اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > مسك الكلام فى الاسلام > محمد ﷺ نبينا .. للخير ينادينا

محمد ﷺ نبينا .. للخير ينادينا سيرة سيد البشر بكل لغات العالم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11-03-2016, 07:16 AM
abomokhtar abomokhtar غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 11,687
معدل تقييم المستوى: 28
abomokhtar is just really nice
New مزاعم فولتير في النبي عليه السلام...د. زيد الشريف

إن مِن سنن الله في كونه أنْ كَتَبَ الاختلاف على عباده، ومن ذاك الاختلاف اختلافُهم حول نبيه محمد عليه السلام، فمنهم من آمن به ومنهم من لم يؤمن؛ قال تعالى: ﴿ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ ﴾ [هود: 118، 119].
*
ففي بداية بعثته صلى الله عليه وسلم تعرَّض للتكذيب والتسفيه والنعوت الظالمة الغاشمة؛ كقولهم كذاب، وساحر، وشاعر، ومجنون، وكاهن... قال تعالى: ﴿ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ * أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ ﴾ [ص: 4، 5]، وقالوا: افتراه؛ ﴿ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلَا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئًا ﴾ [الأحقاف: 8]، وقالوا: أساطير الأولين؛ ﴿ وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ﴾ [الفرقان: 5]، وغيرها من التهم الباطلة.
*
والنبي عليه السلام مع ذلك يتحداهم بأن يأتوا بمثل القرآن، أو أن يأتوا بمثل أقل سورة منه؛ ﴿ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ ﴾ [البقرة: 23]، وهاجم عليه السلام وثَنِيَّتهم، وتحداهم فيها؛ ﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ ﴾ [الأحقاف: 4، 5].
*
لكنهم مع ذلك عجزوا عن المواجهة بالحجة والبرهان والبيان والرد العقلي والمنطقي، ولجؤوا إلى الرد بالسلاح والحرب بعد أن اعترفَتْ قلوبهم، وتأكدت من أنه نبي مرسل لا يمكن أن يأتي بهذه المعجزة إلا من عند الله سبحانه وتعالى، حتى قال كبير العرب - آنذاك - الوليدُ بن المغيرة وهو من صناديد كفار قريش: "والله إن لقوله لَحلاوة، وإن أصله لَعَذْقٌ، وإن فرعه لجناةٌ، وما أنتم بقائلين من هذا شيئًا - كذاب، ساحر، مجنون - إلا عُرِف أنه باطل، وإن أقرب القول لَأن تقولوا: ساحرٌ؛ جاء بقول هو سِحر، يفرق بين المرء وأبيه، وبين المرء وأخيه، وبين المرء وزوجه"[1]، وهذا مصداق قوله تعالى: ﴿ وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا ﴾ [النمل: 14].
*
وتعرضَتْ دعوة محمد صلى الله عليه وسلم للإيذاء والتكذيب منذ مهد الدعوة إلى الآن من طرف المخالفين، رغم تيقنهم أن هذا الدين هو من عند الله.
*
وما الفيلسوف فولتير - الذي سأحاول إجلاء آرائه تجاه نبينا عليه السلام - ببعيد من آراء كفار قريش فيه؛ لأنه في نظري ادَّعى العِلمية والمنهجية في انتقاداته للإسلام، وهما منه براء، وسيظهر هذا من خلال ما سأنقله عنه من آراء في كتبه.
*
والحقيقة بعد الاطلاع على كتب فولتير يتبين أنه لم يتمكن من الإحاطة بتاريخ المسلمين إحاطة شاملة، مبنية على المنهج العلمي السليم؛ ولذلك فشل فشلًا ذريعًا في دراسته للإسلام ولنبي الإسلام، ولم يُفِد من بحثه سوى أنه فشل في المنهج العلمي، وسقط عن جادة الصواب.
*
ولهذا سأقسم هذا المقال إلى مباحث لدراسة رؤية هذا الفيلسوف، بإيجابياتها وسلبياتها، مع عرضها للتحليل والمناقشة.
*
المبحث الأول: ظروف ادعاء النبي عليه السلام النبوة في نظر فولتير:
لقد تكلم فولتير عن الإسلام وعن محمد عليه السلام في عدد من كتبه، من أهمها:
(essai sur les mœurs)، وكذلك (le fanatisme ou Mahomet le prophete)، وأيضًا (le dictionner)، وغيرها من الكتب.
ومن خلال هذه الكتب يظهر أن فولتير يصف محمدًا عليه السلام بأنه كذاب في دعوته، وأنه استغل ظروفًا جعلته يَدَّعي النبوة وينشر معتقده، ومن محاسن الصدف - في نظر فولتير - أن يجد من يستجيب له ويؤمن به؛ ولذلك فهو يعتبر أن النبيَّ عليه السلام كان محظوظًا لهذه الظروف التي ساعدته في ادعاء النبوة، وهذه الظروف هي:
1. الظروف الذاتية:
يرد فولتير سبب انتشار دعوة محمد عليه السلام وقَبولها عند الناس، وأنه أصبح متبوعًا لدى البعض، إلى أنه كان ذا بلاغة قوية، وله حِسُّ التسلط والحكم والثقة، والفكر الثاقب.
*
يقول: "فمحمد له بلاغة قوية، وحس السلطة والحكم، والثقة واللباقة، والفكر الثاقب، وهيئة وجهه مستبشرة، وشدة البأس والشجاعة كشجاعة ألكسندر... هذه المواصفات التي كانت تنقص ألكسندر لكي يكون أكبر رجل مر في العالم"[2].
*
وأيضًا كونُه عليه السلام - كغيره من الناس الطموحين - تشبَّث بأفكاره، ولم يتنازل عنها حتى استطاع إقناع الناس؛ ولهذا بدأ بإعطاء الثقة والوفاء للناس؛ حتى يتحبَّب لهم، ومن ثم أعطاهم الأمانيَّ؛ تحصينًا لهم، ولكي يصدِّقوه[3].
*
وفي نظر فولتير: أن هذا التحبُّبَ وهذه الأخلاقَ التي كان يتحلى بها النبي عليه السلام - إنما كانت خداعًا منه ومكرًا؛ للوصول لِمَآربه العقَدية[4].
*
إننا عندما نتأمل في رأي فولتير هذا يَظهر خلَلُه واستبطانه لعداوة داخلية؛ لأن هذه الأخلاق كانت فيه عليه السلام قبل البعثة، وقبل نزول الوحي عليه بعشرين سنة على الأقل، وكفارُ قريش بل صناديد الكفر كانوا يُسمُّونه بالصادق الأمين قبل البعثة؛ لشدة تخلقه بالأخلاق الحسنة؛ كالصدق والأمانة... ومما يشهد لهذا ويؤكده ما ذُكِر في السيرة من أن قريشًا رضوا بتحكيم النبي عليه السلام عندما اختلفوا في وضع الحجر الأسود بالبيت، مَن الذي سيحظى بشرف وضعه؟! فما كان منهم إلا أن أشار عليهم أبو أمية بن المغيرة بأن يجعلوا بينهم أول من يدخل من باب هذا المسجد حكمًا بينهم، ففعلوا، فكان أولُ داخل عليهم رسول الله عليه السلام، فلما رأوه قالوا: هذا الأمين، رضينا، هذا محمد، فلما انتهى إليهم وأخبروه الخبر قال: هَلُمَّ إليَّ ثوبًا، فأُتِيَ به، فأخذ الرُّكن فوضعه فيه بيده، ثم قال: لتأخذ كل قبيلة بناحية من الثوب، ثم ارفعوه جميعًا، ففعلوا، حتى إذا بلغوا به موضعه وضعه هو بيده، ثم بنى عليه[5].
*
فهذه الواقعة تدل على أنه عليه السلام كان ذا أخلاق رفيعة قبل أن ينزل عليه الوحي في السن الأربعين من عمره؛ قال تعالى: ﴿ وَمَا كُنْتَ تَرْجُو أَنْ يُلْقَى إِلَيْكَ الْكِتَابُ إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ ظَهِيرًا لِلْكَافِرِينَ ﴾ [القصص: 86].
*
وهذه الحقائق يعلمها فولتير في نفسه، لكنه يتجاهلها عمدًا، ويشهد بهذه الحقيقة كذلك المخالفون للدين الإسلامي؛ أمثال السير موير الذي يقول: "إن محمدًا نبيَّ المسلمين لقب بالأمين منذ الصغر بإجماع أهل بلده؛ لشرف أخلاقه وحسن سلوكه، ومهما يكن هناك من أمر فإن محمدًا أسمى من أن ينتهي إليه الواصف، ولا يعرفه مَن جَهِله، وخبيرٌ به مَن أمعن النظر في تاريخه المجيد، ذلك التاريخ الذي ترك محمدًا في طليعة الرسل ومفكري العالم"[6].
*
وأيضًا ما قاله سنرستن الآسوجي: "إننا لم نُنصِف محمدًا إذا أنكرنا ما هو عليه من عظيم الصفات وحميد المزايا؛ فلقد خاض محمد معركةَ الحياة الصحيحة في وجه الجهل والهَمَجيَّة، مُصرًّا على مبدئه، وما زال يحارب الطغاة حتى انتهى به المطاف إلى النصر المبين، فأصبحَتْ شريعته أكمل الشرائع، وهو فوق عظماء التاريخ"[7].
*
2- الظروف الزمانية والمكانية:
ويقصد بها فولتير البيئةَ التي نشأ فيها النبيُّ عليه السلام، والقومَ الذين ادعى فيهم النبوة؛ فإنهم كانوا يتميَّزون بصفات، أهمها: الجهل، والغباء، والحماسة الزائدة، وسرعة التصديق... هذه الصفات في نظره تُبيِّن أن هؤلاء الناس يَسهُل عليهم الاقتناع بكل فكرة، واتباع كل دَعِيٍّ؛ فهم ليس لهم الحصانة العقلية لكي يقوَوْا على رد الأفكار الخاطئة، وهذا ما اقتنصه محمد عليه السلام واستغلَّه لادِّعاء النبوة[8].
*
والحق المجمع عليه أنَّ مَن لا يَتحقَّق من المعلومات هو من تَصدقُ عليه صفاتُ السوء؛ لأن العرب لم يكونوا جُهَّالًا، كما وصفهم فولتير، فحالهم يشهد بالعكس؛ لأنهم أولًا لم يؤمنوا بمحمد عليه السلام منذ بداية دعوته، بل حاربوه وقاتلوه، ونعتوه بأنه كاذب وساحر... وطلبوا منه المعجزات، كما حكى القرآن الكريم ذلك؛ قال تعالى: ﴿ وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا * أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلَالَهَا تَفْجِيرًا * أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا * أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا ﴾ [الإسراء: 90 - 93].
*
وأخبر القرآن الكريم بأن الله تحداهم بأن يأتوا بمثل القرآن؛ دلالةً على إمعانهم وحرصهم على معارضته، ومع ذلك لم يتمكَّنوا من الإتيان بسورة من مثله، وعَذَّبتْ قريش أصحابه عليه السلام مدة ثلاث عشرة سنة، واضطرَّ هو وأصحابُه رضي الله عنهم إلى الخروج من مكة والهجرة نحو المدينة، ولم يؤمن به عليه السلام إلا القليل، وكذلك حارب قومه بالقليل فيغزوة بدر... فمَن هذا حالهم يوصفون بالجهل، والحماسة الزائدة، والسذاجة وسرعة التصديق؟!
*
المبحث الثاني: اتهامات فولتير الواهية للنبي عليه السلام:
1- اتهامه للنبي عليه السلام بأنه ادَّعى النبوة:
كان غرض فولتير من خلال كتاباته التي تتعلق بالإسلام والنبي محمد عليه السلام - هو التشكيك في نبوته؛ ولذلك فهو يُصرِّح في كثير من المواطن بأن محمدًا عليه السلام مُدَّعٍ للنبوة، ولم يأتِ بشيء جديد يُذكر[9]، ويرى أنَّ مَن تأمل القرآن وجد أن صاحبه له جهل تامٌّ بالمادة والقوانين الفيزيائية، وهذا هو المَزْلَق الذي ينزلق فيه كلُّ مُدَّعِي النبوةِ[10]، وينقل فولتير في هذا السياق كلام بعض الفلاسفة الذين يتفقون معه في هذا؛ وهو جروتيوس الذي يقول عن النبي عليه السلام: "رجلٌ يتلَقَّى القرآن بصفة مستمرة من الملك جبريل لا يمكنُ إلا أن يكون كثيرَ الأحلام"[11]، ويقول: "إن القرآن لا يمكن أن يقوله إلا مَن بلغ قمة الطيش وقمة الحمق"[12].
*
إذا كان الأمر كما يَزعُم المخالفون للإسلام، فلماذا لم يأتِ أحدٌ بمثل ما جاء به محمد عليه السلام من القرآن، بهذا النَّظْم وبهذا التناسق، وبما حواه من القصص والأخبار التي كانت في الأمم الماضية، والتي لم يكن عليه السلام في وقتها؟ قال تعالى: ﴿ وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الْأَمْرَ ﴾ [القصص: 44]، ﴿ وَمَا كُنْتَ ثَاوِيًا فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا ﴾ [القصص: 45].
*
بل أخبر عليه السلام بأشياء ستقع فوقعت[13]، وهو مع ذلك أُمِّيٌّ لا يقرأ ولا يكتب، من أُمَّة أُمِّيَّة، كما وصفه الله عز وجل: ﴿ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ ﴾ [الأعراف: 157]، وما جعلَه الله جل وعلا كذلك إلا لقَطْع الشك في صدق نبوته؛ قال تعالى: ﴿ وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ ﴾ [العنكبوت: 48].
*
والأمر الآخر، وهو أن النبي عليه السلام تحدى قومه وهم فَطَاحِل اللغة العربية، وتحدى البشرية جَمْعاء، ومنهم فولتير، بأن يأتوا بمثل هذا القرآن؛ ﴿ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ ﴾ [البقرة: 23]، فعجزوا عن ذلك؛ ليعلم فولتير وأمثاله أن هذا الكتاب هو من عند الله؛ ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ ﴾ [النساء: 105]، وقال: ﴿ لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ﴾ [فصلت: 42].


2. اتهامه للنبي عليه السلام بأن هدفه كان شهوانيًّا:
هذه الشنشنة التي نسمعها من المخالفين لدين الإسلام، وهي أن محمدًا عليه السلام كان يعشق النساء، وما قامت دعوته إلا لهذا الغرض[14]، لكن هذا الكلام في نظر العقلاء مخالف للواقع من أوجه:
أولها: لو كان الأمر كما زعموا لما تزوج امرأة تكبُرُه بخمس عشرة سنة، وجُلُّ النساء اللائي تزوج بهنَّ عليه السلام قد سبق لهُنَّ الزواج، وكان بإمكانه أن يختار أصغرَ النساء، ولكنه لم يفعل، وإنما فعل ما يَخدم مصلحة دينه عليه السلام؛ إذ كان همه الوحيد هو قول الله عز وجل: ﴿ قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ [يوسف: 108].
*
الوجه الثاني: فِعْله عليه السلام يُظهر عكس ما زعموا؛ ففي غزوة حنين رد النبيُّ عليه السلام السَّبْيَ لوفد هَوَازِن، وهم ما يقارب ستة آلاف، أغلبهن نساء، ولم يطلب منهم أي مقابل على ذلك، بل جاءه القائد الذي حارب ضده في المعركة، وهو رئيس هوازن: مالكُ بن عوف، فردَّ عليه أهلَه وماله، وأعطاه مِائة من الإبل[15]، فمَن يفعل هذا يَعشَق النساء؟!
*
وقد اعترف بهذه الحقيقة العالمُ الغربي إن بيزيت، فقال: "من المستحيل لأيِّ شخص يدرس حياةَ وشخصية نبيِّ العرب العظيم، ويعرف كيف عاش هذا النبيُّ وكيف علَّم الناس، ألَّا يشعُرَ بتبجيل هذا النبي الجليل، أحد رسل الله العظماء، ورغم أنني سوف أعرض - فيما أروي لكم - أشياءَ قد تكون مألوفة للعديد من الناس، فإنني أشعر في كل مرة أعيد فيها قراءة هذه الأشياء بإعجاب وتبجيل متجدِّدَيْن لهذا المُعلِّم العربي العظيم.
*
هل تقصد أن تخبرني أن رجلًا في عنفوان شبابه، لم يتعدَّ الرابعة والعشرين من عمره، بعد أن تزوج من امرأة أكبر منه بكثير، وظل وَفِيًّا لها طيلة ستة وعشرين عامًا، ثم عندما بلغ الخمسين من عمره، السن التي تخبو فيها شهواتُ الجسد - تزوَّجَ لإشباع رغباته وشهواته؟! ليس هكذا يكون الحُكم على حياة الأشخاص؛ فلو نظرت إلى النساء اللاتي تزوجَهُن، لوجدتَ أن كل زِيجَة من هذه الزيجات كانت سببًا إما في الدخول في تحالف لصالح أتباعه ودينه، أو الحصولِ على شيء يعود بالنفع على أصحابه، أو كانت المرأة التي تزوجها في حاجة ماسة للحماية"[16].
*
3 - زَعْمه أن محمدًا عليه السلام له رغبة في ال*** وإرهاب الناس:
يقول: "إن آداب وأخلاق وشِيَم قوم محمد كانت مشابهة للعرب القدامى... ويتشابهون أيضًا في الرغبة والحب في القتال باسم الدين، ولهم نفس العطش للربح والغنائم وسلخ الناس"[17]، وهذه الصفات البشعة هي التي يصور بها النبيَّ عليه السلام في مسرحيته: le fanatisme ou Mahomet le prophete، فيصفه بأنه عنيف، وأنه يفرض أوامرَه على أصحابه، وأن رأيه يعتبره الحقيقة التي يجب أن تنتشر [18]، ويقول على لسان محمد: إن قلبي فارغ، وإنما يحمل السلاح، وحياتي كلها قتال، وأحب النساء"[19]، بل أكثر من هذا؛ فإنه يصور لقُرَّائه أن محمدًا عليه السلام بعيدٌ عن كل ما هو عِلميٌّ؛ لأنه يغرس في أصحابه التسليم للأفكار دون تفكير فيها، وأن من يحاول التفكير فيها لن يتحقق له النصر، يقول: "أوامري التي آمركم بها إياكم أن تفكروا فيها، وإنما سلموا لها وطبقوها دون تعليق، بهذا التسليم ستنتصرون على الغير"[20].
*
هذا هو ما يتصوره الغرب عن الإسلام والمسلمين؛ بسبب فولتير وأمثاله الذين لم يلتزموا بالمَنْهجية العلمية، وأغمضوا أعينهم عما احتفظ به التاريخُ من أدلة تدل على سماحة هذا الدين، وسماحة نبيه عليه السلام، والسيرةُ العطرة شاهدة على هذا، فلا فولتير ولا أمثاله بلغوا معشار ما كان عليه المصطفى عليه السلام؛ ففي غزوة بدر عفا النبي عليه السلام عن الأسرى، وسمح بقَبول فِديتهم، فكان يُفادي بهم على قدر أموالهم، فمن لم يكن له فداءٌ دفع إليه عشرةً من غِلمان المدينة فعلمهم، فإذا حَذَقُوا فهو فداؤه[21].
*
وكذلك الأمر في فتح مكة الذي قال فيه قولته المشهورة: ((يا معشر قريش ويا أهل مكة، ما ترون أني فاعلٌ بكم؟))، قالوا: خيرًا؛ أخٌ كريم وابنُ أخ كريم، ثم قال: ((اذهبوا فأنتم الطلقاء))[22]، مع العلم بأنهم هم الذين آذَوْه وعذَّبُوا أصحابه وطردوه من أحب البلاد إليه، لكنه كان كما وصفه الله تعالى: ﴿ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [التوبة: 128].
*
وكذلك استمرَّتْ هذه السماحة في سيرة أصحابه رضوان الله عليهم؛ أبي بكر وعمر، وعثمان، وعليٍّ، وأبي عُبَيدة بن الجراح، ومَن بعدهم من المؤمنين؛ كصلاح الدين الأيوبي... ومن أراد الاستزادة، فَلْيرجع إلى كتب السير والتاريخ.
*
ولو كان عليه السلام يعشق الغنائم والربح، والاعتداءَ على الناس، لما وزَّع الغنائم على الفقراء والمحتاجين، ولَمَا منع في الحرب الاعتداءَ على الأشجار والدور والنساء والشيوخ والأطفال، ولو كان الأمر كما زعم فولتير لَمَا مات عليه السلام ودرعُه مرهونةٌ عند يهوديٍّ.
*
أما كونه عليه السلام يفرض رأيه على أصحابه ويأمرهم بعدم التفكير في ذلك، فواقِعُه عليه السلام مع أصحابه كان على العكس، بحيث إنه عليه السلام كان يفتح المجال لهم للسؤال والاستفسار فيما استشكل عليهم، ففي القرآن ثلاث عشرة آية فيها (يسألونك)، وكان عليه السلام يستشيرهم في كثير من الوقائع مُمتثِلًا قولَ الله عز وجل: ﴿ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ﴾ [آل عمران: 159].
*
4- وصف جهاد محمد عليه السلام بأنه إجرام وليس وحيًا من السماء:
يستمر فولتير في الهجمة الشرسة على محمد عليه السلام، وفي معرض كلامه عن الجهاد يعتبر أن هذا القتال - الذي قام به محمد عليه السلام - إنما هو إجرام، ولا يستند إلى أي مُستنَدٍ شرعيٍّ؛ أي إنه ليس بوحيٍ من السماء كما يدعيه المسلمون [23]، وسبق أن عرضنا جانبًا من سماحة النبي عليه السلام، ونُضِيف بأن شرائع الإسلام قائمة على أساس من التسامح والرحمة، وما افتراض الجِزية إلا مظهرًا من مظاهر الرحمة؛ لأنها شُرِعت لحَقن الدماء، فالمسلمون لا يَشرعون في القتال إلا في حالة واحدة من ثلاث حالات[24]:
• إذا قَبِل العدو الإسلامَ فلا قتال، ويكون لهم ما للمسلمين.
• إذا رفضوا الإسلامَ وقبلوا أن يعطوا الجزية فلا قتال.
• إذا رفضوا الإسلام والجزية، عندها يكون القتال.
*
كما هو الحال بالنسبة للدُّوَل في كل الأزمنة التي تدافع عن حقوقها ومهابتها بين الأمم.
*
ولم يكن هدفُه عليه السلام أن يربي الصحابة الكرام على القتال، كما زعم فولتير[25]، ويكفينا تكذيبًا لهذا أنه عليه السلام لما أراد العمرة في السنة السادسة من الهجرة في ذي القعدة، قال: ((لا تدعوني قريشُ اليوم إلى خطة يسألوني فيها صلةَ الرحم إلا أعطَيْتُهم إياها)) [26]، وكذلك كان الأمرُ، رفضَتْ قريش دخولَه مكة، واصطلحوا على أن يعود من قَابِل، فيقيم ثلاثًا، معه سلاح الراكب، السيوف في القِرب والقوس، فرجع إلى المدينة ثم عاد في العام القابل.
*
إن رحمة الرسول عليه السلام يعترف بها المُنصِفون من الغربيين، وإنما كان عليه السلام هدفُه القضاء على الشِّرك، ورجوع العباد إلى عبادة إله واحد لا شريك له، وها هو العالم لومارتان الذي يقول: "إذا كانت الضوابط التي نقيس بها عبقرية الإنسان هي سُمُو الغاية والنتائج المذهلة لذلك رغم قلة الوسيلة، فمَن ذا الذي يجرؤ أن يقارن أيًّا من عظماء التاريخ الحديث بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم في عبقريته؟! فهؤلاء المشاهير قد صنعوا الأسلحة، وسنوا القوانين، وأقاموا الإمبراطوريات، فلم يجنوا إلا أمجادًا بالية لم تلبث أن تحطمت بين ظَهرانَيْهم، لكن هذا الرجل - محمدًا صلى الله عليه وسلم - لم يَقُد الجيوش ويَسُن التشريعات ويُقِم الإمبراطوريات ويحكم الشعوب ويروض الحكام فقط، وإنما قاد الملايين من الناس، فيما كان يُعَدُّ ثلثَ العالم حينئذ! ليس هذا فقط، بل إنه قضى على الأنصاب والأزلام والأديان والأفكار والمعتقدات الباطلة [27].
*
5- زَعْمه أن دخول الناس للإسلام كان حماسة:
حَسَدُ فولتير جعلَه يقف حائرًا أمام دخول الناس لهذا الدين أفواجًا رغم ما يعتقد فيه هو من تناقض؛ فالمسكين أعْمَلَ فكرَه فلم يجد لذلك جوابًا سوى أن يقول: إنما دخلوا لهذا الدين بسبب الحماسة، ولشدة حبهم للنبي عليه السلام، وأيضًا من باب تأثُّر الضعيف بالقوي، وهو يرمي إلى أن دخولهم للإسلام عن غير اقتناع، وهذا نص كلامه: "ومع هذا التناقض والخطأ في القرآن ورسالة محمد نَجِد من آمن به، وليس لهذا تفسير إلا أن هؤلاء الناس بلغ بهم الحب أقصى درجاته بمحمد، فأعمى بصائرهم حتى يفقهوا هذه الحقيقة"[28]، ويقول: "فأكثر من نصف الكرة الأرضية لم يدخلها الإسلام بالحروب والجهاد، وإنما دخلها تحمُّسًا من الناس، وبتأثير القويِّ على الضعيف"[29].
*
بل يُصرِّح في مكان آخر بأن طبيعة أحكام الشريعة من صلاة، وصيام، وتعدد الزوجات، وبساطة الاعتقاد المتمثلة في عقيدة التوحيد - أدَّت إلى تكاثر أتباع محمد عليه السلام في إفريقيا وجزر المحيط الهادي[30]، بل صرَّح بأن الاعتقاد بالإله الواحد يتناسب مع فطرة الإنسان[31].
*
وهذا الكلام منه حق أنطقَه الله به؛ لأن الإسلام هو دين الفطرة التي فُطِر الناسُ عليها؛ ﴿ فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [الروم: 30]، وهذا بالأساس سرُّ قَبول الناس دعوة محمد عليه السلام، وأستغرب من هذا التناقض الذي يقع فيه فولتير؛ فإذا كان يعترف أنه دين الفطرة، فلماذا يَعيب الإسلام ونبيه عليه السلام؟ ولماذا يَنعَت هذا الدين في مواطن أخرى بأنه دين لا يلقى فيه الإنسان راحته؟
*
نعم، هذا هو السر في قَبول دعوة محمد عليه السلام؛ فهو دينٌ جاء لتحرير العقل من القيود التي كانت تحكمه، جاء لمحاربة العقلية المتخلفة التي كانت تُقدِّس الحجر والأوثان، فخلَّص البشرية من أوحال الخرافات، وترقَّى بها إلى عبادة إله واحد لا شريك له، قال المستر سنكس: "ظهر محمد بعد المسيح بخمسِمِائة وسبعين سنة، وكانت وظيفتُه ترقيةَ عقول البشر، بإشرابها الأصول الأولية للأخلاق الفاضلة، وبإرجاعها إلى الاعتقاد بإله واحد، وبحياةٍ بعد هذه الحياة"، إلى أن قال: "إن الفكرة الدينية الإسلامية أحدثت رُقِيًّا كبيرًا جدًّا في العالم، وخلَّصت العقل الإنساني من قيوده الثقيلة التي كانت تَأْسره حول الهياكل بين يدي الكهان، ولقد توصَّل محمد عليه السلام - بمحوِه كل صورة في المعابد، وإبطاله كل تمثيل لذات الخالق المطلق - إلى تخليص الفكر الإنساني من عقيدة التجسيد الغليظة"[32].
*
ويؤكد أحد العلماء الغربيين أن الذين دخلوا لدين الإسلام دخلوه على بينة من أمرهم، وعن اقتناع، عكس ما اعتقده فولتير، ألا وهو العالم برنارد شو، قال: "إن العالم أحوجُ ما يكون إلى رجلٍ في تفكير محمد، هذا النبيُّ الذي وضع دينه دائمًا موضع الاحترام والإجلال؛ فإنه أقوى دين على هضم جميع المدنيات، خالدًا خلود الأبد، وإني أرى كثيرًا من بني قومي قد دخلوا هذا الدين على بينة، وسيجد هذا الدينُ مجالَه الفسيح في هذه القارة (يعني أوروبا)"[33].
*
6- زَعْمه أن ما جاء به محمد عليه السلام من اعتقاد الجَنة والنار أخَذَه ممن كان قبله:
يقول فولتير: إن العقوبات والجزاء - كالإيمان بالجنة والنار - في الحياة الأخرى كانت عند القدماء؛ كالصينيين، والفارسيين، والهنديين، والمصريين، واليونان، والرومان، وخاصة المسيحيين؛ حيث إن دِيانتَهم فيها هذه المبادئ[34]، ويعتبر أن محمدًا - مُدَّعي النبوة - إنما أخَذَ تصورَ الجنة والنار من التلمود والتوراة والمجوسية، التي ذُكِر فيها صفة الجنة بأنها حدائق، وأن فيها الحورَ العين[35].
*
لكن هذا الكلام مجانب للصواب من عدة أوجه؛ أولها: لا يمكن لأُمِّيٍّ لا يقرأ ولا يكتب أن يأتي بهذه المعلومات من بطون الكتب، فمحمد عليه السلام كان أُمِّيًّا، في أُمَّة أُمِّيَّة لا تقرأ ولا تكتب، كما سبق أن ذكرت؛ قال تعالى: ﴿ وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ ﴾ [العنكبوت: 48]، وكفى بها حجة تفحم الخَصم المعاند.
*
ثانيها: على افتراض أن محمدًا عليه السلام أخَذَ هذه المعلومات ممن سبقه، إذا كان الأمر كذلك فلماذا نجد أن ما جاء به عليه السلام مخالفٌ في الأغلب الأعَمِّ لما في الكتب السابقة؟ إذ لو كان أخَذَها منهم لكان ما جاء به طِبْقَ أصلها، لكن الأمر مخالف، وأكثر من هذا أنْ جاء عليه السلام بأمور ليست في الدِّيانات السابقة[36]، هذا يدل دلالة واضحة على أن محمدًا عليه السلام لم يأخذ هذه المعلومات ممن سبقه، وهذه التهمة التي يلصقها فولتير بالنبي عليه السلام هي أحقُّ أن يُتهم بها قومُه الذين أخذوا هم من الإسلام بعض قوانينه، كما ذكر ذلك المؤرخ الفرنسي سيلو؛ إذ يقول: "إن قانون نابليون منقول عن كتاب فقهي في مذهب الإمام مالك؛ هو شرح الدردير على متن خليل"[37].
*
7- استهزاؤه بالمسلمين الذين يظنون أن القرآن يحصل لهم الخشوع:
يرى فولتير أن القرآن أصبح قانونًا للدول المُحمَّدية؛ فقارئ القرآن يعتقد ويظن أنه يحصل له الخشوع[38]، بل يَنعَت المسلمين بأنهم جُهَّال ومغفلون؛ لأنهم يتبعون محمدًا عليه السلام؛ لأن هذا الدين في نظره ليس فيه أخلاق، ولا يُحِسُّ معتنقه بالراحة، بل هو دين شهوة [39].
*
لكن ماذا عسانا أن نقول لهذا الفيلسوف الذي لا يعرف دين الإسلام حقًّا إنْ أحسنَّا الظن به؟ لو لم تكن في هذا الدين راحةُ القلوب وخشوعُها لرب السموات والأرضين لترَكَه معتنقوه، ولَارتدُّوا عنه أفواجا، ولَمَّا لم يكن ذلك دلَّ على أن هذا الدين من رب العالمين، وفيه راحتهم وطُمأنينتهم؛ قال سبحانه: ﴿ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴾ [الأنفال: 2].
*
ومع الأسف... هذا المعنى الذي لم يفقهه فولتير فقهه هرقل، حين قال لأبي سفيان: "وسألتُكَ عن أتباعه: أضعفاؤهم أم أشرافهم؟ قلتَ: بل ضعفاؤهم؛ وهم أتباع الرسل، وسألتُكَ: هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ فزعمتَ أن لا؛ فعَرَفتُ أنه لم يكن ليدَعَ الكذب على الناس ثم يذهب فيكذب على الله، وسألتُكَ: هل يرتد أحد منهم عن دينه بعد أن يدخل فيه سخطة له؟ فزعمتَ أن لا، وكذلك الإيمان إذا خالط بشاشة القلوب، وسألتُكَ: هل يزيدون أم ينقصون؟ فزعمت أنهم يزيدون؛ وكذلك الإيمان حتى يتم"[40].
*
8- ادعاؤه ضيق أفق النبي عليه السلام:
عند فولتير أن محمدًا عليه السلام حرَّم الخمر على العرب، وهذا أمر سهلُ الامتثال بالنسبة لهم؛ لأنهم في مِنطَقة حارة يسهل عليهم الاستغناء عن الخمر، لكن لما انتشر الإسلام، واتَّسعت رقعته إلى حدود البوسنة وفرنسا - لم يستطيعوا امتثال النهي؛ لأنهم في مِنطَقة باردة يصعب فيها الاستغناء عن الخمر، وهذا بسبب ضيق أُفُق النبي عليه السلام؛ لأنه لم يظن أن الإسلام سيصل إلى تلك المناطق[41]، ويا لَلعجب! هل محمد عليه السلام يُشرِّع تبعًا لهواه؟
*
فمَن قال له: إن مسلمي البوسنة والهرسك لم يمتثلوا نهي النبي عليه السلام؟ فهذه فِرية يجب أن تُثبَتَ عِلميًّا أولًا، والمعروف أن المسلمين امتثلوا النهي ولم يُقارِفوا الخمر، إلا من أزاغه شيطانُه، كما هو الأمر في كل زمان، أمَّا أن امتِثال العرب للأمر كان سهلًا، فمن أين أتى بذلك؟ لأن المعلومَ أن العرب كانوا لا يستغنون عن الخمر، بل كانت عندهم في درجة الماء؛ ولهذا اضطُرَّ النبي عليه السلام للتدرج في تحريمها، فجاء التحريم على ثلاث مراحل كما هو معلوم.
*
والنبي عليه السلام لا يحرم تبعًا لهواه، وإنما بأمر من الله سبحانه؛ قال تعالى: ﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا ﴾ [البقرة: 219]، وما حرَّم الله عز وجل الخمر إلا لِمَا اشتملت عليه من الضرر - بالصحة والمال - الذي يقطع به كل عاقل؛ كافر ومؤمن.
*
9- زعمه أن محمدًا عليه السلام يُعاقب من اكتشف أمره:
إن محمدًا عليه السلام كان يتصرف مع الذين اكتشفوا أمره من أقاربه في مكة بال***، وبدون رحمة؛ لأنهم يُشكِّلون خطرًا على دعوته[42].
*
ونحن نتساءل: مَن الذين اكتشفوا أمره؟ وماذا اكتشفوا؟ ومتى *** النبيُّ عليه السلام أقاربَه بمكة؟ ونحن قد ذكرنا أنه عفا عنهم، وقال لهم: ((اذهبوا فأنتم الطلقاء))، لكنه الكذبُ من فولتير.
*
وهذا الذي يذكره فولتير هنا قد ردَّ عليه إدوارد مونته حين قال: "عُرِف محمد بخلوص النية، والملاطفة، وإنصافه في الحكم، ونزاهة التعبير عن الفكر، والتحقق، وبالجملة كان محمد أزكى وأدينَ وأرحمَ عربِ عصره، وأشدَّهم حفاظًا على الذِّمام؛ فقد وجَّههم إلى حياة لم يحلُموا بها من قبل، وأسَّس لهم دولة زمنية ودينية لا تزال إلى اليوم"[43].
*
المبحث الثالث: رده على التشريعات التي جاء بها محمد عليه السلام:
لقد عَمَد فولتير في كتبه إلى اتهام دين الإسلام بأنه دينُ عنف وشدة، وأن صاحبه كذاب في ادعائه النبوة، وأنه يهوى النساء... هذه الشُّبَه التي سبق أن ناقشناها، إلا أنه في نفس الوقت - وتلبيسًا على الناس - عَمَد إلى تتبع شرائع الإسلام التي جاء بها محمد عليه السلام، محاولًا نَسْفها والتقليل من شأنها، ومحاولًا إبراز أنها مأخوذة من المِلل الأخرى، مصرِّحًا بأن دين محمد عليه السلام هو خليط من الديانات السماوية الإبراهيمية[44].
*
هكذا تصور فولتير محمدًا عليه السلام، بأنه اطَّلع على الديانات التي قبله، وأخذ منها الشرائع والأحكام، وادعى أنه نبيٌّ يوحى إليه، وقد سبق أن أتيتُ بكلامه الذي يدل على هذا، لكنه مع ذلك ناقش بعض شرائع الإسلام، محاولًا إثبات أنها مأخوذة من اليهود، أو النصارى، أو المجوس، أو من عند الفراعنة؛ وهاكَ أيها القارئ أمثلة ذلك:
1- الصلاة: يرى أنه لا يوجد ديانة بدون صلاة، أمَّا محمد فقد فرض على الناس أن يصلوا خمس مرات في اليوم، عكس اليهود والنصارى الذين يصلون صلاة واحدة في الأسبوع، فصلاة محمد فيها مشقة، إلا أنها قليلة، وهذا لِيتبعوه، على أساس أنها من عند الله الذي خلق الناس، فيَحِق له أن يأمرَهم كيف شاء[45].
*
ففي كلامه هذا يُلمِّح إلى أن محمدًا عليه السلام أخذَ الصلاة من الديانات التي قبله؛ لأنه لا توجد ديانة بدون صلاة؛ ولذلك يجب على محمد أن يأمر أتباعه بالصلاة، مؤكِّدًا على ما يدندن حوله دائمًا من أن دين الإسلام دينُ مشقة وعَنَت، من خلال المقارنة التي يفعلها بين صلاة محمد عليه السلام وصلاة اليهود والنصارى، على أساس أن صلاتهم ليس فيها مشقة ولا عنت.
*
والجواب على هذا أن نقول: إن الذي أمر بالصلاة في الديانة اليهودية هو نفسه الذي أمر بالصلاة في دين الإسلام، فالله عز وجل أخبرَنا في كتابه العزيز أن مَن سبقنا من الأمم كانت الصلاة مفروضة عليهم، وهذا في مثل قوله تعالى: ﴿ فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ ﴾ [آل عمران: 39].
*
إلا أن صفة الصلاة مختلفة، كلٌّ له هيئة خاصة في الصلاة، فمقتضى إيماننا بنبوة الأنبياء السابقين أن نؤمن بأنه كانت لهم صلاة، إلا أننا نعتقد في نفس الوقت أن هذه الصلاة - وشَرْعَها الذي شُرِعَت فيه - منسوخة جميعها بشرع نبينا عليه السلام؛ لأنه خاتم التشريعات وخاتم الرسل، كما أخبر المولى عز وجل بذلك في قوله: ﴿ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا ﴾ [المائدة: 48]؛ فالصلاة التي لا يقبل الله عز وجل سواها الآن هي صلاة المسلمين، وهي مُيسَّرة للعباد، ولا مشقة فيها.
*
2- الصيام: يرى فولتير أن الصيام كان معروفًا عند اليهود والنصارى قديمًا، فلما جاء محمد زاد في شِدته، وأطال مدته إلى شهر قمري، فأصبح ليس للإنسان الحق في الشرب والأكل والتدخين إلى غروب الشمس[46].
*
ومَن مِن المسلمين يقول: إن الصيام لم يكن في الديانات السابقة؟ والله عز وجل يقول: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 183]، إلا أن حقيقة الأمر كما قلنا في الصلاة، فلا يلزم من اتحاد الأمر اتحادُ الصفة، ولا يلزم أيضًا أنه أخذها عليه السلام منهم؛ لأن المصدر واحد، والتشريع مختلف؛ ﴿ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا ﴾ [المائدة: 48].
*
ويعود فولتير للتأكيد على شدة هذا الدين؛ بغرض التنقيص منه، وأنه دينٌ فيه الجوع[47]، إلا أن دين الإسلام بَرَاء مما يَدَّعيه هذا المُدَّعي؛ لأن دين محمد عليه السلام يدعو صاحبه للتمتع بالحياة الدنيا فيما أحله الله له، بل دعا الناس إلى الأكل من الطيبات والتمتع بها؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ﴾ [البقرة: 172]، وقال: ﴿ قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ ﴾ [الأعراف: 32]، فدِين الإسلام ليس كما يصوره فولتير، بل النبي عليه السلام دعا إلى الاستفادة من متاع الدنيا حتى في أدنى مستوياتها، وهي الاستفادة من جلد الميتة؛ فعن عبدالله بن مالك بن حُذَافَة حدثه عن أمه العاليةِ بنتِ سُبَيْع أنها قالت: كان لي غَنم بأُحُد، فوقع فيها الموتُ، فدخلت على مَيْمُونَةَ زوج النبي صلى الله عليه وسلم، فذكرت ذلك لها، فقالت لي ميمونةُ: لو أخذتِ جلودَها فانتفعتِ بها، فقالتْ: أوَيحِلُّ ذلك؟ قالت: نعم، مَرَّ على رسول الله صلى الله عليه وسلم رجالٌ من قريش يجرون شاة لهم مثل الحمار، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لو أخذتم إِهَابَهَا))، قالوا: إنها مَيْتَة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يُطهِّرها الماء والقَرَظُ))[48]، فهذا يدل على أن دين الإسلام دين دنيا كما أنه دين آخرة، فهدفُ المؤمن من الدنيا هو الوصول إلى مرضاة الله عز وجل بما سخره له في هذه الحياة الدنيا، وشعار المسلم قول الله تعالى: ﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [الأنعام: 162، 163].
*
3- الطواف حول البيت: يقول فولتير: إن الطواف حول الكعبة لا أحد ينكر أنها كانت عند العرب قديمًا قبل مجيء محمد، مثل تقديسهم للحجر الأسود والكعبة[49]؛ بمعنى: أن النبي عليه السلام أخذ هذه النسك ممن قبله.
*
نعم الطواف حول الكعبة كان عند العرب؛ لأنه من بقايا شريعة إبراهيم عليه السلام، التي يشترك المسلمون معهم فيها، إلا أن العرب أدخلوا في الطواف ما لم يكن منه؛ كتعظيم الأصنام التي وضعوها في الكعبة، والاستغاثة بها، والطواف حولها عراة، وتقديم القرابين لها... وكل هذه المسائل حاربَها النبي عليه السلام، وأقرَّهم على الأشياء الموافِقة للتوحيد.
*
أما تقديس النبي عليه السلام للحجر الأسود، فليس كما زعم فولتير حين ظن أنه فعل ذلك لكيلا تثور عليه العرب؛ فأقر قدسيَّةَ الحجر الأسود، وأقرَّ عبادته[50].
*
النبي عليه السلام حاربَ الأصنام وعبادتها، وهدم الثلاثمائة صنم التي كانت في الكعبة، وهو عليه السلام لم يُقِرَّ عبادة الحجر؛ لأن الحجر لا يجوز تخصيصُه بالعبادة مطلقًا، وإنما العبادة لله وحده، وهذا ما ذكره العلماء؛ قال ابن تيميَّة رحمه الله: "والعبادات بأسرها؛ الصلاة، والسجود، والطواف، والدعاء، والصدقة، والنُّسُك، وال***... لا تصلُحُ إلا لله، ولم يخصَّ الله بقعة نفعل الصلاة فيها إلا المساجد، لا مقبرة ولا مشهدًا ولا مغارة ولا مقام نبيٍّ... ولا غير ذلك، ولا خَصَّ بقعة غيرَ المساجد بالذكر والدعاء إلا مشاعرَ الحج، لا قبر نبيٍّ ولا صالحٍ، ولا مغارة... ولا غير ذلك، ولا يُقبَّلُ على وجه الأرض شيءٌ عبادةً لله إلا الحجر الأسود، ولا يُتمَسَّح إلا به وبالركن اليمانيِّ، ولا يُستلَم الركنان الشاميَّان، وهما من البيت، فكيف غيرهما؟"[51].
*
فالتمسح بالحجر ليس عبادة له، وإنما هو نُسُك ليس مقصودًا لِذاته، وإنما لغيره، وهو الله سبحانه؛ أي: مدى امتثالنا لأمره؛ ولهذا أثر عن عمر رضي الله عنه أنه جاء إلى الحجر الأسود فقبَّلَه، فقال: إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يُقبِّلك ما قبَّلتُك[52]، وما خُصَّ الحجر الأسود بالاستلام إلا لما أُثِر عنه عليه السلام أنه قال: ((نزل الحجرُ الأسود من الجنة وهو أشد بياضًا من اللبن، فسوَّدَتْه خطايا بني آدم))[53].
*
4- الزكاة: يعتبر فولتير أن الزكاة هي العبادة الوحيدة التي اخترعها محمد، ولم تكن عند سابقيه من أصحاب الديانات، وحدَّدها في رُبع العُشر من الدَّخل، ذهبًا أو زرعًا، وهذا شيء إيجابيٌّ في تشريع محمد؛ لاستفادة الفقراء منها[54]، وهذا كلام يدل على عدم اطلاع هذا الفيلسوف وندرة تحقيقه للمسائل العلمية؛ لأن الزكاة بدَورها كانت عند الديانات الأخرى؛ لِمَا ثبت في قوله تعالى: ﴿ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ * وَلَا يَسْتَثْنُونَ ﴾ [القلم: 17، 18][55]، وأيضًا ما أخبرَ به النبيُّ عليه السلام في قصة الرجل من أهل الكتاب، الذي كان يُخرِج الثُّلُث من ماله صدقة[56]، ومعلوم أن الصدقة تُطلَق على الزكاة.
*
إلا أنه تراجع عن قوله بإيجابية الزكاة في معجمه، حين ذكرها في سياق الذم والتنقيص بها وبدين محمد عليه السلام؛ لأن فيه إخراج ربع العشر من المال[57].
*
خلاصة رأي فولتير في دين الإسلام:
يعتبر فولتير أن التشريع الإسلامي تشريعٌ لا يتجاوز أن يكون مثل تشريعات الجيوش؛ لأن محمدًا عليه السلام في نظره كان هدفُه الحرب والقتال؛ ولهذا سَنَّ مثل هذه التشريعات الصارمة المُتشدِّدة التي لا تَرحم[58].
*
ويَخلُص فولتير في الأخير إلى نتيجة واحدة؛ وهي أن الإسلام ليس بدين سماويٍّ، ولا بدينِ تسامح، ولا بدينِ أخلاق وإيمان، وإنما هو دين الشدة والقهر، وفيه تعقيدات تجعل النصرانية تُفضَّل عليه؛ لأنها خالية من تلك التعقيدات، قال: "دين فيه الجُوع، ومُحرَّم فيه الخمر والقِمار، ويجب أن تَحُج في الشمس والصحراء، وتُخرِج من مالك 2.5%، ودينٌ يمنعك من الزواج بأكثر من أربعة... هل هذا كله يُمَكِّنك أن تقول: إن هذا الدين يخالط الإيمانُ فيه القلوبَ؟ لا؛ بل هذا يتعارض مع الأخلاق، والنصرانية أفضل؛ لأنها ليس فيها هذه التعقيدات التي في الإسلام"[59].
*
وأخيرًا، من خلال هذه الدراسة المتواضعة لرأي فولتير في نبي الإسلام، يظهر لي بجلاء عدة نتائج:
• جهلُ فولتير بحقيقة الإسلام، وبحقائق تاريخ المسلمين.
*
• حقدُه على المسلمين وعلى نبيهم عليه السلام، من خلال الإشاعات التي روَّجها عن دين الإسلام.
*
• أن دين الإسلام ونبي الإسلام عليه السلام أكبرُ من أن تَخدِش قدسيتَه مثلُ هذه الهجمات الفاشلة، ويكفي الإسلامَ ونبيَّ الإسلام رفعةً شهادةُ المخالفين من الغرب النصرانيِّ، الذين سبقت أقوالهم.
*
المصادر:
• القرآن الكريم.
• صحيح البخاري.
• سنن أبي داود.
• شعب الإيمان للبيهقي.
• صحيح الجامع للألباني.
• سنن الترمذي.
• سنن ابن خزيمة.
• مصنف ابن أبي شيبة.
• صحيح الجامع الصغير للألباني.
• دقائق التفسير لابن تيمية.
• صحيح مسلم.
• سنن النسائي.
• العرب لإدوارد مونته.
• مصنف عبدالرزاق.
• مسند أحمد.
• المعجم الكبير للطبراني.
• موقع إسلام أون لاين.
• ديانة العرب لسنكس الأمريكي.
• محمد لبرنارد شو.
• تاريخ تركيا لومارتان.
• بداية المجتهد لابن رشد.
• سيرة ابن هشام.
• حياة وتعاليم محمد لان بيزينت.
• تاريخ محمد للسير موير.
*
كتب فولتير:
• le dictionnaire philosophique de voltaire: mahométans.
• essai sur les mœurs.
• le fanatisme ou mahomet le prophète.

[1] - سيرة ابن هشام 2/ 105.
[2] - essai sur les mœurs ، ص 318.
[3] - essai sur les mœurs ، ص 318.
[4] - essai sur les mœurs ، ص 319.
[5] - سيرة ابن هشام ص 197 مجلد 1.
[6] - السير موير في كتابه "تاريخ محمد".
[7] - العلامة سنرستن الآسوجي: مستشرق آسوجي ولد عام 1866، أستاذ اللغات الساميَّة، ساهم في دائرة المعارف، جمع المخطوطات الشرقية، محرر مجلة (العالم الشرقي)، له عدة مؤلفات، منها: (القرآن الإنجيل المحمدي)، ومنها: (تاريخ حياة محمد).
[8] - essai sur les mœurs، ص 317.
[9] - essai sur les mœurs، ص (339 ،340).
[10] - essai sur les mœurs، ص 339.
[11] -le dictionnaire philosophique de voltaire : arot et marot et coure revue de l alcoran.
[12] -le dictionnaire philosophique de voltaire : arot et marot et coure revue de l alcoran.
[13] - كانهزام الروم؛ {غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ} [الروم: 2، 3]، وكإخباره عن فتح القسطنطينية، وم*** عثمان رضي الله عنه...
[14] - le dictionnaire philosophique de voltaire : mahométans.
[15] - سيرة ابن هشام 4/ 491.
[16] - آن بيزينت: حياة وتعاليم محمد، دار مادرس للنشر، 1932.
[17] - essai sur les mœurs، ص 321.
[18] - le fanatisme ou Mahomet le prophète، ص 28.
[19] - le fanatisme ou Mahomet le prophète، ص 31.
[20] - le fanatisme ou Mahomet le prophète، ص58.
[21] - سيرة ابن هشام 2/ 660.
[22] - سيرة ابن هشام 4/ 311.
[23] - essai sur les mœurs، ص 323.
[24] - قاله ابن رشد في بداية المجتهد 1/ 508.
[25] - essai sur les mœurs، ص 343.
[26] - سيرة ابن هشام 3/ 310.
[27] - لومارتان من كتاب (تاريخ تركيا)، باريس، 1854، (11/ 276،277).
[28] - essai sur les mœurs، ص 339.
[29] - essai sur les mœurs، ص 343.
[30] - essai sur les mœurs، ص 343.
[31] - essai sur les mœurs، ص 343، والنص هو: le dogme surtout de l unite d un dieu presente sans mystere et proportionne l intelligence humaine.
[32] - المستر سنكس الأمريك:؛ مستشرق أميركي ولد في بلدته (بالاي) عام 1831، توفي 1883، في كتابه: (ديانة العرب).
[33] - برنارد شو الإنكليزي؛ ولد في مدينة كانيا، 1817 : 1902، له مؤلف أسماه (محمد)، وقد أحرقته السلطة البريطانية.
[34] - essai sur les mœurs، ص 339.
[35] - essai sur les mœurs، ص 340.
[36]- كالحدود والتعازير وعتق الرقاب وكيفية الصلاة والصيام... وغيرها كثير.
[37] - موقع: إسلام أون لاين.
[38] - essai sur les mœurs، ص 337.
[39] - le dictionnaire philosophiaue de voltaire: mahométans.
[40] - رواه البخاري 4/ 1657، ومسلم 3/ 1395، وأحمد في مسنده 14/ 492، والنسائي في السنن 6/ 309، والطبراني في المعجم الكبير 8/ 14، ومصنف عبدالرزاق 5/ 344.
[41] - essai sur les mœurs، ص 342.
[42] - essai sur les mœurs، ص 343.
[43] - الفيلسوف إدوارد مونته الفَرَنسي؛ مستشرق فرنسي ولد في بلدته لوكادا، (1817: 1894).
[44] - essai sur les mœurs، ص 318.
[45] - essai sur les mœurs، ص 341.
[46] - essai sur les mœurs، ص 341.
[47] - le dictionnaire philosophique de voltaire: mahométans.
[48] - رواه أبو داود 2/ 465، والنسائي 7/ 174.
[49] - essai sur les mœurs، ص 341.
[50] - essai sur les mœurs، ص 341.
[51] - دقائق التفسير 2/ 201.
[52] - رواه البخاري 2/ 579، ومسلم 2/ 925.
[53] - رواه الترمذي 3/ 226، وابن خزيمة 4/ 219، وابن أبي شيبة 3/ 275، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير رقم 6756.
[54] - essai sur les mœurs، ص 342.
[55] - قصة الآية أن رجلًا ممن قبلنا كان يتصدق بماله في الحقل، فيترك الفقراء يأخذون منه.
[56] - رواه البيهقي في شعب الإيمان 3/ 231، وصححه الألباني في صحيح الجامع رقم 2864.
[57] - le dictionnaire philosophique de voltaire: mahométans.
[58] - essai sur les mœurs، ص 343.
[59] - le dictionnaire philosophique de voltaire: mahométans.
__________________
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 07:58 PM.