اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > الاقسام المميزة > مصر بين الماضى و الحاضر

مصر بين الماضى و الحاضر قسم يختص بالحضارة و التاريخ المصرى و الاسلامى

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11-03-2013, 07:03 AM
abomokhtar abomokhtar غير متواجد حالياً
مشرف سوبر ركن مسك الكلام فى الاسلام
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 11,696
معدل تقييم المستوى: 28
abomokhtar is just really nice
New معاهدة البقط نموذج لحوار الأديان

معاهدة البقط هي معاهدة بين مملكة المقرة وحكام مصر المسلمين، استمرت نحو سبعمائة سنة، لذا تعتبر من أطول المعاهدات في التاريخ.
عقدت المعاهدة عام 651. في تلك السنة، قاد عبد الله بن أبي السرح جيشًا بإتجاه الجنوب ضد الممالك المسيحية في النوبة. بعد معركة دنقلا، أدرك ابن أبي السرح صعوبة الاستيلاء على هذه المنطقة. لذا عقد المعاهدة التي تم التفاوض عليها بين أبي سرح وملك المقرة "كالديرات".
كانت المعاهدة اتفاقا شفهيا وذات بنود واضحة وهي:
  • ألا يهاجم العرب النوبة وأن النوبيين لن يهاجموا مصر.
  • لمواطني البلدين حرية التجارة والسفر بين البلدين، ويحق لهم المرور بأمان من دولة لأخرى.
  • منع الهجرة والاستيطان لمواطني الدولتين في أراضي الدولة الأخرى.
  • تسلم كل دولة العبيد المارقين من الدولة الأخرى إليها.
  • النوبيين كانت مسؤولة عن الحفاظ على مسجد للزوار المسلمين والمقيمين.
  • المصريون ليسوا ملتزمين بحماية النوبيين من الهجمات من قبل أطراف ثالثة.
  • تقدم المقرة 360 عبدًا سنويًا إلى مصر. على أن يكون هؤلاء العبيد صحيحي الأبدان ليسوا من العجائز أو الأطفال، ويكونوا خليطًا من الذكور والإناث. يضاف عليهم 40 عبدًا توزع على وجهاء مصر.
تناول ابن عبد الحكم أحد المؤرخين الأوائل المعاهدة، وأورد نصين مختلفتين للمعاهدة. الأول يُلزم النوبة بإرسال العبيد، مما يرمز إلى التبعية لمصر، والثاني يضيف التزامًا من المصريين أيضًا بإرسال البضائع من القمح والعدس للمقرة، وهذا من شأنه أن يضع البلدين على قدم المساواة.
هذه المعاهدة لم يسبق له مثيل في تاريخ الفتوحات العربية، وهي تشبه تحالفات الإمبراطورية البيزنطية أحيانًا مع جيرانها. كما أنها أوقفت نشر الإسلام في هذه المنطقة لمدة 700 عام، مما تسبب في بعض الجدل بين علماء الدين الإسلامي حول ما إذا كانت تنتهك واجب الجهاد.
في عام 830، غرقت مصر في فتنة خلاف الأمين والمأمون، فامتنع الملك زكريا الثالث ملك المقرة عن دفع ما ألزمته به المعاهدة. وعندما خمدت الثورة، أرسل والي مصر إلى المقرة رسولاً مطالبًا استئناف المعاهدة، ودفع المتأخرات، وبسبب عدم قدرة زكريا على دفع ذلك مرة واحدة، أرسل ابنه ووريثه جيورجيوس في رحلة طويلة إلى بغداد عام 835، للتفاوض مباشرة مع الخليفة. حققت هذه الرحلة نجاحًا كبيرًا، وألغيت المتأخرات وتم تعديل المعاهدة بحيث لا تلتزم المقرة سوى بالدفع كل ثلاث سنوات.
كانت تلك المعاهدة من أوثق العلاقات خلال الحكم الفاطمي لمصر، حيث كان حلفاء الفاطميين الشيعة قلائل في العالم العربي، لذا أصبحت النوبة حليفًا هامًا لهم. كما شكّل العبيد المرسلين من النوبة العمود الفقري للجيش الفاطمي، ثم ساءت العلاقات أثناء حكم الأيوبيين، وانتهت تقريبًا في فترة حكم المماليك.
أخيرًا، انتهت المعاهدة في منتصف القرن الرابع عشر، مع الانهيار التام لمملكة المقرة.
__________________
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 11-03-2013, 07:04 AM
abomokhtar abomokhtar غير متواجد حالياً
مشرف سوبر ركن مسك الكلام فى الاسلام
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 11,696
معدل تقييم المستوى: 28
abomokhtar is just really nice
New

لم تكن معاهدة البقط 31 هـ - 651م التي أبرمت بين عبد الله بن سعد بن أبي السرح والي مصر وكاليدوزو ملك المقرة (دنقلة) مجرد معاهدة لوقف الحرب، بل كانت أول معاهدة سلام وتعايش وحُسن جوار بين العرب والأفارقة، لقد أتاحت هذه المعاهدة دخول العرب المسلمين بلاد النوبة مجتازين غير مقيمين فرصة نشر الدعوة الإسلامية، وتحويل بلاد النوبة السفلى والعليا ومملكة علوة إلى الإسلام رويدًا رويدًا حتى انهارت كنيسة دنقلة في 1316م وتحولت البلاد رسميًّا إلى الإسلام بعد أن تحولت فعليًّا قبلها بعشرات السنين، وربما قبل قرنين(1).
وكانت من بنود المعاهدة ما يلي:
1- إرسال النوبة 365 رأسًا من الرقيق إلى والي مصر، من الشباب الذي يصلح للجندية أو الخدمة المنزلية أو العامة.
2- دخول بلاد المسلمين مجتازين غير مقيمين والمعاملة بالمثل لدخول بلاد النوبة.
3- عدم *** أي مسلم في بلاد النوبة، واللاجئين من أهل الذمة.
4- عدم إيواء أي عبد آبق للمسلمين.
5- يرسل العرب للنوبة كميات من القمح والشعير وغيره.
وقد أضيفت عدة بنود بعد ذلك على المعاهدة التي استمرت أكثر من 670 سنة، وقد اختلف المؤرخون حول مكان تبادل البقط في أسوان، وقد اتضح لنا بعد دراسة المكان أن جزيرة "فيلة" التي تبعد 5 كم جنوب أسوان - قبل بناء السد العالي في 1964م، كانت هي التي يتم فيها تبادل البقط، وعند بناء السد العالي غمرت المياه الجزيرة تمامًا، فنقلت الآثار إلى منطقة أعلى قبل غمر المياه، ومساحة الجزيرة كانت 144 x 450م، كانت تختفي في الشتاء والربيع، حيث تغمرها المياه بعد بناء خزان أسوان في 1902م(2).
وقد التزم معظم ملوك النوبة المسيحية آنذاك ببنود المعاهدة، وإن كانت هناك سنوات شهدت تلكؤ بعض الملوك، وتباطؤ البعض الآخر! وقد حدثت عدة تعديلات على المعاهدة؛ حيث طلب ملك النوبة من الخليفة المهدي العباسي 158- 169هـ/ 775- 785م تخفيض مقدار البقط، وأضاف المهدي بندًا جديدًا في المعاهدة وهو إرسال بعض الحيوانات النادرة من النوبة العليا للمسلمين، وقد أرسل أحد ملوك النوبة لخليفة المسلمين قردًا حائكًا!
وقد أورد المقريزي نص المعاهدة كاملة بعد تعديلاتها حتى عهده، وقد تضمنت المعاهدة بعض البنود المهمة منها:
1- عدم التعرض لأي مسلم أو معاهد أو ذمي.
2- حفظ المسجد الذي ابتناه المسلمون في بلاد النوبة.
3- عدم إيواء عبيد المسلمين.
وكان هناك بند دفع دية القتيل المسلم، وهي موجودة منذ العصر العباسي الأول تقريبًا كما في بردية والي مصر موسى بن كعب الشهيرة 141هـ - 758م وكانت دية القتيل 1000 دينار (ألف دينار) وهو مبلغ ضخم بمقاييس ذلك العصر العباسي المبكّر(3).
وقد اختلف الفقهاء والمؤرخون القدامى والمحدثون هل كانت المعاهدة صلحًا أم هدنة أم يُعامل النوبيون معاملة خاصة؟
وقد كان من نتائج هذه المعاهدة تسرب الثقافة العربية إلى بلاد النوبة كلها، حتى دخلت هذه البلاد في الإسلام منذ تلك المعاهدة 31هـ - 651م، وتعرّبت تمامًا الآن في اللغة والثقافة العربية بكل مكوناتها وليس بينها مسيحي واحد الآن من أبنائها.
وقد كانت في أسوان جالية عربية أرستقراطية في القرن الهجري الأول، عملت على تسرب الدماء العربية والثقافة العربية والدين الإسلامي في بلاد النوبة بفضل التجار الرحّل والصناع وغيرهم من أرباب الأعمال الزراعية والتجارية والصناعية.
وبفضل القبائل العربية المتسربة إلى أسوان والنوبة، استطاع النوبيون الخروج من ربقة ملوكها الإقطاعيين، الذين كانوا يحتكرون الأراضي الزراعية وغير الزراعية في 200هـ - 817م على الأقل.
وقد ظهرت أول إمارة عربية في بلاد النوبة السفلى (من أسوان حتى الشلال الثاني) هي إمارة كنز الدولة أبو المكارم هبة الله من بني ربيعة فيما بين 333- 412هـ - 933م في منطقة وادي العلاقي بين البحر الأحمر شرقًا وبلاد النوبة شمالاً، وقد استمرت هذه الإمارة ألف عام حتى 1933م وتلاشت.
هكذا كانت هذه المعاهدة خيرًا على بلاد النوبة، ونقلة حضارية جعلت بلاد النوبة السفلى إحدى المراكز الحضارية في مصر طوال العصر الإسلامي منذ 20هـ حتى يومنا هذا.
وقد رفدت بلاد النوبة السفلى والعليا الفقه الإسلامي بكوكبة من الفقهاء والمحدثين نذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر:
1- يزيد بن أبي حبيب 53- 128هـ، وهو أول مفتٍ سوداني بمصر، ولاه الخليفة الراشد عمر بن عبدالعزيز أمر الفتيا مع ثلاثة آخرين(4).
2- ذو النون المصري 175- 245هـ الصوفي الرائد، له عدة روايات للحديث.
3- محزم بن عبدالله الأسواني المتوفى 271هـ، من أجلّة أصحاب الإمام الشافعي الآخذين عنه، كان قبطيًّا، وعاش بأسوان مفتيًّا على المذهب الشافعي، وغيرهم من الفقهاء والمحدثين وأئمة العربية والشعراء والأدباء.
فالحمد لله رب العالمين الذي جعلنا مسلمين، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه الغر الميامين، ومن اتبعه إلى يوم الدين.
هذه في عجالة معاهدة البقط التي مرّ على صدورها منذ عامين 14 قرنًا، وهي واحدة من أهم المعاهدات العربية الإسلامية التي أبرمت مع أمة إفريقية في 31هـ، تعد نموذجًا للتعايش السلمي وحوار الأديان التي لم تعرفه أوروبا إلا مؤخرًا منذ نصف قرن، وطبقته الخلافة الإسلامية ثم الدول الإسلامية حتى العهد المملوكي، كانت فيها الطرف الأكثر مرونة والأكثر دبلوماسية، دون إفراط أو تفريط.
وبفضل هذه المعاهدة قامت ممالك نوبية وإمارات عربية وإسلامية في السودان منها: مملكة سنّار 1505- 1820م، وسلطنة دارفور1637- 1916م، ومملكة تقلي 1570- 1882م، وإمارة كنز الدولة (الكنوز) 933- 1933م وغيرها من مشيخات وعشائر.
وهي تحتاج منّا إلى دراستها في مؤتمرات وندوات دولية متخصصة، للاستفادة منها في بؤر الصراع الممتدة في آسيا وإفريقيا.
عبد الرحمن عوض
__________________
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 12:21 AM.