اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > مسك الكلام فى الاسلام > علوم القرآن الكريم (مكتوب و مسموع و مرئي)

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 13-01-2014, 12:46 PM
abomokhtar abomokhtar غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 11,687
معدل تقييم المستوى: 28
abomokhtar is just really nice
New البلاغة في آيات الشمس والقمر والسنين والأشهر والأيام


البلاغة في آيات الشمس والقمر والحساب

والسنين والأشهر والأيام والليل والنهار


في سورة الأنعام نموذج آخر مما خلق الله تعالى في الكون، وبيان فوائده، قال تعالى: ﴿ فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ * وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴾ [الأنعام: 96، 97].


وقد ورد في تفسير هاتين الآيتين ما يلي:
"كما أنه فالق الحب والنوى، كذلك هو فالق ظلمة الليل الداجي الشامل لما على وجه الأرض بضياء الصبح الذي يفلقه شيئًا فشيئًا؛ حتى تذهب ظلمة الليل كلها، ويخلفها الضياءُ، والنورُ العام، ولما كان الخلق محتاجين إلى السكون والاستقرار والراحة التي لا تتم بوجود النهار والنور؛ جعل الله سكنًا يسكن فيه الآدميون إلى دُورهم ومنامهم، والأنعام إلى مأواها، والطيور إلى أوكارها، فتأخذ نصيبها من الراحة، وجعل -تعالى- الشمس والقمر حسبانًا، بهما تُعْرَف الأزمنة والأوقات فتُضْبَط بذلك أوقات العبادات، وآجال المعاملات، ويُعْرَف بهما مدة ما مضى من الأوقات.


ومن الأدلة العقلية على إحاطة علمه: تسخير هذه المخلوقات العظيمة على تقدير ونظام بديع، تحير العقول في حسنه وكماله، وموافقته للمصالح والحكم، وحين تشتبه عليكم المسالك، ويتحير في سَيْرِهِ السالك، جعل الله النجوم هداية للخلق إلى السبل التي يحتاجون إلى سلوكها لمصالحهم وتجاراتهم وأسفارهم، منها نجوم لا تزال تُرى، ولا تسير عن محلها، ومنها ما هو مستمر السير يعرف سَيْرَه أهلُ المعرفة بذلك، يعرفون به الجهات والأوقات"؛ نقلاً عن تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان.


البلاغة:
﴿ فَالِقُ الْإِصْبَاحِ ﴾: استعارة تبعية مكنية؛ حيث استعير لها هذا التشبيه من عملية فلق الحب والنوى، ففي الحَب والنوى فلقتان، وبينهما رشيم، إذا غُذِّيت النواة بالماء والتربة، نَبَت الرشيم وتغذى أولاً من الفلقتين إلى أن يضرب بجذره الأرض، فيتغذى منها، وعليه فينبت من بين الفلقتين الليل والنهار، فخرج من بينهما الإصباح، فأخذ شيئًا من ظلمة الليل، وشيئًا من ضوء النهار، فكان وسطًا.


﴿ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا ﴾؛ تشبيه بليغ؛ حيث شبه الليل بالسكن أو السكون.


وفيه أيضًا الاكتفاء، وهو من المجاز؛ حيث اكتفى بالليل، ولم يذكر النهار بأنه للمعاش كما في سورة النبأ: ﴿ وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا * وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا ﴾ [النبأ: 10، 11].


وفي كتاب "سر الإعجاز في تنوع الصيغ المشتقة من أصل لغوي واحد في القرآن" يناقش الفرق بين حساب وحسبان، فيقول: "إن كل المعاني الواردة في ألوان السياق المختلفة لهذه الكلمة تُرَدُّ إلى المعنى الأصلي: العَدّ، أما حسبان، فلها معنى واحد، هو الحساب الدقيق، ثم يقول: وينبني على الفرق بين الحساب والحسبان فرق آخر؛ وهو أن الحسبان جاءت لتشير إلى أمر يخص الفلك، أو يشير إلى علاقة أجزاء الفلك بعضها ببعض، ولم ترد الحساب ولا مرة واحدة لتشير إلى مثل ذلك، مع أنها وردت تسعًا وثلاثين مرة".


وقوله: ﴿ فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا ﴾ [الأنعام: 96] كانت الإشارة إلى حساب الفلك عن طريق حساب حركة الشمس والقمر؛ لأن الشمس والقمر يكونان ظاهرتين من أعظم الظواهر الفلكية التي يراها الإنسان، ويُحِس بوجودها: الشمس ضياء، والقمر نور، لولا الشمس لما عاش إنسان أو طير أو حيوان، ولولا القمر لاختلَّت كثير من أشياء الأرض، ستختل حركة البحر، وسيختل نمو النبات والحيوان، ويختل مزاج الإنسان، ولو اقتربت الشمس قليلاً من الأرض لاحترقت الحياة، ولو ابتعدت قليلاً لماتت الحياة على الأرض صقيعًا وقرًّا، ولو اقترب القمر من الأرض قليلاً، أو ابتعد قليلاً، لاختلت الحياة أنواعًا لا تحصى من الاختلال.


ولو اختلَّ الحساب المضبوط الدقيق ما بين الشمس والقمر أقلَّ اختلال، لاختلَّ نظام الكون، واختلَّ نظام الحياة فانتهت سيرتها الأولى.


إن زيادة المعنى التي جاءت في حسبان، ولم تجئ في حساب، لَرَاجعةٌ إلى زيادة الألف والنون فيها" ا. هـ.


ومن الناحية البلاغية: ﴿ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ ﴾ [الرحمن: 5] فيها مراعاة النظير في الائتلاف، والتناسب، وعدم التنافر لما بعدها من الآيات ﴿ وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ ﴾ [الرحمن: 6]، كما فيها تقديم الأهم على المهم.


وأما البروج، فهي آيات عظيمة من آيات الله، قال الله تعالى: ﴿ وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ * وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ ﴾ [البروج: 1، 2]، فالله تعالى إذا أقسم بالشيء دلَّ على أهميته، فضلاً عن توجيه الأنظار إليه؛ ليُنظر إليه بعناية واهتمام لخير الإنسان وفائدته.


وقد ورد في كتاب "من الإعجاز العلمي في القرآن الكريم" عن البروج ما يلي:
"وقد تبين للعلم الحديث أن في السماء بروجًا، وطرقًا، ومسالك، ومدارات ثابتة ومحدَّدة لكل كوكب ونجم وشمس وسديم من بين ملايين كل ***، منها المتناثرة في رقعة السماء، ولا يمكن لأي منها أن يحيد عن مساره أو مسلكه الذي حُدِّد لها بأمر خالقها - تبارك وتعالى - على الرغم من الاختلاف الكبير فيما بينها من حيثُ الشكلُ، والحجم، والتركيب الغازيُّ والمعدِني، والكثافة، والسرعة، والمدارات، والطرق والمسالك في السماء التي لا حصر لها عددًا، فهي تُعَد ببلايين البلايين بعدد ما في السماء من نجومٍ وكواكبَ وأقمار، إلا أن هذا العدد - الهائل - محبوك بإتقان مذهل، ومتشابك بنظام معجز، ومحكَم بنسيج مبدع.


ويقسم الله - سبحانه وتعالى - بالسماء ذات البروج، والبرج هو الحِصن، وجمعه أبراج وبروج، أقسم الله بالبروج التي هي منازل الشمس ومنازل القمر الاثنا عشر برجًا، وباليوم الموعود الذي هو يوم القيامة، وفي سورة الحجر الآية 16: ﴿ وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ ﴾ [الحجر: 16] تشير الآيات إلى أهمية منازل الشمس والقمر وبروجها التي بمقتضاها يعرف الناس عدد السنين والحساب، وأن هذه البروج لم تُخلق بصورة عشوائية، بل جعل الله من مواقع منازلها في السماء على شكل صور ومناظر متنوعة ومبهرة للناظرين إليها.


وتشير الآية 61 من سورة الفرقان إلى المشهد السماوي نفسه، فبدأت هذه الآية بقوله تعالى: ﴿ تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا ﴾ [الفرقان: 61]؛ أي: تقدس وتنزه أن يكون لله شريك في خلقه أو عبادته، الذي بقدرته وبمشيئته جعل في السماء بروجًا، وتُعْرَف البروج الاثنا عشر بـ: "الحَمَل، والثور، والجوزاء، والسرطان، والأسد، والسنبلة، والميزان، والعقرب، والقوس، والجدي، والدلو، والحوت" وتنزل كل من كواكب المجموعة الشمسية في كل منزل أو برج، وكأنها تنزل في قصر لها.


البلاغة:
القَسَم بالسماء ذات البروج: فيه الدلالة على عظمة الخالق، والتوجيه إلى تدبر هذه الآية العظيمة.


الإيجاز؛ حيث اقتصر على ذكر البروج في السماء.


وفي الآية من سورة الحجر: فيها الاكتفاء، والإيجاز؛ حيث أجمل ﴿ وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ ﴾ [الحجر: 16] ولم يذكر الكواكب والنجوم والشمس والقمر، فاكتفى بمدلول الزينة عن التفصيل.


وكذلك في ﴿ تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا ﴾ [الفرقان: 61] فيها توحيد الخالق، وتنزيهه عن الشريك فيما خلق.


إضافةً إلى الإطناب؛ حيث ذكر البروج والشمس والقمر.


الكناية؛ حيث كنَّى عن الشمس بأحد أوصافها، وهو السراج، فقد ذكرت الآية في سورة نوح هذه الصفة: ﴿ وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا ﴾ [نوح: 16].


ذكر التسلسل بالأهم، فذَكَر الشمس ثم القمر.


البيان العالي في النظم القرآني، ومراعاة النظير في (بروجًا) و(سراجًا)، ولو ذُكِرَت الشمس صراحة لما ناسب هذا البيان.


وفي هذه الآية من سورة نوح، نجد التشبيه المؤكد؛ حيث شبه الشمس بالسراج، والقمر بالنور.


* ومع هذه الآيات في سورة يس: ﴿ وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ * وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ * وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ * لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ﴾ [يس: 37 - 40]، قال في فتح القدير: "إن ذلك علامة دالة على توحيد الله وقدرته، ووجوب إلهيته؛ والسلخ: الكشط والنزع، يقال: سلخه الله من بدنه، ثم يُستعمَل بمعنى: الإخراج، فجعل الله ذَهاب الضوء، ومجيء الظلمة، كالسلخ من الشيء، وهو استعارة بليغة".


﴿ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ ﴾ [يس: 37]؛ أي: داخلون في الظلام فجأة وبغتة.


﴿ وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ﴾ [يس: 38]: يحتمل أن يكون الواو للعطف على الليل، والتقدير: وآية لهم الشمس، ويحتمل الواو ابتدائية، ويكون الكلام مستأنَفًا مشتملاً على ذكر آية مستقلة، وقيل: في الكلام حذف، والتقدير: تجري لمجرى مستقر لها.


﴿ وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ ﴾ [يس: 39]، وانتصاب منازل: على أنه مفعول به ثانٍ؛ لأن قدَّرنا بمعنى: صيَّرْنَا، ويجوز: أن يكون منتصبًا على الظرفية؛ أي: في منازل، والمنازل هي الثمانية والعشرون التي ينزل القمر في كل ليلة في واحد منها، فإذا صار القمر في آخرها عاد إلى أولها، فيقطع الفلك في ثمانٍ وعشرين ليلة، ثم يستتر ليلتين، ثم يطلع هلالاً.



﴿ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ [يس: 39]: قال الزَّجَّاج: العُرجون: هو عود العِذْق الذي في الشماريخ، وهو فُعْلون: من الانعراج، وهو الانعطاف؛ أي: سار في منازله، فإذا كان في آخرها دق واستقوس وصغُر، حتى صار كالعرجون القديم.


وقال الخليل: العُرجون أصل العِذْق، وهو أصفر عريض يشبه الهلال إذا انحنى.


﴿ لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ ﴾ [يس: 40]؛ أي: لا يصح، ولا يمكن للشمس أن تدرك القمر في سرعة السير، وتنزل في المنزل الذي فيه القمر.


﴿ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ ﴾ [يس: 40]؛ أي: لا يسبقه فيفوته، ولكن يعاقبه، ويجيء كل واحد منهما في وقته.


﴿ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ﴾ [يس: 40]: التنوين في (كلّ) عِوض عن المضاف إليه؛ أي: كل واحد منهما، والفَلَك: هو الجسم المستدير، أو السطح المستدير، أو الدائرة، والسبح: السير بانبساط وسهولة، والجمع في قوله: ﴿ يَسْبَحُونَ ﴾ باعتبار اختلاف مطالعهما، فكأنهما متعددان بتعددها، أو المراد الشمس والقمر والكواكب.


يقول صاحب كتاب الإعجاز العلمي:
"وينتج عن الحركة المحورية للنجوم والكواكب قوة طرد مركزية، تحتفظ للنجم أو للكوكب بموقعه في مداره على بُعد ثابت بينه وبين النجم الأُم، وتتمثل العوامل التي تؤثر في استمرار حدوث ربط النجوم والكوكب بعضها بالبعض الآخر في الآتي:
كتلة الشمس الأم.
الدوران المحوري للشمس.
قوة الجذب للشمس.
كتلة كل كوكب تابع للشمس.
استمرار الدوران المحوري لكل كوكب في سرعة ثابتة له.
قوة الطرد المركزية لكل كوكب.
المسافة الفاصلة بين الشمس وكل كوكب.


وعلى الرغم من تعدد هذه العوامل، وطول الفترة الزمنية لعملها منذ بداية نشوئها حتى اليوم، والتي تقدر بملايين السنين، إلا أن الشموس والنجوم والكواكب ظلت تعمل بقدر، ولم يصبها خلل أو زلل؛ ذلك لأنها تعمل وهي مُسَخَّرة بأمر الله - عز وجل - ولا تخضع للصدفة أو العشوائية، وإنَّ حدوث أي نوع من الاضطراب في أي عامل من العوامل السابقة يؤدي إلى تفكك قُوَى الربط بين الشمس الأم وكواكبها، وينجم عن ذلك انفجار وانشطار، وانشقاقها، وهذا لا يحدث إلا إذا قضى الله - سبحانه وتعالى - فاطِرُها وخالِقُها بأن يكون" ا.هـ، ص247.


وفي الموسوعة الكونية الكبرى فَرَّق بين الجري والسباحة، يقول عن الشمس:
"فإن جريها لمكان تستقر فيه لا يتحقق بمجرد سبحها في فلك ثابت غير منتقل في الفضاء، بل إنه يتحقق إذا كانت تسبح في فلك، بشرط أن تكون السباحة مقرونة بحركة جري، أو انتقال سريع لهذا الفلك في الفضاء؛ لكي تبلغ بهذا الجري المستقَرَّ المقدر لها"؛ مجلد 2، ج 4، ص481.


البلاغة:
الاستعارة في قوله: ﴿ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ ﴾، فالمستعار منه السلخ الذي هو كشط الجلد عن الشاة، والمستعار له كشف الضوء عن مكان الليل، ويترتب على سلخ النهار الظلمة، وهي استعارة تصريحية مرشحة.


التوشيح، وفيه اختلاف القافية في كلمة ﴿ مُظْلِمُونَ ﴾.


تشابه الأطراف في ﴿ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ﴾، فجريان الشمس يحتاج للعزة، ووصولها للمستقر يحتاج للعلم.


الحذف من أجل جمال العبارة في ﴿ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ﴾؛ تقدير راجعة للعليم، والعزيز تحتاج إلى عظمة؛ أي: ذلك عظمة العزيز، وتقدير العليم.


الاكتفاء في آية: ﴿ وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ ﴾، والمنازل تعني زيادة النور فيه كل يوم؛ ليكون بدرًا، ثم يبدأ التراجع حتى يصبح كالعرجون القديم، فاكتفى بذكر نهايته.


التشبيه التام؛ حيث شبه القمر بالعرجون القديم، فجمع أركان التشبيه كافةً.


التقسيم، فذكر الشمس وجريانها لمستقرها، ثم القمر ومنازله.


(كلٌّ) تنوين العوض، وهو عوض عن مضاف إليه؛ كي لا يعاد ذكر الشمس والقمر والكواكب.


السجع المرصَّع، بين "العليم" و"القديم".


المجاز المرسل؛ فالليل والنهار لا يسبحان، وإنما المقصود به لازم من لوازمهما، والقرينة على هذا ﴿ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ﴾ [يس: 40]، فمن لوازمهما سباحة الشمس والقمر والأرض.


الاستغناء بالجمع عن الإفراد في ﴿ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ﴾ [يس: 40]، كما فيها مراعاة الفاصلة مع الإرشاد، أو التمكين؛ حيث ختم بـ﴿ يَسْبَحُونَ ﴾؛ لأن الكواكب تسبح في الفضاء.


وفي سورة الزُّمَر، قال الله تعالى: ﴿ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ ﴾ [الزمر: 5]، قال في تفسير فتح القدير: "أي: لم يخلقهما باطلاً لغير شيء، ومن كان هذا الخلقُ العظيم خلقَه، استحال أن يكون له شريك أو صاحبة أو ولد، ثم بيَّن كيفية تصرفه في السموات والأرض، فقال: ﴿ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ ﴾ [الزمر: 5].


التكوير في اللغة: طرح الشيء بعضه على بعض، يقال: كوَّر المتاع: إذا ألقى بعضه على بعض، ومنه كوَّر العمامة، فمعنى تكوير الليل على النهار: تغَشِّيه إياه حتى يذهب ضوءه، ومعنى تكوير النهار على الليل: تغشِّيه إياه حتى تذهب ظلمته، وقيل: إن ما نقص من الليل دخل في النهار، وما نقص في النهار دخل في الليل، وهو معنى قوله تعالى: ﴿ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ ﴾ [الحج: 61].


﴿ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ ﴾ [الرعد: 2]؛ أي: جعلهما منقادين لأمره بالطلوع والغروب لمنافع العباد" ا. هـ.


وفي تفسير الشيخ طنطاوي جوهري، يقول: "إن التكوير هو اللف واللَّي، ويقال: كار العمامة على رأسه وكوَّرها، ولا جرم أن كل واحد من الليل والنهار في تتابعِهما أشبه بتتابع أكوار العمامة بعضها فوق بعض".


البلاغة:
الاستعارة؛ حيث استعار فعل "يكوِّر"؛ ليُعْلَم كيفية تتابع الليل والنهار.
رد العَجُز على الصدر في ﴿ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ ﴾ [الزمر: 5].
عظمة الله وقدرته في تسخير الشمس والقمر لما يريد.


وفي آية: ﴿ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ ﴾ [الحج: 61]، فيها من أسلوب البديع "العكس"؛ بحيث يؤتى بكلام يقدِّم جزءًا ويؤخِّر الآخر، ثم يأتي بالمؤخَّر مقدمًا.


وتذكر سورة الإسراء ظاهرة الدُّلوك، وغسق الليل والفجر، وهي من توابع السماء؛ لذلك لا بد للتعرُّض لهذه الظواهر من التفسير والبلاغة، قال الله تعالى: ﴿ أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا ﴾ [الإسراء: 78]، قال في فتح القدير: "أجمع العلماء على أن هذه الآية المرادُ بها الصلوات المفروضة، وقد اختلف العلماء في الدلوك على قولين:
أحدهما: أنه زوال الشمس عن كَبِد السماء.
والثاني: أنه غروب الشمس.


يقول الشوكاني: "والقول عندي أنه زوالها نصف النهار؛ لتكون الآية جامعة للصلوات الخمس، والمعنى: أقم الصلاة من وقت دلوك الشمس إلى غسق الليل، فيدخل فيها الظهر والعصر وصلاتا غسق الليل، وهما العشاءان، ثم قال: ﴿ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ ﴾ هذه خمس صلوات، وغسق الليل: اجتماع الظلمة".


وأما الشفق، فقد ورد في سورة الانشقاق: ﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ * وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ * وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ ﴾ [الانشقاق: 16 - 18]، قال في فتح القدير: "الشفق: الحمرة التي تكون بعد غروب الشمس إلى وقت العشاء الآخرة".


وفي الصحاح: "الشفق: بقية ضوء الشمس، وحمرتها في أول الليل إلى العَتَمَة".


﴿ وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ ﴾ [الانشقاق: 17]: الوسَق عند أهل اللغة: ضم الشيء بعضه إلى بعض.


قال الواحدي: المفسرون يقولون: "وما جمع وضم، وحوى ولف، والمعنى: أنه جمع وضم ما كان منتشرًا بالنهار في تصرفه، وذلك أنه إذا أقبل أوى كل شيء إلى مأواه".


﴿ وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ ﴾ [الانشقاق: 18]؛ أي: اجتمع وتكامل.


قال الفَرَّاء: "اتساقه: امتلاؤه واجتماعه، واستواؤه ليلة ثلاثَ عشرة، وأربع عشرة، إلى ست عشرة" ا. هــ.


وفي كتاب الإعجاز يقول: "ويفسر بعض العلماء الشفق بأنه الوقت الخاشع المرهوب بعد الغروب - نقله عن الظلال لسيد قطب - ويحدد العِلم الشفق بأنه تدرج الضوء على دائرة الأفق المرئي من جهة شروق الشمس، ومن جهة غروبها كذلك، أو بمعنى آخر: فإن الشفق هو الحد الفاصل لحالة الضوء بين ظلام الليل المعتم، ونور الفجر المبصر، ويحدد الفلكيون وقت الشفق والفجر بأن الشفق: هو وقت مغيب الشمس تحت الأفق بالنسبة للراصد، ويشع الضوء على جزء كبير من الهواء بالأفق، وتعمل الذرات والجسيمات الدقيقة من الأتربة على انعكاس الأشعة الضوئية، ومن ثم يبدو الجزء الذي يقع فوق المماس الأرضي مضيئًا في حين الجزء الذي يقع تحته مظلمًا، وكلما هبَطتِ الشمس تحت الأفق يقل الجزء المضيء تدريجيًّا إلى أن ينعدم الضوء الذي يصل مباشرة من الشمس، ويلاحظ بأن هناك فرقًا مميزًا بين شفق الصباح وشفق المساء؛ ففي المساء يبدو ضوء الشمس الذي تعكسه ذرات الأتربة المعلقة في الهواء مصفرًّا عند الغروب، ومُبْيضًا عند ابتداء الليل، أما عند الشروق، فإن الفجر يبدأ بظهور الضوء الأبيض ثم يصفَرُّ تدريجيًّا حتى ينتهي باللون الأحمر عند طلوع الشمس" ا. هـ.


البلاغة:
حروف الجر ينوب بعضها عن بعض، ﴿ لِدُلُوكِ ﴾؛ أي: من دلوك، كما ورد في تفسير الآية سابقًا.


التدبيج: وذلك في روعة البيان في الآية كاملة، وهو نوع من الطباق، دلوك الشمس وغسق الليل.


الكناية؛ حيث كنى عن دخول وقت صلاة الظهر بالدلوك.


الإيجاز؛ لأن وقت العصر قد دخل فيها ضمن وقت الدلوك.


إلى: تفيد ابتداءَ الغاية، وكنى ببدء الغسق عن صلاة المغرب: ﴿ إِلَى غَسَقِ ﴾، كما اكتفى بذكر الغسق عن ذكر صلاة العشاء: ﴿ غَسَقِ اللَّيْلِ ﴾؛ لأنه يطلق على صلاة المغرب والعشاء: "العشاءان".


التعبير بالجزء وهو يشتمل على الكل، كما في: ﴿ قُرْآنَ الْفَجْرِ ﴾؛ حيث أراد صلاة الفجر؛ فالقرآن جزء مما في الصلاة.


الالتفات، من المخاطب إلى الغَيبة ﴿ أَقِم ﴾ ﴿ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ ﴾.


وفي آيات الانشقاق:
فيها القسم؛ دلالة على أهمية المقسم به، ولفت النظر إليه.
فلا أقسم: بمعنى: أقسم، وهي للتأكيد.
السجع، عند مقاطع الآيات.
التفويت، وهو نوع من البيان يُذْكر فيه معانٍ شتى من الوصف.
العنوان، وهو نوع من البيان للَفْت النظر إلى القوانين العلمية فيما خلق الله، وهنا لفت النظر إلى علم الفلك.


وفي سورة التوبة، قال الله تعالى: ﴿ إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ﴾ [التوبة: 36]، ورد في تفسير فتح القدير: "﴿ إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ؛ أي: عدد شهور السنة عند الله في حكمه وقضائه وحكمته: اثنا عشر شهرًا ﴿ فِي كِتَابِ اللَّهِ فيما أثبته في كتابه، وفي هذه بيان أن الله سبحانه وضع هذه الشهور وسماها بأسمائها على الترتيب المعروف يوم خلق السموات والأرض، ﴿ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ هي: ذو القَعْدة، وذو الحِجة، والمحرم، ورجب، ثلاثة سَرْد، وواحد فرد، كما ورد بيان ذلك في السُّنة المطهرة، ﴿ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ؛ أي: كون هذه الشهور كذلك، ومنها أربعة حرم، هو الدين المستقيم، والحساب الصحيح، والعدد المستوفى" ا. هـ.


أقول: فهذا بيان واضح للناس بأن الله تعالى خفف عنهم عناء التفكير في حساب الشهور والسنين بوضع هذا القانون الإلهي المحكم.


وفي سورة البقرة، قال الله تعالى: ﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ ﴾ [البقرة: 189].


قال في فتح القدير: "الأهلَّة: جمع هلال، وجمعها باعتبار هلال كل شهر، أو كل ليلة؛ تنزيلاً لاختلاف الأوقات منزلة اختلاف الذوات، والهلال: اسم لما يبدو في أول الشهر وفي آخره.


﴿ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ: فيه بيان وجه الحكمة في زيادة الهلال ونقصانه؛ وأن ذلك لأجل بيان المواقيت التي يوقِّت الناس عباداتهم ومعاملاتهم بها، كالصوم، والفطر، والحج، ومدة الحمل، والعدة، والإجارات، والأيمان، وغير ذلك.


وإنما أفرد الله سبحانه الحج بالذكر؛ لأنه مما يحتاج فيه إلى معرفة الوقت، وقد جعل بعض علماء المعاني هذا الجواب - أعني قوله: ﴿ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ - من الأسلوب الحكيم، وهو: تلقِّي المخاطب بغير ما يترقب؛ تنبيهًا على أنه الأَوْلَى بالقصد، ووجه ذلك أنهم سألوا عن أجرام الأهلة باعتبار زيادتها ونقصانها، فأُجيبوا بالحكمة التي كانت تلك الزيادة والنقصان لأجلها" ا. هـ.


وفي سورة الإسراء بيان بأن القمر كان مشتعلاً فصار باردًا: ﴿ وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً ﴾ [الإسراء: 12].


قال في الموسوعة الكونية الكبرى: "لقد أثبت العلم الحديث أن القمر كان كوكبًا مشتعلاً عند نشوء الكون، ولكنه انطفأ بعد مرور ملايين السنين، وقد جاءت هذه النظرية الحديثة مطابقة للآية ﴿ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ؛ أي: أزلنا ضوء القمر؛ لأن القمر هو آية الليل، بينما آية النهار الشمس التي ظلت مبصرة ومشتعلة" ص490 - مج 2 - ج4.
البلاغة:
التفصيل بعد الإجمال؛ أي: بعد ذكر عدد الشهور ذكر: ﴿ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ﴾ [التوبة: 36].


الاختزال، وهو حذف فعل، أو اسم، أو حرف، أو أكثر؛ ﴿ فِي كِتَابِ اللَّهِ ﴾ هناك كلام مقدر محذوف؛ أي: مرقومة في كتاب الله.


تقدير الزمن قبل خلق الإنسان، دلالته: ﴿ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ ﴾.


أسلوب الحكيم - وهو أسلوب بلاغي - في ﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ ﴾، فكان الجواب بأكثر مما يريد السائل: ﴿قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ.


التعبير بالمجمل عن المفصَّل، الأهلة مجملة، ولكنه عبر بها عن تفصيل ما يحدث للقمر من حالات تغيُّر، وكذلك في كلمة "مواقيت"، فهي مواقيت يومية تعبِّر عن الأيام، ومواقيت شهرية تعبر عن الشهور، ومواقيت سنوية تعبر عن عدد انقضاء السنين.


الاختزال؛ حيث ذكر الحجَّ في الحاجة فيه إلى الأهلة، مع أن رمضان أيضًا بحاجة لها، وكذلك الزكاة، وأمور كثيرة، كما ورد في التفسير أعلاه.


أسلوب البديع في "العنوان"؛ حيث أشار إلى مجالات علمية لتعلُّمِ الفلك والمواقيت.


التفصيل بعد الإجمال، ويقال له: التقسيم، في ﴿ وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً ﴾ [الإسراء: 12].


الكناية؛ حيث كنَّى عن القمر بآية الليل، واستعار المحو عند سلبه الضياء بدل الإظلام.


وكذلك كنى عن الشمس بآية النهار، وأضفى على الشمس الحياة بصفة الإبصار ﴿ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً ﴾ [الإسراء: 12]، فاستعار للشمس البصر.

__________________
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 10:44 PM.