|
حي على الفلاح موضوعات وحوارات ومقالات إسلامية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
وهل يحتاج البِرُّ عيد؟!
أمرنا الله عز وجل في كتابه ببِرِّ الوالدين بل وعطف بِرّهما على توحيده وعدم الإشراك به، فقال تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا*وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} [الإسراء:24-25]. قال ابن كثير: يقول تعالى آمرًا بعبادته وحده لا شريك له فإن القضاء هاهنا بمعنى الأمر. قال مجاهد: {وَقَضَى} يعني وصَّى، وكذا قرأ أبي بن كعب وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهم والضحاك بن مزاحم ووصَّى ربك ألا تعبدوا إلا إياه، ولهذا قرن بعبادته بِرَّ الوالدين فقال: {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا}، أي: وأمر بالوالدين إحسانًا كما قال في الآية الأخرى {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ} [لقمان:14]. وقوله: {إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ} أي: لا تسمعهما قولًا سيئًا حتى ولا التأفيف الذي هو أدنى مراتب القول السيئ: {وَلاَ تَنْهَرْهُمَا} أي: ولا يصدر منك إليهما فعل قبيح كما قال عطاء بن أبي رباح في قوله: {وَلاَ تَنْهَرْهُمَا} أي: لا تنفض يدك على والديك. ولمَّا نهاه عن القول القبيح والفعل القبيح، أمره بالقول الحسن والفعل الحسن، فقال: {وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا} أي: لينًا طيبًا حسنًا بتأدُّبٍ وتوقير وتعظيم. {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ} أي: تواضع لهما بفعلك، {وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا} أي: في كِبِرِهما وعند وفاتهما، {كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} -تفسير ابن كثير، ص: 65. قال ابن عباس: ثم أنزل الله تعالى: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُواْ أُوْلِي قُرْبَى} [التوبة:113]. وقد جاء في بِرِّ الوالدين أحاديث كثيرة، منها الحديث المروي من طرق، عن أنس رضي الله عنه وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما صعد المنبر، قال: «آمين آمين آمين»، فقالوا: يا رسول الله علام أمَّنت؟ قال: «أتاني جبريل فقال: يا محمد رغم أنف إمرئ ذُكِرتَ عنده، فلم يُصَلِ عليك، فقل: آمين، فقلت: آمين، ثم قال: رغم أنف امرئ دخل عليه شهر رمضان، ثم خرج ولم يُغفَر له، قل: آمين، فقلت: آمين، ثم قال: رغم أنف امرئ أدرك أبويه أو أحدهما فلم يُدخلاه الجنة، قل: آمين، فقلت: آمين» رواه السخاوي. [] حكم العقـــوق: يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟». قلنا: بلى يا رسول الله، قال: «الإشراك بالله، وعقوق الوالدين...» جزءٌ من حديث رواه البخاري وغيره. وعن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله عز وجل حرَّم عليكم عقوق الأمهات، ووأْد البنات...» من حديثٍ متفقٌ عليه. فالعقوق محرَّم قطعًا، مذموم شرعًا وعقلاً.. فما معنى العقوق؟ يقول العلامة ابن حجر رحمه الله: العقوق أن يحصل لهما أو لأحدهما أذىً ليس بالهيِّن عُرفًا... اهـ. ويكون هذا الإيذاء بفعل أو بقول أو إشارة، ومن مظاهره مخالفة أمر الوالدين أو أحدهما في غير معصية، أو إرتكاب ما نهيا عنه ما لم يكن طاعة، أو سبَّهما وضربها، ومنعهما ما يحتاجانه مع القدرة... وغير ذلك. وقد اتفق أهل العلم على عدِّ العقوق كبيرة من الكبائر. - هل يكفي يوم في العام للبر والاحتفال: مما سبق، يتضح أن العمر كله لا يكفي للوفاء للوالدين فكيف نحصره في يوم في العام؟! [] حكم الإحتفال بعيد الأم: يقول العلامة العثيمين رحمه الله: إن كل الأعياد التي تخالف الأعياد الشرعية كلها أعياد بدع حادثة لم تكن معروفة في عهد السلف الصالح، وربما يكون منشؤها من غير المسلمين أيضًا، فيكون فيها مع البدعة مشابهة أعداء الله سبحانه وتعالى، والأعياد الشرعية معروفة عند أهل الإسلام، وهي عيد الفطر، وعيد الأضحى، وعيد الأسبوع -يوم الجمعة- وليس في الإسلام أعياد سوى هذه الأعياد الثلاثة، وكل أعياد أحدثت سوى ذلك فإنها مردودة على محدثيها وباطلة في شريعة الله سبحانه وتعالى لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردٌّ» أي: مردود عليه غير مقبول عند الله -رواه البخاري، وفي لفظ «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو ردٌّ». وإذا تبيَّن ذلك، فإنه لا يجوز في العيد الذي ذكر في السؤال والمُسمَّى عيد الأم، لا يجوز فيه إحداث شيء من شعائر العيد، كإظهار الفرح والسرور، وتقديم الهدايا... وما أشبه ذلك. والواجب على المسلم أن يعتزَّ بدينه ويفتخر به وأن يقتصر على ما حدَّه الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم في هذا الدين القيم الذي إرتضاه الله تعالى لعباده، فلا يزيد فيه ولا ينقص منه. والذي ينبغي للمسلم أيضًا ألا يكون إمَّعَةَّ يتَّبع كل ناعق بل ينبغي أن يُكوِّن شخصيته بمقتضى شريعة الله تعالى حتى يكون متبوعًا لا تابعًا، وحتى يكون أسوة لا متأسيًا، لأن شريعة الله والحمد لله كاملة من جميع الوجوه كما قال الله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلامَ دِيناً} [المائدة:3]. والأم أحقُّ من أن يُحتفى بها يومًا واحدًا في السنة، بل الأم لها الحق على أولادها أن يرعوها، وأن يعتنوا بها، وأن يقوموا بطاعتها في غير معصية الله عز وجل في كل زمان ومكان. وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين. |
العلامات المرجعية |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|