اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > مسك الكلام فى الاسلام > حي على الفلاح

حي على الفلاح موضوعات وحوارات ومقالات إسلامية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #16  
قديم 11-07-2009, 01:02 AM
Khaled Soliman Khaled Soliman غير متواجد حالياً
معلم أول أ لغة إنجليزية
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
المشاركات: 9,294
معدل تقييم المستوى: 25
Khaled Soliman has a spectacular aura about
افتراضي


قصة إسلام يهودي متطرف

حُسن خلق الشاب المسلم في حواره معي، كان سبب عودتي إلى الله'، بهذه الكلمات لخص 'ميخائيل شروبيسكي' أو 'محمد المهدي' قصة عودته إلى الله، واعتناقه الإسلام
محمد المهدي كان شابًا يهوديًا من غلاة الشباب المتطرف، وأحد المستوطنين المشهورين بكراهيتهم للإسلام والمسلمين، كان مثله الأعلى الإرهابي اليهودي 'باروخ جولدشتاين' مُنفذ مذبحة الحرم الإبراهيمي الشهيرة في 1994، والتي راح ضحيتها عشرات الفلسطينيين الذين استشهدوا خلال تأديتهم الصلاة، لكن قصة فريدة من نوعها بحسب صحيفة معاريف العبرية كانت السبب في اعتناقه الإسلام.محمد المهدي، من أصل أذربي، يبلغ من العمر 33 عامًا, ينتمي إلى عائلة يهودية كبيرة في أذربيجان، جاء ضمن حملات التهجير اليهودية للكيان الصهيوني في عام 1993، ورغب في أن يقيم بمستوطنة 'كريات أربع' لرغبته في أن يعيش في نفس المكان الذي عاش فيه مثله الأعلى سابقًا 'باروخ جولدشتاين' وهي أشهر المستوطنات التي تضم كبار المتطرفين اليهود.بدأ ميخائيل شروبيسكي يتأقلم على وضعه الجديد بعد نزوحه للكيان الصهيوني، فقام باستئجار منزل، ومارس مهنته الخاصة باللياقة البدنية، وأصبح من أهم الناشطين في المستوطنة، وذاع صيته سريعًا، فانضم لحركة 'كهانا حي' المتطرفة.يقول المهدي عن هذه الأيام: 'كنت أريد أن أنفذ مخططاتي في كراهية العرب والمسلمين، التي تربيت عليها في بيتي في أذربيجان، ونمَت في كريات أربع'.ويلتقط المهدي أطراف الذكريات القديمة، حامدًا الله على عودته إليه، فيقول: 'كنت أنوي تنفيذ عملية انتحارية داخل أحد مساجد مدينة الخليل لقتل المسلمين وهم يؤدون الصلاة، كما فعل جولدشتاين'.يقول محمد المهدي: 'قبل إسلامي وعقب تنفيذ المقاومة الفلسطينية لعمليات داخل إسرائيل، جلست مع عدد كبير من كبار المستوطنين وقلت لهم: تكتبون الموت للعرب على جدران منازلكم أو متاجركم، وهذا لا يعنى شيئًا! إذا كنتم تريدون فعل شيء فعلينا أن نذهب وننتقم منهم, إذا كنتم رجالاً هلموا نذهب لمدينة الخليل وندخلها ونقتل من فيها'.طريق الله بواسطة شاب:يقول المهدي: 'رغم كل ذلك، كنت في داخلي متمردًا عليها، ويساورني الشك في أشياء كثيرة، خاصة حقيقة هذا الكون، فلم تكن إجابات الحاخامات على أسئلتي تقنعني في غالبيتها، خاصة إذا ما تطرق الحديث عن الديانات الأخرى وعلى رأسها الإسلام'.ويكشف المهدي تفاصيل بعض ما يدور في مجتمع الحاخامات وعلاقته بالإسلام، بالقول: 'لقد اعتاد الحاخامات دائمًا على سب النبي محمد – صلى الله عليه وسلم - في كل حديث حوله أو حول الإسلام'.ويمضي المهدي يحكي قصة عودته إلى الله: 'في هذه الأثناء، قبل ثلاث سنوات تعرفت بالصدفة على شاب من مدينة الخليل، يسمى 'وليد زلوم' جاءني لإصلاح سيارتي، وعندما تأكدت من أنه مسلم رفعت السلاح في وجهه، وهددته بالقتل والفتك، لكنه بدا متماسكًا هادئًا، فدعاني إلى الحوار، الحقيقة لقد كان أسلوبه عاقلاً وأخلاقه حسنة'.ويؤكد المهدي أن الحوار امتدّ مع الشاب الفلسطيني، مؤكدًا أن هذا الشاب كان هو سبب الانقلاب في حياته الذي حدث بعد عامين من هذه المقابلة، ظل خلالهما يبحث في أمور الدين الإسلامي بنفسه، فيقول: 'بدأت أدخل في أعماق الإسلام بعد أن اشتريت معاجم لغة عربية لتعلمها، وطلبت من وليد أن يعلمني الصلاة، وتعلمت أكثر وأكثر حتى أنني شعرت بأني أسبح في محيط الحقيقة التي تمكنت من العثور عليها, وشعرت بأنني ولدت وهذا الشيء بداخلي, وفي النهاية نطق لساني: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله'.ويحكي المهدي أنه قوبل بمضايقات لا يمكن وصفها من قبل المستوطنين، فخشي على حياته، تاركًا المستوطنة وعائدًا لبلده الأصلي أذربيجان.لكن لم يكن الوضع في بيت أسرته مختلفًا عن وضعه في المستوطنة اليهودية، فقد رفض والداه استقباله وهو مسلم، فقرر العودة مرة أخرى، لكن هذه المرة قرر العودة إلى فلسطين، تحديدًا في قرية 'أبو جوش' داخل الخط الأخضر القريبة من القدس المحتلة. المهدي يُنهي حواره لمعاريف بحمد الله على نعمة الإسلام، والرجوع إلى الله، وتكوين أسرة مسلمة تضمه وزوجته 'سبينا' وأربعة من الأطفال هم: يعقوب عبد العزيز، عيسى عبد الرحمن، هيا بنت محمد، مريم بنت محمد.أمنيات المهدي:يوجز محمد المهدي، أمانيه في رغبته في تغيير اسمه الأول في بطاقة هويته الإسرائيلية، لا لشيء إلا لرغبته في حج بيت الله الحرام العام القادم، خوفًا من أن تمتنع السلطات السعودية عن السماح له بالدخول بسبب اسمه الأول في الأوراق الرسمية 'ميخائيل', ويرغب في تعليم أبنائه في مدرسة إسلامية تهتم بتحفيظ القرآن الكريم وتربية الأطفال على المنهج الإسلامي القويم.ولم يفُت المهدي أن يعرب عن أمنيته الدفينة بالصلاة في المسجد الأقصى، بعد أن يسترده المسلمون، وأكد أن 'النصر سيكون للمسلمين في نهاية المطاف، بالرغم من كل مشاكل الأمة الإسلامية في العصر الحالي'.

إعداد: قسم الشؤون الصهيونية <SPAN style="FONT-FAMILY: Arial; FONT-SIZE: 16pt" lang=AR-EG>

آخر تعديل بواسطة Khaled Soliman ، 11-07-2009 الساعة 01:16 AM
رد مع اقتباس
  #17  
قديم 11-07-2009, 12:23 PM
Khaled Soliman Khaled Soliman غير متواجد حالياً
معلم أول أ لغة إنجليزية
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
المشاركات: 9,294
معدل تقييم المستوى: 25
Khaled Soliman has a spectacular aura about
افتراضي

ما هى حقيقة الجزية ؟

آخر تعديل بواسطة Khaled Soliman ، 11-07-2009 الساعة 12:33 PM
رد مع اقتباس
  #18  
قديم 11-07-2009, 12:30 PM
Khaled Soliman Khaled Soliman غير متواجد حالياً
معلم أول أ لغة إنجليزية
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
المشاركات: 9,294
معدل تقييم المستوى: 25
Khaled Soliman has a spectacular aura about
افتراضي

ما هى حقيقة الجزية ؟
قال تعالى ( قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله و لا باليوم الآخر و لا يحرمون ما حرم الله و رسوله و لا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد و هم صاغرون ) التوبة : 29 .
الفهم الخاطئ للآية : أن بعض المستشرقين أثاروا شبهات حول الجزية , و فهموها على غير وجهها , و اتهموا عدل الاسلام و سماحته , و قالوا : هل التسامح الاسلامى اذلال أهل الكتاب , و أخذ الجزية منهم ظلما و عدوانا , مع ذلتهم و صغارهم ؟ أليس هذا تضييق على الذميين منبعثا عن تعصب أو عن بغضاء ؟
انها فى - نظرهم - ضريبة ذل و هوان , و عقوبة فرضت عليهم مقابل الامتناع عن الاسلام !!
و زيادة فى الايضاح , و دفعا للشبهة , و ردا لهذة الفرية , و تبيانا للحقيقة , أقول : ما الجزية ؟ و لماذا فرضت ؟ و متى فرضت ؟ و ما معنى الصغار فى الآية ؟
أ- الجزية من جزى يجزى , اذا كافأ عما أسدى اليه , و هى مال يدفعه أهل الكتاب , و من يلحق بهم , الى المسلمين مقابل حق أو خدمة أو واجب يقوم به الطرف الأخر .
ب- لماذا فرضت ؟ ذلك أن أهل الكتاب هم جزء من الدولة الاسلامية , يعيشون فى كنفها , و يستمتعون بخيراتها , و الدولة الاسلامية عليها أن تكفل لهم الحماية و الأمن و سبل المعيشة الكريمة .
فضلا عن أن المسلم يقوم بواجب الجهاد , دفاعا عن البلاد , فالجزية جزاء حمايتهم و كفايتهم , فهم يكفون مؤنة القتال مع المسلم , فالدولة الاسلامية لها حدود و ثغرات , و تحتاج الى مقاتلين يدافعون عنها و يحافظون على حدودها , و يؤمنون أهلها , و الذى يقوم بهذا الدور انما هم المسلمون , لأنهم يؤمنون بمبدأ دولتهم , و يعلمون أن الجهاد فرض عليهم , و يعلمون ما للجهاد من فضل يزيد عن أجر صائم النهار و قائم الليل , فهم يجاهدون عن عقيدة , و ليس ثمة شئ من هذا لدى أهل الكتاب , لذا لا يجبرهم الاسلام على أن يقاتلوا مع المسلمين , و كيف يجبر الاسلام أناسا يحملون أرواحهم على أكفهم فى سبيل دين لا يؤمنون به , و بمبادئ لا يعتنقونها ؟!! و من ثم خفف عنهم عبء القتال بأنفسهم , فبقى المقابل أن يقدموا شيئا من أموالهم فى سبيل حماية الدولة التى يعيشون فى كنفها و ظلالها .
هذا .. و يوم أن تتاح الفرصة لأهل الكتاب أن يقاتلوا مع المسلمين , فاذا الجزية تسقط عنهم , لأنها شرعت فى مقابل الدفاع عنهم , فيوم أن يقوموا بواجب الدفاع عن أنفسهم مع الدولة الاسلامية الكبرى التى يعيشون فى ظلالها , فان الجزية تسقط عنهم .
كما أنه من أسباب فرض الجزية على أهل الكتاب تحقيق العدل بين أفراد الدولة الاسلامية , مسلمين و غير مسلمين , اذ تقدم لهم الدولة الامتيازات المطلوبة للحماية و الخدمة و سبل الحياة الكريمة فهى تفرض على المسلمين أن يقدموا الزكاة , و على الذين أعطوا من أرضها أن يقدموا الخراج , و أما الذين لم تفرض عليهم الزكاة , و لم يجب فى حقهم الخراج , أن يعطوا الجزية .
اذا كما أنه مفروض على المسلم أن يزكى , فمفروض على أهل الكتاب أن يعطوا الجزية .
فلما كانت الزكاة عبادة و قربى الى الله - عز و جل - لا تصح الا من مسلم , كان البديل عن الزكاة فى حق أهل الكتاب هو اعطاء الجزية .
ج - متى فرضت ؟ يعترف أحد كبار النصارى , المدعو " جورجى زيدان " بأن الجزية ليست من محدثات الاسلام , بل هى قديمة من أول عهد التمدن القديم , و قد وضعها يونان أثينا على سكان سواحل آسيا الصغرى حوالي القرن الخامس قبل الميلاد , مقابل حمايتهم من هجمات الفينيقين , و فينيقية يومئذ من أعمال الفرس , فهان على سكان تلك السواحل دفع المال فى مقابل حماية الرؤوس .
و الرومان وضعوا الجزية على الأمم التى اخضعوها , و كانت أكثر بكثير مما وضعه المسلمون بعدئذ , فان الرومان لما فتحوا ( فرنسا ) وضعوا على كل واحد من أهلها جزية يختلف مقدارها ما بين 9 جنيهات , و 15 جنيها فى السنة , أو نحو سبعة أضعاف جزية المسلمين .
و كانت تؤخذ من الأشراف , عنهم و عن عبيدهم و خدمهم .
و كان الفرس أيضا يجبون الجزية من رعاياهم . ( تاريخ التمدن الاسلامى , جورجى زيدان , ج 11 - بتصرف - )
فماذا عن الجزية فى الاسلام ؟
لقد كان النبى يقدرها بحسب الأحوال , و على مقتضى التراضى الذى كان يقع بين المسلمين و أعدائهم ... في الوقت الذى لا يؤخذ شئ من النساء و الصبيان , و لا من أهل العاهات , فلا تؤخذ من مجنون , و لا من مريض مرضا غالبا , و لا من كبير فى السن , و لا من عبد , و لا من الرهبان و نحوهم .
و كثيرا ما كانت تقدر الجزية باعتبار ما يبقى فى أيدى الناس من دخلهم بعد نفقاتهم ...
و جاء فى حديث النبى ما يقدر قيمتها ( أن على كل حالم ( بالغ ) دينارا )( أخرجه أبو داود فى الزكاة ( 1576 ) و الترمذى ( 623 ) و النسائى فى الزكاة ( 2449 ) و ابن ماجة فى الزكاة ( 1803 ) ) , أو عدل ذلك .
و قيمة الجزية يمكن أن تختلف باختلاف الأزمنة و الأمكنة , و الأشخاص و الأحوال , و الأمر فى ذلك واسع , و لكن شرطها يجب ألا يكلف أحد فوق طاقته , و قد يكون الدينار فوق طاقة البعض , بل ان الفقير منهم اذا احتاج يعطى من سهم المؤلفة قلوبهم , كى يعيش معيشة تتوافر فيها كفايته , كما فعل عمر بن الخطاب مع اليهودى المسن الأعمى - اذ رآه يتكفف الناس , فسأله : مالك , قال ليس لى مال , و ان الجزية تؤخذ منى - و فى رواية قال : من أى أهل الكتاب أنت ؟ فقال : يهودى , قال : فما ألجأك الى ما أرى ؟ قال : أسأل الجزية و الحاجة و السن , فأخذ عمر بيده , و ذهب به الى منزله فأعطاه مما وجده , ثم أرسل به الى خازن بيت المال , و قال له , أنظر هذا و ضرباءه , فوالله ما أنصفناه أن أكلنا شبيبته ثم نخذله عند الهرم , أو نأخذ منه الجزية عند كبره , قال تعالى ( انما الصدقات للفقراء و المساكين ) - التوبة : 60 - و الفقرء هم الفقراء المسلمون , و هذا من المساكين من أهل الكتاب , ثم وضع الجزية عنه وعن ضربائه .
و فى رحلته الى دمشق أيضا أمر عمر بن الخطاب بعياله المقعدين من أهل الذمة من بيت المال .
و بيت مال المسلمين لم يكن أعز عند عمر بن عبد العزيز من ذمى يسلم , و قد شكا اليه بعض الولاة افقار بيوت الأموال من اقبال أهل الذمة على الاسلام ليسقط عنهم الجزية , فكتب اليهم عمر يلومهم على الشكوى و يقول : ان الله أرسل محمدا هاديا و لم يبعثه جابيا !!
و لم يكن اقبال أهل الذمة على الاسلام الا لأنه رد اليهم ذواتهم التى كانوا فقدوها فى الشرك و الوثنية و لو كان الاسلام سلبا للذوات لظلوا على عداوته و ما قبلوا دعوته , و لكن المسافة لم تكن بين الذمية و الاسلام فى كثير من الأحيان الا مسافة التجربة و الاختلاط , ثم يقبل الذمي على الاسلام مخلصا موفقا .
يذكر التاريخ - من مواقف الاسلام المشرفة - أنه حين فتح أبو عبيدة بن الجراح الشام , و أخذ الجزية من أهلها الذين كانوا يومئذ ما يزالون على دينهم , أشترطوا عليه أن يحميهم من الروم الذين كانوا يسمونهم الخسف و الاضطهاد , و قبل أبو عبيدة الشرط , و لكن هرقل أعد جيشا عظيما لاسترداد الشام من المسلمين , و بلغت الأنباء أبو عبيدة , فرد الجزية الى الناس و قال لهم : لقد سمعتم بتجهيز هرقل لنا و قد اشترطتم علينا أن نحميكم و انا لا نقدر على ذلك , و نحن لكم على الشرط ان نصرنا الله عليهم . ( فتوح البلدان للامام أبى الحسن البلاذرى , و الدعوة الى الاسلام / توماس أرنولد )
انه حدث فريد فى التاريخ , قائد جيش فاتح منتصر يأخذ الجزية من أهل البلاد المفتوحة , ثم يردها اليهم بأى حال من الاحوال , و لم يكن أبو عبيدة يصنع ذلك رجاء مصلحة بعيدة يقدرها , و يضحى فى سبيلها بالمصلحة القريبة , كلا فما كان عنده يقين بأن ينتصر على جيش هرقل الجرار , و تعبيره واضح جدا ( انا لا نقدر على ذلك ) , و انما ينطلق من مبدأ الوفاء بالمواثيق , و أخلاق الاسلام , و لذلك نصرهم الله , وراح الناس يعيدون الجزية راضية قلوبهم , ثم من بعد صاروا يدخلون فى دين الله أفواجا , اعجابا بهذا الدين الذى يُخَرجُ من هو على هذا الدين العظيم .
د- ما معنى الصغار الوارد فى الآية ( حتى يعطوا الجزية عن يد و هم صاغرون ) ؟

معناه هنا التسليم و القاء السلاح و الخضوع لحكم الدولة الاسلامية و اعترافهم بالوضع الاسلامى و الرضوخ له , من باب الآية الكريمة ( و لله العزة و لرسوله و للمؤمنين ) - المنافقون : 8 - , أى أن يعترفوا بعزة الاسلام و دولة المسلمين .
و ينبغى أن لا يفهم الصغار هنا بمعنى الهوان و الذلة و الاهانة لهم , أو الزراية عليهم , أو الشماتة فيهم , أو ظلمهم أو ايذائهم , أو التكليف فوق طاقتهم , أو عقوبة لهم , فان كل ذلك لا يتفق و سماحة الاسلام و عظمته و ما عرف من حسن معاملة الرسول و صحابته لأهل الذمة .

و لو أن المسلمين الأُول فعلوا ما قاله أولئك الذين لم يفهموا روح الاسلام , لانفض الناس من حولهم , و لما دخل فى الاسلام هذا الجمع الغفير الذى لم يدخله الا عن اقتناع منه برحابة صدره , و سماحة تعاليمه , و عدالته مع أتباعه و غير أتباعه , و نظرته الى الكل نظرة بر و عدل و احسان .
و من يقرأ بتدبر و امعان ما كتبه ابن القيم فى كتابه ( أحكام أهل الذمة ) عن الجزية يرى عظمة الاسلام و سماحته فى معاملة الذميين .
و قد أورد النهى عن التشديد على أهل الذمة فى الجزية و الخرج و الحث على الرفق و اللطف بهم فى كل حال , و أن لا يكلفوا ما لا يطيقون , و أمر عمر ألا يكلفوا فوق طاقتهم , و أن لا يلزموا من مال ما لا يطيقونه , و لا يجوز أن ينادى على أملاكهم للبيع عوضا عن الجزية
و قد كتب على بن ابى طالب الى بعض عماله : لا تبيعن لهم فى خراجهم حمارا و لا بقرة و لا كسوة , شتاء و لا صيفا , و لا رزقا يأكلونه , و لا دابة يعملون عليها , و لا تضربن أحدا منهم سوطا واحدا فى درهم , و لا تقمه على رجله فى طلب درهم , و لا تبح لأحد منهم عرضا فى شئ من الخراج , فانما أمرنا أن نأخذ منهم العفو , فان أنت خالفت ما أمرتك به , يأخذك الله به دونى , و ان بلغنى عنك خلاف ذلك عزلتك .
و مر عمر فى سفره الى الشام ببعض عماله و هو يعذب الذميين فى أداء الجزية , فقال : لا تعذب الناس , فان الذين يعذبون الناس فى الدنيا يعذبهم الله يوم القيامة .( الخراج لأبى يوسف - بتصرف ) و غير ذلك كثير .
فهل ينبغى بعد هذا كله - و هذا بعضه - أن يقال : ان الاسلام بأسلوب فرض الجزية على أهل الكتاب يكرههم على التحول عن دينهم الى الاسلام , أو أراد اذلالهم , أو ظلمهم ؟؟!!! سبحانك هذا بهتان عظيم .
د/ عمر بن عبد العزيز
أستاذ المذاهب و مقارنة الأديان بكلية الدعوة الاسلامية - جامعة الأزهر .
( آيات مظلومة بين جهل المسلمين و حقد المستشرقين ص 189- 196 ) .
رد مع اقتباس
  #19  
قديم 11-07-2009, 08:15 PM
Khaled Soliman Khaled Soliman غير متواجد حالياً
معلم أول أ لغة إنجليزية
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
المشاركات: 9,294
معدل تقييم المستوى: 25
Khaled Soliman has a spectacular aura about
افتراضي

الرد على شبهة أن لكل أمة رسول منها إليها

إنه جاء فى القرآن أن لكل أمة رسول منها. وهذا يناقض الكتاب المقدس فى أن الأنبياء والرسل هم من بنى إسرائيل وإليهم وإلى كل العالم. فإذا صدق ما فى القرآن فكيف لم يخرج للأمم فى إفريقيا وأوروبا وأمريكا واستراليا وآسيا: أنبياء منهم وإليهم ؟ ولو كان لهذه الأمم أنبياء ـ منها وإليها ـ لجاز أن يكون للعرب رسول منهم.
الرد على الشبهة:
إن كلمة الرسول تأتى على الحقيقة وتأتى على المجاز. فعيسى ـ عليه السلام ـ رسول على الحقيقة. وإذا هو أرسل واحداً من الحواريين إلى قرية من القرى فإنه يكون رسول رسول الله عيسى على المجاز. ففى إنجيل متى: " هؤلاء الإثنا عشر أرسلهم يسوع وأوصاهم قائلاً: " إلى طريق أمم لا تمضوا.. " [متى 10: 5].
وابتداء الدعوة إلى الله كان فى زمن أنوش بن شعيث بن آدم ؛ لقوله: " حينئذ ابتُدئ أن يُدعى باسم الرب " [تك 4: 26] وظل الحال على هذه الدعوة التى كانت دعوة إلى مكارم الأخلاق وعدم سفك الدماء ظلماً إلى زمان نوح ـ عليه السلام ـ ولم يكن من المطعومات شىء محرم فلما خرج نوح من السفينة أعطاه الله شريعة فيها أن كل الطعام حلال ، وأن يحب المرء لأخيه ما يحبه هو لنفسه ، وليس فيها شريعة تبين أن هذا حلال وهذا حرام. ففى الإصحاح التاسع من سفر التكوين: " كل دابة حية تكون لكم طعاماً. كالعشب الأخضر دفعت إليكم الجميع.. " وظلت شريعة نوح سائدة على العالم إلى أن جاء موسى ـ عليه السلام ـ وأعطاه الله التوراة (موعظة وتفصيلاً لكل شىء (وأمره أن يخصص سِبط لاوِى من بين الأسباط ليعرفها ويعرّفها للناس.
وهذا الذى ذكرته هو ما يقول به أهل الكتاب جميعاً ، ونص عليه أهل الكتاب فى كتبهم. وعنه فى القرآن الكريم: (كل الطعام كان حلاً لبنى إسرائيل ) (1) وهو حلال من أيام نوح ـ عليه السلام ـ وعلى ذلك نسأل المؤلف هذا السؤال وهو أن الناس من آدم أبى البشر إلى موسى الكليم كانت رسلهم من بنى إسرائيل أم من غير بنى إسرائيل ؟ إن قلت إن رسلهم كانت من بنى إسرائيل يكذبك الواقع والكتب التى تقدسها ، وإن قلت كانت من غير بنى إسرائيل فلماذا وجهت السؤال إلى المسلمين ؟
أما من موسى إلى محمد صلى الله عليه وسلم فإن علماء بنى إسرائيل من اللاويين والهارونيين كانوا يبلغون التوراة لليهود وللأمم ، وإذا انطلق واحد منهم إلى الأمم ؛ فإنه يكون رسولاً إلى الأمم. ليس على الحقيقة ، وإنما على المجاز بمعنى أنه رسول رسول الله موسى ـ عليه السلام ـ وظلوا على هذا الحال إلى زمان سبى بابل سنة 586 ق.م فإنهم وهم فى بابل حرفوا التوراة ، وقصروا شريعة موسى على اليهود من دون الناس ، وابتعدوا عن دعوة الأمم ، وتعصبوا لجنسهم وتآمروا على الأمم (ذلك بأنهم قالوا ليس علينا فى الأميين سبيل ) (2).
ومن قبل سبى بابل كان علماؤهم يدعون العرب إلى الله على وفق شريعة موسى. فيكون العالم الداعى رسولاً مجازاً. وهكذا فى سائر بلاد العالم. أما من بعد السبى وتخلى العلماء عن الدعوة فإن كل أمة سارت على ما عندها من العلم. وقد وبخهم المسيح عيسى ـ عليه السلام ـ على إهمالهم فى دعوة الأمم بقوله: " لكن ويل لكم أيها الكتبة والفَرِّيسِيُّون المراءون ؛ لأنكم تُغلقون ملكوت السماوات قدام الناس ؛ فلا تدخلون أنتم ولا تدعون الداخلين يدخلون " [ متى 23: 13].
ثم حث أتباعه بالانطلاق إلى بلاد اليهود أولاً بأمرين هما أن يعملوا بالتوراة ، وأن يستعدوا لتركها إذا ما ظهر محمد رسول الله الذى يبشر به. وإذا فرغوا من دعوة اليهود فى بلادهم ينطلقون إلى الأمم ، وسماهم رسلاً مجازاً. فقال: " إلى طريق أمم لا تمضوا ، وإلى مدينة للسامريين لا تدخلوا ، بل اذهبوا بالحرىّ إلى حُراف بيت إسرائيل الضالة. وفيما أنتم ذاهبون ، اكْرِزوا قائلين: " إنه قد اقترب ملكوت السموات " [متى 10: 5]. وملكوت السماوات هى مجئ محمد صلى الله عليه وسلم بعد مملكة الروم كما أنبأ النبى دانيال فى الإصحاح السابع من سفره.
رد مع اقتباس
  #20  
قديم 11-07-2009, 11:35 PM
Khaled Soliman Khaled Soliman غير متواجد حالياً
معلم أول أ لغة إنجليزية
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
المشاركات: 9,294
معدل تقييم المستوى: 25
Khaled Soliman has a spectacular aura about
افتراضي

والأن مع فاصل للترفيه
رد مع اقتباس
  #21  
قديم 11-07-2009, 11:49 PM
القاهر ذو الفقار القاهر ذو الفقار غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2009
المشاركات: 34
معدل تقييم المستوى: 0
القاهر ذو الفقار is on a distinguished road
افتراضي

صحيح البخاري,الجزية, الحديث 2939‏
عن‏ ‏عائشة قالت : (( ‏أن النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏سحر ‏ ‏حتى كان يخيل إليه أنه صنع شيئا ولم يصنعه ))

هل يعقل ان النبي يسحر....شكل البخاري وش اوي.....
رد مع اقتباس
  #22  
قديم 11-07-2009, 11:51 PM
القاهر ذو الفقار القاهر ذو الفقار غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2009
المشاركات: 34
معدل تقييم المستوى: 0
القاهر ذو الفقار is on a distinguished road
افتراضي

نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوَى إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا(47) الإسراء.
رد مع اقتباس
  #23  
قديم 11-07-2009, 11:54 PM
القاهر ذو الفقار القاهر ذو الفقار غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2009
المشاركات: 34
معدل تقييم المستوى: 0
القاهر ذو الفقار is on a distinguished road
افتراضي

امامك طريقين 1 تقول ان البخاري كذاب 2 او النبي سحرا مما يخالف القران......
رد مع اقتباس
  #24  
قديم 12-07-2009, 12:11 AM
الصورة الرمزية ابو البراء محمد بن محمود
ابو البراء محمد بن محمود ابو البراء محمد بن محمود غير متواجد حالياً
معلم
 
تاريخ التسجيل: Jun 2009
العمر: 36
المشاركات: 476
معدل تقييم المستوى: 16
ابو البراء محمد بن محمود is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة القاهر ذو الفقار مشاهدة المشاركة
امامك طريقين 1 تقول ان البخاري كذاب 2 او النبي سحرا مما يخالف القران......


لا هذا ولا ذاك
البخاري أصدق كتاب بعد كتاب ربنا عندنا وهذا مانعتقده كأهل سنة وجماعه وندين الله تعالى به الى يوم ان نلقاه .
والامر الاخر أنه ليس فى هذا مخالفة للقران وأرد على شبهتك هذه بعد توفيق الله قائلا:
أولا : أن القول بأن الحديث مخالف للقرآن دليل على سوء الفهم ، لأن المشركين يااخي لم يريدوا بقولهم :{إن تتبعون إلا رجلا مسحورا } أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سُحر فترة يسيرة في أمور دنيوية ، ثم شفاه الله ، وإنما أرادوا بقولهم ذلك إثبات أن ما يصدُر عنه ما هو إلا سحر ولابد لك ان تراجع تفسير القران جيدا لان هذا حقا ينقصك وعندما تقرأ التفسير ستجد أنه فى نفسك مغالطات كثيره لأنه ليس كل مايقال فى القران نفهمه بعقولنا بل نحتاج فى ذلك الى تفسير العلماء والله الموفق.
ثانيا : أما الإدعاء بأن هذا الحديث يتنافى مع عصمة الأنبياء في الرسالة ، فإن أهل العلم بينوا أن ما حدث للنبي - صلى الله عليه وسلم - إنما هو من جنس سائر الأمراض التي تعرض لجميع البشر ، وتتعلق بالجسم ولا تسلط لها على العقل أبداً ، وهو أمر يجوز على سائر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام .
ثالثا : إن المراد من قوله سبحانه وتعالى : (( إن عبادي ليس لك عليهم سلطان )) أي في الاغواء والإضلال فالسلطان المثبت للشيطان هو سلطان إضلاله لهم بتزينه للشر والباطل وإفساد إيمانهم ، فهذه الآية كقوله سبحانه وتعالى حكاية عن الشيطان في مخاطبته رب العزة : (( لأغونهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين )) ولا ريب ان الحالة التي تعرض لها الرسول صلى الله عليه وسلم لا تنطبق عليها هذه الآية الكريمة .
ولا شك أن اصابة الشيطان للعبد الصالح في بدنه لا ينفيه القرآن ، وقد جاء في القرآن ما يدل على إمكان وقوعها ، ومن ذلك قول أيوب عليه السلام في دعائه ربه : (( أني مسني الشيطان بنصب وعذاب )) سورة ص
وفقك الله لهدايته.

__________________
لا تطمعوا ان تهينونا ونكرمكم .....وأن نكف الأذى عنكم وتؤذونا
الله يعلم أنَّا لا نحبكم ..............ولا نلومكم إن لم تحبونا

آخر تعديل بواسطة ابو البراء محمد بن محمود ، 12-07-2009 الساعة 12:30 AM
رد مع اقتباس
  #25  
قديم 12-07-2009, 12:12 AM
الصورة الرمزية ابو البراء محمد بن محمود
ابو البراء محمد بن محمود ابو البراء محمد بن محمود غير متواجد حالياً
معلم
 
تاريخ التسجيل: Jun 2009
العمر: 36
المشاركات: 476
معدل تقييم المستوى: 16
ابو البراء محمد بن محمود is on a distinguished road
افتراضي

جزاكم الله خيرا اخانا واستاذنا خالد على الموضوع.
جعله الله فى موازين حسناتكم.
__________________
لا تطمعوا ان تهينونا ونكرمكم .....وأن نكف الأذى عنكم وتؤذونا
الله يعلم أنَّا لا نحبكم ..............ولا نلومكم إن لم تحبونا
رد مع اقتباس
  #26  
قديم 12-07-2009, 01:00 AM
Khaled Soliman Khaled Soliman غير متواجد حالياً
معلم أول أ لغة إنجليزية
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
المشاركات: 9,294
معدل تقييم المستوى: 25
Khaled Soliman has a spectacular aura about
افتراضي

بارك الله فيكم
الأستاذ الفاضل و الأخ الكريم أبو البراء جزاك الله خيراً علي مشاركتك فقد كنت علي وشك توجيه دعوة خاصة لكم لنستفيد من علمكم معنا في هذا الموضوع وأرجوا أن تستمروا في تقديم يد العون لنا وإرشادنا بارك الله فيكم

الاستاذ الفاضل القاهر
هدانا الله وإياك إلي ما يحب و يرضي وشكراً لكم علي مشاركتكم معنا ونرجوا المذيد
وقد قام أخي ابو البراء بالرد و أرجوا أن يسمح لي بإضافة

شبهة التشكيك في صحة البخاري أو تكذيب القرآن في كون النبي سُحر أم لا

آخر تعديل بواسطة Khaled Soliman ، 12-07-2009 الساعة 02:22 AM
رد مع اقتباس
  #27  
قديم 12-07-2009, 01:10 AM
Khaled Soliman Khaled Soliman غير متواجد حالياً
معلم أول أ لغة إنجليزية
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
المشاركات: 9,294
معدل تقييم المستوى: 25
Khaled Soliman has a spectacular aura about
افتراضي

من الأحاديث التي كانت محل جدل عند البعض ، وأثيرت حولها العديد من الشبهات في القديم والحديث أحاديث سحر النبي - صلى الله عليه وسلم - ، مع أنها أحاديث صحيحة ثابتة ، بل في أعلى درجات الصحة ، ولا مطعن فيها بوجه من الوجوه ، فقد اتفق على إخراجها البخاري و مسلم ، ورواها غيرهما من أصحاب كتب الحديث كالإمام أحمد و ابن ماجه وغيرهم ، وإليك بيان روايات الحديث وما أثير حولها من شبهات وبيان وجه الحق في ذلك .
روايات الحديث
روى البخاري و مسلم واللفظ للبخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت : " سحر رسول الله - صلى الله عليه وسلم- رجل من بني زريق يقال له لبيد بن الأعصم ، حتى كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخيل إليه أنه كان يفعل الشيء وما فعله ، حتى إذا كان ذات يوم - أو ذات ليلة - وهو عندي ، لكنه دعا ودعا ، ثم قال : يا عائشة أشعرت أن الله أفتاني فيما استفتيته فيه ، أتاني رجلان فقعد أحدهما عند رأسي والآخر عند رجليَّ ، فقال أحدهما لصاحبه : ما وجع الرجل ؟ فقال : مطبوب ، قال : من طبه ؟ قال : لبيد بن الأعصم ، قال : في أي شيء ؟ قال : في مشط ومشاطة ، وجف طلع نخلة ذكر ، قال : وأين هو ؟ قال : في بئر ذروان ، فأتاها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ناس من أصحابه ، فجاء فقال : يا عائشة كأن ماءها نقاعة الحناء ، أو كأن رؤوس نخلها رؤوس الشياطين ، قلت : يا رسول الله ، أفلا استخرجته ؟ فقال : قد عافاني الله ، فكرهت أن أثوِّر على الناس فيه شراً ، فأمر بها فدفنت " .
وفي رواية للبخاري عن عائشة : " كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سُحِر ، حتى كان يُرى أنه يأتي النساء ولا يأتيهن - قال : سفيان وهذا أشد ما يكون من السحر إذا كان كذا - ، وفي رواية قالت : مكث النبي - صلى الله عليه وسلم - كذا وكذا يخيل إليه أنه يأتي أهله ولا يأتي ....
الشبه التي أثيرت حول الحديث
وما أثير حول هذا الحديث من شبه ليست جديدة في الحقيقة ، وإنما هي شبه قديمة أثارها أهل الزيغ والابتداع من قديم الزمان ، ورددها من جاء بعدهم ، فقد ذكر الإمام ابن قتيبة رحمه الله في كتابه " تأويل مختلف الحديث " هذه الحديث من ضمن الأحاديث التي طعن فيها النظَّام وأمثاله من أئمة الاعتزال الذين لا يقيمون وزناً للأحاديث والسنن ، وزعم الجصاص أنه من وضع الملحدين ، وادعى أبو بكر الأصم أنه متروك ومخالف لنص القرآن .
ثم جاء بعض المعاصرين فتلقفوا هذه الآراء ، ورددوها تحت مسمى تحكيم العقل ، وطرح كل ما يتعارض مع مسلماته وثوابته ، ويمكن تلخيص الشبه المثارة حول الحديث في ثلاثة أمور .
الأول : أن الحديث وإن رواه البخاري و مسلم فهو حديث آحادي ، لا يؤخذ به في العقائد ، وعصمة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من تأثير السحر في عقله ، عقيدة من العقائد ، فلا يؤخذ في إثبات ما يخالفها إلا باليقين كالحديث المتواتر ، ولا يكتفي في ذلك بالظن .
والثاني : أن الحديث يخالف القرآن الكريم الذي هو متواتر ويقيني ، في نفي السحر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فالقرآن نعى على المشركين ووبخهم على نسبتهم إثبات السحر إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال سبحانه :{ وقال الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا * انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلا }( الفرقان 8 - 9) ، وقال جل وعلا : { نحن أعلم بما يستمعون به إذ يستمعون إليك وإذ هم نجوى إذ يقول الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا * انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلا }( الإسراء 47 - 48) .
الثالث : أنه لو جاز على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن يتخيل أنه يفعل الشيء وما فعله ، لجاز عليه أن يظن أنه بلَّغ شيئـًا وهو لم يبلِّغه ، أو أن شيئـًا ينزل عليه ولم ينزل عليه ، وهو أمر مستحيل في حقه صلى الله عليه وسلم لأنه يتنافى مع عصمته في الرسالة والبلاغ .
الرد على الشبه
وقد تصدى أهل العلم لهذه الشبهات ، وأجابوا عنها بما يرد عن الحديث كل تهمة ، ويفند كل فرية ، فأما ما يتعلق بحجية أخبار الآحاد ، فإن الأدلة شاهدة من كتاب الله ، وحديث النبي - صلى الله عليه وسلم - وأقوال السلف ، بل وإجماعهم - كما نقله غير واحد كالشافعي و النووي و الآمدي وغيرهم - على الاحتجاج بحديث الآحاد ، وقبول الاستدلال به في العقائد والعبادات على حد سواء ، وهي أدلة كثيرة لا تحصى ، وليس هذا مجال سردها ، وقد سبق الكلام عنها في مواضيع مستقلة في محور الحديث ، بعنوان ( حجية خبر الآحاد ، والشبهات حوله ) ( حديث الآحاد حجة في العقائد والأحكام ) يمكن للقارئ الكريم الرجوع إليها .
ويكفي وجود هذه الأحاديث في الصحيحين للجزم بصحتها وثبوتها، وقد أجمعت الأمة على تلقي كتابيهما بالقبول، وليست هي من الأحاديث المنتقدة حتى تستثنى من ذلك، وقد رُوِيت من طرق عدة في الصحيحين وغيرهما ، وعن غير واحد من الصحابة منهم : عائشة ، و ابن عباس ، و زيد بن أرقم - رضي الله عنهم- ، وغيرهم مما يبعد عنه احتمال الغلط أو السهو أو الكذب ، كما أثبتها واعترف بصحتها رواية ودراية كبار الأئمة الذي هم أرسخ قدمـًا في هذا الشأن ، وفي الجمع بين المعقول والمنقول كالإمام المازري و الخطابي ،و القاضي عياض ، والإمام النووي وشيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم ، والإمام ابن كثير ، والإمام ابن حجر وغيرهم ممن لا يحصيهم العدُّ ، فهل كل هؤلاء الأئمة فسدت عقولهم ، فلم يتفطنوا إلى ما تفطن إليه أصحاب العقول ؟! ، أم أنه التسليم والانقياد ، وتعظيم حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وعدم معارضته برأي أو قياس .
وأما أن الحديث مخالف للقرآن فهو دليل على سوء الفهم ، لأن المشركين لم يريدوا بقولهم :{إن تتبعون إلا رجلا مسحورا } أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سُحر فترة يسيرة بحيث لم يتعلق سحره بأمور الرسالة والتبليغ ، ثم شفاه الله ، وإنما أرادوا بقولهم ذلك إثبات أن ما يصدُر عنه ما هو إلا خيال وجنون في كل ما يقول وما يفعل ، وفيما يأتي ويذر، وأنه ليس رسولاً ، وأن ما جاء به ليس من الوحي في شيء ، وإنما هو خيال مسحور ، فغرضهم إنكار رسالته - صلى الله عليه وسلم - ، وبالتالي فلا يلزمهم تصديقه ولا اتباعه .
ولا ريب أن الحال التي ذُكَرت في الحديث عروضها له - صلى الله عليه وسلم - لفترة خاصة ، ليست هي التي زعمها المشركون في شيء ، فلا يصح أن يؤخذ من تكذيب القرآن لما زعمه المشركون دليلاً على عدم ثبوت الحديث ، فنحن عندما نؤمن بما دل عليه الحديث لا نكون مصدقين للمشركين ولا موافقين لهم فيما أرادوا ، لأن الذي عناه الحديث غير الذي عناه أولئك الظالمون، وإذا ثبت ذلك لم يكن هناك تصديق ولا موافقة لهم .
وأما ادعائهم بأن هذا الحديث يتنافى مع عصمة النبي - صلى الله عليه وسلم - في الرسالة والبلاغ فإن الذين صححوا حديث السحر كالبخاري و مسلم وغيرهما ، ومن جاء بعدهما من أهل العلم والشراح ، قالوا إن ما حدث للنبي - صلى الله عليه وسلم - إنما هو من جنس سائر الأمراض التي تعرض لجميع البشر ، وتتعلق بالجسم ولا تسلط لها على العقل أبداً ، وهو أمر يجوز على سائر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، قال القاضي عياض : " فظهر بهذا أن السحر إنما تسلط على جسده ، وظواهر جوارحه لا على تمييزه ومعتقده "
وقول عائشة : " أنه كان يخيل إليه أنه فعل الشيء وما فعله " إما أن يكون في أمور الدنيا لا في أمور الدين والرسالة ، وقياس أمور الوحي والرسالة على أمور الدنيا قياس مع الفارق ، فإنه بالنسبة لأمور الدين معصوم من الخطأ والتغير والتبدل لا يخالف في ذلك أحدٌ ، فللرسول - صلى الله عليه وسلم - اعتباران : اعتبار كونه بشرًا ، واعتبار كونه رسولاً ، فبالاعتبار الأول يجوز عليه ما يجوز على سائر البشر ، ومنه أن يُسحر ، وبالاعتبار الثاني لا يجوز ما يخل بالرسالة لقيام الدليل العقلي والنقلي على العصمة منه .
على أنه قد قال بعضهم : إنه لا يلزم من أنه كان يظن أنه فعل الشيء ولم يكن فعله ، أن يجزم بفعله ذلك ، وإنما يكون ذلك من جنس الخاطر يخطر ولا يثبت .
وإما أن يكون ذلك التخيل في أمر خاص بينته الروايات الأخرى في الصحيح عن عائشة رضي الله عنها ، هي رواية الإمام سفيان بن عيينة التي رواها عنه اثنان من كبار شيوخ البخاري الأول شيخه المُسْنَدي ، والثاني شيخه الإمام الحميدي ، وفيها تقول عائشة رضي الله عنها : " كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ سحر حتى كان يُرى أنه يأتي النساء ولا يأتيهنَّ ، قال سفيان : وهذا أشد ما يكون من السحر إذا كان كذلك " .
فهذه الرواية تبين ما في الرواية الأولى من إجمال ، وما هو هذا الشيء الذي كان يخيل إليه أنه فعله ولم يفعله ؟ ، قال القاضي عياض رحمه الله : " يحتمل أن يكون المراد بالتخيل المذكور أنه يظهر له من نشاطه ما ألفه من سابق عادته من الاقتدار على الوطء ، فإذا دنا من المرأة فتر عن ذلك كما هو شأن المعقود " .
وسواء قلنا بهذا أو بذاك فليس في الحديث أبداً ما يخل بعصمة النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما يتعلق بالتبليغ والرسالة ، ولذلك قال الإمام المازري رحمه الله : " أنكر بعض المبتدعة هذا الحديث - يريد حديث السحر - وزعموا أنه يحط منصب النبوة ، ويشكك فيها ، قالوا : وكل ما أدى إلى ذلك باطل ، وزعموا أن تجويز هذا يعدم الثقة بما شرَّعوه من الشرائع ، إذ يحتمل على هذا أن يخيل إليه أنه يرى جبريل وليس هو ثَمَّ ، وأنه يوحى إليه ولم يوح إليه بشيء ، وهذا كله مردود ، لأن الدليل قد قام على صدق النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فيما يبلغه عن الله تعالى وعلى عصمته في التبليغ ، والمعجزات شاهدات بتصديقه ، فتجويز ما قام الدليل على خلافه باطل.
وأما ما يتعلق ببعض أمور الدنيا التي لم يبعث لأجلها ، ولا كانت الرسالة من أجلها فهو في ذلك عرضة لما يعتري البشر كالأمراض ، فغير بعيد أن يُخَيَّل إليه في أمر من أمور الدنيا ما لا حقيقة له مع عصمته عن مثل ذلك في أمور الدين " ، قال : " وقد قال بعض الناس : إن المراد بالحديث أنه كان - صلى الله عليه وسلم - يخيل إليه أنه وطئ زوجاته ولم يكن وطئهن ، وهذا كثيرًا ما يقع تخيله للإنسان ، وهو في المنام فلا يبعد أن يخيل إليه في اليقظة " أهـ .
ثم ما رأي المنكرين للحديث فيما ثبت في القرآن الكريم منسوباً إلى نبي الله موسى عليه السلام من أنه تخيل في حبال السحرة وعصيهم أنها حيات تسعى ، فهل ينكرون القرآن القطعي المتواتر ؟! وهل تخيله هذا أخل بمنصب الرسالة والتبليغ ؟! وإذا كان لا مناص لهم من التسليم بما جاء به القرآن الكريم ، فلم اعتبروا التخيل في حديث السحر منافيـًا للعصمة ؟! ولم يعتبروه في قصة موسى عليه السلام منافيـًا للعصمة ؟! .
لقد شاء الله سبحانه - وله الحكمة البالغة - أن يبتلي أنبياءه بشتى أنواع البلاء ليعلم الناس أنهم بشر مثلهم ، فلا يرفعوهم إلى درجة الألوهية ، وليزداد ثواب الأنبياء ، وتعظم منازلهم ودرجاتهم عند الله تعالى بما يلاقونه ويتحملونه في سبيل تبليغ رسالات الله ، وللإمام ابن القيم كلام حول هذا الموضوع نرى أن نختم به حديثنا ، حيث قال رحمه الله بعد أن ذكر الأحاديث الدالة على سِحر النبي - صلى الله عليه وسلم - : " وهذا الحديث ثابت عند أهل العلم بالحديث ، مُتَلقَّى بالقبول بينهم لا يختلفون في صحته ، وقد اعتاص على كثير من أهل الكلام وغيرهم ، وأنكروه أشد الإنكار ، وقابلوه بالتكذيب ، وصنف فيه بعضهم مصنفـًا منفردًا حمل فيه على هشام - يعني ابن عروة بن الزبير - ، وكان غاية ما أحسن القول فيه أن قال : غلط واشتبه عليه الأمر ، ولم يكن من هذا شيء ، قال : لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يجوز أن يُسْحَر ، فإنه تصديق لقول الكفار : {إن تتبعون إلا رجلا مسحورا }( الإسراء 47 ، الفرقان 8) .... قالوا : فالأنبياء لا يجوز عليهم أن يُسحروا ، فإن ذلك ينافي حماية الله لهم ، وعصمتهم من الشياطين .
قال : وهذا الذي قاله هؤلاء مردود عند أهل العلم ، فإن هشامـًا من أوثق الناس وأعلمهم ، ولم يقدح فيه أحدٌ من الأئمة بما يوجب رد حديثه فما للمتكلمين وما لهذا الشأن ؟ ، وقد رواه غير هشام عن عائشة ، وقد اتفق أصحاب الصحيحين على تصحيح هذا الحديث ، ولم يتكلم فيه أحد من أهل الحديث بكلمة ، والقصة مشهورة عند أهل التفسير والسنن ، والحديث ، والتاريخ ، والفقهاء ، وهؤلاء أعلم بأحوال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وأيامه من المتكلمين ( ثم أخذ يذكر بعض الروايات في إثبات سحره - صلى الله عليه وسلم- ) . . . . . . إلى أن قال : والسحر الذي أصابه كان مرضـًا من الأمراض عارضـًا شفاه الله منه ، ولا نقص في ذلك ولا عيب بوجه ما ، فإن المرض يجوز على الأنبياء ، وكذلك الإغماء ، فقد أغمي عليه -- صلى الله عليه وسلم - في مرضه ، ووقع حين انفكت قدمه ، وجُحِشَ شِقه ( أي انخدش ) ، وهذا من البلاء الذي يزيده الله به رفعةً في درجاته ، ونيل كرامته ، وأشد الناس بلاء الأنبياء ؛ فابتلوا من أممهم بما ابتلوا به من القتل والضرب والشتم والحبس ، فليس ببدع أن يبتلى النبي - صلى الله عليه وسلم- من بعض أعدائه بنوع من السحر كما ابتلي بالذي رماه فشجه ، وابتلي بالذي ألقى على ظهره السلا وهو ساجد ، فلا نقص عليهم ولا عار في ذلك ، بل هذا من كمالهم ، وعلو درجاتهم عند الله " أهـ .

آخر تعديل بواسطة Khaled Soliman ، 05-06-2011 الساعة 02:10 AM
رد مع اقتباس
  #28  
قديم 12-07-2009, 01:12 AM
Khaled Soliman Khaled Soliman غير متواجد حالياً
معلم أول أ لغة إنجليزية
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
المشاركات: 9,294
معدل تقييم المستوى: 25
Khaled Soliman has a spectacular aura about
افتراضي

" قال المازري : أنكر المبتدعة هذا الحديث ، وزعموا أنه يحط منصب النبوة ويشكك فيها , قالوا : وكل ما أدَّى إلى ذلك فهو باطل , وزعموا أن تجويز هذا يعدم الثقة بما شرعه من الشرائع إذ يحتمل على هذا أن يخيل إليه أنه يرى جبريل وليس هو ثَمَّ ( هناك ) , وأنه يوحي إليه بشيء ولم يوح إليه بشيء , قال المازري : وهذا كله مردود ؛ لأن الدليل قد قام على صدق النبي صلى الله عليه وسلم فيما يبلغه عن الله تعالى وعلى عصمته في التبليغ , والمعجزات شاهدات بتصديقه , فتجويز ما قام الدليل على خلافه باطل ، وأما ما يتعلق ببعض الأمور الدنيا التي لم يبعث لأجلها ولا كانت الرسالة من أجلها فهو في ذلك عرضة لما يعترض البشر كالأمراض , فغير بعيد أن يخيل إليه في أمر من أمور الدنيا ما لا حقيقة له مع عصمته عن مثل ذلك في أمور الدين .
قال : وقد قال بعض الناس : إن المراد بالحديث أنه كان صلى الله عليه وسلم يخيل إليه أنه وطئ زوجاته ولم يكن وطأهن , وهذا كثيراً ما يقع تخيله للإنسان في المنام فلا يبعد أن يخيل إليه في اليقظة .
قلت – أي : ابن حجر - : وهذا قد ورد صريحاً في رواية ابن عيينة عند البخاري ، ولفظه : ( حتى كان يرى ( أي : يظن ) أنه يأتي النساء ولا يأتيهن ) وفي رواية الحميدي : ( أنه يأتي أهله ولا يأتيهم ) .
قال عياض : فظهر بهذا أن السحر إنما تسلط على جسده وظواهر جوارحه لا على تمييزه ومعتقده ... .
وقال المهلب : صون النبي صلى الله عليه وسلم من الشياطين لا يمنع إرادتهم كيده , ففي الصحيح أن شيطاناً أراد أن يفسد عليه صلاته فأمكنه الله منه , فكذلك السحر ، ما ناله من ضرره لا يدخل نقصا على ما يتعلق بالتبليغ , بل هو من جنس ما كان يناله من ضرر سائر الأمراض من ضعف عن الكلام , أو عجز عن بعض الفعل , أو حدوث تخيل لا يستمر , بل يزول ويبطل الله كيد الشياطين " انتهى .
"فتح الباري" (10/226، 227) باختصار .
وقال ابن القيم رحمه الله :
" هديه صلى الله عليه وسلم في علاج السحر الذي سحرته اليهود به :
قد أنكر هذا طائفة من الناس ، وقالوا : لا يجوز هذا عليه ، وظنُّوه نقصاً وعيباً ، وليس الأمر كما زعموا ، بل هو من جنس ما كان يعتريه من الأسقام والأوجاع ، وهو مرض من الأمراض ، وإصابته به كإصابته بالسم لا فرق بينهما ، وقد ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : ( سُحِر رسول الله حتى إن كان ليخيَّل إليه أنه يأتي نساءه ولم يأتهن ، وذلك أشد ما يكون من السحر ) قال القاضي عياض : والسحر مرض من الأمراض ، وعارض من العلل ، يجوز عليه كأنواع الأمراض مما لا يُنكر ، ولا يَقدح في نبوته .
وأما كونه يخيَّل إليه أنه فعل الشيء ولم يفعله : فليس في هذا ما يُدخل عليه داخلة في شيء من صدقه ؛ لقيام الدليل والإجماع على عصمته من هذا ، وإنما هذا فيما يجوز أن يطرأ عليه في أمر دنياه التي لم يُبعث لسببها ، ولا فُضِّل من أجلها ، وهو فيها عُرضة للآفات كسائر البشر ، فغير بعيد أنه يخيَّل إليه مِن أمورها ما لا حقيقة له ثم ينجلي عنه كما كان " انتهى .
"زاد المعاد" (4/124) .
وبعد ، فقد تبيَّن صحة الحديث ، وعدم تنقصه من منصب النبوة ، والله سبحانه وتعالى يعصم نبيَّه صلى الله عليه وسلم قبل السحر وأثناءه وبعده ، ولا يعدو سحره عن كونه متعلقاً بظن النبي صلى الله عليه وسلم أنه يأتي أهله وهو لم يفعل ، وهو في أمرٍ دنيوي بحت ، ولا علاقة لسحره بتبليغ الرسالة البتة ، وفيما سبق من كلام أهل العلم كفاية ، ومن أراد الاستزادة فليرجع إلى "فتح الباري" و "زاد المعاد" .
والله أعلم .
رد مع اقتباس
  #29  
قديم 12-07-2009, 01:56 AM
Khaled Soliman Khaled Soliman غير متواجد حالياً
معلم أول أ لغة إنجليزية
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
المشاركات: 9,294
معدل تقييم المستوى: 25
Khaled Soliman has a spectacular aura about
افتراضي

وللتوضيح أكثر و بلغة أسهل نقول
ان الله سبحانه وتعالى يبتلي رسله عليهم الصلاة والسلام بأنواع البلاء ، فيزداد بذلك أجرهم ، ويعظم ثوابهم ، فقد ابتلى رسله بتكذيب أقوامهم لهم ، ووصل ايذاؤهم إليهم ، وابتلى بعض الرسل بالمرض ، ومن الابتلاء الذي أوذي به الرسول صلى الله عليه وسلم ما أصابه من السحر ، روى البخاري في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها أن رجلاً من بني زريق يقال له : لبيد بن الأعصم سحر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى كان رسول الله يخيل إليه أنه كان يفعل الشيىء وما فعله . . . .
إلا أن هناك بعض العلماء أنكروا هذا الحديث ، وردوه رداً منكراً بدعوى أنه مناقض لكتاب الله الذي برأ الرسول من السحر .
فمن هؤلاء العلماء ( الجصاص ) في كتابه أحكام القرآن : [ 1 : 49 ]
حيث قال : (( ومثل هذه الاخبار من وضع الملحدين تلعباً بالحشو الطغام . . . . ))
ومنهم ( أبو بكر الأصم ) حيث قال : (( إن حديث سحره صلى الله عليه وسلم المروي هنا متروك لما يلزمه من صدق قول الكفره أنه مسحور ، وهو مخالف لنص القرآن حيث أكذبهم الله سبحانه وتعالى . . . )) [ نقله عنه شارح المجموع : 19 : 243 ]
ومنهم الشيخ جمال الدين القاسمي في تفسيره المسمى [ محاسن التأويل ] حيث قال : (( ولا غرابة في أن لا يقبل هذا الخبر لما برهن عليه ، وإن كان مخرجاً في الصحاح ، وذلك لأنه ليس كل مخرج فيها سالماً من القدح والنقد سنداً أو معنى كما يعرفه الراسخون . . . ))
وقال الشيخ محمد عبده : (( وقد ذهب كثير من المقلدين الذين لا يعقلون ما النبوة ، ولا ينبغي لها إلى أن الخبر بتأثير السحر قد صح . . . . وقال : وهو مما يصدق فيه المشركين : (( إن تتبعون إلا رجلاً مسحوراً )) [ الفرقان : 8 ]

وقد أجاب كثير من العلماء عن هذه الشبهة وبينوا زيفها بالآتي :

أولاً : من المعلوم أن الرسول صلى الله عليه وسلم بشر ، فيجوز أن يصيبه ما يصيب البشر من الأوجاع والأمراض وتعدي الخلق عليه وظلمهم إياه كسائر البشر إلي أمثال ذلك مما يتعلق ببعض أمور الدنيا التي لم يبعث لأجلها ، ولا كانت الرسالة من أجلها فإنه عليه الصلاة والسلام لم يعصم من هذه الامور ، وقد كان عليه الصلاة والسلام يصيبه ما يصيب الرسل من أنواع البلاء وغير ذلك ، فغير بعيد أن يصاب بمرض أو اعتداء أحد عليه بسحر ونحوه يخيل إليه بسببه في أمور الدنيا ما لا حقيقة له ، كأن يخيل إليه أنه وطىء زوجاته وهو لم يطأهن ، و حدث انه جاء للرسول صلى الله عليه وسلم احد الصحابه يعوده قائلاً له : (( إنك توعك يا رسول الله فقال : إني أوعك كما يوعك الرجلان منكم )) إلا ان الإصابة أو المرض أو السحر لا يتجاوز ذلك إلي تلقي الوحي عن الله سبحانه وتعالى ولا إلي البلاغ عن ربه إلي الناس لقيام الأدلة من الكتاب والسنة وإجماع سلف الامة على عصمته صلى الله عليه وسلم في تلقي الوحي وإبلاغه وسائر ما يتعلق بشؤون الدين .
والذي وقع للرسول صلى الله عليه وسلم من السحر هو نوع من المرض الذي يتعلق بالصفات والعوارض البشرية والذي لا علاقة له بالوحي وبالرسالة التي كلف بإبلاغها ، لذلك يظن البعض أن ما اصاب الرسول صلى الله عليه وسلم من السحر هو نقصاً وعيباً وليس الأمر كما يظنون لأن ما وقع له هو من جنس ما كان يعتريه من الاعراض البشرية كأنواع الامراض والآلام ونحو ذلك ، فالانبياء صلوات الله وسلامه عليهم يعتريهم من ذلك ما يعتري البشر كما قال الله سبحانه وتعالى : (( قالت رسلهم إن نحن إلا بشر مثلكم ولكن الله يمن على من يشاء من عباده )) سورة إبراهيم : 11
واستدل ابن القصار على ان الذي أصابه كان من جنس المرض بقول الرسول في حديث آخر : (( أما أنا فقد شفاني الله )) ويؤيد ذلك حديث ابن عباس عند ابن سعد : (( مرض النبي صلى الله عليه وسلم وأخذ عن النساء والطعام والشراب ، فهبط عليه ملكان )) فتح الباري 10 : 227 .
قال المازري : (( ان الدليل قد قام على صدق النبي فيما يبلغه عن الله سبحانه وتعالى وعلى عصمته في التبليغ ، والمعجزات شاهدات بتصديقه ، وأما ما يتعلق ببعض أمور الدنيا التي لم يبعث لأجلها ولا كانت الرسالة من أجلها فهو في ذلك عرضة لما يعترض البشر كالأمراض ، فغير بعيد أن يخيل إليه أنه وطىء زوجاته ولم يكن وطئهن ، وهذا كثيراً ما يقع تخليه للأنسان في المنام ، فلا يبعد أن يخيل إليه في اليقظة .
قال القاضي عياض رحمه الله : (( قد نزه الله سبحانه وتعالى الشرع والنبي عما يدخل في أمره لبساً ، وإنما السحر مرض من الامراض وعارض من العلل يجوز عليه كأنواع الأمراض مما لا ينكر ولا يقدح في نبوته .
وأما ما ورد أنه كان يخيل إليه أنه فعل الشيء ولا يفعله ، فليس في هذا ما يدخل عليه داخلة في شيء من تبليغه وشريعته ، أو يقدح في صدقه لقيام الدليل ، والاجماع على عصمته من هذا ، أما ما يجوز طروه عليه في أمر دنياه التي لم يبعث بسببها ، ولا فضل من أجلها ، وهو فيها عرضة للآفات كسائر البشر ، فغير بعيد أن يخيل إليه من أمورها ما لاحقيقة له ، ثم ينجلي عنه كما كان .





وجاء في مرسل عبد الرحمن بن كعب عند ابن سعد ان أخت لبيد بن الاعصم قالت : (( إن يكن نبياً فسيخبر ، وإلا فسيذهله هذا السحر حتى يذهب عقله .)) فوقع الشق الاول .

ثانياً : أما دعواهم أن السحر من عمل الشيطان والشيطان لا سلطان له على عباد الله لأن الله يقول : (( إن عبادي ليس لك عليهم سلطان )) سورة الحجر : 42
فنقول :
إن المراد من قوله سبحانه وتعالى : (( إن عبادي ليس لك عليهم سلطان )) أي في الاغواء والإضلال فالسلطان المثبت للشيطان هو سلطان إضلاله لهم بتزينه للشر والباطل وإفساد إيمانهم ، فهذه الآية كقوله سبحانه وتعالى حكاية عن الشيطان في مخاطبته رب العزة : (( لأغونهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين )) ولا ريب ان الحالة التي تعرض لها الرسول صلى الله عليه وسلم لا تنطبق عليها هذه الآية الكريمة .
ولا شك أن اصابة الشيطان للعبد الصالح في بدنه لا ينفيه القرآن ، وقد جاء في القرآن ما يدل على إمكان وقوعها ، ومن ذلك قول أيوب عليه السلام في دعائه ربه : (( أني مسني الشيطان بنصب وعذاب )) سورة ص : 41
وموسى عليه السلام من أولي العزم من الرسل ، وقد خيل إليه عندما ألقى السحرة عصيهم أنه تسعى : (( فأوجس في نفسه خيفة موسى )) سورة طه : 67 فهذا التخيل الذي وقع لموسى يطابق التخيل الذي وقع للرسول صلى الله عليه وسلم ، إلا ان تأثير السحر كما قررنا لا يمكن أن يصل إلي حد الاخلال في تلقي الوحي والعمل به وتبليغه للناس ، لأن النصوص قد دلت على عصمة الرسل في ذلك .

ثالثاً : نريد أن نسأل النصارى سؤالاً :
إذا كنتم تعتقدون ان ما اصاب النبي محمداً على ايدي اليهود من السحر والذي قررنا انه لم يكن له تأثير في دينه وعبادته ، ولا في رسالته التي كلف بإبلاغها، إذا كنتم تعتقدون ان ما اصابه هو قدح و طعن في نبوته فهل يعني ذلك أنكم اسقطتم أنبياء كتابكم المقدس الذي نص على انهم عصاة زناة كفار ؟!
ألم يرد في كتابكم المقدس أن نبي الله سليمان كفر وعبد الاوثان وهو نبي من انبياء الله [ سفر الملوك الاول ]
فهل اسقتطم نبوءة سليمان وهل ما اقدم عليه النبي سليمان من السجود للأوثان والكفر بالله هو أمر موجب للطعن في نبوته ومسقطاً لها ؟!
وإذا كان ما قام به النبي سليمان من السجود للأوثان والكفر بالله هو أمر لا يوجب الطعن في نبوته و لا يسقط نبوته عندكم ، فكيف تعتبرون ما أصاب النبي محمد صلى الله عليه وسلم من السحر الذي لم يكن له تأثير في دينه وعبادته ولا في رسالته التي كلف بابلاغها هو أمر موجبا للطعن في نبوته ؟
ثم أخبرونا عن ذلك الشيطان الذي تسلط على المسيح طوال 40 يوماً كما جاء في إنجيل متى ابتداءً من الاصحاح الرابع ، ألم يذكر الانجيل أن إبليس كان يقود المسيح إلي حيث شاء فينقاد له . فتارة يقوده إلي المدينة المقدسة و يوقفه على جناح الهيكل وتارة يأخذه إلي جبل عال جداً . . . الخ
رابعا : ان في قصة سحر النبي عليه الصلاة والسلام الكثير من أدلة نبوته عليه الصلاة والسلام طبقاً للآتي :

1. كيف عرف النبي عليه الصلاة والسلام أن الذي سحره هو لبيد بن الأعصم وأن السحر موجود في مكان كذا وكذا لو لم يكن نبياً ؟, فالنبي عليه الصلاة والسلام هو الذي أرسل أصحابه ليستخرجوا السحر من المكان الذي وضع فيه , ( وقصة إخبار الملائكة لمحمد عليه الصلاة والسلام بموضع ومكان السحر لم يذكرها هؤلاء الضالون فهم انتقائيون في اختيار موادهم.)
2. لقد فك الرسول عليه الصلاة والسلام السحر بقراءة المعوذتين وهذا دليل على أن المعوذتين كلام الله عز وجل وأن محمداً نبي موحىً إليه.
3. هذه القصة دليل على كذب المستشرقين عندما قالوا إن السنة النبوية قد وضعها أصحاب النبي ليثبتوا أنه نبي وأنه كامل في كل صفاته فلو كان كلامهم صحيحاً لكان هذا الحديث أول شيء يحذفه الصحابة من السنة لأنه ينقص من قدر النبي (ص) على حد زعمهم طبعاً فقد أثبتنا الآن أن هذا الحديث يدل على نبوة محمد (ص).
قال الله تعالى {والذين يؤذون رسول الله لهم عذاب أليم}
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ،،،


رد مع اقتباس
  #30  
قديم 12-07-2009, 02:34 AM
Khaled Soliman Khaled Soliman غير متواجد حالياً
معلم أول أ لغة إنجليزية
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
المشاركات: 9,294
معدل تقييم المستوى: 25
Khaled Soliman has a spectacular aura about
افتراضي

والأن فاصل و نواصل
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 08:55 AM.