#1
|
|||
|
|||
الإنسان التّابع
"الإنسان التّابع".. اهتم القرآن كثيرا بوعظه وتحذيره، ونفخ الروح فيه، وإثارة شَممه وإبائه، وحثِّه على استقلال شخصيته. أثار القرآن غيرته وأراه حسرة التبع بغير بينة لأسياده.. تذكر وأنت تقرأ كلمات ربك: {قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لِأُولَاهُمْ رَبَّنَا هَـٰؤُلَاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِّنَ النَّارِ} [الأعراف من الآية:38].. فالآخِرون يبقون آخِرين، متأخرين بلا عقول ولا فقه، ولا عزم ولا قرار، يتساءلون حتى وهم في النار.. والأولون هم قيادات دنيوية مفسدة وقيادات دينية متهالكة {أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا} [الأحزاب من الآية:67]، ولهذا حذّر صلى الله عليه وسلم من أن أخوف ما يخاف على أمته حاكم جائر وزلة عالم، وفي بعض الأحاديث ذكر مع الحاكم الفاجر جدال منافق بالقرآن. وهذا شمول للتخويف من انحراف القيادتين الدينية والدنيوية. يجمع سادة الدنيا المنحرفون خطاب الجماهير بما يحبون .. فمن يتبعهم من باب الدين وضعوا له بائع دين، ومن يأتي من جانب الفجور وضعوا له داعي ال*****ة وخوفوه على مكتسباته في التعري! ومن أراد المخدّر وضعوا له الكرة والمخدرات، ومن كان ضعيف الهمة قاصر العزم وضعوا له سلسلة من المشاكل لا تنتهي يخرج من إحداها ليقع في أخرى، فمن لقمة العيش للوغاريتمات الدراسة للوعد بمستقبل مظلم والتخويف من القادم المفزِع.. وهلم جرا. لا يعتبر الناس ولا يتعظون أن في معسكرهم يصطف ال***** مع بائع الدين مع الملحد مع من يمجد الصهاينة ويتنكر للمقدسات.. ثم يرونه صف أهل الحق..! وسادة الدين لا يعدمون دليلا يقولونه، فالشريعة خطابها عربي، والخطاب العربي له سياقه والحق فيه ظاهر، لكن يمكن لأي أحد أن يؤول ما يشاء من التأويلات، وأشار الشاطبي الى استدلال أهل البدع جميعا بالقرآن، فإذا خوطبوا بإكمال الآيات والجمع بين الأدلة فُضحوا. لكن المشكلة في حالة الأتباع النفسية، حيث يأخذهم السادة في أمواج متلاطمة الى حيث تشتهي رياحهم، فيقولون القول وعكسه، ويحبون الشيء ويكرهونه، يمجدون الأمر ويمقتونه..! إن التبعية للسادة حالة نفسية.. بعض الناس يقدم لها عقله، وآخر يقدم لها كرامته وشرفه، والآخر يقدم لها عِرضه! والجميع يقدم لها دينه. فإذا استنكر بعض من احتفظ بعقل ودين، ورفض تلك التبعية وعاب على منحرفي القيادات الدينية لأنهم وقفوا وناصروا ال*****ين والملاحدة واللادينيين وسفكوا دم المؤمنين، مصمص الأتباع الشفاه وتفاخروا بشيوخهم أنه هكذا دأب أتباع الرسل يُؤذون فيصبرون..!! وكأن الرسل جاءت لنصرة الملاحدة وال*****ين.. حاشا*لله. قد تصعب إفاقة قوم حتى ينزلوا في عسكر الموتى ويصطفوا في القبور، ويذوقوا مس بعض أعمالهم.. فإذا لقوا الله تعرّى الجميع وبان صغر وقبح من اتبعوهم .. ثم هتف هناك هاتف، وصرخ صارخ متألما {رَبَّنَا هَـٰؤُلَاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِّنَ النَّارِ*ۖ*قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَـٰكِن لَّا تَعْلَمُونَ} [الأعراف من الآية:38]. * مدحت القصراوي
__________________
|
العلامات المرجعية |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|