#1366
|
||||
|
||||
مثل لناقض العهد في القرآن
وضرب الله في ناقض العهد مثلًا فقال: وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ أَن تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ [النحل: 92]. فقال مثل الَّذي نقض العَهْد كَمثل الْغَزل الَّتِي نقضت تِلْكَ الْمَرْأَة الحمقاء. كان لعمرو بن كعب بن سعد بنت، تسمى ريطة، وكانت إذا غزلت الصوف أو شيئًا آخر نقضته لحمقها، فقال: ولا تنقضوا أي: لا تنكثوا العهود بعد توكيدها كما نقضت تلك الحمقاء غزلها، من بعد قوة من بعد إبرامه أنكاثًا، يعني نقضًا، فلا هو غزل تنتفع به، ولا صوف ينتفع به، فكذا الذي يعطي العهد ثم ينقضه لا هو وفى بالعهد إذا أعطاه، ولا هو ترك العهد فلم يعطه، وضرب مثلًا آخر لناقض العهد فقال: وَلاَ تَتَّخِذُواْ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا وَتَذُوقُواْ الْسُّوءَ بِمَا صَدَدتُّمْ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ [النحل: 94] أي: عهودكم بالمكر والخديعة، فتزل قدم بعد ثبوتها، يقول: إنَّ ناقض العهد يزل في دينه عن الطاعة كما تزل قدم الرجل بعد الاستقامة . |
#1367
|
||||
|
||||
نار الحلف في الجاهلية
كانوا في الجاهلية إذا أرادوا عقد حلف، أوقدوا النَّار وعقدوا الحلف عندها، ويذكرون خيرها، ويدعون بالحرمان من خيرها على من نقض العهد، وحلَّ العقد. قال العسكري: (وإنَّما كانوا يخصُّون النار بذلك؛ لأنَّ منفعتها تختص بالإنسان، لا يشاركه فيها شيءٌ من الحيوان غيره) . قال الزمخشري: (كانوا يوقدون نارًا عند التحالف، فيدعون الله بحرمان منافعها، وإصابة مضارها على من ينقض العهد، ويخيس بالعقد، ويقولون في الحلف: الدم الدم، والهدم الهدم، لا يزيده طلوع الشمس إلا شدًّا، وطول الليالي إلا مدًّا، ما بلَّ بحر صوفة، وما أقام رضوى بمكانه) . |
#1368
|
||||
|
||||
نقض العهد عند اليهود
إنَّ تاريخ اليهود مليءٌ بصفحاته السوداء، التي تبين حالهم تجاه العهود والمواثيق، فكم مرةً نقض اليهود عقودًا عقدوها، ومواثيق أبرموها، فلا يحفظون لأحد عهدًا، ولا يرعون له وعدًا، والقرآن الكريم سطر لنا الكثير من المواقف التي نقض فيها اليهود، العهود والمواثيق مع الأنبياء والمرسلين، ولم يحترموا عهودهم مع النَّبي صلى الله عليه وسلم بل نقضوها وحاولوا ***ه أكثر من مرة، كما حاولوا إشعال نار الفتنة بين صفوف المسلمين. قال ابن تيمية: (إن المدينة كان فيما حولها ثلاثة أصناف من اليهود، وهم: بنو قينقاع، وبنو النضير، وبنو قريظة، وكان بنو قينقاع والنضير حلفاء الخزرج، وكانت قريظة حلفاء الأوس، فلما قدم النَّبي صلى الله عليه وسلم هادنهم، ووادعهم مع إقراره لهم، ولمن كان حول المدينة من المشركين من حلفاء الأنصار على حلفهم، وعهدهم الذي كانوا عليه، حتى أنه عاهد اليهود على أن يعينوه إذا حارب، ثم نقض العهد بنو قينقاع، ثم النضير، ثم قريظة) . وقال ابن إسحاق: (حدَّثني عاصم بن عمر بن قتادة: أنَّ بني قينقاع كانوا أوَّل يهود نقضوا ما بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحاربوا فيما بين بدر وأحد. قال ابن هشام: وذكر عبد الله بن جعفر بن المسور بن مخرمة عن أبي عون قال: كان من أمر بني قينقاع أنَّ امرأة من العرب قدمت بجلب لها، فباعته بسوق بني قينقاع، وجلست إلى صائغ بها، فجعلوا يريدونها على كشف وجهها فأبت، فعمد الصَّائغ إلى طرف ثوبها فعقده إلى ظهرها، فلمَّا قامت انكشفت سوءتها فضحكوا بها، فصاحت، فوثب رجل من المسلمين على الصَّائغ ف***ه، وكان يهوديًّا، وشدَّ اليهود على المسلم ف***وه، فاستصرخ أهل المسلم المسلمين على اليهود، فغضب المسلمون، فوقع الشَّرُّ بينهم وبين بني قينقاع) . |
#1369
|
||||
|
||||
من أقوال الحكماء
- قالوا: من نقض عهده، ومنع رفده ، فلا خير عنده . - وقالوا: من علامات النفاق، نقض العهد والميثاق . - وقالوا: الغالب بالغدر مغلول، والناكث للعهد ممقوت مخذول . |
#1370
|
||||
|
||||
ذم نقض العهد في واحة الشعر قال كعب بن زهير: لشتَّانَ مَن يدعو فيوفي بعهدِه *** ومَن هو للعهدِ المؤكدِ خالعُ وقال المعري: تجنبِ الوعدَ يومًا أن تفوهَ به *** فإن وعدتَ فلا يذممك إنجازُ واصمتْ فإنَّ كلامَ المرءِ يهلكُه *** وإن نطقتَ فإفصاحٌ وإيجازُ وإن عجزتَ عن الخيراتِ تفعلُها *** فلا يكنْ دونَ تركِ الشرِّ إعجازُ وقال الغطفاني: أسميَّ ويحكِ هل سمعتِ بغدرةٍ *** رُفِع اللِّواءُ لنا، بها في مجمعِ وقال كعب بن مالك: فدونك واعلمْ أنَّ نقضَ عهودِنا *** أباه الملا منا الذين تبايعوا أباه البراءُ وابنُ عمروٍ كلاهما *** وأسعدُ يأباه عليكَ ورافعُ وقال آخر: نقض العهدَ خائسٌ بالأمانِ *** مستحلُّ محارمِ الرحمنِ سلبتنا الوفاءَ والحلمَ طوعًا *** فاعتلينا به بنو مروانِ ليتني كنتُ فيهم حسب العيـ *** ـشِ طليقًا أجرُّ حبلَ الأماني كلُّ عتبٍ تُعيرُنِيه الليالي *** فبسيفي جنيتُه ولساني وقال آخر: النَّاسُ من الْهوَى على أَصْنَافِ *** هَذَا نقض العَهْدِ وهذَا وافِ هَيْهَاتَ مِن الكدورِ تبغي الصافي *** لَا يصلحُ للحضرةِ قلبٌ جَافِ وقال آخر: يا بني الإسلامِ مَن علَّمكم *** بعد إذ عاهدتم نقضَ العهود كلُّ شيءٍ في الهوى مستحسنٌ *** ما خلا الغدرَ وإخلافَ الوعود
|
#1371
|
||||
|
||||
النَّمِيمَة معنى النَّمِيمَة لغةً واصطلاحًا معنى النَّمِيمَة لغةً: النَّمُّ: رَفْع الحديثِ على وجه الإشاعةِ والإفْسادِ. وقيل: تَزْيينُ الكلام بالكذب. من نمَّ يَنِمُّ ويَنُمُّ، فهو نَمومٌ ونَمَّامٌ ومِنَمٌّ، ونَمٌّ، من قَوْمٍ نَمِّينَ وأنِمَّاءَ ونُمٍّ، وهي نَمَّةٌ، ويقال للنَّمَّام القَتَّاتُ، ونَمَّامٌ مُبَالَغَةٌ، والاسمُ النَّمِيمَة، وأصل هذه المادة يدلُّ على إظهار شيء وإبرازه . معنى النَّمِيمَة اصطلاحًا: النَّمِيمَة: (نَـقْلُ الحديث من قومٍ إلى قوم على جهة الإفْسادِ والشَّرِّ) . وعرفها الغزالي بقوله: (إفشاء السرِّ، وهتك الستر عما يكره كشفه) . وقيل هي: (التحريش بين النَّاس والسعي بينهم بالإفساد) . |
#1372
|
||||
|
||||
الفرق بين النَّمِيمَة وبعض الصفات
- الفرق بين الغيبة والنَّمِيمَة: قال ابن حجر: (اختُلِفَ في الغيبة والنَّمِيمَة، هل هما متغايرتان أو متَّحدتان، والراجح التغاير، وأن بينهما عمومًا وخصوصًا وجيهًا؛ وذلك لأنَّ النَّمِيمَة نقل حال شخص لغيره على جهة الإفساد بغير رضاه، سواء كان بعلمه أم بغير علمه. والغيبة ذكره في غيبته بما لا يرضيه، فامتازت النَّمِيمَة بقصد الإفساد، ولا يشترط ذلك في الغيبة. وامتازت الغيبة بكونها في غيبة المقول فيه، واشتركا في ما عدا ذلك. ومن العلماء من يشترط في الغيبة أن يكون المقول فيه غائبًا، والله أعلم) . وقال ابن حجر الهيتمي: (كل نميمة غيبة، وليس كل غيبة نميمة، فإن الإنسان قد يذكر عن غيره ما يكرهه، ولا إفساد فيه بينه وبين أحد، وهذا غيبة، وقد يذكر عن غيره ما يكرهه وفيه إفساد، وهذا غيبة، ونميمة معًا) . - الفرق بين القتَّات والنَّمَّام: (القتَّات والنَّمام بمعنى واحد. وقيل: النمام الذي يكون مع جماعة يتحدثون حديثا فينم عليهم. والقتَّات: الذي يتسمع عليهم وهم لا يعلمون ثم ينم) . |
#1373
|
||||
|
||||
|
#1374
|
||||
|
||||
ذم النَّمِيمَة والنهي عنها
أولًا: في القرآن الكريم - قال تعالى: وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَّهِينٍ هَمَّازٍ مَّشَّاء بِنَمِيمٍ مَنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ [القلم: 10-13]. قال ابن كثير في قوله تعالى: (مَّشَّاء بِنَمِيمٍ يعني: الذي يمشي بين الناس، ويحرش بينهم وينقل الحديث لفساد ذات البين وهي الحالقة) . - وقال تعالى: وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ [الهمزة: 1]. (قيل: اللُّمزة: النَّمَّام. عن أبي الجوزاء، قال: قلت لابن عباس: من هؤلاء؟ هم الذين بدأهم الله بالويل؟ قال: هم المشاءون بالنَّمِيمَة، المفرِّقون بين الأحبَّة، الباغون أكبر العيب) . وقال مقاتل: (فأما الهمزة فالذي ينمُّ الكلام إلى الناس، وهو النَّمَّام) . - وقال تعالى: حَمَّالَةَ الْحَطَبِ [المسد: 4]. (قيل: كانت نمَّامة حمَّالة للحديث إفسادًا بين النَّاس، وسمِّيت النَّمِيمَة حطبًا؛ لأنَّها تنشر العداوة بين النَّاس، كما أنَّ الحطب ينشر النَّار. قال مجاهد: يعني حمَّالة النَّمِيمَة، تمشي بالنَّمِيمَة) . |
#1375
|
||||
|
||||
ثانيًا: في السنة النبوية
- عن حذيفة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يدخل الجنة نمَّام))، وفي رواية ((قتَّات)) . وبيَّن ابن الملقن المراد بعدم دخول الجنة للنَّمام بقوله: (وحمل على ما إذا استحل بغير تأويل مع العلم بالتحريم، أو لا يدخلها دخول الفائزين) . قال ابن بطَّال: (قال أهل التأويل: الهمَّاز الذي يأكل لحوم الناس، ويقال: هم المشاءون بالنَّمِيمَة المفرقون بين الأحبة، الباغون للبرآء العنت. والقتَّات: النَّمام عند أهل اللغة) . - وعن عبد اللّه بن مسعود رضي الله عنه قال: إنَّ محمدًا صلى الله عليه وسلم قال: ((ألا أُنبئكم ما العضة؟ هي النَّمِيمَة القالة بين النَّاس)). وإنَّ محمَّدًا صلى الله عليه وسلم قال: ((إنَّ الرَّجل يصدق حتَّى يكتب صدِّيقًا، ويكذب حتَّى يكتب كذَّابًا)) . قال المناوي: (... ((القالة بين النَّاس)). أي: كثرة القول، وإيقاع الخصومة بينهما، فيما يحكى للبعض عن البعض، وقيل: القالة بمعنى المقولة، وزعم بعضهم أنَّ القالة هنا جمع، وهم الذين ينقلون الكلام، ويوقعون الخصومة بين الناس) . وقال ابن عثيمين: (هي النَّمِيمَة: أن ينقل الإنسان كلام النَّاس بعضهم في بعض، من أجل الإفساد بينهم، وهي من كبائر الذنوب) . - وعن عبد الله بن عبَّاس رضي الله عنهما قال: ((مرَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم بقبرين، فقال: إنَّهما ليعذَّبان، وما يعذَّبان في كبير أمَّا أحدهما: فكان لا يستتر من البول، وأمَّا الآخر: فكان يمشي بالنَّمِيمَة فأخذ جريدة رطبة، فشقَّها نصفين، فغرز في كلِّ قبر واحدة فقالوا: يا رسول الله، لم فعلت هذا؟ قال: لعلَّه يخفِّف عنهما ما لم ييبسا)) . قال ابن بطَّال: (ومعنى الحديث: الحض على ترك النَّمِيمَة) . وقال ابن دقيق العيد: (في الحديث دليل على عظم أمر النَّمِيمَة، وأنَّها سبب العذاب، وهو محمول على النَّمِيمَة المحرَّمة) . وقال الشوكاني: (الحديث يدلُّ على نجاسة البول من الإنسان، ووجوب اجتنابه، وهو إجماع، ويدلُّ أيضًا على عظم أمره وأمر النَّمِيمَة، وأنَّهما من أعظم أسباب عذاب القبر) . وقال السيوطي: (قد ذكر بعضهم السرَّ في تخصيص البول، والنَّمِيمَة، والغيبة بعذاب القبر، وهو أنَّ القبر أول منازل الآخرة، وفيه أنموذج ما يقع في يوم القيامة من العقاب، والثواب. والمعاصي التي يعاقب عليها يوم القيامة نوعان: حقٌّ لله، وحقٌّ لعباده، وأوَّل ما يقضى فيه يوم القيامة من حقوق الله، الصلاة، ومن حقوق العباد، الدِّماء، وأمَّا البرزخ فيقضى فيه في مقدمات هذين الحقين ووسائلهما، فمقدمة الصَّلاة الطهَّارة من الحدث والخبث، ومقدمة الدَّماء النَّمِيمَة والوقيعة في الأعراض، وهما أيسر أنواع الأذى، فيبدأ في البرزخ بالمحاسبة والعقاب عليهما.) . |
#1376
|
||||
|
||||
أقوال السلف والعلماء في النَّمِيمَة
- قال رجل لعمر بن الخطَّاب رضي الله عنه: (يا أمير المؤمنين، احذر قاتل الثَّلاثة، قال: ويلك، من قاتل الثَّلاثة؟ قال: الرَّجل يأتي الإمام بالحديث الكذب، في*** الإمام ذلك الرَّجل بحديث هذا الكذَّاب، ليكون قد *** نفسه، وصاحبه، وإمامه) . - وقيل لمحمد بن كعب القرظي: أي خصال المؤمن أوضع له؟ فقال: كثرة الكلام، وإفشاء السرِّ، وقبول قول كلِّ أحد . - وروي أنَّ سليمان بن عبد الملك كان جالسًا وعنده الزهري، فجاءه رجل فقال له سليمان: بلغني أنَّك وقعت فيَّ، وقلت كذا وكذا. فقال الرجل: ما فعلت ولا قلت. فقال سليمان: إن الذي أخبرني صادق، فقال له الزهري: لا يكون النَّمام صادقًا. فقال سليمان: صدقت، ثُمَّ قال للرجل: اذهب بسلام . - وقال الحسن: من نمَّ إليك نمَّ عليك . - وعن عطاء بن السَّائب، قال: قدمت من مكَّة، فلقيني الشَّعبيُّ، فقال: يا أبا زيدٍ! أطرفنا ممَّا سمعت بمكَّة، فقلت: سمعت عبد الرَّحمن بن سابطٍ يقول: لا يسكن مكَّة سافك دمٍ، ولا آكل ربًا، ولا مشَّاءٍ بنميمةٍ، فعجبت منه حين عدل النَّمِيمَة بسفك الدَّم وأكل الرِّبا، فقال الشَّعبيُّ: وما يعجبك من هذا؟! وهل يسفك الدَّم وتركب العظائم إلَّا بالنَّمِيمَة؟! . - وقال أبو موسى الأشعري: (لا يسعى على الناس إلا ولد بغي) . - وسعى رجل إلى بلال بن أبي بردة برجل، وكان أمير البصرة، فقال له: (انصرف حتى أكشف عنك. فكشف عنه، فإذا هو لغير رشده، يعني ولد زنا) . - وقال قتادة: (ذكر لنا أنَّ عذاب القبر ثلاثة أثلاثٍ: ثلثٌ من الغيبة، وثلثٌ من البول، وثلثٌ من النَّمِيمَة) . - وقال ابن حزم: (وما في جميع الناس شرٌّ من الوشاة، وهم النَّمَّامون، وإنَّ النَّمِيمَة لطبع يدلُّ على نتن الأصل، ورداءة الفرع، وفساد الطبع، وخبث النشأة، ولابد لصاحبه من الكذب؛ والنَّمِيمَة فرع من فروع الكذب، ونوع من أنواعه، وكلُّ نمام كذاب) . - وقال أبو موسى عمران بن موسى المؤدب: (وفد على أنوشروان حكيم الهند، وفيلسوف الروم، فقال للهندي: تكلم. فقال: يا خير الناس، من ألقى سخيًّا، وعند الغضب وقورًا، وفي القول متأنيًا، وفي الرفعة متواضعًا، وعلى كل ذي رحم مشفقًا. وقام الرومي، فقال: من كان بخيلًا ورث عدوه ماله، ومن قلَّ شكره لم ينل النجاح، وأهل الكذب مذمومون، وأهل النَّمِيمَة يموتون فقراء، فمن لم يرحم سُلِّط عليه من لا يرحمه) . - ويقال: (عمل النَّمام أضرُّ من عمل الشيطان، فإنَّ عمل الشيطان بالوسوسة، وعمل النَّمام بالمواجهة) . |
#1377
|
||||
|
||||
آثار النَّمِيمَة
1- طريق موصل إلى النَّار. 2- تُذْكي نار العداوة بين المتآلفين. 3- تؤذي وتضرُّ، وتؤلم، وتجلب الخصام والنُّفور. 4- عنوان الدَّناءة، والجبن، والضِّعف، والدَّسُّ، والكيد، والملق، والنِّفاق. 5- مزيلة كلُّ محبَّة، ومبعدة كلُّ مودَّة، وتآلف، وتآخ . 6- عار على قائلها، وسامعها. 7- تحمل على التجسس، وتتبع أخبار الآخرين. 8- تُؤدي إلى قطع أرزاق الآخرين. 9- تُفرِّق وتُمزِّق المجتمعات الملتئمة. 10- النَّمِيمَة تحلق الدين: قال النَّبي صلى الله عليه وسلم: ((ألا أخبركم بأفضل من درجة الصلاة والصيام والصدقة؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: إصلاح ذات البيِّن، فإن فساد ذات البيِّن هي الحالقة، لا أقول تحلق الشعر ولكن تحلق الدِّين)) . 11- النَّمِيمَة تمنع نزول القطر من السماء: روى كعبٌ: أنَّه أصاب بني إسرائيل قحطٌ، فاستسقى موسى صلَّى الله عليه وسلم مرَّاتٍ فما أجيب، فأوحى الله تعالى إليه أنِّي لا أستجيب لك ولا لمن معك، وفيكم نمَّامٌ، قد أصرَّ على النَّمِيمَة، فقال موسى: يا رب من هو حتَّى نخرجه من بيننا؟ فقال: يا موسى أنهاكم عن النَّمِيمَة، وأكون نمَّامًا؟! فتابوا بأجمعهم فسُقُوا . 12- النَّمِيمَة تجعل صاحبها ذليلًا محتقرًا: اتبع رجل حكيمًا سبعمائة فرسخ في سبع كلمات، فلما قدم عليه قال: إنِّي جئتك للذي آتاك الله تعالى من العلم، أخبرني عن السماء وما أثقل منها؟ وعن الأرض وما أوسع منها؟ وعن الصخر وما أقسى منه؟ وعن النَّار وما أحرَّ منها؟ وعن الزمهرير وما أبرد منه؟ وعن البحر وما أغنى منه؟ وعن اليتيم وما أذلَّ منه؟ فقال له الحكيم: البهتان على البريء أثقل من السموات، والحق أوسع من الأرض، والقلب القانع أغنى من البحر، والحرص والحسد أحرُّ من النار، والحاجة إلى القريب إذا لم تنجح أبرد من الزمهرير، وقلب الكافر أقسى من الحجر، والنَّمام إذا بان أمره أذل من اليتيم . 13- النَّمِيمَة تحرم صاحبها دخول الجنة. 14- النَّمِيمَة تفسد الدين والدنيا: قال أبو الفرج ابن الجوزي: (النَّمِيمَة تفسد الدين والدنيا، وتغيِّر القلوب، وتولِّد البغضاء، وسفك الدماء، والشتات) . |
#1378
|
||||
|
||||
حكم النَّمِيمَة
النَّمِيمَة محرَّمة في الكتاب، والسُّنة، والإجماع، وهي من كبائر الذنوب. قال تعالى: وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ [الهمزة: 1]. وقال النَّبي صلى الله عليه وسلم: (لا يدخل الجنة نَمَّام). وقال ابن باز: (هي من الكبائر ومن أسباب البغضاء والشحناء بين المسلمين، فالواجب الحذر منها) . وقال ابن عثيمين: (النَّمِيمَة من كبائر الذنوب، وهي سببٌ لعذاب القبر، ومن أسباب حرمان دخول الجنة) . |
#1379
|
||||
|
||||
أقسام النَّمِيمَة
للنَّميمة ثلاثة أقسام، وهي كما يلي: 1- النَّمِيمَة المحرمة: هي نقل الكلام بين الناس على جهة الإفساد والإيقاع بينهم، دون وجود مصلحة شرعية في نقل الكلام. 2- النَّمِيمَة الواجبة: وهي التي تكون للتحذير من شرٍّ واقع على إنسان ما، فيُخبر بذلك الشر ليحذره. وقال ابن الملقن وهو يتحدث عن النَّمِيمَة: (أمَّا إذا كان فعلها نصيحة في ترك مفسدة أو دفع ضرر، وإيصال خير يتعلق بالغير لم تكن محرمة ولا مكروهة، بل قد تكون واجبة أو مستحبة) . قال النووي: (وهذا كله إذا لم يكن في النقل مصلحة شرعية، وإلا فهي مستحبة، أو واجبة، كمن اطلع من شخص أنه يريد أن يؤذي شخصًا ظلمًا فحذَّره منه) . 3- النَّمِيمَة المباحة: قال ابن كثير وهو يتحدث عن النَّمِيمَة: (فأمَّا إذا كانت على وجه الإصلاح بين النَّاس وائتلاف كلمة المسلمين، كما جاء في الحديث: ((ليس بالكذاب من يَنمَّ خيرًا)) ، أو يكون على وجه التخذيل والتفريق بين جموع الكفرة، فهذا أمر مطلوب، كما جاء في الحديث: ((الحرب خدعة)) ، وكما فعل نعيم بن مسعود في تفريقه بين كلمة الأحزاب وبين قريظة، وجاء إلى هؤلاء فنمى إليهم عن هؤلاء كلامًا، ونقل من هؤلاء إلى أولئك شيئًا آخر، ثم لأم بين ذلك، فتناكرت النفوس وافترقت، وإنَّما يحذو على مثل هذا الذَّكاء والبصيرة النافذة) . قال النَّووي: (فلو دعت إلى النَّمِيمَة حاجةٌ فلا منع منها، كما إذا أخبره أنَّ إنسانًا يريد الفتك به أو بأهله أو بماله، أو أخبر الإمام أو من له ولايةٌ بأنَّ فلانًا يسعى بما فيه مفسدةٌ، ويجب على المتولِّي الكشف عن ذلك) . وقسَّم النَّبي صلى الله عليه وسلم قسمةً، فقال رجلٌ من الأنصار: والله ما أراد محمدٌ بهذا وجه الله، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فتمعَّر وجهه، وقال: ((رحم الله موسى، لقد أُوذي بأكثر من هذا فصبر)) . قال ابن بطَّال: (في هذا الحديث من الفقه أنَّه يجوز للرجل أن يخبر أهل الفضل والستر من إخوانه بما يقال فيهم مما لا يليق بهم؛ ليعرفهم بذلك من يؤذيهم من الناس وينقصهم، ولا حرج عليه في مقابلته بذلك وتبليغه له. وليس ذلك من باب النَّمِيمَة؛ لأنَّ ابن مسعود حين أخبر النَّبي عليه السلام بقول الأنصاري فيه وتجويره له في القسمة، لم يقل له: أتيت بما لا يجوز، ونممت الأنصاري، والنَّمِيمَة حرام، بل رضي ذلك عليه السلام، وجاوبه عليه بقوله: ((يرحم الله موسى، لقد أُوذي بأكثر من هذا فصبر)) ، وإنَّما جاز لابن مسعود نقل ذلك إلى النَّبي عليه السلام؛ لأنَّ الأنصاري في تجويره للنَّبي عليه السلام استباح إثمًا عظيمًا، وركب جرمًا جسيمًا، فلم يكن لحديثه حرمة، ولم يكن نقله من باب النَّمِيمَة) . |
#1380
|
||||
|
||||
أسباب الوقوع في النَّمِيمَة
1- أن ينشأ الفرد في بيئة دأبها النَّمِيمَة والوقيعة بين الناس، فيحاكيها ويتأثر بها. 2- الإساءة للآخرين وإيقاع الإيذاء بهم. 3- الخوض في الباطل وفضول الحديث، للترويح عن النفس. 4- عدم ردع النَّمام وزجره بل استحسان عمله ومسايرته. 5- وجود الفراغ في حياة الفرد، فيشغل وقته بالحديث عن الآخرين وذكر مساوئهم. 6- الغضب والرغبة في الانتقام. 7- تتبع عورات الناس. 8- العمل لصالح أفراد أو جهات مشبوهة. 9- ضعف الإيمان في قلب النَّمَّام وعدم الخوف من الله ونسيان عذاب القبر وعذاب النار. 10- جهل النَّمَّام بالعواقب السيِّئة للنَّميمة التي تعود على الفرد والمجتمع. 11- الحسد للآخرين، وعدم حبِّ الخير لهم. الوسائل المعينة على ترك النَّمِيمَة: 1- توعية النَّمام بخطورة النَّمِيمَة. 2- استشعار عظمة هذه المعصية وأنَّها من الكبائر. 3- حفظ اللسان. 4- تصور خطر المصيبة التي يقترفها بإفساده للقلوب وتفريقه بين الأحبة. 5- التَّقرب إلى الله سبحانه وتعالى بكثرة الأعمال الصالحة، وتقديم رضاه على رضا المخلوقين. 6- استشعار الفرد أنَّ حفظ اللسان عن النَّمِيمَة يكون سببًا في دخوله الجنة. 7- تقوية الإيمان بالعلم النافع، والعمل الصالح. 8- عدم السماع لكلام النَّمَّام الذي ينمُّ به عن الآخرين. 9- تربية الفرد تربية إسلامية سليمة، قائمة على الآداب والتعاليم الإسلامية. 10- استغلال وقت الفراغ، بما ينفع الفرد. 11- كظم الغيظ والصبر على الغضب. 12- التأمل في سيرة السلف والاقتداء والتأسي بهم. 13- أن يعلم الفرد أنَّ الذين ينمُّ عليهم اليوم هم خصماؤه عند الله يوم القيامة. |
العلامات المرجعية |
الكلمات الدلالية (Tags) |
موسوعة, الاخلاق, الاسلامية, الشاملة |
|
|