#256
|
||||
|
||||
مِن مظاهر قلَّة الحَيَاء
- المجاهرة بالذُّنوب والمعاصي وعدم الخوف مِن الله. - لبس النِّساء الكاسيات العاريات الملابس التي تصف الأجسام، أو الضَّيِّقة أو المفتوحة مِن الأعلى والأسفل. - حديث المرأة مع الرَّجل الأجنبي عند خروجها واختلاطها به. - التَّلفُّظ والتَّفوُّه بالألفاظ البذيئة والسَّيِّئة التي تجرح الآخرين. - كلام الرَّجل مع غيره بالأسرار الزَّوجية والأمور الخاصَّة التي تحصل بينه وبين زوجته. - كشف العورات و عدم سترها. |
#257
|
||||
|
||||
موانع اكتساب الحَيَاء
- الغناء: روى البيهقي وابن أبي الدُّنْيا عن أبي عثمان اللَّيثيِّ قال: قال يزيد بن الوليد النَّاقص: (يا بني أميَّة إيَّاكم والغناء؛ فإنَّه ينقص الحَيَاء، ويزيد في الشَّهوة، ويهدم المروءة) . - ارتكاب المعاصي: بيَّن ابن القيِّم أنَّ الذُّنوب والمعاصي تُذْهِب الحَيَاء فقال: (ومِن عقوباتها ذهاب الحَيَاء الذي هو مادَّة الحياة للقلب، وهو أصل كلِّ خير وذهاب كلِّ خير بأجمعه، وفي الصَّحيح عنه أنَّه قال: ((الحَيَاء خير كلُّه)). وقال: ((إنَّ ممَّا أدرك النَّاس مِن كلام النُّبوَّة الأولى: إذا لم تستح فاصنع ما شئت)). وفيه تفسيران: أحدهما أنَّه على التَّهديد والوعيد، والمعنى: مَن لم يستح فإنَّه يصنع ما شاء مِن القبائح؛ إذِ الحامل على تركها الحَيَاء، فإذا لم يكن هناك حياءٌ نزعه مِن القبائح، فإنَّه يواقعها، وهذا تفسير أبي عبيدة، والثَّاني: أنَّ الفعل إذا لم تستح فيه مِن الله فافعله، وإنَّما الذي ينبغي تركه ما يُستحى منه مِن الله، وهذا تفسير الإمام أحمد في رواية ابن هاني، فعلى الأوَّل يكون تهديدًا، كقوله: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ [فصِّلت:40]، وعلى الثَّاني يكون إذنًا وإباحة، فإن قيل فهل مِن سبيل إلى حمله على المعنيين؟ قلت: لا، ولا على قول مَن يحمل المشترك على جميع معانيه، لما بين الإباحة والتَّهديد مِن المنافاة، ولكن اعتبار أحد المعنيين يوجب اعتبار الآخر، والمقصود: أنَّ الذُّنوب تُضْعِف الحَيَاء مِن العبد حتى ربَّما انسلخ منه بالكلِّيَّة، حتى ربَّما أنَّه لا يتأثَّر بعلم النَّاس بسوء حاله، ولا باطِّلاعهم عليه، بل كثير منهم يخبر عن حاله وقبح ما يفعله، والحامل على ذلك انسلاخه مِن الحَيَاء، وإذا وصل العبد إلى هذه الحالة، لم يبق في صلاحه مطمع) . |
#258
|
||||
|
||||
الوسائل المعينة على اكتساب الحَيَاء
الحَيَاء موجود في فطرة الإنسان، وعلينا أن نجعله رفيقًا لنا في كلِّ أقوالنا وأفعالنا، وهناك بعض الوسائل التي تنمِّي هذه الصِّفة وتقوِّيها في نفوسنا، ومِن هذه الوسائل: 1- اتِّباع أوامر الله سبحانه والخوف منه، ومراقبته في كلِّ حين، واستشعار معيته. 2- اتِّباع سنَّة النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم والاقتداء به في حياته القوليَّة والفعليَّة. 3- غضُّ البصر عمَّا حرَّم الله سبحانه وتعالى، وعدم تتبُّع عورات الآخرين. 4- الصَّبر عن المعصية يعين على ملازمة الحَيَاء. 5- تربية الأولاد على الحَيَاء. 6- مجالسة مَن يتَّصف بصفة الحَيَاء. |
#259
|
||||
|
||||
نماذج مِن حَيَاء الأنبياء والمرسلين عليهم السلام حياء أبينا آدم وأمِّنا حواء:
إنَّ الحَيَاء خاصيَّة مِن الخصائص التي حبا الله بها الإنسان؛ ليبتعد عن مزاولة الذُّنوب والمعاصي والشَّهوات، وحينما أكل آدم وحواء مِن الشجرة التي نهاهما الله عن الأكل منها، بدت لهما سوءاتهما، فأسرعا يأخذان مِن أوراق الجنَّة ليسترا عوراتهما، فتحدَّث القرآن الكريم عن ذلك بقوله: فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ [الأعراف:22]. وهذا يدلُّ على أنَّ الإنسان مفطورٌ على الحَيَاء، وأمَّا قلَّة الحَيَاء فهي منافية للفطرة، بل مِن اتِّباع الشَّيطان. حياء نبي الله موسى عليه السَّلام: جاء في وصف موسى عليه السَّلام أنَّه كان حييًّا ستِّيرًا، حتى كان يستر بدنه، ويستحي أن يظهر ممَّا تحت الثِّياب شيئًا حتى ممَّا ليس بعورة. وبسبب تستُّره الزَّائد، آذاه بعض بني إسرائيل في أقوالهم، فقالوا: ما يبالغ في ستر نفسه إلَّا مِن عيب في جسمه، أو مِن أُدْرَة هو مصاب بها . فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ موسى كان رجلًا حييًّا ستِّيرًا، لا يُرَى مِن جلده شيء استحياءً منه، فآذاه مَن آذاه مِن بني إسرائيل، فقالوا: ما يستتر هذا التَّستُّر إلَّا مِن عيب بجلده، إمَّا برص وإمَّا أُدْرَة وإمَّا آفة. وإنَّ الله أراد أن يبـرِّئه ممَّا قالوا لموسى فخلا يومًا وحده، فوضع ثيابه على الحجر ثمَّ اغتسل، فلمَّا فرغ أقبل إلى ثيابه ليأخذها، وإنَّ الحجر عدا بثوبه، فأخذ موسى عصاه وطلب الحجر، فجعل يقول: ثوبي حجر! ثوبي حجر! حتى انتهى إلى ملإٍ مِن بني إسرائيل، فرأوه عريانًا أحسن ما خلق الله، وأبرأه ممَّا يقولون، وقام الحجر فأخذ ثوبه فلبسه، وطفق بالحجر ضربًا بعصاه، فو الله إنَّ بالحجر لندبًا مِن أثر ضربه ثلاثًا، أو أربعًا، أو خمسًا، فذلك قوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِندَ اللَّهِ وَجِيهًا [الأحزاب:69])) . |
#260
|
||||
|
||||
نماذج مِن حياء الأمم السَّابقة حياء امرأة صالحة: قال تعالى: فَجَاءتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاء قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ [القصص: 25]. وهذه الآية تتحدَّث عن حياء الابنة، حين جاءت إلى موسى عليه السَّلام تدعوه إلى أبيها ليجزيه على صنيعه، فجاءت إليه تمشي على استحياء . وقال عمر رضي الله عنه: (فأقبلت إليه ليست بسَلْفَعٍ مِن النِّساء، لا خرَّاجة ولا ولَّاجة، واضعة ثوبها على وجهها) . حياء العرب في الجاهليَّة: كان أهل الجاهليَّة يتحرَّجون مِن بعض القبائح بدافع الحَيَاء، فها هو هرقل يسأل أبا سفيان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول أبو سفيان: (فوالله لولا الحَيَاء مِن أن يأثروا عليَّ كذبًا لكذبت عنه) . فمنعه الحَيَاء، من الافتراء على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لئلَّا يوصف بالكذب، ويشاع عنه ذلك . قال عنترة: وأغض طرفي إن بدت لي جارتي***حتى يواري جارتي مأواها
|
#261
|
||||
|
||||
نماذج مِن حياء النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم كان النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أشدَّ النَّاس حياءً، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشدَّ حياءً مِن العذراء في خدرها )) . وكان إذا كره شيئًا عرفه الصَّحابة في وجهه.
قال تعالى: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا [الأحزاب: 21]. حياؤه مِن الله: ومِن مظاهر حيائه صلى الله عليه وسلم حياؤه مِن خالقه سبحانه وتعالى؛ وذلك لما طلب موسى عليه السَّلام مِن نبيِّنا صلى الله عليه وسلم في ليلة الإسراء أن يراجع ربَّه في تخفيف فرض الصَّلاة، قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم لموسى عليه السَّلام: ((استحييت مِن ربِّي)) . حياؤه مِن النَّاس: مِن ذلك ما جاء عن عائشة رضي الله عنها ((أنَّ امرأة سألت النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم عن غسلها مِن المحيض، فأمرها كيف تغتسل، ثمَّ قال: خذي فرصة مِن مسك فتطهَّري بها. قالت: كيف أتطهر بها؟ قالت: فستر وجهه بطرف ثوبه، وقال: سبحان الله! تطهَّري بها. قالت عائشة: فاجتذبت المرأة فقلت: تتبَّعي بها أثر الدم)) . - ومِن صور حيائه صلى الله عليه وسلم، ما جاء عن أنس بن مالك رضي الله عنه، حيث قال: ((بُنِيَ على النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم بزينب ابنة جحش بخبز ولحم، فأُرْسِلتُ على الطَّعام داعيًا، فيجيء قوم فيأكلون ويخرجون، ثمَّ يجيء قومٌ فيأكلون ويخرجون، فدعوت حتى ما أجد أحدًا أدعوه، فقلت: يا رسول الله، ما أجد أحدًا أدعوه. قال: ارفعوا طعامكم، وبقي ثلاثة رهط يتحدَّثون في البيت، فخرج النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم فانطلق إلى حجرة عائشة رضي الله عنها، فقال: السَّلام عليكم أهل البيت ورحمة الله وبركاته. قالت: وعليك السَّلام ورحمة الله، كيف وجدت أهلك يا رسول الله؟ بارك الله لك، فتقرَّى حُجَر نسائه كلِّهنَّ، يقول لهنَّ كما يقول لعائشة، ويقلن له كما قالت عائشة، ثمَّ رجع النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم، فإذا ثلاثة رهط في البيت يتحدَّثون، وكان النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم شديد الحَيَاء، فخرج منطلقًا نحو حُجْرة عائشة فما أدري أخبرته أم أُخْبِر أنَّ القوم خرجوا، فرجع حتى إذا وضع رجله في أُسكفَّة الباب داخله والأخرى خارجة، أرخى السِّتر بيني وبينه، وأنزلت آية الحجاب)) . حياؤه في تعامله مع مَن بلغه عنه شيء: عن عائشة رضي الله عنها قالت كان النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم ((إذا بلغه عن الرَّجل الشَّيء لم يقلْ: ما بال فلانٍ يقول؟ ولكن يقول: ما بال أقوامٍ يقولون كذا وكذا؟)) . |
#262
|
||||
|
||||
نماذج مِن حياء الصَّحابة رضي الله عنهم حياء أبي بكر الصِّدِّيق رضي الله عنه:
خطب الصِّدِّيق النَّاس يومًا، فقال: (يا معشر المسلمين، استحيوا مِن الله، فو الذي نفسي بيده إنِّي لأظلُّ حين أذهب الغائط في الفضاء متقنِّعًا بثوبي استحياءً مِن ربِّي عزَّ وجلَّ) . حياء عثمان بن عفَّان رضي الله عنه: عُرِف عثمان رضي الله عنه بشدَّة الحَيَاء، حتى أنَّ الملائكة كانت تستحي منه، فعن عائشة رضي الله عنها، قالت: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مضطجعًا في بيتي، كاشفًا عن فخذيه، أو ساقيه، فاستأذن أبو بكر فأذن له، وهو على تلك الحال، فتحدَّث، ثمَّ استأذن عمر، فأذن له، وهو كذلك، فتحدَّث، ثمَّ استأذن عثمان، فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسوَّى ثيابه - قال محمد: ولا أقول ذلك في يوم واحد - فدخل فتحدَّث، فلمَّا خرج، قالت عائشة: دخل أبو بكر، فلم تهتش له ولم تباله، ثمَّ دخل عمر فلم تهتش له ولم تباله، ثمَّ دخل عثمان فجلست وسوَّيت ثيابك، فقال: ألا أستحي مِن رجل تستحي منه الملائكة)) . حياء علي بن أبي طالب رضي الله عنه: عن عليٍّ رضي الله عنه قال: ((كنت رجلًا مذَّاءً فكنت أستحي أن أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم لمكان ابنته، فأمرت المقداد فسأله، فقال: يغسل ذكَرَه ويتوضَّأ)) . حياء عائشة رضي الله عنها: عن عائشة رضي الله عنها قالت: (كنت أدخل بيتي، الذي دُفِنَ فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي، فأضع ثوبي، فأقول إنَّما هو زوجي وأبي، فلمَّا دُفِنَ عمر معهم، فو الله ما دخلت إلَّا وأنا مَشْدُودَةٌ عليَّ ثيابي؛ حَيَاءً مِن عمر) . حياء فاطمة بنت عتبة رضي الله عنها: عن عائشة رضي الله عنها قالت: ((جاءت فاطمة بنت عتبة بن ربيعة تبايع النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم، فأخذ عليها أن لا يُشْرِكْنَ بالله شيئًا ولا يَزْنِينَ، الآية. قالت: فوضعت يدها على رأسها حَيَاءً، فأَعْجَبَ رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رأى منها، فقالت عائشة: أَقِرِّي أيَّتها المرأة، فوالله ما بايعنا إلَّا على هذا. قالت: فنعم إذًا. فبايعها بالآية)) . |
#263
|
||||
|
||||
نماذج مِن حياء السَّلف
- عن الشَّعَبي، قال: سمع عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه امرأة تقول: دعتني النَّفس بعد خروج عمرو***إلى اللَّذَّات تطَّلع اطِّلاعا فقلت لها عجلت فلن تطاعي***ولو طالت إقامته ربَاعا أحاذر أن أطيعك سبَّ نفسي***ومخزاة تحلِّلني قناعا فقال لها عمر: (ما الذي منعك مِن ذلك؟ قالت: الحَيَاء وإكرام زوحي. فقال عمر: إنَّ في الحَيَاء لهَنات ذات ألوان، مَن استحيى اختفى، ومَن اختفى اتَّقى، ومَن اتَّقى وُقِي) . - وقال الجرَّاح الحكمي: (تركت الذُّنوب حياءً أربعين سنة، ثمَّ أدركني الورع) . - ورُوِي أنَّ عمرو بن عتبة بن فرقد كان يصلِّي ذات ليلة، فسمعوا صوت الأسد، فهرب مَن كان حوله، وهو قائم يصلِّي فلم ينصرف، فقالوا له: أما خفت الأسد؟ فقال: إنِّي لأستحي مِن الله أن أخاف شيئًا سواه . - وقال جعفر الصَّانع: كان في جيران أبي عبد الله أحمد بن محمَّد بن حنبل، رجل ممَّن يمارس المعاصي والقاذورات، فجاء يومًا إلى مجلس أحمد يسلِّم عليه، فكأن أحمد لم يردَّ عليه ردًّا تامًّا وانقبض منه، فقال له: يا أبا عبد الله! لم تنقبض منِّي؟ فإنِّي قد انتقلت عمَّا كنت تعهدني برؤيا رأيتها. قال: وأيُّ شيء رأيت؟ قال: رأيت النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم في النَّوم كأنَّه على علوٍّ مِن الأرض، وناس كثير أسفل جلوس، قال: فيقوم رجلٌ رجلٌ منهم إليه، فيقول: ادع لي! فيدعو له حتى لم يبق مِن القوم غيري، قال: فأردت أن أقوم فاستحييت مِن قبيح ما كنت عليه، قال لي: يا فلان! لم لا تقوم إلي فتسألني أدعو لك؟ قال: قلت: يا رسول الله! يقطعني الحَيَاء لقبيح ما أنا عليه. فقال: إن كان يقطعك الحَيَاء فقم فسلني أدع لك فإنَّك لا تسبُّ أحدًا مِن أصحابي. قال: فقمت، فدعا لي، فانتبهت وقد بغَّض الله إليَّ ما كنت عليه. قال: فقال لنا أبو عبد الله: يا جعفر، يا فلان، حدِّثوا بهذا واحفظوه فإنَّه ينفع . - وكان الرَّبيع بن خُثَيم مِن شدَّة غضه لبصره وإطراقه يَظُنُّ بعض النَّاس أنَّه أعمى، وكان يختلف إلى منزل ابن مسعود عشرين سنة، فإذا رأته جاريته قالت لابن مسعود: صديقك الأعمى قد جاء، فكان يضحك ابن مسعود مِن قولها، وكان إذا دقَّ الباب تخرج الجارية إليه فتراه مطرقًا غاضًّا بصره . - ولما احتُضر الأسود بن يزيد بكى، فقيل له: ما هذا الجزع؟ قال: ما لي لا أجزع؟ ومَن أحقُّ منِّي بذلك؟ والله لو أُتيت بالمغفرة مِن الله لأهمَّني الحَيَاء منه ممَّا قد صنعت، وإنَّ الرَّجل ليكون بينه وبين الرَّجل الذَّنْب الصَّغير، فيعفو عنه، ولا يزال مستحييًا منه . |
#264
|
||||
|
||||
اشكرك على الافادة
|
#265
|
||||
|
||||
الحَيَاء في واحة الشِّعر قال الشَّاعر: إذا لم تخشَ عاقبةَ الليالي***ولم تستحِ فاصنعْ ما تشاءُ فلا واللهِ ما في العيشِ خيرٌ***ولا الدنيا إذا ذهب الحياءُ يعيشُ المرءُ ما استحيا بخيرٍ***ويبقَى العودُ ما بقي اللِّحاءُ وقال أميَّة بن أبي الصَّلت يمدح ابن جُدْعَان بالحَيَاء: أأذكرُ حاجتي أم قد كفاني***حياؤُك؟ إنَّ شيمتَك الحَيَاءُ إذا أثنى عليك المرءُ يومًا***كفاهُ من تعرُّضِك الثَّناءُ وقال آخر: إذا قلَّ ماءُ الوجهِ قلَّ حياؤهُ***فلا خيرَ في وجهٍ إذا قلَّ ماؤهُ حياءَك فاحفظْه عليك فإنَّما***يدلُّ على فضلِ الكريمِ حياؤهُ وقال آخر: كريمٌ يغضُّ الطَّرفَ فضلَ حيائِه***ويدنو وأطرافُ الرِّماحِ دواني وكالسَّيفِ إن لاينته لَانَ متنُه***وحدَّاهُ إن خاشنته خَشِنانِ وقال العرجي: إذا حُرِم المرءُ الحَيَاءَ فإنَّه***بكلِّ قبيحٍ كان منه جديرُ له قِحةٌ في كلِّ شيءٍ، وسرُّه***مباحٌ، وخدناه خنًا وغرورُ يرى الشَّتم مدحًا والدَّناءة رفعةً***وللسَّمع منه في العظات نفورُ ووجهُ الحَيَاء مُلبَّسٌ جلدَ رِقَّةٍ***بغيضٌ إليه ما يشينُ كثيرُ له رغبةٌ في أمرِه وتجرُّدٌ***حليمٌ لدى جهلِ الجهولِ وقورُ فرجِّ الفتى مادام يحيا فإنَّه***إلى خيرِ حالاتِ المنيبِ يصيرُ وقال آخر: ما إن دعاني الهوى لفاحشةٍ***إلَّا نهاني الحَيَاءُ والكَرَمُ فلا إلى فاحشٍ مددتُ يدي***ولا مَشَتْ بي لريبةٍ قدمُ
آخر تعديل بواسطة محمد رافع 52 ، 03-05-2013 الساعة 11:32 PM |
#266
|
||||
|
||||
الرَّحْمَة
معنى الرَّحْمَة لغةً واصطلاحًا معنى الرَّحْمَة لغةً: الرحمة: من رحمة يرحمه، رحمة ومرحمة، إذا رقَّ له، وتعطف عليه، وأصل هذه المادة يدلُّ على الرقة والعطف والرأفة، وتراحم القوم: رحم بعضهم بعضًا. ومنها الرَّحِم: وهي عَلاقة القرابة. وقد تطلق الرَّحْمَة، ويراد بها ما تقع به الرَّحْمَة، كإطلاق الرَّحْمَة على الرِّزق والغيث . معنى الرَّحْمَة اصطلاحًا: (الرَّحْمَة رقَّة تقتضي الإحسان إلى الْمَرْحُومِ، وقد تستعمل تارةً في الرِّقَّة المجرَّدة، وتارة في الإحسان المجرَّد عن الرِّقَّة) . وقيل: (هي رِقَّة في النفس، تبعث على سوق الخير لمن تتعدى إليه) . وقيل: هي (رِقَّة في القلب، يلامسها الألم حينما تدرك الحواس أو تدرك بالحواس، أو يتصور الفكر وجود الألم عند شخص آخر، أو يلامسها السُّرور حينما تدرك الحواس أو تدرك بالحواس أو يتصور الفكر وجود المسرة عند شخص آخر) . |
#267
|
||||
|
||||
الفرق بين الرَّحْمَة والرَّأفة قال ابن عاشور: (والرَّأفة: رِقَّة تنشأ عند حدوث ضر بالمرؤوف به. يقال: رؤوفٌ رحيم. والرَّحْمَة: رقَّة تقتضي الإحسان للمرحوم، بينهما عمومٌ وخصوص مطلق) .
وقال القفال: (الفرق بين الرَّأفة والرَّحْمَة: أنَّ الرَّأفة مبالغة في رحمة خاصة، وهي دفع المكروه وإزالة الضَّرر، كقوله: وَلا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ [النور: 2] أي: لا ترأفوا بهما فترفعوا الجلد عنهما، وأمَّا الرَّحْمَة فإنَّها اسم جامع، يدخل فيه ذلك المعنى، ويدخل فيه الانفصال والإنعام) . وقال أبو البقاء الكفوي: (الرَّحْمَة هي أن يوصل إليك المسار، والرَّأفة هي أن يدفع عنك المضار... فالرَّحْمَة من باب التزكية، والرَّأفة من باب التَّخلية، والرَّأفة مبالغة في رحمة مخصوصة، هي رفع المكروه وإزالة الضر، فذكر الرَّحْمَة بعدها في القرآن مطردًا لتكون أعم وأشمل) . وقيل: (الرَّأفة أشد من الرَّحْمَة)، وقيل: (الرَّحْمَة أكثر من الرَّأفة، والرَّأفة أقوى منها في الكيفية؛ لأنَّها عبارة عن إيصال النِّعم صافية عن الألم) . |
#268
|
||||
|
||||
|
#269
|
||||
|
||||
|
#270
|
||||
|
||||
|
العلامات المرجعية |
الكلمات الدلالية (Tags) |
موسوعة, الاخلاق, الاسلامية, الشاملة |
|
|