|
حي على الفلاح موضوعات وحوارات ومقالات إسلامية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
تأملات داعية على أعتاب رمضان
بقلم د/ ناجح إبراهيم كان الشيخ الشعراوي رحمه الله يوصي كل تلاميذه قائلا ً: باب الانكسار لله ليست عليه زحمة.. فادخلوا على الله من هذا الباب .. فهو أعظم أبواب الدخول على الله . وهذا المعنى من أدق المعاني التربوية .. فمعظم الناس يغترون بذاتهم.. وبعض العباد يغترون بعباداتهم .. وبعض العلماء يغترون بعلمهم .. وبعض الدعاة يغترون بالآلاف التي تسمعهم.. وبعض الإسلاميين يغترون بجهادهم وبذلهم وسجنهم.. فضلا ً عن أرباب الحكم والسلطة والمال الذين تنتفخ أوداجهم بالغرور والشعور بالعظمة .. ولا يكاد ينفك عن أرباب المال والسلطة الغرور إلا من عصم الله وهم قليل . وكان الشعراوي يطبق هذا عمليا ً .. فقد كان يذهب بين الحين والآخر إلي مسجد الحسين بالليل ومعه حارسه فيغسل دورة المياه في المسجد .. وعندما يعاتبه أصدقاؤه: أريد أن أكسر شوكتي .. حتى لا تقتلني الشهرة وتفسد على َّ نفسي . وكان إذا حل ضيفا ً على بعض أصدقائه ودخل الحمام غسله ونظفه حتى يجعل الحنفيات تلمع من النظافة . وقد دخل من هذا الباب سيدنا يونس عليه السلام حينما ابتلعه الحوت فلم يتوسل إلي الله بأعماله الصالحة وما أكثرها.. كما فعل الثلاثة الذين انطبق عليهم الغار والذين توسلوا لربهم بخالص أعمالهم ففرج الله عنهم. لقد آثر سيدنا يونس عليه السلام أن يدخل علي الله من باب الانكسار لا من باب الافتخار.. فقال: "لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ". فلم يقل كغيره هذه طاعاتي وقرباتي وبذلي وعطائي.. إنه باب الفخر بالطاعة.. وهو أضعف أبواب القدوم علي الله.. وقد كان فقهاء الصوفية الحقة يقولون: " رب ذنب تذل به لديه.. خير من طاعة تدل بها عليه".. أي تحدث بل دلالا ً ومنة علي الله .. آه لقد اندثرت هذه المعاني في دنيا الناس اليوم .. وما أحوجنا إلي إحيائها في هذه الأيام المباركة . واللجوء إلي الله ومناجاته تحتاج إلي قلب سليم وفن عظيم .. إنه فن التعامل مع ملك الملوك سبحانه وتعالى .. وأفضل لغة تتعامل بها مع ملك الملوك هي لغة الأطفال.. وهي لغة البكاء والتضرع والإلحاح في الطلب .. فلا تطلب من الله شيئا ً إلا وأنت تبكي وتتذلل من كل شيء فيك .. من عينيك وقلبك ومشاعرك. ألم أقل لكم أن اللجوء إلي الله فن عظيم يحتاج إلي تجربة ودراية وتواصل مع ملك الملوك سبحانه ؟ قال الله تعالى "إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ".. والأقوم يشمل في معناه الأكمل والأقوى والأسلم والأشمل والأفضل.. فالقرآن يهدي للتي هي أقوم .. وواقع مجتمعاتنا هو الأسوأ والأضعف والأفقر.. فكيف يتسق هذا مع ذاك .. وهذا يوقظنا على حقيقة مرة لها احتمالات ثلاثة هي : 1- إما أننا لا نفهم القرآن فهما ً صحيحا ً . 2- إما أننا لا نعمل به. 3- وإما أننا نقع في الأمرين معا ً فمتى نكون من أصحاب المنهج الأقوم والواقع الأفضل معا ً لنجمع بين صلاح النظرية وجمال التطبيق؟!!!
__________________
|
العلامات المرجعية |
|
|