|
محمد ﷺ نبينا .. للخير ينادينا سيرة سيد البشر بكل لغات العالم |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
موسوعة الأحاديث الصحيحة
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الْأَوَّلُ الْآخِرُ، الظَّاهِرُ الْبَاطِنُ، الْقَادِرُ الْقَاهِرُ، شُكْرًا عَلَى تَفَضُّلِهِ وَهِدَايَتِهِ، وَفَزَعًا إِلَى تَوْفِيقِهِ وَكِفَايَتِهِ، ووَسِيلَةً إِلَى حِفْظِهِ وَرِعَايَتِهِ، وَرَغْبَةً فِي الْمَزِيدِ مِنْ كَرِيمِ آلَائِهِ وَجَمِيلِ بَلَائِهِ، وَحَمْدًا عَلَى نِعَمِهِ الَّتِي عَظُمَ خَطَرُهَا عَنِ الْجَزَاءِ وَجَلَّ عَدَدُهَا عَنِ الْإِحْصَاءِ، وَصَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَى مُحَمَّدٍ خَاتَمِ الْأَنْبِيَاءِ والمُرسَلِين وَعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ أَجْمَعِين،،، وبـعـــــد. فَإِنّ عِلْم الحَدِيث مِن أَهم العُلُوم الإِسْلاَمية بَعد القُرآن الكَريم، فَهُو المَصدر الثَانِي مِن مَصَادِر التَّشريع التِي تَلْزم الإِنسان فِي هِذه الحَيَاة، حَتّى يَسير عَلَى هَديها ويَنعم بِنَعِيمها يَوم القِيَامة، وسَعَادتها عِند لِقَاء الحَقّ جَلّ وعَلاَ، ومِن هُنَا كَان لاَ بُدَّ لِلإنسان العَاقِل أَن يَبحث عَن ذَاك الهَدي ويَتَمَسّك بِهِ أَشد التَّمَسُّك. فَرَأَيتُ أَنْ أَجْمَعَ مُخْتَصَراً منَ الأَحاديثِ الصَّحيحَةِ, مشْتَمِلاً عَلَى مَا يكُونُ طريقاً لِصَاحبهِ إِلى الآخِرَةِ, ومُحَصِّلاً لآدَابِهِ الظَاهِرَة والبَاطِنَة. واللهَ أَسْأَلُ أَنْ يَجعل هَذَا العَمَل خَالِصاً لِوَجهه الكَريم وأَن يَتَقبّله بِمَنِّه وكَرَمِهِ، وأَن يَنفَعَنا بِه وإِيّاكم وسَائِر المُسلِمين، وصَلَّى اللهُ وسَلَّم وبَارَك عَلَى سَيِّدِنا مُحَمِّد وعَلَى آلِه وصَحبِه أَجمعين، وآخِر دَعوَانا أَن الحَمد لله رَبِّ العَالَمِين. كتبه/ حاتم أحمد محمد
__________________
|
#2
|
||||
|
||||
(1) عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لدُنْيَا يُصِيبُهَا، أَوِ امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ». أولاً: تَخْرِيْجُ الحَدِيْثِ: هَذَا حَدِيْثٌ صَحِيْحٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ وعَظِيمِ مَوْقِعِهِ وجَلاَلَتِهِ وكَثْرَةِ فَوَائِدِهِ؛ رَوَاهُ البُخَارِيُّ (1/ 1، 54) ومُسلِم (3/ 1907) وأبو دَاوُد (2/ 2201) والتِّرمِذي (4/ 1647) والنَّسَائِي (1/ 75) وابن مَاجة (2/ 4227) وأَحمد (1/ 168) والطَّيَالِسي في "المسند" (1/ 37) والحُمَيديّ (1/ 28) والبَزَّار (1/ 257) وابن خُزَيمَة (1/ 142) وابن حِبَّان (2/ 389) والدَّارقُطنِيّ في "السُنَن" (1/ 131) والقُضَاعِيّ في "مسند الشِّهاب" (1/ 2) والبَيْهَقيّ في "السُنَن الكبرى" (4/ 7370) وابن الجَارُود في "المنتقى" (1/ 64). ثانيـاً: التَّعرِيف بِرَاوِي الحَدِيث: هُـــوَ: أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بْنِ نُفَيْلِ بْنِ عَبْدِ العُزَّى بْنِ رِيَاحٍ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُرْطِ بْنِ رَزَاحٍ بْنِ عَدِيّ بْنِ كَعْبٍ القُرَشِيُّ العَدَوِيُّ المَكِّيُّ ثم المَدَنِيُّ؛ أَمِير المؤمنين، يَجْتَمِعُ نَسَبُهُ مَعَ نَسَبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ. أَسْلَمَ بِمَكَّةَ قَدِيمًا، وشَهِدَ بَدراً والمَشَاهِدَ كُلَّهَا، وَلِيَ الخِلَافَةَ بَعْدَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ يَوْمَ الثلاثاءِ لِثَمَانٍ بَقين مِن جُمَادَى الآخِرَة سَنَة ثَلاث عَشرة، فكان مدتها عشر سنين وخمسة أشهر وبضعة أيام، فَسَار أَحسن سِيرَة، وفَتَح اللهُ لَه الفُتُوح بالشام والعِراق ومِصر، ودَوَّن الدَّوَاوين، وأَرَّخَ التَّاريخ، وهو أَوَّل مَن سُمِّي بأمير المؤمنين، وأَوَّل مَن جَمَع القرآن الكريم في الصُّحُف، وأَوَّل مَن سَنَّ قِيام شَهر رَمَضان وجَمَع النّاس على ذلك وكتب به إلى البُلدان. واسْتُشهِدَ في يوم الأربعاء لِأَربع بقين مِن ذِي الحِجَّة سَنَةَ ثَلَاثٍ وعِشْرِينَ مِنْ الهِجْرَةِ (26/ ذو الحجة/ 23 هـ)، وَلَهُ ثَلاَثٌ وسِتُّونَ سَنَةً (63)، فِي سِنِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وسِنِّ أَبِي بَكْرٍ؛ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا. ثالثـاً: شَرْح الحَدِيث:
- (إِنَّمَا): كلمة تُرَاد الحَصْر، تُثبِت الْمُشَار إِلَيْهِ وتنفي مَا عَدَاه. - (الأعمال): تتناول جميع الأقوال والأفعال. - (بالنيات): (الباء): للمصاحبة، أيْ: الأعمال معتبرة بمصاحبة النيات. - و(النيات): جمع نِيَّة، وهي: القَصْد وعَزم القَلب على أَمر من الأمور، ومحلها القلب، ولا تعلق لها باللسان أصلاً، ولذلك لم ينقل عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا عن أحد من أصحابه، تلفظ بها في حال من الأحوال. - (إنما الأعمال بالنيات): أي صحة ما يقع من المكلف من قول أو فعل أو كماله وترتيب الثواب عليه لا يكون إلا حسب ما ينويه. - (ولكل امرء ما نوى): أي ما قصده من الخير والشر والإخلاص والرياء والسمعة ونحوها من مقاصد الدنيا والآخرة. - (هجرته): الهِجرة في اللغة: الخروج من أرض إلى أرض ومفارقة الوطن والأهل، مشتقة من الهجر وهو ضد الوصل ... والهِجرة شَرعـاً: هي مفارقة دار الكفر إلى دار الإسلام خوف الفتنة وقصداً لإقامة شعائر الدين. والمراد بها هنا: الخروج من مكة وغيرها إلى مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم. - (يصيبها): يحصلها. - (ينكحها) يتزوجها. - (فهجرته إلى ما هاجر إليه): يُرِيد أَن نَصيبه مِن هِجرته مَا قَصده من دُنْيَاهُ دون مَا لم يَقْصِدهُ مِن آخِرته. فـائــدة: سَبَبُ وُرُودِ هَذَا الحَدِيْثِ: أَنَّ رَجُلاً هَاجَرَ مِنْ مَكَّةَ إِلَى المَدِيْنَةِ لِيَتَزَوَّج اِمْرَأَةً يُقَالُ لَهَا: أُمُّ قَيْسٍ، لاَ يُرِيْدُ بِذَلِكَ فَضِيْلَةَ الهِجْرَةِ، فَكَانَ يُقَالُ لَهُ: مُهَاجِرُ أُمِّ قَيْسٍ؛ واللهُ أَعلَمُ. -- أَقْوَالُ الأَئِمَّةِ العُلَمَاءِ عَنْ مَكَانَةِ هَذَا الحَدِيْثِ: - قَالَ الإِمَامُ الشَّافِعِيُّ: "يدْخُل هَذَا الحَدِيث فِي سَبعِين بَاباً من الفِقْهِ". - وقال الإِمَامُ أَحمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: "أُصُول الإِسْلَامِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَحَادِيثٍ: «الأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ»، وَ «الحَلَال بَيِّنٌ، وَالحَرَام بَيِّنٌ»، وَ «مَنْ أَحَدَثَ فِي أَمِرنَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ». - وقال الإمام إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْه: أَرْبَعَةُ أَحَادِيث هِي مِن أُصُولِ الدِّين: حَدِيثُ عُمَرَ: «إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ»، وَحَدِيث: «الحَلَالُ بَيِّنٌ وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ»، وَحَدِيث «إِنَّ خَلْقَ أَحَدِكُمْ يُجْمَعُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ»، وَحَدِيث: «مَنْ صَنَعَ فِي أَمْرِنَا شَيْئًا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ». - وقال الإمام عَبْد الرَّحْمَن بْن مَهْدِيّ: "يَنْبَغِي لِمَن صَنَّف كِتاباً أَن يَبْتَدِئ بِهَذَا الحَدِيث". - وقال الإمام أَبُو عُبَيْدٍ بْن سَلاًّمٍ: جَمَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمِيعَ أَمْرِ الْآخِرَةِ فِي كَلِمَةٍ: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ»، وَجَمَعَ أَمْرَ الدُّنْيَا كُلَّهُ فِي كَلِمَةٍ: «إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ»؛ يَدْخُلَانِ فِي كُلِّ بَابٍ. - وقال الإمام أَبُو دَاود السِّجِستَانِيّ:"كتبتُ المسند فكتبت أربعة آلاف حديث، ثم نظرت فإذا مدار الأربعة آلاف على أربعة أحاديث لِمَنْ وفقه اللهُ -جَلَّ ثَنَاءه- فأولها: حديث النعمان بن بشير الحلال بين والحرام بين، وثانيها: حديث عمر الأعمال بالنيات، وثالثها: حديث أبي هريرة إن الله طيب لا يقبل إلاّ الطيب، ورابعها: حديث أبي هريرة أيضاً من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه". - وقال جَماعة مِن العُلَمـاء: "هَذَا الحَدِيث ثُلُثُ الإِسْلاَم".
__________________
آخر تعديل بواسطة Mr. Hatem Ahmed ، 20-09-2016 الساعة 04:15 AM |
#3
|
||||
|
||||
(2) عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: بَيْنَا أَنَا رَدِيفُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ إِلَّا أَخِرَةُ الرَّحْلِ، فَقَالَ: «يَا مُعَاذُ بْنَ جَبَلٍ»، قُلْتُ: لَبَّيْكَ رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ، ثُمَّ سَارَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ: «يَا مُعَاذُ»، قُلْتُ: لَبَّيْكَ رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ، ثُمَّ سَارَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ: «يَا مُعَاذُ»، قُلْتُ: لَبَّيْكَ رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ، قَالَ: «هَلْ تَدْرِي مَا حَقُّ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ؟!»، قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: «حَقُّ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ أَنْ يَعْبُدُوهُ، وَلاَ يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا». ثُمَّ سَارَ سَاعَةً، ثُمَّ قَالَ: «يَا مُعَاذُ بْنَ جَبَلٍ» قُلْتُ: لَبَّيْكَ رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ، فَقَالَ: «هَلْ تَدْرِي مَا حَقُّ العِبَادِ عَلَى اللَّهِ إِذَا فَعَلُوهُ؟!» قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: «حَقُّ العِبَادِ عَلَى اللَّهِ أَنْ لاَ يُعَذِّبَهُمْ». أولاً: تخريج الحديث: رواه البخاري (7/ 5967) ومسلم (1/ 30) وابن ماجة (2/ 4296) والنسائي في "الكُبرى" (9/ 9943) وأحمد (12/ 13742) وأبو داود الطياليسي في "المسند" (1/ 566) وأبو يعلى الموصلي في "المسند" (7/ 4239) والبزار في "البحر الزخار" (7/ 2627)، والطبراني في "المعجم الكبير" (20/ 81) وفي "المعجم الأوسط" (8/ 8165)، وابن حبان (2/ 362) وأبو سعيد الشاشي في "المُسند" (3/ 1328) وابن مَنده في "الإيمان" (1/ 92). ثانياً: رَاوي الحَدِيث، هُـــوَ: مُعَاذُ بنُ جَبَلِ بنِ عَمْرِو بنِ أَوْسٍ الأَنْصَارِيُّ بْنِ عَائِذِ بنِ عَدِيِّ بنِ كَعْبِ بنِ عَمْرِو بنِ أُدَيِّ بنِ سَعْدِ بنِ عَلِيِّ بنِ أَسَدِ بنِ سَارِدَةَ بنِ يَزِيْدَ بنِ جُشَمَ بنِ الخَزْرَجِ، السَّيِّدُ، الإِمَامُ، المُقَدّم فِي عِلم الحَلاَل والحَرَام، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَنْصَارِيُّ، الخَزْرَجِيُّ، المَدَنِيُّ. أسلم وهو ابن ثماني عشرة سنة، وآخَى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بينه وبين عَبد الله بْن مَسْعُود، شَهِدَ مُعَاذٌ بَدراً والعَقَبَةَ شَابّاً، وشَهِدَ المَشَاهِد كلها مَع رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، وأَمَّرَهُ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم على اليَمَن، وكان إليه المُنْتَهَى في العِلْم بالأَحكام والقُرآن، مَات بالشَّام سَنَة ثَمان عَشَرة (18 هـ)؛ رَضِي اللهُ عنه. ثالثاً:شَرحُ الحَدِيثِ: - (بينا): أَصله: بَين، فزيدت فِيهِ الْألف، وَرُبمَا تزاد الْمِيم أَيْضا، وَهُوَ مُضَاف إِلَى جُملَة وَيحْتَاج إِلَى جَوَاب. - (رَديف): الرَّديف هو: الرَّاكب خلف الرَّاكب (الذي يقود الدَّابة). والمُرَاد بِهِ الْمُبَالغَة فِي شدَّة قُرب مُعاذ مِن النَّبي صلى الله عليه وسلم، ليَكُون أوقع فِي نفس السَّامِع، فيضبط. - (مؤخرة): هي العودة الَّتِي يسْتَند إِلَيْهَا الرَّاكِب من خَلفه. - (الرَّحل) لِلبَعير: كَالسرج لِلفَرَس. - (لبيك رسول الله وسعديك): الأظهر أن معنى لبيك، إجابة لك بعد إجابة، للتأكيد، وقيل معناه قُرباً منك وطاعة لك. - (سَعديك): أي ساعدت طاعتك مساعدة بعد مساعدة. - (يَا معَاذ): كَرَّر النداء لِتَأكيد الإهتمام بِمَا يُخبر بِهِ. - (أتدري): الدِّراية هي المَعرفة، وأخرج السؤال بصيغة الاستفهام ليكون أَوقع في النَّفس وأَبلغ في فَهم المُتعلِم. - (حَقُّ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ أَنْ يَعْبُدُوهُ، وَلاَ يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا): الْحق هو: الشَّيْء الثَّابِت الذي لا يشكّ في وجوده، وَيَأْتِي بِمَعْنى: خِلاف الْبَاطِل؛ والمراد بِه هنا: ما يستحقه الله سبحانه عَلَى عِبَاده مِمّا جعله مُحَتّماً عليهم. - والمراد بالعبادة: عمل الطاعة واجتناب المعاصي، وعَطَف عليها عَدم الشِّرك لأنه تَمَام التَّوحيد، والحِكمة فِي عَطفه عَلَى العِبَادة أَنَّ بعض الكَفرة كانوا يدعون أنهم يعبدون الله ولكنهم كانوا يعبدون آلهة أخرى فاشترط نفي ذلك، والجملة حالية، والتقدير: يعبدونه في حال عدم الإشراك به. -- هذه كلمة جامعة مِن رَسولنا العظيم صلى الله عليه وسلم، لم تترك مِن الدّين صَغيرة ولا كَبيرة. فعبادة الله عَزّ وَجَلّ هِي الخضوع له والتذلل، وذلك بطاعته فيما أَمر ونَهي، فنؤمن برسوله ونُصدّق بكتابه، ونُقيم الصلاة ونُؤتي الزكاة، ونُهذب نفوسنا ونُصح أجسامنا بالصيام، ونَحج البيت الحرام ما استطعنا إلى ذلك سبيلاً، ونحسن عِشرة الناس، ونَصْدُق في معاملتهم، ونخالقهم بِخُلُق حَسَن، ونقف عند ما شَرَع الله سبحانه، لا نتعدّى حدوده، ونجانب كل ما نَهَى عنه من الخبائث مِمّا هو اِعتداء على النَّفس أو المال أو العِرض أو إضرار بالخَلْق. وأَساس ذلك عِلمٌ بكتاب الله جَلّ وعَلاَ، وبما احتواه، وهذا بتلاوته وتدبره ودراسته وتفهمه. وأما توحيده وعدم الإشراك به: فَأَنْ نَعتَقِد أَنّ الله سبحانه وتعالى وحده صاحب الخَلق والأَمر، وأَنّ مَن دُونه لا يَملك ضَراً ولا نَفعاً إلا ما شاء الله، سواء أكان مَلَكاً مُقرباً؛ أو نَبياً مُرسلاً، أو وَلياً عَابداً؛ ومِن تَوحيده أن تكون الأعمال خالصة لِوَجِهِه الكريم؛ لاَ يَشُوبها خِدَاع ولاَ رِيَاء ولا تَدليس ونِفَاق، وألاَّ نَدعوا معه غيره، أو نُقَدِّم إليه القرابين أو نسوق النذور، أو نتخذه وسيلة إليه، فإن كل ذلك شِرك ينافي مَقام التَّوحيد. - (حق العباد على الله): ليس لأحد على الله حَقٌّ، لَكِن مَا وَعَدَهم به؛ وكَتَبه لَهم عَلَى نَفسِهِ بَفَضلِه ومَنِّهِ وجُوده وكَرَمِه سبحانه وتعالى؛ إذا هم عَبَدوه حَقّ عِبَادته وأخلصوا له الدّين، وأسلموا الوجوه، وعمّروا القلوب بتوحيده، وطهروها من دَنَس الإِشراك. - (أَلاَّ يُعذبهم): وكيف يُعَذّب مَن عَكَف عَلى طَاعته، وكان عَبده السَّميع، تَقرع أُذُنه آي الوَحْي فإذا به قد مَثَّلَها في عَمَله، وأَظهرها في خَلْقه، ويَسمع هَدي الرّسول صلى الله عليه وسلم، فإذا به قد اتخذه إماماً وقدوةً وهادياً وأسوةً؛ كيف يعذب ذا النفس العالية الطاهرة النقية، التي لا يُرى فيها إلا بَيَاض التَّوحيد ونُوره، ليس بها نُكتة مِن دَنس أو شِرك، بَلْ كيف لا يسبغ نِعمته، ويدخل جنته عباده المقربين، وجنده المخلصين، وهو البّر الرحيم؛ وأكرم الأكرمين، قَالَ الله تعالى: {وَأَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى، فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى}. سورة النازعات/ آية: 40
__________________
آخر تعديل بواسطة Mr. Hatem Ahmed ، 25-09-2016 الساعة 12:40 AM |
#4
|
||||
|
||||
(3) عَنْ عُبَادَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَنْ شَهِدَ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنَّ عِيسَى عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ، وَالجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، أَدْخَلَهُ اللَّهُ الجَنَّةَ عَلَى مَا كَانَ مِنَ العَمَلِ». أولاً: تخريج الحديث: رَوَاهُ البخاري (4/ 3435) ومسلم (1/ 28) والنسائي في "الكُبرى" (9/ 10903) وأحمد (37/ 22675) وابن حِبَّان "1/ 207" والبَزَّار في "المُسند" (7/ 2682) وأبو سعيد الشَّاشِي في "المُسند" (3/ 1218) والطبراني في "مُسند الشاميين" (1/ 555) وابن مَنده في "الإيمان" (1/ 44) والبَيْهَقي في "الدعوات الكبير" (1/ 153) وأبو بكر بن المُقرئ في "المُعجم" (1/ 764). ثانياً: رَاوي الحَدِيث، هُـــوَ: عُبَادَةُ بنُ الصَّامِتِ بنِ قَيْسِ بنِ أَصْرَمَ ابْنِ قَيْسِ بنِ أَصْرَمَ بنِ فِهْرِ بنِ ثَعْلَبَةَ بنِ غَنْمِ بنِ عَوْفِ بنِ عَمْرِو بنِ عَوْفِ بنِ الخَزْرَجِ. الإِمَامُ، القُدْوَةُ، أَبُو الوَلِيْدِ الخَزْرَجِيُّ الأَنْصَارِيُّ، أَحَدُ النُّقَبَاءِ لَيْلَةَ العَقَبَةِ الأُولَى والثَّانِيَة، وَمِنْ أَعْيَانِ البَدْرِيِّيْنَ، شَهِدَ المَشَاهِدَ كُلَّهَا مَعَ رَسَوَلِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم، وشَهِدَ فَتْح مِصر، وهُو أَوَّل مَنْ وَلِيَ القَضَاء بِفَلَسْطِين، بَعَثَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِلَى الشَّامِ لِيُعَلِّمَ النَّاسَ الْقُرْآنَ والأَحكَام، فَسَكَنَها إِلَى أَنْ تُوفِيّ بِبَيْتَ المَقْدِسِ بِفَلَسْطِين سَنَة خَمس وأَربَعين (45 هـ) وَلَهُ اِثنَتَان وسَبْعون سَنَة، رضي الله عنه. ثالثاً: شرح الحديث: - (مَنْ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ): حَـالٌ، أَيْ يَنْفَرِدُ مُنْفَرِدًا. - (لَا شَرِيكَ لَهُ): تَأْكِيدٌ بَعْدَ تَأْكِيدٍ. - (وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ): الْأَجَـلُّ. - (وَرَسُولُهُ): الْأَكْمَـلُ. - (وَأَنَّ عِيسَى عَبْدُ اللَّهِ): لَمْ يُضْمِرْ، لِيَكُونَ أَصْرَحَ فِي الْمَقْصُودِ، وَهُوَ تَعْرِيضٌ بِالنَّصَارَى وَتَقْرِيرٌ لِعَبْدِيَّتِهِ وَإِشْعَارٌ إِلَى إِبْطَالِ مَا يَقُولُونَ بِهِ مِنِ اتِّخَاذِهِ وَلَداً ومِن اتِّخَاذِ أُمِّهِ (عليها السلام) صَاحِبَةً. - (وَرَسُولُهُ): تَعْرِيضٌ بِالْيَهُودِ. - (وَابْنُ أَمَتِهِ): الْإِضَافَةُ فِي أَمَتِهِ لِلتَّشْرِيفِ، رَدًّا عَلَى الْيَهُودِ فِي الْقَذْفِ. - (وَكَلِمَتُهُ): سُمِّيَ عِيسَى صَلَّى اللهُ عَلَيْه وَسَلَّم، بِالْكَلِمَةِ لِأَنَّهُ حُجَّةُ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ، أَبْدَعَهُ مِنْ غَيْرِ أَبٍّ، وَأَنْطَقَهُ فِي غَيْرِ أَوَانِهِ، فَالْإِضَافَةُ لِلتَّشْرِيف. - (أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ): اِسْتِئْنَافُ بَيَان، أَيْ أَوْصَلَهَا اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهَا، وَحَصَّلَهَا فِيهَا. - (وَرُوحٌ مِنْهُ): أَيْ مُبْتَدَأٌ مِنْ مَحْضِ إِرَادَتِهِ. - وَوَصَفَهُ بِقَوْلِهِ: (مِنْهُ): إِشَارَةً إِلَى أَنَّهُ مُقَرَّبُهُ وَحَبِيبُهُ، تَعْرِيضًا بِالْيَهُودِ. - (وَالْجَنَّة وَالنَّار حَقٌّ): أَيْ وَشَهِدَ أَنَّهُمَا (حَق) أَيْ ثَابِتَان مَوْجُودَان، وَأَفَرَد الخَبَر مَعَ تَثنِية المُخْبَر عَنه لأَنَّه مَصدَر. - (أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ): ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً، وَالْجُمْلَةُ جَوَابُ الشَّرْطِ أَوْ خَبَرُ الْمُبْتَدَأِ. - (عَلَى مَا كَانَ): حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ الْمَفْعُولِ مِنْ قَوْلِهِ: أَدْخَلَهُ اللَّهُ، أَيْ كَائِنًا عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ مَوْصُوفًا بِهِ، أَيْ يَكُون دُخُوله الجَنَّة عَلَى حَسَب مَا قَدَّم مِن أَعمَال فِي الدُّنيا، فَإِنْ لَم تَكن لَهُ ذُنُوب يُعَاقَب عَلَيها بِالنَّار، كَانَ مِن السَّابِقين، وإِنْ كَانَت لَهُ ذُنُوب فَأَمْرُه إِلَى الله تَعَالَى، إِنْ شَاء عَفَا عَنْه وإِنْ شَاء عَاقَبه، ثُمَّ كَانَت نِهَايْتُه إَلَى الجَنَّة بِفَضلِ الله عَزّ وجَلّ. - (مِنَ الْعَمَلِ): حَسَنًا أَوْ شَيْئًا قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا، صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا. - فَائِدَة: سِرّ الجَمع بين (محمد وعيسى) عليهما الصلاة والسلام ووصفهما بكونهما عَبْدَي الله ورَسُولَيْه بَيَان أَنّ عَقيدة الإسلام في حق عيسى صلى الله عليه وسلم أنه (عبد الله ورسوله) فَلاَ يُغْلَى فِيه مِن جَانب، ولا يُقَصر فِي حَقّه مِن جَانِب آخَر، وبَيَان أَنَّ الوَاجِب فِي حَقّ محمد صلى الله عليه وسلم وَصفه بِأَنَّهُ (عبد الله) عَدَم الإِفرَاط والتَّفرِيط، وَوَصْفه بِأَنه (رَسُول الله) يَقتضِي تَصدِيقه فِي جَميع مَا يُخبر بِه مِن أَخبار فِي المَاضي وفي المُستقبل وفِي مَا هُو مَوجود غَير مُشاهَد لَنَا، ويَقتضِي طَاعته بِامْتِثَال أَمره واِجتناب نَهيه، وتَقديم مَحَبّته صلى الله عليه وسلم على النفس والوالد والولد والناس أجمعين، وأَنْ لاَ يُعبَد الله عَزّ وجَلَّ إِلاَّ عَلَى وَفْق مَا جَاء عَنه صَلَوات الله وسَلاَمه عَليه، هَذِهِ هِي عَقيدة المسلمين في (محمد وعيسى) صَلَّى اللهُ عَلَيْهِما وسَلَّم، وَسَط بين طَرَفي الإِفرَاط والتَّفريط.
__________________
|
#5
|
||||
|
||||
(4) وعَن عِتْبَانَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَى النَّارِ مَنْ قَالَ: لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، يَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ».
أولاً: تَخريج الحديث: رواه البخاري (7/ 5401) واللفظ له، ومسلم (1/ 33) والنسائي في "السُّنَن الكُبرى" (10/ 11430) وأحمد (27/ 16481) وعَبد الله بن المُبَارَك في "المُسند" (1/ 43) وعَبد الرَّزاق الصَنْعَانِيّ في "المُصَنَّف" (1/ 1929) وأبو دَاود الطَّيَالِسِيّ في "المسند" (2/ 1337) وأبو بكر بن أبي شَيبة في "المسند" (2/ 567) وأَبُو يَعلَى المَوصليّ في "المسند" (3/ 1505) وابن خُزَيمة في "الصحيح" (3/ 1653) وابن حِبَّان في "الصحيح" (1/ 223) والطَبَرانيّ في "المعجم الكبير" (18/ 43) وفي "المعجم الأوسط" (2/ 1495)، والرُّويَاني في "المسند" (2/ 1375). ثانياً: التَّعرِيف بِرَاوِي الحَدِيث: هُـــوَ: عِتْبَانُ بْنُ مَالِكِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَجْلَانِ بْنِ زَيْدِ بْنِ غَنْمِ بْنِ سَالِمِ بْنِ عَوْفٍ بْن الخزرج الأَنْصَارِيّ السَّالِمِيّ الخَزْرَجِيّ. شَهِدَ بَدْرًا، وكَانَ ضَعِيفَ البَصَر ثُمَّ عُمِيَ بَعد، وَكَانَ إِمَامَ قَوْمِهِ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَاتَ بِالمَدِينَة المُنَوَّرَة فِي خِلاَفَة مُعَاوِيَة. رَضْيَ اللهُ عَنْه ثالثاً: شَرح الحَدِيث: - (إِنَّ): حَرف تَوْكِيد ونَصْب. - (لَا): حَرف نَفْي. - (إِلَّا): حَرف اِسْتِثْنَاء. - (لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ): لاَ مَعبُود حَق إِلاَّ الله تَعَالَى. اِعلَم أَنَّ هَذِهِ الكَلِمَة العَظِيمَة هِي الفَارِقَة بَيْن الكُفْر والإِسْلاَم، وهِي كَلِمَة التَّقْوَى، وهِيَ العُروَة الوُثْقَى، لَهَـا رُكْـنَــان: فالرُّكْن الأول: النَّفْي، يَعنِي: نَفْي الإِلَهِيّة عَمَّا سِوَى الله تَعَالَى مِن سَائِر المَخْلُوقَات. والرُّكْن الثَّانِي: الإِثْبَات،وَالْمرَاد بِـهِ: إِثْبَات الإلهية لله سُبْحَانَهُ، فَهُوَ الْإِلَه الْحَق، وَمَا سِوَاهُ مِن الْآلهَة الَّتِي اِتَّخَذَهَا الْمُشْركُونَ فَكُلّهَا بَاطِلَة. - (يَبْتَغِي): يُرِيد، مُخْلِصاً بِهَا قَلْبُهُ. فَمعلوم أن الذي يقول هذا طالباً وجه الله، فسيفعل كل شيء يقربه إلى الله، من فروض ونوافل، فلا يكون في هذا دليل للكسالى والمهملين؛ يقولون: نحن نقول لا إله إلا الله نبتغي بذلك وجه الله. نقول: لو كنتم صادقين ما أهملتم العبادات الواجبة عليكم، لأن العَبدَ إذا قال لاَ إِلَه إِلاَّ الله، مُخْلِصاً بِهَا قَلْبُهُ؛ فإنه سيقوم بمقتضاها، ويعمل بما تقتضيه هذه الكلمة العظيمة، من أداء الواجب، وترك المحرم. فالإنسان إذا أدى الواجب وترك المحرم؛ أحل الحلال، وحرم الحرام، وقام بالفرائض، واجتنب النواهي، فيكون جَزَاؤُه الجنة، ويحرم الله عليه النار. وَاعْلَم أَنَّ مَذْهَب أَهْل السُّنَّة وَمَا عَلَيْهِ أَهْلُ الْحَقِّ مِنَ السَّلَف وَالْخَلَف أَنَّ مَنْ مَاتَ مُوَحِّدًا دَخَلَ الْجَنَّةَ قَطْعًا عَلَى كُلِّ حَالٍ، فَإِنْ كَانَ سَالِمًا مِنَ الْمَعَاصِي كَالصَّغِير وَالْمَجْنُون وَالَّذِي اتَّصَلَ جُنُونُهُ بِالْبُلُوغ وَالتَّائِبِ تَوْبَةً صَحِيحَةً مِنَ الشِّرْكِ أَوْ غَيْرِهِ مِنَ الْمَعَاصِي إِذَا لَمْ يُحْدِثْ مَعْصِيَةً بَعْدَ تَوْبَتِهِ وَالْمُوَفَّقُ الَّذِي لَمْ يُبْتَلَى بِمَعْصِيَةٍ أَصْلًا فَكُلُّ هَذَا الصِّنْف يَدْخُلُون الْجَنَّةَ وَلَا يَدْخُلُون النَّارَ أَصْلًا. وَأَمَّا مَن كَانَت لَهُ مَعْصِيَةٌ كَبِيرَةٌ وَمَاتَ مِنْ غَيْرِ تَوْبَة، فَهُوَ فِي مَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ وَأَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ، وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ الْقَدْرَ الَّذِي يُرِيدُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ثُمَّ يُدْخِلُهُ الْجَنَّةَ، فَلَا يَخْلُدُ فِي النَّارِ أَحَدٌ مَاتَ عَلَى التَّوْحِيدِ وَلَوْ عَمِلَ مِنَ الْمَعَاصِي مَا عَمِلَ، كَمَا أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ أَحَدٌ مَاتَ عَلَى الْكُفْرِ وَلَوْ عَمِلَ مِنْ أَعْمَالِ الْبِرِّ مَا عَمِل، هَذَا مُخْتَصَرٌ جَامِعٌ لِمَذْهَبِ أَهْلِ الْحَقِّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَقَدْ تَظَاهَرَتْ أَدِلَّةُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ مَنْ يُعْتَدُّ بِهِ مِنَ الْأُمَّةِ عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ. فَفِي الحَدِيث الشَّرِيف بِشَارَة عَظِيمَة لِأَهْل التَّوْحِيد ومَنْقَبة جَلِيلَة لَهُم، فَللهِ الحَمْد والمِنَّة عَلَى مَا تَفَضَّل بِهِ عَلَيْنَا، والصَّلاَة والسَّلاَم عَلَى رَسُولِنَا مُحَمَّد، الَّذِي هَدَى اللهُ عَلَى يَدَيْهِ العِبَاد، وجَعَل لَنَا سُبْحَانَه هَذِهِ النِّعمَة السَّرّاء كُرمَى لَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم، حَيثُ قَالَ عَزَّ وجَلّ: ((وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى)). (الضُّحَى: 5)، فَصِرنَا بِهَا مِن أَفْضَل الأُمَم عَلَى الإِطلاَق حَيثُ قَالَ سُبْحَانَه: ((كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ)). (آل عِمران: 110)، فَللهِ الحَمْدُ أَوَّلاً وآخِراً.
__________________
|
#6
|
||||
|
||||
(5) وعَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بُنِيَ الإِسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامِ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ». أَولاً: تَخريج الحديث: رَوَاهُ البُخَارِيُّ (1/ 8) ومُسْلِمٌ (1/ 16) والترمذي (5/ 2609) والنسائي (8/ 5001) وأحمد (8/ 4798) وعَبد الرزّاق في "المُصنّف" (3/ 5012 ) وابن أبي شَيبة في "المُصنّف" (4/ 19563) والحُميدي في "المسند" (1/ 720) وابن حُميد في "المسند" (1/ 823) وأبو يَعلى في "المسند" (10/ 5788) وابن خُزيمة (1/ 309) وابن حِبّان (1/ 158)، والطبراني في "المعجم الكبير" (12/ 13203) وفي "المعجم الأوسط" (6/ 6264)، والبيهقي في "السُنن الكُبرى" (1/ 1675) وفي "شُعَب الإيمان" (1/ 20). ثَانياً: التَّعرِيْفُ بِرَاوِي الحَدِيْثِ: هُـــــو: عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ بنِ نُفَيْلٍ بْنِ عَبْدِ العُزَّى بنِ رِيَاحِ بنِ قُرْطِ بنِ رَزَاحِ بنِ عَدِيِّ بنِ كَعْبِ بنِ لُؤَيِّ بنِ غَالِبٍ، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ القُرَشِيُّ، العَدَوِيُّ، المَكِّيُّ، ثُمَّ المَدَنِيُّ، أَحَد الأَعْلاَم فِي العِلْمِ والعَمَلِ. أَسْلَمَ ابنُ عُمَرَ وهُو صَغِيْر، ثُمَّ هَاجَرَ مَعَ أَبِيْهِ وأُمِّه، واسْتُصْغِرَ يَوْمَ أُحُدٍ، فَأَوَّلُ غَزَوَاتِهِ الخَنْدَق وشَهِد المَشَاهِد بَعدَهَا، وهُوَ مِمَّنْ بَايَعَ تَحْتَ الشَّجَرَة، وشَهِد اليَرْمُوك والقَادِسِيّة وجَلُولاَء ومَا بَيْنَهُما مِن وَقَائِع الفُرس، وشَهِد فَتْح مَصْرَ وقَدَم العِرَاق والشَّام. أَثْنَى عَلَيْه النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ووَصَفَهُ بالصَلاَحِ حَيْثُ قَالَ: «إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ رَجُلٌ صَالِحٌ». تُوفِّيَ ابْنُ عُمَرَ سَنَةَ أَربَعٍ وسَبْعِيْنَ (74 هــ) بِمَكَّةَ المُكَرَّمَة؛ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ. ثَالِثاً: شَرح الحَدِيثِ: - (عَلَى خَمْسٍ): أَيْ: خَمْسِ دَعَائِمَ، أَوْ أَرْكَان، أَوْ أُصُول. - (شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ): بِالْجَرِّ عَلَى الْبَدَلِ مِنْ خَمْسٍ. وَيَجُوزُ الرَّفْعُ عَلَى حَذْفِ الْخَبَرِ وَالتَّقْدِيرُ: مِنْهَا شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ... أَوْ عَلَى حَذْفِ الْمُبْتَدَأِ وَالتَّقْدِيرُ: أَحَدُهَا شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ... وَيَجُوزُ النَّصْبُ بِتَقْدِيرِ: أَعْنِي. - وَ (إِقَامِ الصَّلَاةِ): أَيْ الْمُدَاوَمَةِ عَلَيْهَا وَالْإِتْيَان بِهَا بِشُرُوطِهَا وَأَرْكَانِهَا. - وَ (إِيتَاءِ الزَّكَاةِ): أَيْ إِعْطَائِهَا مُسْتَحَقِّيهَا، بِإِخْرَاجِ جُزْءٍ مِنَ الْمَالِ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوص. - وَ(الحَجِّ): قَصد بَيْت الله الحَرَام بِمَكَّة لِلعِبَادة. - وَ (صَوْمِ رَمَضَانَ): أَيْ صَوْم شَهْر رَمَضَان. -- واعلَم أَنَّ هَذَا الحَدِيثَ أَصْلٌ عَظِيمٌ فِي مَعرِفَةِ الدِّينِ، وعَلَيْهِ اعْتِمَادُهُ، وقَدْ جَمَعَ أَرْكَانَهُ، وذَلِك لأَنَّ كَمَالَ الإِسْلَامِ وتَمَامَهُ لاَ يَكُونُ إِلاَّ بِهَذِهِ الخَمْس.
__________________
آخر تعديل بواسطة Mr. Hatem Ahmed ، 20-09-2016 الساعة 04:24 AM |
#7
|
|||
|
|||
جزاك الله خيراً وبارك فيك أ/ حاتم وأعانك علي إنجاز هذا العمل وجعله في ميزان حسناتك إن شاء الله تعالي خالص تحياتي |
#8
|
||||
|
||||
شكراً على مرورك الكريم أ/ علي
__________________
|
#9
|
||||
|
||||
(6) وعَن ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَيُقِيمُوا الصَّلاَةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّ الإِسْلاَمِ، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ». أولاً: تَخْرِيجُ الحَدِيْثِ: رَوَاهُ البخاري (1/ 25) ومسلم (1/ 22) والدارقطني في "السُّنَن" (1/ 898) وابن حبان (1/ 175) والطبراني في "المُعجم الأوسط" (8/ 8510) والبيهقي في " السُّنَن الكُبرى" (3/ 5141). ثالثاً: شَرحُ الحَدِيثِ: - (أُمِرْتُ): أَيْ أَمَرَنِي اللهُ سُبْحَانَهُ وتَعَالَى، ولَمْ يَذْكُرهُ لِلْعِلمِ بِهِ. - (أُقَاتِلَ النَّاسَ): بِأَنْ أُجَاهِدَهُم وأُحَارِبَهُم، وذَلِك بَعدَ عَرضِ الإِسْلاَمِ عَلَيْهِم. - (يَشْهَدُوا): يَعْتَرِفُوا بِكَلِمَة التَّوْحِيد، ويَخْضَعُوا لِحُكْم الإِسْلاَم سَوَاء كَانُوا مُشْرِكِين أَو أَهْل كِتَاب. - (يُقِيمُوا الصَّلَاةَ): أَي المَفْرُوضَةَ، بِأَنْ يَأْتُوا بِشَرَائِطِهَا وأَركَانِهَا المُجْمَعِ عَلَيْهَا. - (يُؤْتُوا الزَّكَاةَ): المَفْرُوضَةً ... وفِيهِ دَلِيلٌ: لِقِتَالِ مَانِعِيهَا، ولَا نِزَاعَ فِيهِ، ومِنْ ثَمَّ قَاتَلَهُمُ أَبُو بَكْر الصِّدِّيق، وأَجْمَعَ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُم. - (الصَّلَاة والزَّكَاة): خُصَّتَا بِالذِّكْرِ لِأَنَّهُمَا أُمُّ العِبَادَاتِ البَدَنِيَّةِ والمَالِيَّةِ وأَسَاسُهُمَا، ولِذَا كَانَتِ الصَّلَاةُ عِمَادَ الدِّينِ، والزَّكَاةُ قَنْطَرَةُ الإِسْلَامِ، وقُرِنَ بَيْنَهُمَا فِي القُرْآنِ الكَرِيْمِ كَثِيرًا. - (عَصَمُوا): حَفَظُوا ومَنَعُوا. - (إِلَّا بِحَقِّ الإِسْلاَم): أَيْ إِلاَّ إِذَا فَعَلُوا مَا يَسْتَوْجِب عُقُوبَة مَالِيّة أَو بَدَنِيّة فِي الإِسْلاَم، فِإِنَّهُم يُؤَاخَذون بِذَلِك قِصَاصاً. - (وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ): أَيْ فِيمَا يَسْتُرُونَ مِنَ الكُفْرِ والمَعَاصِي بَعْدَ ذَلِكَ ... والمَعْنَى: أَنَّا نَحْكُمُ بِظَاهِرِ الحَالِ والإِيمَانِ القَوْلِي، ونَرْفَعُ عَنْهُمْ مَا عَلَى الكُفَّارِ، ونُؤَاخِذُهُمْ بِحُقُوقِ الإِسْلَامِ بِحَسَبِ مَا يَقْتَضِيهِ ظَاهِرُ حَالِهِم، لَا أَنَّهُم مُخْلِصُون، وَاللَّهُ يَتَوَلَّى حِسَابَهُم، فَيُثِيبُ المُخْلِصَ، ويُعَاقِبُ المُنَافِقَ، ويُجَازِي المُصِرَّ بِفِسْقِهِ، أَوْ يَعْفُو عَنْهُ.
__________________
آخر تعديل بواسطة Mr. Hatem Ahmed ، 20-09-2016 الساعة 04:52 AM |
#10
|
||||
|
||||
اقتباس:
جزاك الله خيرا وجعل الله هذا العمل في ميزان حسناتك بجد انا استفدت من حضرتك كثيرا ولكن بعض الناس والملحدين عندما يفسروا هذا الحديث يفسروه على ان الاسلام انتشر بالسيف وان الاسلام ليس دين للتسامح والعفو والرحمة ممكن تفسير اكثر وكيفية الرد على هؤلاء اسف للاطالة
__________________
كانت الدنيا حكمها عربى **** بكتاب الله اصدق الكتب
إن للحق رجال **** صدقوا الله تعالى |
#11
|
||||
|
||||
اقتباس:
وجزاك بمثله أعزّك اللهُُ وهذه مجاملة كبيرة جداً لي... فلا أستحقها اقتباس:
أولاً: يجب أن نعلم أن ليس كل مَن قرأ في كتاب الله تعالى شيئاً قليلاً كان أو كثيراً، أو قرأ بعضاً من أحاديث نبينا عليه الصلاة والسلام، فقد حُق له الكلام في شرع الله عز وجل بما يحلو له...!!! كلا...، بل إن لهذا الأمر رجال أفذاذ، علماء أجلاء، طلبوا العلم في الصِغر والكِبر، وحتى الممات، طلبوه لله تعالى، وصدقت نيتهم في ذلك بإشتهارهم بين الناس بالعمل والعمل الصالح، نحسبهم كذلك ولا نزكيهم على الله؛ وهم بفضل الله تعالى كُثُر سلفاً وخلفاً، وهذا من فضل الله سبحانه على أمة نبيه صلى الله عليه وسلم، فلله الحمد والمِنة. وقد قام كثير من هؤلاء الأكابر بشرح هذا الحديث الشريف شرحاً وافياً، وقاموا بالرد على مَن أساء الفَهم فيه؛ وليس ها هنا محل بسط كلامهم -رحمهم الله- لعدم الإطالة. ثانياً: أن كلام بعض الناس عن هذا الحديث الشريف واتهامهم له بأنه يحض على ال*** والإرهاب، وأن الإسلام انتشر بحد السيف، فهذا كلام أخرق لا يصدر إلا من نفوس مريضة وعقول قاصرة لفهم الدين الإسلامي...، فالجواب عنهم كالآتـي: - أن هذا الحديث أصل عام في أحكام الجهاد، والتي أمر اللهُ تعالى بها نبيه أن يقوم بها على كل مَن خالف دين الإسلام إذ قال في سورة التوبة: {وقاتلوا المشركين كافة}. فقد أجمع علماء التفسير قاطبة على أن هذه الآية الكريمة ناسخة لمن سبقها من الآيات في القرآن الكريم -نَسخ حُكم وليس لفظ-، ولكن بشروط وردت في بعض الأخبار عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن الصحابة رضي الله عنهم، شارحةً للحديث، وكيفية أدائه على النحو الصحيح، حتى لا يحدث إشكالاً في فهم مراده، وبالتالي ينتج عنه فهماً خاطئاً؛ مـنـهـــا: - حين بعث نبينا صلى الله عليه وسلم معاذاً إلى اليمن، قال له: "إنك ستأتي قوماً من أهل الكتاب، فإذا جئتهم فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله". - وحين أمر خالداً بعدم *** النساء والأطفال والمأجورين: "قل لخالد: لا ي***ن امرأة ولا عسيفاً". - وفي رواية أخري: "لا ت***ن ذريةً ولا عسيفاً". العسيف هو: الأجير. - وهذه رسالة أبي بكر الصديق لِأُمراء جيوشه: "إنكم ستقدمون أرضاً...، وستمرون على قوم في صوامع لهم، احتبسوا أنفسهم فيها، فدعهم، ولا ت*** صبياً، ولا امرأةً، ولا صغيراً، ولا تخربن عامراً، ولا تعقرن شجراً مثمراً، ولا دابةً عجماء، ولا بقرةً، ولا شاةً إلا لمأكلة، ولا تحرقن نخلاً، ولا تغرقنه". -- والأخبار في ذلك كثيرة عن رسولنا صلى الله عليه وسلم، وأيضاً عن صحابته الكرام رضي الله عنهم. -- إذن...، لا يحدث القـتـل إلاّ: بعد عرض الإسلام على المشركين جملة وتفصيلاً، فإن هم رضوا به وأسلموا فبها ونعمة، فإن رفضوا، فلتؤخذ منهم الجزية، فإن رفضوا، عندها يُـقـاتَلـوا. - وبالطبع يُستثنى من ال***: الأطفال والعجائز والنساء -غير المقاتلات- والعَجَزة...إلى آخره. ولذا نقول لهم بملئ فينا هذا هو ديننا، الذي أمرنا اللهُ تعالى به؛، شئتم أم أبيتم.
__________________
|
#12
|
||||
|
||||
(7) عَن أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِذَا أَسْلَمَ العَبْدُ فَحَسُنَ إِسْلاَمُهُ، يُكَفِّرُ اللَّهُ عَنْهُ كُلَّ سَيِّئَةٍ كَانَ زَلَفَهَا، وَكَانَ بَعْدَ ذَلِكَ القِصَاصُ: الحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِ مِائَةِ ضِعْفٍ، وَالسَّيِّئَةُ بِمِثْلِهَا إِلَّا أَنْ يَتَجَاوَزَ اللَّهُ عَنْهَا». أولاً: تَخْرِيجُ الحَدِيْثِ: رَوَاهُ البخاري (1/ 41) والنسائي (8/ 4998) والبيهقي في "شعب الإيمان" (1/ 24) وابن مَنده في "الإيمان" (1/ 347). ثانياً: التَّعرِيْفُ بِرَاوِي الحَدِيثِ: هُـــــوَ: سَعْدُ بنُ مَالِكِ بنِ سِنَانِ بنِ ثَعْلَبَةَ بنِ عُبَيْدِ بنِ الأَبْجَرِ بنِ عَوْفِ بنِ الحَارِثِ بنِ الخَزْرَجِ الأَنْصَارِيُّ، الخَزْرَجِيُّ، المَدَنِيُّ، صَاحِبُ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم، ولِأَبِيِهِ صُحْبَة أَيْضاً. وُلِدَ قَبْل الهِجرَة بِعَشْر سِنِين، وغَزَا مَعَ الرَّسُوْل صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم اثْنَتَيْ عَشَرَة غَزْوَة. وتُوُفِّي أَبُو سَعِيْدٍ يَوْمَ الجُمُعَةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِين (74 هـ)، وَدُفِنَ بِالبَقِيعِ، وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعٍ وَتِسْعِينَ سَنَةً (94)؛ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ. ثالثاً: شَرحُ الحَدِيثِ: - (إِذَا أَسْلَمَ العَبْدُ): هَذَا الحُكْم يَشْتَرِكُ فِيْهِ الرِّجَالُ والنِّسَاءُ، وذَكَرَهُ بِلَفْظ الذُّكُورِ تَغْلِيبًا. - (فَحَسُنَ إِسْلاَمُهُ): دَخَلَ فِيِه ظَاهِراً وبَاطِناً، فَاعتَقَد اِعتِقَاداً خَالِصاً وعَمَلَ عَمَلاً صَالِحاً. - (زَلَفَهَا): أَسْلَفَهَا وقَدَّمَهَا. - (القِصَاص): المُحَاسَبَة والمُجَازَاة بِالمِثْلِ. - (يَتَجَاوَز): يَعفُو.
__________________
آخر تعديل بواسطة Mr. Hatem Ahmed ، 20-09-2016 الساعة 04:56 AM |
#13
|
||||
|
||||
(8) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا بَارِزًا لِلنَّاسِ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولُ اللهِ، مَا الْإِيمَانُ؟ قَالَ: «أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ، وَمَلَائِكَتِهِ، وَكِتَابِهِ، وَلِقَائِهِ، وَرُسُلِهِ، وَتُؤْمِنَ بِالْبَعْثِ الْآخِر». أولاً: تَخْرِيجُ الحَدِيْثِ: رَوَاهُ البخاري (1/ 50) ومسلم (1/ 10) والنسائي (8/ 4991) وابن ماجة (1/ 64) وأحمد (15/ 9128) وابن رَاهويه في "المُسند" (1/ 166) وابن أبي شيبة في "المُصنف" (6/ 30309) وابن خزيمة (4/ 2244) وابن حبان (1/ 159) والبيهقي في "شعب الإيمان" (1/ 380). ثانياً: التَّعرِيفُ بِرَاوِي الحَدِيثِ: هُـــــو: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ صَخْرٍ الدَّوْسِيُّ اليَمَانِيُّ؛ كَانَ مِن حُفَّاظ الصَّحَابَة المُوَاظِبِين عَلَى صُحبَة رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كُل وَقْت. أَسْلَمَ سَنَة سَبْع مِن الهِجرَة، وتُوُفِّيَ سَنَة ثَمَانٍ وخَمْسِين (58 هـ)، وَهُوَ ابْنُ ثَمَانٍ وسَبْعِين (78) سَنَة؛ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ. ثالثاً: شَرحُ الحَدِيثِ: - (بَارِزًا): ظَاهِراً لَهُم وجَالِساً مَعَهُم. - (فَأَتَاهُ رَجُل): هُوَ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلاَمُ. - (مَا الإِيْمَان): مَا حَقِيقَةُ الإِيْمَانِ.
__________________
آخر تعديل بواسطة Mr. Hatem Ahmed ، 20-09-2016 الساعة 04:45 AM |
#14
|
||||
|
||||
(9) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «ثَلاَثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلاَوَةَ الإِيمَانِ: أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يُحِبَّ المَرْءَ لاَ يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ». أولاً: تَخِرْيجُ الحَدِيْثِ: رَوَاهُ البخاري (1/ 13) ومسلم (1/ 43) والترمذي (5/ 2624) والنسائي (8/ 4987) وابن ماجة (2/ 4033) وأحمد (19 /12002) وابن أَبي شَيبة في "المُصَنف" (6/ 30360) وأبو داود الطيالسي (3/ 2071) وعبد بن حميد (1/ 1328) وأبو يَعلى في "المُسند" (5/ 2813) وابن حِبّان (1/ 237) والطبراني في "المعجم الكبير" (1/ 724) وفي "المعجم الأوسط" (2/ 1149) وفي "المعجم الصغير" (2/ 724) والبَيهَقي في "السُّنَن الكُبرى" (10/ 21063). ثانياً: التَّعرِيفُ بِرَاوِي الحَدِيثِ: هُـــــوَ: أَنَسُ بنُ مَالِكِ بنِ النَّضْرِ بنِ ضَمْضَمٍ بْنِ زَيْدِ بنِ حَرَامِ بنِ جُنْدُبِ بنِ عَامِرِ بنِ غَنْمِ بنِ عَدِيِّ بنِ النَّجَّارِ، أَبُو حَمْزَةَ الأَنْصَارِيُّ، الخَزْرَجِيُّ، النَّجَّارِيُّ، المَدَنِيُّ، خَادِمُ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتِلْمِيذُهُ، وَآخِرُ أَصْحَابِهِ مَوْتاً بِالبَصرَة. وُلِد أَنَسٌ قَبْلَ عَامِ الهِجْرَةِ بِعَشْرِ سِنِين، وخَدَمَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشْر سِنِين، وَدَعَا لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَثْرَةِ الْمَالِ وَالْوَلَدِ حَيْث قَالَ: (اللَّهُمَّ أَكْثِرْ مَالَهُ وَوَلَدَهُ). تُوفِّيَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْن (93 هـ) بالبَصرَةِ، وكَانَ عُمُرُهُ مِائَةً وَثَلاَثَ سِنِيْن (103)؛ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ. ثالثاً: شَرحُ الحَدِيثِ: - (ثَلَاثٌ): مُبْتَدَأ، والتَّقْدِير: خِصَالٌ ثَلَاثٌ. - (مَنْ كُنَّ فِيهِ): خَبَرُ المُبْتَدَأِ. - (حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ): أَيْ لَذَّتَهُ وَرَغْبَتَهُ ... وَأُوثِرَت الحَلَاوَةُ: لِأَنَّهَا أَظْهَرُ اللَّذَّاتِ الحِسِّيَّةِ؛ والمَعْنَى: اسْتِلْذَاذُ الطَّاعَاتِ وإِيثَارُهَا عَلَى جَمِيعِ الشَّهَوَاتِ والمُسْتَلَذَّاتِ، وتَحَمُّلُ المَشَاقِّ فِي مَرْضَاةِ اللَّهِ ورَسُولِهِ، والرِّضَا بِالقَضَاءِ فِي جَمِيعِ الحَالَاتِ. - (مِمَّا سِوَاهُمَا): يَعُمُّ ذَوِي العُقُولِ وغَيْرِهِمْ مِنَ المَالِ والجَاهِ، وسَائِرِ الشَّهَوَاتِ والمُرَادَات. - (لاَ يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ): لاَ يَقْصِد مِن حُبِّه غَرَضاً دُنْيَوِياً. - (يُقْذَفَ): يُرْمَى.
__________________
آخر تعديل بواسطة Mr. Hatem Ahmed ، 20-09-2016 الساعة 04:41 AM |
#15
|
||||
|
||||
(10) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ، حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ». أولاً: تَخْرِيجُ الحَدِيثِ: رَوَاهُ البُخَارِيُّ (1/ 15)، ومُسْلِمٌ (1/ 44)، والنَّسَائِيُّ (8/ 5013)، وابْنُ مَاجَةَ (1/ 67)، وأَحمَدُ فِي "المُسْنَد" (20/ 12814)، والدَّارِمِيُّ فِي "المُسْنَد" (3/ 2783)، وأَبُو يَعلَى فِي "المُسْنَد" (5/ 3049)، وابْنُ حِبَّانَ فِي "الصَّحِيح" (1/ 179)، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ فِي "المُسْنَد" (1/ 1175)، والرُّويَانِيُّ فِي "المُسْنَد" (2/ 1348). ثانياً: شَرحُ الحَدِيثِ: - (أَحَبَّ إِلَيْه): مُقَدَّماً لَدَيْهِ، وعُنْوَانُ ذَلِك الطَّاعَة والاِقْتِدَاء وتَرك المُخَالَفَة ... وَمِنْ مَحَبَّتِهِ: نَصْرُ سُنَّتِهِ، والذَّبُّ عَنْ شَرِيعَتِهِ، وتَمَنِّي إِدْرَاكِهِ فِي حَيَّاتِهِ لِيَبْذُلَ نَفْسَهُ ومَالَهُ دُونَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
__________________
آخر تعديل بواسطة Mr. Hatem Ahmed ، 20-09-2016 الساعة 04:35 AM |
العلامات المرجعية |
|
|