#1
|
||||
|
||||
التراث العربي .. ماضي عريق وآفاق مستقبلية
التراث كلمة صغيرة ذات معنى عظيم ذو تفرعات عديدة ،أقدم نص وردت فيه هو: قول الله تعالى في :"وتَأْكُلون التراث أَكْلا لّما " * " وتحبون المال حبا جما " سورة الفجر، والمقصود أكل المال الموروث بغير حق "المال الذي يُخلفه المرء بعد موته لوارثيه وأصوله " لكن لماذا قال تراث ولم يقل وراث ؟ .
إذا اقتفيت أثر خبراء اللغة في هذا المجال ،وبحثت في مضامين معاجمها، فإنك لن تجد للتراث مادة معينة، فليس في اللغة العربية من المواد المبدوءة بالتاء والمختومة بالثاء إلا ثلاث مواد هي: أ. "نفت" وفد وردت في نص الآية الكريمة :" ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ {الحج: 29}.وهو ما يفعله المحرم إذا أحل. وقضاء التفت إزالة الشعث.. ب. "تلث" ومنها التليث على وزن فعيل+ ضرب من نجيل السباخ { قال أَبو حنيفة: هو نبت يشبه الخِذراف ، فإذا جف أَبيض، وله وريقة صغيرة }. جـ ."توث" وقد سمت العرب التوث وهو لغة ضعيفة. من أين جاءت كلمة التراذن؟؟. حسبما أوردناه من القرآن الكريم ..فهي مأخوذة من مادة "ورث" التي تدور معانيها حول حصول الخلف على نصيب مادي أو معنوي ممن سبقه- والد - أو قريب – أو موص. لقوله تعالى : { وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ " (16) {سورة النمل } وقال النبي صلى الله عليه وسلم قال : { إنا معشر الأنبياء لا نورث ، ما تركناه صدقة}.واجمع اللغويون على ان التراث هو خو ما يخلفه المرء لورثته، وأن التاء أصلها واو *الوراث- وهذه الحالة نجدها مع كلمات أخرى مثل: التجاه = الوجاه، التخمة = الوخمة، التهمة = الوهمه ..الخ. وهي الشذرات التي تدلنا على المعنى المعاصر للتراث. التراث: لفظ يطلق على مجموع نتاج الحضارات السابقة التي يتم وراثتها من السلف إلى الخلف "تجارب الإنسان ومنتجاته المادية والفكرية التي سجلت رغباته وأحاسيسه وابتكاراته، في ميادين "العلم و الفكر و اللغة و الأدب أو في النواحي المادية والوجدانية للمجتمع من فلسفة ودين وفن وعمران واقتصاد … و تراث فلكلوري.. الآثار الموروثة التي حفظها التاريخ كاملة كانت أو مبتورة، فوصلت إلينا بشكلها وصفاتها أو معانيها وبأشخاصها..)،فالتراث مفهوم عميق، ومجد تليد، معالم وشواهد، تروي أثر النفوس و العقول التي اعطت الشيء الكثير والعلم الوفير، وامة وارثة، وامة موروثة والحنين بينهما مستمر.. تتوارثه الأجيال وفي توارثها بقاؤه ، التراث يمثل اصالة الماضي، بكل ما فيه من شفافية وبساطة وسلوى الحاضر لما في الماضي من صفاء ونقاء وله حنين وامال للمستقبل ولعل من نافلة القول، أن نسهب في ابراز قيمة التراث والاعتراف بفضله، وهو ما سبقنا اليه علماء الغرب، فاعتزوا بما صنع اسلافهم، في مختلف زوايا العلم المعرفة،جين ا انشغل الناس عندنا بالماديات ، حتى اصبحت المقياس لوفاء الرجال وقمة الابداع ،وأخملت القيم والاخلاقيات والمثاليات. إن الشواهد والمعالم، لا تكون دليلا كافيا على عظمة ذلك الجيل، ولكن الدليل في ترجمه تلك النفوس وتلك السواعد في المعاني إلى عمل وإصلاح وإعمار في الحاضر. إذا كان لكل أمة تراث تعتز به وترجع إليه ،فإن تراث أمتنا العربية عميق الجذور غتي كما وكيفا ، فهو يرتبط في منبعه بالأصالة وفي امتداده بالرواية ، وهو بذلك من أهم مصادر ثقافتنا، وما تزال آثار أسلافنا في التشريع والفلسفة والرياضيات والعلوم الطبية والاجتماعية والفنية والعمران، معدودة في قمة عصارة انتاج الفكر الانساني، والتراث العربي يعني كل ما كتب أو كتب عنه بلغة الضاد، أو أنتزع من روحها، بصرف النظر عن *** كاتبه أو دينه أو مذهبه، وهي صفة وطدها الاسلام الذي نبد هذا التقسيم وقطعه، فتلونت الشعوب التي تم فتحها بلون فكري متعدد الاطياف يعرف اليوم بالفكر الاسلامي.. والتراث الإنساني والعربي خاصة:" الأدبي منه و الشعبي " ثروة كبيرة تشمل كل الفنون والمأثورات الشعبية من شعر وغناء وموسيقى ومعتقدات شّعبية وقصص وحكايات وأمثال تجري على ألسنة العامة من الناس ، وعادات الزواج والمناسبات المختلفة وما تتضمنه من طرق موروثة في الأداء والأشكال والمهارات ". قد يلومنا البعض ويقول هذه دعوة إلى التماهي والتعبير عن الرابطة العاطفية والحنين مع السلف الذي نريد أن نكونه، أكثر مما نريد أن نمتلك أثره الي يكون مهماً في سلوك الخلف، وجوابنا هو فالرغبة في حمل المشعل عملية واعية ،تنتج إحساسا جديدا بوجود خاصية مشتركة ،أما المحاكاة والتقليد عن غير وعي ووجود للإرادة. كحاضرنا المؤسف، الذي يحد من تطلعنا إلى مستقبل أفضل، يواكب طموحات الأجيال المتطلعة إلى حياة أفضل ومجال أرحب في مجال ثقافة أوسع على مستوى التقدم الباهر في هذا العصر هذه نماذج من مستويات انتاج الفكر العربي: من المتفق عليه اليوم أن أهم البحوث الفلسفية والرياضيات، تستخدم الرموز الحرفية في حل القضايا الفكرية، واسلافنا العرب سبقوا الفلاسفة المعاصرين في الاتجاه. فابن سينا في بحوث فلسفة الوجود استخدم حروف الهجاء{ أ بجد هوز حط يكلمن ...الخ}في معادلات ينتهي في كل منها الى احكام خاصة. وفي ميدان اللغة استطاع ابن فارس ان يبتكر نظرية لغوية دقيقة تتمثل في ارجاع كل مادة لغوية الى اكثر من اصل معنوي فيكون للمادة الواحدة مئات من الكلمات، مثل" رع" استطاع حذق ابن فارس ان يردها الى ثلاثة اصول-1 الجزء من اربعة اشباء،2 الاقامة، 3والاشالة والرفع، وابن منظور تناول هذه المادة في جمس عشرة صفحة من لسان العرب.. وفي نفس السياق نعتبر للزمخشري مجهوده الفريد في معجم اساس البلاغة وافراد الألفاظ واساليب المجازية. وكان السبق في تصوير الشعوب ونقد احوالها الاجتماعية، لبي الصلت أمية بن عبد العزيز الأندلسي وعبد اللطيف البغدادي، وابن بطوطة... وفي المعارف العامة نجد ابي عثمان عمرو بن بحر الجاحظ كان سباقا ماشجع ادباء عصرنا الحاضر على تأليف ما يعرف بدائرة المعارف. وفي علم الاجتماع لمع نجم أبن خلدون ومازال المرجع لباحثي علم الاجتماع وتعليل الوقائع التاريخية، والبخت في ماهيتها بدل السرد الجاف لمحتواها.... أولئك آبائي فجئني بمثلهم 000إذا جمعتنا يا جرير المجامع. لكن لا ينبغي لنا أن نقتصر على الافتخار بمجدهم، بل ينبغي لنا ويتحتم علينا أن نعمل بقول من قال: لسنا وإن أحسابنا كرمت *** يوماً على الأحســـاب نتكل نبني كـمـا كـانـت أوائلـنـا *** تبني ونفعل مثل مـــا فعلوا . فالتراث إذا، ليس الطابع أو الخصائص القومية بل هو أعمق من ذلك فهو يعبر عن مجموع التاريخ المادي والمعنوي لحضارة معينة، ويسجل بحكمة مسارها، واحياء التراث ليس أمرا حديثا فقد تناولته اجيال على امتداد الدهر، غير انه لبس ثوبا جديد في عصرنا الحاضر تبعا لتطور وسائل البحث والنشر والتوزيع واساليب التوثيق. فإذا اعتبرنا "حي بن يقظان " لابن طفيل ،و مقامات بديع الزمان الهمداني، ومقامات الحريري ،كانت أعمالا لتأصيل اللغة العربية وإثراء مفرداتها ،وإرهاصـا لبناء القصة وتأصيلها في بداية تكوينها الفني فإن الشعر العربي منذ استهلاله في العصر الجاهلي * وعلى امتداد العصور التالية له * حافل بهذا اللون القصصي فلماذا نتنكر لماضينا ، ونتجاهل تلك الملامح ؟ !! فإنها مهما كانت خافتة في البداية فهي تمثل بوادر مبكرة في عالم الانتاج الفكري ؟!
__________________
قلب لايحتوي حُبَّ الجهاد ، قلبٌ فارغ .! فبالجهاد كنا أعزة .. حتى ولو كنا لانحمل سيوفا .. |
#2
|
||||
|
||||
جزاك الله خيراً وبارك فيك
__________________
|
#3
|
|||
|
|||
جزاك الله خير موضوع رائع
|
#4
|
|||
|
|||
مشكوووووووووووووووووووووووووور
|
العلامات المرجعية |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|