الأوروبيون إلى حق كل مسلم فى عدم تعريض معتقداته للسخرية. لقد أسعدنى ذلك التصريح الذى صدر عن المفوضية الأوروبية الأسبوع الماضى، والذى يقول إن الأوروبيين يجب أن يركزوا على التقاط الرسائل التى تصدر من العالم الإسلامى. إن هذا الموقف يمثل نقطة البداية للوصول إلى تفاهم مشترك أوروبى إسلامى، يخفف من مشاعر الاحتقان من ناحية، ويحرم الإرهاب من الذرائع التى يستخدمها من ناحية ثانية. إن السخرية من النبى- صلى الله عليه وسلم- قدمت للإرهابيين ذريعة لشن هجومهم على مجلة شارلى إبدو، غير أن هذه ليست الذريعة الوحيدة، فهناك واقع أليم يعيشه الشعب الفلسطينى منذ عام 1948 عندما تعرض للتشريد بمساندة بريطانيا والقوى الغربية التى أجمعت على هدف إقامة وطن قومى لليهود فى فلسطين منذ نهاية الحرب العالمية الأولى عام 1917. لقد طال الأمد بهذا الظلم التاريخى، وعلى الرغم من حديث القوى الغربية عن اعترافها بضرورة إقامة دولة فلسطينية فى حدود الرابع من يونيو 1967، فإننا لم نشهد فعلاً منظماً قوياً لقمع أطماع التوسع الإسرائيلية وفرض إقامة الدولة الفلسطينية، إن المسلمين المعتدلين يتساءلون: لماذا لم تقم الدول الأوروبية والولايات المتحدة ببذل الجهد المنظم لإقامة الدولة الفلسطينية كما سبق أن فعلت لفرض إقامة الدولة اليهودية منذ وعد بلفور البريطانى وحتى الاعتراف بدولة إسرائيل عام 1948. إن استمرار هذا الظلم يمنح الإرهاب ذريعة أخرى لتوجيه ضرباته. ما أريد قوله هو أن استمرار السخرية من الرسول- صلى الله عليه وسلم- واستمرار الظلم القومى الواقع على الفلسطينيين لا يمنح الإرهاب الذرائع، فحسب بل إن هذا الاستمرار يمنح الإرهابيين كنزاً ثميناً، إنه يفتح أمامه منابع القوى البشرية من الشباب المسلم فى كل أنحاء العالم والذى يرى أن دعوات الاعتدال والكفاح السلمى والتفاوض السياسى لا تؤدى إلا إلى تكريس صورة المسلمين الضعفاء الذين يستخف الغرب بمشاعرهم وبحقوقهم. أعتقد أن الفرنسيين خاصة، والأوروبيين والأمريكيين على نحو عام سيبدأون فى التقاط رسائلنا والاهتمام الجاد بتجفيف منابع الإرهاب ومنابع الأسباب التى يستخدمها لكسب إعجاب الشباب المسلم المحبط بنموذج ال*** الذى يقدمه. لقد تلقيت على بريدى الإلكترونى وهو info@bahrawy.com عدة رسائل من شخصيات عربية تعيش فى بريطانيا وفرنسا، تشرح الأوضاع الفكرية لدى الأوروبيين. إننى أشكر أصحاب الرسائل، وأعرض لنموذجين، فنحن فى حاجة إلى الاستنارة بآراء أهلنا الذين يرون المجتمعات الأوروبية أكثر مما نراها: يقول الأستاذ منير سعيد حمزة الذى يتحدث الفرنسية بطلاقة «إن سرعة نشر كاريكاتيرات عليها صورة لرسولنا- صلى الله الله عليه وسلم- هى إلى اليوم فى مجملها رد فعل للعمل الإرهابى وإن لم يفصح أصحابها علانية عن هذا، بعدها سيأتى وقت استخلاص العبر والدروس ومراجعة المواقف. يضيف الأستاذ منير قائلاً يبقى أن بعض ردود الفعل هناك لا تفهم- المتدينين منهم بالذات- كيف أن تحريم رسم النبى- صلى الله عليه وسلم- يرقى إلى مستوى العقيدة، كما أنهم- لأن حضاراتهم ارتقت بالفرد واستقلاله عن الجماعة- لا يفهمون جدوى المنع حال عدم وجود ضرر مادى أو تحريض على ضرر مادى. يختتم الأستاذ منير رسالته من فرنسا قائلاً: «الموضوع معقد يا دكتور، وأنا أحاول أن أناقش، وأجادل خاصة مع أصحاب النوايا الحسنة». إلى هنا تنتهى الرسالة وأنا أوافق الأستاذ منير أن الفرنسيين والأوروبيين سيبدأون فى استخلاص العبر. ويغلبون العقل. ويتساءلون: لماذا نصمم على رسوم لا تؤدى إلا إلى إغضاب عشرات الملايين من المسلمين وإعطاء الذريعة للإرهابيين لتجنيد الشباب الأوروبى المسلم؟ أما الدكتور أحمد حسام منصور الشاذلى، أستاذ الهندسة بإحدى الجامعات البريطانية، الذى تلقى فى صباه تعليماً فرنسياً فى مصر والذى يقضى شهرين سنوياً فى فرنسا، فيوجز فهمه موقف الفرنسيين من الأديان على النحو التالى: 1- لدى الشعب الفرنسى شبه كراهية أساسية للأديان وبخاصة المسيحية، لما عانى منه الشعب على يد الكنيسة. 2- لذا يعتبر الفرنسيون أن الإسلام دين، ويحق لهم التعامل معه كتعاملهم مع بقية الأديان، ولا يفهمون هذا التشنج الذى يظهره المسلمون عند الحديث عن الإسلام أو انتقاد بعض تعاليمه، وهم يرون فى هذا إرهاباً فكرياً يصل إلى الإرهاب البدنى. 2- رأينا الفارق الكبير بين المسلمين والمسيحيين عنذ ظهور قصة دان براون «شفرة دافنشى» والتى تهدم المسيحية، لم تقم الدنيا فى العالم المسيحى، بل لم يهتم أحد بالكتابة عن محتوى القصة، ولم يصدر الفاتيكان فتوى بإهدار دم براون- مؤلف القصة. إننى أشكر د. أحمد حسام على شرحه الموقف الفرنسى والأوروبى من الأديان، وأعتقد أن هذه الصورة تبين للعلماء المسلمين وللمثقفين فى العالمين العربى والإسلامى- المهمة الحيوية الملقاة على عاتقهم. نحن فى حاجة إلى مد جسور للحوار مع المثقفين الأوروبيين حول مسألة اختلاف الثقافات، ليتفهموا فى النهاية أن ثقافة المجتمعات الإسلامية ترى فى السخرية من المعتقدات الدينية إهانة، بل جرحاً بليغاً لمشاعر المسلمين وضرراً معنوياً ينزل بنفوسهم. إبراهيم البحراوي
__________________
|
#3
|
||||
|
||||
جزيل شكرى وتقديرى لحضرتك على نقل هذا المقال
جزاك الله خيرا وبارك الله فيك |
العلامات المرجعية |
|
|