قناة (mbc) تذيع فتوي تحرم الجهاد في لبنان!!

[مسيو محمد عياد]

قدمت قناة mbc (السعودية التمويل) برنامجا تليفزيونيا تحت عنوان: (الإفتاء) وذلك ظهر يوم الخميس 20/7/2006م في تمام الساعة الواحدة علي الهواء مباشرة. واستضاف معد ومقدم البرنامج شيخا من السعودية هو الشيخ عبدالمحسن بن ناصر العبيكان. ولقد انبري الشيخ وشن هجوما عنيفا ضد أبطال حزب الله. وقد كاد يصفهم بالإرهابيين بسبب كثرة ما كان يحملهم مسئولية الاعتداء الصهيوني علي لبنان.
ولنستعرض ما قاله صاحبنا الشيخ العبيكان. يقول: 'ماذا استفاد المسلمون من خطف الجنديين الإسرائيليين اللذين خطفهما حزب الله'؟
وقال: لا ينبغي أن نزج بالمسلمين في هذه المغامرة التي قام بها حزب الله.. فالله يقول: 'ولا تلقوا بأيديكم إلي التهلكة'.. وقال الشيخ: 'يجب ألا ننقاد وراء شعارات الجهاد والقتال التي لم تجلب لنا سوي الدمار'.
ثم استطرد الشيخ قائلا: 'لانريد أن نبكي علي لبنان حتي لا نبكي علي غيره من البلاد العربية فيما بعد..'. ثم يقول الشيخ السعودي: 'إن الذي دخل هذه المغامرة ويعني حزب الله هو الذي يتحمل كامل مسئولية تدمير لبنان' وأضاف: 'إن أمر إعلان الجهاد موكل بولي الأمر وولاة الأمر في البلاد العربية وهم الحكام (!!!)'.. وقال: 'إن الإسلام يغلب درء المفاسد علي جلب المصالح'.. وقال أيضا: 'إن خطف الجنديين (الإسرائيليين) من قبل حزب الله قد تسبب في تدمير البنية التحتية للبنان..'.
والأعجب من العجب أن يقول الشيخ السعودي: 'يجب الفرار من العدو إذا كان عدد المشركين وجيش العدو أكبر'!!.. أي إذا كان عدد جيش الصهاينة أكبر فيجب علي الجيش العربي أن يفر ويترك أرض المعركة للعدو.. تطبيقا للقاعدة التي تقول: 'درء المفاسد أولي وأوجب من جلب المصالح....'!!.. ومثل هذا القول وأمثاله لا يصدر إلا من شيوخ السلطة من الذين يتملقون الحكام ويداهنونهم ويمجدونهم علي حساب دينهم ولو كان في ذلك معصية لله.. وهؤلاء هم طلاب الدنيا وباعة الآخرة.... ثم ها هو الشيخ العبيكان يبدي استهانته بعامة الناس الذين لم يصلوا إلي مثل العلم والفقه الذي وصل هو إليه وأمثاله من شيوخ السلطة فيقول: 'يجب ألا نسمع للعامة من الناس وهم يتكلمون في الشارع ويطالبون بالجهاد. لأنهم لا يفقهون ما يفقهه ولاة الأمر من الحكام'.
ويقول شيخنا هداه الله: 'إن الرسول ترك القتال ولم يعلن الجهاد.. حتي في معركة بدر إنما خرج من أجل العير وما تحمله من أمتعة منهوبة من المسلمين في مكة'.
هذا مجمل ما جاء في حديث الشيخ العبيكان.. ونحن لا ندري إن كان الشيخ في تمام عافية عقله وهو يلقي علي أعتاب مسامعنا مثل هذا السفه من القول أم كان في حالة من ليس عليهم حرج.. وإن من يستمع لكلام معد ومقدم برنامج 'الإفتاء' في قناة mbc لهذه الحلقة وما قاله الشيخ يكاد من فرط الغيظ وشدة الغضب مما يسمع من غرائب فتاوي الشيخ يكاد يقفز من قرفصائه إلي جهاز التليفزيون ويحطمه.
إن أمة هؤلاء شيوخها ومثل هؤلاء حكامها لا يمكن أن تقوم لها قائمة بل ربما تقوم قيامتها.
إن شيخنا لم يسأل نفسه ذات السؤال حينما قال: 'ماذا استفاد العرب والمسلمون من خطف الجندييين الإسرائيليين'؟.. وكان الأجدر به أن يسأل: وماذا استفاد العرب من السلام مع ***ة الأنبياء والرسل ومع عباد عجل السامري ومع من ***وا أكثر من نصف مليون عربي فلسطيني منذ عام 1948م حتي اليوم وشردوا الآلاف خارج فلسطين بل مئات الآلاف الذين أصبحوا بلا وطن في الشتات؟! وكان قبل ذلك الصهاينة هم أهل الشتات لأنهم لا تجمعهم قومية واحدة. فاليهود أعراق مختلفة وقوميات متعددة وجنسيات متنوعة وثقافات متباينة.
واليهود الأوائل الأقدمون من العبرانيين لم يكونوا أصلا في فلسطين إن كانوا قد تمكنوا من إقامة دويلة لهم في جزء منها في القرن التاسع قبل الميلاد. إذ سرعان ما اندثرت مثل غيرها سواء عن طريق خروج اليهود منها 'السبي البابلي عام 586 قبل الميلاد أو الهجرات المتواصلة إثر إقدام الرومان بقيادة تيتوس علي سحق التمرد اليهودي في فلسطين عام 70 ميلادية'.
وماذا استفاد العرب يا فضيلة وسماحة الشيخ من سلام هدم البيوت علي رءوس ساكنيها في فلسطين ولبنان؟!.. ماذا صنعت اتفاقيات ومعاهدات سلام أوسلو ومدريد واسطبل داود (كامب ديفيد)؟!
ماذا صنعت قرارات ميتشل وأحاديث تينت غير الشريفة؟!! ثم أية مغامرة هذه التي يتهم بها الشيخ ومن علي شاكلته حزب الله؟! وأية تهلكة التي ألقي بها حزب الله رجاله واللبنانيين حينما تزعم أن الآية القرآنية 'ولا تلقوا بأيديكم إلي التهلكة' تنطبق علي ما يقوم به حزب الله من قتال للعدو الصهيوني المتغطرس؟! فهل الجهاد والدفاع عن النفس والأهل والأرض تهلكة؟!!
وإذن متي يحل الجهاد إذا كان قتال أعداء الله الصهاينة ليس جهادا وإنما هو تهلكة؟!
وأين هم ولاة الأمر الذين يرجع أمر الجهاد إليهم؟! إنهم خامدون هامدون صامتون راكعون لأمريكا وساجدون. يخافون أمريكا ويخشون غضبها وبطشها ولا يخافون الله ولا يخشونه!!
فإذا كان الشيخ العبيكان يعول علي حكام العرب (ولاة الأمر) أن يعلنوا الجهاد فقد خاب أمله. لأن حكامنا لا يعلنون الجهاد إلا ضد شعوبهم المسحوقة أصلا...
ثم ألا يخجل شيوخ السلطة حينما يقول قائلهم: 'يجب ويحل الفرار من العدو إذا كان العدو أكثر عددا وعدة'؟!!
والله جل جلاله يقول: 'كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله'.. ولقد تجاوز الشيخ شططا حينما قال: 'إن الرسول ترك القتال ولم يعلن الجهاد'، وضرب مثلا ببدر وقال: 'إن المسلمين بقيادة الرسول لم يخرجوا لقتال المشركين. بل خرجوا من أجل العير واسترداد ما سلبه أبو سفيان وقريش من أهلهم في مكة'.
لماذا يتجاهل شيوخ السلطة والملوك قول الله تعالي: 'أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وأن الله علي نصرهم لقدير' (الحج: 29).؟!
أي أن الله قد أذن لهم بالقتال في بدر فخرجوا للقتال بعدما علموا أن كفار قريش قد أعدوا العدة وتوجهوا نحو آبار بدر لحماية تجارتهم من المسلمين.. إذن كان خروج الرسول والمسلمين من يثرب إلي آبار بدر إنما من أجل استرداد ما نهبه وسلبه منهم كفار قريش بالقتال والجهاد ولم يخرج الرسول والمسلمون معه ليعقدوا معاهدات واتفاقيات سلام مع كفار قريش.
وإذا كان أمر الجهاد موكلا لولي أمر المسلمين. فمن يا تري هو ولي أمر المسلمين؟ من هو (أمير المؤمنين) وقد صار للمسلمين أكثر من أمير وأكثر من ملك وأكثر من رئيس؟ بل إن جماعات إسلامية تنصب رؤساءها أمراء. فكل جماعة لها أمير ويسمونه (أمير المؤمنين).. فمن ننتظر كيما يعلن الجهاد؟!!
وإذا كان الجهاد لم يحن وقته ولا يحل في جنوب لبنان ضد العصابات الصهيونية. فمتي يحين وقت الجهاد إذن؟! ومتي يحل إذا لم يأت ولم يحن وقت الجهاد والعدو الصهيوني ي*** أطفال العرب والمسلمين منذ عدة عقود في فلسطين ولبنان ويأسر الرجال ويرمل النساء وييتم الأطفال؟!
وإذا كان بعض شيوخنا ينددون وينكرون أسر الجنديين (الإسرائيليين) فإننا نرد عليهم بكلام الله عز شأنه، حيث يقول سبحانه: 'وأنزل الذين ظاهروهم من أهل الكتاب من صياصيهم وقذف في قلوبهم الرعب. فريقا ت***ون وتأسرون فريقا' (الأحزاب: 26).
ويقول عز مقامه: 'انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله. ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون. لو كان عرضا قريبا وسفرا قاصدا لاتبعوك ولكن بعدت عليهم الشقة وسيحلفون بالله لو استطعنا لخرجنا معكم يهلكون أنفسهم والله يعلم أنهم لكاذبون' (التوبة: 41 42).
ويقول الحق سبحانه: 'وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين. وا***وهم حيث ثقفتموهم وأخرجوهم من حيث أخرجوكم'(البقرة: 191).
فهل بعد آيات الله المحكمات هذه التي تحث وتحض علي قتال العدو الذي أخرج أبناءنا ونساءنا من ديارهم و*** الشباب والرجال. هل بعد هذه الآيات بلاغ أوضح؟ وهل بعدها حق؟ بل إن الله أذن بقتال العدو. عدو الدين عند المسجد الحرام المحرم إذا دخلوه وقاتلونا عنده.. يقول سبحانه: 'ولا ت***وهم عند المسجد الحرام حتي يقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم فا***وهم كذلك جزاء الكافرين' (البقرة: 191).
والآيات التي تحرض المؤمنين علي القتال كثيرة ولا مجال لحصرها. كقوله تعالي: 'يا أيها النبي حرض المؤمنين علي القتال إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين' إلي آخر الآيات (الأنفال: 65).
'فماذا بعد الحق إلا الضلال'؟!
إننا أمام ردة يقودها بعض شيوخ الفتاوي المريبة الذين يفتون بما لم ينزل الله به من سلطان. بل يفتون بما يضاد ويخالف ما أمر به الله ابتغاء مرضات امرائهم وملوكهم وولاة أمرهم من الخانعين. هذه الردة تستوجب ردعا للمرتدين وردهم عن ضلالاتهم والذين احتقروا حتي شعوبهم وأهاليهم من العامة الذين يطالبون بالجهاد!!
كما أننا مطالبون اليوم بالعمل الحقيقي علي الأرض من أجل نصرة كل من يمرغ جباه الصهاينة في وحل عدوانهم كما يحصل الآن في جنوب لبنان ومدن فلسطين المحتلة: حيفا وتل الربيع (تل أبيب) وغيرها لأول مرة في تاريخ الصهاينة.
إنه لا يكفي أن نعبر باللسان والشفاه والمشاعر، لأن منظمة الجيش الصهيوني لا تحاربنا بالمشاعر والشعارات وإنما بالحديد والنار.
لابد أن نجبر ونرغم الصهاينة علي احترام أمة القرآن قسرا وقهرا وأن تزحف الشعوب العربية زحفا دون إذن لا من ملك ولا أمير ولا حارس حدود صوب فلسطين وجنوب لبنان. وأن نقاتلهم كافة كما يقاتلوننا كافة في كل مكان من الأرض. وكيما ينزل ملوك العرب وامراؤهم من بروجهم العاجية ويلتحمون بشعوبهم التي بلغت قلوبها الحناجر وفاضت مشاعرها كما فاض فيضان تسونامي.. إلا أن فيضان تسونامي من ماء وبحار فهو بين مد وجزر..
لكن فيضان الشعوب لا يخضع لقانون جاذبية فهو مد بلا جزر.

ــــــــــــــــــــــــــــــ

منقول