#1
|
||||
|
||||
ربانيون لا رمضانيون
بسم الله الرحمن الرحيم ثالثاً: استعن بالله ولا تعجز. إِنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذُ بالله من شرور أَنفسنا وسيئات أَعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأَشهدُ أَنَّ لا إِله إِلا الله وحده لا شريك له، وأَشهدُ أَنَّ نبينا وحبيبنا محمداً عبده ورسوله وصفيه من خلقه وخليله. أَدَّى الأَمانةَ، وبَلَّغَ الرسالةَ، ونَصَحَ الأُمةَ، وكشف الله به الغمة، جاهد في الله حق جهاده حتى أَتاهُ اليقين، اللهم اجزه عنا خير ما جزيت نبياً عن أُمته ورسولاً عن دعوته ورسالته وصلِّ اللهم وسلم وزد وبارك عليه وعلى آله وأَصحابه وأَحبابه وأَتباعه وعلى كل من اهتدى بهديه واستن بسنته واقتفى أَثره إِلى يوم الدين. إِننا اليوم على موعـد مع لقاء من الأَهمية البالغة بمكان وهو بعنوان: "كن ربانياً ولا تكن رمضانياً" وكما تعودنا دائماً حتى لا ينسحب بساط الوقت من بين أَيدينا فسوف نركز هذا الموضوع في العناصر التالية: أَولاً: الثوابت الإيمانية. ثانياً: عرفت فالزم. فأَعيروني القلوب والأَسماع والوجدان أَيها الأَحبة، والله أَسأَل أَنّ يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أَحسنه أَولئك الذين هـداهم الله، وأَولئك هم أَولو الأَلباب. أَولاً: الثوابت الإِيمانية. أَحبتي في الله: ها هو رمضـان قد انتهى فمن كان يعبد رمضان فإِنَّ رمضان قد فات ومن كان يعبد الله فإِنَّ الله حيٌ لا يمـوت، لقد انتهى شهر الصيام، انتهى شهر القيام والقرآن، انتهى شهر البر والجود والإِحسان، ربح فيه من ربح وخسر فيه من خسر. فليت شعري من المقبول منا في رمضان فنهنيه ومن المطرود المحروم منا فنعزيه. أَيها الفضلاء الأَعزاء:
مما لا ريب فيه أَنَّ الله جل وعـلا قد فضل شهر رمضـان على سائر الشهور والأَزمان، واختصه بكثير من رحماته وبركاته، ويسر الله فيه الطاعة لعباده مما لا يحتـاج إِلى دليل أَو برهـان، فأَنتَ ترى المسلمين في رمضان ينطلقون بأَريحية ويسر إِلى طاعة الرحيم الرحمن جل وعـلا، ولم لا؟ قد غُلِّقت أَبـواب الجحيم، وفتحت أَبـواب النعيم، وغـل فيه مـردة الجن والشياطين، فأَنتَ ترى الناس تقبل على طاعة الله وعبادته بأَريحية عجيبة، ولكن ما يُحـزن القلب ويؤلم النفس أَنكَ ترى كثـيراً ممن عطروا بأَنفاسهم الذكية المساجـد في رمضان يعرضون عن طاعة الله رب البرية بعد رمضان، وكأَنهم في رمضان يعبدون رباً آخر، فالإِيمان له ثوابت لا يستغني عنها المؤمن حتى يلقى الكبير المتعال، فمثلاً الصلاة: مَن مِن المؤمنـين الصادقين يستغني عن الصلاة بعد رمضان؟ انظر إِلى المساجد في رمضان، وانظر إِلى ذات المساجد بعد رمضان. أَيها الموحدون: هل يستغني مؤمن صادق مع الله عن هذا الأَصـل الأَصيل وعن هذه الثوابت الإِيمانية حتى يلقى رب البرية وهو الركن الثاني من أَركان هذا الدين قال تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238] وقال جل وعلا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الحج: 77]. وحذر الله أشد التحذير من تضييع الصلاة ومن تركها في رمضان أَو غير رمضان فقال جل وعلا:{فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاَةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا} [مريم: 59]. وقال جل وعلا: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ إِلاَّ أَصْحَابَ الْيَمِينِ فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ عَنِ الْمُجْرِمِينَ مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ} [المدثر: 38-43]. فيا من هيأَ الله له صيام شهر رمضان لا تضع الصـلاة، فالصلاة صلة لك بالله، ومعين لك يطهرك من المعاصي والذنـوب، وفي الصحيحين من حديث أَبي هريرة أَنَّ النبي صَلَى اللهُ عَليهِ وَسلَّم قال: "من غدا إِلى المسجد أَو راح أَعَدَّ الله له نُزلاً في الجنة كلما غدا أَو راح". الراوي: أبو هريرة – المحدث: البخاري – المصدر: الجامع الصحيح – الصفحة أو الرقم: 662 – خلاصة الدرجة: صحيح، الراوي: أبو هريرة – المحدث: مسلم – المصدر: المسند الصحيح – الصفحة أو الرقم: 669 – خلاصة الدرجة: صحيح. وفى صحيح مسلم من حديث أَبي هريرة أَنَّ النبي صَلَى اللهُ عَليهِ وَسلَّم قال: "أَلا أَدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات؟" قالوا: بلى يا رسول الله قال:" إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخُطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط، فذلكم الرباط، فذلكم الرباط". الراوي: أبو هريرة – المحدث: مسلم – المصدر: المسند الصحيح – الصفحة أو الرقم: 251 – خلاصة الدرجة: صحيح. افترض الله على المؤمنين الصـلاة وتعبدهم بها في كل زمان ومكان حتى يلقى العبد ربه ليُسأل أَول ما يُسأَل عن الصلاة. فعن أبي هريرة قال صَلَى اللهُ عَليهِ وَسلَّم: "إِنَّ أَول ما يُحاسب به العبد يوم القيامة من عمله صلاته، فإِنّ صلحت فقد أَفلح وأَنجح، وإِن فسدت فقد خاب وخسر". الراوي: أبو هريرة – المحدث: الترمذي – المصدر: سنن الترمذي – الصفحة أو الرقم: 413 – خلاصة الدرجة: حسن غريب من هذا الوجه. أَيها الموحدون: ومن الثوابت الإِيمانية: القرآن إِنَّ القـرآن حياة القلوب والأَرواح، القرآن حياة النفوس والصدور، القرآن حياة الأَبدان، القرآن شراب النفس وطعامها، فهل يستغني مؤمن عن روحه؟ هل يستغني مؤمن عن أَصل حياته، إِنَّ القرآن يهدي للتي هي أَقوم فلا تضيعوا هذا الطريق ولا تنصرفوا عنها. إِنَّ طرف القـرآن بيد الله، وإِنَّ طرفه أَيديكم فإِذا تمسكتم بهذا الحبل المتين لن تضلوا، ولن تهلكوا أَبداً، وهـل يستغني أَحدٌ عن أَن يكلمه الله في اليوم مرات، فمن أَراد أَن يُكلم الله فليدخل في الصلاة ومن أَرادَ أَن يُكلمَه الله فليقرأَ القرآن، وهل تستغن عن ربك أَيها الموحد؟، لا تضيع القرآن بعد رمضان، واعلم أَنَّ الله قد مَنَّ عليك بالقرآن في رمضان فجعلت لنفسك ورداً يومياً، فلماذا بعد رمضان تركت هـذا الورد ووضعت المصحف في علبته كأَنك لن تحتاج إِليه إِلا في رمضان المقبل؟! فيا أَيها الحبيب الكريم: اقرأَ القرآن واعمل بما فيه، فإِنهُ يأَتي يوم القيامة شفيعاً لأَصحابه، ففي صحيح مسلم عن أَبي أَمامة الباهلي قال: سمعت رسول الله يقول: "اقرؤوا القرآن، فإِنهُ يأَتي يوم القيامة شفيعاً لأَصحابه" "اقرؤوا الزهراوين: البقرة، وآل عمران، فإِنهما تأتيان يوم القيامة كأَنهما غمامتان أَو غيايتان أَو كأَنهما فرقان من طير صواف تحاجان عن صاحبهما" "اقرؤوا سورة البقرة، فإِن أَخذها بركة، وتركها حسرة، ولا تستطيعها البطلة". الراوي: أبو أمامة الباهلي – المحدث: مسلم – المصدر: المسند الصحيح – الصفحة أو الرقم: 804 – خلاصة الدرجة: صحيح. ويقول صَلَى اللهُ عَليهِ وَسلَّم كما في الصحيحين من حديث ابن عمر رضي الله عنهما: "لا حسد إِلا في اثنتين رجل آتاه القرآن فهو يتلوه آناء الليل وآناء النهار، ورجل أَعطاه الله مالاً، فهو ينفقه آناء الليل وآناء النهار". الراوي: عبد الله بن عمر – المحدث: البخاري – المصدر: الجامع الصحيح – الصفحة أو الرقم: 5025 – خلاصة الدرجة: صحيح، الراوي: عبدالله بن عمر – المحدث: مسلم – المصدر: المسند الصحيح - الصفحة أو الرقم: 815 - خلاصة الدرجة: صحيح. "رجل أتاه القرآن فهو يقرأه آناء الليل وآناء النهار" أَي في سائر العام فلا تهجروا القرآن يا أُمة القرآن بعد رمضان، ومن الثوابت التي لا غنى عنها للمؤمن بعد رمضان: ذكر الرحيم الرحمن.
__________________
قلب لايحتوي حُبَّ الجهاد ، قلبٌ فارغ .! فبالجهاد كنا أعزة .. حتى ولو كنا لانحمل سيوفا .. |
#2
|
||||
|
||||
أَخي الكريم:
__________________
قلب لايحتوي حُبَّ الجهاد ، قلبٌ فارغ .! فبالجهاد كنا أعزة .. حتى ولو كنا لانحمل سيوفا .. |
#3
|
||||
|
||||
ثانياً: عرفت فالزم.
ذقت حلاوة الإِيمان وعرفت طعم الإِيمان، عرفت هذا في رمضان، ما منا من أَحدٍ صام وقام رمضـان وقام ليلة القـدر إِلا وذاق هذه الحلاوة، حلاوة شرح الصدر وسرور القلب، عرفت فالزم، الزم هذا الضرب المنير، واستقم على هذا الصراط المستقيم، ففي الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها أَنَّ النبي صَلَى اللهُ عَليهِ وَسلَّم قال: "يا أَيها الناس عليكم من الأَعمال ما تطيقون فإِنَّ الله لا يمل حتى تملوا، وإِنَّ أَحب الأَعمال إِلى الله ما دووم عليه وإِن قل". الراوي: عائشة –المحدث: مسلم – المصدر: المسند الصحيح - الصفحة أو الرقم: 782 - خلاصة الدرجة: صحيح. وفي صحيح مسلم من حديث عائشة قالت: "كان رسول الله إِذا عمل عملاً أَثبته" الراوي: عائشة –المحدث: مسلم – المصدر: المسند الصحيح - الصفحة أو الرقم: 782 - خلاصة الدرجة: صحيح. . أَي داوم عليه وحافظ عليه. وفي صحيح مسلم من حديث أَبي عمرة سفيان بن عبد الله الثقفـي أَنه قال للنبي صَلَى اللهُ عَليهِ وَسلَّم "قل لي في الإِسلام قولاً لا أَسأَل عنه أَحداً بعدك". قال الحبيب: "قل آمنت بالله ثم استقم".الراوي: سفيان بن عبدالله الثقفي – المحدث: مسلم – المصدر: المسند الصحيح - الصفحة أو الرقم: 38 - خلاصة الدرجة: صحيح. قل آمنت بالله ثم استقم، أَي استقم على ضرب الإِيمـان، استقم على طريق التوبة، استقم على طريق الاستغفار، استقم على طريق قيام الليل، استقم على طريق الإِحسان، استقم على طريق هذه الثوابت الإِيمانية التي أَعانك الله عليها في رمضان، قال جل وعلا: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلاَئِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآْخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ} [فصلت: 30-32]. إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا قرأَها يوماً على المنبر عمر بن الخطاب فقال: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا} ثم استقاموا على منهج الله فلم يروغوا روغان الثعالب، والاستقامة هي المداومة والثبات على الطاعة. أَيها الحبيب الكريم: عرفت فالزم.. الزم هذا الدرب ولا تنحرف عنه. أَقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم. الخطبة الثانية إِنَّ الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستهديه، ونستغفره، ونعـوذ بالله من شرور أَنفسنا، وسيئات أَعمالنا من يهده الله فلا مضل له ،ومن يضلل فلا هادي له. وأَشهد أَنَّ لا إِله إِلا الله وحـده لا شريك له وأَشهد أَنَّ محمـداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وزد وبارك عليه وعلى آله وأَصحـابه وأَحبابه وأَتباعه وعلى كل من اهتدى بهديه واستن بسنته واقتفى أَثره إِلى يوم الدين. أَما بعد أَيها الأَحبة الكرام،
__________________
قلب لايحتوي حُبَّ الجهاد ، قلبٌ فارغ .! فبالجهاد كنا أعزة .. حتى ولو كنا لانحمل سيوفا .. |
#4
|
||||
|
||||
ثالثاً: استعن بالله ولا تعجز.
__________________
قلب لايحتوي حُبَّ الجهاد ، قلبٌ فارغ .! فبالجهاد كنا أعزة .. حتى ولو كنا لانحمل سيوفا .. |
#5
|
|||
|
|||
جزاك الله خيرا أخى الكريم
موضوع مميز
__________________
يافؤادى لاتسل أين الهوى..........كان صرحا من خيال فهوى |
#6
|
||||
|
||||
شكرا على الموضوع
__________________
|
#7
|
||||
|
||||
جزاك الله خير موضوع مفيد جداً
__________________
من وجد الله ماذا فقد ومن فقد الله ماذا وجد ؟؟ امحي ذنوبك في دقيقتين
|
#8
|
||||
|
||||
جزاكم الله خيراً
موضوع اكثر من رائع |
#9
|
||||
|
||||
يحضرنى قول أبي بكر رضي الله عنه بعد وفاة النبى صلى الله عليه وسلم:
"من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات ، ومن كان يعبد الله فإن الله حيٌ لا يموت" وأقول "من كان يعبد رمضان فإن رمضان قد مضى ، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لايموت" لا تنقطع عن العبادة بعد رمضان فرب رمضان هو رب شوال هو رب كل الشهور .. جزاكم الله خيرا على مروركم العطي الطيب واسئلة سبحانة ان يتقبل منا ومنكم صالح الاعمال ان شاء الله
__________________
قلب لايحتوي حُبَّ الجهاد ، قلبٌ فارغ .! فبالجهاد كنا أعزة .. حتى ولو كنا لانحمل سيوفا .. |
#10
|
||||
|
||||
__________________
قلب لايحتوي حُبَّ الجهاد ، قلبٌ فارغ .! فبالجهاد كنا أعزة .. حتى ولو كنا لانحمل سيوفا .. |
#11
|
||||
|
||||
جزاك الله خيراً وبارك فيك
__________________
|
العلامات المرجعية |
|
|