#1
|
||||
|
||||
أئـمـــة الـتـفـسـيــــر
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الحَمْدُ للهِ الَّذِي أَنْزَل القُرآنَ، وجَعَلَه حُجَّة، وأَوْضَح بِهِ لِلمُؤْمِنِين المَحَجَّة، وأَظْهَر لَهُم بِآيَاتِهِ نُوراً وكَانُوا مِن ظُلْمَة البَاطِل فِي لُجَّة، أَحمَدُهُ حَمْد مَن اتَّبَعَ نَهْجَه، واتَّبَعَ طَرِيقَه وهَدْيِه، وأُصَلِّي وأُسَلِّم عَلَى نَبِيّهِ وخَلِيلِهِ مُحَمَّد، المَبْعُوث بِالآيَاتِ البَيّنَات والمُعجِزَات الوَاضِحَات، وعَلَى آلِهِ وصَحبِهِ الَّذِين شَادُوا الدِّين، ورَفَعُوا لِوَاءَه فِي العَالَمِين. وبَـعـــــــد فَهَذِهِ تَرَاجِم ثَمِينَة لِأَشْهَر عُلَمَاء التَّفْسِير مِن عَهْد التَّابِعيِن فَمَن بَعدَهُم، وَفْقاً لِأقْدَمِيَّة وَفِيَّاتِهم ... سَائلِاً المَوْلَى جَلَّ فِي عُلاَه أَنْ يَجعَل هذا العَمَل خَالِصاً لِوَجْهِهِ الكَرِيم، وأَن يَنْفَعَنا بِهِ وإِيَّاكُم، والحَمَدُ للهِ رَبِّ العَالَمِين. كَـتَـبَـــه/ حَاتِم أحمَد
__________________
آخر تعديل بواسطة Mr. Hatem Ahmed ، 10-07-2016 الساعة 07:26 PM |
#2
|
||||
|
||||
(1) أَبُـــو الـعَـالِـيَــــةِ الـرِّيَـاحِــــــيُّ هُـــــوَ: رُفَيْعُ بنُ مِهْرَانَ الرِّيَاحِيُّ البَصْرِيُّ، الإِمَامُ، المُقْرِئُ، الحَافِظُ، المُفَسِّرُ، أَحَدُ الأَعْلاَمِ. أَدْرَك زَمَانَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهُوَ شَابٌّ، وأَسْلَمَ فِي خِلاَفَةِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيْقِ، ودَخَلَ عَلَيْهِ. وحَفِظَ القُرْآنَ، وقَرَأَهُ عَلَى عُمَرَ وأُبَيِّ بنِ كَعْب وزَيْد بْن ثَابِت وعَبْدُ اللهِ بْنِ عَبَّاس رَضِيَ اللهُ عَنْهُم، وَتَصَدَّرَ لإِفَادَةِ العِلْمِ، وبعُدَ صِيْتُهُ واشْتَهَر، ولَم يَكْن أَحَدٌ بَعْدَ الصَّحَابَةِ أَعْلَمَ بِالقُرْآنِ مِنْه. مِن أَقْـوَالِــــهِ: - قَالَ أَبُو العَالِيَة: تَعَلَّمُوا القُرْآنَ، فَإِذَا تَعْلَّمْتُمُوْهُ، فَلاَ تَرْغَبُوا عَنْهُ، وَإِيَّاكُم وهَذِهِ الأَهْوَاءَ، فَإِنَّهَا تُوْقِعُ العَدَاوَةَ والبَغْضَاءَ بَيْنَكُم. - وقَالَ: إِنَّ اللهَ قَضَى عَلَى نَفْسِهِ أَنَّ مَنْ آمَنَ بِهِ هَدَاهُ، وتَصْدِيْقُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللهِ: {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} [التَّغَابُنُ: 11]، ومَنْ تَوَكَّلَ عَلَيْهِ كَفَاهُ، وتَصْدِيْقُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللهِ: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطَّلاَقُ: 3]، ومَنْ أَقْرَضَهُ جَازَاهُ، وتَصْدِيْقُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللهِ: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً، فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيْرَةً} [البَقَرَةُ: 245]، ومَنِ اسْتَجَارَ مِنْ عَذَابِهِ أَجَارَهُ، وتَصْدِيْقُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللهِ: {وَاعْتَصِمُوا بَحْبِلِ اللهِ جَمِيْعاً} [آلُ عِمْرَانَ: 103]، وَالاعْتِصَامُ: الثِّقَةُ بِاللهِ. ومَنْ دَعَاهُ أَجَابَهُ، وتَصْدِيْقُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللهِ: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي، فَإِنِّي قَرِيْبٌ، أُجِيْبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} [البَقَرَةُ: 186]. - وقَالَ: إِنِّي لأَرْجُو أَنْ لاَ يَهْلِكَ عَبْدٌ بَيْنَ نِعْمَتَيْنِ: نِعْمَةٍ يَحْمَدُ اللهُ عَلَيْهَا، وذَنْبٍ يَسْتَغْفِرُ اللهَ مِنْهُ. - وقَالَ: تَعَلَّمُوا القُرْآنَ خَمْسَ آيَاتٍ، خَمْسَ آيَاتٍ، فَإِنَّهُ أَحْفَظُ عَلَيْكُم. وَفَـاتُـــــه: مَاتَ أَبُو العَالِيَةِ فِي شَوَّالٍ سَنَة تِسْعِيْن (90 هــ).
__________________
آخر تعديل بواسطة Mr. Hatem Ahmed ، 12-07-2016 الساعة 02:39 AM |
#3
|
||||
|
||||
(2) سَـعِـيْـــــــدُ بْـــنُ جُـبَــيْـــــــــرٍ هُـــــوَ: سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرِ بنِ هِشَامٍ الوَالِبِيُّ أَبُو عَبْدِ اللهِ الكُوْفِيُّ. الإِمَامُ، الحَافِظُ، المُقْرِئُ، المُفَسِّرُ، الفَقِيهُ البَكَّاءُ، والْعَالِمُ الدَّعَّاءُ، السَّعِيدُ الشَّهِيدُ، السَّدِيدُ الحَمِيدُ، أَحَدُ الأَئِمَّة الأَعْلاَم. قَرَأَ القُرْآنَ عَلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاس، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، ولاَزَمَهُ طَويلاً وأَخَذَ عَنْهُ التَّفْسِيرَ والفِقْهَ والحَدِيثَ. مَـوْلِـــــدُه: وُلِدَ سَعِيْد سَنَة ثَمَانٍ وثَلاَثِين (38 هـــ). وكَانَ مِنْ عُبَّادِ أَهْلِ مَكَّةَ وفُضَلاَئِهَا، فكَانَ يَخْتِمُ القُرْآنَ فِي كُلِّ لَيْلَتَيْنِ، ودَخَلَ يوماً الكَعْبَةَ، فَقَرَأَ القُرْآنَ فِي رَكْعَةٍ! وكَانَ يَحَجّ سَنَة ويَعتَمِر سَنَة. وكَانَ مُجَاب الدَّعْوَة ... كَانَ لَهُ دِيْكٌ، يُوقِظُهُ مِنَ اللَّيْلِ بِصِيَاحِهِ، فَلَمْ يَصِحْ لَيْلَةً مِنَ اللَّيَالِي حَتَّى أَصْبَحَ، فَلَمْ يُصَلِّ سَعِيْدٌ تِلْكَ اللَّيْلَةَ، فَشَقَّ عَلَيْهِ، فَقَالَ: مَا لَهُ، قَطَعَ اللهُ صَوْتَهُ؟! فَمَا سُمِعَ لَهُ صَوْتٌ بَعْدُ!! فَقَالَتْ لَهُ أُمُّهُ: يَا بُنَيَّ، لاَ تَدْعُ عَلَى شَيْءٍ بَعْدَهَا. - كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضْيَ اللهُ عَنْهُمَا، إِذَا أَتَاهُ أَهْلُ الكُوْفَةِ يَسْتَفْتُوْنَهُ، يَقُوْلُ: "أَلَيْسَ فِيْكُمُ سَعِيْدُ بْن جُبَيْر؟!" مِن أَقْوَالِـــــهِ: - التَّوَكُّل عَلَى اللهِ جِمَاعُ الإِيْمَانِ. - إِنَّ الخَشْيَةَ أَنْ تَخْشَى اللهَ حَتَّى تَحُوْلَ خَشْيَتُكَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ مَعْصِيَتِكَ، فَتِلْكَ الخَشْيَة. - الذِّكْرُ طَاعَةُ اللهِ، فَمَنْ أَطَاعَ اللهَ، فَقَدْ ذَكَرَهُ، وَمَنْ لَمْ يُطِعْهُ، فَلَيْسَ بِذَاكِرٍ، وَإِنْ أَكْثَرَ التَّسْبِيْحَ وَتِلاَوَةَ القُرْآن. - عَلاَمَةُ هَلاَكِ النَّاسِ؛ ذِهَابَ عُلَمَاؤُهُم. - لَوْ فَارَقَ ذِكْرُ المَوْتِ قَلْبِي، لَخِشِيْتُ أَنْ يُفْسِدَ عَلَيَّ قَلْبِي. - مِنْ إِضَاعَةِ الْمَالِ أَنْ يَرْزُقَكَ اللهُ حَلَالًا فَتُنْفِقَهُ فِي مَعْصِيَةِ اللهِ. - إِنَّمَا الدُّنْيَا جَمْعٌ مِنْ جُمَعِ الآخِرَة. - وَكَانَ يَدْعُو: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ صِدْقَ التَّوَكُّلِ عَلَيْكَ، وَحُسْنَ الظَنِّ بِك. وَفَـاتُـــــه: قَتَـلَهُ الحَجَّاجُ بْن يُوسُف الظَّالِم فِي شَهْر شَعْبَان سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ (95 هــ) وقَد بَلَغَ سَبْعاً وَخَمْسِيْنَ سَنَة (57)، ومَا عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ أَحَدٌ إِلاَّ وهُوَ مُحْتَاجٌ إِلَى عِلْمِهِ، رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى. فَـائِـــــدة: أَعْرَضْتُ عَن ذِكْرِ الحِوَار الَّذِي دَارِ بَيْنَ سَعِيدٍ والحَجَّاج، لِأَنَّهَا قِصَّة غَيْر صَحِيحَة، أَخْرَجَهَا أَبُو نُعَيْم الأَصْبَهَانِيّ فِي "الحِلْيَة" (ج4/ ص 291) فَقَال: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا خَالِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ، أَخْبَرَنِي أَبُو أُمَيَّةَ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ فِي كِتَابِهِ إِلَيَّ قَالَ: حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا حَفْصُ أَبُو مُقَاتِلٍ السَّمَرْقَنْدِيُّ، حَدَّثَنَا عَوْنُ بْنُ أَبِي شَدَّادٍ الْعَبْدِيُّ، قَالَ: بَلَغَنِي ... فَذَكَرَ القِصَّةَ كَامِلَةً. قَالَ الذَّهَبِيُّ عَنْهَا: "حِكَايَةٌ مُنْكَرَة، غَيْرُ صَحِيْحَة". قُلتُ: هِي مِن رِوَايَة حَفْص السَّمَرْقَنْدِيُّ، ضَعَّفُوه، ومِنْهُم مَن اِتَّهَمَه بِالكَذِب والوَضْع.
__________________
آخر تعديل بواسطة Mr. Hatem Ahmed ، 12-07-2016 الساعة 02:56 AM |
#4
|
||||
|
||||
(3) الـضَّـحَّـــــــاك بْـــن مُـزَاحِـــــــم هُـــــو: الضَّحَّاكُ بنُ مُزَاحِمٍ الهِلاَلِيُّ أَبُو مُحَمَّد، الإِمَام، صَاحِبُ (التَّفْسِيْر).
مِن صِغَار التَّابِعِين، لَمْ يَلْقَ الضَّحَّاكُ ابْنَ عَبَّاسٍ، إِنَّمَا لَقِيَ سَعِيْدَ بنَ جُبَيْر بِالرَّيِّ، فَأَخَذَ عَنْهُ التَّفْسِيْر. ولَهُ بَاعٌ كَبِيْرٌ فِي التَّفْسِيْرِ، وكَانَ مِمَن عُنِيَ بِعلْمِ القُرآن عِنَايَة شَدِيدَة مَعَ لُزُوم الوَرَع، وكَانَ يُعَلِّمُ وَلاَ يَأْخُذُ أَجْراً. مِن أَقْـوَالِــــهِ: حَقٌّ عَلَى كُلِّ مَنْ تَعَلَّمَ القُرْآنَ أَنْ يَكُوْنَ فَقِيْهاً، وتَلاَ قَوْلَ اللهِ: {كُوْنُوا رَبَّانِيِّيْنَ بِمَا كُنْتُم تُعَلِّمُوْنَ الكِتَابَ}. (آلُ عِمْرَانَ: 79). وَفَاتُـــــه: تُوُفِّيَ الضَّحَّاكُ سَنَةَ اثْنَتَيْن ومِائَة (102 هـــ).
__________________
آخر تعديل بواسطة Mr. Hatem Ahmed ، 12-07-2016 الساعة 02:44 AM |
#5
|
||||
|
||||
(4) مُـجَـــــاهِـــــــدُ بـْــنُ جَــبْــــــــــر هُـــــوَ: مُجَاهِدُ بنُ جَبْرٍ الأَسْوَدُ أَبُو الحَجَّاجِ المَكِّيُّ. الإِمَامُ، شَيْخُ القُرَّاءِ وَالمُفَسِّرِيْن أَخَذَ عَن ابْنِ عَبَّاسٍ القُرْآنَ وَالتَّفْسِيْر ... قَالَ مُجَاهِد: عَرَضْتُ القُرْآنَ ثَلاَثَ عَرْضَاتٍ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، أَقِفُهُ عِنْدَ كُلِّ آيَةٍ، أَسْأَلُهُ: فِيْمَ نَزَلَت؟ وكَيْفَ كَانَت؟ مَـــوْلِـــــدُهُ: وُلِدَ مُجَاهِدُ سَنَة إِحدَى وعِشْرِين (21 هــ). وكَانَ كَثِيْرَ الأَسْفَارِ وَالتَّنَقُّلِ، لاَ يَسْمَعُ بِأُعْجُوْبَةٍ إِلاَّ ذَهَبَ فَنَظَرَ إِلَيْهَا؛ ذَهَبَ إِلَى بِئْر بَرهُوت بِحَضْرَمَوْت فِي اليَمَن، وذَهَبَ إِلَى بَابِل بِأَرضِ العِرَاق، يَبْحَث عَن هَارُوت ومَارُوت. لَهُ كِتَاب فِي التَّفْسِير مَعرُوف بِاسْم "تَفْسِير مُجَاهِد"؛ إِلاَّ أَنَّ عُلَمَاء التَّفْسِير يَتَجَنَّبُونَه، لِأنَّهُم رَأَوْا أَنَّهُ كَانَ يَسْأَلُ أَهْلَ الكِتَاب (النَّصَارَى واليَهُود) ويَضَعه فِيِه. - قَالَ عَنْهُ قَتَادَةُ السَّدُوْسِيُّ: أَعْلَمُ مَنْ بَقِيَ بِالتَّفْسِيْرِ؛ مُجَاهِد. - وقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: خُذُوا التَّفْسِيْرَ مِنْ أَرْبَعَة؛ مُجَاهِدٍ وسَعِيْدِ بنِ جُبَيْر وعِكْرِمَةَ والضَّحَّاك. وَفَـاتُـــــه: مَاتَ مُجَاهِدٌ وَهُوَ سَاجِدٌ، سَنَةَ أَرْبَعٍ ومِائَة (104 هــ)، وقَد بَلَغَ ثَلاثًا وَثَمَانِينَ سَنَة (83)؛ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
__________________
آخر تعديل بواسطة Mr. Hatem Ahmed ، 12-07-2016 الساعة 02:46 AM |
#6
|
|||
|
|||
جزاك الله خيراً علي هذا الموضوع وبارك فيك . خالص تحياتي |
#7
|
||||
|
||||
وجزاك بمثله يا مستــر... مشكور على مرورك العَطِر
__________________
|
#8
|
||||
|
||||
(5) عِـكْــــرِمَــــــــةُ الـقُـــــرَشِـــــــــيُّ هُـــــوَ: عِكْرِمَةُ أَبُو عَبْدِ اللهِ القُرَشِيُّ مَوْلاَهُم، المَدَنِيُّ، البَرْبَرِيُّ الأَصْلِ. الإِمَامُ العَلاَّمَةُ، الحَافِظُ الفَقِيهُ، المُفَسِّرُ الكَبِيرُ، المُفتِي النِّحْرِيرُ؛ مَوْلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ، ومِن تَلاَمِذَتِهِ النُّجَبَاءِ، وكَانَ مِن أَعلَمِ النَّاسِ بِعِلْمِهِ طَلَبَ عِكْرِمَةُ العِلْمَ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً، وكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَضَعُ فِي رِجْلِيْهِ الكَبْلَ (القَيْد) عَلَى تَعَلِيْمِهِ القُرْآنِ والسُّنَنِ، حَتَّى صَارَ مِن أَهْلِ الحِفظِ والإِتقَانِ، والمُلاَزِمينَ لِلوَرَعِ فِي السِّر والإِعلَانِ، ومِمَن كَان َيُرجَع إِليه فِي عِلْمِ القُرآنِ مَعَ الفِقهِ والعِبَادَةِ. نَـجَـابَـتُـــهُ: - عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: قَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ هَذِهِ الآيَةَ: {لِمَ تَعِظُوْنَ قَوْماً اللهُ مُهْلِكُهُم أَوْ مُعَذِّبُهُم عَذَاباً شَدِيْداً}. (الأَعْرَافُ: 164)؛ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: "لَمْ أَدْرِ، أَنَجَا القَوْمُ أَمْ هَلَكُوا؟!" فَقَالَ عِكْرِمَة: فَمَا زِلْتُ أُبَيِّنُ لَهُ أُبَصِّرُهُ حَتَّى عَرَفَ أَنَّهُم قَدْ نَجَوْا. قَالَ: فَكَسَانِي حُلَّةً (ثَوْب مِن قِطْعَتَيْن). - قَالَ عَنْهُ عَبْدُ اللهِ بْنْ عَبَّاس: مَا حَدَّثَكُم عَنِّي عِكْرِمَةُ، فَصَدِّقُوْهُ، فَإِنَّهُ لَمْ يَكْذِبْ عَلَيَّ. - وقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ أَيْضاً: انْطَلِقْ، فَأَفْتِ النَّاسَ، وَأَنَا لَكَ عَوْنٌ، فَمَنْ جَاءكَ يَسْأَلُكَ عَمَّا يَعْنِيْهِ، فَأَفْتِهِ، وَمَنْ سَأَلَكَ عَمَّا لاَ يَعْنِيْهِ، فَلاَ تُفْتِهِ. - وقَالَ أَبُو الشَّعْثَاءِ الأَزْدِيُّ: هَذَا عِكْرِمَةُ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، هَذَا البَحْرُ، هَذَا أَعْلَمُ النَّاس. - وقَالَ سَعِيْدُ بْنُ جُبَيْر: عِكْرِمَةُ؛ أَعْلَمُ مِنِّي. - وقَالَ الشَّعْبِيَّ: مَا بَقِيَ أَحَدٌ أَعْلَمُ بِكِتَابِ اللهِ مِنْ عِكْرِمَة. - وقَالَ قَتَادَةُ بْنُ دِعَامَة: أَعْلَمُ النَّاسِ بِالتَّفْسِيْرِ؛ عِكْرِمَةُ. - وقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: عِكْرِمَةُ؛ ثُلُثَا العِلْمِ. - وقَالَ شَهْرُ بْنُ حَوْشَب: عِكْرِمَةُ؛ حَبْرُ هَذِهِ الأُمَّةِ. - وقَالَ أَبُو حَاتِم الرَّازي: أَصْحَابُ ابْنِ عَبَّاسٍ عِيَالٌ عَلَى عِكْرِمَةَ. مِن أَقوَالِـــــهِ: قَالَ عِكْرِمَةٌ: إِنَّ لِلْعِلْمِ ثَمَناً، فَأَعْطُوْهُ ثَمَنَهُ. فقَالُوا: وَمَا ثَمَنُهُ يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ؟ قَالَ: أَنْ تَضَعَهُ عِنْدَ مَنْ يُحْسِنُ حِفْظَهُ وَلاَ يُضَيِّعُهُ. وَفَـاتُــــهُ: مَاتَ عِكْرِمَةٌ بِالمَدِيْنَةِ سَنَةَ خَمْس ومِائَة (105 هـ)، وَهُوَ ابْنُ ثَمَانِيْنَ سَنَة (80)؛ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
__________________
آخر تعديل بواسطة Mr. Hatem Ahmed ، 12-07-2016 الساعة 02:49 AM |
#9
|
||||
|
||||
(6) أَبُـــو حَـمْـــــزَةَ الـقُـــرَظِـــــــيُّ هُـــــوَ: مُحَمَّدُ بنُ كَعْبِ بنِ حَيَّانَ بنِ سُلَيْمٍ أَبُو حَمْزَةَ القُرَظِيُّ المَدَنِيُّ. الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، الصَّادِقُ سَكَنَ الكُوْفَةَ، ثُمَّ المَدِيْنَةَ. وكَانَ مِنْ أَئِمَّةِ التَّفْسِيْر، ومِن عُبَّاد أَهْل المَدِينَة وعُلَمَائِهِم بِالقُرآنِ والفِقْهِ، وكَانَ مُجَابَ الدَّعْوَةِ، كَبِيْرَ القَدْر. مِن أَقْـوَالِـــــهِ: لَوْ رُخِّصَ لِأَحَدٍ فِي تَرْكِ الذِّكْرِ لرُخِّصَ لِزَكَرِيَّا عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلا رَمْزًا وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيرًا} [آل عمران: 41]، وَلَرُخِّصَ لِلَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا} [الأنفال: 45]. - قال عَنْه الإِمَامُ عَوْنُ بْنُ عَبْدِ اللهِ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَعْلَمَ بِتَأْوِيْلِ القُرْآنِ مِنَ القُرَظِيِّ. وَفَـاتُـــــه: مَاتَ القُرَظِيُّ سَنَةَ ثَمَانٍ ومِائَةٍ (108 هـــ)، وهُوَ ابْنُ ثَمَانٍ وسَبْعِيْنَ سَنَةً (78).
__________________
آخر تعديل بواسطة Mr. Hatem Ahmed ، 12-07-2016 الساعة 02:55 AM |
#10
|
||||
|
||||
(7) عَـطَـــــــاءُ بْـــنُ أَبِـــي رَبَـــــــــاحٍ هُـــــوَ: عَطَاءُ بنُ أَسْلَمَ الفِهْرِيّ، أَبُو مُحَمَّدٍ المَكِّيُّ. الإِمَامُ، مُفْتِي الحَرَم أَدْرَكَ مِائَتَيْنِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأَخَذَ التَّفْسِيرَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، وكَانَ مِن تَلاَمِيذِهِ النُّجَبَاءِ. مَـوْلِـــــدُهُ: وُلِدَ عَطَاءٌ بِالجَنَد فِي اليَمَن سَنَة سَبْعٍ وعِشْرِين (27 هــ) ونَشَأَ بِمَكَّة، وَكَانَ مِنْ أَوْعِيَةِ العِلْمِ، وَكَانَ عَالِماً بِالحَجِّ، قَدْ حَجَّ زِيَادَةً عَلَى سَبْعِيْنَ حَجَّةً، وكَانَ لاَ يُفْتِي النَّاسَ بِرَأْيِهِ. سُئِلَ يَوْمًا عَنْ شَيْءٍ، فَقَالَ: لاَ أَدْرِي. فَقِيْلَ لَهُ: أَلاَ تَقُوْلُ بِرَأْيِكَ؟ فقَالَ: إِنِّي أَسْتَحْيِي مِنَ اللهِ أَنْ يُدَانَ فِي الأَرْضِ بِرَأْيِي. - كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ ،رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، إَذَا سَأَلَهُ أَهْلُ مَكَّةَ عَنْ شَيْءٍ، قَالَ لَهُم: تَجْتَمِعُوْنَ عَلَيَّ وعِنْدَكُم عَطَاءٌ...؟! - وكَانَ أَبُو جَعْفَرٍ البَاقِر يَقُوْلُ لِلنَّاس: عَلَيْكُم بِعَطَاءٍ، هُوَ -وَاللهِ- خَيْرٌ لَكُم مِنِّي. - وقَالَ أَبُو حَنِيْفَةَ الإِمَام: مَا رَأَيْتُ فِيْمَنْ لَقِيْتُ أَفْضَلَ مِنْ عَطَاءِ بنِ أَبِي رَبَاح. أَمْـــرُهُ بِـالْـمَـعْـــرُوف: - دَخَلَ عَطَاءُ بنُ أَبِي رَبَاحٍ عَلَى عَبْدِ المَلِكِ بْنِ مَروَان يَوْمًا وَهُوَ جَالِسٌ عَلَى السَّرِيْر، وَحَوْلَهُ الأَشْرَافُ، وذَلِكَ بِمَكَّةَ، فِي وَقْتِ حَجِّهِ فِي خِلاَفَتِهِ، فَلَمَّا بَصُرَ بِهِ عَبْدُ المَلِكِ، قَامَ إِلَيْهِ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، وأَجْلَسَهُ مَعَهُ عَلَى السَّرِيْرِ، وقَعَدَ بَيْنَ يَدَيْهِ، وقَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، حَاجَتَكَ؟ قَالَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ! اتَّقِ اللهَ فِي حَرَمِ اللهِ، وحَرَمِ رَسُوْلِهِ، فَتَعَاهَدْهُ بِالعَمَارَةِ، واتَّقِ اللهَ فِي أَوْلاَدِ المُهَاجِرِيْنَ والأَنْصَارِ، فَإِنَّك بِهِم جَلَسْتَ هَذَا المَجْلِسَ، واتَّقِ اللهَ فِي أَهْلِ الثُّغُوْرِ، فَإِنَّهُم حِصْنُ المُسْلِمِيْنَ، وتَفَقَّدْ أُمُوْرَ المُسْلِمِيْنَ، فَإِنَّكَ وحْدَكَ المَسْؤُوْلُ عَنْهُم، واتَّقِ اللهَ فِيْمَنْ عَلَى بَابِكَ، فَلاَ تَغْفُلْ عَنْهُم، ولاَ تُغْلِقْ دُوْنَهُم بَابَكَ. فَقَالَ لَهُ: "أَفْعَلُ". ثُمَّ نَهَضَ، وقَامَ، فَقَبَضَ عَلَيْهِ عَبْدُ المَلِكِ، وقَالَ: "يَا أَبَا مُحَمَّدٍ! إِنَّمَا سَأَلْتَنَا حَوَائِجَ غَيْرِكَ، وقَدْ قَضَيْنَاهَا، فَمَا حَاجَتُكَ؟!" قَالَ: مَا لِي إِلَى مَخْلُوْقٍ حَاجَةٌ. ثُمَّ خَرَجَ، فَقَالَ عَبْدُ المَلِكِ: "هَذَا الشَّرَفُ، هَذَا السُّؤْدُدُ" (السِّيَادَة). وَفَـاتُـــــهُ: مَاتَ عَطَاءٌ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ ومِائَة (115 هــ)، وقَد قَارَب التِّسْعِين سَنَة؛ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
__________________
آخر تعديل بواسطة Mr. Hatem Ahmed ، 12-07-2016 الساعة 02:54 AM |
#11
|
|||
|
|||
موضوع اكثر من رائع
ويستحق مليون نجمة
__________________
Im faded |
#12
|
||||
|
||||
جزاكم الله خيرا الجزاء
وبارك فيكم استاذى
__________________
^-^بخِمارى انا ملكه ^-^ |
#13
|
||||
|
||||
منوراني في موضوعي يا آيـة
مشكورة يا جميل على مرورك اللي زي العسل
__________________
|
#14
|
||||
|
||||
مشكورة جداً يا آيـة على مرورك الجميل
__________________
|
#15
|
||||
|
||||
(8) الـسُّـــــدِّيُّ الـــكَـــبِـــيـــــــر هُـــــوَ: إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي كَرِيْمَةَ أَبُو مُحَمَّدٍ الحِجَازِيُّ، ثُمَّ الكُوْفِيُّ. الإِمَامُ، المُفَسِّرُ وسُمِّيَ السُّدِّي: لِأَنَّه كَانَ يَجْلِس بِالمَدِينَة فِي مَوْضِع يُقَال لَه السُّدّ. وَفَاتُـــــهُ: مَاتَ السُّدِّيُّ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ ومِائَة (127 هــ).
__________________
آخر تعديل بواسطة Mr. Hatem Ahmed ، 12-07-2016 الساعة 02:51 AM |
العلامات المرجعية |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|