|
أرشيف المنتدى هنا نقل الموضوعات المكررة والروابط التى لا تعمل |
|
أدوات الموضوع | ابحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
رسالة المأمون في إلزام الأمة بخلق القرآن
الحمد لله الذي أحكم ما خلق وقدر ، وعدل فيما قسم بين خلقه ودبر ، وأنذر الوليد بن المغيرة لما فَكَّرَ وَقَدَّرَ ، فَقُتِل كَيْفَ قَدَّرَ ثُمَّ قُتِل كَيْفَ قَدَّرَ ثُمَّ نَظَرَ ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ ثُمَّ أَدْبَرَ ، وقال عن القرآن إِنْ هَذَا إِلا سِحْرٌ يُؤْثَرُ إِنْ هَذَا إِلا قَوْلُ البَشَرِ ، فتوعده الله بسقر ، فقال سبحانه وتعالي : ( إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ ، فَقُتِل كَيْفَ قَدَّرَ ثُمَّ قُتِل كَيْفَ قَدَّرَ ثُمَّ نَظَرَ ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ فَقَال إِنْ هَذَا إِلا سِحْرٌ يُؤْثَرُ إِنْ هَذَا إِلا قَوْلُ البَشَرِ سَأُصْليهِ سَقَرَ وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ لا تُبْقِي وَلا تَذَرُ لوَّاحَةٌ للبَشَرِ عَليْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ ) (المدثر:22) وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، (يَا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا اتَّقوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا يُصْلحْ لكُمْ أَعْمَالكُمْ وَيَغْفرْ لكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللهَ وَرَسُولهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) ، ( يَا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَلتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لغَدٍ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ) ، أما بعد .
فإن نصوص القرآن والسنة أثبتت صفة الكلام لله عز وجل ، فالآيات والأحاديث التي لا حصر لها ، تدل على أن الله يتكلم متي شاء وإذا شاء وكيف شاء وأنه سبحانه يتكلم بحرف وصوت يسمع ، سمعه جبريل من الله ، وسمعه موسي عليه السلام ، وسمعه محمد صلي الله عليه وسلم ، فلا عبرة بقول المعتزلة في زعمهم إن القرآن مخلق خلقه الله ولم يتكلم به ، فإنهم يعارضون القرآن وما جاء في قوله : ( تِلكَ الرُّسُلُ فَضَّلنَا بَعْضَهُمْ على بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلمَ اللهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ ) ( البقرة : 253 ) وآيات القرآن أكثر من أن تحصي . وقد بوب الإمام البخاري أبوابا كثيرة في إثبات كلام الربِّ عزَّ وجل يوم القيامةِ ، مع الأنبياء وأهل الجنة وغيرهم وروي من حديث عبد اللهِ بن مسعود أن رسول اللهِ صلي الله عليه وسلم قال : ( إن آخِرَ أهل الجنة دخولاً الجنة ، وآخِرَ أهل النار خروجاً من النارِ رجلٌ يخرجُ حَبْواً ، فيقول له ربُّه : ادخل الجنةَ ، فيقولُ : رب الجنةُ ملأي ، فيقول له ذلكَ ثلاثَ مَرَّات ٍ، فكلُّ ذلك يعيد عليه ، الجنة ملأي ، فيقول : إنَّ لكَ مثل الدنيا عشرَ مرار ) ، ومن حديث عدي بن حاتم ، قال رسولُ الله صلي الله عليه وسلم : ( ما منكم من أحدٍ إلا سيُكلمهُ ربهُ ليس بينَهُ وبينَهُ ترجمان ، فينظرُ أيمنَ منهُ فلا يري إلاّ ما قدَّمَ من عمله ، وينظرُ أَشْأَمَ منه فلا يَرَي إلا ما قدَّمَ ، وينظرُ بين يديه فلا يري إلاَّ النارَ تِلقاء وجهه ، فاتَّقوا النار ولو بِشقِّ تمرة ) . ومن حديث صفوان بنِ مُحْرِز أنَّ رجلاً سأل ابن عُمر: كيف سمعتَ رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول في النجوي ؟ قال : يدنو أحدُكم من ربِّه حتى يضع كنفه عليه – يعنى ستره – فيقول : أعملتَ كذا وكذا ؟ فيقول ُ: نعم ، ويقول : عملتَ كذا وكذا؟ فيقول : نعم ، فيقررهُ ثم يقول : إني سَترتُ عليك في الدنيا ، وأنا أغفِرها لك اليوم ) ، وفي كلام الله مع أهل الجنة روي أبو سعيدٍ الخُدرِيِّ رضي الله عنه أن النبيُّ صلي الله عليه وسلم قال : ( إن اللهَ يقولُ لأهل الجنةِ: يا أهل الجنةِ ، فيقولون: لبيْك ربنا وسعدَيك ، والخير في يَدَيْك ، فيقول : هل رضيتُم ؟ فيقولون : وما لنا لا نَرضي يا رب وقد أعطيتَنا ما لم تُعطِ أحداً من خلقِك فيقول ألا أُعطيكُم أفضَل من ذلك ؟ فيقولون : يا ربّ وأيُّ شيء أفضلُ من ذلك ؟ فيقول : أُحِلُّ عليكم رِضواني فلا أسخَطُ عليكم بعدَهُ أبدا ) . |
#2
|
||||
|
||||
ومن حديث أبي هريرة أن النبيَّ صلي الله عليه وسلم كان يوماً يُحدثُ وعندَه رجلٌ من أهل الباديةِ أنَّ رجلاً من أهل الجنة استأذَنَ ربَّهُ في الزَّرع فقال : أو لستَ فيما شئت ؟ قال : بلي ولكني أحبُّ أن أزرعَ ، فأسرعَ وبذر فتبادَرَ الطَّرْفَ نباته واستواؤه واستحصاؤه وتكويرهُ أمثال الجبال فيقول اللّهُ تعالى : دونَك يا ابن آدم فإِنه لا يُشبعُك شيءٌ ، فقال الأعرابيُّ يا رسول الله لا تَجِد هذا إِلاَّ قُرشياً أو أنصارِيّاً فإِنَّهم أصحابُ زَرْعٍ فأمَّا نحن فَلسنا بأصحابِ زَرْعٍ ، فضحِك رسولُ الله ِ ) .
فالأدلة تواترت على أنه سبحانه يتكلم إذا شاء بما شاء وكيف شاء ، وأن كلامه يسمع وأن القرآن الكريم الذي هو سور وآيات وحروف وكلمات هو عين كلامه حقا ، لا هو من تأليف ملك ، ولا هو من تأليف ملك بشر ، فلما أصر أهل الاعتزال على نفي صفة الكلام عن الله تبادر إلي الذهن سؤال هام وهو : إذا كان الله لا يتكلم فهذا القرآن كلام من ؟ ومن الذي تكلم به ؟ فقالوا تكلم به محمد ، ومحمد مخلوق إذا كلامه مخلوق ، فهذا القرآن مخلوق خلقه الله كما خلق سائر الأشياء ، أما هو سبحانه وتعالي ، فلا يتكلم عندهم ولا يكلم أحدا من خلقه ، فمرة ينسبوه إلي جبريل ! ومرة ينسبوه إلي محمد صلي الله عليه وسلم ! ومرة يزعمون أن الله كان ولم يكن عرب ولا كلام عربي ، فالله خلق القرآن كما خلق العرب ! وغير ذلك من ألوان التخبط في الأدلة والتضارب في القول ، وقد عبر ابن القيم عن ذلك في نونيته ، فقال عن تضاربهم وتهافت قولهم مستهزءا بعقيدتهم : إن الذي جاء الرسول به لمخلوق ولم يسمع من الديان - والخلف بينهم فقيل محمد أنشاه تعبيرا عن القرآن والآخرون أبوا وقالوا إنما جبريل أنشاه عن المنان - وتكايست أخرى وقالت إنه نقل من اللوح الرفيع الشان لكن أهل الحق قالوا إنما جبريل بلغة عن الرحمن - ألقاه مسموعا له من ربه للصادق المصدوق بالبرهان . |
#3
|
||||
|
||||
ولما وقع الخليفة العباسي المأمون بن هارون الرشيد ، لما وقع بجهله في شباكهم فرض على الناس هذه البدعة الكبرى ، بدعة القول بخلق القرآن ، وانقسم الناس وقتها إلي فريقين :
الفريق الأول : فريق يتابع الخليفة المأمون في رأي المعتزلة وينفون صفة الكلام عن الله ، ويتنكرون لكلام الله في القرآن ، ويعتقدون أن القرآن مخلوق ، ومن قال بغير ذلك فهو عندهم كافر مشبه ، ضال مضل ، يستوجب السيف والقتل ، وهؤلاء هم أهل القوة والمكانة ، وأتباع الخليفة والسلطان ، فالمأمون استخدم قوة الدولة في تأييد هذا الرأي ، وإلزام الناس بهذه البدعة ، وأصبحت آراء المعتزلة قضية على رأس القضايا في اهتمامات الدولة ، بل من أولي الاهتمامات في الخلافة الإسلامية ، فالمسألة لم تعد كلاما فاسد ، يطوف على ألسنة الناس بين متأفف ومستحسن ، بل أصبح الأمر خطرا داهما يهدد كافة المسلمين في كل مكان ، يوجه فيه أضعف الناس قوة السلطان . الفريق الثاني : فريق مستضعف يمثلون علماء أهل السنة والجماعة ، وعامة الناس من الضعفاء وغيرهم ، وهؤلاء يقولون بأن القرآن كلام الله غير مخلوق ، ويؤمنون بما ورد من صفات الله في كتاب الله وسنة رسوله ، من غير تمثيل ولا تكييف ولا تعطيل ولا تحريف ، عامة الناس لا يجرؤون على تحريف الكلم عن مواضه بالتأويلات الممقوتة التي ألفها أهل البدعة ، وقد اشتدت المواجهة بين الفريقين إلي أن امتحن فيها الناس أشد امتحانا ، فلم يبق أحد من فقيه ولا محدث ، ولا مؤذن ولا معلم ، إلا أخذ بالمحنة ، وهرب كثير من الناس فرارا بدينهم ، وملئت السجون بمن أنكر على أهل البدعة ، المعتزلة أتباع الخليفة ، وقد وصل التحدي إلي أن أمر الخليفة المأمون ، أن يكتب على أبواب المساجد : ( لا اله إلا الله رب القرآن المخلوق ) ، ومنع المأمون الفقهاء من أصحاب مالك والشافعي وأحمد من الجلوس للفتيا في المساجد وتبليغ العلم ، لأنهم خالفوا المأمون خليفة المسلمين وصرحوا بأنه يعيش في وهم ، فاعتبر المأمون ذلك منهم معارضة لسياسة الدولة . |
#4
|
||||
|
||||
وقد ظهر ابتلاء جديد في ساحة المواجهة بين السنة والبدعة ، بين أهل العلم الضعفاء الأقوياء بالحق وبين الخليفة الظالم وأعوانه ، الأقوياء بالسلطان الضعفاء بالمبدعة والشك ، هذا الابتلاء أصبح موجا لكل فرد من أفراد الأمة ، سواء كان من العامة أو الخاصة ، فواجب على كل فرد أن يقر بالبدعة الكبري ، بقول الخليفة وبمذهب الاعتزال ، وينكر الأخبار والآثار تحقيقا لسلامته إن شاء البقاء على قيد الحياة ، وإلا سيواجه قوة الدولة بمفرده ، وقد نصر الله سنته وأعز دينه بالإمام أحمد بن حنبل ، هذا الحبر العالم الجليل ، الذي وقف لله وقفة يضرب بها المثل في الثبات على الحق والتمسك بالسنة حتى قيل : أبو بكر ليوم الردة وعمر ليوم السقيفة وأحمد ليوم البدعة .
وعند البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه لما عزم أبو بكر على قتال مانعي الزكاة قال له عمر بن الخطاب رضي الله عنه : كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها ) فقال أبو بكر رضي الله عنه : الزكاة حق المال ، والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة ، والله لو منعوني عناقا كانوا يؤدونها إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعها ) ففهم عمر وجماعة من الصحابة أن من أتي بالشهادتين امتنع من عقوبة الدنيا بمجرد ذلك فأرادوا أن يتوقفوا في قتال مانع الزكاة ، وفهم أبو بكر الصديق أن لها حقوقا لا تمنع القتال إلا بأدائها لقوله صلي الله عليه وسلم : ( فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم إلا بحقها وحسابهم على الله ) فلما قرر أبو بكر رضي الله عنه هذا الأمر للصحابة رجعوا إلي قوله ورأوه صوابا قال عمر رضي الله عنه : ( فوالله ما هو إلا أن رأيت أن الله تعالى قد شرح صدر أبي بكر لقتالهم فعرفت أنه الحق ) فوقف الجميع مع أبي بكر في قتال المرتدين ومانعي الزكاة حتى نصرهم الله وأعز دينه ، فكانت وقفة أبي بكر عاصمة من قاسمة كادت تحل بالأمة الإسلامية . وروي البخاري 6328 من حديث عمر بن الخطاب أنه قال : ( كَانَ مِنْ خَبَرِنَا حِينَ تَوَفي اللهُ نَبِيَّهُ صَلي الله عَليْهِ وَسَلمَ أَنَّ الأَنْصَارَ خَالفُونَا وَاجْتَمَعُوا بِأَسْرِهِمْ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ وَخَالفَ عَنَّا على وَالزُّبَيْرُ وَمَنْ مَعَهُمَا وَاجْتَمَعَ المُهَاجِرُونَ إلي أَبِي بَكْرٍ فَقُلتُ لأَبِي بَكْرٍ يَا أَبَا بَكْرٍ انْطَلقْ بِنَا إلي إِخْوَانِنَا هَؤُلاءِ مِنَ الأَنْصَارِ فَانْطَلقْنَا نُرِيدُهُمْ فَلمَّا دَنَوْنَا مِنْهُمْ لقِيَنَا مِنْهُمْ رَجُلانِ صَالحَانِ فَذَكَرَا مَا تَمَالأَ عَليْهِ القَوْمُ – اتفقوا وتواصوا - فَقَالا أَيْنَ تُرِيدُونَ يَا مَعْشَرَ المُهَاجِرِينَ فَقُلنَا نُرِيدُ إِخْوَانَنَا هَؤُلاءِ مِنَ الأَنْصَارِ فَقَالا لا عَليْكُمْ أَنْ لا تَقْرَبُوهُمُ اقْضُوا أَمْرَكُمْ فَقُلتُ وَاللهِ لنَأْتِيَنَّهُمْ فَانْطَلقْنَا حتى أَتَيْنَاهُمْ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ فَإِذَا رَجُلٌ مُزَمَّلٌ – يعنى ملتف في ثيابه - بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ فَقُلتُ مَنْ هَذَا ؟ فَقَالُوا هَذَا سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ فَقُلتُ مَا لهُ قَالُوا يُوعَكُ فَلمَّا جَلسْنَا قَليلا تَشَهَّدَ خَطِيبُهُمْ فَأَثْنَي على اللهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ قَال أَمَّا بَعْدُ فَنَحْنُ أَنْصَارُ اللهِ وَكَتِيبَةُ الإِسْلامِ وَأَنْتُمْ مَعْشَرَ المُهَاجِرِينَ رَهْطٌ وَقَدْ دَفَّتْ دَافَّةٌ مِنْ قَوْمِكُمْ –جاء إلينا نفر منكم - فَإِذَا هُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يَخْتَزِلُونَا مِنْ أَصْلنَا وَأَنْ يَحْضُنُونَا مِنَ الأَمْرِ – يعني ينفردون بأمر الحكم دوننا ويقطعونا منه – يقول عمر فَلمَّا سَكَتَ أَرَدْتُ أَنْ أَتَكَلمَ وَكُنْتُ قَدْ زَوَّرْتُ مَقَالةً أَعْجَبَتْنِي أُرِيدُ أَنْ أُقَدِّمَهَا بَيْنَ يَدَيْ أَبِي بَكْرٍ ، فَلمَّا أَرَدْتُ أَنْ أَتَكَلمَ قَال أَبُو بَكْرٍ على رِسْلكَ فَكَرِهْتُ أَنْ أُغْضِبَهُ فَتَكَلمَ أَبُو بَكْرٍ فَكَانَ هُوَ أَحْلمَ مِنِّي وَأَوْقَرَ وَاللهِ مَا تَرَكَ مِنْ كَلمَةٍ أَعْجَبَتْنِي فِي تَزْوِيرِي إِلا قَال فِي بَدِيهَتِهِ مِثْلهَا أَوْ أَفْضَل مِنْهَا حتى سَكَتَ فَقَال مَا ذَكَرْتُمْ فِيكُمْ مِنْ خَيْرٍ فَأَنْتُمْ لهُ أَهْلٌ وَلنْ يُعْرَفَ هَذَا الأَمْرُ إِلا لهَذَا الحَيِّ مِنْ قُرَيْشٍ هُمْ أَوْسَطُ العَرَبِ نَسَبًا وَدَارًا وَقَدْ رَضِيتُ لكُمْ أَحَدَ هَذَيْنِ الرَّجُليْنِ فَبَايِعُوا أَيَّهُمَا شئتمْ فَأَخَذَ بِيَدِي وَبِيَدِ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الجَرَّاحِ وَهُوَ جَالسٌ بَيْنَنَا فَلمْ أَكْرَهْ مِمَّا قَال غَيْرَهَا كَانَ وَاللهِ أَنْ أُقَدَّمَ فَتُضْرَبَ عُنُقِي لا يُقَرِّبُنِي ذَلكَ مِنْ إِثْمٍ أَحَبَّ إلي مِنْ أَنْ أَتَأَمَّرَ على قَوْمٍ فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ اللهُمَّ إِلا أَنْ تُسَوِّل إلي نَفْسِي عِنْدَ المَوْتِ شَيْئًا لا أَجِدُهُ الآنَ فَقَال قَائِلٌ مِنَ الأَنْصَارِ أَنَا جُذَيْلُهَا المُحَكَّكُ – يعني أنا ممن يعتد برأيه ويعتمد عليه - وَعُذَيْقُهَا المُرَجَّبُ – ثمار النخل يقصد أنه السيد المعظم الذي يشبه أجود النخل مِنَّا أَمِيرٌ وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ فَكَثُرَ اللغَطُ وَارْتَفَعَتِ الأَصْوَاتُ حتى فَرِقْتُ مِنَ الاخْتِلافِ فَقُلتُ ابْسُطْ يَدَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ فَبَسَطَ يَدَهُ فَبَايَعْتُهُ وَبَايَعَهُ المُهَاجِرُونَ ثُمَّ بَايَعَتْهُ الأَنْصَارُ ، فكانت وقفة عمر بن الخطاب عاصمة من قاسمة كادت أن تحل بالأمة الإسلامية وَلكِنَّ اللهَ وَقَاهم شَرَّهَا على يد عمر . أما أحمد بن حنبل فقال الميمون : قال لي على بن المديني بعدما امتحن أحمد بن حنبل ، يا ميمون : ما قام أحد في الإسلام أحد مثل ما قام أحمد بن حنبل ، قال مييمون : فعجبت من هذا عجبا شديدا ، وذهبت إلي أبي عبيد القاسم بن سلام فحكيت له مقالة على بن المديني ، فقال : صدق ، إن أبا بكر وجد له يوم الردة أنصارا وأعوانا ، وإن أحمد لم يكن له أنصار ولا أعوان . وقد بدأت المحنة الحقيقية سنة 218 هـ عندما أرسل المأمون كتابه الشهير الذي طلب فيه من الولاة أن يختبروا أهل العلم في القول بخلق القرآن ، أرسل كتابه الشهير إلي اسحاق بن إبراهيم وإلي الخليفة على بغداد يلزم الناس فيه بأن يقروا بخلق القرآن تأييدا لرأي المعتزلة فجاء فيه : |
#5
|
||||
|
||||
( أما بعد فإن حق الله على أئمة المسلمين وخلفائهم الاجتهاد في إقامة دين الله الذي استحفظهم ، ومواريث النبوة التي أورثهم ، وأثر العلم الذي استودعهم ، والعمل بالحق في رعيتهم ، والتشمير لطاعة الله فيهم ) ، الاجتهاد المحمود هو الاجتهاد المبذول لخدمة دين الله بعد تقديم النصوص فلا اجتهاد مع نص ، ولكن الاجتهاد الذي بذله المأمون ودعا إليه اجتهاد مغرور لهدم دين الله دون أن يدري ، فإذا وصل الأمر بالخليفة إلي أن يعتقد في آراء المعتزلة والقول بخلق القرآن ونفي صفة الكلام عن الله وتشبيه الله بالعاجز عن الكلام ورد ما جاء في الكتاب والسنة مما يدل على إثبات صفة الكلام لله ، ثم يدعو إلي ذلك ويسمي ذلك عملا بالحق في الرعية فهذا هو شر البلية في كل وقت ، أن يكون الحكام على ضلال وجهل وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا لدينهم وبلادهم ، فلو مات المأمون على عقيدة العجائز من العامة لكان خيرا له .
يقول المأمون : ( والله يسأل أمير المؤمنين أن يوفقه لعزيمة الرشد وصريمته ، والإقساط فيما ولاه الله من رعيته برحمته ومنته ) ، الله لا يوفقه ولا يوفق أمثاله من أهل الحكام أهل البدعة والضلالة ، وبالفعل لم يوفقه الله فقد مات بدعاء الإمام أحمد عليه ، فلما أهان الإمام أحمد وحمله مقيد على بعير في أسوأ حال ، وقطع في الترحيل إلي المأمون مئات الأميال ، واقتربا من معسكر الخليفة ونزلوا على مسافة منه ، وجاء خادم المأمون يبكي ويمسح دموعه ، قائلا : يعز على يا أبا عبد الله إن المأمون قد سل سيفا لم يسله من قبل ، وأقسم بقرابته من رسول الله صلي الله عليه وسلم لئن لم تجبه إلي القول بخلق القرآن ليقتلنك بذلك السيف ، ومعلوم أن القسم لا يجور بالرسول ولا بقرابته من الرسول من كان حالفا فليحلف بالله ، فرفع الإمام أحمد بصره إلي السماء وجثي على ركبتيه ودعا ربه قائلا : سيدي ومولاي غر حلمك هذا الفاجر حتى تجرأ على أوليائك بالضرب والقتل ، اللهم فإن يكن القرآن كلامك غير مخلوق فاكفنا مؤنته ، فما أن انتهي من دعائه حتى طار الخبر في كل مكان في الثلث الأخير من الليل ، مات المأمون ، مات الخليفة ودخل رجل يبشرهم قائلا : البشري قد مات الرجل ) . فالمأمون يقول في خطابه : ( والله يسأل أمير المؤمنين أن يوفقه لعزيمة الرشد وصريمته ، والإقساط فيما ولاه الله من رعيته ، برحمته ومنته ) فالله عز وجل بقدرته انتصر لحزبه ولم يوفق هذا المبتدع الظالم وأماته مقهورا بغيظه ، اسمعوا بقية ما جاء في رسالته : ( وقد عرف أمير المؤمنين أن الجمهور الأعظم ، والسواد الأكبر ، من حشو الرعية وسفلة العامة ، ممن لا نظر له ولا روية ، ولا استدلال له بدلالة الله وهدايته ، والاستضاءة بنور العلم وبرهانه ، في جميع الأقطار والآفاق ، أهل جهالة بالله وعمي عنه ، وضلالة عن حقيقة دينه ، وتوحيده والإيمان به ، ونكوب عن واضحات أعلامه ، وواجب سبيله ، وقصور أن يقدروا الله حق قدره ، ويعرفوه كنه معرفته ، ويفرقوا بينه وبين خلقه ، لضعف آرائهم ونقص عقولهم ، وجفائهم عن التفكير والتذكر ) . المأمون وصف عامة الناس بالجهالة والضلالة وأنهم حشو الأمة وسفلة لا قيمة لهم وأنهم لا يحسنون النظر والاستنباط لضعف آرائهم ونقص عقولهم ، وجفائهم عن التفكير ، ووصف نفسه ومن كان على منهجه من المعتزلة بأنهم هم العلماء وأهل الحق وأساس الأمة ولديهم علو الهمة لقوة آرائهم بزعمهم وكمال عقولهم ، يا ليت المأمون كان من العامة ولم يدخل نفسه في مزبلة البدع ، ووصمة العار التي لحقته عبر صفحة التاريخ ، فمعلوم أن عامة الناس على الإيمان الفطري المجمل الذي يقتضي التسليم والتعظيم لأمر الله والتصديق لكل خبر جاء في كتاب الله وفي سنة رسوله الله ، وفي صحيح مسلم من حديث سُفْيَانَ بْنِ عَبْدِ الله الثَّقَفِيِّ أنه قَال : قُلتُ: يَا رَسُول اللّهِ قُل لي فِي الإِسْلاَمِ قَوْلاً ، لاَ أَسْأَلُ عَنْهُ أَحدا بَعْدَكَ ، وَفِي رواية لاَ أَسْأَلُ عَنْهُ أَحدا غَيْرَكَ ، قَال : قُل آمَنْتُ بِالله فَاسْتَقِمْ ) ، أي نفذ كل أمر بلغك في كتاب الله وسنة رسوله ، وصدق كل خبر ورد فيهما ويكفيك ذلك ولم يطالبه الرسول أن يقول إن القرآن مخلوق وأنه من الضروري أن يكون من المعتزلة حتى يؤمن . ومعلوم أن العامة في الإيمان على ما نصح به الرسول سفيان ، يعظمون كتاب الله بتصديق خبره كلما سمعوه ، وتنفيذ أمره كلما علموه ، وهذا هو الإيمان المجمل ، ولذلك ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية أن الإيمان الذي فرضه الله على العباد غير متماثل في حق العباد والإيمان الذي يجب على شخص لا يجب مثله على كل شخص ، فإن اتباع الأنبياء المتقدمين أوجب الله عليهم من الإيمان ما لم يوجبه على أمة محمد ، وأوجب على أمة محمد من الإيمان ما لم يوجبه على غيرهم ، والإيمان الذي كان يجب قبل نزول جميع القرآن ، ليس هو مثل الإيمان الذي يجب بعد نزول القرآن ، والإيمان الذي يجب على من عرف ما أخبر به الرسول مفصلا ، ليس مثل الإيمان الذي يجب على من عرف ما أخبر به مجملا ، فإنه لابد في الإيمان من تصديق الرسول في كل ما أخبر ، لكن من صدق الرسول ومات عقب ذلك دون أن يعرف تفاصيل الأحكام والأخبار ، لم يجب عليه من الإيمان غير ذلك ، وأما من بلغه القرآن والأحاديث وما فيهما من الأخبار والأوامر المفصلة فيجب عليه من التصديق المفصل بخبر خبر وأمر أمر ، ما لا يجب على من لم يجب عليه إلا الإيمان المجمل ، لموته قبل أن يبلغه شيء آخر ، وأيضا لو قدر أنه عاش فلا يجب على كل واحد من العامة ، أن يعرف كل ما أمر به الرسول ، وكل ما نهي عنه وكل ما أخبر به ، بل إنما عليه أن يعرف ما يجب عليه هو وما يحرم عليه ، فمن لا مال له لا يجب عليه أن يعرف أمره المفصل في الزكاة ، ومن لا استطاعة له على الحج ليس عليه أن يعرف أمره المفصل بالمناسك ، ومن لم يتزوج ليس عليه أن يعرف ما وجب للزوجة ، فصار يجب من الإيمان تصديقا وعملا على أشخاص ما لا يجب على آخرين ، فالعامة ليس كما وصفهم المأمون أهل جهالة وضلالة وأنهم حشو وسفلة ولا قيمة لهم وأنهم لا يحسنون النظر والاستنباط لضعف آرائهم ونقص عقولهم ، بل هم أعلم بالله من المأمون وأمثاله من المتكلمين والنظار . |
#6
|
||||
|
||||
وكثير ممن سلك نهج المأمون وجدوا طريق العقل غير مأمون ، تركوا جميع ما قرروه ورجعوا إلي دين العامة الذي عليه العجائز والأعراب ، كما قال أبو المعالي الجوينى عند موته : ( لقد خضت البحر الخضم وخليت أهل الإسلام وعلومهم ودخلت في الذي نهوني عنه ، والآن إن لم يتداركني ربي برحمته فالويل لابن الجويني وها أنا ذا أموت على عقيدة أمي ) فالعامة أعلم بالله وأشد تعظيما لكتاب الله من المأمون المبتدع وفرقته أهل الضلال ، ومما يدل على اعتقاد العامة أن القرآن كلام الله المنزل على محمد صلي الله عليه وسلم وليس من كلام البشر ، هذا الفرق الواضح بين تعظيمهم للقرآن وهو بين أيديهم يقرؤونه على طهارة ونظرتهم لأي كتاب من تأليف البشر وهم يقرأونه على جنابة ، فلا وجه للمقارنة على الإطلاق ، فمن هم فأهل الجهالة والعمي الذين وصفهم المأمون بقوله :
( أهل جهالة بالله وعمي عنه ، وضلالة عن حقيقة دينه ، وتوحيده والإيمان به ، ونكوب عن واضحات أعلامه ، وواجب سبيله ، وقصور أن يقدروا الله حق قدره ، ويعرفوه كنه معرفته ، ويفرقوا بينه وبين خلقه ) والله إن أهل الجهالة هم الذين تركوا كتاب الله وارتضوا غيره من أحكام العقول الفاسدة بديلا ، ( قُل هَل يَسْتَوِي الأَعْمَي وَالبَصِيُر ) ( الرعد:16) . نتابع كلام المأمون في رسالته لامتحان الناس وسب وصفهم بالجالة والضلالة يقول : ( وذلك أنهم ساووا بين الله تبارك وتعالي وبين ما أنزل من القرآن ، فأطبقوا مجتمعين ، واتفقوا غير متعاجمين على أنه قديم أول ، لم يخلقه الله ويحدثه ويخترعه ، وقد قال الله عز وجل في محكم كتابه ، الذي جعله لما في الصدور شفاء ، وللمؤمنين رحمة وهدي : ( إِنَّا جَعَلنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً ) (الزخرف:3) فكل ما جعله الله فقد خلقه ، وقال : ( الحَمْدُ للهِ الذِي خَلقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَل الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ) (الأنعام:1) ، وقال عز وجل : ( كَذَلكَ نَقُصُّ عَليْكَ مِنْ أَنْبَاءِ مَا قَدْ سَبَقَ ) (طه:99) فأخبر أنه قصص لأمور أحدثه بعدها ، وتلا به متقدمها ، وقال : ( الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلتْ مِنْ لدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ) (هود:1) ، وكل محكم مفصل فله محكم مفصل ، والله محكم كتابه ومفصله ، فهو خالقه ومبتدعه ) ذكرنا إن مذهب المأمون والمعتزلة أنهم ينفون أوصاف الله عز وجل تحت مسمي التوحيد ونفي التشبيه ، ولما أصر أهل الاعتزال على نفي صفة الكلام وقعوا في إشكال هام ، وهو : إذا كان الله لا يتكلم ، فمن الذي تكلم بهذا القرآن ؟ فأداهم العقل إلي القول بأن الذي تكلم به محمد ، ومحمد مخلوق فكلامه مخلوق ، فهذا القرآن مخلوق خلقه الله كما خلق سائر الأشياء ، وهو لم يستندوا في اعتقاد هذا الكلام إلي قرآن أو سنة وليس منهجهم هو الاعتماد على القرآن والسنة في الأساس ، ولكنهم لما أصلوا أصولهم وسلموا لما قررته عقولهم ، وساقتهم إلي الضلال أهواؤهم ، ووجدوا أن عامة الناس لن يسلموا لهم أو يعتقدوا في كلامهم إلا بدليل من قرآن أو سنة ، نظروا في كتاب الله ليجدوا دليلا يقوي بزعمهم آراءهم ، ويخدعوا العامة بأنهم يعتمدون على الكتاب والسنة ، وهم في حقيقة أمرهم على استعداد لأن يضربوا بكلام ربهم وسنة نبيهم عرض الحائط ، فاستدلوا بالآيات التي كتبها المأمون في رسالته ، وهي قوله تعالى : ( إِنَّا جَعَلنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً ) ، فقالوا : كل ما جعله الله فقد خلقه . وهذا كلام باطل يدل على جهلهم بكتاب الله ولغة العرب ، لأن جعل في قوله تعالى : ( إِنَّا جَعَلنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً ) ليست بمعني خلق ، فلفظ جعل قد يضاف إلي الله وقد يضاف إلي المخلوق ، فإذا أضيفت إلي الله فهي على معنيين : المعني الأول هو المعني الكوني معني الخلق والتقدير والتكوين والتدبير ، الذي يقع لا محالة ، كقوله تعالى : ( أَلمْ نَجْعَل الأَرْضَ مِهَادًا وَالجِبَال أَوْتَادًا وَخَلقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا وَجَعَلنَا الليْل لبَاسًا وَجَعَلنَا النَّهَارَ مَعَاشًا وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا وَجَعَلنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا ) (النبأ13) ( وَجَعَل الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ) (الأنعام: 1) ، وقوله تعالى : ( وَجَعَلنَا مِن َالمَاءِ كُل شيء حَي أَفَلا يُؤْمِنُونَ ) (الأنبياء:30) ، ( وَجَعلنَا في الأَرْضِ رَوَاسِي أَن تَمِيدَ بِهَمْ وَجَعَلنَا فِيهَا فِجَاجًا سُبُلا لعَلهُمْ يَهْتَدُونَ ) ( الأنبياء: 31) ، وقوله : ( وَجَعَلنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا ) (الأنبياء:32) . المعني الثاني لجعل إذا أضيفت إلي الله ، هو المعني الشرعي الديني الذي يحتوي على منهج المكلفين وشريعة المسلمين ويبين طريق عبادتهم وصلاح دنيتهم ، وهذا قد يقع وقد لا يقع ، والأمثلة على ذلك كثير ، سبحانك اللهم وبحمدك أشهد ألا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك . |
#7
|
||||
|
||||
تفريغ المحاضرة رقم (21) من دورة أصول العقيدة والفصل الثالث من كتاب أصول العقيدة لفضيلة الشيخ الدكتور محمود عبد الرازق الرضواني استاذ العقيدة والمذاهب المعاصرة
|
#8
|
||||
|
||||
شكرا كتير لحضرتك مستر خالد
بجد موضوع رائع جزاك الله كل الخير
__________________
متغيبة لفترة ... برجاء الدخول لزائري قسم * بوابة محافظات مصر *
|
#9
|
||||
|
||||
بارك الله فيك
__________________
تحيــــاتي وتقــديري للجمــــيع <CENTER></CENTER><CENTER></CENTER> |
العلامات المرجعية |
|
|