|
#1
|
|||
|
|||
عيد الحب (قصيدة)
يقولونَ: عيدُ الحبِّ قدْ حلَّ بيْنَنَا*
فقلتُ لهم: لا حسَّ حتى ولا خبرْ* فلمْ يكُ يأتِيْ عِنْدَنا؛ حيثُ إننا* بلادٌ بها الإسلامُ في أُفْقِها انتَشَرْ* فقالوا: بلى قدْ جاءَ، قلْتُ: فأينَ هُوْ* أيجريْ على الإسلام، هل خِلْتَهُ عَبَرْ؟* فقالَ: لقدْ شاهدْتُهُ فيْ صحِيْفَةٍ* مُزْرْكَشَةٍ حمراءَ في أحْسنِ الصورْ* رأيتُ بِها قلْبًا كَثِيْرًا نَزِيْفُهُ* وجُدْرانُهُ قد مُزِّقَتْ يا أخا الفِكَرْ* وذِكْراهُ في أدنى التَّصاويرِ جملةٌ* تُهني بعيدِ الحبِّ إذ كاتبٌ سَطَرْ* فَعَنْوَنَ "يا للحبِّ" يا عِيْدَهُ، انتَظِرْ* سأحْمِلُ فيْ أيّامِكَ السّمعَ والبَصرْ* ومِنْ تحْتِهِ سطرٌ علاهُ تحيّةٌ* تزُفّ جَحِيْمًا يُشْعِلُ الرأسَ بالشّرَرْ* تأملتُ، قلتُ: العيدُ حبٌّ وبهجةٌ* وما للمُعنّى مِن حضورٍ ولا أثرْ* فقلتُ له: سُحقًا زعمتَ رأيتَهُ* فأخبرتَنِيْ أنّ الجريْدَ بِها الْخَبَرْ* وأدهشتَنِيْ: لا، قد رأيتُ حضورَهُ* فقلتُ: نعم، لكنه قال ما هذرْ* رأيتُ لهُ الإعلانَ حقًّا بشاشةٍ* مُعلّقةٍ فيها الشياطينُ بالحُفرْ* فتحتُ قناة الفحشِ ثم رأيتهُ* يهنى به العشاق ردمًا على مَدَرْ* وأيقنتُ أن الحبّ لا شكَّ نعمةٌ* وليسَ لنا عيدٌ إذا ما لنا أَسَرْ* فقلت له: دعني من اللغوِ أفتِنِيْ* أشاهدتَه في الدينِ أو نصِّ مُعتبرْ* أم العالمُ النحريرُ هنّا قدومَه* وشاهدَ ضَرْبًا مِن مزاياه فانبهرْ* وهل خِلْتَه شدَّ المطايا لقُرْبِهِ* وصلى صلاة الفرضِ في الجمعِ أو قَصَرْ* وهل ظنَّهُ المخدُوعُ يومًا سجيَّةً* وقدّمَ فضْلًا فوقَ مَنْ حجَّ واعتَمَرْ* فقال: تُماريني لأمرٍ مُسَلّمٍ* لقد شاعَ هذا الأمرُ في السُّوق وانتشرْ* وقال سمعت الناس أن الذي نهى* بهجران هذا العيد هم سادةُ النظرْ* وحرّمه الأعلامُ من خِيرة الورى* ولم يتبجحْ عالم من ذوي البشرْ* وذلك أن الدين أثبت حينها* لأمته عيدينِ؛ هذا هو الأثرْ* وأخبرتُه أنّ الذي لا يحبّه* من القوم مَن في الناس إيمانُه وقَرْ* وما الحبّ في الدينِ الحنيفِ محرمًا* ولكنْ من الحبّ الحقيقيِّ ما بَهَرْ* وما نظّمَ الإنسان في ضبط أمره* ولم يتخذْ بغيًا ولم يعزفِ الوترْ* ففي القلب روحٌ لا أعيشُ بدونها* ولكنّ عيدًا صادقًا يا أخا الحذرْ* هي النفس تجري في الفضاء رحيبةً* إذا كان لقيانا به كلنا افتخرْ* وأُنشدُ بالشوقِ الذي يستفزّني* يحدثني في الرملِ أو رفقةِ النَّهَرْ* وكلّ له نفسٌ لها جدُّ صبوةٍ* ولا بدّ يعروها اشتياقٌ ومُنْتَظَرْ* وما الناسُ إلا مُكثرٌ أو مقصّرٌ* وما الناس إلا مُقسطٌ أو بِه بَذَرْ* وإن قليلًا في الرجالِ مُقَدِّرٌ* إذا العرضُ آواهُ وجاءَ ليُختبرْ* لعلهمُ يرْجونَ فوزًا وجنَّةً* فيا ربّ غُفرانًا لكلّ الذي بدَرْ * صالح بن عبدالله صالح البيضاني
__________________
|
العلامات المرجعية |
|
|