#151
|
||||
|
||||
الربيع يستدعى أسئلة المصير العربى
الربيع يستدعى أسئلة المصير العربى شهدت القاهرة خلال الأيام القليلة الماضية اجتماعا غير مألوف لمجموعة من المثقفين العرب لمناقشة سبل الخروج من أزمة الأمة العربية وكيفية لملمة عقدها الذى انفرطفهمي هويدي (1) لولا الربيع العربى ما قدموا إلى مصر التى لم تكن ترحب بهم فى عصر الانكفاء، وبعضهم ظل يرد على عقبيه ولا يسمح له بالخروج من مطار القاهرة. ولولا «الربيع» لما مدوا ابصارهم إلى محيط الأمة متجاوزين حدود أقطارهم التى ظل خطاب تلك المرحلة يلح على أنها أولا وأخيرا، وما كان لهم أيضا ان يشدوا الرحال إلى القاهرة إلا بعدما تسلَّموا الرسالة التى دوت فى الآفاق فى العام الماضى، معلنة ان الشعوب العربية إذا كان وعيها قد غيب وتشوه إلا أنها لم تمت، وأن حلمها المؤجل لا يزال بعيدا حقا، لكنه ما عاد مستحيلا. خصوصا أن الذى وقع وقلب المعادلة رأسا على عقب كان يعد من المستحيلات عند كثيرين.فى فضاء قاعة اجتماعاتهم ظلت الأسئلة الموجعة تتردد طوال الوقت. لماذا فشلت خطوات التكامل العربى، فمجلس الوحدة الاقتصادية تشكل عام 1957 (قبل نحو 65 عاما) وتزامن مع تأسيس السوق الأوروبية المشتركة، وما زلنا نقف عند نقطة الصفر فى حين أنهم وسعوا من نطاق السوق وأقاموا فوقه الاتحاد الأوروبى. ويستحى المرء أن يقول إن اتفاقية الدفاع العربى المشتركة وقعت فى عام 1950، بعد حرب فلسطين مباشرة، ولم يتم تفعيلها إلا بعد مضى ستين عاما، حين غزت العراق الكويت فى سنة 1990، الأسوأ من ذلك ان الاتفاقية لم تر النور إلا فى ظل الضوء الأمريكى الأخضر، ثم لم نر لها أثرا بعد ذلك. حتى سقطت من الذاكرة سواء حين اجتاحت إسرائيل لبنان فى عام 1982 وحين احتلت الولايات المتحدة العراق فى سنة 2003، الأنكى من ذلك والأتعس أن الدول العربية التى وقعت فيما بينها الاتفاقية المذكورة أصبحت تعيش تحت مظلة الحماية الأمريكية، حتى ذكر تقرير عرض على مجموعة المثقفين العرب ان الولايات المتحدة أقامت قواعد عسكرية أمريكية على أراضٍ أكثر من ثلث الأقطار العربية. (2) فى اليوم الذى بدأت فيه مشاورات المثقفين العرب (الثلاثاء 2/10) كانت جماعة الحراك الجنوبى فى اليمن قد دعت إلى اجتماع فى عدن للمطالبة بانفصال الجنوب وانسحابه من الوحدة التى تمت مع الشمال فى سنة 1990 يومذاك أيضا كانت دول الاتحاد المغاربى الخمس (تونس والمغرب والجزائر وليبيا وموريتانيا) قد انتهت من ترتيب القمة الناجحة مع الدول الأوروبية الخمس المقابلة لها (إيطاليا وفرنسا وإسبانيا ومالطة والبرتغال) ــ وهو ما يعرف بقمة 5+5. وقد أصدر رؤساء الدول العشر فى أعقاب مؤتمرهم الذى عقد فى مالطة بما أكد على «التراث الهائل المشترك من الثقافة والحضارة والتاريخ وتطلعات شعوب المنطقة لشراكة لتحقيق الديمقراطية والاستقرار والأمن والازدهار».أصابتنى العبارة حين وقعت عليها بالغيظ والحسد. وكان تعليقى الوحيد عليها ان ما بيننا فى العالم العربى (روابط الدين واللغة والتاريخ والجغرافيا) أوسع وأمتن مما بين الدول المغاربية الخمس وبين نظيراتها الأوروبيات التى تقابلها على الشاطئ الآخر من البحر المتوسط. مشاهد الانفراط والانقراض التى يعانى منها العالم العربى كانت أيضا حاضرة فى وعى الجميع. لم تكن بعيدة عن الأذهان، من فاجعة انفصال جنوب السودان عن شماله، إلى التشققات التى أصابت العراق حتى أصبح شماله مهيأ للانفصال لصالح الأكراد، إلى التداعيات المؤرقة التى يمكن أن تترتب على سقوط النظام السورى واحتمالات تقسيم البلد بين السنة والشيعة والأكراد، وهو ما ستكون له أصداء أخرى فى لبنان والعراق والأردن على الأقل، ذلك إذا مرت التحرشات العسكرية بين سوريا وتركيا بسلام. وكذلك التهديدات الإسرائيلية الموجهة ضد إيران. ومعلوم أن ****** إسرائيل لفلسطين من الإشارات المبكرة لضمور العالم العربى التى يعد احتلال الجولان من تجلياتها أيضا. كما كان مشهد انفراط العالم العربى وتشرذمه مائلا أمام الجميع، فإن فصل الخيبات الوحدوية أو التكاملية العربية لم يكن بعيدا عن الاذهان (الوحدة السورية المصرية نموذجا) و(التكامل بين مصر والسودان نموذج آخر)، بحيث لم يبق للعرب من التجارب الوحدوية سوى حالات ثلاث هى: دولة الإمارات العربية ــ بمجلس التعاون الخليجى ــ الاتحاد المغاربى. وهى لا تمثل تكاملا حقيقيا، ولكنها تختلف فى درجة هشاشتها. (3) هل قدر العالم العربى أن يعيش مشتتا ومتنابذا؟ ولماذا نجحت محاولات التكامل فى أوروبا وآسيا ولم تحدث فى العالم العربى؟ كان رأيى ولا يزال ان العالم العربى له خصوصيات تميزه عن أى منطقة أخرى فى العالم، وهذه الخصوصيات أسهمت بشكل كبير فى استهدافه والعمل على إبقائه ممزقا، لأن اجتماعه أو تكامله يهدد مصالح ويقلب استراتيجيات أطراف أخرى ذات مصلحة، على الصعيدين الدولى والإقليمى. ذلك أن موقعه الاستراتيجى بين الشرق والغرب وكونه يمثل بوابة لأفريقيا، يجعله مطمعا للدول الكبرى المهيمنة. وهى ذات الدول التى تطلعت لاختراقه واحتلاله منذ القرن الثامن عشر، ثم سعت إلى اقتسامه وإعادة رسم خرائطه من خلال اتفاقية «سايكس بيكو» التى عقدت فى أعقاب الحرب العالمية الأولى.وإذا كان الموقع الاستراتيجى يشكل مطمعا مبكرا، فإن ظهور النفط فى المنطقة العربية شكل عنصر جذب آخر دفع الدول الغربية إلى محاولة تثبيت هيمنتها عليها واعتبارها ضمن مصالحها الحيوية التى تتشبث بفكرة الحفاظ عليها والدفاع عنها. وإذا كان النفط قد ظهر فى العالم العربى فى ثلاثينيات القرن الماضى، فإن تأسيس دولة إسرائيل و******ها لفلسطين فى الأربعينيات بتوافق غربى بالدرجة الأولى، أضفى وضعا استثنائيا لخصوصية العالم العربى، لا مثيل له فى أى مكان آخر بالعالم. ذلك أنه لكى تبقى إسرائيل وتستمر كان لابد من إضعاف وتطويع العالم العربى الذى رفضت شعوبه جريمة ال****** وحاربت لأجل صدها وايقافها منذ اللحظات الأولى. ولأن إضعاف العالم العربى ومصر فى المقدمة منها، يصب فى المصلحة المباشرة لقوى الهيمنة الدولية وإسرائيل، فقد كان منطقيا ومفهوما ان تقف تلك الدول فى صف معارضة أى تكامل عربى على مستوى، سياسى واقتصادى أو ثقافى، لهذا السبب أعربت الدول الغربية عن عدم رضاها عن الوحدة المصرية السورية، ولم يهدأ لها بال إلا حين تم الانفصال. ولهذا السبب تواجد الخبراء الإسرائيليون إلى جانب الملكيين الذين حاربوا الجيش المصرى الذى ذهب تأييدا للثورة فى اليمن، كما تواجدوا مع الجنوبيين فى السودان. ووقفوا إلى جوارهم حتى انفصلوا عن حكومة الخرطوم، وهناك أكثر من دراسة إسرائيلية تحدثت عن جهود «الموساد» لتأليب الأقليات العرقية والدينية فى العالم العربى (الأكراد مثلا) لتفكيكه وإضعافه. (4) هذا التحليل يظل منقوصا إذا لم نتحدث عن أزمة الداخل فى العالم العربى ذلك انه حين يعقد منذ تأسيس الجامعة العربية فى عام 1945 خمس وثلاثون مؤتمرا للقمة لبحث كافة هموم الأمة العربية وعلى رأسها قضية فلسطين، ثم يصبح حالنا على النحو الذى تعرفه، فمعنى ذلك انه لا توجد إرادة عربية حقيقية للتغيير أو التقدم. يعزز ذلك أن لدينا كمًّا من المجالس والاتفاقيات والمعاهدات يغطى كل صور التكامل العربى المنشود، فى السياسة والأمن والثقافة والتجارة والعمالة والسياحة والإدارة والطاقة الذرية... إلخ، حين يحدث ذلك أيضا فهو يعنى أن أزمة الأمة العربية هى أزمة إرادة أيضا. بكلام آخر فإنه إذا كانت العوامل الخارجية تشكل عائقا ضد التكامل المنشود فإن عجز سلطة القرار العربى يشكل عائقا آخر لا يقل خطورة. عند هذه النقطة لا مفر من التوقف عند دور الاستبداد فى إعاقة النهوض بالأمة العربية، الأمر الذى أدى إلى إضعاف المجتمعات العربية وتشويهها، وإصابتها بلعنة «فساد العمران» التى تحدث عنها ابن خلدون فى مقدمته، هذا للتشخيص دفع أحد الفلاسفة الذين اشتركوا فى حوارات القاهرة الأخيرة إلى القول بأن التجربة أثبتت فشل جامعة الحكومات العربية. وأن رياح الربيع التى هبت على العالم العربى تهيئ فرصة مواتية لتأسيس ما أسماه جامعة الشعوب العربية. ورغم أن الفكرة لم تطرح للمناقشة التفصيلية، إلا أنها كانت بمثابة دعوة لإحياء دور الشعوب فى تقرير المصير العربى، بعد أن ظل ذلك الدور حكرا على حكومات لم تمثلها يوما ما. إذا وسعنا دائرة النظر فى مشكلات الداخل فسوف نلاحظ أن غياب الديمقراطية يمثل سببا جوهريا لها، ولكننا سنجد أن الخلافات المحتدمة بين المثقفين، خصوصا الذين يمثلون التيارين العلمانى والإسلامى، تمثل عائقا آخر لا يهدد التقدم ويهدد الاستقرار فحسب، ولكنه أيضا يصرف الانتباه عن قضايا المصير التى تشكل تحديدا وجوديا للطرفين. (5) فى تقديمه لمذكرات جمعية «أم القرى» التى ضمنها خلاصة حوارات مؤتمر نهضة الأمة الذى انعقد فى مكة المكرمة سنة 1316هجرية ــ 1898 ميلادية كتب عبدالرحمن الكواكبى يقول:«لما كان عهدنا هذا عهدا عمّ فيه الخلل والضعف كافة المسلمين. وكان من سنن الله فى خلقه أن جعل لكل شىء سببا، فلابد لهذا الخلل الطارئ والضعف النازل من أسباب ظاهرية غير سر القدر الخفى عن البحر. (لاجل ذلك) دعت الحمية بعض أفاضل العلماء والسراه والكتاب السياسيين للبحث عن أسباب ذلك، والتنقيب عن أفضل الوسائل للنهضة الإسلامية». هذا الكلام ينطبق على حوارات لقاء المثقفين العرب الذى انعقد فى القاهرة، والذى كان الدافع إليه هو ذاته ما دفع الكواكبى قبل 114 عاما إلى تحرى أسباب الضعف والخلل الذى أصاب الأمة الإسلامية، وإن تشابهت فى الدوافع وفى الكتمان الذى أحاط بالحوارات، وفى الحرص على تمثيل شعوب الأمة، إلا أنهما اختلفتا فى كون حوارات الكواكبى تحدثت عن أحوال الأمة الإسلامية أما ما شهدته القاهرة كان موضوعه أزمة الأمة العربية. وفى حين ان الكواكبى دعا المجتمعين إلى إجراء حواراتهم «بصورة خفية فى دار بأطراف مكة، استؤجرت باسم بواب داغستانى روسى، لتكون مصونة من التعرض»، فإن الاجتماعات التى عقدت بالقاهرة تمت فى قاعة بأحد الفنادق، بعيدا عن أعين وسائل الإعلام وآذانها. وتمت العملية كلها بترتيب من اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لمغرب آسيا التابعة للأمم المتحدة (اسكوا) التى ترأسها الدكتورة ريما خلفا مساعدة الأمين العام، وتتخذ من بيروت مقرا لها. ثمة فرق آخر بين ما عرضه الكواكبى وهذا الذى قدمته، يتمثل فى ان شيخنا الكبير عرض خلاصة ما تحدث به ممثلو العالم الإسلامى، فى حين أن ما كتبته هو من وحى المناقشات التى أجراها المثقفون الذين جاءوا إلى القاهرة من أطراف العالم العربى. والذى تحدث به هؤلاء وهؤلاء، يظل من قبيل أجراس التنبيه التى تتردد فى فضاء الأمة، وتنتظر من يستجيب إليها. |
#152
|
||||
|
||||
اليهودي الجيد: سياسات الهوية في التراث المؤسساتي الأمريكي اليهودي
اليهودي الجيد: سياسات الهوية في التراث المؤسساتي الأمريكي اليهودي Samantha Brotman من هو اليهودي "الجيد" في التراث الأمريكي المعاصر؟ ما هي العلاقة بين الصهيونية وبين الهوية اليهودية؟ كيف يتعامل اليهود المعادون للصهيونية، أو يقاومون، سوء استخدام إيمانهم في الفكر الصهيوني؟ وهل يمكن للإجابات عن هذه الأسئلة أن تحقق تطوراً في قضية العدالة في إسرائيل وفلسطين؟يبدو أن الصهاينة يكسبون معركة السيطرة على سياسة الهوية اليهودية في الولايات المتحدة. وكنتيجة لهذا، فإن النقاش العام حول ما الذي يصنع يهودياً "جيداً" أو "سيئاً" يجبر بعض التقدميين من اليهود المعادين للصهيونية، وبضمنهم أنا، على أن نعبر عن معارضتنا للسياسة الإسرائيلية كموقف نابع من فهمنا للديانة اليهودية. بالنسبة للبعض، يشكل النص المقدس والإيمان الأسس لمعارضتهم لإسرائيل، وإنه لمن المهم فعلاً أن نناقش إسرائيل بمصطلحات دينية. وحسب تعبير الناشط الإسرائيلي الولادة، جلعاد أتزمون، " إذا كانت إسرائيل تعرّف نفسها كدولة يهودية، وتتزين دباباتها وطائراتها بالرموز اليهودية، فإنه من حقنا أن نسأل: من هم اليهود؟ ما هي اليهودية؟ وما هو التهوّد؟"1 لهذا السبب فإن النقاش حول إسرائيل وعلاقتها باليهودية والقانون اليهودي يُعد نقاشاً مهماً. ولكن، بالنسبة للكثير من اليهود الأمريكيين فإن توظيف الخطاب الخاص بالأخلاق اليهودية هو ببساطة وسيلة للدفاع عن هويتنا في مواجهة خطاب مستمر يروج لفكرة أن الصهيونية هي الحل للمعاناة اليهودية. إن الرد على هذا الضغط يمكن أن يشتت التفكير عن مواجهة نقاط أكثر قوة تحتاج لأن نثبتها وتتعلق بالتاريخ، والعدالة الاجتماعية، والقانون الدولي. وحين نهمل هذه النقاط في نقاشنا ضمن المجتمع اليهودي فإننا نجد أنفسنا أمام ثقافة يهودية مؤسساتية يهيمن عليها في الغالب الفكر الصهيوني وانعدام التسامح تجاه أي معارضة لإسرائيل. إن العمل خارج الطرح المتعارف عليه هو عمل على هامش الحياة اليهودية العامة، وإذا أردنا أن نغير الوضع الحالي، فإنه يجب على القادة اليهود الدينيين والاجتماعيين في نهاية المطاف أن يكونوا مرتاحين لانتقاد إسرائيل بدون تعريض مكانتهم داخل التراث اليهودي المؤسساتي للخطر. يحتاج كل ما سبق إلى إعادة دراسة مؤلمة للهوية اليهودية. إن الروايات المهيمنة حول النزاع العربي-الاسرائيلي تحاول أن تختزل تاريخاً معقداً إلى قصة بدائية عن الكراهية بين العرب واليهود. إن النسخ المبسطة من التاريخ تدمج مصطلحي اليهودية والصهيونية، مقرنة الهوية اليهودية بدعم الدولة اليهودية. مع ذلك، فإن أي قراءة متعمقة للتاريخ تكشف لنا أن التقسيم إلى "عرب" و"يهود" هو شيء معقد ومركب في حد ذاته،2 وأن المجتمعات اليهودية المختلفة في أنحاء العالم تعيش منذ زمن طويل مقسمة بناء على اعتبارات لغوية، ووطنية، وطبقية، وأيديولوجية. وبشكل مشابه فقد كانت الحركة الصهيونية دوماً عامل تقسيم بين المجموعات اليهودية وفي داخلها. إن دولة إسرائيل لم تولد من رحم رغبة يهودية مجهولة في بناء أمة واحدة، إنما كانت نتيجة حشد معقد من الحقائق السياسية والاجتماعية، والتي روجت في النهاية للمطامح الصهيونية السياسية رغم المعارضة اليهودية الواسعة النطاق، بل العداء لفكرة الوطن القومي. صهيون يفرّق في أواخر القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، برز التيار الصهيوني في أوروبا الغربية ضد التيار اليهودي العلماني العام الذي كان يدعو للقيم الليبرالية ويروج للتجارب التاريخية في نزع الصفة الوطنية واستيعاب الجميع. لهذا، فقد تخوف الكثير من اليهود عندما واجهوا الصهيونية في بدايات القرن العشرين من أن هذه الحركة قد تحبط كل ما أنجزوه من تقدم في مجتمعاتهم المختلفة.3 لقد كان لدى الكثيرين في المجتمعات اليهودية المحافظة مخاوفهم الخاصة على اختلاف أسبابهم. بالموازاة مع رفضهم للاستيعاب العلماني للجميع، رفض هؤلاء اليهود فكرة الدولة محتجين أن دولة يهودية مستقلة قبل ظهور المسيح المخلص يخالف القانون اليهودي. هذه الحركة لا تزال موجودة ( نيتوري كارتا Neturei Karta على سبيل المثال)، وهي معروفة اليوم بفضل صور الرجال اليهود الملتحين الذين يتظاهرون ضد اسرائيل في العديد من مدن العالم. لم يقتصر التشكيك في الحركة الصهيونية على اليهود الأوربيين، فقد أثرت ظروف عديدة بقوة على ردود أفعال اليهود تجاه الصهيونية. كتبت أبيجال جاكوبسون عن "الصهاينة القدامى"، أو المجتمع اليهودي الأصلي في فلسطين، وتصف المناقشات ضمنه في الوقت الذي بدأ فيه المهاجرون اليهود الأوروبيون بالاستيطان في فلسطين حين هددت الحرب العالمية الأولى بتغيير المشهد السياسي لهم. بالنسبة لليهود العثمانيين، لم تكن اليهودية مسألة استيعاب، أو ديانة، أو هوية وطنية لليهود، بل كانت مسألة ولاء للامبراطورية العثمانية، ومناقشة لوضعهم في مجتمع يواجه حقائق زمن الحرب. ومن المثير أن إثبات الولاء للامبراطورية بالنسبة لليهود العثمانيين وُجد أحياناً بشكل متزامن مع الصهيونية. رغم أن اليهود العثمانيين الصهاينة، كما توضح جاكوبسون Jacobson، واليهود العثمانيين بشكل عام، كانوا أكثر ميلاً تجاه التعايش المشترك بين اليهود والمسيحيين والمسلمين من نظرائهم الأشكناز.4 لقد قمت باستعراض هذا التاريخ هنا حتى أوضح نقطة مهمة: إن الطرق التي استقبل بها اليهود الصهيونية كانت تتأثر دوماً بما يحيط بهم من بيئات سياسية واجتماعية متغيرة. بالنسبة لأنصار الصهيونية، فإن الفوز بتأييد نظرائهم المتدينين كان أمراً معقداً نتيجة الرؤى المختلفة للصهيونية التي تبنتها المجموعات اليهودية المتعددة حول العالم. كراهية النفس اليهودية حاول الصهاينة في مسعاهم لكسب تأييد اليهود في مختلف الظروف السياسية والاجتماعية، أن يخاطبوا ما اعتبروه الهموم اليهودية العالمية المشتركة. لهذا، فإنه ليس من المفاجئ أن المفهوم النفسي والاجتماعي لكراهية النفس اليهودية بدأ يتكون في أوروبا بالتزامن مع تأسيس الأيديولوجيا الصهيونية. طرح اليهود من أنصار مفهوم كراهية النفس "أن الاستيعاب كان عاملا مخرباً لليهود، وهو الذي أنتج كراهية النفس، وأن الحل بالنسبة لليهود هو التأكيد على هويتهم اليهودية بشكل أساس من خلال مشروعهم الوطني."5 إن هذا المسار، الذي يساوي بين رفض الصهيونية وكراهية النفس، يبقى جزءاً من الواقع المعاصر الذي يحيط بالصهيونية والهوية اليهودية (أنظر منشور الجمعية الأمريكية اليهودية). إن القلق الحقيقي الذي ينتجه هذا التوجه يُضاف إلى قلق أكبر فيما يخص معاداة السامية والوجود اليهودي. هذا القلق هو جزء أساسي من السبب في كون الصهيونية جزءاً ثابتاً من "الهوية اليهودية" التي تسعى الكثير من المنظمات اليهودية إلى دعمها والحفاظ عليها. تراث المؤسسات اليهودية الأمريكية غني عن القول إن الحركة اليهودية المضادة للصهيونية في أوائل القرن العشرين قد فشلت، ولكن "الكثير من بقاياها لا يزال صداها يتردد في التوترات التي تلحق بالمهجر الإسرائيلي.6 وبينما اختلف وجه اليهودي المعادي للصهيونية فإن الرد الصهيوني يبقى هذا الموضوع الذي لا ينتهي عن "اليهودي الجيد." يقولون إن معنى أن تصبح "يهودياً جيداً،" هو أن تؤمن اليهود يمتلكون تاريخاً فريداً من المعاناة وأن إسرائيل أنشئت كخلاص من هذه المعاناة. إن الاعتقاد هو أن العلم الإسرائيلي، الذي تتوسطه نجمة داود، ينتمي للكنيس، وللمؤسسات اليهودية الاجتماعية، ولقمصان المخيمات الصيفية. إن الكثير من التفاصيل الدقيقة في التاريخ الصهيوني قد فُقدت، حيث أن الكثير من الشباب الأمريكي اليهودي قد فهموا تأسيس دولة إسرائيل على أنه ذروة تاريخهم الديني. هذه الآراء يتم تجسيدها وتدعيمها في الكنيس، وجماعات الشباب اليهودي، والمنظمات الاجتماعية، والتراث الشعبي في عموم الولايات المتحدة. تمتلك واحدة من أبرز منظمات الشباب اليهودي، وهي منظمة بني برث B’Nai Brith Youth Organization (BBYO)، مهمة إلهام الشباب "أن يعيشوا الحياة اليهودية وهم يخلقون تغييرا في هذا العالم". هذا هو وجه بني برث، وربما هو السبب في التحاق الشباب اليهودي بالمنظمة. ولكن الجزء الآخر من مهمة بني برث هو تمكين "المراهقين من استكشاف مساحات القيادة، والخدمة، والتفاعل المجتمعي، والتثقيف فيما يخص إسرائيل والقيم اليهودية."2 إحدى المهام الرئيسة لبنات بني برث- القسم النسائي لبني برث، الذي كنت عضوة وقائدة له في المدرسة الثانوية- هو "أن نساعد المراهقين اليهود على تطوير التزامهم لدولة إسرائيل و كلال إسرائيل (كل إسرائيل)."3 هذه الجوانب من مهمة بني برث وبرنامجها ليست واضحة تماما للمراهقة التي تريد أن تختلط اجتماعيا مع رفيقاتها، أو لوالديها الذين يتلهفون على تسهيل تعرف أبنائهم بيهود آخرين. إن الجوانب الخاصة بإسرائيل في جماعات الشباب اليهودي مثل بني برث دقيقة ومؤثرة في نفس الوقت. على سبيل المثال، فإن الأغنية الدولية لبني برث تُغنى في أغلب اللقاءات والمؤتمرات من قبل أعضاء بنات في بني برث. وكلمات الأغنية هي كما يلي: نحن نتعهد لك يا بني برث بحبنا، وبشبابنا، وبولائنا نغني لك بأصوات فرحة، وتصل أصواتنا إلى السماء من صهيون جاء الأبيض والأزرق ليعطي هذه الألوان، داكنة وصادقة وتجتمع بناتنا حولها لترفع رايتنا عالياً عادة ما تغني البنات اللواتي نفذ صبرهن هذه الأغنية، فهن مستعجلات على إنهاء عملهن المؤسساتي والالتقاء بالشباب الجدد. ورغم ذلك، فالرسالة واضحة: حتى تكون شاباً يهودياً يجب أن تكون موالياً لإسرائيل. الفخر، والحب الأخوي، والهوية اليهودية، والصهيونية، تُجمع سوية لتُقدم وبلا تمييز لمراهقة يهودية قد لا يشجعها أحد على أن تسال أسئلة حيوية عن هويتها وعن الصهيونية. وبالتأكيد فإن بني برث ليست هي المنظمة الشبابية الوحيدة في الولايات المتحدة، رغم أنها نموذج واضح (لاحظ البرامج المماثلة في كل من هيلل Hillel، NFTY، ويهودا الصغير Young Juda). هناك منظمات أقل تسييساً، بل إن بعضها ليست صهيونية بشكل صريح (مثل الصوت اليهودي للسلام Jewish Voice for Peace). ولكن تبقى حقيقة أن التراث اليهودي المؤسساتي المهيمن- في المراكز الاجتماعية، والمخيمات الصيفية، وجماعات الشباب، والكنيس التي تحدد مسار الحوار فيما يخص العلاقة بين اليهود وإسرائيل- هو تراث صهيوني. هناك جدل يحيط بموضوع ما إذا كان الشباب اليهودي الأميركي يصبح يوماً بعد آخر أقل أو أكثر ارتباطاً بإسرائيل، ولكن هناك مؤشرات ضعيفة على أن التراث المؤسساتي يتغير. أن تكون ناقداً لإسرائيل يجعل من الصعب عليك أن تكون عضواً، ناهيك عن أن تكون قائداً، في هذا التراث وتجربتي الشخصية شاهد على هذا الكلام. لقد خصصت جزءاً كبيراً من حياتي للمجتمع اليهودي كقائدة في منظمات مثل بني برث BBYO، وهلل Hillel. لقد استفدت كثيراً من انخراطي في الحياة العامة اليهودية. ولكني كبالغة بدأت أطرح أسئلة حساسة لقادة المجتمع اليهودي حول السياسة والتاريخ في الشرق الأوسط. كنت آمل أن تساعدني أجوبتهم في التعامل مع ما كنت أطلع عليه آنذاك عن المعاناة الفلسطينية مع العالم اليهودي الذي كنت قد بدأت أعرفه. عوضاً عن هذا، فقد جعلتني أسئلتي هدفاً للشكوك، ولم أعد أشعر بنفس الراحة والفخر في موقعي ضمن المجتمع اليهودي. وفي أوقات متعددة، بدا لي مغرياً أن أعيد تأكيد هويتي اليهودية عن طريق إرجاع معارضتي لإسرائيل إلى المبادئ اليهودية. بعملي هذا لم أكن أساعد نفسي على أن أعود مرة أخرى إلى الحياة اليهودية العامة. بالمقابل، فقد حاولت أن أضيف صوتي إلى الشجارالخاص بحركة التضامن الفلسطينية الكبرى. هذه الحركة المتنوعة تقودها مجموعة من الأشخاص المتحمسين والمخلصين في كل أنحاء العالم، ولكنها قويت أكثر بفلسطينيي المهجر. في غضون ذلك، فإن المؤسسات اليهودية الأميركية السياسية والاجتماعية الرئيسة لا يزال يقودها يهود، وهم إما صهاينة أو أشخاص غير راغبين في الحديث ضد الصهيونية. وبهذا، يستمر أسلوب الحديث بطريقة "نحن" و"هم". إن احتمالية تأثير اليهود غير الصهاينة أو المعادين للصهيونية على التراث المؤسساتي اليهودي لا تزال قائمة وحقيقية، ولكن بشرط ألا يستمر اليهود في تخوفهم من أن تتعرض هويتهم للمساءلة بسبب آرائهم السياسية. إن التدريب على نقد إسرائيل إنطلاقاً من الأخلاق اليهودية ليس هو الطريق الوحيد لحماية صفة الفرد في كونه "يهودياً جيداً". إن إبراز التاريخ الغني للمعارضة اليهودية للصهيونية في بريطانيا، والامبراطورية العثمانية، والولايات المتحدة هو الخطوة الأولى في هذا الاتجاه. في السابق، كان التراث المؤسساتي اليهودي يضم بين صفوفه، بل وكان يمثل أيضاً عن طريق منظمات ترى أن المشروع الصهيوني خطر على العالم اليهودي.7 وكون أن هذه المنظمات قد تراجعت بفعل زيادة عدد المنظمات الصهيونية وتزايد سرعة نشاط الحشد الصهيوني لا يعني أننا يجب أن ننسى التاريخ، أو أن هذا التاريخ قد مات في زماننا الحاضر. إن استحضار هذه الصورة الكاملة للتاريخ اليهودي في الذهن قد يجعل اليهود المنتقدين لإسرائيل يشعرون بثقة أكبر في طرح نقدهم. أن تكون "يهودياً جيداً" سوف لن يعني أنك تقف مع إسرائيل، ولكنك تقف مع العدالة الاجتماعية، حتى مع الفلسطينيين بشكل خاص. هذا هو بالطبع ما يعنيه أن تكون "يهودياً جيداً" بالفعل. |
#153
|
|||
|
|||
جزاكم الله خير
__________________
الحمد لله |
#154
|
||||
|
||||
اطئمنوا الثورات جاية لان نظم ملكية حرامية وفسقة اولهم السعودي
|
#155
|
||||
|
||||
جزاك الله خيرا
__________________
|
#156
|
|||
|
|||
اقتباس:
فمارأيك فى الإيرانى واللبنانى وخاصة فى جنوبه ؟!!!!!!!!!! شكرا
__________________
الحمد لله |
#157
|
||||
|
||||
المال السياسي في الانتخابات الرئاسية الأمريكية
المال السياسي في الانتخابات الرئاسية الأمريكية تتميز الانتخابات الأمريكية بأنها الانتخابات الأكثر تكلفة في العالم؛ حيث يستخدم المتنافسون في الانتخابات الرئاسية أو في انتخابات الكونجرس بمجلسيه (مجلس النواب ومجلس الشيوخ) مبالغ طائلة من الأموال لتمويل حملاتهم الانتخابية. تدوم هذه الحملات لأشهر عدة يسعى المرشحون خلالها لتقديم أنفسهم ووجهات نظرهم للناخب الأمريكي من جهة، واستخدام الحملات الإعلانية لإضعاف مركز منافسهم من جهة أخرى. وهو الأمر الذي يرتب أن يلعب المال وممولو الحملات الانتخابية دورًا مؤثرًا في الانتخابات الأمريكية، مما يؤثر بشكل واضح على أجندة المرشحين.عمرو عبد العاطي باحث متخصص في الشئون الأمريكية وينظم القانونُ الأمريكي منذ عقود طويلة تمويلَ الانتخابات الأمريكية، وكيفية مراقبة إنفاق أموال التبرعات الانتخابية؛ إلا أن تغيرًا هامًّا قد طرأ على ذلك بصدور حكم قضائي فتح آفاقًا جديدةً للإنفاق السياسي من جانب الشركات الكبرى والاتحادات والمنظمات التي لا تبغي الربح بدون قيود، وعدم خضوعها للقوانين المنظمة لتمويل الانتخابات. وهو ما عظم من دور ما يعرف في الأوساط الأمريكية، الصحفية والإعلامية، بـsuper political action committee ، أو «سوبر باكس» super PACsفي الانتخابات الرئاسية هذا العام؛ حيث تسمح لها الأحكام القضائية الصادرة مؤخرًا بجمع مبالغ غير محددة من الأموال من المانحين، مما سيجعل الانتخابات الرئاسية لعام 2012 الأكثر كلفة في تاريخ الانتخابات الأمريكية. بداية ظهور السوبر باكس (Super (PACs ظلت لجانُ العمل السياسي (PACs) (وهي منظمات تنشأ لتجميع تبرعات الأفراد والمؤسسات التابعة لجماعات مصالح أمريكية معينة، وتوجيه هذه التبرعات لمساندة المرشحين الداعمين لها)؛ جزءًا من النظام السياسي الأمريكي لزمن طويل، وهي تخضع لقيود قانونية على حجم المبلغ الذي يمكن للمواطنين الأفراد واللجان التبرع به للمرشح الذي يفضلونه، وقد ظهرت هذه اللجان بالأساس للحد من سطوة المال على الانتخابات والسياسة الأمريكية، وذلك عن طريق توثيق التبرعات المالية للمرشحين السياسيين، وتحريم بعض أنواع التبرعات، وخاصة تبرعات الشركات الكبرى المالية المباشرة للمرشحين السياسيين، وكذلك تشجيع المرشحين السياسيين على التقليل من تكاليف حملاتهم الانتخابية. فعلى تلك اللجان تسجيل أنفسها قبل العمل لدى هيئة الانتخابات الفيدرالية Federal election commissionالمخولة للإشراف عليها، وتنفيذ قوانين تمويل الحملات الانتخابية. وقد زاد عدد لجان العمل السياسي، وتعاظم دورها بصورة متزايدة خلال السنوات الأخيرة؛ فقد ارتفع عددها من 608 لجان في عام 1976 إلى ما يقرب من 4600 لجنة عمل سياسي في عام 2006. ويسمح قانون تمويل الحملات الانتخابية الأمريكية لهذه اللجان بجمع تبرعات فردية لا تزيد عن 5000 دولار من الشخص الواحد ليؤكد دعما لمرشح ما أو تأييدا لقضية معينة. جاء قرار المحكمة العليا الصادر في يناير من عام 2010 في قضية «المواطنون المتحّدون ضد اللجنة الفدرالية للانتخابات ،» ليؤكد على أن «الشركات الكبرى لها نفس حقوق الأشخاص الطبيعيين .» وبأنه لا يحق للحكومة تحديد المبالغ التي تستطيع هذه الشركات إنفاقها لدعم أو انتقاد المرشحين السياسيين. وفي مارس 2010 قضت محكمة استئناف فيدرالية أن بإمكان لجان العمل السياسي قبول الهبات غير المحدودة طالما أنها لا تُنسّق مع حملة انتخابية أو حزب سياسي ولا تكون موجهة منهما. وأدى الحكمان القضائيان إلى ظهور ما بدأ يعرف داخل الأوساط الأمريكية ب «سوبر باكس» التي يُسمح لها بجمع مبالغ غير محدودة من الأموال من المانحين. ومع أن هذه المنظمات لا يحق لها أن تمنح الأموال مباشرة للحملات الفردية أو التنسيق مع المرشحين أو مع الأحزاب السياسية؛ فإن باستطاعتها استخدام ما تشاء من الأموال التي تتمكن من جمعها للترويج لمن تؤيده من المرشحين ولمهاجمة خصومه السياسيين. وقد تكونت Super Pacsموالية لكل من الرئيس الأمريكي «باراك أوباما» الساعي إلى الفوز بفترة رئاسية ثانية، ومنافسه الجمهوري «ميت رومني» حيث تنافسا على جمع وإنفاق أكبر قدرٍ من الأموال.هذا وقد بدأ استخدامُ «المال السياسي » على نطاق واسع في الانتخابات الرئاسية لعام 2004 ؛ حيث أنفقت منظمات وكيانات تابعة للحزب الديمقراطي أكثر من 200 مليون دولار لانتخاب السيناتور «جون كيري» رئيسًا للولايات المتحدة في مواجهة منافسه الجمهوري «جورج دبليو بوش ». وفي عام 2010 أنفقت مجموعة من المنظمات الممولة من قبل التيارات اليمينية المحافظة نحو 300 مليون دولار لمساعدة المرشحين الجمهوريين للسيطرة على مجلس النواب، والفوز بمقاعد إضافية في مجلس الشيوخ. وقد نجحوا في ذلك. ولكن الجديدَ هذا العام أن تلك المنظمات واللجان تعمل بصورة قانونية بعد قرار المحكمة العليا الأمريكية، وقد شهد هذا العام تزايد أعدادها، وتعاظم دورها وتأثيرها في مجريات الحملات الانتخابية للمرشحين من الحزب الجمهوري المتنافسين للفوز ببطاقة الحزب الجمهوري للمنافسة على منصب الرئيس في السادس من نوفمبر المقبل. مصادر أموال السوبر باكس وأوجه إنفاقها: يتعاظم دور السوبر باكس مع ارتفاع تكلفة الحملات الانتخابية للمرشحين لمنصب الرئيس؛ حيث يحتاج المرشح الرئاسي لأموال طائلة لتغطية احتياجات حملته الانتخابية من توظيف هيئة موظفين بحملته ومكاتب وتنظيم رحلات إلى الولايات المختلفة، وأحيانا خارج الولايات المتحدة، وإجراء الأبحاث، والإعلان من خلال وسائل الإعلام المختلفة: الصحف والراديو والتلفزيون وشبكة الإنترنت، وتنظيم العديد من أنشطة الظهور في الأماكن العامة وجمع التبرعات. ويواجه المرشحون لمنصب الرئيس مهمة صعبة تشتمل على تنظيم حملات الانتخابات التمهيدية في كل ولاية على حدة، ثم تنظيم حملات انتخاب عامة في سائر أنحاء البلاد، إذا ما تم ترشيحهم من قبل أحزابهم. يعتمد العديدُ من مرشحي الانتخابات الرئاسية الأمريكية على دعم لجان العمل السياسي؛ في ظل رفضهم قبولَ أموال حكومية لتمويل حملاتهم؛ حيث إن الحد المفروض على الإنفاق في مقابل هذا الدعم يعتبر منخفضًا جدًّا، وعلى الرغم من أن السوبر باكس قانونا ممنوعة من التنسيق مع المرشحين إلا أن القائمين على إدارتها يرتبطون بعلاقات قوية بالمرشح الذي تدعمه تلك اللجان. فالمجموعة التي دعمت «ريك بيري» الذي دخل سباق التنافس على الترشح للرئاسة عن الحزب الجمهوري ساهم في تأسيسها «ميك تومي» الرئيس السابق لمكتبه عندما كان حاكم ولاية تكساس. والمجموعة التي دعمت «نيوت جينجريتش» «WinningOur Future» كان يعمل بها «ريك تايلر» مساعد «جينجريتش» لفترة طويلة. ويعمل «تشارلي اسبايس» أمين صندوق المجموعة التي تدعم المرشح الجمهوري «ميت ورمني» وقد عمل أيضاً في الحملة الانتخابية الرئاسية لـ«رومني » عام 2008 . يُعد المرشحُ الجمهوري «ميت رومني» هو أكثر مرشحي الانتخابات الرئاسية الأمريكية دعمًا من قبل السوبر باكس نظرًا لتاريخه كرجل أعمال، وإلى اختياره منافسه السابق «بول راين» لينافس معه على بطاقة الحزب الجمهوري كنائب للرئيس، ويرتبط «راين» بعلاقات قومية بالتجمعات الاقتصادية المحافظة، فض عن خبرته المالية وصداقته بطبقة رجال الأعمال الأمريكية. وحسب العديد من التقارير وهيئة الانتخابات الفيدرالية فإن دعم السوبر باكس للمرشح الجمهوري «رومني» زادت بمليون دولار خلال شهر يوليو من العام الجاري. وتسعى إحدى لجان السوبر باكس «استعادة مستقبلنا» التي يديرها أحد مساعدي «رومني» إلى زيادة أموالها من التجمعات الاقتصادية والأشخاص الأغنياء لدعم «رومني». وتساهم التجمعات الاقتصادية والشركات ب 3.1 ملايين دولار في الشهر، بينما الأفراد ب 4.3 ملايين دولار. لا تقدم السوبر باكس أموالها للمرشحين الذين تدعهم بصورة مباشرة، ولكنها تستخدمها إما في تقديم الدعم غير المباشر للمرشح أو مهاجمة الخصوم في الانتخابات الرئاسية أو الكونجرس بمجلسيه طالما لا تنسق بصورة مباشرة مع الحملات الانتخابية أو الأحزاب السياسية. وفي هذا السياق؛ يُشير تقرير بصحيفة «لوس أنجلوس تايمز » أن 80 لجنة من السوبر باكس أنفقت حتى الثاني والعشرين من أغسطس 2012 ما يقرب من 194.4 مليون دولار، وأن 74 % منها تستخدم في إعلانات تهاجم مرشحا معينا. فعلى سبيل المثال، أنفقت إحدى لجان السوبر باكس الداعمة لرومني ما يقرب من 18 مليون دولار على إعلانات تهاجم منافسه الديمقراطي «أوباما ». ومن ناحية أخرى؛ فقد أنفقت لجان السوبر باكس التي تدعم «رومني » ما يزيد على 40 مليون دولار لاستهداف منافسيه على الترشح للرئاسة من الحزب الجمهوري. وكان هذا الدعمُ جليًّا في الانتخابات التمهيدية بولاية أيوا؛ حيث إن كثير من الإعلانات التلفزيونية والدعاية الإعلامية للمرشح الجمهوري «رومني» قامت بها الجماعات المؤيدة له بعيدا عن أموال حملته الخاصة. فقد أنفقت حملة «رومني 28.7 » ألف دولار على الحملات التلفزيونية في ولاية أيوا، وفي المقابل أنفقت السوبر باكس التي تدعم «رومني 780 » ألف دولار على الإعلانات التلفزيونية في أيوا. مؤيدو ومعارضو السوبر باكس انقسمت الأوساط الأمريكية بين مؤيد ومعارض لعمل السوبر باكس ودورها في الانتخابات الأمريكية. فجماعات «احتلوا وول ستريت» التي تنشط في الولايات المتحدة الأمريكية تعارض إعطاء الشركات الكبرى نفس حقوق الأشخاص الطبيعيين مع استثنائهم من السقف الموضوع على التبرعات الانتخابية. في حين يرد آخرون على تلك الاعتراضات بأن الدعم المالي لمرشح أو قضية من اختيارهم هي شكل من أشكال حرية التعبير التي ينص عليها الدستور الأمريكي بتعديلاته. تذهب جملة من الاعتراضات إلى أن قرار المحكمة العليا خلال عام 2010 أدى إلى نقض العديد من الأحكام في تشريعات إصلاح تمويل الحملات الانتخابية، مثل قانون ماكين – فانجولد، والتي كانت تهدف إلى الحد من الإنفاق على الحملات الانتخابية، وإضفاء الشفافية حول مصادر التمويل السياسي، وبالتالي سمح بأن يكون للمال دور كبير في الانتخابات الأمريكية. ويرى الكثيرون أن المبالغ الطائلة من المال السياسي، والتي تأتي أساسًا من دوائر المال والأعمال، يثير تساؤلات كبيرة حول نفوذ هذه الدوائر على السياسات العامة، ويجعل أجندة المرشحين بعيدة كل البعد عن احتياجات الناخب الأمريكي العادي. وذلك يضر، في التحليل الأخير، بالديمقراطية الأمريكية، ويجعلها ديمقراطية تعبر عن مطالب ورغبات الأغنياء فقط. |
#158
|
||||
|
||||
جزاكم الله خيرا و بارك الله فيكم
|
#159
|
||||
|
||||
أبعاد وتداعيات موجة الاحتجاجات الفئوية في مصر
أبعاد وتداعيات موجة الاحتجاجات الفئوية في مصر ارتبط تصاعد وتيرة الحراك الاجتماعي في دول الإقليم بموجة عاتية من الاحتجاجات الفئوية لا تستهدف إسقاط النظم الحاكمة بقدر ما تمثل ثورة على مؤسسات الدولة مع احتدام التناقضات بين المطالب المجتمعية المتصاعدة والقدرات الاستيعابية المحدودة لتلك المؤسسات، في خضم أزمات تخصيص الموارد، وتوزيع المنافع الاجتماعية، واستنزاف الموازنة العامةمحمد عبد الله يونس ، وفي هذا الصدد لم يكن الحراك الاجتماعي مقصورًا على دول الربيع العربي؛ إذ شمل دولا عديدة، لا سيما الكويت والمغرب مع ارتفاع معدلات التضخم، والأردن والضفة الغربية عقب رفع أسعار الوقود، بيد أن موجةً جديدةً من الاحتجاج الاجتماعي قد تفجرت في مصر في الآونة الأخيرة، بما يثير تساؤلات متعددة حول خصائصها وأسبابها كبادرة لظاهرة إقليمية صاعدة، وإلى أي مدى يمكن للنظام الحاكم احتواؤها. خصائص موجة الاحتجاجات الفئوية تتشابه موجة الحراك الشعبي الأخيرة مع مقدمات الثورات العربية؛ إلا أن تركيزها ينصب على مطالب اجتماعية واقتصادية كنتاج لعقود من اختلال التوازن الاجتماعي، وانسداد الأفق، والتهميش، بما أدى إلى فوران مجتمعي في ظل سياق سياسي مواتٍ عقب زوال القيود السلطوية، وفي هذا الإطار تمثلت الخصائص العامة لموجة الاحتجاجات الفئوية فيما يلي: 1- اتساع النطاق: حيث شهدت مختلف القطاعات الحكومية والأهلية والخاصة في الآونة الأخيرة احتجاجات فئوية بدرجات متفاوتة، بداية من اعتصام المضيفين الجويين في مطار القاهرة، وتعطيل حركة الملاحة الجوية في 7 سبتمبر الجاري، مرورًا بإضراب موظفي الجامعات المصرية في 15 سبتمبر، بالتوازي مع إضراب واسع النطاق في هيئة النقل العام في العاصمة، وإضراب أوسع نطاقًا للمعلمين في المدارس الحكومية، واعتصام بعضهم أمام مبنى مجلس الوزراء، وانتهاء بإضراب سائقي الأجرة، وموظفي وزارة الآثار في 17 سبتمبر، واعتصام طلاب وأساتذة جامعة النيل احتجاجًا على نزع ملكيتها. 2- سرعة الانتشار: يأتي السكون المرحلي في الاحتجاجات الفئوية متبوعًا بانفجارها بصورة أكثر حدة؛ حيث رصد المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية في إحصائية صادرة في 20 سبتمبر تصاعد عدد الاحتجاجات خلال الفترة المنقضية من شهر سبتمبر إلى 300 نشاط احتجاجي في أعلى معدل منذ بداية العام الحالي، وامتدت الاحتجاجات إلى قطاعات سيادية مثل احتجاج ضباط الصف بالقوات المسلحة، وقطعهم الطريق الدائري في 12 سبتمبر، واعتصام مجندي سجن قنا، واحتجاج العاملين بهيئة الطاقة الذرية بمفاعل أنشاص والعاملين بالمصانع الحربية في 16 سبتمبر الجاري. 3- التركز في القطاع الحكومي والحضر: تركزت غالبية الاحتجاجات الفئوية في القطاعين الحكومي والأهلي في النصف الأول من شهر سبتمبر نتيجة اتساع نطاق المطالب الاقتصادية والاجتماعية مع امتداد الاحتجاجات إلى قطاعات جديدة مثل طلاب الجامعات الخاصة الرافضين لرفع المصروفات وملاك سيارات الأجرة المعترضين على دفع مخالفات المرور. وعلى مستوى التوزيع الجغرافي فإن محافظة القاهرة ومحيطها الجغرافي شهدت العدد الأكبر من الأنشطة الاحتجاجية، تليها المحافظات الحضرية؛ غير أن ذلك لم يمنع امتداد آثارها وبصورة متفاوتة في الكثافة والحدة إلى محافظات أخرى. 4- تصاعد احتمالات العنف: انعكس الاحتقان الاجتماعي وإحباط ثورة التوقعات الثورية في تصاعد وتيرة العنف الذي يتخلل الاحتجاجات الفئوية، فإحصاءات وزارة الداخلية الصادرة في 21 سبتمبر الجاري أكدت تصاعد أعمال العنف الاحتجاجي خلال 48 يوما مضت إلى 80 حالة قطع طرق، و60 حالة تعطيل سكك حديدية، والقبض على 642 من مثيري الشغب الاحتجاجي، واتضحت مؤشرات العنف في تهديد المعتصمين بإحراق شركة بتروجيت، واقتحام وزارة الزراعة من جانب العمال المؤقتين، وإغلاق بعض الجامعات من قبل المعتصمين والاشتباك مع الأمن. أسباب تصاعد الاحتجاجات الفئوية ترتبط الموجة الاحتجاجية المتصاعدة في مصر بمطالب ثابتة من مختلف القطاعات تتمثل في تعديل جداول الأجور والعوائد المالية، وتثبيت العمالة المؤقتة، وتعيين بعض الكوادر، وتطهير المؤسسات من قيادات النظام السابق، بيد أن الأسباب الرئيسية الدافعة للاحتجاجات تمثلت فيما يلي: 1- تردي أداء الاقتصاد: تؤكد مختلف المؤشرات الاقتصادية أن الاقتصاد المصري يمر بمرحلة عصيبة في الفترة الأخيرة؛ حيث ارتفع عجز الميزان التجاري بنسبة 47.9% خلال العام الجاري، وتراجع معدل نمو الاقتصاد المصري إلى 2.2%، مع تصاعد معدلات البطالة بنسبة 13%، ومعدلات التضخم بنسبة 9%، وارتفاع عجز الموازنة العامة إلى 170 مليار جنيه بنسبة 25% بما أدى إلى تراجع قيمة الجنيه المصري إلى أدنى مستوياته منذ 7 سنوات. 2- إعادة الهيكلة الاقتصادية: أدى اتجاه الحكومة المصرية لاقتراض 4.8 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي لطرح برنامج لإعادة الهيكلة الاقتصادية، وتقليص الإنفاق الحكومي، بما أدى إلى ارتفاع مفاجئ في الأسعار، وخاصة أسعار الوقود والسلع الغذائية بنسب تتراوح بين 15% و45% و120%، وارتبط ذلك بأزمات نقص في مختلف السلع الحيوية في ظل تأخر وفاء الرئيس مرسي بتعهدات برنامجه الانتخابي في أول مائة يوم بالرئاسة، لا سيما القضاء على أزمات المرور والطاقة وارتفاع الأسعار. 3- استغلال السياق السياسي: ارتبط امتداد المرحلة الانتقالية وعدم حسم معادلات السلطة بإقرار الدستور، وتأجيل إجراء الانتخابات البرلمانية بإدراك المواطنين لوجود فرصة سياسية مرتبطة بإعادة صياغة العقد الاجتماعي الحاكم لعلاقة الدولة بالمجتمع وسقوط القيود السلطوية والاستجابة الحكومية للاحتجاجات الفئوية على مدار المرحلة الانتقالية، بما شجع قطاعات أخرى في الانخراط بالحراك الشعبي حتى لا تتعرض للتهميش أو الغبن الاجتماعي في ظل ثورة الآمال والتوقعات كأحد خصائص حالة اليوتوبية الثورية المسيطرة على المجتمع. 4- الاستقطاب السياسي: انعكس احتدام التناقضات السياسية بين التيارات المدنية المعارضة ونظيرتها الإسلامية قبيل الانتخابات التشريعية في دعم أنشطة الاحتجاج الاجتماعي، والتنديد باستخدام القوة في التصدي لها، فاحتجاجات الموظفين في بعض الجامعات ارتبطت بتحفيز الاشتراكيين الثوريين والحزب الشيوعي، كما شارك الحزب الاشتراكي المصري في تنظيم احتجاجات الفلاحين بالنوبارية، واعترضت مختلف الأحزاب المدنية على فض اعتصام جامعة النيل بالقوة، وفي السياق ذاته فإن الحراك النقابي يُعد أحد محفزات تصاعد الاحتجاجات الفئوية، فالنقابة المستقلة للمعلمين تقود تنظيم الإضرابات المتوالية، وعلى النهج ذاته تقوم جمعية "أطباء بلا حقوق" بتنسيق الإضرابات الجزئية للضغط على الحكومة لتعديل هياكل الأجور. مستويات تأثير الاحتجاجات الفئوية أدى تصاعد وتيرة الاحتجاجات الفئوية إلى استنزاف موارد مؤسسات الدولة وعجزها عن أداء وظائفها، فاعتصام المضيفين الجويين بمطار القاهرة ترتب عليه خسائر تقدر بحوالي 50 مليون جنيه، فضلا عن أن الاستجابة الحكومية المتتالية لمطالب رفع الأجور أدت إلى تصاعد الإنفاق الحكومي إلى 533 مليار جنيه مع ارتفاع الرواتب في الموازنة إلى 136 مليار جنيه بنسبة 25% بما ترتب عليه ارتفاع عجز الموازنة، وتراجع قيمة الجنيه المصري، وتأزم أوضاع الاقتصاد. وإدراكًا لخطورة الاحتجاجات الفئوية وتقويضها ركائز مؤسسات الدولة، تغير نهج الحكومة في التعامل معها، وهو ما بدت مؤشراته في استخدام القوة لفض خمسة اعتصامات يوم 17 سبتمبر، أهمها اعتصام سائقي النقل العام في المظلات، وطلاب جامعة النيل والمعلمين أمام مقر رئاسة الوزراء، بينما تمثلت الآلية الثانية في تجاهل الاحتجاجات الفئوية، ورفض الاستجابة لها، وهو ما بدا في رفض وزير المالية تحمل أي زيادة جديدة في رواتب المعلمين؛ إلا أن التسويات المؤقتة الآنية لا تزال النهج المسيطر على أداء الحكومة، وخاصة الوعود بدراسة المطالب، والتفاوض بشأنها. وإجمالا تحكم سيناريوهات عديدة مآلات الاحتجاجات الفئوية في مصر. أولها يتمثل في الاستمرار في نهج الاستجابة الجزئية والحلول المؤقتة بما سيؤدي إلى مزيدٍ من العجز المالي، وتفجر مزيد من الاحتجاجات. وثانيها يتمثل في تجاهل الاحتجاجات بما سيؤدي إلى تحولها نحو العنف، وربما موجة ثورية جديدة. ويتمثل السيناريو الثالث في استخدام العنف، وعودة القيود السلطوية، بما سيحقق استقرارا هشًّا يُنذر بتفجر جديد للأوضاع. أما السيناريو الرابع والأمثل فيتمثل في حشد قطاعات المجتمع خلف برنامج تنموي واضح يتضمن تسوية كاملة للمطالب المجتمعية، ومد قنوات فعالة لاستقبال مطالب المحتجين، والتعامل معها بكفاءة. |
#160
|
|||
|
|||
شكرا
السيد المحترم / ايمن نور
هذا المقال اتفق في كثير منه وقد اختلف في بعضة لكن من اكثر ما لفت انتباهي هذة الجملة اقتباس:
انني دائما ابحث عن الحل , لا ابحث عن تحليل وطرح الاشكاليات فقط خاصة التي تؤدي بنا الي ثورة اخري . والشكر الجزيل لحضرتك
__________________
#الإشـاعة يؤلفها #الحاقد وينشرها #الأحمق ويصدقها #الغبي حاول أن لا تكون من هؤلاء الثلاثة.
بالفيديو.. توثق أحداث الذكرى الثانية للثورة |
#161
|
|||
|
|||
إنها ليست إحتجاجات
ولكنها احتياجات فلايحتج فى هذا الزمن إلا المرفه أما البسطاء فالحاجة هى التى تدفعهم للمذلة وطلب المعونه من حكامه ويكتب له النوم على رصيف مجلس الوزراء بقميصه الأبيض ليعود لأولاده بلا جديد سوى تحول القميص الأبيض إلى رصاصى !!!!!!!!!!!!!! حسبنا الله ونعم الوكيل ما أشبه اليوم بالبارحه ويسيئون إلى قادة ثورة يوليو والتى أنجزت للشعب البسيط قبل أن تنجز لقادتها بينما نحن الأن فى فرح بلدى - المقاعد فيها للكبار - والجلوس على الأرض ويا أسفاااااه لأصحاب الأرض جزاكم الله خيرا
__________________
الحمد لله |
#162
|
||||
|
||||
اقتباس:
جزاك الله خيرا و بارك الله فيك
آخر تعديل بواسطة aymaan noor ، 21-10-2012 الساعة 09:49 AM |
#163
|
||||
|
||||
لماذا تخشى بغداد سقوط النظام في دمشق؟
لماذا تخشى بغداد سقوط النظام في دمشق؟ هناك قلق شديد في العراق منذ بدء الأزمة في سورية من احتمالات سقوط النظام السوري، وهو ليس محصوراً في الأوساط الرسمية فحسب بل حتى في الأوساط الشعبية. والمخاوف العراقية حقيقية وليست أوهاماً كما يتصورها البعض لأن لها ما يبررها. فإن كانت المجموعات الإرهابية المعادية للعراق انطلقت من سورية العلمانية التي يحكمها «العلوي» بشار الأسد خلال 2003-2010،حميد الكفائي وقتلت آلاف الأبرياء مدنيين وعسكريين، سنّة وشيعة وأكراداً ومسيحيين وتركماناً، وخرّبت المدن والمؤسسات والكنائس والجوامع والمصانع والشوارع، ولم يسلم منها حتى سوق الطيور في بغداد، فلماذا لا تستمر هذه الجماعات وتزداد شراسة في ظل حكم ديني متشدد قد يمدها بالعون المادي والمعنوي واللوجستي ويشاركها العداء لحكومة «الروافض» في بغداد؟ هذا التساؤل العراقي الكبير لم يجد له أحد جواباً يجعل العراقيين يغيّرون موقفهم، المتفرج في أحسنه وربما المساند للنظام السوري أو الراغب في بقائه والخائف من تبعات سقوطه. وقد يقول قائل إن الموقف العراقي المتأرجح هو بسبب تأثر العراق بالموقف الإيراني. إلا أنه، وعلى رغم أن هذا الرأي لا يخلو من وجاهة، باعتبار أن العراق يريد أن يتعاون مع جارته الشرقية لدعم الاستقرار في العراق أولاً والمنطقة ككل، فالحقيقة أن العراقيين خائفون جداً على مستقبل بلدهم وأمنه واستقراره ووحدته الوطنية من البديل السوري المقبل، وكل ما فعله بشار بهم من تسهيل لعبور المسلحين وتسليحهم وتنسيق نشاطاتهم، يمكن نسيانه أو تناسيه إن فكروا بما يمكن أن يفعله نظام سنّي متشدد يعلنها «حرباً لا هوادة فيها على الروافض». وعلى رغم أن هذا السيناريو مستبعد، لأن أي نظام جديد في سورية سيسعى في سنواته الأولى للتصالح مع البلدان المجاورة، إلا أنه سيكون من دون شك مفككاً وضعيفاً، ما يشجع الجماعات المسلحة التي تعادي النظام العراقي على استغلال هذا الضعف للانطلاق منه نحو العراق. ثمّ إن العراق لا يرغب في الاصطدام بروسيا والصين اللتين تؤيدان بقاء النظام السوري لأسباب استراتيجية تتعلق بمصالحهما في الشرق الأوسط وبخشيتهما من الهيمنة الغربية على المنطقة، باعتبار أن الغربيين بدأوا يتعاونون مع الأحزاب الإسلامية ولا يمانعون في صعودها إلى السلطة إذ رأوا أن هذا هو الخيار الأفضل لهم، لأن هذه الأحزاب تتمتع بشعبية تمكِّنها من تمثيل بلدانها تمثيلاً أفضل وتجعل قراراتها ذات ثقل أكبر، كما إنهم يعلمون أن المستقبل للعقلانية وإرساء علاقات اقتصادية تدعم الاستقرار وتزيد تعاون الدول الناشئة مع الدول الغربية المتفوقة اقتصادياً وتقنياً. وقد رأينا أن العراق اضطر إلى التعاون مع روسيا عسكرياً لسهولة وسرعة الحصول على المعدّات العسكرية حتى المعقدة منها، كالطائرات والدبابات المتطورة. أما اقتناء السلاح الأميركي فيستغرق سنين طوالاً بعد إبرام الاتفاق مع الأميركيين، لأن هناك موافقات أخرى، أميركية ودولية، يجب أن تحصل عليها الإدارة وتعهدات يجب أن تقدمها الحكومة العراقية بعدم استخدامه ضد هذه الدولة أو تلك، إضافة إلى أن صناعته تستغرق وقتاً أطول إذ تصنعه شركات خاصة، على خلاف السلاح الروسي الذي تصنِّعه الدولة. وهناك من يفسر الموقف العراقي بأنه انحياز طائفي إلى النظام السوري، وعلى رغم أن هذا الرأي لا يخلو من وجاهة، فالحقيقة أن مواقف الدول، كل الدول، باستثناء تلك التي تدار بعقليات منغلقة، تُتخذ على أساس المصالح دون غيرها وقد تساهم المشتركات الدينية والقومية والثقافية، خصوصاً عند الطبقات الحاكمة، في تقريب بعض الدول إلى بعضها، لكن ذلك لن يكون فوق المصالح أو قبلها. وإن نظرنا إلى سورية ما قبل 2011، لرأينا أن علاقتها بالعراق كانت متوترة على رغم العلاقات الطائفية المزعومة. فسورية بشار الأسد حاولت قصارى جهدها إضعاف «حكم الشيعة» بين 2003 و2010 ولم تكترث للقرب الطائفي. ثمّ إن العلويين غير الشيعة ولا يمكن اعتبارهم جزءاً من الشيعة على رغم أن جذورهم شيعية كما جذور طوائف أخرى. الغائب عن السياسة العراقية الحالية تجاه النظام السوري أن الأخير لن يستطيع الصمود طويلاً بعد تلقيه ضربات موجعة من القوى المعارضة، وهو آيل إلى السقوط حتى وإن تمكن من البقاء لعام آخر أو أكثر. وعدم وجود سياسة عراقية واضحة للتعامل مع سورية ما بعد الأسد ليس في مصلحة العراق. صحيح أن العراق عَرَضَ أن يجمع الحكومة والمعارضة معاً في مؤتمر في بغداد، لكن المزيد من الانفتاح على قوى المعارضة السورية مطلوب من أجل تعميق التفاهم حول المشتركات بدلاً من أن تبقى قوى المعارضة معادية للعراق وتعتبره مسانداً للنظام السوري، وهو الذي عانى منه في السابق. يجب أن تعلم الطبقة السياسية العراقية أن جزءاً مهماً وكبيراً من الشعب السوري يرفض النظام الحالي كلياً ويريد تغييراً كالذي حصل في العراق وتونس ومصر وليبيا واليمن. إنهم يريدون نهاية لحكم ديكتاتوري بُني على أساس الحزب القائد وتوريث الرئاسة من الأب إلى الابن في تجربة هي الأولى من نوعها في العالم العربي. النظام السوري الحالي دام ما يقارب الخمسين عاماً، بينما تجاوز حكم عائلة الأسد 42 عاماً، لكنه لم يحقق أياً من الأهداف التي سعى رسمياً من أجلها، فلا حرر فلسطين أو الجولان ولا حقق الوحدة العربية ولا الاشتراكية، وهو بالتأكيد لم يحقق الحرية. من حق الشعب السوري أن يطمح في نظام أفضل منه، نظام ديموقراطي عصري يمثل الشعب بكل تنوعاته وبعدالة تعكسها صناديق الاقتراع. وفي الوقت نفسه، فإن بعض قوى المعارضة السورية بحاجة إلى أن تتخلى عن تشددها الديني والمذهبي وتتبنى بجد سياسات معتدلة تتقبل الآخر وتحترم خياراته وآراءه. فالعالم لم يعد يقبل بقوى متشددة تسعى لفرض رؤاها وعقائدها على الآخرين بالقوة. ولم تعد القوة الذاتية، بكل أشكالها، المسلحة أو الجماهيرية، وحدها كافية لانتصار أي طرف سياسي على آخر، بل هناك حاجة لقبول وطني ودولي بالقوى السياسية والأفكار التي تعتزم إدارة البلد وفقها. فإن كانت إقصائية ومتشددة، فإنها لن تسود حتى وإن تمتعت بشعبية كبيرة لأن العالم سيقف ضدها ويطيح أصحابها في نهاية المطاف. لا حل إذاً سوى الديموقراطية والوسطية والتعايش مع الآخر المختلف. |
#164
|
||||
|
||||
اقتباس:
جزاك الله خيرا و بارك الله فيك
|
#165
|
||||
|
||||
حل جماعة الإخوان ..ضرورة وطنية
حل جماعة الإخوان ..ضرورة وطنية فترض المرحلة الحالية والقادمة في الكثير من البلدان العربية، إن لم يكن كلها، حل «الإخوان المسلمين» بشكلها الذي عُرفت به على مدار العقود الماضية وانتقالها إلى حزب سياسي واضح الملامح (وليس إنشاء حزب تابع لها مع الإبقاء عليها كما هي في اكثر من حالة). ودفعاً لأي التباس ليس المقصود هنا الدعوة إلى التخلص من الإسلاميين، لا بشكل مباشر أو مبطنخالد الحروب أكاديمي فلسطيني ، لأن في هذا نزعة إقصائية غير ديموقراطية أولاً، ولأنه غير ممكن عملياً حتى لو أراد خصومهم القيام بذلك. بل المقصود هو تغيير شكل اندماج الإسلاميين في التسيس الوطني، وانخراطهم فيه، والاندراج في الآليات والوسائل السياسية المتوافرة الآن في الحقبة الديموقراطية، والتخلي عن الآليات والوسائل التي تبناها الإسلاميون في حقبة ما قبل الديموقراطية. هناك ثلاث ضرورات تبرر وتستدعي الدعوة إلى حل جماعة الإخوان المسلمين وتحولهم إلى أحزاب سياسية وطنية في بلدانهم تشتغل ضمن السيادة الوطنية، وتخضع لما تخضع له بقية الأحزاب السياسية: الأولى ضرورة وطنية، والثانية ضرورة إقليمية ودولية، والثالثة ضرورة تنظيمية. هذه السطور تتناول جوانب الضرورة الوطنية التي تتطلب في حقبة الربيع العربي وما بعدها تخلي الإخوان المسلمين عن الصيغة الغائمة التي وسمت شكل حراكهم السياسي والثقافي خلال العقود الماضية، وفي مقالين لاحقين سوف يتم تناول جوانب الضرورتين الأخريين. في مرحلة الديموقراطية والانتخابات، أو حيث تتيح الظروف القيام بذلك أو جزء منه (كما في مصر وتونس وليبيا والمغرب والأردن واليمن والجزائر والسودان وموريتانيا) يمثل الحزب السياسي الآلية الأساسية والوحدة المركزية للعمل السياسي، وهو الترجمة العملية والسياسية لأية أيديولوجيا تطرح نفسها على المجتمع كمنقذ ومخلص له من مشكلاته. الحزب السياسي هو الذي يعرض على الجمهور برنامجه السياسي والذي على أساسه يطمح لأن يقود المجتمع والبلاد، ومن خلاله يستطيع الجمهور أن يحكم على الأيديولوجيا أو البرنامج السياسي الذي يتبناه الحزب. بقية الآليات والجمعيات وأشكال المجتمع المدني تعمل على تعزيز الحياة الديموقراطية والحد من تغول السلطة، والتأثير في الأحزاب، وتأييد قضايا محددة، وسوى ذلك، لكنها ليس هي الآليات التي يتم توسلها للوصول إلى السلطة. في المرحلة الحالية، عربياً، يشكل الإخوان المسلمون حزباً يشارك في العمل السياسي ثم يختبئون خلفه، ويتركون مسافة «آمنة» بينهم وبينه ليتبرأوا من أخطائه، ويتبنوا نجاحاته في الآن ذاته. هذا يعني التهرب من المحاسبة والمسؤولية عن الأخطاء التي هي سمة العمل السياسي والتعلم منها (بل التخلي عنها وعدم الإقرار بالمسؤولية)، وبالتالي محاولة البقاء في مربع «التطهر السياسي» وهو ما يعكس توتراً داخلياً وعدم حسم في الخيارات. لكن الأهم من ذلك، من زاوية «الضرورة الوطنية»، هو استمرار تلك المنطقة الغامضة والرمادية بين الحزب والجماعة حيث تضيع المسؤوليات ويصعب تطبيق المحاسبة ومعرفة نسبة الأخطاء إلى فاعليها ضمن سيرورة البناء الوطني. المشكلة في الإبقاء على الشكل التقليدي لـ «جماعة الإخوان المسلمين» في وضع سياسي ديموقراطي مفتوح يسمح للإخوان المسلمين بالتحول إلى حزب سياسي يبقي على الشكوك العميقة إزاء النيات الحقيقية للجماعة. المسوغ الوحيد الذي قد يمنح شرعية لبقاء «الجماعة» بعد إنشاء «حزب» لها هو أن تتحول وظائفها كلياً إلى أشكال أخرى لا علاقة لها بالسياسة، أي أن تصبح جمعية من جمعيات المجتمع المدني، تؤيد الحزب الذي أنشأته وتخضع له، لا أن يخضع لها. طالما ظلت علاقة الحزب بالجماعة (مثل حزب العدالة والتنمية في مصر، أو جبهة العمل الإسلامي في الأردن) علاقة تبعية، علاقة الابن بالأب، فإن تقدم ونجاح العملية السياسية على المستوى الوطني بشكل عام يظل بطيئاً ومحفوفاً بالشكوك. ومن اهم الجوانب المقلقة إن لم نقل الخطيرة في علاقة الحزب بالجماعة وانعكاسات ذلك على الواقع الوطني والعلاقة مع بقية الطيف السياسي يتمثل في السلطة الروحية والسياسية للمرشد العام للإخوان المسلمين في مصر، أو المراقب العام للجماعة في كل بلد يكون لها فيه حزب، أو لرئيس الحركة (كما في تونس مثلاً، حيث سلطة الغنوشي مقابل سلطة الحكومة التي تسيطر عليها «النهضة»). ففي كل هذه الحالات ثمة ازدواجية في قيادة «التيار الإسلامي» المشارك في العملية السياسية بحيث لا تطمئن الأحزاب الأخرى إلى مدى عمق التوافقات التي تصل إليها مع الحزب الرسمي، بخاصة مع حرص الجماعة والحزب على الإبقاء على «مسافة آمنة» بين الإثنين. أحد جوانب خطورة فكرة «المرشد العام» أو «الأب الروحي»، كما هي حالة محمد بديع في مصر، أو راشد الغنوشي في تونس، أو حسن الترابي في السودان، تكمن في توفيرها بيئة ينزلق فيها التسيس الإسلامي نحو النموذج الإيراني الذي يرقّي «آية الله» إلى رتبة عظمى فوق الجميع وإلى مرتبة تكون محصنة أو شبه محصنة ضد النقد السياسي بسبب اختلاطها واحتمائها بالديني بشكل أولي ونهائي. الإبقاء على «جماعة الإخوان المسلمين» في خلفية «الحزب» الذي يمثلها يكبل هذا الحزب ويكبح إبداعاته، والأهم على مستوى «الضرورة الوطنية» يحرم الأوطان والاجتماع السياسي فيها من ترسيخ وتكريس التوافقات والتنازلات التي تستقر عليها الأطراف والأحزاب ومن ضمن ذلك التنازلات البراغماتية التي يقدمها «الحزب الإسلامي» نفسه نتيجة احتكاكه بالواقع الوطني وبالمشكلات على الأرض. تظل «الجماعة» في هذه الحالة تشكل «خط رجعة» للحزب وهذا لا يساعد مرة أخرى على تأسيس البنى الديموقراطية والبناء عليها، لأن الشكوك تظل عميقة، والتنازلات المقدمة من الإسلاميين يمكن التراجع عنها، أو حتى سحبها من قبل الجماعة الأم. وما لا يقل عن ذلك سوءاً هو إنتاج خطابين إسلامويين في السياسة متوازيين، واحد ينطق به الحزب، وآخر تنطق به الجماعة. ولأن خطاب الحزب يكون اكثر تسيساً وبراغماتية بخاصة إن وصل إلى الحكم فإن ذلك سوف يُرى من قبل الجماعة على انه تقديم تنازلات تدمر صورة «الجماعة» مما يضطرها لتبني خطاب متشدد بهدف تعويض خسارات الخطاب المعتدل للحزب. والشواهد على هذه المسألة اكثر من أن تُحصى، وتكفي الإشارة هنا إلى موقف المرشد العام في مصر من إسرائيل، وموقف الدولة المصرية التي يقودها حزب الإخوان من اتفاقيات كامب ديفيد والعلاقة مع إسرائيل. وهذا كله ناتج من تمسك الجماعة بالاشتغال بالسياسة التي هي وظيفة الحزب، وتمسكها في أن تظل فوق الحزب. معنى ذلك، وعلى مستوى «الضرورة الوطنية»، أن الخيوط التي تبقى تشد الحزب، حزب الجماعة، إلى جماعته الأم عبر السيطرة والتبعية والتردد إزاء اتخاذ مواقف ريادية أو توافقية على المستوى الوطني، تشل كتلة الوسط الوطني وتعيق من تشكلها، وهو التشكل الذي ربما يمثل الركيزة وحجر الأساس لأي تسيس وطني عميق وناجح ويؤسس لديموقراطيات راسخة. على الإسلاميين في كل البلدان التي يمارسون فيها حرية تشكيل الأحزاب والمشاركة في الانتخابات بل والفوز فيها أن يملكوا الجرأة لإنهاء الازدواجية السياسية التي يمارسونها في أوطانهم، ويعملوا إما على حل الجماعة الأم التي تقف خلف الحزب الذي يشكلونه، أو الواجهة السياسية التي يختبئون خلفها. وهذا يدمجهم بشكل تام في النسيج السياسي الوطني، ويطمئن الأطراف إزاء نواياهم، فضلاً عن انه يطورهم ويعمق من تجربتهم، ويجعلهم يواجهون الواقع بشكل مباشر ويُنهي سيكولوجيا الهروب إلى الخلف، إلى دفء الأيديولوجيا والشعارات، عندما يواجهون معضلات بالغة الصعوبة، وحيث تبقى الفكرة المدمرة التي تقول «إننا نمر في مرحلة ظرفية» هي المسيطرة على التفكير السياسي الإسلاموي، وتدمر معها كل جسور الثقة مع الآخرين الذين من حقهم أن يظلوا يتساءلون عن «المرحلة النهائية» التي تستولي على العقل السياسي الإسلاموي. الحزب السياسي، حزب الإخوان المسلمين، هو الذي سوف يكشف للإسلاميين وعبر غنى وربما عبقرية السياسة أن العالم والمجتمعات والبلدان تمر من مرحلة ظرفية إلى مرحلة ظرفية أخرى، وأنه ليس هناك «مرحلة نهائية» إلا في عقول الطوباويين، وأن كل ما هو مطلوب هو إدارة هذه المراحل الظرفية بأكبر قدر من النجاح، أي خدمة الناس، وبأقل قدر ممكن من الخسائر. |
العلامات المرجعية |
|
|