|
#1
|
||||
|
||||
الحواس .. بين العلم والدين
الحواس .. بين العلم والدين
ناصر أحمد سنه أنعم الله تعالي علي الناس بالحواس "نوافذ طبيعية وضرورية للتعلم والإدراك والبيان والتواصل مع العالم الخارجي" وأتقن صنعها وعملها: (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيم) (التين: 4). إعانة للناس علي الوصول إلي إدراك الغاية من وجودهم علي هذه الأرض. عبادة لله تعالي واستخلافا علي أرضه: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) (الذاريات: 56)، وقال تعالي: (هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ..) (فاطر: 39). فما هي هذه الحواس؟، وكيف تعمل؟، وهل هي خمس فقط؟، وهل لها من وظائف أخرى؟، وكيف نسعد بها، وما هي مسئوليتنا نحوها وفق ضوابط الشرع الحنيف؟. تتفاعل الحواس فترسل/ تستقبل إشاراتها الخاصة والدقيقة عبر الجهاز العصبي إلى الدماغ الذي هو مركز الشعور ورد الفعل. فالعين - جهاز الإبصار- ترسل صور الموجودات مقلوبة إلي المخ فيراها، وتميز الألوان والأشكال والضوء والظلام، ولحمايتها تتحرك الرموش عند فتح العين أو إغلاقها، مما يحافظ على نظافة العين ووقايتها من الأخطار والأضرار الطبيعية والبيولوجية، يتم ذلك بطريقة لا واعية ودون تفكير، بل فضل من الله ونعمة. والعين قادرة علي الإفصاح عما يعجز عنه اللسان وتفيض بالدموع شكوى أو مراوغة أو حزنا أو فرحا. و تطلق "العين" علي نبع الماء من جوف الأرض، وعلي كبير القوم، وأول معجم ألفه الخيل بن أحمد. وهبنا الله تعالي القدرة علي التمييز بين الأصوات المختلفة (كأصوات البشر، والحيوانات، والطبيعة، والآلات والطائرات) ودلالاتها ومغزاها وما ورائها من خلال جهاز السمع: الأذن ومركز السمع في المخ. عند التواجد في واقع جسماني/ أو فيزيائي جديد (ركوب طائرة أو صعود/ هبوط بواسطة مصعد كهربائي سريع).. نشعر بقرقعة في الأذن، بسبب التغير السريع في ضغط الهواء، ويبذل الجسم محاولات للتكيف والتوازن مع هذا الواقع الجديد. إن نعمتي البصر والسمع عظيمتان، شأن سائر النعم، لا يشعر بقيمتهما إلا من فقدهما، ومع ذلك فالله تعالي قد منح حواسا أخري، فالأعمى أو الأصم يستطيعان العيش حياة عادية علي الرغم من فقدهما لهاتين الحاستين. فحاسة الشم، والمسئول عنها هو الأنف، والذي يحتوي علي شعر دقيق لحجز الأتربة والميكروبات، والتجويف الأنفي متعرج لكي يزيد من مساحة السطح الداخلي، ومبطن بغشاء مخاطي يفرز مواداً مخاطية تعمل على تنقية الهواء من الأتربة والميكروبات، وترطيبه، بينما تقوم الشعيرات الدموية بتدفئة الهواء شتاء. للحفاظ على الجهاز التنفسي سليماُ معافى ينبغي أن يكون التنفس عبر الأنف. التجويف العلوي للأنف يحتوي على الكثير من المراكز الحسية المكونة لبداية العصب الشمي، حيث تتعرف هذه المراكز الحسية على بعض المواد الطيارة، وترسل معلومات إلي المخ فيحللها، وهاكم النتيجة: إنها روائح عطرة جميلة، ولها درجات وتنوعات وتركيزات عدة، وتلك روائح كريهة. في تداخل وتناغم يساعدان على التمييز بين الأطعمة والأشربة المختلفة، تؤثر حاسة الشم في حاسة التذوق، وتنتشر على اللسان حلمات التذوق (اللسان مجهز بحوالي 10000 حليمة تذوق) مختلفة الشكل والحجم تحتوى على خلايا حسية تميز بين المذاقات الرئيسية الأربعة: الحلو، الحامض، المر، والمالح، والخلايا حساسة لواحد أو اثنين منها، ثم تنتقل النبضات العصبية إلى القشرة المخية حيث يتم إدراك الطعم. يقوم طرف اللسان بالتمييز بين طعم السكر والملح، بينما جانبي اللسان يمكنهما تحديد الطعم القابض مثل الخل، ونهاية اللسان يدرك الطعم المر، وبعض مواضع اللسان أكثر حساسية إزاء بعض أنواع المذاق من سائر المواضع الأخرى. ولا يفوتنا أن للسان دور هام.. كونه الناطق الرسمي والترجمان المعبر عن أفكار وأحاسيس الإنسان. وأما حاسة اللمس فتكشف لنا عن الملمس الخشن لتميزه عن الناعم، والساخن والبارد، والمؤلم والممتع، هو ينظم الكثير من علاقات التفاهم والتواصل والاستحسان أو الرفض الخ. فضلا عن قيام الجلد - الكساء الحيوي الخارجي للجسد، ومرآة صحة البدن وجماله - بحماية الجسم ووقايته من الميكروبات وإفراز العرق الخ. لذا يعده بعض العلماء عضوا من أعضاء الجسم. لكن هذه الحواس لها مدىً وقدرة محدودة لا تستطيع تجاوزهما، فمثلاً نحن لا يمكننا أن نرى ماذا يجري في الشارع المجاور لنا، أو خلف جدران غرفتنا؟ فالجدار يحجب قدرة العين المدركة. الأذن كذلك، لها ذبذبات معينة لتسمعها"حد السمع"، فلو زادت عن هذا الحد الطبيعي أو نقصت لم نستطع سماع شيءٍ ما، ففي عالم (النمل) مثلاً لا نستطيع سماع الحوار الدائر بين أفراد النمل بالرغم من أننا ندرس عن هذه المملكة ونظامها الرائع، كل ذلك لأن قدرة استيعاب الأذن لذبذبات الصوت قدرة محدودة وما ينطبق على حاسة البصر والسمع ينطبق كذلك على حاسة الشم. هل الحواس خمسة فقط؟ النظر، السمع، الشم، والتذوق، اللمس، خمس حواس تعمل على رسم صورة للعالم داخل أمخاخنا، لكن الطرق الحديثة في دراسة المخ والأعصاب لسبر أغوار عمل الدماغ تقلب تلك النظرية للإدراك الحسي رأسا على عقب. وكلما ازداد تعمقنا في دراسة أعضاء الإحساس ازداد عدد الحواس التي يبدو أننا نمتلكها. فنري رأيا علميا يشير إلى امتلاكنا إحدى عشر حاسة: البصر، السمع، التذوق، الشم، اللمس، الضغط، الحرارة والبرودة، والألم، الإحساس بالحركة، والإحساس بالتوازن. يشعر المرء بسرعة إذا فقد توازنه عند تعثره في عائق فيعمل سريعاً على استعادة توازنه، وإلا تعرض للسقوط. وحاسة التوازن مركزها الأذن، ففي كل أذن ثلاثة أنابيب نصف دائرية تدعى القنوات. تكشف تلك القنوات طبيعة الحركة التي تنوي القيام بها وما إذا كانت قياماً أو قعوداً، إلى الوراء أو إلى الأمام... ترسل إشارات خاصة إلى الدماغ، (يحلل) الدماغ تلك الإشارات، يتولى إصدار الأوامر اللازمة لنحافظ على توازننا. وهناك رأي علمي آخر يشير إلي أن حواس الإنسان هي إحدى وعشرين حاسة، اعتمادا علي أن الخطوط الفاصلة بينها بدأت تذوب وفقا لكيفية تقسيمنا لأنظمتنا الحسية، وعلى سبيل المثال يمكننا أن نصنف الحواس الخمس حسب نوع المنبه، وبهذه الطريقة سيكون لدينا ثلاث حواس فقط لا خمسا وهي الحواس الكيميائية التي تُستشعر في صورة تذوق أو روائح أو تحس داخليا مثل مستوى الجلوكوز بالدم والميكانيكية اللمسية والسمعية والبصرية (الرؤية) وتمتلك بعض الحيوانات كذلك إدراكا كهربيا أو حسا مغناطيسيا. تتطلب كافة مجموعات الحواس تلك أنظمة حسية مختلفة تماما فمادة تذوب على اللسان وتنتج رائحة معينة تصعد إلى الأنف لتلتصق بمستقبلة معينة تختلف تماما على تلك الحركة الميكانيكية للخلية الشعرية في الأذن الداخلية أو عن فوتون ضوء يصطدم بالشبكية. كما أنه يمكننا أيضا أن نقسم تلك المجموعات إلى مجموعات فرعية، ومن ثم نعرف الحاسة على أنها منظومة تتكون من نوع متخصص من الخلايا التي تستجيب لإشارات معينة ومن ثم ترسل إشاراتها العصبية إلى أجزاء محددة من المخ. وعلى سبيل المثال يمكننا النظر إلى التذوق لا كحاسة واحدة بل كخمس حواس: حلو ومالح وحامض ومر ومذاق الجلوتامات التي تمنحنا الشعور بتذوق النكهات المحتوية على اللحوم. ويمكن اعتبار الإبصار حاسة واحدة (ضوئية) أو اثنتين الضوء واللون أو أربعا الضوء والأحمر والأخضر والأزرق، وفي بعض الحيوانات هناك خلاف في الشبكية بحيث تستجيب فقط للحركة، والبعض يعتبر ذلك حاسة أخرى. ويصنف علماء الأعصاب اللمس إلى: جلدي وحشوي وعظمي/ جسدي اعتمادا على المكان الذي تستشعر فيه لكن هل يعني ذلك وجود أنظمة حسية مختلفة أم أنها مجرد مسألة متعلقة بجغرافية الجسم الداخلية والخارجية؟. يوافق معظم الناس على أنهم يستطيعون استشعار الحرارة والضغط واللمس، وحاسة إدراك حركة الجسم، والتوازن والمشاعر المتعلقة بامتلاء المثانة أو بمعدة خاوية أو العطش، لكن هناك أنظمة مراقبة أخرى في الجسم لن يمكننا حتى الشعور بها بصورة خافتة والتي تستشعر معامل حموضة السائل النخاعي بها، ولنأخذ السمع على سبيل المثال فهل يعتبر حاسة واحدة أم بعض مئات، أي واحدة لكل من الخلايا الشعرية الموجودة بالقوقعة. وكلما ازداد تعمقنا في دراسة أعضاء الإحساس ازداد عدد الحواس التي يبدو أننا نمتلكها. إننا قد نفقد السمع للأصوات عالية التردد لكن دون فقدان حدة السمع للأصوات المنخفضة التردد والعكس صحيح؛ لذلك ربما يجدر اعتبارها بصورة منفصلة عن بعضها البعض. يمكن إلي حد كبير التعرف على غالبية مكونات العالم الطبيعي باستخدام حاسة أو اثنتين هما الإبصار واللمس، لذا عندما نتحدث عن الحواس فينبغي التوقف عند المشاعر والمدركات، فمن دونها لن يتخطى كون أجسامنا تعمل على مستوى ميكانيكي آلي لا يزيد كثيرا عن مستوى الأميبا أو النباتات (فالنبات الذي ينمو متبعا دورة الشمس الظاهرية، أو نبات الزهرة صائد الذباب، والذي يغلق أوراقه على إحدى الحشرات.. تفاعلات ميكانيكية لأحد المنبهات). نحن البشر - بنعمة من الله وفضل - على العكس من ذلك، نرى الضوء والظلال، لكننا ندرك الأشياء، والفراغ والناس، ومواضعها بالنسبة لبعضها البعض، نسمع الأصوات، فنفرق بين أصوات البشر، أو الموسيقى، أو أصوات السيارات، نحن نتذوق ونشم مزيجا معقدا من الإشارات الكيميائية لكننا "ندرك" ذلك المزيج ككوب من العصير أو كبرتقالة، أو كقطعة من اللحم المشوي. فالإدراك هو "القيمة المضافة" التي يخلعها المخ المنظم على المعلومات الحسية، فالإدراك يتجاوز بكثير حدود ذلك المزيج المتنافر من الأحاسيس، ليكتنف الذاكرة، والتجارب الباكرة، ويعالج المعلومات الحسية في المستويات المخية العليا. على سبيل المثال فما تسمعه ليس مجرد حاصل جمع بسيط للأصوات التي تجمعها أذناك، بل صورة أكبر من ذلك، فهناك العديد من العمليات المكتنفة في الأمر، يتيح بعضها للمخ معرفة اتجاه الضوضاء. أما العمليات الأكثر تعقيدا، فتسمح لنا بتجاهل أحد الأصوات عندما ننصت للآخر. وفي متلازمة "حفل ال****تل" الشهيرة على سبيل المثال، نقوم بتجاهل كافة الأصوات الخارجية عندما نكون طرفا في مناقشة، لكننا نستطيع تحويل انتباهنا بسرعة إذا ذكر أحد أسماعنا. ويعني ذلك ضمنا أننا نظل دائما "ننصت" للأصوات المحيطة بناء برغم أننا لا "نستمع" إليها إلا عندما تصبح فجأة ذات مغزى بالنسبة لنا، فإدراكنا يتخطى كثيرا حدود الشعور المجرد. أما الحيوانات العليا فيتوجب عليها وحدها حل مشكلة عامة في الحياة متعلقة بالبقاء، عندما تصادف شيئا ما أيتوجب علي أكله، أم الهرب منه، أم التزاوج معه؟ وفي سبيل اتخاذ هذا القرار، تحصل تلك الحيوانات على مساعدات قيمة من كل شيء تقوم بتجمعيه من هذه التجربة الجديدة أو السابقة المشابهة. في حين نجد الحيوانات الأكثر بدائية والمزودة بأجهزة عصبية محدودة، تنخدع بسهولة بالأزهار البراقة الألوان، أو الأعداء التي يمكن أن تنتفخ سريعا في الحجم أو التي تحتوي على علامات تشبه العيون. أو لها رائحة شيء لا علاقة له بها؛ ناهيك عن جميع الحيل الغريزية الأخرى؛ والخلاصة هي أن الحيوان ذا الإدراك ليس واقعا كثيرا تحت رحمة حواسه البدائية. فنحن نخطئ في تركيز حواسنا، وحتى في المجادلة حول عدد تلك الحواس. الإدراك هو المهم هنا، والإحساس هو ما يصاحبه. هناك حكمنا على حجم الأشياء: فاتساق رؤيتنا للعالم ينبع من حقيقة أن حجم الأشياء لا يتغير كثيرا خلال فترات زمنية قصيرة، ولذلك فبالنسبة لجسم نحن معتادون عليه مثل سيارة فكلما بدت أكبر أدركنا أنها أكثر قربا، برغم أن الصورة التي نستشعرها تكون صغيرة فنحن نعلم أن هذا الشيء كبير الحجم. لكننا قد نخطئ، فالسحب، مثلا قد تكون ذات أي حجم وشكل؛ لذا يصعب الحكم على بعدها عنا، وبرغم أن القطارات مألوفة لنا فإن معظمها لا يدرك مدى ضخامتها؛ لذلك نخطئ في تقدير سرعتها ومدى بعدها عنا؛ وهو ما يؤدي لوقوع نحو 3000 حادث دهس سنويا بالولايات المتحدة وحدها. نحن لا نحل هذه المشكلات بالتفكير الداخلي المرهق حول أي الحواس مكتنفة، أو كم عددها، بل بالوصول إلى كل إدراكي من تلك الأمور جميعها، وهذا هو فعل الوظائف العقلية العليا. ولنأخذ الحالة الغريبة للحس المواكب وهي اختلاط الحواس، وأكثر أنماطها شيوعا هو استشعار الأصوات، أو الحروف أو الأرقام، أو الكلمات في صورة ألوان. تكون حالة الحس المواكب بالغة التطور في أفراد معينين، والذين كانوا حتى وقت قريب يعتبرون مجرد حالمين، أو حتى يتم تشخيصهم بالخطأ أنهم مصابون بالفصام، فقد يتحدثون عن ملمس رائحة ما أو طعم الحروف المختلفة من الأبجدية مثلا وقد يتمكنون من سماع مذاق الخوخ أو الإحساس باللون الأحمر، أما ما يخبرنا به ذلك فهو أن الحواس أقل من أولية، وأن ما نحصل عليه في الحقيقة هو الإدراك. من المحتمل تماما أن المخ مُعد بالتحديد للقيام بهذا النوع من خلط الحواس كجزء من السبيل نحو الإدراك، وهناك أدلة متنامية على أن التواصل داخل المخ بين المناطق الحسية المختلفة يخلط الأمور بصورة تزيد كثيرا عما قد نتخيله، فقد نكتشف كنه الأشياء أو نتعرف عليها بسهولة أكبر إذا سمعنا صوتا متعلقا بها في الوقت نفسه، وقد نعتقد حتى أننا نسمع شيئا مختلفا إذا خُدعنا بقراءة الشفاه بحيث ندرك شيئا آخر غير ما تم التلفظ به، بالفعل اسأل أي مصاب بالصدع النصفي المزمن عن كيف يمكن لرائحة معينة أن تثير إحساسه بالألم. ربما كنا جميعا نمتلك هذه الخاصية بدرجة قد تزيد أو تنقص حسب طبيعة كل منا. وبطبيعة الحال فلا يساعدنا في ذلك التباس المسميات فبعض الأشياء التي يطلق عليها اسم "حواس" ليست كذلك أصلا كالإحساس بالضياع أو امتلاك حاسة سادسة مثلا. ربما كان بوسعنا أن نضم منظومة الإيقاع اليومي لتلك الحواس في حين يرى البعض أن ذلك يمثل جزءا من الإدراك وليس حاسة. يمكننا القول بأننا نمتلك 21 حاسة على الأقل وربما أكثر ولكنها قد تسبب الارتباط لدرجة أن البعض يظن أنه يجدر بنا أن ننساها جميعا وأن نركز على المدركات وحدها، وكالعادة فقدر العلم هو أن يتحدى المعتقدات الشائعة. وإن يبدو مخالفا للحدس فنحن واعون ببصرنا وقدرتنا على الشم واللمس ولدرجة أننا قد لا نفكر فيها، ولكن الحواس قد تخرج يوما من دائرة الاهتمام العلمي مثلها مثل التولد التلقائي واللاهوب (مادة كيميائية وهمية كان يعُتقد قبل اكتشاف الأكسجين أنها مقوم أساسي من مقومات المواد الملتهبة). الحاسة السادسة: ورغم أن البعض يطلق على الظواهر النفسية الخارقة لقب «الحاسة السادسة» لكن الحقيقة هي أن الحاسة السادسة تتعلق بقدرتنا على (التوازن) وإحساسنا بحركات الجسم المختلفة. ففي الأذن البشرية توجد ثلاث قنوات (أفقية وعمودية وجانبية) مليئة بسائل يوضح للدماغ حركة ووضع الجسم وبدون هذه الحاسة لا يمكن للإنسان الوقوف منتصباً أو الحفاظ على توازنه لمسافة طويلة!. بعد الحاسة السادسة تأتي مجموعة كبيرة من الحواس النفسية الخارقة كالتخاطر والبصيرة والحلم بالمستقبل والإحساس بقرب المخاطر ورؤية الأماكن البعيدة (أثناء النوم أو التنويم المغناطيسي).. ورغم صعوبة إثبات هذه الحواس إلا أن نسبة تكرارها لدى الناس (وأنت منهم) تجعل من الصعب إنكار وجودها نهائياً!. قبل أن يرن الهاتف بثوان قفز إلي ذهنك (فلان).. لتجده هو من يتصل بك على الهاتف؟ وتجلس تتذكر (فلان).. تجده بعدها بدقائق على بابك؟، لماذا قبل أن تقابل صديقك الذي لم تره منذ زمن، تجده في عقلك قبلها بيوم مثلا؟، هل تشعر فجأة بأنك قد رأيت هذا المشهد من قبل ولا تعرف متى؟، هل كنت تقف في الطريق لترى من تتوقع له الشر، لتجده بالفعل يسقط أو يحدث له شيء ما أمام عيناك؟. لقد ظهر علينا مفهوم الحاسة السادسة منذ فترة ليست بالقريبة ذلك المصطلح المبهم الذي تناولته السينما بشكل مثير في فيلم "الحاسة السادسة"، وفيلم "الحاسة السابعة"؟، حتى الثقافة الشعبية تثبت أن لدى الأطفال تلك الحاسة التي تتناقص بكبر السن! ولكن إن كانت موجودة بالفعل فأين هي؟ الاحتمال الأول: الغدة الصنوبرية، يقول د. جوزيف سينيل: تعد الغدة الصنوبرية مصدر الحاسة السادسة في الحيوانات الفقارية والمسئولة عن تواصلها من مسافات بعيدة. وبفضلها تنسق الحيوانات أعمالها وتشعر الأم بالمخاطر التي تحيط بوليدها ولو كان على بعد أميال. وقد دلت أبحاثي على مسؤولية هذا العضو عن التواصل الغريزي والاستثنائي لدى الإنسان. كما اتضح أنها في الحيوانات أكبر منها لدى الإنسان، ولدى الرجل البدائي أكبر منها لدى الرجل المتحضر، ولدى الأطفال أكبر منها لدى البالغين. من الثابت حاليا أن الغدة الصنوبرية حساسة جدا للضوء، وتتأثر بالذبذبات الكهرومغناطيسية الضعيفة. وهي تقع في الحيوانات الثديية في مؤخرة الرأس (تحت الجلد مباشرة) مما يتيح لها التفاعل مع الضوء والظلام. وبفضل حساسيتها للضوء (وزمن الإضاءة) تنظم حياة الكائنات تبعا لتغير الفصول وطول النهار. فهي المسئولة مثلا عن توقيت سن البلوغ واليأس لدى الحيوانات، أما لدى الإنسان فتقع هذه الغدة (خلف) عظام الجمجمة مما يصعب وصول النور إليها مقارنة ببقية المخلوقات ولكنها في المقابل تتأثر بالأشعة السينية والكهرومغناطيسية التي بعكس الضوء تستطيع اختراق العظام والتغلغل بداخلها. وبما إن دماغ الإنسان نفسه يصدر ذبذبات كهربائية وتموجات مغناطيسية، يعتقد بعض العلماء أن الغدة الصنوبرية مسؤولة عن استقبال هذه التموجات. الاحتمال الثاني: شعيرات أسفل الرقبة يفترض بعض الباحثين أن الشعيرات الصغيرة (الموجودة في مؤخرة الرقبة) تلعب دورا مهما في استقبال واستشعار التموجات التي يصدرها الآخرون!. الاحتمال الثالث: الموجات التي تطلقها يعد من أهم وأقوى الاحتمالات أن مصدر الحاسة السادسة هو تلك الموجات التي يصدرها الإنسان إلى الآخرين، وهو المفهوم الذي يتفق مع مفهوم التخاطر أيضا فأنت تشعر بأن شخصا ما على بالك الآن، فتجده أمام المنزل أو على الهاتف، في حقيقة الأمر هو أرسل إليك موجات استقبلتها أنت وترجمتها، ولكنك لك تفهم مغزاها، هل سيأتي الآن؟، هل هو بخير؟ الاحتمال الرابع: عالم الروح الأرواح جنود مجندة من تالف منها ائتلف، وما تنافر منها اختلف "هكذا نقول دائما، فهل فعلا التقاء الأرواح في عالم البرزخ هو التفسير الوحيد لمعرفتنا للأشياء قبل أن تقع؟ هل هي سبب شعورنا القوى بأن ذلك المشهد رأيناه من قبل؟ ربما. هناك شعورنا بالألم والضغط الجوي ودرجة الحرارة وتقلبات الطقس، أيضاً اتضح أن معظم الحواس المعروفة تتضمن حواساً ثانوية أو مشتركة، فعملية الإبصار مثلاً كان ينظر إليها كحاسة واحدة ثم اتضح أنها مركبة من أربع حواس فرعية - تتضمن التركيز على الهدف، والرؤية الجانبية، وإدراك المنظر العام، والرؤية المرتبطة بالحالة الذهنية: (وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون). كما اتضح أن حاسة اللمس تتفرع إلى أربعة أقسام: الأولى حالة اللمس الناعم (مثل شعورك بملمس الحرير) واللمس الفيزيائي (كبرودة الماء) واللمس العميق (كالشعور بضغط الأصابع) وأخيراً الإحساس بتغيرات الطقس حولك. أما حاسة السمع تتضمن الإحساس بوجود أصوات فوق أو تحت صوتية (قد لا تسمعها فعلاً) ولكنك تشعر بوجودها، الأمر الذي قد يفسر شعور البعض بأنه مراقب أو مطارد من قبل شخص يسير خلفه. أما حاسة الشم فتتضمن مقدرتين أساسيتين: الأولى الإحساس بأكثر من 2000 عنصر كيميائي ثابت، والأخرى التقييم السريع لأي تمازج محتمل بين هذه العناصر يخلق رائحة غير معروفة من قبل!. أما حاسة التوازن فاتضح أنها لا تتعلق بالأذنين فقط.. فالعينان ومجسات القدمين وكل عضلة في الجسم ترسل تقريراً سريعاً للدماغ يوضح موقفها بالنسبة لاستواء الأرض تحتها.. كما تتضمن حاسة التوازن نسبة شد العضلات في كل عضو والموقع المفترض لوضع القدم (كي لا تشعر بالسقوط كما يحدث حين تفاجأ بوجود درجة ما). وهناك أيضاً مجموعة كبيرة من (الحواس الداخلية) التي تجعلنا على اتصال دائم بما يحدث داخل أجسامنا. فهناك مثلاً الشعور بامتلاء المعدة، وضغط البلازما (المسؤول عن شعورنا بالعطش)، وضغط الدم، وحرارتنا الداخلية، وانتفاخ الرئتين، وامتلاء الأمعاء، ونسبة الأوكسجين في الدم.. كل هذه الحواس تثبت أن الحواس ليست خمساً فقط، وكي يسهل الأمر: - هناك (10) حواس أساسية مؤكدة يعترف بوجودها.. مثل السمع والبصر والتوازن. - هناك (21) حاسة فرعية أو حديثة بدأت تحظى بقبول واسع.. كالإحساس بشد العضلات، وتقلبات الضغط الجوي. - وأخيراً هناك (35) حاسة خارقة أو غير مؤكدة- ما زالت محل جدل - كالتخاطر والبصيرة والشعور بقرب الخطر، وبهذا يصبح المجموع 66. للحواس وظائف أخرى.. كيف نسعد بها؟ للحواس وظائف أخرى تساعد على خفض التوترات والشعور بالراحة بالسعادة النفسية، فكيف يكون ذلك؟. قال - تعالى -: "والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئاً وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلاً ما تشكرون")النحل 78)، وقد ميز الله - سبحانه وتعالى - السمع والبصر عن بقية الحواس الأخرى كاللمس، الشم والتذوق وهى من النعم التي لا تقدر بثمن وقد ذكر الله نعمة البصر مقترنة بنعمة السمع والفؤاد والسمع والبصر هما من أهم الوسائل التي يتعرف من خلالها الإنسان ما حوله بمساعدة بقية الحواس الأخرى في إمداده بالمعلومات عما حوله ومن هنا ارتبطت نعمة البصر بالعين التي تشبه الكاميرا. أما نعمة الفؤاد فهي من أكمل النعم ويقصد به الشعور الداخلي الروحي الرباني المرتبط بالقلب وهو الشعور الذي يمثل حقيقة الإنسان المدرك والمخاطب لهذا أعطى الله - سبحانه وتعالى - الإنسان السمع ليسمع والبصر ليرى آياته الكبرى فيستدل بها على وحدانيته - سبحانه -: (ومنهم من يستمعون إليك أفأنت تسمع الصم ولو كانوا لا يعقلون)(يونس: 42). والمقصود بإعطائه الحواس للعلم ومتطلباته لأن السمع والبصر أهم حواس الإنسان التي تساعده على سرعة نموه العقلي وتطوره والتي من خلالهما يتعلم الإنسان، وقد تعجب من أنك تتعلم بحاسة السمع أضعاف ما تتعلمه بواسطة البصر؟. إن تقدم السمع على البصر تشير إلي الأولوية وليس إلي التفضيل بالرغم من أن البصر مدخل العلم وهو أعلى درجة من السمع فهو (عين اليقين) قال - تعالى -: (لنريك من آياتنا الكبرى فاعتبروا يا أولي الأبصار) (الحشر: 10). فليقين درجات أولها السمع وثانيها البصر وأعلاها الإدراك الرؤية المباشرة. أما حاسة الشم فهي تحتوي على 20 مليون خلية عصبية لتمييز الروائح عن طريق سائل ذهني له خاصية عجيبة حيث تتفاعل مع الرائحة كيميائياً فتنتج أشكالاً هندسية مميزة حسب الشعور النفسي. وحاسة اللمس وتأتي من حيث الأهمية بعد السمع والبصر مباشرة فهي تساعد الإنسان على اكتساب المعلومات من العالم الخارجي عن طريق الأعضاء الحاسة ذات القيمة الكبرى السمع، البصر واللمس. أما حاسة التذوق فبفضل خلايا خاصة تنتشر على اللسان تساعد على سهولة التذوق، وبالتقاء حاستي الشم والتذوق يتوفر للإنسان الشعور بلذة ما أنعم الله عليه من خيرات الدنيا هذه الحواس جميعها لابد لها من أن تنموا نمواً طبيعياً بترك الحرية التامة كي تمارس دورها. الركائز الخمس (التوازن، التركيز، المرونة، القوة، الحركة) من المهم تدريب الحواس الخمس للتكيف مع التغيرات والواقع الجديد ببعض التمارين التي تعزز الركائز الخمس الأخرى التي تحقق التوازن والانسجام العصبي العقلي والعاطفي الانفعالي. ويمكن ربط الحواس الخمس بالركائز الخمس الأخرى كالتالي: التوازن خاصة الجسمي واستخدام البصر مع السيطرة على الموقف بالنظرة الهادئة المعاتبة. السمع لمواجهة الأوضاع المزعجة يمكن غمض العينين لمدة 10 دقائق للتأمل مع سد الأذنين. اللمس لتنسيق الحركات الجسمية بالمسح على الجسم بمنشفة رطبه ومعطرة بعطر مفضل. التذوق تهيئة المكان لمشاهدة التلفزيون أو للقراءة أو لسماع المفضل مع تجهيز طبق من الفواكه المفضلة وتناولها باستمتاع وتذوق فهذا يجلب الهدوء والراحة النفسية. والشم عند الاسترخاء أو الاستلقاء لابد من ترطيب المكان بأنواع الروائح المحببة للتخلص من التوتر الذهني والجسمي والتأمل أو الاسترخاء في حمام هادئ. أن الظروف والضغوط المحيطة بالإنسان في هذا العصر المتسرع في كل شي أجهد الوعي والجسم مع انحسار الثقة فانحسرت القدرة على الرؤية والتبصر مع انحسار الإحساس بإنسانية الآخر إلي أدنى مستوياته فالإنسان الذي يشعر بالفرح السعادة أفضل صحة من العابس فتجنب التوتر والعصبية يشعر بالهدوء والراحة النفسية وتخف حدة الصداع والتوتر وأهمها الاهتمام بتدريب الحواس والممارسة التي تساعد على إدراك الاختلافات بين الحواس مع الاهتمام بكيفية ربطها بالركائز الخمس الأخرى لتحقيق مزيداً من الاستقرار النفسي. الدين.. يحدد مسئوليتنا نحو الحواس نِعمُ الله تعالي علي الناس أكثر من أن تحصي، يقول تعالي: (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيم")(النحل: 18)، ويقول جل شانه: (وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ)(إبراهيم: 34)، فخلق للإنسان وتكوين، وإيجاد من عدم، وحواس يتعلم ويبين بها، وهداية بالرسل والكتب، ثم تسخير الكون، وتذليل كل ما فيه للإنسان، كي يتفرغ هو لعبادة ربه ويُحسن الخلافة في الأرض: (قُلْ هُوَ الَّذِي أَنشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمْ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ)(الملك: 23). آيات وآلاء متعددة ونعم متعددة لا ينكرها إلا جاحد. قال تعالي: (وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا)(الإسراء: 36). سيسألنا الله تعالي عن المجالات التي استعملنا فيها هذه الحواس كوسائل للمعرفة منّ - سبحانه – وتعالي- بها علينا، فالسمع ينبغي أن يكون في سماع الحق وكلماته من قرأن وسنة، لا الباطل وزيفه وزخرفه من أفكار الشك والإلحاد، يكون في سماع الكلمة الطيبة والهداية، لا الخبيثة من غيبة ونميمة وضلالة. كذلك البصر فنري به آيات عظمة الله تعالي في الآفاق والأنفس، تبصرة وذكري وشكر وحمد، يقول الله تعالي: (ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمْ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ) (السجدة: 9). (وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ لَكُمْ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ) (المؤمنون: 78)، لا أن يستعمل البصر في رؤية المتع المحرمة |
العلامات المرجعية |
|
|