مـلـك بـلا تــاج

[Mr. Hatem Ahmed]

(-(مَــلِـــك الــغَـــابَــــــة الــغــــيــــــر مُـــتـــــــــوَّج)-)




الــــــنــــــــمـــــــــــــــر

[Mr. Hatem Ahmed]

تــمـــهــــيـــــــد

النمر هو أحد أعضاء فصيلة السنوريات ... وأصغر السنوريات الأربعة الكبرى المنتمية لجنـس النمور.

تنتشر النمور اليوم بشكل رئيسي تقريباً في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، وبعض المناطق في آسيا الجنوبية والشرقية حيث توجد منها جمهرات متجزئة في باكستان، الهند، إندوبسيا، ماليزيا، الصين، وجنوب شبه الجزيرة العربية... بعد أن كان موطنها في السابق يشمل جميع الدول الممتدة من شبه الجزيرة الكورية حتى جنوب أفريقيا، أي مناطق آسيا الشرقية، الجنوبية، الوسطى، الشرق الأوسط، تركيا، وجميع أنحاء أفريقيا.

ويعود السبب وراء تراجع أعداد النمور بشكل سريع إلى الصيد وفقدان المسكن كنتيجة للتمدن المتواتر في موائله ذات الكثافة السكانية العالية بالغالب.

يُصنَّف النمر من قبل الاتحاد العالمي للحفاظ على الطبيعة على أنه قريب من خطر الانقراض بسبب المخاطر السابق ذكرها، إلا أنه على الرغم من ذلك لا يزال أكثر عددًا من باقي أنواع السنوريات المنتمية لجنـس النمر والتي تواجه جميعها مخاطر أكبر من تلك التي تواجهها النمور.

[Mr. Hatem Ahmed]

(1) أصل تسمية النمر

يُشتق اسم "نمر" في اللغة العربية من كلمة "نمار" و"نُمر" بمعنى علامات، والحيوان الأنمر هو الحيوان المرقط أو الذي يحمل علامات على جسده ... وكانت النمور هي السنوريات الوحيدة ذات النُمر التي عرفها العرب قبل الإسلام وبالتالي قبل الفتوحات التي جعلتهم يلتقون بأنواع أخرى مرقطة ومخططة في بلاد فارس والهند وشمال أفريقيا.

يُطلق الكثير من الناس اليوم على هذه الحيوانات اسم "فهد" باللغة العربية، وذلك يعود إلى الاختلاط الذي حصل بين اللغة العربية والفارسية في العصور الوسطى وجعل العامّة يخلطون بين الببر والنمر والفهد، فكلمة "ببر" تعني في الواقع "نمر" باللغة الفارسية، أما "نمر" في العربية فهي صفة تطلق على الحيوان "الأنمر" أي ذي النُمر أو العلامات ... والعرب لم يعرفوا حيوانًا "أنمر" سوى النمر الأرقط الذي كان يعيش في جميع أنحاء شبه الجزية العربية وبلاد الشام، أما الببر فلم يعرفه العرب إلا عند فتح العراق وإيران، وعندها اقتبسوا اسمه الفارسي من سكان تلك البلاد ... وخلال العصر الذهبي للإسلام دَوَّن العلماء الفرس اسم هذه الحيوانات باللغة المحلية، وكذلك فعل العلماء العرب، فعلى الرغم من أن الببر حيوان "أنمر" أي ذو علامات على جسده، إلا أنهم استعملوا اسمه الفارسي كي لا يحصل لغط بين الحيوانين ... أما العامّة من الناس فاستمرت بإطلاق لفظ "نمر" على هذه الحيوانات للإشارة إلى هيئتها، وبهذا استمر اللغط بين الحيوانين حتى اليوم.


أسمائه: نمر، قضر، كوجر، بانثر، ليوبارد، تايجر، يجور.


بداية ظهور النمر: ظهر النمر منذ ما يقرب من 2 مليون إلى 4 ملايين سنة، أي خلال العصر الحديث القريب.

[Mr. Hatem Ahmed]

(2) صــفـــة الــنــــمــــــر

يمتلك النمر قوائم قصيرة نسبيًّا، بالإضافة لجسد طويل وجمجمة ضخمة، وهو يشابه اليجور بشكل كبير من حيث الشكل الخارجي، لكنه أصغر حجماً وأقل امتلاءًا.

فراء النمر مبقع برقط وردية الشكل تفتقد النقطة المركزية في وسطها التي تظهر عند اليجور، والبعض من النمور يولد وهو يحمل مورثة تسبب له لوناً داكناً، وهذه النمور إما تكون سوداء كليًّا أو قاتمة جدًّا، إلا أنه يبقى بالإمكان رؤية رقطها عندما تقف في ضوء الشمس، وتتشاطر كل من النمور واليجور هذه المورثة، وتُعرف الحيوانات القاتمة هذه باسم "النمورالسوداء".

يُعزى نجاح هذا النوع وانتشاره في مناطق متنوعة من العالم القديم إلى عاداته الانتهازية في الصيد ومقدرته على التأقلم مع أشكال مختلفة من المناخات والمساكن، بالإضافة لقدرته على التنقل لمسافة 58 كيلومترًا في الساعة.

تقتات النمور على أي نوع من الحيوانات التي تستطيع الإمساك بها، حيث يتراوح حجم طرائدها من حجم الخنافس إلى حُمُر الزّرد.

تتراوح المساكن المفضلة عند هذه الحيوانات من غابات الأمطار إلى المناطق الصحرواية.

[Mr. Hatem Ahmed]

(3) الوصف الخارجي للنمـر

النمر مفترس، رشيق، مختلس الحركة، وعلى الرغم من أنه أصغر حجماً من باقي الأنواع المنتمية لجنـس النمور، فإنه لا يزال قادرًا على قتـل طرائد تفوقه حجمًا بأشواط بسبب جمجمته الكبيرة التي تحوي عضلات فك قوية جدًّا ... إِذْ يُعتبر جسد النمر طويل بالنسبة لسنور، وقوائمه قصيرة مقارنة بحجم جسده، الذي يتراوح طوله مع الرأس بين 125 و 165 سنتيمترًا، بينما يتراوح طول الذيل بين 60 و 110 سنتيمتراً، ويبلغ ارتفاعه بين 45 إلى 80 سنتيمتراً.

وتكون الذكور أكبر حجماً من الإناث بحوالي 30%، حيث تزن الأولى ما بين 37 إلى 91 كيلو جرامًا، بينما يتراوح وزن الثانية بين 28 و 60 كيلو جراماً.

يُعدّ النمر متسلِّق ماهر للأشجار، كما أنه ليليّ النشاط في الغالب ... حيث يقوم بمعظم نشاطاته الحياتية أثناء الليل؛ كما أنه سبّاحاً قويًّا.

والنمر حيوان رشيق للغاية، إِذْ يستطيع أن يعدو بسرعة 58 كيلو مترًا في الساعة، وأن يقفز لبُعد 6 أمتار ولعلوّ 3 أمتار.

[Mr. Hatem Ahmed]

(4) الغذاء والصيد

النمر صياد انتهازي، فهو يقتات على أي حيوان يتراوح حجمه من حجم خنفساء الروث إلى ذكر ظبي العلند العملاق البالغ وزنه 900 كيلو جرامًا، على الرغم من أنه يُفضّل الحيوانات متوسطة الحجم.

كما أنه يقتات أيضاً على القوارض والزواحف والبرمائيات والطيور والأسماك ... وتُشكل الظباء متوسطة الحجم، من شاكلة غزال طومسون والإمبالا معظم غذاء النمور في أفريقيا، أما في آسيا فيقتات على أنواع مختلفة من الأيائل والظباء مثل الأيل المرقط، بالإضافة إلى الوعول.

إِذْ يتسلل النمر خلسةً نحو طريدته قبل أن ينقض عليها في اللحظة الأخيرة ويُجهز عليها بعضة في العنق تسبب موتها اختناقًا ... يقوم النمر غالباً بتخبئة طرائده في النباتات الكثيفة أو يحملها إلى أحد الأشجار، فهو قادر على رفع حيوانات تفوقه وزناً بثلاث مرات بهذه الطريقة!

والنمر هو السنور الكبير الوحيد الذي يحمل طرائده إلى الأشجار على العكس من الأسد.

[Mr. Hatem Ahmed]

(5) التناسل

قد يطارد النمر الذكر الأنثى التي تستقطب اهتمامه، وبحال لم يكن هذا الذكر مسيطراً فقد يدخل في نزاع مع الذكر المسيطر في حوز الأنثى ليحظى بحقه في التزواج، حتى ان الأنثى نفسها قد تقاتل الذكر قليلاً في بعض الأحيان قبل أن تسمح له بالجماع.

ويختلف موسم تزاوج النمور باختلاف المنطقة التي تقطنها، فهي تتناسل على مدار العام في أفريقيا ومعظم أنحاء آسيا، أما في منشوريا وسيبيريا فلها موسم تزاوج محدد يمتد من شهر يناير حتى فبراير.

تدوم الدورة النزوية لحوالي 46 يومًا، وتكون الأنثى متقبلة لما بين 6 و 7 أيام ... وتستمر فترة الحمل بين 90 و 105 أيام، تضع الأنثى بعدها بطناً يتراوح عدد الجراء فيه بين 2 و 4 عادةً؛ إِلاَّ أن مُعَّدل الوفيات بين الصغار مرتفع، حيث لا يعيش إجمالاً أكثر من جرو واحد أو اثنين لبُعد فترة الرضاعة.

وتفتح الصغار أعينها بعد 10 أيام من ولادتها ... يميل فِراء الجراء لأن يكون أسمك وأطول من ذاك الخاص بالنمور البالغة، كما أن أهابها أطول ولونه الرمادي قاتم أكثر من أهاب الأفراد البالغين، ورقطه أقل وضوحًا للعين.

تبدأ الجراء باللحاق بوالدتها عند ذهابها للصيد عندما تبلغ حوالي 3 أشهر ... ويصبح الجرو قادرًا على أن يدافع عن نفسه ويتولى أموره على الأرجح عندما يبلغ السنة من العمر، إلا أن جميع الصغار تبقى مع والدتها لفترة تتراوح بين 18 و 24 شهرًا ... ومما يُعرف عن النمور أنها قد تعيش لغاية 21 سنة في الأُسَر.

[Mr. Hatem Ahmed]

(6) التركيبة الاجتماعية ونطاق الحوز

إن الدراسات المتعلقة بنطاق حوز النمور، كانت ولا تزال تميل للتركيز على دراسة تلك الحيوانات القاطنة في المناطق المحمية، مما يعني أن المعلومات المستحصل عليها والمتعلقة بنطاق الحوز قد تكون مشوهة على الأكثر؛ فمنذ منتصف ثمانينات القرن العشرين، كان 13% فقط من موطن النمور الفعلي يدخل ضمن المناطق المحمية.

ومن خلال دراسة للأبحاث المقدمة للاتحاد العالمي للحفاظ على البيئة، ذكرت أن حوز النمر الذكر تتراوح مساحته بين 30 و 78 كم²، بينما تتراوح مساحة حوز الأنثى بين 15 و 16 كم² فقط.

النمر حيوان انفرادي منعزل، فالأفراد لا تختلط مع بعضها إلا في فترة التزاوج، أما خارج هذه الفترة فهي نادرًا ما تحتكّ ببعضها البعض ... وقد تمّ توثيق معارك عنيفة بين بعض النمور عند التقائها ببعضها، فقد ظهر أن اثنين من خمسة نمور تمت دراستها على مدار سنة في إحدى محميات الطرائد بجنوب أفريقيا، لاقيا حتفهما، حيث جُرح أحدهما في قتال مع ذكر أخر للسيطرة على ذبيحة؛ قبل أن يُمسك به الباحثون ويعيدوا إطلاق سراحه بعد معالجته، ليُقتـل بعد ذلك على يد ذكر آخر بعد بضعة شهور، أما النمر الثاني فقد قُتل على يد نمر آخر.

[Mr. Hatem Ahmed]

(7) الانتشار والمسكن

أظهرت دراسة من عام 1996م، أن النمر أكثر السنوريات البرية انتشاراً على سطح الكرة الأرضية، حيث أنه ينتشر بشكل أساسي في مناطق معينة في آسيا الجنوبية، ومعظم أنحاء أفريقيا، وبشكل خاص أفريقيا الشرقية والوسطى، على الرغم من أن الجمهرات غير القاطنة لجنوب الصحراء الكبرى أظهرت خلال السنين تراجعًا في أعدادها وأصبحت اليوم متجزئة ومعزولة عن بعضها البعض ... أما المعلومات عن انتشار هذا الحيوان في آسيا فهي غير موثّقة بشكل تام؛ فجمهرات جنوب شرق آسيا وآسيا الوسطى صغيرة ومتجزئة؛ والنمور الأكثر قطناً للشمال الشرقي تعتبر مُهددة بالانقراض بدرجة قصوى؛ أما في شبه القارة الهندية، جنوب شرق آسيا، والصين، فتعد مألوفة للغاية ... وتَسكُن النمور الأراضي العشبية، الأحراج، والغابات المنتشرة على طول الأنهار بشكل رئيسي.

[Mr. Hatem Ahmed]

(8) الدور البيئي

يتنافس النمر على الغذاء والحوز مع عدد كبير من الضواري الأخرى من شاكلة الأسود، الضباع المرقطة، والكلاب البرية، بسبب انتشارها في عدد من الدول ذات المساكن المختلفة التي تقطنها ضواري متنوعة ... وتقوم معظم هذه الضواري بسرقة ذبائح النمور وافتراس صغارها.

وقد تأقلمت النمور على العيش جنباً إلى جنب مع هذه الضواري عن طريق خروجها للصيد في أوقات مختلفة من النهار وتفاديها للمناطق التي تزورها أقاربها الأكبر حجمًا أو المفترسات الأخرى التي تعيش في جماعات.

تُخبئ النمور صغارها وطريدتها في الأشجار غالبًا لتمنع وصول الضواري الأخرى إليها، إلا أن هذه الطريقة لا تنجح دوماً، إذْ أن الأسود تتسلق الأشجار أحياناً وتسلب النمور طرائدها.

[Mr. Hatem Ahmed]

(9) السياحة

يُعدّ النمر أحد أكثر الحيوانات التي تصعب رؤيتها في البرية، على الرغم من حجمه الذي يجعله واضحا للعيان، وذلك بسبب فرائه المرقَّط الذي يدمجه مع بيئته الجافة، وبسبب نشاطه بالليل وعاداته بتسلق الأشجار حيث يخفيه فرائه عن العيون.

تُعتبر محمية طرائد سابي ساند الخاصة للطرائد في جنوب أفريقيا أفضل موقع لرؤية النمور في البرية، حيث تُعدّ هذه السنوريات معتادة على سيارات السفاري ويمكن رؤيتها بشكل يومي على مسافة قريبة جدًّا.

وفي آسيا يُعتبر منتزه "يالا" الوطني في سـريلانكا أفضل مكان لرؤية هذه الحيوانات، إلا أنه حتى في هذا المكان لا يُعدّ مضمون الالتقاء بأي نمر، لأن أكثر من نصف المنتزه مغلق أمام العامّة، مما يسمح للنمور بأن تزدهر وتزداد أعدادها ... ومن المواقع الأخرى المعروفة بنمورها، منتزه "ويلباتو" الذي أُعيد افتتاحه مؤخرًا، في سـريلانكا أيضًا.

تنتشر النمور بشكل واسع في الهند، مما يؤدي إلى عدد من النزاعات مع البشر، ومن المنتزهات الوطنية التي يمكن رؤية النمور فيها بالهند، منتزهات "ماديا" و "براديش" و "أوتاراخند".

[Mr. Hatem Ahmed]

(10) النمور آكلة الإنسان

على الرغم من أن النمور كانت مفترسة لرئيسيات منتصبة قريبة للإنسان العاقل، من شاكلة القرد الجنوبي والإنسان الماهر، فإنها تتجنَّب البشر أغلب الأحيان، إلا أنه يحصل أن تستهدفهم أحيانًا أخرى.

وتُفضِّل معظم النمور السليمة الطرائد البرية على البشر، إلا أن النمور كبيرة السِّن، المريضة أو المصابة، أو تلك التي تعاني من نقص في مخزون طرائدها، تبدأ باستهداف الإنسان والنظر إليه كطريدة، وقد يعتاد البعض منها على هذا الأمر مما يحولها إلى مصدر خطر كبير.

ومن أشهر حالات النمور مفترسة الإنسان، حالتين وقعت كلتاهما في الهند:

- الأولى: كانت حادثة "نمر رودرابراياج"الذي قتـل ما يزيد عن 125 شخصًا على الأرجح!

- والثانية: هي حادثة "نمر بانار" الذي قتـل ما يزيد عن 400 شخص بعدما أصابه الصيّاد البريطاني "جيم كوربت" برصاصة جعلته غير قادر على صيد الطرائد الطبيعية.

تُعتبر النمور آكلة الإنسان جريئة بالمقارنة مع السنوريات الطبيعية وحتى آكلة الإنسان الأخرى، حيث أنها تدخل المستوطنات البشرية بحثًا عن طريدة بشكل متواتر أكثر مما تفعله الأسود والببور آكلة البشر.

[Mr. Hatem Ahmed]

(11) نظرة البشر إلى النمر

ينظر البشر إلى النمور بطرق مختلفة عبر أنحاء موطنها الشاسع، فهي تارة تعتبر رمزًا للأناقة والنُّبْل والقوة، وتارة رمزٌ للخطيئة والشَّر!

فالنمور هي شعار المحاربين والملوك في عدّة حضارات، بسبب ما تظهره من قوة وشجاعة ودهاء أمام طرائد تفوقها حجمًا وأعداء أقوى منها بِنية، ومن أبرز الأمثلة على الدول التي لا تزال تنظر للنمر على أنه رمز مُهم: دولة بنين، حيث يُعتبر فراء هذه الحيوانات شعار أو علامة زعيم القبيلة.

وما زال اسم النمر مرتبطًا بالحروب حتى المرحلة المعاصرة، حيث أُعطي كاسم لنوعين من الدبابات الألمانية: ليوبارد1، وليوبارد، ونوع من الدبابات الإسبانية تُسمَّ "ليوبارد2 إي".

*********

[Mr. Hatem Ahmed]

الــــمــــــــصــــــــــادر

- النمر الإفريقي.

- الأسُود والنمور.

- البيئة والتنمية.

- موسوعة الطبيعة الميسرة.

- صيانة ضواري ونمور أفريقيا.

[nooor202]

شكررررررررا