|
أرشيف المنتدى هنا نقل الموضوعات المكررة والروابط التى لا تعمل |
|
أدوات الموضوع | ابحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
أفكار سلبية وخوف من المستقبل
السؤال ♦ ملخص السؤال: شابٌّ كان على عصيان وفسادٍ، تاب إلى الله تعالى، ولكن بدأتْ تُراوده أفكار سلبية حول مستقبله، وأصبحتْ شخصيته غير متزنة وضعيفة. ♦ تفاصيل السؤال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أنا شابٌّ غير متزوج، عانيتُ مِن البطالة، وكنتُ أدخِّن كثيرًا حتى تدهورت صحتي، وابتُلِيتُ بالعادة السرية، وترك الصلاة، وإضاعة الوقت في المقهى، والعلاقات المحرمة. جاءتْني وظيفةٌ حكوميةٌ، وكنتُ مُخَيَّرًا بين العمل في مدينتي أو في مدينة أخرى، لكن فضَّلْتُ المدينة الأخرى لأني كنتُ أريد أن أكونَ حرًّا، وأفعل أي شيء، لكن عندما ذهبتُ إلى المدينة انتابني حزنٌ شديدٌ؛ لأن مصاريف النقل والمعيشة وراتبي لا يكفي، ومن ثَم قررتُ أن أتركَ التدخين - والحمد الله. كذلك قررتُ ألا أُحادث الفتيات، وأن أغضَّ بصري، وأصبحتُ أذهب إلى المسجد، وأقرأ وأتفَكَّر في الآخرة والعذاب والتوبة، لكن ما زالت الأفكار السلبية تُراودني حول المستقبل، ولا أستطيع أن أجْمَعَ النقود للزواج! أحيانًا لا أستطيع التحدُّث؛ لأن قلبي يدُقُّ بسرعةٍ، وأصبحتْ شخصيتي غير متزنة وضعيفة، وأحاول أن أقنعَ نفسي بأن الأرزاق من عند الله، ولا بد من الصبر. فبماذا تنصحونني؟ جزاكم الله خيرًا الجواب الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله ومَن والاه، وبعدُ: فنُرَحِّب بك أخي الكريم ضيفًا حبيبًا، ومستشيرًا عزيزًا، ومُطالِعًا مُستفيدًا في شبكة الألوكة. هنيئًا لك أخي التائب بتوبتك، وأبارك لك عودتك إلى الله تعالى، وأُبَشِّرك بفرَح الله بتوبتك، مِصْداقًا لحديث النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي يقول فيه: ((لله أفْرَحُ بتوبةِ العبدِ من رجلٍ نزَلَ مَنزِلًا وبهِ مَهلَكة، ومعَهُ راحلَتُهُ، عليها طعامُهُ وشرابُهُ، فوضَعَ رأسَهُ فنامَ نوْمةً، فاسْتيقظَ، وقدْ ذهبَتْ راحلتُهُ، فطلَبَها، حتى إذا اشْتَدَّ عليه الحرُّ والعَطَشُ، قال: أرجِعُ إلى مَكانِي الَّذي كنتُ فيه، فأنامُ حتى أموتَ، ثمَّ رفعَ رأسَهُ، فإذا راحلتُهُ عِندَهُ، عليْها زادُهُ؛ طعامُهُ وشرابُهُ، فاللهُ أشدُّ فرَحًا بتوبةِ العبْدِ المؤمِنِ من هذا بِراحلَتِه وزادِهِ))؛ صحيح الجامع. فطِبْ بذلك نفسًا، واعلمْ أخي الكريم أن الله - جلَّ في علاه - لم يحجبْ عنك الرزق وأنت تعصيه، أفيتخلى عنك بعد توبتك؟! وما أروع قول الشاعر: وَتُبْ تَوْبَةً تَمْحُو بِهَا مَا اكْتَسَبْتَهُ مِنَ الذَّنْبِ وَالعِصْيَانِ فِي سَالِفِ العُمْرِ فَبِالتَّوْبَةِ الآثَامُ تُمْحَى عَنِ الفَتَى عَلَى مَا اقْتَضَاهُ النَّصُّ فِي مُحْكَمِ الذِّكْرِ وأما عن قلقك وخوفك من المستقبل، فهذا أمرٌ يُمكن معالجته ببعض الخطوات التي سنتحدث عنها لاحقًا، لكن اسمحْ لي بدايةً أن نُعَرِّفَ بقلق المستقبل، فقد عرَّفه بعضُ علماء النفس بأنه: خلَلٌ أو اضطرابٌ نفسيُّ المنشأ، ينجم عن خبرات ماضية غير سارة، مع تشويهٍ وتحريفٍ إدراكيٍّ معرفي للواقع وللذات، من خلال استحضار للذِّكريات والخبرات الماضية غير السارة، مع تضخيم للسلبيات في مقابل الإيجابيات. الخاصة بالذات والواقع، تجعل صاحبها في حالةٍ مِن التوتر وعدم الأمن؛ مما قد يدْفَعُه إلى تدمير الذات، والعجز الواضح، وتعميم الفشل، وتوقع الكوارث، وتؤدِّي به إلى حالة مِن التشاؤم من المستقبل، وقلق التفكير في المستقبل، والخوف من المشكلات الاجتماعية والاقتصادية المستقبلية المتوقعة، والأفكار الوسواسية وقلق الموت واليأس". وبعد تلك المقدمة فإنني أنصحك بالآتي: أولًا: عِشْ في حدود يومك، وأنجزْ ما بين يديك من الأعمال، ولا تقلقْ مِن المستقبل؛ فإنه بيد الله تعالى، هو الذي يُقَدِّره، ويجري فيه من الأمور ما شاء، يقول الشيخ محمد الغزالي - رحمه الله -: ''مِن أخطاء الإنسان أن يَنُوء في حاضِرِه بأعباء مستقبله الطويل...، والمرءُ حين يُؤَمِّل ينطلق في تفكيره في خطٍّ لا نهاية له، وما أسرع الوساوس والأوهام، إلى اعتراض هذا التفكير المرسل، ثم إلى تحويله همومًا جاثمة وهواجس مقبضة، لماذا تخامرك الريبة ويخالجك القلق؟! عِشْ في حدود يومك؛ فذاك أجدر بك وأصلح لك''. ويقول الأديب الإنجليزي توماس كارليل: ''ليس لنا أن نتطلع إلى هدفٍ يلوح لنا باهتًا من بعد، وإنما علينا أن ننجز ما بين أيدينا مِن عملٍ واضح بيِّنٍ''. ثانيًا: ليكن في قرارة نفسك أنك تنْعَم بكرَم الله تعالى، وأن الدنيا قد حِيزَتْ لك، كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((مَنْ أصبح منكم آمنًا في سِرْبِه، مُعافًى في جسدِه، عنده قوتُ يومِه، فكأنَّما حيزتْ له الدنيا بحذافيرِها"))؛ حسنه الألباني. ثالثًا: توكَّلْ على الله تعالى في طلَب الرزق، وخُذْ بالأسباب، ودعْ عنك النتائج، فإن الأرزاق بيده سبحانه قد قسمها بين عباده منذ الأزل، يقول - عز وجل -: " ﴿ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ﴾ [الطلاق: 3]، فمنْ تعلَّق قلبه بالله تعالى في جلب النفع ودفْع الضر، وفوَّض إليه أمره، كفاه الله ما أهمَّه، واندفع عنه ما أغمَّه، ورزقه تعالى من كل ما ضاق على الناس. ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((لو أنكم توكلون على الله حق توكله؛ لَرَزَقَكُمْ كما يرزق الطير، تغدو خماصًا، وتروح بطانًا)). رواه أحمد، والترمذي، وصححه الألباني. ويقول ابن رجب - رحمه الله -: ''هذا الحديث أصلٌ في التوكل، وإنه مِن أعظم الأسباب التي يُستجلب بها الرزقُ، قال بعضُ السلف: توكل تُسَق إليك الأرزاق بلا تعب ولا تكلف''. وتدبَّرْ قول الشاعر: تَوَكَّلْ وَلَا تَرْجُو سِوَى اللهِ وحْدَهُ فَلَا خَابَ مَنْ للهِ يَرْجُو وَيَأْمُلُ إِذَا النَّاسُ رَامُوا بَعْضُهم نَيْلَ بعضِهم وَجَاؤُوا لِأَبْوَابِ المُلُوكِ وَيَسْأَلُوا أَبَتْ هِمَّتي العَلْيَاءُ إِلًّا اجْتِنَابَهُمْ وَمِثْلُهُمُ عِنْدِي صَعِيدٌ وجَنْدَلُ أَلَيْسَ الَّذِي أَعْطَاهُمُ الخَيْرَ قَادِرًا لِيَغْمُرَنِي مِنْ فَضْلِهِ حِينَ يُجْزِلُ؟ خَزَائِنُهُ مَمْلُوءَةٌ يُعْطِ مَنْ يَشَا تَعَالَى إِلَهٌ آخِرٌ ثم أَوَّلُ رابعًا: كن صبورًا في مُعالَجة الضوائق التي تمرُّ بك، ولا تجزع مِنْ عُسْرٍ أَلَمَّ بك، فإنَّ فرجَ الله تعالى قريب. واقرأ قول الشاعر: تَجَلَّدْ عَلَى الدَّهْرِ وَاصْبِرْ بِمَا عَلَيْكَ الإِلَهُ مِنَ الرِّزْقِ أَجْرَى وَلَا يُسخِطَنَّكَ صَرْفُ القَضَاء فتَعْدَمَ إِذْ ذَاكَ حَظًّا وَأَجْرَا فَمَا زَالَ رِزْقُ الفَتَى طَالِبًا بَعِيدًا إِلَيْهِ دُجَى اللَّيْلِ يسرى تَوَقَّعْ إِذَا ضَاقَ أَمْرٌ عَلَيْ كَ خَيْرًا فَإِنَّ مَعَ العُسْرِ يُسْرَا خامسًا: خطِّطْ لمستقبلك على أسسٍ علميةٍ، واستفدْ مِن كتب التنمية البشرية في ذلك، والتي تتحدث عن تحقيق الأهداف، وصناعة الأحلام، وافعلْ ذلك وأنت تستمتع بحاضرك الذي تعيشه؛ لأنه سيأتي عليك يومٌ تتمنى فيه أن تعودَ إلى الوراء كي تنعم بكل لحظة مرتْ بك، واعلمْ أن هناك فارقًا بين الاهتمام بالمستقبل والاغتمام به، وبين الاستعداد له والاستغراق فيه، بين التيقُّظ في استغلال اليوم الحاضر والتوجس المربك المحير مما قد يأتي به الغد؛ كتب "ستيفن ليكوك" يقول: ''ما أعجب الحياة!.. يقول الطفل: عندما أشب فأصبح غلامًا، ويقول الغلام: عندما أترعرع فأصبح شابًّا، ويقول الشاب: عندما أتزوَّج، فإذا تزوج قال: عندما أصبح رجلاً متفرغًا، فإذا جاءته الشيخوخة تطلع إلى المرحلة التي قطعها من عمره، فإذا هي تَلُوح كأن ريحًا باردة اكتسحتها اكتساحًا، إننا نتعلم بعد فوات الأوان أن قيمة الحياة في أن نحياها، نحيا كل يومٍ منها وكل ساعة''. سادسًا: أكثرْ مِن الاستغفار، وجدِّدْ مِن توبتك دائمًا، الاستغفار والتوبة، فإنهما من الأسباب التي تجلب الرزق الاستغفار والتوبة؛ يقول تعالى إخبارًا عن نوح - عليه السلام - أنه قال لقومه: ﴿ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا ﴾ [نوح: 10 - 12]. يقول القرطبي - رحمه الله -: "في هذه الآية والتي في هود دليلٌ على أن الاستغفار يستنزل به الرزق والأمطار". ويقول ابن كثير - رحمه الله -: "أي إذا تبتم إلى الله، واستغفرتموه وأطعتموه، كَثُرَ الرزق عليكم، وأسقاكم مِن بركات السماء، وأنبت لكم مِن بركات الأرض، وأنبت لكم الزرع، وأدرَّ لكم الضرْعَ، وأمدَّكم بأموال وبنين؛ أي: أعطاكم الأموال والأولاد، وجعل لكم جناتٍ فيها أنواع الثمار، وخلَّلها بالأنهار الجارية بينها". سابعًا: عليك بصلة الرحم؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله يقول: ((مَنْ سَرَّه أن يبسطَ له في رزقه، وأن ينسأ له في أثره؛ فلْيَصِلْ رحمه))؛ رواه البخاري. ثامنًا: عليك بكثرة التصدُّق في السِّرِّ والعلَن؛ قال تعالى: ﴿ قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ﴾ [سبأ: 39]؛ يقول ابن كثير - رحمه الله -: ''أي مهما أنفقتم من شيء فيما أمركم به وأباحه لكم، فهو يخلفه عليكم في الدنيا بالبدل، وفي الآخرة بالجزاء والثواب''. ويقول الرسولُ - صلوات الله وسلامه عليه -: (ما من يومٍ يُصبح العباد فيه إلا ملَكان ينزلان، فيقول أحدهما: اللهم أعطِ منفقًا خلَفًا، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكاً تلَفًا))؛ رواه البخاري. أسأل الله تعالى أن يرزقك رزقًا حلالًا طيبًا مبارَكًا فيه
__________________
|
#2
|
||||
|
||||
جزاك الله خيراً
|
#3
|
|||
|
|||
جزاك الله خيرا
|
العلامات المرجعية |
|
|