|
الأدب العربي قسم يختص بنشر ما يكتبه كبار الشعراء والأدباء قديمًا وحديثًا |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
|||
|
|||
أبي (قصيدة)
تمضي السِّنونَ على رحيلِكَ يا أبي
وجلالُ صوتِكَ لم يزلْ في مَسمعي تمضي، وجلَّلني المَشيبُ بنورِهِ وبهاءُ وجهِكَ لم يزلْ يحيا معي وأنا وأنت كأننا لم نفترقْ وكأنَّ أسبابَ اللِّقا لم تُقْطَعِ فحديثك الشاجي يعيشُ بخاطري وكمثلِ نقشٍ في الفؤاد مُوقَّعِ فلكم سألتُك أن تُنيرَ بصيرتي وتَشُدَّ أزري في الطريقِ المُزْمَعِ ولكم لجأتُ إليكَ من طولِ العَنا ولكم مسحتَ من المواجِعِ أدمُعي ولكم بثثْتُكَ ما أُلاقي من جَفاً وشكوتُ بين يديْكَ طولَ توجُّعي ♦ ♦ ♦ ♦ كنتُ الفتى، ما كنتُ أعلمُ أنني ودَّعْتُ - إذ قد غِبتَ - خيرَ موَدَّعِ؟ كم مرَّ عقدٌ مذ ْرحلتَ ولم أزلْ رغمَ العقودِ على الرحيلِ بِمُوْجَعِ ما كنتُ أحسَبُ مُذ فقدتُكَ أنني أصبحتُ وحدي في الطريقٍ المُفْزِعِ وبأنَّ قامَتَكَ المديدَةَ لم تَعُدْ شمساً تُنيرُ ظلامَ دربي المُفْظِعِ ما عاد نجمٌ في السماءِ يضيءُ لي مادام نجمُكَ يا أبي لم يَسْطَعِ كم قدْ طَلَبْتُ وقد أُطِعْتُ ولم يعُدْ ميسورُ أمري مذ رَحَلتَ بِطَيِّع هذا حديثك لم تزلْ أصداؤُه في كلِّ ما أرتادُهُ من موضِعِ ♦ ♦ ♦ ♦ أنتَ الذي علَّمتني معنى السموِّ كما النجومِ إلى المقامِ الأرفَعِ علمتَني أنَّ الكريم جبينُهُ يوماً لغيرِ إلهِهِ لم يركَعِ علمتَني أنَّ الكريمَ وإن يُضَمْ لم يحنِ هاماً للعبادِ ويخضَعِ علمتَني أنَّ الكريمَ وإن يَجُعْ فالجوعُ أكرمُ من خَسيسِ المطمَعِ علَّمتَني أنَّ الكريم أخو هدىً ما مدَّ كفًّا للحرامِ وإنْ دُعِيْ يَسْتَفُّ تُرْبَ الأرضِ لكنْ لا يُرى أبداً بموضِعِ ذِلَّةٍ وتخشُّعِ ويكادُ يفتَرِشُ العراءَ ولا يُرى يوماً على غيرِ الحلالِ بموقِعِ فشببْتُ مثلَكَ يا أبي مُتَرَفِّعاً طبعي السُمُوُّ وليس ذا بِتَطَبُّعِ ما كُنتُ أعرِفُ ما أبي؟ ما كنتُ أع رِفُ قامةَ الشيخِ الجليلِ الأروَعِ؟ حتى خَبَرْتُ الناسَ ثمَّ عَرَفْتُ كم من فاسِقٍ فيهم وكم من مُدَّعِ والناسُ مِثْلُ معادِنٍ، وعَرَفْتُ أنْ لا إصْبِعٌ في الكفِّ مِثْلُ الإصْبِعِ ♦ ♦ ♦ ♦ تمضي السِّنونَ وأنتَ طَودٌ شامِخٌ وإلى بُلوغِ ذُراكَ لم أتطلَّعِ طلعتْ نجومٌ في سمائي جمَّةٌ لكنْ كَنجْمِكَ في السَّما لم يَطْلعِ كم ألفِ ظلٍّ في حياتي مرَّ بي وبمثلِ ظِلِّكَ يا أبي لم أهْجَعِ وتَبِعْتُ طُرْقاً للرشادِ كثيرةً لكن كدرْبِكِ يا أبي لم أتبَعِ ♦ ♦ ♦ ♦ كم حاولوا أن يُشْبِعوني رحمةً لكنها لم تُرْوِني أو تُشْبِعِ مرَّت عُقودٌ ثم أرثي والدي! أوَليس هذا في الرِّثا لم يُسْمَعِ؟ لكنَّ طيفاً منكَ جاءَ يَزُورُني فرجعتُ للحِضْنِ الخصيبِ المُمْرِعِ د. وليد قصاب
__________________
|
العلامات المرجعية |
|
|