|
#1
|
||||
|
||||
علم توجيه القراءات ...دراسة وتقويم
علم توجيه القراءات
دراسة وتقويم المبـحث الأول: نشأة علم التوجيه والاحتجاج للقراءات. المبـحـث الثاني: مفهوم توجيه القراءات والاحتجاج لها لغة واصطلاحاً. المبحث الثالث: كتب توجيه القراءات؛ تعريف وتقويم. المبحث الأول نشأة علم التوجيه والاحتجاج للقراءات المبحث الأول نشـــأة هــذا العـــلم بزغت بواكير هذا الفن في هيئة ملاحظات أولية تروى عن بعض الصحابة والتابعين والقراء(1)، مفرقة لا تستوعب قراءة بعينها ولا عدداً من القراءات، وإنما ترد عند الحاجة، ويدعو إليها اختيارهم وجهاً قرائياً على آخر، وكانت تعتمد في الغالب على حمل لفظ القَراءة على نظيره من القرآن الكريم، ثم أخذت تتجه مع ذلك إلى شيء من التعليل والتفسير. من ذلك ما يروى عن ابن عباس –رضي الله عنهما– (ت68هـ) أنه كان يقرأ (ننشرها) بالراء المهملة وضم النون من قول الله تعالى: (وَانظُرْ إِلَى العِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا) [البقرة: 259] ويحتج لقراءته بقوله الله تعالى: {ثُمَّ إِذَا شَاء أَنشَرَهُ} (22) سورة عبس وكأنه يذهب بذلك إلى أن معناها نُحييها( 2). وهما (ننشزها وننشرها) قراءتان متواترتان. وورد عن ابن عبّاس أيضاً أنه فسّر قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ جَاءهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاء وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ } (110) سورة يوسف: أن الرسل ظنت أنهم قد كُذبوا فيما وُعدوا من النصر، وكانوا بشراً فضعفوا ويئسوا وظنوا أنهم قد أخلفوا كما قال تعالى: حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ} سورة البقرة فإذا كان ذلك جاء نصر الله للرسل(3). ونقِلَ عن عائشة رضي الله عنها أنها ردّت هذا التفسير. قال ابن أبي مليكه: وأخبرني عروة عن عائشة أنها خالفت ذلك وأبته وقالت: ما وعد الله رسوله من شيء إلا علم أنه سيكون قبل أن يموت، ولكنه لم يزل البلاء بالرسل حتى ظنوا أن من معهم من المؤمنين قد كذبوهم، وكانت تقرؤها: (وظنوا أنهم قد كذبوا) مثقلة للتكذيب"(4). وهما (التخفيف والتشديد) قراءتان متواتران. وروي أن عائشة رضي الله عنها قالت في قوله تعالى: {إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَن يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ السَّمَاء قَالَ اتَّقُواْ اللّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} (112) سورة المائدة. كان الحواريّون أعلم بالله من أن يقولوا: هل يستطيع ربُّك، إنما قالوا: هل تستطيع أنت ربَّك؟ هل تستطيع أن تدعوه؟(5). وفي الآية قراءتان متواترتان هما: (هل يستطيعُ ربُّك) و(هل تستطيعُ ربَّك). وكان أبو عمرو بن العلاء (ت154هـ) يقرأ الفعل يُصْدِرَ بفتح الياء وضم الدال (يَصْدُرَ) من قول الله تعالى: (قالتا... الرعاء) [القصص: 23] ويحتج لاختياره بأن: "المراد من ذلك حتى ينصرف الرعاء عن الماء، ولو كان (يُصْدر) كان الوجه أن يذكر المفعول فيقول: (حتى يصدر الرعاء ماشيتهم) فلما لم يذكر مع الفعل المفعول علم أنه غير واقع، وأنه (يَصْدُرَ الرّعاء) بمعنى ينصرفون عن الماء(6). وهما قراءتان متواتران، وسيأتي مزيد وقوف وتوجيه وتحرير للمقام مع هاتين القراءتين وما سبقهما من قراءات في الباب الثاني –إن شاء الله تعالى -. وفي كتب اللغة والأصول وعلوم القرآن والتفسير ومعاني القرآن جملة وافرة من توجيه القراءات والاحتجاج لها، يتبلّغ بها اللغويون إلى الاستشهاد على بعض قواعدهم، أو إلى ترجيح وجه لغوي على آخر، ويعتضد بها الفقهاء في استنباط الأحكام، ويستعين بها المفسرون على بيان المعاني التي تتضمنها الآي. "فتجد الاستشهاد بالقراءات ولها مالئاً كتاب سيبويه (180هـ)، وتستطيع أن تعُدّ ذلك مذهب أستاذه الخليل، إذ كان سيبويه كثير النقل عنه والتأثر به، ولو وصلت إلينا كتب من قبلهُ لرأينا الأمر مقارباً. ومن المحتمل أن يكون أُلف في المئة الثالثة رسائل في الاحتجاج للقراءات وإن لم يصل إلينا علم شيء منها"(7). ومن أوائل من تتبعوا القراءات القرآنية توجيهاً وبياناً الإمام ابن جرير الطبري (ت310هـ)، وذلك من خلال تفسيره "جامع البيان" حيث اعتنى رحمه الله بذكره وجوه القراءات المختلفة، وبيان حجة كل منها من حيث اللغة والاستشهاد لها بما يحضره من شواهد الشعر والنثر، ولكنه في أثناء ذلك فتح باب الاعتراض والرد لبعض وجوه القراءات الصحيحة، كما أنه كان يوجه القراءتين الصحيحتين ويختار إحداهما على الأخرى، وسيأتي بحث المشكلات التي وقع فيها العلماء، كابن جرير ومكي وأبي علي الفارسي وغيرهم، في تعاملهم مع القراءات المتواترة في فصل خاص. "وبعد الطبري يأتي ابن مجاهد (ت324هـ) فيختار سبع قراءات لسبعة من مشاهير قراء الأمصار، ويُضمها كتابه (السبعة في القراءات)، ويذكر أن له كتاباً آخر في الشواذ من القراء(8)، وأيّاً ما كان موقف العلماء من تسبيعه السبعة(9)، فقد فتحت مكانة الرجل العلمية الباب لدراسات مستقلة في توجيه القراءات والاحتجاج لها، تمحورت حول ما في كتابيه من مرويات، فكانت الحجة لابن خالويه (ت370هـ) والحجة للفارسي (ت377هـ) والمحتسب لابن جنى (392هـ) والكشف لمكي بن أبي طالب (ت437هـ) وغيرها، مما عرّج بالفن من مرحلة الملاحظات الأولية أو المتفرقة إلى مرحلة الاستقلال والنضج؛ فاتضحت بذلك معالمه وترسخت أصوله"(10). ولا يزال الباحثون إلى يومنا هذا يتناولون موضوع توجيه القراءات بالدراسة والبحث، وسيأتي الوقوف مع كتب التوجيه هذه قديماً وحديثاً. المبحث الثاني مفهوم توجيه القراءات والاحتجاج لها لغة واصطلاحاًالمبحث الثاني مفهوم توجيه القراءات والاحتجاج لها إن الباحث في توجيه القراءات، يجد أنه قد ذاعت لهذا الفن أسماء أخر طالما يوافقها المرء في مؤلفاته وعبارات المهتمين به، من مثل: (حجة القراءات) و (وجوه القراءات) و(معاني القراءات) و(إعراب القراءات) و(علل القراءات) واجتمعت هذه الأسماء كلها تحت مصطلح (الاحتجاج) الذي كان أعمّها دلالة، واشيعها انتشاراً في محيط الدراسات اللغوية، فما معنى كل من الاحتجاج والتوجيه في اللغة والاصطلاح؟ الاحتجاج لغة(11):"الاحتجاج في اللغة؛ افتعال من الحَجَّ، وهو القصد، والحجّة: الدليل والبرهان، وهي الوجه الذي يكون به الظفر عند الخصومة، أو ما دُلَّ به على صحة الدعوى، والجمع حُجَجٌ وحِجاج. قال الأزهري: "إنما سميت حُجة؛ لأنها تُحجُّ، أي تُقصد؛ لأن القصد لها وإليها". واحتج بالشيء: اتخذه حجة(12). فالاحتجاج على ذلك هو تلمس الحجّة، ثم الإبانة عنها وإيضاحها. الاحتجاج اصطلاحاً: "قد ضنت علينا مصادر هذا الفن، والمتهمون به، بتقديم تعريف جامع مانع له، وأغلب الظن أنهم استعاضوا عن ذلك بعنوانات كتبهم التي تكشف عن مادته وهدفه، ويكفي أن تطالع في ذلك عنواناً مثل (الكشف عن وجوه القراءات السبع وعللها) لمكي ابن أبي طالب (ت437هـ) و(المحتسب في تبيين وجوه شواذ القراءات والإيضاح عنها) لابن جنى (ت392هـ) لنهتدي به في اقتراح تعريف له يمتاز به من سائر مجالات البحث الأخرى التي يرد فيها ولعل أقرب ما يعرف به أنه (فن يُعنى بالكشف عن وجوه القراءات وعللها وحججها، وبيانها والإيضاح عنها) (12). ومن هنا جاء لفظ الاحتجاج، فقد انبرى العلماء المحتجون لتوضيح حججهم، ولعل الداعي إلى سلوك هذا النهج هو بيان وجه اختيار القارئ للقراءة بهذا الوجه، والبرهنة على صحة القراءات الصحيحة، ردّاً على من يرتاب في صحتها، كما ساعد ذلك على بيان ثراء معاني القرآن العظيم، وتنوع دلالاته الناجمة عن تنوع القراءات. التوجيه لغة: أما التوجيه فهو مصدر للفعل وجَّه، وأصله من الوَجه، ووجه الكلام: السبيلُ الذي تقصده به، ويقال في المثل: وَجّهِ الحَجَر وِجهَةً ماله(13)، أي: ضعه على وجهه اللائق به، ويُضرب لمن لا يدبر الأمر على وجهه الذي ينبغي أن يوجه عليه، وكساء مُوجه، أي: ذو وجهين(14). التوجيه اصطلاحاً: "بناءً على ما سبق يتأتى مفهوم توجيه القراءات؛ فنراه يدور حول بيان الوجه المقصود من القراءة، أو تلمس الأوجه المحتملة التي يجرى عليها التغاير القرآني في مواضعه، سواء كانت هذه الوجوه –كما سيتضح – نقلية أم عقلية، وهو بذلك المفهوم لا يكاد يختلف عن سابقه كبير اختلاف، سوى أن بعض علمائنا المتأخرين قد آثروا استعماله على مصطلح الاحتجاج، وأظن أن الذي حملهم على ذلك –حسبما يتبادر إلى الذهن – هو شيوعه في مجال الدرس اللغوي، وارتباطه بأكثر من مصدر من مصادره؛ فعمدوا إلى تمييز القراءات من ذلك بمصطلح التوجيه، بل ذهبوا إلى تخصيصه بالبحث في وجوه المعاني المترتبة على اختلاف القراءات. فالزركشي (ت794هـ) يجعل النوع الثالث والعشرين من علوم القرآن في (معرفة توجيه القراءات، وتبيين وجه ما ذهب إليه كل قارئ) ويرى أنه "فن جليل" وبه تعرف جلالة المعاني وجزالتها، وقد اعتنى به الأئمة وأفردوا فيه كتباً... وفائدته كما قال الكواشي (ت680هـ): أن يكون دليلاً على حسب المدلول عليه أو مرجِّحاً"(15). بين التوجيه والاختيار شاع في محيط الدراسات التي تعنى بالقراءات القرآنية، إلى جانب مصطلحي الاحتجاج والتوجيه، مصطلح الاختيار، وهو مصطلح له دلالته الخاصة البعيدة والمستقلة عن مفهوم التوجيه والاحتجاج، لكن استعمال بعض العلماء لهذا المصطلح أو التعبير في أثناء توجيههم للقراءات، يدفعنا إلى الوقوف مع المصطلح لنتبين مقصود العلماء به. وهنا نجد أنفسنا مضطرين للتفريق بين مدلولي استعمال هذا المفهوم: الأول: استعمال علماء التوجيه لهذا المصطلح بعد توجيههم للقراءات وبيان الحجة لكل منها، ثم يردف بعضهم ذلك بقوله والاختيار عندي قراءة كذا، كما كان يفعل مكي بن أبي طالب وابن خالويه، ومن قبلهما الإمام الطبري وغيرهم، وهذا الاستعمال في هذا السياق يحدد أن المقصود بلفظ (الاختيار)، أي الوجه المرجح والذي له أولوية القبول من بين وجوه القراءة، وهم بذلك يفضلون قراءة صحيحة على قراءة مثلها، ويُحكمون بجواز تفاضل القراءات المتواترة من حيث المعنى والدلالة، وهو ما رفضه المحققون من العلماء، وهبّوا لتصحيح هذا الفهم، وهو ما سيأتي مزيد وقوف وتفصيل له في الفصل القادم (مشكلات في التعامل مع القراءات). وهذا الاستعمال لمفهوم الاختيار، ليس هو الذي يتبادر إلى الذهن حيث يطلق مفهوم (الاختيار) عند المشتغلين بعلم القراءات، ولا هو من مصطلحاتهم، بل له مفهوم خاص حدده هؤلاء العلماء، سنبينه بعد ذكر معناه في اللغة. الاختيار في اللغة: الاختيار في اللغة الاصطفاء والانتقاء واختار الشيء على غيره، فضّله عليه. وكذلك التخير، ويقال: خيّرته بين الشيئين، أي: فوّضت إليه الخيار، والخيار: الاسم من الاختيار(16). ويتحدث أستاذنا الدكتور فضل عباس(17) –حفظه الله- عن معنى الاختيار في الاصطلاح فيقول: "عرّف الشيخ طاهر الجزائري، الاختيار بقوله: "الاختيار عند القوم أن يعمد من كان أهلاً إلى القراءات المروية، فيختار منها ما هو الراجح عنده، ويجرد من ذلك طريقاً في القراءات على حده" (18). وقال القرطبي في تفسيره: "وهذه القراءات المشهورة هي اختيارات أولئك الأئمة القراء، وذلك أن كل واحد منهم اختار ممّا روي وعلم وجْهُهُ من القراءات ما هو الأحسن عنده والأولى، فالتزمه طريقة ورواه وأقرأ به واشتهر عنه وعرف به، ونسب إليه، فقيل حرف نافع وحرف ابن كثير"(19). وقد كان لكبار القرّاء اختيارات عن شيوخهم الذين تلّقوا عنهم، فقد كان شيبة، يقول: "انظر ما يقرأ أبو عمرو مما يختار لنفسه، سيصير إسناداً(20)، وقد كان للكسائي وليحيى بن سليمان ولأبي حاتم السجستاني اختيارات في القراءة( 21). قال ابن خالويه في الحجة: "وبعد، فإني تدّبرت قراءة الأئمة السبعة من أهل الأمصار الخمسة –مكة والمدينة والشام والبصرة والكوفة -. المعروفين بصحة النقل، وإتقان الحفظ، المأمونين على تأدية الرواية واللفظ، فرأيت كلاً منهم ذهب في إعراب ما انفرد به من حرفه مذهباً من مذاهب العربية لا يُدفع، وقَصَدَ من القياس وجهاً لا يُمنع، فوافق باللفظ والحكاية طرق النقل والرواية غيرَ مؤثرٍ للاختيار على واجب الآثار"(22). مما سبق ذكره نستطيع أن نتبين أن اختيارات القراء تقوم على ضوابط للاختيار، فمن تعريف الشيخ طاهر الجزائري نستنتجُ قيدين لا يقبل الاختيار دونهما: أولهما: أهلية من يختار، والثاني: أن يختار ممّا يروى وثبت نقله. مفهوم الاختيار في القراءات القرآنية إذن يعني: إن يختار القارئ من التابعين أو تابعي التابعين قراءة موصول السند إلى الرسول من مجموع الروايات التي أخذها عن شيوخه مجتهداً في اختياره. فالقارئ لا يخترع قراءته، ولا يؤلف عناصره من عند نفسه، بل يجتهد في انتخاب الرواية فالاختيار لا يكون إلا مما رواه الأئمة (وليس لأحد أن يأتي بوجه آخر لم ينقله علماء القراءة برغم الاختيار، لأن الاختيار أساسه الرواية كما هو ظاهر من تاريخ القراءات) (23). بعد ذلك يتضح أن هذا الاستعمال لمصطلح الاختيار هو المقبول، وهو استعمال له في مقام الرواية لا في مقام التوجيه، وأن الاستعمال الأول، لا يصح قبوله في التعامل مع القراءات، وهو يؤدي إلى خلل منهجي مرفوض. المبحث الثالث كتب توجيه القراءات عـــرض وتعــريف وتقـــويـم المبحث الثالث كتب توجيه القراءات عرض وتعريف وتقويم "من المعلوم أن الكتب التي تتصل بالقراءات اتخذت طريقين اثنين: الطريق الأول: الكتب التي اقتصر مؤلفوها على ذكر القراءات والقرّاء سواء أكانت السبعة أم العشرة، وقد يكون أقل من ذلك، كمصطلح الإشارات لابن القاصح، الذي تحدث عن ست قراءات، أو أكثر من العشرة كإتحاف فضلاء البشر في القراءات الأربع عشر للدمياطي، وهو اختصار لكتاب "لطائف الإشارات لفنون القراءات" لشهاب الدين القسطلاني وهو في القراءات الأربع عشر"(24). وهذا النمط من التأليف ليس موضوع بحثنا هنا. الطريق الثاني: الكتب التي لم يقتصر فيها أصحابها على القراءات والقرّاء، بل أضافوا إلى ذلك توجيهاً لكل قراءة، وهذه الكتب كثيرة متعددة، وصل بعضها إلينا وطبع وعني بقراءته وتحقيقه وإقامة الدراسات عليه العلماء والباحثون وطلاب العلم، بينما ما لم يصل إلينا، مما ذكرته كتب التراجم والفهارس، ربما يكون أكثر مما وصل إلينا. ونحن في هذه العجالة نذكر أسماء هذه الكتب ومؤلفيها حسب الترتيب الزمني لمؤلفيها مجرد ذكر، ونقف مع أشهر هذه الكتب موجزين التعريف بها وبأبرز ملامح منهجها. 1. كتاب في وجوه القراءات لأبي عبد الله هرون بن موسى الأعور النحوي (توفي في حدود 170هـ). قال أبو حاتم السجستاني: (كان أول من سمع بالبصرة وجوه القراءات وألفها وتتبع الشاذ منها فبحث عن إسناده هرون بن موسى الأعور، وكان من القراء) (25). 2. كتاب (الجامع) للإمام القارئ يعقوب بن إسحاق الحضرمي (205هـ)، جمع فيه عامة اختلاف وجوه القرآن، ونسب كل حرف إلى من قرأ به"(26). 3. كتاب (احتجاج القراء) لأبي العباس محمد بن يزيد المبرد (285هـ) ( 27). 4. كتاب (احتجاج القرأة) لأبي بكر محمد بن السري المعروف بابن السرّاج (316هـ)( ). ومات قبل أن يتم كتابه (28). 5. كتاب (الاحتجاج للقراء) لأبي محمد عبد الله بن جعفر بن دُرُستويه (347هـ) (29). 6. كتاب (الانتصار لحمزة) لأبي طاهر عبد الواحد البزار (349هـ) (30). ويبدو من عنوانه أنه احتجاج لقراءة حمزة. 7. كتاب السبعة بعللها الكبير لمحمد بن الحسن الأنصاري (351هـ) (31). 8. كتاب (احتجاج القرّاء في القراءة)، وكتاب (السبعة بعللها الكبير) لمحمد بن حسن بن يعقوب بن مقسم البغدادي النحوي (ت354هـ) (32). 9. كتاب (علل القراءات) وكتاب (معاني القراءات) وهو غير الأول، لأبي منصور محمد بن أحمد الأزهري، صاحب التهذيب اللغة (370هـ) (33). وكتاب معاني القراءات طبع، وحققه د. عبيد مصطفى درويش ود. عوض بن حمد الفوزي، يقولان في وصف أسلوبه ومنهجه ما ملخصه. الكتاب سهل الأسلوب يفهمه المتخصص وصاحب الثقافة العامة، وقد تناول السور حسب ترتيب المصحف، ولكنه يقدم بعض الآثار على بعض، ويذكر مواطن الاختلاف في القراءة ثم يوجه ذلك توجيهاً لغوياً. وقد اعتنى بالقرّاء السبعة عناية فائقة، ولكنه يذكر اسم يعقوب الحضرمي أحياناً، ويقل ذكره لأبي جعفر، وهو في مقدمته أشار إلى أن كتابه مختص بالقراءات السبع، ولكنه لم يقف عندهم، كذلك لم يتطرق إلى ذكر قراءة خلف العاشر لنعده معنياً بالقراءات العشر، لكننا نجده يقف عند القرّاء التسعة(34). 10. كتاب إعراب القراءات السبع وعللها لابن خالويه: (370هـ) طبع سنة 1992م، بتحقيق الدكتور عبد الرحمن بن سليمان العثيمين في مجلدين وصنع له مقدمة طويلة تعرف بالكتاب والمؤلف وقعت في (107) صفحات. منهج المؤلف فيه: يقول ابن خالويه في خطبة كتابه: "هذا كتاب شرحت فيه إعراب قراءات أهل الأمصار... ولم أعْد ذلك إلى ما يتصل بالإعراب من مشكل أو تفسير وغريب، والحروف بالقراءة الشاذة..." (35). ومع أنه ألزم نفسه بالقراءات السبع كما هو واضح من عنوان كتابه، وكما صرّح بذلك في مقدمته فقال: "ولا أذكر في هذا الكتاب إلا حروف السبعة" لكن المؤلف لم يلتزم بهذا، فذكر السبعة وغيرهم، وأحياناً يذكر القراءات الشاذة، هذا فضلاً على احتجاجه للسبعة بقراءة غيرهم ممن سبقهم. وابن خالويه كان لا يقبل أن يُخطأ أحد من القراء، وينص صراحة في كثير من المواضع على أن القراءة سنة متبعة لذا كان كثيراً ما كان يُردّ على أستاذه ابن مجاهد الذي أخذ عنه الدروس العلمية في القراءة والنظرية في نقل رواية القرّاء وهو متأثر جداً في كتابه بكتاب السبعة. إلا أن ابن خالويه بعد أن يوجه القراءات لا يمتنع عن اختياره قراءة على أخرى مستدلاً لها بوجوه الاستدلال، وهذا كما هو واضح خلل في المنهج، والتزم المؤلف بترتيب السور في تناوله للتوجيه، غير أنه لا يلتزم التزاماً كاملاً بترتيب الآيات(36). 11. الحجة في القراءات السبع المنسوب لابن خالويه: نشرت هذا الكتاب دار الشروق بتحقيق د. عبد العال سالم مكرم، ودار الكتب العلمية بتحقيق أحمد فريد المزيدي، ويشكك كثير من الباحثين في نسبة هذا الكتاب لابن خالويه، وقد عرض لهذا الموضوع وللمناقشات التي دارت حول ذلك، محقق كتاب إعراب القراءات لابن خالويه الدكتور عبد الرحمن العثيمين، وخلص إلى أن الكتاب ليس لابن خالويه والمرجح أنه لأحد تلاميذه وهو أحمد بن الصقر بن أحمد بن ثابت، أبو الحسن المنيجي(366هـ)(37). وأياً ما كان الأمر فهذا أحد كتب التوجيه التي عنيت بالقراءات السبع وهو كتاب مختصر غير متوسع وتقتصر في بيان منهجه على ما ذكره صاحبه يقول: ".... فإني تدبرت قراءة الأئمة السبعة من أهل الأمصار الخمسة المعروفين بصحة النقل، وإتقان الحفظ، المأمونين على تأدية الرواية واللفظ، فرأيت كلاً منهم قد ذهب في إعراب ما انفرد به من حرفه مذهباً من مذاهب العربية لا يدفع، وقصد من القياس وجهاً لا يمنع، فوافق باللفظ والحكاية طريق النقل والرواية غير مؤثر للاختيار على واجب الآثار. وأنا بعون الله ذاكر في كتابي هذا ما احتج به أهل صناعة النحو لهم في معاني اختلافهم، وتارك ذكر اجتماعهم وائتلافهم، معتمد فيه على ما ذكر القراءة المشهور، ومنكب عن الروايات الشاذة المنكورة، وقاصد قصد الإبانة في اقتصار، من غير إطالة ولا إكثار، محتذياً لمن تقدّم في مقالهم، مترجماً عن ألفاظهم واعتلالهم، جامعاً ذلك بلفظ بين جذل، ومقال واضح سهل، ليقرب على مريده، وليسهل على مستفيده، والله الموفق للسداد، والهادي إلى سبيل الرشاد، وهو حسبي وإليه المعاد"(38). 12. كتاب "الحجة في علل القراءات السبع"، لأبي علي حسن بن أحمد الفارسي (ت377هـ) قام فيه بتوجيه القراءات السبع التي أوردها ابن مجاهد في كتابه. وهو أوسع ما وصل إلينا من كتب الاحتجاج. وقد نشر من هذا الكتاب جزءان بتحقيق الأستاذ علي النجدي والدكتور عبد الحليم النجار والدكتور عبد الفتاح إسماعيل شلبي، دار الكتاب العربي 1965م، ثم بدأت دار المأمون للتراث بدمشق بطبعه عام 1404هـ –1984م، بتحقيق بدر الدين قهوجي وبشير جويجاني واكتمل في ستة مجلدات. وقامت أخيراً دار الكتب العلمية عام (2001) بنشره محققاً على يد الأستاذ كامل مصطفى هنداوي في أربعة مجلدات. طريقة المؤلف في كتابه: " كان الفارسي يبدأ بنص أبي بكر ابن مجاهد في كتابه "السبعة" في القراءات؛ فيذكر اختلاف القراء في الحرف الذي يريد بيان وجهه، مرتباً ذلك على ترتيب آي القرآن الكريم في الحروف التي وقع فيها الاختلاف، ثم يورد كلام أبي بكر بن السراج (ابن السري) ثم ينهي الحكاية عنه ثم يصدر احتجاجه بكلمة: "قاله أبو علي". واهتم أبو علي بإيراد كلام ابن السري في كتابه "احتجاج القراء" حتى انتهى القدر الذي تركه وذلك عند قوله تعالى: {ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ} (2) سورة البقرة وبعد هذه الآية يستقل أبو علي بالاحتجاج فلا يرد ذكر ابن السري. ولا يعمد أبو علي إلى اللفظ الذي وقع فيه الاختلاف بين القراء فيتحدث عنه مبيناً وجهه؛ بل يتناول الآية التي وقع فيها ذلك الحرف فيتحدث عن التفسير اللغوي لكلماتها، مستقصياً المعاني التي تحتملها هذه الكلمات، مورداً لكل معنى سنده من القرآن الكريم مستدلاً بأقوال أئمة اللغة السابقين ومستشهداً بما روي من الشعر جاهلية وإسلامية، وهكذا يمضي في الشرح اللغوي، ثم يتبعه بتصريف الكلمة – إن كانت تحتمل التصريف – ذاكراً الآراء المحتملة مستدلاً على كل رأي بما لديه من نصوص قرآنية وشعر وأقوال، ويذكر الرأي الذي يختار ويستدل عليه. ثم يخلص من ذلك إلى الحديث فيما يتصل بذلك من مسائل النحو فيذكر آراء ائمة النحاة من أمثال الخليل (ت 175هـ) والفراء (ت207هـ) والأخفش ت(215هـ) والمازني والمبرد (ت285هـ) وثعلب (ت 291هـ) وينتصر لفريق دون فريق، ويرى الرأي ويعززه بالأدلة والشواهد من النقل والقياس وفي غضون كل بحث من هذه البحوث يستطرد بذكر قضايا ويستدل عليها حتى ينتهي من ألفاظ الآية على هذا النحو لغة ونحواً وصرفاً وتفسيراً واحتجاجاً وتدليلاً، وقد يخلط ذلك كله بمسائل تتصل بالفقه والعقيدة والبلاغة، ثم يعود إلى إعراب الآية، وقد يذكر شيئاً من الأصول النحوية التي بنى عليها توجيه الأعرابي. وبعد هذه الجولة الواسعة المتقصية المستطردة يعود إلى بيان وجه قراءة كل قارئ راجعاً إلى أصل من أصول العربية. ولعل هذا التطويل الذي سلكه الفارسي في كتابه كان سبباً في انصراف بعض الناس عن كتابه، وفي هذا يقول ابن جني (ت392هـ) تلميذ الفارسي: "إن أبا علي – رحمه الله- عمل كتاب "الحجة في القراءات" فتجاوز فيه قدر حاجة القراء إلى ما يجفو عنه كثير من العلماء"(39). وقال أيضاً: "وقد كان شيخنا أبو علي عمل كتاب "الحجة" في قراءة السبعة فأغمضه وأطاله حتى منع كثيراً ممن يدعي العربية فضلاً عن القرأة منه، وأجفاهم عنه"(40). ومن أجل هذا تمنى الأستاذ سعيد الأفغاني(41) لو أن أحداً عرض مادة كتاب "الحجة" عرضا منسقاً يفي بحاجة أهل العلم وطلابهم ويجنبهم في الوقت نفسه مكارهة –في جزء لطيف مقتصراً فيه على ما يتعلق بتوجيه القراءات"(42). 13. كتاب "المحتسب في تبيين وجوه شواذ القراءات والإيضاح عنها" لأبي الفتح عثمان بن جني (ت392هـ): طبع هذا الكتاب بتحقيق علي النجدي ناصف وعبد الحليم النجار وعبد الفتاح شلبي، ونشرته دار سزكين سنة 1406هـ. طريقة المؤلف ومنهجه في كتابه: هذا الكتاب أوسع كتب توجيه شواذ القراءات، وهو على قدر كبير من الأهمية، ولندع صاحبه يحدثنا عن منهجه فيه ، يقول رحمه الله: "واعلم أن جميع ما شذ عن قراء القراء السبعة – وشهرتهم مغنية عن تسميتهم – ضربان: ضرب شذ عن القراءة عارياً من الصنعة، ليس فيه إلا ما يتناوله الظاهر مما هذه سبيله فلا وجه للتشاغل به، وذلك لأن كتابنا هذا ليس موضوعاً على جميع كافة القراءات الشاذة عن قراءة السبعة، وإنما الغرض منه إبانة ما لطفت صفته، وأغربت طريقته. وضرب ثان وهو هذا الذي نحن على سمته، أعني: ما شذ عن السبعة، وغمض عن ظاهر الصنعة، وهو المعتمد المعول عليه، المُولى جهة الاشتغال به. ونحن نورد ذلك على ما رويناه ثم على ما صح عندنا من طريق رواية غيرنا له، لا نألو فيه ما تقتضيه حال مثله من تأدية أمانته وتحري الصحة في روايته، وعلى أننا نُنَحّي فيه على كتاب أبي بكر أحمد بن موسى بن مجاهد رحمه الله الذي وضعه لذكر الشواذ من القراءة، إذ كان مرسوماً به، محنو الأرجاء عليه، وإذ هو أثبت في النفس من كثير من الشواذ المحكية عمن ليست له روايته، ولا توفيقه ولا هدايته"(43). ويلاحظ الدكتور محمد بازمول الملحوظات الآتية: 1. إن القراءات الشاذة عند ابن جني هي ما وراء السبعة، فكتابه "المحتسب" مشتمل على جملة كبيرة من القراءات الثلاثة المتممة للعشر، التي صحح أهل العلم تواترها مع السبعة في الجملة من طرقها المشهورة. وبناء على هذا فإن كتابه يحتوي على توجيه جملة كبيرة من القراءات الثلاث المتمة للعشر. 2. إن عمدة ابن جني في القراءات الشاذة هو مصنف ابن مجاهد الذي وضعه لذكر الشواذ من القراءة. وعليه فإن كتاب "المحتسب" يحمل بين ثناياه نسخة من كتاب "شواذ القراءة" لابن مجاهد بدون المقدمة. 3. إن منهج "المحتسب" قريب من منهج "الحجة" لأبي علي الفارسي رحمه الله(44) لا يكاد يخالفه إلا بمقدار ما تقتضيه طبيعة الاحتجاج لقراءة الجماعة والقراءة الشاذة، فأبو الفتح يعرض القراءة ويذكر من قرأ بها، ثم يرجع في أمرها إلى اللغة، يلتمس لها شاهداً فيرويه، أو نظيراً فيقيسها عليه، أو لهجة فيردها إليه ويؤنسها بها، أو تأويلاً أو توجيهاً فيعرضه في قصد وإجمال، أو تفصيل وافتنان على حسب ما يقتضيه المقام، ويتطلبه الكشف عن وجه الرأي في القراءة، وهو في الجملة أخذٌ بها واطمئنان إليها. وليس عجيباً ولا منكوراً أن يتشابه كتاب "الحجة" وكتاب "المحتسب" في المنهج على هذا النحو؛ فموضوعهما واحد، وصاحب "الحجة أستاذ لصاحب "المحتسب" ووحدة الموضوع تستدعي تشابهاً في علاج مسائله، وللأستاذ في تلميذه تأثير، وللتلميذ في أستاذه قدوة. على أن ابن جني كان يأخذ على كتاب "الحجة" إغماض أسلوبه، وطول الاحتجاج فيه حتى عي به القراء، وجفا عنه كثير من العلماء، فلم يشأ أن يكون في "المحتسب" كما كان شيخه من قبله في "الحجة" لهذا لا تراه يكثر مثله من الشواهد ولا يمعن إمعانه في الاستطراد، ولا يغمض إغماضه في الاحتجاج، وهو يذكر هذا وينبه عليه في مواطن شتى من الكتاب"(45). 14. كتاب "حجة القراءات" لأبي زرعة عبد الرحمن بن محمد بن زنجلة من علماء القرن الرابع الهجري. والكتاب في القراءات السبع،وقد طبعته مؤسسة الرسالة، بتحقيق الأستاذ سعيد الأفغاني يقول محقق الكتاب الأستاذ الأفغاني: "اتبع المؤلف في كلامه على القراءات الترتيب المعروف للسور من فاتحة الكتاب إلى خاتمته؛ فهو يذكر عنوان السورة، ثم يشرع في الكلام على الآيات التي فيها أوجه للقراءات على ترتيبها في السورة، فينسب كل قراءة إلى قارئها من السبعة ثم يذكر الحجة في قراءته، وينتقل إلى الوجه الآخر ذاكراً الحجة فيه أيضاً، وهو إذا وجد الحجة من القرآن نفسه بدأ بها، وإذا كانت الحجة في الحديث ذكره، كما يورد في ذلك الشعر والنثر من كلام العرب، ويورد كلاماً للغويين والنحويين، حتى إذا فرغ انتقل إلى آية بعدها مما فيه وجوه مختلفة متجاوزاً الآيات التي لا خلاف في قراءتها بين السبعة. ويمتاز كلامه وشرحه بالوضوح والإيجاز مكتفياً بأقل ما يقنع من الحجج، وإذا كان له اختيار ذكره بعد فراغه من عرض الوجوه المختلفة للقراءات الصحيحة"(46). 15. كتاب الكشف عن وجوه القراءات السبع وعللها وحججها، لمكّي بن أبي طالب القيسي (437هـ). الكتاب طبعته مؤسسة الرسالة بتحقيق ومجمع اللغة العربية بدمشق الدكتور محي الدين رمضان، في جزأين. يبين مكي في مقدمة كتابه مختصر منهجه فيقول: "كنت قد ألفت بالمشرق كتاباً مختصراً في القراءات السبع في سنة إحدى وتسعين وثلاثمئة وسمّيته "كتاب التبصرة" وهو فيما اختلف فيه القراء السبعة المشهورون، واضربت فيه عن الحجج والعلل ومقاييس النحو في القراءات واللغات طلباً للتسهيل، وحرصاً على التخفيف ووعدت في صدره أني سأولف كتاباً في علل القراءات ووجوهها واسمتيه: "كتاب الكشف عن وجوه القراءات" ثم تطاولت الأيام وترادفت الأشغال عن تأليفه وتبيينه ونظمه إلى سنة أربع وعشرين وأربعمئة ... وهأنذا حين أبدأ بذلك – أذكر علل ما في أبواب الأصول، دون أن أعيد ذكر ما في كل باب من الاختلاف؛ إذ ذاك منصوص في الكتاب الذي هذا شرحه، وأرتب الكلام في علل الأصول على السؤال والجواب. ثم إذا صرنا إلى فرش الحروف ذكرنا كل حرف ومن قرأ به وعلته وحجته كل فريق. ثم أذكر اختياري في كل حرف، وابنه على علة اختياري لذلك كما فعل من تقدمنا من أئمة المقرئين"(47). 16. الموضح شرح الهداية في القراءات السبع، للإمام أبي العباس أحمد بن عمّار المهدوي (440هـ) وهو مطبوع بتحقيق الدكتور حازم سعيد حيدر، ونشرته دار الرشد بالرياض. 17. الموضح لمذاهب القرّاء واختلافهم في الفتح والإمالة، لأبي عمرو عثمان بن سعيد الدّاني القرطبي (444هـ) (48). 18. كتاب "الجمع والتوجيه لما انفرد به الإمام يعقوب، لشريح بن محمد الرعيني (ت539هـ). وهو كتيب قامت دار عمّار في الأردن بطباعته بتحقيق الدكتور غانم قدوري الحمد، (وهو في حدود الستين صفحة خلا مقدمة المحقق والتعريف بالكتاب التي بلغت 30 صفحة). والكتاب يعلل لما انفرد بقراءته يعقوب معتمداً على ركائز ثلاث هي: 1- اللغة. 2-النحو. 3- التفسير والمعنى(49). 19. كشف المشكلات وإيضاح المعضلات في إعراب القرآن وعلل القراءات، لنور الدين أبي الحسن علي بن الحسين الباقولي، الملقب بجامع العلوم النحوي (543هـ). الكتاب طبعته دار عمّار في الأردن بتحقيق ودراسة الدكتور عبد القادر السعدي، إذ كان هذا الكتاب دراسة وتحقيقاً موضوع أطروحته للدكتوراه، ويقع الكتاب في مجلدين كبيرين، ويلخص لنا الدكتور السعدي منهج الباقولي فيه بما يأتي: - مهمته الأساسية البحث في القضايا الإعرابية المتعلقة بآيات القرآن، وطريقته في ذلك؛ أنه أدرج الآيات المتعلقة بكل موضوع إعرابي، تحت باب مستقل أطلق عليه اسم ذلك الموضوع، وجعلها (90) تسعين باباً. مثال ذلك: باب ما جاء من الآيات محذوفاً فيها المضاف. - عرض فيه بعض القراءات القرآنية، وأوضح ارتباطها بالجانب الإعرابي. - ويتضح من خلال هذه النقطة وسابقتها، أنه لم يتجرد للقراءات بل كانت القراءات تأتي فيه عرضاً أو بشكل جزئي تمليها طبيعة البحث، مع أن عنوان الكتاب يوحي بأنه يعتني بالقراءات عنايته بالإعراب. - سمة الكتاب العامة هي الإيجاز في عرض الموضوعات، ولكنه قد يفصّل القول في بعض الآيات إذا دعت الضرورة. - ضمن الكتاب بعض الدراسات البلاغية، وقد عقد لبعضها أبواباً خاصة، كالباب الخامس والثلاثين الذي خصصه للتجريد(50). 20. مفاتيح الأغاني في القراءات والمعاني، لأبي العلاء الكَرْماني، (المتوفى بعد563هـ): الكتاب طبعته دار ابن حزم، بيروت، في مجلد واحد، بتحقيق الدكتور عبد الكريم مصطفى مدلج، حيث نال المؤلف بتحقيق ودراسة هذا الكتاب، درجة الدكتوراه في اللغة العربية من جامعة بغداد، ومن تقديم المحقق للكتاب نورد هذا التعريف المختصر: - جاء هذا الكتاب معتدلاً متوسطاً بين كتب المطولات المملة والمختصرات المخلة، فكان بين ذلك قواماً. - لم يخرج الكتاب في أسلوبه العام وطريقة تناوله عن طريقة كتب الموجهين من حيث الاحتجاج للقراءات بآيات قرآنية أو بأحاديث نبوية، أو بأبيات من الشعر، أو بأقوال المفسرين أو أهل المعاني واللغة … وغير ذلك. - خرج المؤلف عن منهجه الذي بينه في مقدمته في أن كتابه جاء لبيان معاني القراءة عن القراء السبعة، إذ كان يذكر قراءة يعقوب من العشرة، بل ويذكر عدداً من القراءات الشاذة كقراءة الحسن البصري ورؤبة وإبراهيم بن أبي عبلة وغيرهم. - لم يلتزم ذكر جميع الحروف المختلف في قراءاتها، فكان يوجه قراءة ويغفل أخرى، وأحياناً لا يوجه أي قراءة يذكرها، أو أنه لا يصف القراءة وصفاً دقيقا. - نقل كثيراً من النصوص عن بعض الكتب من غير أن يشير إلى ذلك. - لم يلتزم بتسلسل الآيات الكريمات. فقد يذكر آية وحقها التأخير، أو يذكر غيرها وحقها التقديم. - وصف أكثر من قراءة متواترة بالرداءة أو القبح أو الرذالة أو غير ذلك من الأوصاف المستقبحة، التي لا تليق بقراءة متواترة متصلة السند برسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد أنكر عليه المحقق ذلك في الحواشي. - أقحم بعض الأقوال غير الصحيحة، كالخبر الباطل الذي ذكر طرفاً منه، وهو منسوب إلى سيدنا عثمان رضي الله عنه، ومفاده: أن في الكتاب غلطاً ستقيمه العرب بألسنتها، وكان يحسن بالمؤلف أن لا يأتي بشيء من هذا فضلاً عن أنه يكتب في علم يعتمد على الرواية والنقل المتواتر(51). 21. كتاب "الموضح في وجوه القراءات وعللها، للإمام أبي عبد الله نصر بن علي الشيرازي المعروف بابن أبي مريم (بعد 565هـ). الكتاب طبعته الجماعة الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بجدة، وقد نال به محققه الدكتور عمر حمدان الكبيسي درجة الدكتوراه، وقد وقع في مجلدات ثلاثة. ويبين لنا محققه أبرز معالم الكتاب ونحن نختصرها بما يأتي. - الكتاب مختص بتوجيه القراءات الثمانية، قراءات القراء السبعة بالإضافة إلى قراءة يعقوب الحضرمي. - يوضح المؤلف وجه كل قراءة من القراءات التي يذكرها بأسلوب مختصر، غير مخل بالمقصود. - يورد أحياناً بعض القراءات الشاذة ويوجهها. - يفرق المؤلف بين الوجه والحجة، وأحياناً يعبر عن الوجه بالعلة، فالوجه هو العلة اللغوية، أما الحجة فهو ما يدعم القراءة من آيات قرآنية بما فيها من قراءات مختلفة. - ولذلك لم يسمِّ كتابه (الحجة) أو (الاحتجاج)، وسماه: الموضح في وجوه القراءات وعللها. - مع أن المؤلف يؤثر الأثر في القراءة على الوجه اللغوي الفصيح، إذ القراءة سنة، إلا أن له اختيارات في القراءات بناءً على ترجيحه لوجه على آخر(52). 22. كتاب "تلخيص علل القرآن" لأبي الفضل حبيش بن إبراهيم التفليسي (629هـ) (53). 23. كتاب "تحفة الأقران فيما قرئ بالتثليث من حروف القرآن" لأحمد بن يوسف الرعيني (ت777هـ). الكتاب طبعته دار المنارة، جدة، بتحقيق الدكتور علي حسين البّواب. ;
__________________
قلب لايحتوي حُبَّ الجهاد ، قلبٌ فارغ .! فبالجهاد كنا أعزة .. حتى ولو كنا لانحمل سيوفا .. |
#2
|
||||
|
||||
__________________
قلب لايحتوي حُبَّ الجهاد ، قلبٌ فارغ .! فبالجهاد كنا أعزة .. حتى ولو كنا لانحمل سيوفا .. |
#3
|
||||
|
||||
جزاك الله خيرا
|
العلامات المرجعية |
|
|