#706
|
||||
|
||||
النُّبْل في واحة الشِّعر قال الشَّاعر: خصال النُّبْل في أهل المعالي***مفرَّقةٌ وأنت لها جماع وقال الشَّاعر: الملك والعِزَّة والمروءة والسُّـ***ـؤدد والنُّبْل واليسار معَا مجتمعان للعبد في طاعة اللـ***ــه إذا العبد أعمل الورعَا قال الشَّاعر: احذرِ الهَزْلَ وجانبْ أهله***إنَّه يُنقصُ مِن قدرِ النَّبِيل إن يُجبْ أو لا يجبْ قائله***فسفيهٌ أنت منه أو ذليل قال الشَّاعر: والعزُّ في حَسْم المطامع كلِّها***فإن استطعت فمُت وأنت نَبِيل قال ابن الفخار: وواصل أخاك بعِلَّاتِه***فقد يُلْبَسُ الثَّوبُ بعد البِلَى وقل كالذي قاله شاعرٌ***نَبِيلٌ وحقُّك أن تنبلا إذا ما خليلٌ أسا مرَّة***وقد كان في ما مضى مُجْمِلا ذكرتَ المقَدَّمَ مِن فعلِه***فلم يُفسدِ الآخِرُ الأوَّلا وقال الشَّاعر: نظمه عقدًا أنامل ماجد***له في مقامِ الفضلِ أرفعُ منصبِ نبيه نَبِيل ذي صفات حميدة***تُمَيِّزه بالـنُّـبْلِ في كلِّ موكبِ حريصٌ على كسبِ الفضائل مُذْ نَشَا***وقد يسبق الأقران فضل التَّكسُّبِ
|
#707
|
||||
|
||||
النَّزَاهَة معنى النَّزَاهَة لغةً واصطلاحًا معنى النَّزَاهَة لغةً:
أصل هذه المادة يدُلُّ على بعد في مكان وغيره، فالنزاهة مصدر نَزُهَ نَزاهةً، وتَنَــزَّهَ تنَزُّهًا، إذا بَعُدَ، ونَــزَّهَ نفْسَه عن القبيح: نَحَّاها، والنَّزاهةُ البُعْد عن السُّوء. وإنَّ فلانًا لنزيه كريم: إذا كان بعيدًا عن اللُّؤْم. والـتَّنَزُّه: أن يرفع نفسه عن الشَّيء تكرُّمًا، ورغبة عنه. وفلان يتَنَزَّه عن مَلَائم الأخْلَاق، أي: يترفَّع عمَّا يُذَمُّ منها . معنى النَّزَاهَة اصطلاحًا: قال المناوي: (النَّزَاهَة: اكتساب المال من غير مَهَانة، ولا ظُلْم، وإنفاقه في المصارف الحميدة) . وقال -أيضًا-: (النَّزَاهَة البُعْد عن السُّوء) . وقال أبو طالب المكي: (ومعنى التَّنَزُّه: التَّباعد من الدَّناءة والأوساخ) . |
#708
|
||||
|
||||
الفرق بين النَّزَاهَة والعِفَّة
قال أبو حيَّان التَّوحيدي: (قلت لبعض العلماء: العِفَّة والنَّزَاهَة خصلة واحدة. فقال لي: ظلمت... العِفَّة الإمساك عن المحظور، والنَّزَاهَة الوقوف عن المباح، وفي العِفَّة ذبٌّ عن الدِّين، وفي النَّزَاهَة حفظ للمروءة) . |
#709
|
||||
|
||||
النزاهة في الكتاب والسنة أولًا: في القرآن الكريم - قال تعالى: وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ [المدَّثر: 4].
قال ابن عبد البر: (تأوَّلوا قوله تعالى: (وثيابك فطهِّر)، على ما تأوَّله عليه جمهور السَّلف، من أنَّها طهارة القلب، وطهارة الجيب، ونزاهة الـنَّفْس عن الدَّنايا والآثام والذُّنوب) . - قال تعالى: يُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ [البقرة: 222]. قال الرَّازي: (أمَّا قوله تعالى: يُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ففيه وجوه أحدها: المراد منه الـتَّنْزِيه عن الذُّنوب والمعاصي؛ وذلك لأنَّ التَّائب هو الذي فعله ثمَّ تركه، والمتَطَهِّر هو الذي ما فعله تَنَزُّهًا عنه، ولا ثالث لهذين القسمين، واللَّفظ مُحْتمل لذلك؛ لأنَّ الذَّنب نجاسة روحانيَّة، ولذلك قال: إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ [التَّوبة: 28]، فتركه يكون طهارة روحانيَّة، وبهذا المعنى يُوصَف الله تعالى بأنَّه طاهر مُطَهَّر؛ من حيث كونه مُنَزَّهًا عن العيوب والقبائح) . |
#710
|
||||
|
||||
ثانيًا: في السُّنَّة النَّبويَّة - عن النُّعمان بن بَشير رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((الحلال بيِّن والحرام بيِّن، وبينهما مُشَبَّهات، لا يعلمها كثير من النَّاس، فمن اتَّقى المشَبَّهات، استبرأ لدينه وعِرْضه، ومن وقع في الشُّبهات، كرَاعٍ يرعى حول الحِمَى، يوشك أن يُوَاقعه، أَلَا وإنَّ لكلِّ ملك حِمَى، أَلَا إنَّ حِمَى الله في أرضه محارمه، أَلَا وإنَّ في الجسد مُضْغة، إذا صَلُحَت، صَلُح الجسد كلُّه، وإذا فَسَدَت، فَسَد الجسد كلُّه، أَلَا وهي القلب)) .
قال ابن رجب: (من اتَّقى الأمور المشْتبَهة عليه، التي لا تتبيَّن له: أحلال هي أو حرام؟ فإنَّه مُسْتَبرئ لدينه، بمعنى: أنَّه طالبٌ له البَرَاء والـنَّزَاهَة مما يُدَنِّسه ويُشِينه) . - وعن علي بن الحسين رضي الله عنهما ((أنَّ صفيَّة -زوج النَّبي صلَّى الله عليه وسلَّم- أخبرته: أنَّها جاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوره في اعتكافه في المسجد، في العشر الأواخر من رمضان، فتحدَّثت عنده ساعة، ثمَّ قامت تَنْقلب، فقام النَّبي صلى الله عليه وسلم معها يَقْلِبها، حتى إذا بلغت باب المسجد -عند باب أمِّ سَلَمة- مرَّ رجلان من الأنصار، فسلَّما على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لهما النَّبي صلى الله عليه وسلم: على رِسْلِكما، إنَّما هي صفيَّة بنت حُيي. فقالا: سبحان الله يا رسول الله! وكَبُر عليهما. فقال النَّبي صلى الله عليه وسلم: إنَّ الشَّيطان يبلغ من الإنسان مبلغ الدَّم، وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شيئًا)) . قال الماوردي: (هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أبعد خلق الله من الرِّيَب وأصونهم من التُّهم... فكيف من تخالجت فيه الشُّكوك، وتقابلت فيه الظَّنون؟ فهل يَعْرى مَن في مواقف الرِّيَب مِن قادح محقَّق، ولائم مُصدَّق؟) . - عن أبي الحوراء السَّعديِّ قال: قلت للحسن بن عليٍّ: ما حفظت من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم؟ قال: حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((دَعْ ما يُرِيبك إلى ما لا يُرِيبك..)) . فالنَّزَاهَة أن نصون النَّفس عن مواقف الرِّيبة، ونتنزَّه عن مساوئ الأخلاق، ونترفَّع عمَّا يُذَمُّ منها. - عن حكيم بن حزام رضي الله عنه قال: ((سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاني، ثم سألته فأعطاني، ثم سألته فأعطاني، ثم قال: يا حكيم، إنَّ هذا المال خَضِرة حُلْوة، فمن أخذه بسخاوة نفس، بورك له فيه، ومن أخذه بإشْراف نفس، لم يُـبَارك له فيه، كالذي يأكل ولا يشبع، اليد العُليا خير من اليد السُّفلى)) . قال النَّووي: (قال العلماء: إشْراف النَّفس، تطلُّعها إليه، وتعرُّضها له، وطمعها فيه. وأمَّا طِيب النَّفس، فذكر القاضي فيه احتمالين، أظهرهما: أنَّه عائد على الآخذ، ومعناه: مَن أخذه بغير سؤال، ولا إشْراف وتطلُّع، بورك له فيه. والثَّاني: أنَّه عائد إلى الدَّافع، ومعناه: مَن أخذه ممَّن يدفع منشرحًا بدفعه إليه، طَيِّب النَّفس، لا بسؤالٍ اضطرَّه إليه، أو نحوه ممَّا لا تطيب معه نفس الدَّافع) . وفي هذا الحديث: الحثُّ على النَّـزَاهَة والقناعة، والرِّضا بما تيسَّر، وإن كان قليلًا، والإجمال في الكَسْب، وأنَّه لا يغترُّ الإنسان بكثرة ما يَحْصُل له بإشْرافٍ ونحوه؛ فإنَّه لا يُبارك له فيه. |
#711
|
||||
|
||||
أقوال السَّلف والعلماء في النَّزَاهَة - قال عمر بن عبد العزيز: (إذا كان في القاضي خمس خصال، فقد كَمُل: علمٌ بما كان قَبله، ونَزَاهةٌ عن الطَّمع، وحِلْمٌ عن الخَصْم، واقتداءٌ بالأئمة، ومُشَاورة أهل العلم والرأي) . - وقال ابن حزم: (نَزَاهة النَّفس، وهذه صفة فاضلة مُتَرَكِّبة من النَّجدة والجود والعدل والفهم؛ لأنَّه فَهِم قلَّة الفائدة في استعمال ضدِّها، فاستعملها، وكانت فيه نجدة أنتجت له عزَّة نفسه، فتنزَّه، وكانت فيه طبيعة سخاوة نفس، فلم يهتمَّ لما فاته، وكانت فيه طبيعة عدل، حببت إليه القُنوُع وقلَّة الطَّمع) . - وقال الماوردي: (والنَّفس الشَّريفة تطلب الصِّيانة، وتُـرَاعي النَّزاهَة، وتحتمل من الضُّرِّ ما احتملت، ومن الشِّدَّة ما طاقت، فيبقى تحمُّلها ويدوم تصوُّنها، فتكون كما قال الشَّاعر: وقد يكتسي المرء خَزَّ الثِّياب***ومِن دونها حالُه مُضْنِيَه كما يكتسي خدُّه حُمْرة***وعَلَته وَرَم في الرِّيَه) - وقال ابن الجوزي: (دليل كمال صورة الباطن، حُسن الطَّبائع والأخلاق، فالطَّبائع: العِفَّة والنَّـزَاهَة والأنَفَة من الجهل، ومُبَاعدة الشَّرَه. والأخلاق: الكَرَم والإيثار وسَتْر العيوب، وابتداء المعروف، والحِلْم عن الجاهل. فمن رُزِق هذه الأشياء، رَقَّته إلى الكمال، وظهر عنه أشرف الخِلال، وإن نقصت خُلَّة، أوجبت النَّقص) .
- وقال أبو يزيد الفيض: (سألت موسى بن أَعْيَنَ عن قول الله عزَّ وجلَّ: إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ [المائدة: 27]، قال: تنزَّهوا عن أشياء من الحلال؛ مخافة أن يقعوا في الحرام، فسمَّاهم متَّقين) . |
#712
|
||||
|
||||
فوائد النَّزَاهَة 1- النَّزَاهَة طاعة لله سبحانه وتعالى.
2- النَّزَاهَة تحفظ النَّفس عن الانزلاق والانحراف. 3- النَّزَاهَة خُلُق يثمر أخلاقًا أخرى، كالقناعة والورع. 4- النَّزاهَة من ثمارها: محبَّة الله للعبد، ومِن ثَمَّ محبَّة النَّاس له. 5- المتحلِّي بالنَّزاهَة، يتحلَّى بخُلُق تحلَّى به رسول الله صلى الله عليه وسلم. 6- النَّزاهَة سبب من أسباب التَّقوى. |
#713
|
||||
|
||||
أقسام النَّزَاهَة قَسَّم الماوردي النَّزَاهَة إلى قسمين، فقال: (النَّزاهة نوعان: أحدهما: النَّزاهة عن المطامع الدَّنيَّة. والثَّاني: النَّزاهة عن مواقف الرِّيبة. فأمَّا المطامع الدَّنيَّة؛ فلأنَّ الطَّمَع ذلٌّ، والدَّناءة لُؤْم، وهما أدفع شيء للمروءة... وقال بعض الشُّعراء: لا تخضعنَّ لمخلوق على طمع***فإنَّ ذلك نقص منك في الدِّين واسترزق اللَّه ممَّا في خزائنه***فإنَّما هو بين الكاف والنُّون والباعث على ذلك شيئان: الشَّرَه، وقلَّة الأنَفَة، فلا يقنع بما أُوتي وإن كان كثيرًا، لأجل شَرَهه، ولا يستنكف ممَّا منع، وإن كان حقيرًا، لقلَّة أنَفَته. وهذه حال من لا يرضى لنفسه قدرًا، ويرى المال أعظم خطرًا، فيرى بذل أهون الأمرين لأجلِّهما مغنمًا، وليس لمن كان المال عنده أجل، ونفسه عليه أقل، إصغاءً لتأنيبٍ، ولا قبول لتأديب. وحَسْم هذه المطامع شيئان: اليأس، والقناعة... وأمَّا مواقف الرِّيبة: فهي التَّردُّد بين منزلتي حَمْدٍ وذمٍّ، والوقوف بين حالتي سلامةٍ وسقمٍ، فتتوجَّه إليه لائمة المتوهِّمين، ويناله ذِلَّة المريبين، وكفى بصاحبها موقفًا، إن صحَّ افتُضح، وإن لم يصح امتُهن. وقد قال النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم: ((دَعْ ما يرِيبك إلى ما لا يريبك)) . والدَّاعي إلى هذه الحال شيئان: الاسترسال، وحسن الظَّنِّ. والمانع منهما شيئان: الحياء والحذر. وربَّما انتفت الرِّيبة بحسن الثِّقة، وارتفعت التُّهمة بطول الخبرة) .
|
#714
|
||||
|
||||
من صور النَّزاهَة 1- التَّنَزُّه عن المال المشبوه: عن عائشة رضي الله عنها قالت: (كان لأبي بكر غلام يُخْرج له الخَراج، وكان أبو بكر يأكل من خَراجه، فجاء يومًا بشيء، فأكل منه أبو بكر، فقال له الغلام: تدري ما هذا؟ فقال أبو بكر: وما هو؟ قال: كنت تكهَّنت لإنسان في الجاهلية، وما أُحْسِن الكَهَانَة، إلَّا أنِّي خدعته، فلقيني، فأعطاني بذلك، فهذا الذي أكلتَ منه. فأدخل أبو بكر يده، فقاء كلَّ شيء في بطنه) . 2- التَّنَزُّه عن مواقف الرِّيبة: وقد تقدم أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم عندما أتته صفية تزوره في المسجد، وهو معتكف، ثم خرج ليوصلها، فرآه رجلان من الأنصار، فسلما عليه، فقال لهما النَّبي صلى الله عليه وسلم: ((على رِسْلِكما، إنَّما هي صفيَّة بنت حُيي)) . خوفًا من أن يقذف الشيطان في قلبيهما شيئًا فيهلكا. 3- التَّنَزُّه عن أشياء من الحلال، مخافة الوقوع في الحرام: (عن أبي يزيد الفيض، قال: سألت موسى بن أَعْيَنَ عن قول الله: إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ [المائدة: 27]، قال: تنزَّهوا عن أشياء من الحلال؛ مخافة أن يقعوا في الحرام، فسمَّاهم متَّقين) . 4- التَّنَزُّه عن ذمِّ النَّاس وفُحْش القول: قال الماوردي: (النَّزَاهَة عن الذمِّ كرم، والتَّجاوز في المدح مَلَقٌ يصدر عن مَهَانة. والسَّرَف في الذمِّ انتقام يصدر عن شَرٍّ، وكلاهما شَيْن، وإن سَلِم من الكذب) . قال الشَّاعر: نزَّهت لفظي عن فُحْش وقلت هم***عَرَبٌ وفي حيِّهم يا غربة الذِّمم
|
#715
|
||||
|
||||
موانع اكتساب النَّزَاهَة
1- الطَّمع في الدُّنْيا ونسيان الآخرة. قال ابن حزم: (ولولا الطَّمع، ما ذلَّ أحدٌ لأحدٍ) . 2- الشَّرَه، وحبُّ التَّوسُّع في جمع الأموال. 3- الجبن؛ لأنَّه يُولِّد المهَانَة والذُّلَّ. 4- البخل والشُّحُّ؛ لأنَّه يُوَلِّد الطَّمع. قال ابن حزم: (فإذًا نَزَاهة النَّفس مُتَـرَكِّبة من هذه الصِّفات -أي: النَّجدة والجود والعدل والفهم- فالطَّمع الذي هو ضدُّها، مُتَـرَكِّب من الصِّفات المضادَّة لهذه الأربع الصِّفات، وهي: الجبن والشُّح والجَوْر والجهل) . 5- الانهماك في الشَّهوات. |
#716
|
||||
|
||||
الوسائل المعينة على اكتساب النَّزَاهَة 1- الدُّعاء: كان من دعائه صلى الله عليه وسلم الهِدَاية إلى أحسن الأخلاق، فكان يقول: ((واهدني لأحسن الأخلاق، لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عنِّي سيِّئها، لا يصرف عنِّي سيِّئها إلا أنت)) . 2- القناعة والبُعْد عن الطَّمع:
عن عبد الله بن عمرٍو رضي الله عنهما، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((قد أفلح من أسلم، ورُزِق كفافًا، وقَنَّعه الله)) . وقال ابن حجر: (وفيه إشارةٌ إلى فضل القناعة، وذمِّ الشَّرَه) . 3- النَّجدة والجود والعدل: قال ابن حزم: (نَزَاهة النَّفس، وهذه صفة فاضلة مُتَـرَكِّبة من النَّجدة والجود والعدل والفهم؛ لأنَّه فَهِم قلَّة الفائدة في استعمال ضدِّها، فاستعملها، وكانت فيه نجدة أنتجت له عزَّة نفسه، فتنزَّه، وكانت فيه طبيعة سخاوة نفس، فلم يهتمَّ لما فاته، وكانت فيه طبيعة عدل، حبَّبت إليه القُنوُع وقلَّة الطَّمع. فإذًا نَزَاهة النَّفس مُتَـرَكِّبةٌ من هذه الصِّفات) . 4- الزُّهد عمَّا في أيدي النَّاس. 5- عدم مصاحبة أهل الطَّمع والشَّرَه. |
#717
|
||||
|
||||
نماذج للنَّزَاهة من حياة النَّبي صلى الله عليه وسلم - وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النَّبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إنِّي لأنقلب إلى أهلي، فأجد التَّمرة ساقطة على فراشي، فأرفعها لآكلها، ثمَّ أخشى أن تكون صدقة، فألقيها))
|
#718
|
||||
|
||||
نماذج للنَّزَاهة من حياة السلف
أبو بكر الصِّدِّيق رضي الله عنه: - عن الحسن بن علي رضي الله عنه قال: (لما احتضر أبو بكر رضي الله عنه قال: يا عائشة، انظري اللَّقحة التي كنَّا نشرب من لبنها، والجَفْنة التي كنَّا نصْطَبح فيها، والقطيفة التي كنَّا نلبسها، فإنَّا كنَّا ننتفع بذلك حين كنَّا في أمر المسلمين، فإذا مِت فاردديه إلى عمر، فلمَّا مات أبو بكر رضي الله عنه، أرسلت به إلى عمر رضي الله عنه، فقال عمر رضي الله عنه: رضي الله عنك يا أبا بكر، لقد أتعبت من جاء بعدك) . عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه: - عن عمر رضي الله عنه قال: (إنَّه لا أجده يحلُّ لي أن آكل من مالكم هذا، إلَّا كما كنت آكل من صلب مالي: الخبز والزَّيت، والخبز والسَّمن، قال: فكان ربَّما يُؤْتى بالجَفْنة قد صُنعت بالزَّيت، وممَّا يليه منها سمن، فيعتذر إلى القوم، ويقول: إنِّي رجل عربي، ولست أستمري الزَّيت) . - وعن زيد بن أسلم: (أنَّ عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه شرب لبنًا فأعجبه، فقال للذي سقاه: من أين لك هذا اللَّبن؟ فأخبره أنَّه ورد على ماء قد سمَّاه، فإذا نَعَمٌ من نَعَمِ الصَّدقة، وهم يسقون، فحلبوه لي مِن ألبانها، فجعلته في سقائي، وهو هذا، فأدخل عمر يده فاستقاءه) . سالم بن عبد الله بن عمر: - دخل هشام بن عبد الملك إلى الكعبة، فإذا هو بسالم، فقال له: سَلْني حاجتك. فقال: إنِّي أستحي من الله أن أسأل في بيته غيره، فلمَّا خرجا منها، قال: الآن قد خرجت منها فاسأل، فقال: والله ما سألت الدُّنْيا ممن يملكها، فكيف أسأل فيها من لا يملكها؟ . عمر بن عبد العزيز: - كان عمر بن عبد العزيز قد طلق نفسه عن الفيء، فلم يُرْزق منه شيئًا إلَّا عطاءه مع المسلمين، فدخل عليه ابن أبي زكريا، فقال: يا أمير المؤمنين، إنِّي أريد أن أكلِّمك بشيء، قال: قل. قال: قد بلغني أنَّك ترزق العامل من عمالك ثلاث مائة دينار. قال: نعم. قال: ولم ذلك؟ قال: أردت أن أغنيهم عن الخيانة. قال: فأنت، يا أمير المؤمنين، أولى بذلك. قال: فأخرج ذراعه، وقال: يا ابن أبي زكريا، إن هذا نَبَت من الفيء، ولست معيدًا إليه منه شيئًا أبدًا . - وقال عمرو بن مهاجر: (اشتهى عمر بن عبد العزيز تفَّاحًا، فأهدى له رجل -من أهل بيته- تفَّاحًا، فقال: ما أطيب ريحه وأحسنه! ارفعه يا غلام للذي أتى به، وأقرئ فلانًا السَّلام، وقل له: إنَّ هديَّتك وقعت عندنا بحيث نُحِبُّ. فقلت: يا أمير المؤمنين، ابن عمك، ورجل من أهل بيتك، وقد بلغك أنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم كان يأكل الهديَّة. فقال: ويحك! إنَّ الهديَّة كانت للنَّبي صلى الله عليه وسلم هديَّة، وهذه لنا رشوة) . طلحة بن عبد الله بن طاهر: - (كان طلحة بن عبد الله بن طاهر، يُـنَادم أحمد بن أبي خالد الأحول، فأطال مُنَادَمته، وبلغه أنَّ عليه عَيْلة ودينًا، فوجَّه إليه أحمد بن أبي خالد ألف ألف درهم، فحلف الطَّاهري أن لا يقبلها، فبلغ إبراهيم بن العبَّاس، فقال: لله دَرُّ أحمد متبرِّعًا، ودَرُّ الطَّاهري متنزِّهًا) . |
#719
|
||||
|
||||
قالوا عن النزاهة
- نزِّه سمعك عن سماع الكذب، كما تنزِّه لسانك عن التَّفوُّه به . - وقال أعرابي: عِزُّ الـنَّزَاهَة، أشرف من سرور الفائدة . |
#720
|
||||
|
||||
النَّزَاهَة في واحة الشِّعر قال علي بن عبد العزيز القاضي: يقولون لي فيك انْقِبَاضٌ وإنَّما***رأوا رجلًا عن موقف الذُّل أحْجَما أرى النَّاس من داناهم هان عندهم***ومن أكَرَمَته عِزَّةُ النَّفس أُكْرِمَا ولم أقضِ حقَّ العلم إن كان كلَّما***بدا طمعٌ صيَّرته لي سلَّما وما كلُّ برقٍ لاح لي يَسْتَفِزُّنِي***ولا كلُّ من لاقيت أرضاه مُنْعِمَا إذا قيل هذا مَنْهَل قلت قد أرى***ولكنَّ نفسَ الحرِّ تحتملُ الظَّما أُنَهْنِهُها عن بعض ما لا يشينُها***مخافةَ أقوالِ العِدَا فيم أوْ لِمَا ولم أبتذل في خدمة العلم مُهْجَتي***لأخدم من لاقيت لكن لأُخْدَما أأشقى به غرسًا وأجنيه ذِلَّة***إذًا فاتِّباع الجهل قد كان أحْزَما ولو أنَّ أهل العلم صانوه صانهم***ولو عظَّموه في النُّفوس لَعُظِّمَا ولكن أهانوه فهان ودنَّسوا***محيَّاه بالأطماع حتى تجهَّما قال الشَّاعر: أُنزِّه نَفسِي عَن أَذَى القَوْل والخنا***وإنِّي إِلى الإسلام والسِّلم أجنحُ وعقلي وديني والحياء يردُّني***عن الجَهْل لكنِّي عن الذَّنب أصفحُ |
العلامات المرجعية |
الكلمات الدلالية (Tags) |
موسوعة, الاخلاق, الاسلامية, الشاملة |
|
|