#1
|
|||
|
|||
معرفة الناس لا تكفي..
كثيرٌ من الناس لا يعرف الناس بسرعةٍ بل ينخدعون في الناس ويعرفونهم متأخرين، وبعضهم يعرف الآخر متأخراً جداً، لكن من يعرف الناس يظن أنه ظفر بأمرٍ عظيم، وهذا ليس صحيحاً فمعرفة الناس لا تكفي؛ بل لا بد معها من القدرة على تكثير خيرهم وتقليل شرهم. لا بد من الحكمة في إخراج الخير منهم، فقد يكون التعامل بقوةٍ وشدةٍ يقمع في أحدهم الشر ويظهر منه الخير.. أو قد يكون مضراً، وقد يكون اللين وحسن الخلق يفجر ينابيع الخير من آخر ويدفع شره، وقد يتمادى بسببه آخر في الشر!، وقد تكون ثمة حيلٌ أخرى وتعاملات مختلفة ووسائل متعددةٍ يحتاج الإنسان إلى امتلاكها ليتعامل حتى مع من يعرف. بعض من يعرف عيوب الناس واختلافهم وآفاتهم قد يصرح للآخر بعيوبه وحقيقته كقذيفة في وجهه فتصيب قلب المعيب ومَقاتله فينكسر، فلا تقوم له قومةٌ بعدها، أو قد يتقي الإتهام والكلام الموجه إليه بقشرةٍ من المكابرة والقوة والكذب، وقد يتقيها بشرٍّ يتفجر منه ويتحول إلى شرٍ صريح.. فماذا استفاد من حصّل معرفة الناس إذا كسر أحدهم كسراً لا ينجبر، أو دفعه إلى كبرٍ وكذب، أو إلى شرٍ صريح؟! ولهذا تحتاج الى الحكمة {وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا} [ البقرة جزء من الآية: 269]* {وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} [فصلت: 35] ولقد رأينا في حياتنا من يجهل الناس، وهم كُثر.. ورأينا من يعرف الناس لكنه يكسرهم أو ينفّرهم فلا يعودون، أو يخرج الشر من نفوسهم ويغلّبه على الخير.. وقليلاً بل نادراً من وجدنا من يعرفهم ويجمعهم ويزكيهم ويدفع شرهم ويُكثر خيرهم.. هذا وريث محمد صلى الله عليه وسلم. ولهذا كان هناك فرق بين {وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} [الجمعة جزء من الآية: 2] وبين {وَيُزَكِّيهِمْ} [الجمعة جزء من الآية: 2]، ولهذا فهناك فرق بين العلماء وبين المربين، وليس كل عالمٍ مربياً.. والناس لا تحتاج الى علومٍ لأفهامهم فقط، بل يحتاجون إلى تزكيةٍ لأرواحهم ومن يحسن الدخول إلى قلوبهم ونفوسهم ويربطهم بالله تعالى.. مدحت القصراوي
__________________
|
العلامات المرجعية |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|