|
إبداعات ونقاشات هادفة قسم يختص بما تخطه أيدي الأعضاء من شعر ونثر ورأي الخ... |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
الحلقة الرابعة من غروب إلى أين بعنوان (ذكريات)
الحلقة الرابعة ذكريات وبينما كانت الشمس في الأفقِ تذوب أشعتُها الحمراء على جبين السماء فتخضب السحبَ بلون الشفق القاني .. وكأن الشمس آثرت ألا ترحل إلا بعدما تخضب الأرضَ دماءُ الجسدين الممتزجة فكما التصق الجسدان .. امتزج الدم. ما هذا الحشد من الناس؟ أوقفْ السيارة هنا لنرى ما الأمر.. هكذا قال سائق سيارة اقتربت من مكان الحادث لتابعه .. وتوقفت السيارة وانضم الرجلان للحشد المحيطِ بالاثنين الفاقدي الوعي ونظر السائق لتابعه وأومأ إلى ما تتحلى به (أمنية) من مجوهرات فأسرع التابع ملبياً إشارة صاحبه وقال : يدُك معي يا (مختار) لننقلهما إلى السيارة فلو انتظرنا الإسعاف لنزفا حتى الموت وفي لهفة مصطنعة رد السائق : هيا يا (منصور) وليساعدنا الجميع .. هيا استقر (جاسر) و (أمنية) على المقعد الخلفي للسيارة والتي انطلقت بهما مخلفة دماءهما الممتزجة وقلوب المحتشدين المختلجة نظر التابع (منصور) للسائق وقال : ما خطتك إذن ؟ رنا (مختار) لتابعه وهو يقول : الحيُّ أبقى من الميتِ .. وانطلقت السيارة .. يصارع صوتَ ما كينتها صوتُ الضحكاتِ الملعونة.. ******** أخيراً انتهت مباراة كرة القدم الساخنة والتي تابعها (شاكر) بكل جوارحه فحرمت تلك المباراةُ الطفلتين من أدنى اهتمام من أبيهما أو إحساس بالمسئولية ناحيتهما أو ناحية تلك المرأة (أمنية) التي غادرت البيت غاضبة .. لم يجهد نفسه ليطمئن عليها .. شق آذان المغرب أصداء الصخب المتبقي من تلك المشاهدة الثورية فإذا بـ (شاكر) وفي حركة آلية تشبه إلى حد كبير حركة العرائس الماريونيت .. إذا به يهِمُّ لكي يتوضأ بصورة آلية لا تقل آليتها عن آلية حركته .. وإذا به يتمتم تلك الأذكار التي اعتاد ترديدها كل وضوء بصورة لا تدع شكاً لمن يسمعها أنها تصدر من مسجل للصوت جماد لا يتأثر قلبه ولو بحرف من تلك الكلمات أمسكها بيده ونظر خلالها على المرآة فإذ به يرى ..عجباً ما رأى رأى عيناً واحدة تحملق فيه وتطيل النظر في ثبات .. رأى على جدرانها نقشاً عمره سبع سنوات .. حفر على الجدران كلمتين (شاكر – أمنية) فإذا بتلك العين الواحدة النافذة من ذلك الطوق الذهبي تجذبه كسحرة الكهوف والجبال وتحمله في آلة زمن هوليودية .. فإذا به يدور حول مركزه ويستقر هنا .. بيت بسيط به امرأة مسنة .. وجد نفسه قابعاً تحت غطاء يبعث مظهره الدفء .. وإذا بفتاة في مقتبل العمر تدخل الغرفة موجهة كلامها لتلك المرأة العجوز .. سيدتي .. لقد أنهيت العمل .. غسلت الملابس ونشرتها وكنست البيت ونظفت المطبخ كانت تتحدث وعين (شاكر) لا تبرح مظاهر بلوغها الحسية .. فإذا بأمه العجوز تقول للفتاة .. سلمت يداك يا ابنتي هيا .. ادخلي اغتسلي وارتدي ملابسك خذي هذا كيس به شامبو بعطر الياسمين .. فأنا أحب الياسمين وأنا كذلك أحبه كانت تلك الجملة الأخيرة مقاطعة من (شاكر) لحديث أمه قال تلك الجملة (وأنا كذلك أحبه) ويده تحت الغطاء والأخرى مشيرة نحو الفتاة تدور سبابته حول محورها ومع هذا الدوران تتابع التطلعات اللانهائية في صورة سينيمائية في ذهنه دخلت الفتاة لتنفذ ما طلبته سيدتها ونسيت أن تأخذ أغراضها معها وبعدما انقطع صوت الماء المنهمر انطلق صوت الكروان المنتظر سيدتي .. معذرة هل يمكن أن تحضري لي ملابسي ؟ فإذا بالسيدة الحكيمة ..تتيح للمترقب الفرصة وتطلب من (شاكر) أن يعطي الفتاة الغضة ملابسها .. انطلق القابع من مكمنه متوجهاً صوب الفتاة ممسكاً بملابسها وإذا بفتحة صغيرة يختبئ خلفها ما يتخيله وما لا يتخيله وإذا بجدائل الشعر الأسود الذي صنعت منه قطرات الماء شلالاً حريرياً تنزلج عليه دونما عائق إذا بعين واحدة سوداء حوراء تطل له من تلك الفتحة لم يكن (شاكر) ينظر للفتاة وهو يناولها ملابسها ولكنه نظر لشيء آخر .. ظنت الفتاة أن (شاكر) يغض البصر وبعدما أخذت ملابسها وأغلقت الباب فوجئت بتلك المرآة التي تقف أمامها واستعادت نظرة (شاكر) فأدركت ما رآه المترقب أبي لقد حاولت الاتصال بأمي من هاتفك ولكن هاتفها غير متاح لماذا يا (مرام) ؟ لماذا جذبتِ هذا المسافر عبر السنوات بتلك الآلة الزمنية فجأة .. ألا تعلمين أن في ذلك خطورة على حياته .. قطعت (مرام) ابنة (شاكر) حبل التخيلات والخيالات فإذا به يقبض على الدبلة الذهبية التي كانت في يديه والتي خلعتها (أمنية) من أصبعها قبل خروجها غاضبة وإذا به يهوي بقبضته على حوض الماء محاولاً تفريغ شحنته ..قائلاً : سأرى ما الأمر اخرجي الآن .. هيا .. اخرجي .. خرجت (مرام) فإذا بها تسمع صوت الماء المنهمر يملأ حوض الاستحمام مع أن (شاكر) كان قد أتم الوضوء .. ********* ومن اليوم مثلك يا (صفاء) .. أمسية شعرية تنظمها الكلية على شرفك لينشدك الشاعر الكبير (جاسر) أعذب الكلمات .. كلمات ليست كالكلمات كان هذا ما قالته (سماء) لصديقتها المقربة ..وتنطلق الضحكات داخل قاعة من قاعات الكلية والتي كانت معدة لأمسية شعرية نظمها (جاسر) ودعا إليها أكبر الشعراء المحليين بمدينته ولفيفاً من أساتذة البلاغة بكليته .. ردت (عبير) إحدى صديقات (صفاء) على (سماء) قائلة : وهل تحسدين (صفاء) على حبها وحبيبها ؟ يا لكِ من حاقدة .. فأسرعت (سماء) قائلة : لا لا يا (عبير) إنها تحبني ولا ريب .. وتتمنى لي الخير كله ولكني لا أخفيكن سراً أشعر بخجل وكأن الدماء ستخرج من وجنتيّ داعبتها (عبير) : خجل هنا ؟ وأشارت إلى وجنتيها أم هنا ؟ وأشارت إلى قلبها حاولت (صفاء) التظاهر بالجد الصارم ونهت (عبير) عن تكرار مثل ذلك الكلام واسترسلت الصديقات في هذا الحديث إلى أن دخل ( جاسر) ومعه الضيوف والأساتذة واعتلى كل منهم مكانه المعد له أربعة عيون في وجهين .. قلبان في جسدين .. قاعة تضم العشرات وكأن الأضواء قد خفتت والظلام حل المكان ولم يتبق سوى بؤرتي إضاءة (جاسر وصفاء) وبينهما سبيل من النور لا يقطعه جسد ولا يشقه ظلام بل هو طريق لا يسمح إلا لمعاني الحب والاحتواء والأمان أن تعبر وكأن الزمان قد نظم لهما قصيدته ونسج لهما شرنقته الحريرية فلا يرى كل منهما إلا الآخر فبدت القاعة خالية فاسترسل (جاسر) في إلقاء الشعر وقال لحبيبته أعذب الكلمات قصيدة بعنوان (عيناكي دنيا) وبعدما فرغ (جاسر) من إلقائه عادت الأضواء وفوجئ الاثنان أن (جاسر) قد ترك منصته واختار له منصة أخرى أمام (صفاء) فصفق الجميع .. وتبادلت الصديقات نظرات المكر البريء فقال (جاسر) وكأنه يصفها لا يناديها : (صفاء) صفاء صفاء .. ايه .. أين ذهبتِ ؟ هكذا قطعت (سماء) شريط الذكريات والتي كانت صديقتها قد أصغت إليه بكل جوارحها .. كانت (سماء) قد توجهت لصديقتها للاطمئنان عليها وعلى آخر أخبار (جاسر) الغائب .. وبينما كانت في المطبخ تعد كوبين من الشاي .. كانت (صفاء) ممسكة بورقة من بين عشرات الأوراق التي بدا عليها أثر الزمن فتحول بياضُها اصفراراً لكن حبرها أبى أن يزول .. ماذا كنتِ تقرأين ؟ كان هذا سؤال (سماء) لصديقتها .. فردت عليها (صفاء ) وعيناها تفيضان الدموع : لم أكن .. لكني كنت .. كنت هناك .. هناك يا (سماء) .. حيث السماء كانت تظلنا .. والأرض تقلنا .. وحدنا .. أنا و ... جاسر .. إلى اللقاء في الحلقة الخامسة من غـــ إلى أين ــروب ؟ !
|
العلامات المرجعية |
|
|