|
#1
|
||||
|
||||
نظام التعليم الجديد: الإصلاح بدون معلمين
مع التسليم بأنه ليست هناك وصفة سحرية ومناسبة لكل سياق، فإن معظم الدراسات الدولية تشير إلى أن أهم مداخل الارتقاء بالمنظومة التعليمية هى جودة المعلم بالإضافة إلى الاستثمار فى المراحل الأولى للتعلم. وفيما يتعلق بجودة المعلم، فهناك ما يبدو كأنه نوع من التجاهل أو التخطى للمعلمين ويكاد لا يكون لهم ذكر فى الاصلاحات المعلنة، اللهم إلا التأكيد أنه «بالطبع» نحن منتبهون لأهمية تدريب المعلمين على المناهج الجديدة. وبغض النظر عن أنه لم تجرِ أى تدريبات للمعلمين حتى الآن وأننا لم نبدأ حتى مرحلة «تدريب المدربين» وها نحن على مشارف العام الدراسى الجديد. ولكن إذا كان هناك اتجاه حقيقى للاهتمام بجودة المعلم، فكان يجب أن نرى استراتيجية متكاملة لتدريب وتأهيل المعلمين ورفع أجورهم. وإن كان هناك ظن مبطن أن الإصلاح عبر التكنولوجيا سيمكننا من القفز فوق المعلم وإقصائه واستبداله بالتابلت فلن يحدث أكثر من أن يفشل هذا النظام. ولا توجد شواهد قوية من التجارب الدولية تؤيد هذا الاتجاه، بل الثابت فى مختلف الأبحاث أن جودة المعلمين وخاصة فى الدول النامية هى أهم عناصر تحديد جودة التعليم (من ضمن العناصر التى يمكن أن يتحكم فيها صانع القرار التعليمى). وفى هذا السياق يتساءل الكثيرون عن التجربة الفنلندية، وهل يمكن تطبيقها فى مصر، وهذا موضوع له جوانب عدة ولكن يمكن أن نشير هنا إلى أن من أهم عوامل النجاح المبهر لهذه التجربة هو:
أولا: الاختيار الدقيق والتأهيل العالى للمعلمين ومكانتهم الاجتماعية وأجورهم المرتفعة، ثانيا: إعطاء أولوية لاعتبارات تكافؤ الفرص (أى التركيز على دعم الطلاب فى المدارس الأقل حظا) وثالثا: الاهتمام بمرحلة الطفولة المبكرة. ويكفى أن نعلم أن ١٠٪ فقط من المتقدمين إلى برامج إعداد معلمى المرحلة الابتدائية فى كليات التربية فى فنلندا يتم قبولهم فيها. *** وإلى جانب فكرة تخطى المعلم فهناك تناقض بين الحديث فى «النظام الجديد» عن أساليب تعليمية تعتمد على معلمين أكفاء يعملون مع عدد صغير من الطلاب وبين التقليل فى نفس الوقت من مشكلة الكثافات فى الفصول. ففى إطار شرح محاور النظام الجديد، بدا أن قيادة الوزارة تحرص على التقليل من مشكلة الكثافات على أساس أنها محدودة فى مناطق بعينها. وإن كان صحيحا أن الكثافات المرتفة للغاية والتى تصل إلى ٨٠ أو ٩٠ طالبا هى ظاهرة محدودة نسبيا، لكن مشكلة الفصول الكبيرة تؤثر على الجزء الأكبر من المدارس الحكومية. وحسب الأرقام الرسمية، يبلغ متوسط كثافة الطلاب فى التعليم الابتدائى نحو 43 طالبا للفصل ويزيد عن 41 فى المرحلة الإعدادية (مع تباين كبير بين محافظة وأخرى ومنطقة تعليمية وأخرى، حيث توجد فصول صغيرة للغاية فى المحافظات النائية). وكانت أحد الحلول التى لجأت إليها الوزارة هى تعدد الفترات الدراسية، حيث تتناوب مدرستان/فوجان من الطلاب على المبنى الواحد. وقد يقلل هذا متوسط الكثافات فى الأرقام الرسمية ولكنه يؤثر سلبيا على جميع جوانب العملية التعليمية. فلا يزيد دوام الفترة المدرسية الواحدة على 4 أو 5 ساعات (وفعليا يكون أقل من ذلك)، الأمر الذى يتيح وقتا أضيق أمام المدرسين والطلاب لإنجاز المنهج التعليمى الثقيل أساسا (فيعضض الحاجة للدروس الخصوصية أو للغش بأشكاله)، ويؤدى إلى إلغاء الأنشطة التعليمية التى تنمى شخصية ومهارات الطلاب وإلى ضعف مخرجات التعلم بدءا من مهارات القراءة والكتابة إلى باقى المواد. وفى عام 2014 كانت نسبة 33% فقط من الطلاب المسجلين فى المدارس الابتدائية يحضرون دواما مدرسيا كاملا وهذا الضعف فى السنوات الأولى للتعليم يتراكم ويصعب علاجه فى السنوات التالية. ويسهم ضعف الجودة وغياب الأنشطة من المدارس فى انصراف الطلاب عن التعليم بل وكراهيته. وما قد لا يعلمه الكثيرون أن أعداد الأطفال خارج التعليم والمتسربين فى مصر ضخمة بالفعل، فأكثر من ثلثى الطلاب الذين يلتحقون بالتعليم الابتدائى لا يكملون مرحلة التعليم الأساسى، ونصف الطلاب الملتحقين بالتعليم الثانوى لا يكملونه. وفى 2016 تم الإعلان عن إطلاق «المشروع القومى لبناء المدراس» مما بدا كأنه بارقة أمل لعلاج بعض مشاكل الكثافات والتسرب فى المدارس الحكومية. ولكن سرعان ما تبين أن المشروع يركز على بناء مدارس خاصة تدرس باللغات الأجنبية! ويقدم للمستثمرين فرصة الاستفادة من أراضى الدولة المخصصة للمدارس لبناء مدارس خاصة معفية من الضرائب، ويسهل عملية الحصول على التراخيص الضرورية فى شهرين بدلا من الفترة العادية التى تزيد عن السنة. ويعكس هذا «المشروع القومى» اهتمام الدولة بإزاحة أعباء الإنفاق نحو الأسر وغياب اعتبارات تكافؤ الفرص من صنع القرار التعليمى. فحتى فى إطار الاتجاه نحو الخصخصة، يتم تشجيع الاستثمار ليس فى المناطق المحرومة ولكن فى مدارس لغات تخاطب الطبقات القادرة. ومن التبعات المهمة لهذا الاتجاه هو الاستمرار فى دفع الطبقات الوسطى خارج التعليم الحكومى مما له أثر كبير على جودة التعليم فى النظام. فخروج الطبقات القادرة والمتعلمة المتتابع من التعليم الحكومى فى العقود السابقة أدى إلى فقدان هذه القوة المجتمعية المهمة اتصالها بتعليم الشعب وأوضاعه وقضاياه وفقد التعليم قوة ضغط حقيقية كان من الممكن أن تدفع نحو الإصلاح. *** وبالرغم من هذا الوضع القائم، يعد النظام الجديد بتغيير تام فى أساليب التدريس ويجرى الحديث عن فصولا بها «معلم ومعه مساعدان» وعن الانتقال إلى التعلم المتمركز حول الطالب والتعلم التشاركى. وهى مبادرات تم تجريبها بأشكال مختلفة من قبل فى مصر ولم تلق نجاحا كبيرا بسبب مشكلات هيكلية لم يتم معالجتها، أبسطها أن هذه الأساليب تعتمد على وجود معلمين أكفاء يعملون مع عدد صغير من الطلاب (١٥ أو ٢٠ طالبا مثلا بدلا من ٣٥ أو ٥٥). ولا نعرف كيف يمكن أن يتم التوجه نحو هذه الأساليب دون زيادات ضخمة فى ميزانيات بناء المدارس وتعيين المعلمين الأكفاء. وفى نفس الوقت تشير الدراسات الحديثة أن تبنى هذه الأساليب وإقصاء أساليب التعليم التقليدية ليس مناسبا لكل بيئة تعليمية فى ضوء الفصول الكبيرة والإمكانيات الضعيفة. ولاشك أن دراسات كثيرة تشير إلى أن التعلم فى مجموعات صغيرة يؤدى لنتائج أفضل، خاصة فى سنوات التعليم الأولى وللطلاب من الخلفيات الفقيرة. ولكن بلدا مثل مصر عليه أن يقيم التكلفة الهائلة لتقليل الكثافات من خلال بناء مدارس جديدة وتوظيف عدد أكبر من المعلمين الأكفاء بالعائد المتوقع من هذا الإنفاق. فمثلا ما هو قدر الإنفاق المطلوب لتقليل كثافة آلاف الفصول من ٤٥ إلى ٤٠ طالبا؟ وهل سيؤدى هذا التحسن، رغم تكلفته، إلى تغيير ملحوظ بالنسبة للطلاب والمعلمين وإلى إمكانية أكبر لتطبيق أساليب التدريس المستهدفة؟ وتشير الدراسات إلى أن الأنظمة التعليمية التى تعطى أولوية لجودة المعلمين فوق السعى نحو فصول صغيرة يكون أداء طلابها أفضل فى الاختبارات الدولية. *** وللأسف يتضح مما سبق التناقض فى خطط الإصلاح وضعف تصميمها، فهى لا تعنى بالجوانب التى تستحق الأولوية وتضع أهدافا طموحة لا تحدد كيفية تنفيذها أو تمويلها. والأكثر واقعية من أن نزعم أننا نتجه نحو أساليب للتعليم تعتمد على فصول صغيرة العدد، هو أن نعمل على تعزيز قدرات المعلمين على إدارة الفصول الكبيرة وتصميم استراتيجية طويلة المدى لرفع أداء المعلمين، بداية من قبولهم وإعدادهم فى كليات التربية إلى توفير ظروف عمل جيدة وأجر مناسب. ومع ذلك يجب أن يكون التخطيط المنهجى للتخلص من تعدد الفترات ولاستيعاب الكثافات الكبيرة التى ستلتحق بالتعليم فى الأعوام القادمة من أولويات التطوير، وذلك من خلال مراجعة الشروط المعقدة لبناء المدارس الحكومية نحو نماذج مبتكرة ومرنة ووضع آليات صارمة لضبط الهدر وشبهات الفساد فيما يتعلق بالأبنية التعليمية. هانية صبحي باحثة متخصصة فى مجال تطوير التعليم http://www.shorouknews.com/columns/v...5-ea2ec3b69c37
__________________
وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتَ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَـئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيراً النساء (124) |
#2
|
||||
|
||||
الإصلاح عبر التكنولوجيا سيمكننا من القفز فوق المعلم وإقصائه واستبداله بالتابلت............!!!!!!!!!!
__________________
وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتَ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَـئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيراً النساء (124) |
#3
|
||||
|
||||
مقال أكثر من رائع و يضع يده على صعوبة تحقيق خطة طموحة لتطوير التعليم دون دراسة واقعية للمشكلات الحقيقية التى يعانيها المعلمون و المتعلمون على السواء
جزاك الله خيرا و بارك الله فيك |
#4
|
|||
|
|||
جزاك الله كل خير على نقل هذه الأفكار
|
#5
|
|||
|
|||
لايوجد تطوير فى حالة تجاهل المعلم السيسي بيقول اجيب منين للمعلم اما للجيش او الشرطة او معاش الوزراء مينفعش تقل عن كدة سلملى على التطوير
|
العلامات المرجعية |
|
|