|
حي على الفلاح موضوعات وحوارات ومقالات إسلامية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
نداء إلى المتخاصمين: تصالحوا قبل الرحيل!
الحمد لله رب العالمين، ألَّف بين قلوب المؤمنين بفضلِه وكرمه، ونزع الغِلَّ والحسد من بينهم بجوده ورحمتِه، والصلاة والسلام على نبيه أطهر الناس قلبًا وأحسنهم خلقًا، وعلى أصحابه ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين. * أما بعدُ: فإنَّ من أجلِّ مقاصد شريعة الإسلام السمحة: إصلاحَ ذات البين، وذلك بأن يصلح المسلمون أحوالهم بينهم بأُلفة القلوب واجتماعها، وإزالة الشحناء منها، وإصلاحهم أحوالَ غيرهم إذا فسدت أيضًا؛ فغالب الفساد في الدين والدنيا مَنشؤه من الشحناء والبغضاء، من الفساد الذي لا يتناهى ويُذهب الأموال والأنفس والأعراض؛ وعليه ذكر العلماء القاعدة الجليلة - التي تدخل في كل المعاملات - التي تنص على أنَّ (مطلوب صاحب الشرع: صلاح ذات البين، وحسم مادة الفساد والفتن، حتى بالَغ في ذلك بقولِه صلَّى الله عليه وسلَّم: ((لن تدخُلوا الجنة حتى تحابوا))؛ [ينظر: الفروق للقرافي (3/ 290)، والتنوير شرح الجامع الصغير (4/ 362- 363)]. * وفي هذا المقال ذكرٌ لبعض الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، وبعض كلام الأئمة في ذلك؛ لعلها تصادف صاحبَ قلب خاشع وأُذن واعية يعمل بها؛ فيفلح في الدنيا والآخرة. قال الله تعالى: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [الحجرات: 10]. وقوله: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ﴾؛ أي: الجميع إخوة في الدين؛ كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((المسلم أخو المسلم، لا يَظلِمه ولا يُسلمه))؛ رواه البخاري (2442)، ومسلم (2580)، من حديث عبدالله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما. * وفي الصحيح: ((واللهُ في عون العبدِ ما كان العبد في عون أخيه))؛ رواه مسلم (2699)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. * وفي الصحيح أيضًا: ((إذا دعا المسلم لأخيه بظهر الغيب، قال المَلَكُ: آمين، ولك بمثلِه))؛ رواه مسلم (2732)، من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه. * والأحاديث في هذا كثيرة، وفي الصحيح: ((مَثَلُ المؤمنين في توادِّهم وتراحُمهم وتواصلهم: كمثل الجسد الواحد؛ إذا اشتكى منه عضو، تداعى له سائر الجسد بالحُمَّى والسهر))، وفي الصحيح أيضًا: ((المؤمن للمؤمن كالبُنيان يَشُدُّ بعضه بعضًا))، وشبَّك بين أصابعه؛ رواه البخاري (6011)، ومسلم (2586)، من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما؛ [تفسير ابن كثير (7/ 375)]. * وقال سبحانه: ﴿ وَالصُّلْحُ خَيْرٌ ﴾ [النساء: 128]. والمعنى: أن الصلح بين مَن بينهما حقٌّ أو منازعة في جميع الأشياء - أنه خير مِن استقصاء كلٍّ منهما على كلٍّ حقَّه؛ لما فيه من الإصلاح، وبقاء الأُلفة، والاتصاف بصفة السماح. * وهو جائز في جميع الأشياء إلا إذا أحلَّ حرامًا أو حرَّم حلالًا؛ فإنه لا يكون صلحًا، وإنما يكون جَورًا، وكلُّ حكمٍ من الأحكام لا يتمُّ ولا يَكمُل إلا بوجود مقتضيه وانتفاء موانعه؛ فمن ذلك هذا الحكم الكبير الذي هو الصلح، فذكر تعالى المقتضيَ لذلك ونبَّه على أنه خير، والخير كلُّ عاقل يَطلبه ويَرغَب فيه، فإن كان - مع ذلك - قد أمر الله به وحثَّ عليه، ازداد المؤمن طلبًا له ورغبةً فيه. * وذكَر المانعَ بقوله: ﴿ وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ ﴾ [النساء: 128]؛ أي: جُبلت النفوس على الشح، وهو: عدم الرغبة في بذل ما على الإنسان، والحرص على الحق الذي له، فالنفوس مجبولة على ذلك طبعًا؛ أي: فينبغي لكم أن تَحرصوا على قَلْعِ هذا الخُلُق الدنيء من نفوسكم، وتَستبدلوا به ضدَّه، وهو السماحة، وهو بذل الحق الذي عليك، والاقتناع ببعض الحق الذي لك. * فمتى وُفِّق الإنسان لهذا الخُلُق الحسن، سهُل حينئذٍ عليه الصلحُ بينه وبين خَصمه ومُعامِله، وتسهَّلت الطريق للوصول إلى المطلوب، بخلاف مَن لم يجتهد في إزالة الشح من نفسه، فإنه يَعسَرُ عليه الصلحُ والموافقة؛ لأنه لا يُرضيه إلا جميع ماله، ولا يرضى أن يؤدِّيَ ما عليه، فإن كان خَصمُه مثلَه، اشتدَّ الأمر؛ [تفسير السعدي (ص: 207)]. * • وقد ذمَّ الله تعالى الخصومة والقطيعة بين المسلمين؛ لأنها تتنافى مع مبدأ الأخوَّة الإسلامية، وتوعَّدَ المتقاطعين بأنه لا يغفر لهم، ولا يَقبل منهم عملًا حتى يَصطلحا؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((تُعرض الأعمال في كل اثنين وخميس، فيَغفر الله لكل امرئ لا يُشرك بالله شيئًا، إلا امرأً بينه وبين أخيه شحناء، فيقول: اتركوا هذينِ حتى يصطلحا))؛ رواه مسلم. وقال صلَّى الله عليه وسلَّم: ((تُفتح أبواب الجنة يوم الاثنين ويوم الخميس، فيُغفَر لكل عبدٍ لا يُشرك بالله شيئًا، إلا رجلًا كانت بينه وبين أخيه شحناء، فيقال: أَنظِروا هذين حتى يصطلحا، أنظِروا هذين حتى يصطلحا، أنظِروا هذين حتى يصطلحا)). وفي رواية: ((إن يوم الاثنين والخميس يَغفر الله فيهما لكلِّ مسلم إلا مُهتجرين؛ يقول الله: دعهما حتى يصطلحا))؛ رواه ابن ماجه. فيُحرَم المتخاصمان مِن مغفرة الله تعالى بسبب الخصام والشقاق الذي بينهما، وبسبب الهِجران الذي حلَّ بينهما، فحين تُعرض الأعمال يومي الاثنين والخميس، يغفر لكل مؤمن إلا المتخاصمين، فيقال: ((اتركوا هذين حتى يَفيئا))؛ رواه مسلم (2565)، وفي رواية: ((أنظِروا هذين حتى يصطلحا))؛ رواه أبو داود (4916)، وصحَّحه الألباني، ((وخيرُهما الذي يبدأ بالسلام))؛ رواه البخاري (6077). وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه الترمذي عن أبي الدرداء رضي الله عنه: ((ألا أُخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة؟))، قالوا: بلى، قال: ((إصلاح ذات البين؛ فإن فساد ذات البين هي الحالقة، لا أقول: تَحلق الشَّعَرَ، ولكن تَحلِق الدِّينَ)). وفي رواية: ((ألا أُنبئكم بأفضل من درجة الصائم القائم...)). وقد جاء في أثر: ((أصلِحوا بين الناس؛ فإن الله يصلح بين المؤمنين يوم القيامة))؛ أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (2/1)، والحاكم في المستدرك (4 /576)، وقال: صحيح الإسناد، وتعقَّبه المنذري في "الترغيب" بقوله: "كذا قال!"، والذهبي في "التلخيص" بقوله: "عبَّاد ضعيف، وشيخه لا يُعرف"، وينظر [إعلام الموقعين عن رب العالمين (1/ 86)]. ويقول النبي صلَّى الله عليه وسلَّم: ((وما زاد الله عبدًا بعفو إلا عزًّا، وما تَواضَعَ أحَدٌ لله إلَّا رَفَعَه اللهُ))؛ رواه مسلم؛ فمن عفا وأصلح، زاده الله عزًّا، ولم يَذِلَّ أو تَقل منزلتُه، بل على العكس، مَن عُرِف بالصفح والعفو، ساد وعظُم في القلوب، وزاد عزُّه، أو يكون أجره على ذلك في الآخرة وعزته هناك، ومَن تواضع لله تعالى، فإن الله عز وجل يَمنحه ذلك في الدنيا جزاءً على تواضُعه له، وأن تواضعَه يُثبت له في القلوب محبَّة ومكانة وعزةً، أو يكون ذلك ثوابه في الآخرة على تواضعِه، وفي هذا كله تنبيهٌ على رد قول مَن يقول: الصبر والحلم من الذل؛ [إكمال المعلم بفوائد مسلم (8/ 59)]. • ومما جاء في فضائل أم المؤمنين زينبَ رضِيَ اللهُ عنها: ما روته أم المؤمنين عائشة رضِيَ اللهُ عنها؛ حيث قالت: (ولم أرَ امرأة قطُّ خيرًا من زينب وأتقى لله، وأصدق حديثًا، وأوصل للرحم، وأعظم صدقةً، وأشد ابتذالًا لنفسها في العمل الذي تصدَّقُ به، وتَقرَّبُ إلى الله تعالى، ما عدا سَورةً مِن حِدَّة كانت فيها، تُسرِع منها الفيئةَ)؛ رواه مسلم (83)، وينظر (شرح النووي 15/ 215)؛ فلم تكن تُنكر عليها سوى حدَّةٍ في طبعها، ولكنها رضي الله عنها كانت تُسارع، فتَستدرك وتُصلح ما نتج عن حِدتِها. والمتوقَّع من المؤمن الصادق أنه يسرع الفيئة، ويُسابق إلى الصلح، أما مَن يَلجُّ في الخصومة، ويغرق في التمادي، فإن ((أبغض الرجال إلى الله الأَلَدُّ الخَصِمُ))؛ رواه البخاري (7188)، وهو شديد العِوَج، كثير الخصومة؛ كما في الفتح (8/ 188). [ينظر: هذه أخلاقنا حين نكون مؤمنين حقًّا (ص: 302)]. • وأيضًا فإنَّ من صفات الأتقياء أنهم إخوة في الله، الأتقياء من هذه الأمة على دين واحد، ومِلة واحدة، ربُّهم واحد، ورسولهم واحد، وقِبلتهم واحدة؛ ولذلك فإنه يُرجى أن يكونوا متحابين فيما بينهم، كما تآلفت قلوبهم في الله وعلى طاعته: ﴿ فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا ﴾ [آل عمران: 103]؛ ولذا فإنه إذا وقع بينهم ما يُكدِّر العلاقة، سارَع الآخرون إلى الإصلاح فيما بين المتخاصمين؛ كما قال عز وجل: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ﴾ [الحجرات: 10]. والأخِلاء المتحابون تتحوَّل محبتهم في يوم الدين إلى عداوة وبغضاء، إلا المتقين فإن إخوَّتهم تشتدُّ وتَدوم؛ ﴿ الأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذِ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوُّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ ﴾ [الزخرف: 67]؛ ذلك أن محبة المؤمنين كانت في الدنيا لله تعالى، وما كان لله دام واتصل، وما كان لغيره زال وانفصل! والله سبحانه يَنزع ما في قلوب المؤمنين المتقين مِن غِلٍّ في يوم الدين، فيصبحون إخوانًا على سُرر متقابلين؛ ﴿ وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ ﴾ [الحجر: 47]؛ [التقوى تعريفها وفضلها ومحذوراتها وقصص من أحوالها (ص: 108- 109)]. • وقد ضرب الله سبحانه تعالى لهذه الفتن مثلًا فيما يقع بين المؤمنين مِن تخاصم وتقاتُل، فقال: ﴿ وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ﴾ [الحجرات: 9]، ثم أكد القاعدة الأصل، والوشيجة المتينة في الصفِّ المؤمن، التي هي الأخوة في الله، فقال: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُون ﴾ [الحجرات: 10]، وهو ما بيَّنَته السُّنةُ النبوية في أحاديثَ كثيرة كما سبق، ومنها أيضًا قوله صلى الله عليه وسلم: ((المسلم أخو المسلم؛ لا يَظلمه ولا يُسلمه))، ((منزلة المؤمن من المؤمن منزلةُ الرأس من الجسد؛ متى اشتكى الجسد، اشتكى له الرأس، ومتى ما اشتكى الرأس، اشتكى سائرُ الجسد)). ثم قرَن الصلح بين المؤمنين المتخاصمين بالتقوى، وجعله مَدعاة لنزول الرحمة عليهم بقوله تعالى: ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [الحجرات: 10]؛ لأن الميل للصلح وإيثاره انبثاقٌ فطريٌّ من التقوى، والتقوى هي القناة الغيبية التي تنزل منها الرحمة. • وفي علاقة المؤمن مع عموم بني جنسه، وخصوصًا إخوته المؤمنين في حال حضورهم والتعامل المباشر معهم، قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ [الحجرات: 11]؛ فبيَّن المعاملة التي ينبغي أن تكون بين الأقوام رجالًا ونساءً، شعوبًا وقبائلَ، بألوانهم وعقائدهم ومراتبهم الاجتماعية كافةً، وحثَّ المؤمنين على أن يكونوا القدوة في الالتزام بهذا التوجيه القرآني الذي ينهى عن ثلاث مساوئ خُلقية، تَمنع المودة، وتَصد عن طريق الحق، وتُثير الأحقاد والفتن والعناد، وهي: السخرية، واللمز، والنبز. فالسخرية هي أن ينظر الإنسان إلى أخيه بعين الاحتقار والاستصغار، ولعل مَن سخِرتَ منه أو احتقرته، أعلى وأجلُّ منك في ساعته تلك، ولعله يتوب بعد ذلك، فتُقبَل توبته، ولعله يُسلم فيَحسُن إسلامه، وتكون مرتبته عند الله أعلى منك، ولعل سخريتك منه تثير في نفسه العزة بالإثم، فيزداد صدودًا عن الحق وحقدًا على أهله، فيكون لك مِن الوزر بذلك نصيبٌ! واللمز: هو ذكر الإنسان أخاه في حضرته بعيوبه. أما النبز، فهو مناداة الإنسان أخاه بألقاب يَكرهها، أو يَعُدُّها مُحَقرةً أو مُثيرة للسخرية. وسواء كانت السخرية واللمز والنبز بين الأفراد أو بين الأقوام والجماعات، فإن ذلك محرَّم يجب الإقلاع عنه، والمؤمن أحقُّ من يلتزم بذلك؛ لأنه داعية إلى الإسلام وقدوة فيه، ولا سيما إذا ارتكب هذا الإثم في حق المؤمنين؛ لأنه بذلك يكون قد نبز نفسه وحقَّرها وسخِر منها، فالمؤمنون جسد واحد؛ ولذلك قال سبحانه: ﴿ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ ﴾ [الحجرات: 11]؛ أي: لا يُنادِ بعضُكم بعضًا بها؛ [الأخلاق والتزكية للحمداوي (ص: 65) والمواعظ الإيمانية من الآيات القرآنية (ص: 165)]. • وفي طريق الهجرتين وباب السعادتين لابن القيِّم (ص: 169- 173)كلام نفيس؛ أنقله بطوله؛ لفائدته هنا وفي غير هذا المحل أيضًا؛ ففيه كلام نفيس صالح لكل متخاصمين إذا شهِد كل واحد منهما ذنبه؛ حيث يقول: المشهد السابع: مشهد الحكمة، وهو أن يشهد حكمة الله في تَخليته بينه وبين الذنب، وإقدارِه عليه، وتهيئته أسبابه له، وأنه لو شاء لعصمه وحال بينه وبينه، ولكنه خلَّى بينه وبينه لحِكَمٍ عظيمة، لا يعلم مجموعَها إلا الله [يتأمل رقم 11 و12 و28 وما بعدها]: أحدها: أنه يحب التَّوابين ويَفرح بتوبتهم، فلمحبته للتوبة وفرحه بها، قضى على عبده بالذنب، ثم إذا كان ممن سبقت له العناية، قضى له بالتوبة. الثاني: تعريف العبد عزةَ الله سبحانه في قضائه، ونفوذ مشيئته، وجَرَيان حكمه. الثالث: تعريفه حاجته إلى حفظه وصيانته، وأنه إن لم يحفظه ويَصُنه، فهو هالك ولا بد، والشياطين قد مدَّت أيديَها إليه تُمزِّقه كل مُمزق. الرابع: استجلابه من العبد استعانتَه به، واستعاذتَه به مِن عدوه وشر نفسه، ودعاءَه والتضرع إليه، والابتهال بين يديه. الخامس: إرادته من عبده تكميلَ مقام الذل والانكسار، فإنه متى شهِد صلاحه واستقامته، شمَخ بأنفه وظنَّ أنه وأنه، فإذا ابتلاه بالذنب، تصاغرت عنده نفسُه، وذلَّ وتيقَّن، وتمنَّى أنه وأنه. السادس: تعريفه بحقيقة نفسه، وأنها الخطَّاءة الجاهلة، وأن كل ما فيها من علمٍ أو عملٍ أو خيرٍ، فمن الله منَّ به عليه لا مِن نفسه. السابع: تعريفه عبدَه سَعةَ حلمه وكرمه في ستره عليه، فإنه لو شاء لعاجَله على الذنب، ولهتَكه بين عباده، فلم يَصْفُ له معهم عيشٌ. الثامن: تعريفه أنه لا طريق إلى النجاة إلا بعفوه ومغفرته. التاسع: تعريفه كرمه في قَبول توبته، ومغفرته له على ظلمه وإساءَته. العاشر: إقامة الحجة على عبده، فإن له عليه الحجة البالغة، فإنْ عذَّبه فبعدله، وببعض حقه عليه، بل اليسير منه. الحادي عشر: أن يعامل عباده في إساءتهم إليه وزَلاتهم معه، بما يُحِبُّ أن يعامله الله به؛ فإن الجزاء من *** العمل، فيعمل في ذنوب الخلق معه ما يحب أن يَصنعه الله بذنوبه. الثاني عشر: أن يقيم معاذير الخلائق وتَتسع رحمته لهم، مع إقامة أمر الله فيهم، فيُقيم أمر الله فيهم رحمةً لهم، لا قسوة وفظاظة عليهم. الثالث عشر: أن يَخلع صَولة الطاعة والإحسان من قلبه، فتتبدَّل برِقَّة ورأفة ورحمة. الرابع عشر: أن يُعريه من رداءِ العُجب بعمله؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لو لم تذنبوا، لَخَشِيتُ عليكم ما هو أشدُّ منه؛ العُجب))، أو كما قال. الخامس عشر: أن يُعريه مِن لباس الإدلال الذي يصلح للملوك، ويُلبسه لباس الذل الذي لا يليق بالعبد سواه. السادس عشر: أن يستخرج من قلبه عبوديته بالخوف والخشية، وتوابعهما من البكاء والإشفاق والندم. السابع عشر: أن يعرِّفه مقدار نعمة معافاته، وفضله في توفيقه وعِصمته، فإن مَن تربَّى في العافية، لا يَعرف ما يقاسيه المبتلَى، ولا يَعرف مقدار العافية. الثامن عشر: أن يستخرج منه محبته وشكره لربِّه إذا تاب إليه ورجع إليه، فإن الله يحبه ويوجب له بهذه التوبة مزيدَ محبة وشكر ورضا، لا يَحصُل بدون التوبة، وإن كان يحصل بغيرها من الطاعات أثرٌ آخر، لكنَّ هذا الأثر الخاص لا يحصل إلا بالتوبة. التاسع عشر: أنه إذا شهِد إساءته وظلمه، استكثَر القليلَ من نعمة الله؛ لعلمه بأن الواصل إليه منها كثيرٌ على مسيءٍ مثله، واستقلَّ الكثيرَ مِن عمله؛ لعِلمه بأن الذي يصلح له أن يغسل به نجاستَه وذنوبه أضعافُ أضعاف ما يفعله، فهو دائمًا مستقل لعمله كائنًا ما كان. ولو لم يكن في فوائد الذنب وحِكَمه إلا هذا وحدَه، لكان كافيًا. العشرون: أنه يوجِب له التيقظ والحذر من مصايد العدو ومكايده، ويُعرِّفه من أين يدخل عليه، وبماذا يحذر منه؛ كالطبيب الذي ذاق المرض والدواء. الحادي والعشرون: أن مثل هذا ينتفع به المرضى؛ لمعرفته بأمراضهم ودوائها. الثاني والعشرون: أنه يرفع عنه حجاب الدعوى، ويفتح له طريق الفاقة، فإنه لا حجاب أغلظ من الدعوى، ولا طريق أقرب من العبودية، فإنَّ دوامَ الفقر إلى الله مع التخليط، خيرٌ من الصفاءِ مع العُجب. الثالث والعشرون: أن تكون في القلب أَمراض مزمنة لا يشعر بها، فيطلب دواءَها، فيَمُنُّ عليه اللطيف الخبير، ويقضي عليه بذنب ظاهر، فيجد أَلَم مرضه، فيحتمي ويشرب الدواءَ النافع، فتزول تلك الأمراضُ التي لم يكن يشعر بها، ومن لم يشعر بهذه اللطيفة، فلِغِلَظِ حجابه، كما قيل: لعلَّ عَتبَك محمودٌ عواقبُه *** وربَّما صحَّتِ الأجسامُ بالعللِ الرابع والعشرون: أن يُذيقه ألَمَ الحجاب والبُعد بارتكاب الذنب؛ ليُكمل له نعمته وفرحه وسروره إذا أقبل بقلبه إليه، وجمعه عليه، وأقامه في طاعته، فيكون الْتذاذُه في ذلك - بعد أن صدر منه ما صدَر - بمنزلة التذاذ الظمآن بالماء العذب الزلال، والشديدِ الخوف بالأمن، والمحبِّ الطويل الهجر بوصل محبوبه. وإن لُطف الرب وبرَّه وإحسانه، لَيبلُغُ بعبده أكثر مِن هذا، فيا بؤسَ مَن أعرض عن معرفة ربه ومحبته! الخامس والعشرون: امتحان العبد واختباره: هل يصلح لعبوديته وولايته أم لا؟ فإنه إذا واقَع الذنب، سُلِب حلاوة الطاعة والقرب، ووقَع في الوحشة، فإن كان ممن يصلح، اشتاقتْ نفسه إلى لذة تلك المعاملة، فحنَّت وأنَّت، وتضرَّعت واستعانت بربِّها؛ ليردَّها إلى ما عوَّدها مِن برِّه ولُطفه، وإن ركِبَتْ غيَّها، واستمرَّ إعراضها، ولم تَحِنَّ إلى معهدها الأول ومَأْلفها، ولم تُحس بضرورتها وفاقتها الشديدة إلى مراجعة قربها مِن ربِّها - علِم أنها لا تصلح لله، وقد جاء هذا بعينه في أثر إلهيٍّ لا أَحفظه. السادس والعشرون: أن الحكمة الإلهية اقتضت تركيب الشهوة والغضب في الإنسان... ولو لم تُخلق فيه هذه الدواعي لم يكن إِنسانًا، بل ملكًا، فالذنب من موجبات البشرية، كما أن النسيان من موجباتها؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((كلُّ بَني آدمَ خطاءٌ، وخيرُ الخطائين التوابون))، ولا يتم الابتلاءُ والاختبار إلا بذلك، والله أعلم. السابع والعشرون: أن يُنسيه رؤية طاعته، ويشغله برؤية ذنبه، فلا يزال نُصب عينيه، فإن الله إذا أراد بعبد خيرًا، سلَب رؤيةَ أعماله الحسنة من قلبه، والإخبارَ بها من لسانه، وشغَلَه برؤية ذنبه، فلا يزال نُصب عينيه حتى يدخل الجنة، فإن ما تُقبِّل مِن الأعمال رُفِع من القلب رؤيتُه، ومِن اللسان ذكرُه! وقال بعض السلف: إن العبد ليعمل الخطيئة فيدخل بها الجنة، ويعمل الحسنة فيدخل بها النار، قالوا: كيف؟! قال: يعمل الخطيئة فلا تزال نُصب عينيه، إذا ذكرها ندِم واستقال، وتضرَّع إلى الله، وبادَر إلى مَحوها، وانكسر وذلَّ لربه، وزال عنه عُجبه وكِبره، ويعمل الحسنة، فلا تزال نُصب عينيه يراها، ويَمُنُّ بها، ويعتد بها، ويَتكبَّر بها، حتى يدخل النار! الثامن والعشرون: أن شهود ذنبه وخطيئته يوجب له ألا يرى له على أحد فضلًا، ولا له على أحد حقًّا، فإنه إذا شهِد عيبَ نفسه بفاحشة وخطئها وذنوبها، لا يظن أنه خيرٌ مِن مسلم يؤمن بالله واليوم الآخر، وإذا شهِد ذلك من نفسه، لم يرَ لها على الناس حقوقًا من الإِكرام يتقاضاهم إياها، ويَذمهم على ترك القيام بها، فإنها عنده أخسُّ قدرًا، وأقلُّ قيمةً من أن يكون لها على عباد الله حقوقٌ يجب مراعاتها، أو لها عليهم فضلٌ يستحق أن يَلزموه لأجله، فيرى أن مَن سلَّم عليه أو لقِيه بوجه منبسط، قد أحسنَ إليه وبذل له ما لا يستحقه، فاستراح في نفسه، واستراح الناس مِن عَتبه وشِكايته، فما أطيبَ عيشَه! وما أنعَم بالَه! وما أقرَّ عينَه! وأين هذا ممن لا يزال عاتبًا على الخلق، شاكيًا تركَ قيامهم بحقِّه، ساخطًا عليهم وهم عليه أسخطُ؟! فسبحان ذي الحكمة الباهرة التي بهَرَت عقول العالمين! التاسع والعشرون: أنه يوجب له الإمساك عن عيوب الناس والفكر فيها، فإنه في شُغلٍ بعيبه ونفسه، وطوبَى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس، وويلٌ لمن نسِي عيبه وتفرَّغ لعيوب الناس! فالأَول علامة السعادة، والثاني علامة الشقاوة. الثلاثون: أنه يوجب له الإِحسان إلى الناس، والاستغفار لإخوانه الخاطئين من المؤمنين، فيصير هِجِّيراه: ربِّ اغفر لي ولوالدي وللمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، فإنه يشهد أن إخوانه الخاطئين يصابون بمثل ما أُصيب به، ويحتاجون إلى مثل ما هو محتاج إليه، فكما يحب أن يستغفر له أخوه المسلم، يجب أن يستغفر هو لأخيه المسلم، وقد قال بعض السلف: إن الله لما عتَب على الملائكة في قولهم: ﴿ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ ﴾ [البقرة: 30]، وامتحن هاروت وماروت، جعلت الملائكة بعد ذلك تستغفر لبني آدم ويدْعون الله لهم. الحادي والثلاثون: أنه يوجب له سَعة بطانه وحلمه، ومغفرته لمن أساء إليه، فإنه إذا شهِد نفسه مع ربه سبحانه مسيئًا خاطئًا مذنبًا - مع فرط إحسانه إليه وبرِّه، وشدة حاجته إلى ربه، وعدم استغنائه عنه طرفة عينٍ، وهذا حاله مع ربه - فكيف يطمع أَن يستقيم له الخَلق ويعاملوه بمحضِ الإحسان، وهو لم يعامل ربَّه بتلك المعاملة؟! وكيف يطمع أن يطيعه مملوكُه وولده وزوجته في كل ما يريد، وهو مع ربه ليس كذلك؟ وهذا يوجب أن يغفر لهم ويُسامحهم ويعفو عنهم، ويغضي عن الاستقصاءِ في طلب حقه قِبَلَهم؛ ا .هـ. هذا، وليُعلمْ أنَّ مِن أجلِّ أنواع الصلح وأعلاه وأرفعه قدرًا: الصلح بين الزوجين المتخاصمين، الذي بسببه تُحفظ البيوت من الخراب، والأُسرُ من التفكك؛ فإن الأُسر إنما تقوم على المودة والرحمة، والمحبة والأُلفة، وتدوم بدوامها، فإذا ذهبت المحبة والألفة، وحلَّ الشقاق والخصام، تفكَّكت الأسرة وانهدمت أركانها، وحدِّث ولا حرَج عن الفساد العريض الذي يفرح الشيطان به أشدَّ الفرح! * وأيضًا من أعظم الصلح: الصلح بين الأرحام؛ بين الآباء وأولادهم، وبين الإخوة والأخوات بعضهم بعضًا، فهذا صلح وصلة للرحم، التي هي أيضًا من مقاصد الرسالة الحنيفيَّة السمحة. * وكذلك الصلح بين العلماء وطلبة العلم، والدعاة إلى الله تعالى الذين هم مِلح البلد، وبصلاحهم تَصلح البلاد، وينصلح حال العباد، وأيضًا الصلح بين الولاة وأصحاب المناصب الذين يقومون على مصالح الناس، وأيضًا زملاء العمل ... إلخ. * وبالجملة كلما زادت الروابط، وعظُمت المصالح بالمحبة والألفة، زاد عِظَمُ قدرِ الصلح؛ لقيام هذه المصالح، وتماسك تلك الروابط، وحُفِظ المجتمع! * ولعلَّ من نافلة القول هنا أن أُنبه إلى فضل الإصلاح بين الناس، والقيام بهذا الأمر العظيم؛ فقد قال الله تعالى: ﴿ لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 114]؛ فالله أكبر! ما أعظم أجر وثواب الإصلاح بين عباد الله المتخاصمين الذين نزغ الشيطان بينهم، فأوغر صدروهم، وأحلَّ العداوة محل الأخوَّة، والقطيعةَ مكان الوصل! فهذا العمل العظيم قد جهِل فضلَه كثيرٌ من المسلمين اليوم، حتى إن الخصومات تستمر شهورًا، بل سنينَ عديدة بين الأهل والإخوان والجيران، ولا نجد من يسعى للصلح بينهم؛ كلٌّ مكتفٍ بشأنه، وكلٌّ مشغول بنفسه! فيتركون المتخاصمين للشيطان يوقد نار الفتنة بينهما ويزيدها اشتعالًا؛ حتى يستفحل الأمر وتقع الطامَّة، بينما الصالحون غافلون عن هذا السبيل، هذا العمل الجليل الذي زكَّاه الله من فوق سبع سماوات، وامتدحه من بين سائر الأعمال، والذي هو أفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة؛ كما أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم، وهي من أفضل الأعمال وأجلها بلا شك، ولكن الصلح خيرٌ وأعظم، وكم مِن صائم قائم مُصلٍّ، ولكنه لا يسعى للإصلاح بين المتخاصمين من أهله وجيرانه، وما علم أن ذلك أفضل من عبادته؛ لأن عبادته خيرُها مقتصر على نفسه، أما إصلاحه بين الناس، فخيرُه عام ومُتعدٍّ إلى غيره؛ [المواعظ الإيمانية من الآيات القرآنية (ص: 229)]. هذا، وممَّا يُبين عِظَم ثواب هذا العمل وجليل قدره في الإسلام: ما رواه البخاريُّ ومسلم عن سهل بن سعد الساعدي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذهب إلى بني عمرو بن عوف ليصلح بينهم، فحانت الصلاة، فجاء المؤذن إلى أبي بكر، فقال: أتُصلي للناس فأُقيم؟ قال: نعم، فصلى أبو بكر، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم والناسُ في الصلاة، فتخلَّص حتى وقف في الصفِّ، فصفَّق الناس - وكان أبو بكر لا يلتفت في صلاته - فلما أكثَرَ الناسُ التصفيق، التفت فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنِ امكُثْ مكانك، فرفع أبو بكر رضي الله عنه يديه، فحمِد الله على ما أمره به رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك، ثم استأخر أبو بكر حتى استوى في الصف، وتقدَّم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصلَّى؛ الحديث. * والشاهد منه: أنه صلَّى الله عليه وسلَّم تأخر عن الصلاة وإمامة المسلمين فيها؛ من أجل الإصلاح بين بعض المسلمين، ففيه ذَهاب الإمام للإصلاح بين رعاياه؛ لئلا يختلفوا، فيَفسُد حالُهم، وفضل الإصلاح بين الناس، وحسم مَادَّة الفتنة بَينهم، وجمعهم على كلمة واحدة؛ [كما في التوضيح، وعمدة القاري]. * وكان صلوات الله وسلامه عليه يَحثهم على الصلح ويسعى فيه بنفسه، من ذلك ما رواه البخاري في صحيحه: أن أهل قُباء اقتتلوا حتى تراموا بالحجارة، فأُخبِر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك، فقال: ((اذهبوا بنا نُصلح بينهم)). وعنوَنَ عليه البخاري رحمه الله: باب قول الإمام لأصحابه: اذهبوا بنا نُصلح. وأيضًا كان عليه الصلاة والسلام يشير على المتخاصمين بالصلح؛ فعن عائشة رضي الله عنها قالت: "سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم صوت خصومٍ بالباب عاليةٍ أصواتُهما، وإذا أحدهما يستوضع الآخر ويَسترفقه في شيء - يقول: دع لي من أصل المال - والآخر يقول: والله لا أفعل، فخرج عليهما رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ((أين المتألِّي على الله لا يفعل المعروف؟))، فقال: أنا يا رسول الله! وله أيُّ ذلك أحبَّ". * • وقال أنس رضي الله عنه: (من أصلح بين اثنين، أعطاه الله بكل كلمة عِتق رقبةٍ). وقال الأوزاعي: (ما خُطوةٌ أحَب إلى الله عز وجل مِن خطوة في إصلاح ذات البين، ومَن أصلح بين اثنين كتَب الله له براءة من النار). نسأل الله أن يُصلح حالنا كلَّه، وأن يؤلِّف بين قلوبنا؛ إنه جوَاد كريم. أ. رضا جمال
__________________
|
#2
|
|||
|
|||
جزاك الله كل خير
|
#3
|
||||
|
||||
بارك الله فيكم وجزاكم خيرا
__________________
قلب لايحتوي حُبَّ الجهاد ، قلبٌ فارغ .! فبالجهاد كنا أعزة .. حتى ولو كنا لانحمل سيوفا .. |
العلامات المرجعية |
|
|