اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > القسم الإداري > أرشيف المنتدى

أرشيف المنتدى هنا نقل الموضوعات المكررة والروابط التى لا تعمل

 
 
أدوات الموضوع ابحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 01-07-2010, 04:47 PM
عمروعبده عمروعبده غير متواجد حالياً
مدرس لغة عربية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 4,766
معدل تقييم المستوى: 21
عمروعبده is on a distinguished road
Thumbs up الإعجاز فى خلق السموات

أقدم لحضراتكم مجموعة مقالات وأبحاث عن الإعجاز العلمى فى خلق السموات
وهو منقول للاستفادة
أصل الكون

قال الله تعالى : (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ) (الأنبياء:30) .
نزل القرآن الكريم على قلب النبي محمد صلى الله عليه وسلم في مجتمع ساد فيه الجهل والخرافة وانحط فيه التفكير حتى وصل بهم أن يعبدوا حجارة ينحتون منها أصناماً ويقدمون لها القرابين والنذور ؟ وفي هذه الأجواء يتكلم القرآن الكريم عن أعقد حقائق الكون وأهمها وهي حقيقة خلقه من عدم بوساطة حدث هائل يسميه علماء الفلك الضربة الكبرى والقرآن يسميه الفتق وهذا الاكتشاف التي لم يتوصل الإنسان إلى كن حقيقتها إلا بعد سنوات طويلة من البحث المضني وإنفاق الأموال الطائلة وإن هذه الحقائق التي أشار إليها القرآن الكريم إن دلت على شيء فهي تدل على أن هذا لقرآن الكريم هو من عند خالق السماوات والأرض ..
معاني الألفاظ:
يقول ابن منظور وغيره من علماء اللغة العربية : والرتق ضد الفتق أي بمعنى الشق والفصل بين شيئين ملتصقين، أي أن السماوات والأرض كانتا ملتصقتين ببعضها ثم فتقها الله سبحانه وتعالى أي جعلها منفصلين عن بعضهما .
و لقد جاء علم الفلك ليظهر هذه الحقيقة التي ذكرها الله في كتابه وتلاها نبيه على المسلمين قبل ألف وأربعمائة سنة :
يرجع العلماء الفلكيون نشأة الكون إلى 13.7 مليار عام وذلك طبقاً لما أعلنته إدارة الطيران والفضاء الأميركية (ناسا) مؤخراً حيث حدثت حادثة تعرف باسم الضربة الكبرى (Big bang) وهي حادثة بداية الكون .
و يعدون أن حدوث مثل هذه الحادثة كان أمراً واقعاً، إذ كانت المادة الموجودة حالياً في الكون مركزة بكثافة عالية جداً في هيئة بيضة كونية تتركز فيها كتلة الكون .
و من الأدلة على صحة نظرية الضربة الكونية الكبرى(Big bang) لنشأة الكون :
1. حركة التباعد المجرية الظاهرة فقد أعلن العالم عالم الفلك الأمريكي المشهور هابل عام 1929 بأن المجرات تبتعد بسرعة عنا في جميع الاتجاهات و تخضع لعلاقة طردية ( استطرادية ) مباشرة بين المسافة و الزحزحة الطيفية نحو الأحمر و استنتج وفقاً لظاهرة دوبلر[1] أن الكون يتمدد ولقد تمكن هابل في عام 1930من إيجاد هذه العلاقة و سميت باسمه وهي تنصبأن " سرعة ابتعاد المجرات الخارجية تتناسب طردياً مع بعدها عنا" وتفسير قانون هابل هو أن الأجرام السماوية في الكون تبتعد بسرعة عنا في جميع الاتجاهات، أي أن الكون في حالة تمدد أينما كان موقعنا في الكون[2] ، قال تعالى : (وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ {47}[سورة الذاريات]، وإذا عُدنا بهذا الاتساع الكوني الراهن إلى الوراء مع الزمن فإن كافة ما في الكون من صور المادة والطاقة والمكان والزمان لابد أن تلتقي في جرم واحد‏,‏ متناه في ضآلة الحجم.
2. اكتشاف الخلفية الإشعاعية للكون المدرك‏:‏
وقد اكتشفها بمحض المصادفة باحثان بمختبرات شركة بل للتليفونات بمدينة نيوجرسي هما أرنو أ‏.‏بنزياس(ArnoA.Penzias)‏وزميله روبرت و‏.‏ ويلسون (RobertW.Wilson) في سنة‏1965‏ م على هيئة إشارات راديوية منتظمة وسوية الخواص‏,‏ قادمة من كافة الاتجاهات في السماء‏,‏ وفي كل الأوقات دون أدني توقف أو تغير‏,‏ ولم يتمكنوا من تفسير تلك الإشارات الراديوية‏,‏ المنتظمة‏,‏ السوية الخواص إلا بأنها بقية للإشعاع الذي نتج عن عملية الانفجار الكوني العظيم‏,‏ وقد قدرت درجة حرارة تلك البقية الإشعاعية بحوالي ثلاث درجات مطلقة‏(‏ أي ثلاث درجات فوق الصفر المطلق الذي يساوي ـ‏273‏ درجة مئوية‏)‏.

وفي نفس الوقت كانت مجموعة من الباحثين العلميين في جامعة
برنستون تتوقع حتمية وجود بقية للإشعاع الناتج عن عملية الانفجار الكوني الكبير‏,‏ وإمكانية العثور على تلك البقية الإشعاعية بواسطة التليسكوبات الراديوية‏,‏ وذلك بناء على الاستنتاج الصحيح بأن الإشعاع الذي نتج عن عملية الانفجار تلك قد صاحب عملية التوسع الكوني‏,‏ وانتشر بانتظام وسوية عبر كل من المكان والزمان في فسحة الكون‏,‏ ومن ثم فإن بقاياه المنتشرة إلى أطراف الجزء المدرك من الكون لابد أن تكون سوية الخواص‏,‏ ومتساوية القيمة في كل الاتجاهات‏,‏ ومستمرة ومتصلة بلا أدني انقطاع‏,‏ وبالإضافة إلى ذلك فإن هذا الإشعاع الكوني لابد أن يكون له طيف مماثل لطيف الجسم المعتم‏,‏ بمعني أن كمية الطاقة الناتجة عنه في مختلف الموجات يمكن وصفها بدرجة حرارة ذات قيمة محددة‏,‏ وأن هذه الحرارة التي كانت تقدر ببلايين البلايين من الدرجات المطلقة عند لحظة الانفجار الكوني لابد أن تكون قد بردت عبر عمر الكون المقدر بعشرة بلايين من السنين على الأقل‏,‏ إلى بضع درجات قليلة فوق الصفر المطلق‏.‏ وانطلاقا من تلك الملاحظات الفلكية والنظرية كان في اكتشاف الخلفية الإشعاعية للكون دعم عظيم لنظرية الانفجار الكوني‏,‏ وقضاء مبرم على نظرية ثبات الكون واستقراره التي اتخذت لتكون لنفي الخلق‏,‏ وإنكار الخالق‏(‏ سبحانه وتعالى‏)‏ منذ مطلع القرن العشرين‏.‏

ولم تكن مجموعة جامعة
برنستون بقيادة كل من روبرت دايك(RobertDicke),‏ ب‏.‏ج‏.‏ إ‏.‏ بيبلز(P.J.E.Peebles)،‏ ديفيد رول(DavidRoll)‏ وديفيد ولكنسون(DavidWilkinson)‏هي أول من توقع وجود الخلفية الاشعاعية للكون‏,‏ فقد سبقهم إلى توقع ذلك كل من رالف ألفر ‏(RalphAlpher)‏ وروبرت هيرمان (RobertHerman)‏ في سنة‏1948‏ م وجورج جامو
(GeogeGamow)‏ في سنة‏1953‏ م ولكن استنتاجاتهم أهملت ولم تتابع بشيء من الاهتمام العلمي فطويت في عالم النسيان‏.‏
3. تصوير الدخان الكوني على أطراف الجزء المدرك من الكون‏:‏
في سنة‏1989‏ م أرسلت وكالة الفضاء الأمريكية ناسا (NASA)‏ مركبة فضائية باسم مستكشف الخلفية الكونية أو‏(‏كوبي‏CosmicBackgroundExplorer أو COBE)‏ وذلك لدراسة الخلفية الإشعاعية للكون من ارتفاع يبلغ ستمائة كيلو متر حول الأرض‏,‏ وقد قاست تلك المركبة درجة الخلفية الإشعاعية للكون وقدرتها بأقل قليلا من ثلاث درجات مطلقة‏(‏ أي بحوالي‏2,735+0,06‏ من الدرجات المطلقة‏)‏ وقد أثبتت هذه الدراسة تجانس مادة الكون وتساويها التام في الخواص قبل الانفجار وبعده أي من اللحظة الأولى لعملية الانفجار الكوني العظيم‏,‏ وانتشار الإشعاع في كل من المكان والزمان مع احتمال وجود أماكن تركزت فيها المادة الخفية التي تعرف باسم المادة الداكنة (DarkMatter) بعد ذلك
هذه صورة لبقايا الغبار الكوني الذي تم تصويره عام 1995بواسطة تلسكوب هابل .
كذلك قامت تلك المركبة الفضائية بتصوير بقايا الدخان الكوني الناتج عن عملية الانفجار العظيم على أطراف الجزء المدرك من الكون‏(‏ على بعد عشرة مليارات من السنين الضوئية‏),‏ وأثبتت أنها حالة دخانية معتمة سادت الكون قبل خلق السماوات والأرض‏,‏ وقد سبق القرآن الكريم جميع المعارف الإنسانية بوصف تلك الحالة الدخانية منذ أكثر من ألف وأربعمائة سنة بقول الحق‏(‏ تبارك وتعالى‏:‏
(ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ) (فصلت:11)
وكان في اكتشاف هذا الدخان الكوني ما يدعم نظرية الانفجار الكوني العظيم‏.‏
4. عملية الاندماج النووي وتأصل العناصر‏:‏تتمعمليةالاندماجالنوويفيداخلالشمسوفيداخلجميعنجومالسماءبيننوىذراتالإيدروجينلتكوين نوى ذراتأثقلبالتدريجوتنطلقالطاقة،‏وقدأدتهذهالملاحظة إلى الاستنتاجالصحيحبتأصيلالعناصربمعنيأنجميعالعناصرالمعروفةلناوالتييبلغعددهاأكثرمنمائةعنصرقدتخلقتكلهافيالأصلمنغازالإيدروجينبعمليةالاندماجالنووي‏,فإذاتحوللبالنجمالمستعر إلى حديدانفجرالنجموتناثرتأشلاؤهفيصفحةالسماءحيثيمكن لنوى الحديدتلقياللبناتالأساسيةللمادةمنصفحةالسماءفتتخلقالعناصرالأعلىفيوزنهاالذريمنالحديدوقدجمعتهذهالملاحظاتالدقيقةمنجزيئاتالجسيماتالأوليةللمادةوعلمالكون‏وأيدتنظريةالانفجارالعظيمالتيبدأتبتخلقالمادةوأضدادهامعاتساعالكون‏وتخلقكلمنالمكانوالزمان‏‏ثمتخلقنوىكلمنالإيدروجينوالهيليوموالليثيوم‏ثمتخلقبقيةالعناصرالمعروفةلنا‏ولذايعتقدالفلكيونفيأنتخلقتلكالعناصرقدتمعلىمرحلتين‏نتجفيالمرحلةالأولىمنهماالعناصرالخفيفة‏وفيالمرحلةالثانيةالعناصرالثقيلة‏والتدرجفيتخليقالعناصرالمختلفةبعمليةالاندماجالنوويفيداخلالنجومأوأثناءانفجارها على هيئةفوقالمستعراتهوصورةمبسطةلعمليةالخلقالأوليدعمنظريةالانفجارالعظيمويعينالإنسان على فهمآلياتها‏,والحساباتالنظريةلتخليقالعناصربعمليةالاندماجالنوويتدعمهاالتجاربالمختبرية على معدلاتتفاعلالجسيماتالأوليةللمادةمع نوى بعضالعناصر‏,وقدبدأهذهالحساباتهانزبيته(HansBethe) فيالثلاثيناتمنالقرنالعشرين‏ وأتمهاوليامفاولر(WilliamFowler)الذيمنحجائزةنوبلفيالفيزياءمشاركةمعآخرينفيسنة‏1983تقديرالجهودهفيشرحعمليةالاندماجالنووي‏ودورهافيتخليقالعناصرالمعروفة‏,ومنثمالمناداةبتأصلالعناصر‏,وهيصورةمصغرةلعمليةالخلقالأول‏.
6. التوزيعالحاليللعناصرالمعروفةفيالجزءالمدركمنالكون‏
تشيرالدراساتالحديثةعنتوزيعالعناصرالمعروفةفيالجزءالمدركمنالكونإلىأنغازالإيدروجينيكونأكثرقليلامن‏74%منمادته‏,ويليهفيالكثرةغازالهيليومالذييكونحوالي‏24%منتلكالمادة‏,ومعنىذلكأنأخفعنصرينمعروفينلنايكونانمعاأكثرمن‏98%منمادةالكونالمنظور‏,وأن ما بقي ‏منالعناصرالمعروفةلنايكونأقلمن‏2%,ممايشير إلى تأصلالعناصر‏,ويدعمنظريةالانفجارالعظيم‏,لأنمعظمالنماذجالمقترحةلتلكالنظريةتعطيحوالي‏75%منالتركيبالكيميائيلسحابةالدخانالناتجةمنذلكالانفجارغازالإيدروجين‏,25%منتركيبةغازالهيليوم‏,وهيأرقامقريبةجدًامنالتركيبالكيميائيالحاليللكونالمدرك‏,كمالخصهاعددمنالعلماءمنمثل‏:Alpher,Gamow,Wagonar,FowlerHoyle,Schramm, Olive,Walker,Steigman,Rang,etc
هذهالشواهدوغيرهادعمتنظريةالانفجارالكونيالعظيموجعلتهاأكثرالنظرياتالمفسرةلنشأةالكونقبولاًفيالأوساطالعلميةاليوم‏,ونحنالمسلميننرقىبهذهالنظرية إلى مقامالحقيقةالكونيةلورودما يدعمهافيكتاباللهالذيأنزلمنقبلألفوأربعمائةمنالسنينيخبرنابقولالخالق‏سبحانهوتعالى:
(أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ) (الانبياء:30).
7. إعلان وكالة أبحاث الفضاء الأمريكية ناسا أن عمر الكون بـ13.7 مليار سنة ضوئية وذلك من خلال استعمال مجسات فضائية متطورة جداً ومناظير إلكترونية محمولة على أقمار صناعية، وهذا الاكتشاف إقرار من الوكالة إلى أنه كان لهذا الكون بداية[3].
8. تبين أن العناصر التي تكون قشرة الأرض هي نفسها العناصر التي تتكون منها النجوم والشهب والكواكب وذلك من خلال دراسة الأطياف الضوئية التي تصدر عن ذرات العناصر التي تكون النجوم والشهب ومقارنتها مع الأطياف اللونية التي تصدر عن العناصر والذرات في الأرض، و يقول العلماء إن الكون يتوسع من الضربة الكبرى، ولا يوجد دليل بأنه سيتمدد للأبد بل إنهم يعتقدون أنه سوف يتباطأ تمدده تدريجياً، ثم يقف، وبعدها ينقلب على نفسه، ويبدأ بالتراجع في حركة تقهقرية وهذا مصداق لقوله تعالى يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ) (الأنبياء:104) والقرآن الكريم يخبرنا أكثر عن هذا فيصف لنا حركته على أنه حركة حلزونية : فيصف لنا حركة طي السماء أي حركة العودة إلى نقطة البداية أنها حركة حلزونية وذلك من خلال تشبيهها بحركة طي السجل للكتب والسجل هو ورق البردي الذي كان يكتب عليه فكان يطوى بحركة حلزونية تدور حول محور ثابت والله سبحانه وتعالى يقول لنا في نهاية الآية (كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ) أي إن حركة بدأ الكون تشبه حركة إعادة الكون إلى لحظة البدء والتي وصفها القرآن الكريم بالطي وهذه تدل على أن الكون سوف يكون ممدداً فيطويه الله تعالى أما كيفية الطي هذه فقد شرحها الله سبحانه وتعالى في قوله (كطي السجل للكتب ) أي كما يطوي الكاتب ورق البردي وهذا إعجاز كوني عظيم لم يكتشفه علماء الفلك إلا بعدما قاموا بتصوير المجرات التي يتكون منها الكون فوجدوا أنها تتباعد بحركة حلزونية عن بعضها كما أن كل المجرات تتوسع وتتباعد نجومها عن بعضها البعض بحركة متباعدة حلزونية تشبهكحركة فتح كتاب ورق البردي القديم من أجل القراءة بعد ما يكون مطوياً وأنها تدور حول محور ثابت هو محور المجرة كما أن المجرات كلها أيضاً تدور بحركة حلزونية حول محور ثابت هو محور الكون فهي تماماً تشبه حركة فتح ورق البردي للقراءة وكما أن أن ورق البردي عند فتحه يصبح منبسطاً ممتداً كذلك يصبح الكون في مرحلة من مراحله، ويقول العلماء أن الكون سوف ينكمش على نفسه بفعل قوى رد الفعل وقوى الجذب الداخلي على نفسه لينكمش بشكل يعاكس شكل التمدد قال تعالى يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ) (الانبياء:104) أي كطي السجل للكتب وهذا تماماً ما أثبته العلم الحديث من أخبر محمداً بهذه الحقيقة الكونية إنه رب العالمين (4).
تمت الاستعانة أثناء إنجاز البحث بأبحاث الدكتور زغلول النجار .
  #2  
قديم 01-07-2010, 05:00 PM
عمروعبده عمروعبده غير متواجد حالياً
مدرس لغة عربية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 4,766
معدل تقييم المستوى: 21
عمروعبده is on a distinguished road
افتراضي

الدخان الكوني

قال الله تعالى ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ) (فصلت : 11).
في الثلث الأول من القرن العشرين لاحظ الفلكيون عملية توسع الكون التي دار من حولها جدل طويل حتى سلم العلماء بحقيقتها‏,‏ وقد سبق القرآن الكريم بالإشارة إلى تلك الحقيقة قبل ألف وأربعمائة سنة بقول الحق‏(‏تبارك وتعالى‏):‏(وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ {47} وَالْأَرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ) ‏(‏ الذاريات‏:47)‏.

وكانت هذه الآية الكريمة قد نزلت والعالم كله ينادي بثبات الكون‏,‏ وعدم تغيره‏,‏ وظل هذا الاعتقاد سائدا حتي منتصف القرن العشرين حين أثبتت الأرصاد الفلكية حقيقة توسع الكون‏,‏ وتباعد مجراته عنا‏,‏ وعن بعضها البعض بمعدلات تقترب أحيانا من سرعة الضوء‏(‏ المقدرة بنحو ثلاثمائة ألف كيلو متر في الثانية‏),‏ وقد أيدت كل من المعادلات الرياضية وقوانين الفيزياء النظرية استنتاجات الفلكيين في ذلك‏.‏

وانطلاقا من هذه الملاحظة الصحيحة نادي كل من علماء الفلك‏,‏ والفيزياء الفلكية والنظرية بأننا إذا عدنا بهذا الاتساع الكوني إلى الوراء مع الزمن فلابد أن تلتقي كل صور المادة والطاقة الموجودة في الكون‏(‏المدرك منها وغير المدرك‏)‏ وتتكدس علي بعضها البعض في جرم ابتدائي واحد يتناهى في الصغر إلى ما يقرب الصفر أو العدم‏,‏ وتنكمش في هذه النقطة أبعاد كل من المكان والزمان حتى تتلاشي‏(‏مرحلة الرتق‏).‏
وهذا الجرم الابتدائي كان في حالة من الكثافة والحرارة تتوقف عندهما كل القوانين الفيزيائية المعروفة‏,‏ ومن ثم فإن العقل البشري لا يكاد يتصورهما‏,‏ فانفجر هذا الجرم الأولي بأمر الله‏(‏تعالى‏)‏ في ظاهرة يسميها العلماء عملية الانفجار الكوني العظيم ، ويسميها القرآن الكريم باسم الفتق فقد سبق القرآن الكريم كل المعارف الإنسانية بالإشارة إلى ذلك الحدث الكوني العظيم من قبل ألف وأربعمائة من السنين بقول الحق‏(‏تبارك وتعالى‏)
أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ) ‏(‏الأنبياء‏:30)‏.
وتشير دراسات الفيزياء النظرية في أواخر القرن العشرين إلى أن جرما بمواصفات الجرم الابتدائي للكون عندما ينفجر يتحول إلى غلالة من الدخان الذي تخلقت منه الأرض وكل أجرام السماء‏,‏وقد سبق القرآن الكريم بألف وأربعمائة سنة كل المعارف الإنسانية وذلك بإشارته إلى مرحلة الدخان في قول الحق‏(‏ تبارك وتعالى‏):
(قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ {9}وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاء لِّلسَّائِلِينَ {10} ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ) ‏(‏فصلت‏:9‏ ــ‏11)‏.
وفي‏8‏ نوفمبر سنة‏1989‏ م أطلقت وكالة الفضاء الأمريكية‏ مركبة فضائية باسم مكتشف الخلفية الاشعاعية للكون وذلك في مدار علي ارتفاع ستمائة كيلومتر حول الأرض بعيدا عن تأثير كل من السحب والملوثات في النطق الدنيا من الغلاف الغازي للأرض‏,‏ وقد قام هذا القمر الصنعي بإرسال ملايين الصور والمعلومات إلى الأرض عن آثار الدخان الأول الذي نتج عن عملية الانفجار العظيم للكون من علي بعد عشرة مليارات من السنين الضوئية‏,‏ وهي حالة دخانية معتمة سادت الكون قبل خلق الأرض والسماوات‏,‏ فسبحان الذي أنزل من قبل ألف وأبعمائة سنة قوله الحق‏:‏ (ثم استوي إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض إئتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين)‏(‏ فصلت‏:11).‏
بقايا الدخان الكوني الناتج عن الانفجار الكوني الكبير

دخانية السماء بعد الانفجار الكوني العظيم‏(‏ أي بعد فتق الرتق‏):‏
بعد التسليم بحقيقة توسع الكون‏,‏ وبرد ذلك التوسع إلى الوراء مع الزمن حتي الوصول إلى جرم ابتدائي واحد متناه في الضآلة حجما إلى الصفر أو ما يقرب من العدم‏,‏ ومتناه في الكثافة والحرارة إلى حد لا يكاد العقل الانساني أن يتخيله‏,‏ لتوقف كل قوانين الفيزياء المعروفة عنده‏(‏مرحلة الرتق‏),‏ وبعد التسليم بانفجار هذا الجرم الابتدائي‏(‏ مرحلة الفتق‏)‏ في ظاهرة كونية يسميها العلماء الانفجار الكوني الكبير بدأ كل من علماء الفلك والفيزياء الفلكية والنظرية في تحليل مسار الأحداث الكونية بعد هذا الحدث الكوني الرهيب‏.‏
ومع إيماننا بان تلك الأحداث الموغلة في تاريخ الكون تقع في صميم الغيب الذي أخبر ربنا‏(‏تبارك وتعالى‏)‏ عنه بقوله‏(‏ عز من قائل‏):
(ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم وما كنت متخذ المضلين عضدا)‏(‏ الكهف‏:51)‏، إلا أن السنن التي فطر الله‏(‏ تعالي‏)‏ الكون عليها لها من الاطراد‏,‏ والاستمرار‏,‏ والثبات‏,‏ ما يمكن أن يعين الانسان علي الوصول إلى شيء من التصور الصحيح لتلك الأحداث الغيبية الموغلة في أبعاد التاريخ الكوني علي الرغم من حس الانسان المحدود‏,‏ وقدرات عقله المحدودة‏,‏ ومحدودية كل من زمانه ومكانه‏.‏
كذلك فان التقنيات المتطورة من مثل الصواريخ العابرة لمسافات كبيرة في السماء‏,‏ والأقمار الصنعية التي تطلقها تلك الصواريخ‏,‏ والأجهزة القياسية والتسجيلية الدقيقة التي تحملها قد ساعدت علي الوصول إلى تصوير الدخان الكوني الأول الذي نتج عن عملية الانفجار العظيم‏,‏ والذي وجدت بقايا أثرية له علي أطراف الجزء المدرك من الكون‏,‏ وعلي أبعاد تصل إلى عشرة مليارات من السنين الضوئية لتثبت دقة التعبير القرآني بلفظة دخان التي وصف بها حالة الكون قبل خلق السماوات والأرض‏.‏

الفيزياء الفلكية ودخانية الكون‏:‏
بعد الانفجار العظيم تحول الكون الى غلالة من الدخان الذى خلقت منه الارض والسماوات . و تشير الحسابات الفيزيائية إلى أن حجم الكون قبل الانفجار العظيم كاد يقترب من الصفر‏,‏ وكان في حالة غريبة من تكدس كل من المادة والطاقة‏,‏ وتلاشي كل من المكان والزمان‏,‏ تتوقف عندها كل قوانين الفيزياء المعروفة‏(‏ مرحلة الرتق‏),‏ ثم انفجر هذا الجرم الابتدائي الأولي في ظاهرة كبري تعرف بظاهرة الانفجار الكوني العظيم مرحلة الفتق وبانفجاره تحول إلى كرة من الإشعاع والجسيمات الأولية أخذت في التمدد والتبرد بسرعات فائقة حتي تحولت إلى غلالة من الدخان‏.‏
فبعد ثانية واحدة من واقعة الانفجار العظيم تقدر الحسابات الفيزيائية انخفاض درجة حرارة الكون من تريليونات الدرجات المطلقة إلى عشرة بلايين من الدرجات المطلقة‏[‏ ستيفن و‏.‏ هوكنج‏1988‏ م]
وعندها تحول الكون إلى غلالة من الدخان المكون من الفوتونات والإلكترونات والنيوترينوات واضداد هذه الجسيمات مع قليل من البروتونات والنيوترونات. ولولا استمرار الكون في التوسع والتبرد بمعدلات منضبطة بدقة فائقة لأفنت الجسيمات الأولية للمادة وأضدادها بعضها بعضا‏,‏ وانتهي الكون‏,‏ ولكنه حفظ بحفظ الله الذي أتقن كل شيء خلقه‏.‏ والنيوترونات يمكن أن توجد في الكون علي هيئة ما يسمي باسم المادة الداكنة .وينادي آلان جوث بأن التمدد عند بدء الانفجار العظيم كان بمعدلات فائقة التصور أدت إلى زيادة قطر الكون بمعدل‏2910‏ مرة في جزء من الثانية ‏,‏ وتشير حسابات الفيزياء النظرية إلى الاستمرار في انخفاض درجة حرارة الكون إلى بليون‏(‏ ألف مليون‏)‏ درجة مطلقة بعد ذلك بقليل‏,‏ وعند تلك الدرجة اتحدت البروتونات والنيوترونات لتكوين نوي ذرات الإيدروجين الثقيل أو الديوتريوم التي تحللت إلى الإيدروجين أو اتحدت مع مزيد من البروتونات والنيوترونات لتكون نوي ذرات الهيليوم
‏(Helium Nuclei)‏ والقليل من نوي ذرات عناصر أعلي مثل نوي ذرات الليثيوم ونوي ذرات البريليوم ‏,‏ ولكن بقيت النسبة الغالبة لنوي ذرات غازي الأيدروجين والهيليوم‏,‏ وتشير الحسابات النظرية إلى أنه بعد ذلك بقليل توقف إنتاج كل من الهيليوم والعناصر التالية له‏,‏ واستمر الكون في الاتساع والتمدد والتبرد لفترة زمنية طويلة‏,‏ ومع التبرد انخفضت درجة حرارة الكون إلى آلاف قليلة من الدرجات المطلقة حين بدأت ذرات العناصر في التكون والتجمع وبدأ الدخان الكوني في التكدس علي هيئة أعداد من السدم الكونية الهائلة‏.‏

ومع استمرار عملية الاتساع والتبرد في الكون بدأت أجزاء من تلك السدم في التكثف علي ذاتها بفعل الجاذبية وبالدوران حول نفسها بسرعات متزايدة بالتدريج حتي تخلقت بداخلها كتل من الغازات المتكثفة‏,‏ ومع استمرار دوران تلك الكتل الكثيفة في داخل السدم بدأت كميات من غازي الإيدروجين والهيليوم الموجودة بداخلها في التكدس علي ذاتها بمعدلات أكبر‏,‏ مما أدي إلى مزيد من الارتفاع في درجات حرارتها حتي وصلت إلى الدرجات اللازمة لبدء عملية الاندماج النووي فتكونت النجوم المنتجة للضوء والحرارة‏.‏
وفي النجوم الكبيرة الكتلة استمرت عملية الاندماج النووي لتخليق العناصر الأعلي في وزنها الذري بالتدريج مثل الكربون والأوكسيجين وما يليهما حتي يتحول لب النجم بالكامل إلى الحديد فينفجر هذا
النجم المستعر‏(Nova)‏ علي هيئة فوق المستعر وتتناثر أشلاء فوق المستعرات وما بها من عناصر ثقيلة في داخل المجرة لتتكون منها الكواكب والكويكبات‏,‏ بينما يبقي منها في غازات المجرة ما يمكن أن يدخل في بناء نجم آخر بإذن الله‏.‏
وتحتوي شمسنا علي نحو‏2%‏ من كتلتها من العناصر الأثقل في أوزانها الذرية من غازي الإيدروجين والهيليوم‏,‏ وهما المكونان الأساسيان لها‏,‏ وهذه العناصر الثقيلة لم تتكون كلها بالقطع في داخل الشمس بل جاءت إليها من بقايا انفجار بعض من فوق المستعرات‏.‏

وعلي الرغم من تكدس كل من المادة والطاقة في أجرام السماء‏(‏ مثل النجوم وتوابعها‏)‏ فان الكون المدرك يبدو لنا متجانسا علي نطاق واسع‏,‏ في كل الاتجاهات‏,‏ وتحده خلفية إشعاعية متساوية حيثما نظر الراصد‏.‏
كذلك فان توسع الكون لم يتجاوز بعد الحد الحرج الذي يمكن أن يؤدي إلى انهياره علي ذاته‏,‏وتكدسه من جديد‏,‏ مما يؤكد أنه محكوم بضوابط بالغة الدقة والاحكام‏,‏ ولا يزال الكون المدرك مستمرا في توسعه بعد أكثر من عشرة مليارات من السنين‏(‏هي العمر الأدني المقدر للكون‏)‏ وذلك بنفس معدل التوسع الحرج‏,‏ ولو تجاوزه بجزء من مئات البلايين من المعدل الحالي للتوسع لانهار الكون علي الفور‏,‏ فسبحان الذي حفظه من الانهيار‏..!!‏
والنظرية النسبية لا يمكنها تفسير ذلك لأن كل القوانين الفيزيائية‏,‏ وكل الأبعاد المكانية والزمانية تنهار عند الجرم الابتدائي للكون قبل انفجاره‏(‏ مرحلة الرتق‏)‏ بكتلته‏,‏ وكثافته وحرارته الفائقة‏,‏ وانعدام حجمه إلى ما يقرب من الصفر‏,‏ ولا يمكن لعاقل أن يتصور مصدرا لخلق هذا الكون بهذا القدر من الإحكام غير كونه أمرا من الخالق‏(‏ سبحانه وتعالى‏) الذي (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُون)‏(‏ يس‏:82)‏.
فعلي سبيل المثال لا الحصر يذكر علماء الفيزياء أنه إذا تغيرت الشحنة الكهربائية للإليكترون قليلا‏,‏ ما استطاعت النجوم القيام بعملية الاندماج النووي‏,‏ ولعجزت عن الانفجار علي هيئة ما يسمي بفوق المستعر إذا تمكنت فرضا من القيام بعملية الاندماج النووي‏.‏
والمعدل المتوسط لعملية اتساع الكون لابد وأنه قد اختير بحكمة بالغة لأن معدله الحالي لا يزال قريبا من الحد الحرج اللازم لمنع الكون من الانهيار علي ذاته‏.‏
ويقرر علماء الفيزياء النظرية والفلكية أن الدخان الكوني كان خليطا من الغازات الحارة المعتمة التي تتخللها بعض الجسيمات الأولية للمادة وأضداد المادة حتى تشهد هذه الصورة من صور الزوجية السائدة في الكون لله وحده بالتفرد بالوحدانية فوق كافة خلقه‏,‏ ولا توجد كلمة توفي هذه الحالة حقها من الوصف مثل كلمة دخان فسبحان الذي أنزلها في كتابه من قبل ألف وأربعمائة من السنين‏.‏
وقد تكونت من تلك الجسيمات الأولية للمادة في الدخان الكوني الأولي نوي ذرات غازي الإيدروجين والهيليوم‏,‏ وبعد ذلك وصلت إلى الحد الذي يسمح بتكوين ذرات ثابتة لعناصر أكبر وزنا وذلك باتحاد نوي ذرات الإيدروجين والهيليوم‏.‏ وظل هذا الدخان المعتم سائدا ومحتويا علي ذرات العناصر التي خلق منها بعد ذلك كل من الأرض والسماء‏.‏

وتفيد الدراسات النظرية أن الكون في حالته الدخانية كان يتميز بقدر من التجانس مع تفاوت بسيط في كل من الكثافة ودرجات الحرارة بين منطقة وأخرى‏,‏ وذلك نظرا لبدء تحول أجزاء من ذلك الدخان بتقدير من الله‏(‏ تعالي‏)‏ إلى مناطق تتركز فيها كميات كبيرة من كل من المادة والطاقة علي هيئة السدم‏.‏ ولما كانت الجاذبية في تلك المناطق تتناسب تناسبا طردياً مع كم المادة والطاقة المتمركزة فيها‏,‏ فقد أدي ذلك إلى مزيد من تكدس المادة والطاقة والذي بواسطته بدأ تخلق النجوم وبقية أجرام السماء في داخل تلك السدم‏,‏ وتكونت النجوم في مراحلها الأولي من العناصر الخفيفة مثل الإيدروجين والهيليوم‏,‏ والتي أخذت في التحول إلى العناصر الأعلى وزنا بالتدريج مع بدء عملية الاندماج النووي في داخل تلك النجوم حسب كتلة كل منها‏.‏

تصوير الدخان الكوني
في الثامن من نوفمبر سنة‏1989‏ م أطلقت وكالة الفضاء الأمريكية مركبة باسم مكتشف الخلفية الإشعاعية للكون التي ارتفعت إلى مدار حول الأرض يبلغ ارتفاعه ستمائة كيلومتر فوق مستوي سطح البحر‏,‏ وذلك لقياس درجة حرارة الخلفية الإشعاعية للكون‏,‏ وقياس كل من الكثافة المادية والضوئية والموجات الدقيقة في الكون المدرك‏,‏ بعيدا عن تأثير كل من السحب والملوثات في النطق الدنيا من الغلاف الغازي للأرض‏,‏ وقام هذا القمر الصنعي المستكشف بإرسال قدر هائل من المعلومات وملايين الصور لآثار الدخان الكوني الأول الذي نتج عن عملية الانفجار العظيم للكون‏,‏ من علي بعد عشرة مليارات من السنين الضوئية‏,‏ وأثبتت تلك الصور أن هذا الدخان الكوني في حالة معتمة تماما تمثل حالة الإظلام التي سادت الكون في مراحله الأولى‏.‏
هذه الصورة التقطت للإشعاع الخلفي للكون ( Back ground radiation ) البقع الحمراء تمثل المناطق الحارة والزرقاء تمثل المناطق الباردة

ويقدر العلماء كتلة هذا الدخان المعتم بحوالي‏90%‏ من كتلة المادة في الكون المنظور‏,‏ وكتب جورج سموت أحد المسئولين عن رحلة المستكشف تقريرا نشره سنة ‏1992‏ م بالنتائج المستقاة من هذا العدد الهائل من الصور الكونية كان من أهمها الحالة الدخانية المتجانسة التي سادت الوجود عقب الانفجار الكوني العظيم‏,‏ وكذلك درجة الحرارة المتبقية علي هيئة خلفية اشعاعية أكدت حدوث ذلك الانفجار الكبير‏,‏ وكان في تلك الكشوف أبلغ الرد علي النظريات الخاطئة التي حاولت ــ من منطلقات الكفر والإلحاد ــ تجاوز الخلق‏,‏ والجحود بالخالق‏(‏سبحانه وتعالى‏)‏ فنادت كذبا بديمومة الكون بلا بداية ولا نهاية من مثل نظرية الكون المستمر التي سبق أن أعلنها ودافع عنها كل من
هيرمان بوندي ‏ وفريد هويل في سنة‏1949‏ م‏,‏ ونظرية الكون المتذبذب‏ التي نادي بها ريتشارد تولمان من قبل‏..‏ فقد كان في إثبات وجود الدخان الكوني والخلفية الإشعاعية للكون بعد إثبات توسع الكون ما يجزم بأن كوننا مخلوق له بداية ولابد أن ستكون له في يوم من الأيام نهاية‏,‏ وقد أكدت الصور التي بثتها مركبة المستكشف‏ للخلفية الإشعاعية والتي نشرت في ابريل سنة‏1992‏ م كل تلك الحقائق‏.‏

تكوين نوى المجرات من الدخان الكوني
كان الجرم الابتدائي للكون مفعما بالمادة والطاقة المكدسة تكديسا رهيبا يكاد ينعدم فيه الحجم إلى الصفر‏,‏ وتتلاشي فيه كل أبعاد المكان والزمان‏,‏ وتتوقف كل قوانين الفيزياء المعروفة لنا كما سبق وأن أشرنا‏(‏ مرحلة الرتق‏),‏ وبعد انفجار هذا الجرم الأولي وبدء الكون في التوسع‏,‏ تمدد الإشعاع وظل الكون مليئا دوما بالطاقة الكهرمغناطيسية‏,‏ علي أنه كلما تمدد الكون قل تركيز الطاقة فيه‏,‏ ونقصت كثافته‏,‏ وانخفضت درجة حرارته‏.‏

وأول صورة من صور الطاقة في الكون هي قوة الجاذبية، وهي قوي كونية بمعني أن كل جسم في الكون يخضع لقوي الجاذبية حسب كتلته أو كمية الطاقة فيه‏,‏ وهي قوي جاذبة تعمل عبر مسافات طويلة‏,‏ وتحفظ للجزء المدرك من الكون بناءه وأبعاده ولعلها هي المقصودة بقول الحق‏(‏ تبارك وتعالى
):)اللّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُّسَمًّى يُدَبِّرُ الأَمْرَ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لَعَلَّكُم بِلِقَاء رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ ‏...)(‏ الرعد‏:2)‏ وقوله‏(‏ عز من قائل‏):‏ ( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّمَاء أَن تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيم)‏(‏ الحج‏:65).‏
وقوله‏(‏ سبحانه وتعالى‏):‏ (وَمِنْ آيَاتِهِ أَن تَقُومَ السَّمَاء وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِّنَ الْأَرْضِ إِذَا أَنتُمْ تَخْرُجُونَ)‏(‏ الروم‏:25).‏
وقوله‏(‏ تبارك اسمه‏):‏ (خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ‏...)(‏لقمان‏:10).‏
وقوله‏(‏ تعالي‏):‏ (إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَن تَزُولَا وَلَئِن زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا ‏)(‏ فاطر‏:41).‏
ويقسم ربنا‏(‏ تبارك وتعالى‏)‏ وهو الغني عن القسم في مطلع سورة الطور بـ السقف المرفوع وهذا القسم القرآني جاء بالسماء المرفوعة بغير عمد مرئية‏..!!‏
والصورة الثانية من صور الطاقة المنتشرة في الكون هي القوي الكهربائية‏/‏المغناطيسية‏(‏ أو الكهرومغناطيسية‏) وهي قوي تعمل بين الجسيمات المشحونة بالكهرباء‏,‏ وهي أقوي من الجاذبية بملايين المرات‏(‏ بحوالي‏4110‏ مرة‏),‏ وتتمثل في قوي التجاذب بين الجسيمات التي تحمل شحنات كهربية مختلفة‏(‏ موجبة وسالبة‏),‏ كما تتمثل في قوي التنافر بين الجسيمات الحاملة لشحنات كهربية متشابهة‏,‏ وتكاد هذه القوي من التجاذب والتنافر يلغي بعضها بعضا‏,‏ وعلي ذلك فان حاصل القوي الكهرومغناطيسية في الكون يكاد يكون صفرا‏,‏ ولكن علي مستوي الجزيئات والذرات المكونة للمادة تبقي هي القوي السائدة‏.‏

والقوي الكهرومغناطيسية هي التي تضطر الاليكترونات في ذرات العناصر إلى الدوران حول النواة بنفس الصورة التي تجبر فيها قوي الجاذبية الأرض‏(‏ وغيرها من كواكب المجموعة الشمسية‏)‏ إلى الدوران حول الشمس‏,‏ وإن دل ذلك علي شيء فإنما يدل علي وحدة البناء في الكون من أدق دقائقه إلى أكبر وحداته‏,‏ وهو ما يشهد للخالق‏(‏ سبحانه وتعالى‏)‏ بالوحدانية المطلقة بغير شريك ولا شبيه ولا منازع‏.‏

ويصور الفيزيائيون القوي الكهرومغناطيسية علي أنها تنتج من تبادل أعداد كبيرة من جسيمات تكاد تكون معدومة الوزن تسمي بالفوتونات والقوي الثالثة في الكون هي القوي النووية القوية وهي القوي التي تمسك باللبنات الأولية للمادة في داخل كل من البروتونات والنيوترونات في نواة الذرة‏,‏ وهذه القوي تصل إلى أقصي قدرتها في المستويات العادية من الطاقة‏,‏ ولكنها تضعف مع ارتفاع مستويات الطاقة باستمرار‏.‏

والقوة الرابعة في الكون هي القوي النووية الضعيفة وهي القوي المسئولة عن عملية النشاط الإشعاعي وفي الوقت الذي تضعف فيه القوي النووية القوية في المستويات العليا للطاقة‏,‏ فان كلا من القوي النووية الضعيفة والقوي الكهرومغناطيسية تقوي في تلك المستويات العليا للطاقة‏.‏

وحدة القوي في الكون
يوحد علماء الفيزياء النظرية بين كل من القوي الكهرومغناطيسية‏,‏ والقوي النووية القوية والضعيفة فيما يسمي بنظرية التوحد الكبرى والتي تعتبر تمهيدا لنظرية أكبر توحد بين كافة القوي الكونية في قوة عظمي‏,‏ واحدة تشهد لله الخالق بالوحدانية المطلقة‏,‏ وعن هذه القوة العظمي انبثقت القوي الكبرى الأربع المعروفة في الكون‏:‏ قوة الجاذبية‏,‏ القوة الكهرومغناطيسية وكل من القوتين النوويتين الشديدة والضعيفة مع عملية الانفجار الكوني الكبير مباشرة‏(‏ الفتق بعد الرتق‏).‏
وباستثناء الجاذبية فان القوي الكونية الأخرى تصل إلى نفس المعدل عند مستويات عالية جدا من الطاقة تسمي باسم الطاقة العظمي للتوحد‏,‏
ومن هنا فان هذه الصور الثلاث للطاقة تعتبر ثلاثة أوجه لقوة واحدة‏,‏ لا يستبعد انضمام الجاذبية إليها‏,‏ باعتبارها قوة ذات مدي طويل جدا‏,‏ تتحكم في أجرام الكون وفي التجمعات الكبيرة للمادة ومن ثم يمكن نظريا غض الطرف عنها من قبيل التبسيط عندما يقصر التعامل علي الجسيمات الأولية للمادة‏,‏ أو حتى مع ذرات العناصر‏.‏
وهذه الصورة من وحدة البناء في الكون‏,‏ ووحدة صور الطاقة فيه‏,‏ مع شيوع الزوجية في الخلق ــ كل الخلق ــ هي شهادة الكون لخالقه‏(‏ سبحانه وتعالى‏)‏ بالتفرد بالوحدانية المطلقة فوق كافة خلقه بغير شبيه ولا شريك ولا منازع‏,‏ وصدق الله العظيم إذ يقول
‏:‏ (وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)‏(‏ الذاريات‏:49).‏ ويقول‏:‏ (لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُون) ‏(‏ الأنبياء‏:22).‏

وسبحانه وتعالى إذ أنزل من قبل ألف وأربعمائة سنة قوله الحق‏:
(ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِين)(‏ فصلت‏:11).‏
المصدر : مقالة للدكتور زغلول النجار نشرت في جريدة الأهرام بتاريخ 4 /6/2001م
مواقع تتحدث عن الغبار الكوني أو الدخان كما ذكره القرآن.
http://www.whyevolution.com/nothing.html
  #3  
قديم 01-07-2010, 05:07 PM
عمروعبده عمروعبده غير متواجد حالياً
مدرس لغة عربية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 4,766
معدل تقييم المستوى: 21
عمروعبده is on a distinguished road
افتراضي

السقف المحفوظ

يلفت الله سبحانه وتعالى من خلال القرآن الكريم انتباهنا إلى خاصية مهمة من خصائص السماء في قوله : (وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ) (الأنبياء:32)، هذه الخاصية قد أثبتتها الأبحاث العلمية التي أجريت في القرن العشرين .
طبقة الماغناتوسفير تتشكل من حقول الأرض المغناطيسية و تشكل درعاً واقيا للأرض من الأجرام السماوية و الأشعة الكونية و الجزيئات الضارة . في الصورة أعلاه يمكن مشاهدة طبقة الماغناتوسفير و حزام فان الن . هذه الأحزمة التي تعلو الأرض بمسافة آلاف الكيومترات تحمي الكائنات الحية منا الطاقة التي عرفتها عليها القرآن الكريم منذ 1400عام من خلال قوله تعالى : " وجعلنا السماء سقفاً محفوظاً
فالغلاف الجوي الذي يحيط بالأرض يؤدي وظائف ضرورية لاستمرارية الحياة ، فهو حين يدمر الكثير من النيازك الكبيرة و الصغيرة فإنه يمنعها من السقوط على سطح الأرض و إيذاء الكائنات الحية .
بالإضافة إلى ذلك فإن الغلاف الجوي يصفي شعاع الضوء الآتي من الفضاء المؤذي للكائنات الحية . و الملفت أن الغلاف الجوي لا يسمح إلا للإشعاعات غير الضارة مثل الضوء المرئي و الأشعة فوق البنفسجية و موجات الراديوا بالمرور . و كل هذه الإشعاعات أساسية للحياة .
هذه الصورة التوضيحية تظهر النيازك و هي على وشك الارتطام بالأرض إن كل الأجرام السماوية التي تسبح في الفضاء قد تشكل تهديداً خطيراً على الأرض ولكن الله سبحانه وتعالى الذي خلقها بأكمل خلق جعل الغلاف الجوي سقفاً حامياً لها . و بفضل هذه الحماية الخاصة فإن معظم النيازك لا تؤذي الأرض ، إذ أنها تتفتت في الغلاف الجوي
فالأشعة فوق البنفسجية التي يسمح بمرور ها بشكل جزئي فقط عبر الغلاف الجوي ، ضروري جداً لعملية التمثيل في النباتات و لبقاء الكائنات الحية على قيد الحياة غالبية الإشعاعات فوق البنفسجية المركزة التي نبتعد من الشمس يتم تصفيتها من خلال طبقة الأوزون في الغلاف الجوي و لا تصل إلا كمية محدودة و ضرورية من الطيف فوق البنفسجي إلى الأرض.
هذه الوظيفة الوقائية للغلاف الجوي لا تقف عند هذا الحد بل إن الغلاف الجوي يحمي الأرض من برد الفضاء المجمد الذي يصل إلى 270 درجة مئوية تحت الصفر .
و ليس الغلاف الجوي فقط هو الذي يحمي الأرض من التأثيرات الضارة ، فبالإضافة إلى الغلاف الجوي فإن ما يعرف بحزام فان ألن وهو طبقة نتجت عن حقول الأرض المغناطيسية ، تشكل درعاً واقياً من الإشعاعات الضارة التي تهدد كوكبنا . هذه الإشعاعات ( التي تصدر عن الشمس و غيرها من النجوم باستمرار ) مميتة للكائنات الحية . و لولا وجود حزام فان ألن ، لكانت الانفجاريات العظيمة للطاقة المسماة التموجات أو الانفجارات الشمسية ( التي تحدث بشكل دائم في الشمس ) قد دمرت الأرض .

الصورة أعلاه تعود إلى فجوة أحدثها سقوط أحد النيازك في أريزونا في الولايات المتحدة الأميركية .ولولا وجود الغلاف الجوي لسقطت ملايين النيازك على الأرض جاعلة منها مكاناً غير قابل للعيش فيه . ولكن خاصية الحماية التي يتمتع بها الغلاف الجوي تسمح للكائنات بالبقاء آمنة على قيد الحياة . و هذا بالطبع من لطف الله بالناس ، و معجزة كشف عنها القرآن الكريم .
يقول دكتور هوغ روس عن أهمية حزام فان آلن ما يأتي :" في الحقيقة إن الأرض تملك كثافة أعلى من كل ما تملكه باقي الكواكب في النظام الشمسي ، و هذا القلب الغظيم للأرض المكون من الحديد و النيكل هو المسؤول عن الحقل المغناطيسي الكبير ، و هذ1 الحقل المغناطيسي هو الذي ينتج درع إشعاعات فان آلن الذي يحمي الأرض من الإنفجارات الإشعاعية . ولو لم يكن هذا الدرع موجوداً لما كانت الحياة ممكنة على سطح الأرض .و لا يملك مثل هذا الدرع سوى الأرض و كوكب المريخ الصخري ، ولكن قوة حقله المغناطيسي أقل بمائة مرة من قوة حقل الأرض المغناطيسي ، وحتى كوكب الزهرة المشابه لكوكبنا ليس لديه حقل مغناطيسي . إن درع فان آلن الإشعاعي هو تصميم فريد خاص بالأرض
[1].
إن الطاقة التي ينقلها انفجار واحد فقط من هذه الانفجاريات التي تم حساب قوتها مؤخراً تعادل قوة مائة بليون قنبلة ذرية شبيهة بتلك التي ألقيت فوق هيروشيما . بعد خمس و ثمانين ساعة من انفجارها لوحظ أن الإبر المغناطيسية في البوصلة أظهرت حركة غير عادية ، ووصلت الحرارة فوق الغلاف الجوي على ارتفاع مائتين وخمسين كيلومتراً إلى 1500درجة مئوية .
و باختصار فإن هناك نظاماً متكاملاً يعمل فوق الأرض و هو يحيط عالمنا و يحميه من التهديدات الخارجية . إلا أن العلماء لم يعلموا بوجوده إلا مؤخراً ، ولكن الله سبحاه و تعالى أخبرنا منذ قرون بعيدة من خلال القرآن الكريم عن غلاف الأرض الجوي الذي يشكل درعاً واقياً .

معظم الناس ينظرون إلى السماء دون أن يتفكروا بأوجه الحماية التي يوفرها الغلاف الجوي . و عادة لا يفكرون في الحال التي يكون عليها العالم لولا وجود هذا الغلاف .
و حين تنتقل بالحديث عن الأرض نجدها ملائمة تماماً للحياة البشرية ، عندما ننفذ من الغلاف الجوي إلى الفضاء الخارجي نصادف فيه برودة شديدة تصل 270درجة تحت الصفر ، حمي منها العالم بفضل الغلاف الجوي .

الطاقة التي تنتجها الشمس تتفجر كقنبلة هائلة يصعب على العقل البشري تصور مداها . فانفجار واحد كقنبلة هائلة يصعب على العقل البشري تصور مداها . فانفجار واحد يساوي مائة بليون قنبلة ذرية مشابهة لتلك التي ألقيت على مدينة هيروشيما . إن العالم محمي من الآثار الهدامة لمثل هذه الطاقة بفضل الغلاف الجوي و حزام فان الن .
المرجع : كتاب معجزة القرآن الكريم تأليف هارون يحيى

[1]http://www.jps.net/bygrace/index. html Taken from Big Bang Refined by Fire by
Dr. Hugh
  #4  
قديم 01-07-2010, 05:09 PM
عمروعبده عمروعبده غير متواجد حالياً
مدرس لغة عربية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 4,766
معدل تقييم المستوى: 21
عمروعبده is on a distinguished road
افتراضي

العروج في السماء
قال تعالى: (وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَاباً مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ) (الحجر:14،15).

العلم التجريبي يؤكد على أن هناك طبقة من النور حول الأرض هي طبقة لا تتعدى 200 كم، و هي في النصف المواجه للشمس ، وإن باقي الكون ظلام دامس، وعندما يتخطى الإنسان هذه الطبقة فإنه يرى ظلام دامس .
و لما تخطى أحد رواد الفضاء الأمريكيون هذه الطبقة لأول مرة عبر عن شعوره في تلك اللحظة فقال:
" I have almost lost my eye sight or something magic has come over me.
" كأني فقدت بصري ، أو اعتراني شيء من السحر" .
و هو تماماً تفسير لقوله تعالى : " لقالوا إنما سكرت أبصارنا بل نحن قومٌ مسحورون ".
أما قوله تعالى " و لو فتحنا عليهم باباً" و الباب لا يفتح في فراغ أبدا ، و القرآن يؤكد أن السماء بناء أي أن السماء بناء مؤلف من لبنات أي لا فراغ فيها .
يقول علماء الفلك : إنه لحظة الانفجار العظيم امتلأ الكون بالمادة و الطاقة، فخلقت المادة والطاقة كما خلق المكن و الزمان، أي لا يوجد زمان بغير مكان و مكان بغير زمان و لا يوجد زمان و مكان بغير مادة و طاقة ، فالطاقة تملأ هذا الكون .
" يعرجون " أي السير بشكل متعرج، و قد جاء العلم ليؤكد أنه لا يمكن الحركة في الكون في خط مستقيم أبداً، وإنما في خط متعرج .
المصدر : من آيات الإعجاز في القرآن الكريم الدكتور زغلول النجار
إخوتي في الله إن الموقع بحاجة إلى دعمكم المادي حتى يستمر في عطائه
أضغط هنا من أجل المزيد التفاصيل
  #5  
قديم 01-07-2010, 05:12 PM
عمروعبده عمروعبده غير متواجد حالياً
مدرس لغة عربية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 4,766
معدل تقييم المستوى: 21
عمروعبده is on a distinguished road
افتراضي

القرآن الكريم والحديث عن الثقوب السوداء

قال تعالى فلا أقسم بالخنس الجوارِ الكنس ) التكوير (15 ـ16).
والمدلول اللغوي لهاتين الآيتين الكريمتين‏:‏ أقسم قسماً مؤكداً بالخنس الجوار الكنس‏,‏ والسؤال الذي يتبادر إلي الذهن هو‏:‏ ما هي هذه الخنس الجوار الكنس التي أقسم بها ربنا‏(‏ تبارك وتعالى‏)‏ هذا القسم المؤكد‏,‏ وهو‏(‏ تعالى‏)‏ غني عن القسم؟
وقبل الإجابة علي هذا التساؤل لابد لنا‏:‏
أولا‏:‏ من التأكيد تدل على حقيقة قرآنية مهمة مؤداها أن الآية أو الآيات القرآنية التي تتنزل بصيغة القسم تأتي بمثل هذه الصياغة المؤكدة من قبيل تنبيهنا إلى عظمة الأمر المقسوم به‏,‏ وإلى أهميته في انتظام حركة الكون‏,‏ أو في استقامة
حركة الحياة أو فيهما معا‏,‏ وذلك لأن الله‏(‏ تعالى‏)‏ غني عن القسم لعباده‏.‏
ثانيا‏ً:‏ أن القسم في القرآن الكريم بعدد من الأمور المتتابعة لا يستلزم بالضرورة ترابطها‏,‏ كما هو وارد في سورة التكوير‏,‏ وفي العديد غيرها من سور القرآن الكريم من مثل سور الذاريات‏,‏ الطور‏,‏ القيامة‏,‏ الانشقاق‏,‏ البروج‏,‏ الفجر‏,‏ البلد‏,‏ الشمس‏,‏ والعاديات‏,‏ ومن هنا كانت ضرورة التنبيه علي عدم لزوم الربط بين القسم الأول في سورة التكوير‏:‏

فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ {15}الْجَوَارِ الْكُنَّسِ {16} وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ {17} وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ }
والقسم الذي يليه في الآيتين التاليتين مباشرة حيث يقول الحق‏(‏تبارك وتعالى‏):
{
وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ {17} وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ {18}
‏(‏التكوير‏:18,17)‏
وهو ما فعله غالبية المفسرين للأسف الشديد‏,‏ فانصرفوا عنالفهم الصحيح لمدلول هاتين الآيتين الكريمتين‏.‏
ثالثا‏:‏تشهد الأمور الكونية المقسوم بها في القرآن الكريم للخالق‏(‏ سبحانهوتعالى‏)‏بطلاقة القدرة‏,‏ وكمال الصنعة‏,‏ وتمام الحكمة‏,‏ وشمول العلم‏,‏ومن هنا فلابد لنا من إعادة النظر في مدلولاتها كلما اتسعت دائرة المعرفة الإنسانيةبالكون ومكوناته‏,‏ وبالسنن الإلهية الحاكمة له حتى يتحقق وصف المصطفي‏(‏ صلى اللهعليه وسلم‏)‏ للقرآن الكريم بأنه‏:‏ لا تنتهي عجائبه‏,‏ ولا يخلق علي كثرة الرد‏,‏وحتى يتحقق لنا جانب من أبرز جوانب الإعجاز في كتاب الله وهو ورود الآية أو الآياتفي كلمات محدودة يري فيها أهل كل عصر معني معينا‏,‏ وتظل هذه المعاني تتسع باتساعدائرة المعرفة الإنسانية في تكامل لا يعرف التضاد‏,‏ وليس هذا لغير كلامالله‏.‏
رابعا‏ً:‏ بعد القسم بكل من الخنس الجوار الكنسوالليل إذا عسعس والصبح إذاتنفس يأتي جواب القسم‏:‏
إنه لقول رسول كريم‏(‏ التكوير‏:19)‏
ومعني جوابالقسم أن هذا القرآن الكريم ـ ومنه الآيات الواردة في مطلع سورة التكوير واصفةلأهوال القيامة‏,‏ وما سوف يصاحبها من الأحداث والانقلابات الكونية التي تفضي إليإفناء الخلق‏,‏ وتدمير الكون‏,‏ ثم إعادة الخلق من جديد ـ هو كلام الله الخالقالموحي به إلي خاتم الأنبياء والمرسلين‏(‏صلى الله عليه وسلم‏)‏ بواسطة ملك منملائكة السماء المقربين‏,‏ عزيز علي الله‏(‏ تعالى‏),‏ وهذا الملك المبلغ عن اللهالخالق هو جبريل الأمين‏(‏ عليه السلام‏),‏ ونسبة القول إليه هو باعتبار قيامهبالتبليغ إلي خاتم الأنبياء والمرسلين‏(‏صلى الله عليه وسلم‏).‏
خامسا‏:‏ إن هذا القسم القرآني العظيم جاء في سياق التأكيد علي حقيقةالوحيالإلهي الخاتم الذي نزل إلي خاتم الأنبياء والمرسلين‏(‏صلى الله وسلموبارك عليه وعلي آله وصحبه أجمعين وعلي من تبع هداه ودعا بدعوته إلي يوم الدين‏),‏والذي جاء للناس كافة لينقلهم من ظلمات الكفر والشرك والضلال إلي نور التوحيدالخالص لله الخالق بغير شريك ولا شبيه ولا منازع‏,‏ ومن فوضي وحشية الإنسان إليضوابط الإيمان وارتقائها بكل ملكات الإنسان إلي مقام التكريم الذي كرمه به الله‏,‏ومن جور الأديان إلي عدل الرحمن‏,‏ كما جاء هذا القسم المؤكد بشيء من صفات الملكالذي حمل هذا الوحي إلي خاتم الأنبياء والمرسلين‏(‏صلى الله عليه وسلم‏),‏ وعلي شيءمن صفات هذا النبي الخاتم الذي تلقي الوحي من ربه‏,‏ وحمله بأمانة إلي قومه‏,‏ رغممعاندتهم له‏,‏ وتشككهم فيه‏,‏ وادعائهم الكاذب عليه‏(‏صلى الله عليه وسلم‏)‏ تارةبالجنون‏(‏ وهو المشهود له منهم برجاحة العقل وعظيم الخلق‏),‏ وأخري بأن شيطانايتنزل عليه بما يقول‏(‏ وهو المعروف بينهم بالصادق الأمين‏),‏ وذلك انطلاقا منخيالهم المريض الذي صور لهم أن لكل شاعر شيطانا يأتيه بالنظم الفريد‏,‏ وأن لكلكاهن شيطانا يأتيه بالغيب البعيد‏.‏ وقد تلقي رسول الله‏(‏صلى الله عليه وسلم‏)‏ كلذلك الكفر والجحود والاضطهاد بصبر وجلد واحتساب حتى كتب الله تعالى له الغلبةوالنصر فأدي الأمانة‏,‏ وبلغ الرسالة‏,‏ ونصح البشرية‏,‏وجاهد في سبيل الله حتىأتاه اليقين‏.‏
وتختتم سورة التكوير بالتأكيد علي أن القرآن الكريم هو ذكرللعالمين وأن جحود بعض الناس له‏,‏ وصدهم عنه‏,‏ وإيمان البعض الآخر به وتمسكهمبهديه هي قضية شاء الله تعالى أن يتركها لاختيار الناس وفقا لإرادة كل منهم‏,‏ معالإيمان بأن هذه الإرادة الإنسانية لا تخرج عن مشيئة الله الخالق الذي فطر الناسعلي حب الإيمان به‏,‏ ومن عليهم يتنزل هدايته علي فترة من الرسل الذين تكاملترسالاتهم في هذا الوحي الخاتم الذي نزل به جبريل الأمين علي قلب النبي والرسولالخاتم‏(‏صلى الله عليه وسلم‏),‏ وأنه علي الرغم من كل ذلك فإن أحدا من الناس ـمهما أوتي من أسباب الذكاء والفطنة ـ لا يقدر علي تحقيق الاستقامة علي منهج اللهتعالى إلا بتوفيق من الله‏.‏ وهذه دعوة صريحة إلي الناس كافة ليطلبوا الهداية من ربالعالمين في كل وقت وفي كل حين‏.‏والقسم بالأشياء الواردة بالسورة هو للتأكيد عليأهميتها لاستقامة أمور الكون وانتظام الحياة فيه‏,‏ وعلي عظيم دلالاتها علي طلاقةالقدرة الإلهية التي أبدعتها وصرفت أحوالها وحركاتها بهذه الدقة المبهرة والإحكامالعظيم‏.‏
الخنس الجوار الكنس في اللغة العربية
جاء في معجم مقاييس اللغة لابن فارس‏(‏ المتوفى سنة‏395‏ هـ‏),‏ تحقيق عبد السلام هارون‏(‏ الجزء الخامس‏,‏ الطبعة الثانية‏1972‏ م‏,‏ ص‏141,‏ ص‏223)‏ وفي غيره من معاجم اللغة تعريف لغوي للفظي الخنس والكنس يحسن الاستهداء به في فهم مدلول الخنس الجوار الكنس كما جاءا في آيتي سورة التكوير علي النحو التالي‏:‏
أولا‏:‏ الخنس‏:‏
خنس‏:‏ الخاء والنون والسين أصل واحد يدل علي استخفاء وتستر‏,‏ قالوا‏:‏ الخنس الذهاب في خفيه‏,‏ يقال خنست عنه‏,‏ وأخنست عنه حقه‏.‏
والخنس‏:‏ النجوم تخنس في المغيب‏,‏ وقال قوم‏:‏ سميت بذلك لأنها تخفي نهارا وتطلع ليلا‏,‏ والخناس في صفة الشيطان‏,‏ لأنه يخنس إذا ذكر الله تعالى‏,‏ ومن هذا الباب الخنس في الأنف انحطاط القصبة‏,‏ والبقر كلها خنس‏.‏
ومعني ذلك أن الخنس جمع خانس أي مختف عن البصر‏,‏ والفعل خنس بمعني استخفي وتستر‏,‏ يقال خنس الظبي إذا اختفي وتستر عن أعين المراقبين‏.‏
والخنوس يأتي أيضا بمعني التأخر‏,‏ كما يأتي بمعني الانقباض والاستخفاء‏.‏ وخنس بفلان وتخنس به أي غاب به‏,‏ وأخنسه أي خلفه ومضي عنه‏.‏

ثانيا‏:‏ الجوار‏:‏
أي الجارية‏.(‏ في أفلاكها‏)‏ وهي جمع جارية‏,‏ من الجري وهو المر السريع‏.‏
ثالثا‏:‏ الكنس‏:‏
‏(‏ كنس‏)‏ الكاف والنون والسين تشكل أصلين صحيحين‏,‏ أحدهما يدل علي سفر شئ عن وجه شئ وهو كشفه والأصل الآخر يدل علي استخفاء‏,‏ فالأول كنس البيت‏,‏ وهو سفر التراب عن وجه أرضه‏,‏ والمكنسه آلة الكنس‏,‏ والكناسة ما كنس‏.‏
والأصل الآخر‏:‏ الكناس‏:‏ بيت الظبي‏,‏ والكانس‏:‏ الظبي يدخل كناسه‏,‏ والكنس‏:‏ الكواكب تكنس في بروجها كما تدخل الظباء في كناسها‏,‏ قال أبو عبيدة‏:‏ تكنس في المغيب‏.‏
وقيل الكنس جمع كانس‏(‏ أي قائم بالكنس‏)‏ أو مختف من كنس الظبي أي دخل كناسه وهو بيته الذي يتخذه من أغصان الشجر‏,‏ وسمي كذلك لأنه يكنس الرمل حتى يصل إليه‏.‏ وعندي أن الكنس هي صيغة منتهي الجموع للفظة كانس أي قائم بعملية الكنس‏,‏ وجمعها كانسون‏,‏ أو للفظة كناس وجمعها كناسون‏,‏ والكانس والكناس هو الذي يقوم بعملية الكنس‏(‏ أي سفر شيء عن وجه شيء آخر‏,‏ وإزالته‏),‏ لأنه لا يعقل أن يكون المعني المقصود في الآية الكريمة للفظة الكنس هي المنزوية المختفية وقد استوفي هذا المعني باللفظ الخنس‏,‏ ولكن أخذ اللفظتين بنفس المعني دفع بجمهور المفسرين إلي القول بأن من معاني فلا أقسم بالخنس‏*‏ الجوار الكنس‏*:‏ أقسم قسما مؤكدا بالنجوم المضيئة التي تختفي بالنهار وتظهر بالليل وهو معني الخنس‏,‏ والتي تجري في أفلاكها لتختفي وتستتر وقت غروبها كما تستتر الظباء في كناسها‏(‏ أي مغاراتها‏)‏ وهو معني الجوار الكنس‏,‏ قال القرطبي‏:‏ هي النجوم تخنس بالنهار‏,‏ وتظهر بالليل‏,‏ وتكنس وقت غروبها أي تستتر كما تكنس الظباء في المغار وهو الكناس‏,‏ وقال مخلوف‏:‏ أقسم الله تعالى بالنجوم التي تخنس بالنهار أي يغيب ضوؤها فيه عن الأبصار مع كونها فوق الأفق‏,‏ وتظهر بالليل‏,‏ وتكنس أي تستتر وقت غروبها أي نزولها تحت الأفق كما تكنس الظباء في كنسها‏..‏ وقال بعض المتأخرين من المفسرين‏:‏ هي الكواكب التي تخنس أي ترجع في دورتها الفلكية‏,‏ وتجري في أفلاكها وتختفي‏.‏
ومع جواز هذه المعاني كلها إلا أني أري الوصف في هاتين الآيتين الكريمتين‏:‏ فلا أقسم بالخنس‏*‏ الجوار الكنس‏*.‏ ينطبق انطباقا كاملا مع حقيقة كونية مبهرة تمثل مرحلة خطيرة من مراحل حياة النجوم يسميها علماء الفلك اليوم باسم الثقوب السود‏(
Black Holes).‏
وهذه الحقيقة لم تكتشف إلا في العقود المتأخرة من القرن العشرين‏,‏ وورودها في القرآن الكريم الذي أنزل قبل ألف وأربعمائة سنة بهذه التعبيرات العلمية الدقيقة علي نبي أمي‏(‏صلى الله عليه وسلم‏),‏ في أمة كانت غالبيتها الساحقة من الأميين‏.

المصدر: بحث للدكتور زغلول النجار
  #6  
قديم 01-07-2010, 05:13 PM
عمروعبده عمروعبده غير متواجد حالياً
مدرس لغة عربية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 4,766
معدل تقييم المستوى: 21
عمروعبده is on a distinguished road
افتراضي

القمر كان كوكباً مشتعلاً

قال تعالى : (وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلاً) (الاسراء:12) .
قال المفسرون آية الليل هي القمر و آية النهار هي الشمس .
قال ابن عباس : عن قوله تعالى : فمحونا آية الليل " لقد كانت القمر يضيء كالشمس فطمسنا ضوءه ".
الحقيقة أن القمر و الأرض و المريخ و كل كواكب المجموعة الشمسية عندما بدأت كانت كلها مشتعلة و سبب هذا هو ا، المواد عندما أخذت تتجمع مع بعضها بعد انفجار الشمس الأم و تكوِّن محيطاً فتندفع إليها القطع الباقية حولها بسرعة جبارة بسبب الجذب و يزداد ارتطام هذه القطع على الكوكب المتكون فتزيد من حرارته زيادة كبيرة حتى تصل إلى درجة انصهار سطحه كله ، وهذا الانصهار يصح أن يمتد إلى سمك حوالي 300 كيلومتر في عمق الكوكب المتكون مع جميع الجهات .
هذا في حالة القمر أما في حالة الأرض فإننا لا نعرف ذلك لآن الأرض تغيرت كثيراً جداً عن يوم خلقها أما القمر فتغير قليلاً جداً من يوم خلقه الله .
و هذا الصهير يكون لونه احمر مثل النار و الصخور تكون منصهرة و سائلة ، و هذا يعني أن درجة الحارة أكبر بكثير من درجة حارة النار التي تعرفها فنحن لا نستطيع أن نصل بدرجة حارة النار لدرجة صهر الصخور لتصبح سائلة أبداً ...
و في هذا الصهر الصخري أو الصخور السائلة تبدأ عمليات انفصال المعادن فتأخذ المعادن الثقيلة في الغوص إلى تحت و تطفوا العناصر الخفيفة إلى فوق ، و نعلم أن هذا قد حدث في قشرة القمر .
و معنى هذا أن الكوكب أو الجسم السماوي يكون ملتهباً في بدء خلقه ، نتيجة ما يتراكم على سطحه من طبقات و قطع المجموعة الشمسية الصلبة و حتى تنصهر المنطقة العلوية كلها في سمك 300 كيلومتر و تبدأ العناصر الثقيلة في الرسوب و تطفوا العناصر الخفيفة و تبرد وتكون القشرة من عناصر خفيفة فوق و عناصر أو معادن ثقيلة تحت .
المصدر :
ندوة بين الشيخ عبد المجيد الزنداني و الدكتور فاروق البارز مدرب رواد الفضاء في وكالة الفضاء الأمريكية ناسا .
  #7  
قديم 01-07-2010, 05:16 PM
عمروعبده عمروعبده غير متواجد حالياً
مدرس لغة عربية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 4,766
معدل تقييم المستوى: 21
عمروعبده is on a distinguished road
افتراضي

مواقع النجوم

قال تعالى : (فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِوَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ) (الواقعة:76، 75 )
في هاتين الآيتين الكريمتين يقسم ربنا تبارك وتعالي ـ وهو الغني عن القسم ـ بمواقع النجوم‏,‏ ثم يأتي جواب القسم‏:‏
(إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ، فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ، لا يَمَسُّهُ إلا الْمُطَهَّرُونَ، تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ)
(الواقعة:80)
.
والمعني المستفاد من هذه الآيات الكريمة أن الله تعالى يخبرنا بقوله‏(‏ عز من قائل‏):‏ أقسم قسماً مغلظاً بمواقع النجوم ـ وأن هذا القسم جليل عظيم ـ لو كنتم تعرفون قدره ـ أن هذا القرآن كتاب كريم‏,‏ جمع الفوائد والمنافع‏,‏ لاشتماله على أصول الدين من العقيدة والعبادة والأخلاق والمعاملات‏,‏ وغير ذلك من أمور الغيب وضوابط السلوك وقصص الأنبياء وأخبار الأمم السابقة والعبر المستفادة منها‏,‏ وعدد من حقائق ومظاهر الكون الدالة على وجود الله و على عظيم قدرته‏,‏ وكمال حكمته وإحاطة علمه‏.‏
ويأتي جواب القسم‏:‏ أن الله تعالى قد تعهد بحفظ هذا الوحي الخاتم في كتاب واحد مصون بقدرة الله‏(‏ تعالى‏),‏ محفوظ بحفظه من الضياع أو التبديل والتحريف‏,‏ وهو المصحف الشريف‏,‏ الذي لا يجوز أن يمسه إلا المطهرون من جميع صور الدنس المادي‏(‏ أي المتوضئون الطاهرون‏),‏ ولا يستشعر عظمته وبركته إلا المؤمنون بالله‏,‏ الموحدون لذاته العليا‏,‏ المطهرون من دنس الشرك‏,‏ والكفر‏,‏ والنفاق‏,‏ ورذائل الأخلاق‏,‏ لأن هذا القرآن الكريم هو وحي الله الخاتم‏,‏ المنزل على خاتم الأنبياء والمرسلين‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏),‏ وهو معجزته الخالدة إلى يوم الدين‏,‏ أنزله الله تعالى بعلمه وهو الإله الخالق‏,‏ رب السماوات والأرض ومن فيهن‏,‏ وقيوم الكون ومالكه ‏(‏ سبحانه وتعالى‏),‏ ولذلك يقول‏(‏ عز من قائل‏):‏
(فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ، وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ،
إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ
فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ، لا يَمَسُّهُ إلا الْمُطَهَّرُونَ، تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ) (الواقعة)
تفسير القسم بمواقع النجوم:
الفاء حرف عطف‏,‏ يُعطف بها فتدل على الترتيب والتعقيب مع الاشتراك‏,‏ أو يكون ما قبلها علة لما بعدها‏,‏ وتجري على العطف والتعقيب دون الاشتراك‏,‏ وقد تكون للابتداء‏,‏ ويكون ما بعدها حينئذ كلاماً مستأنفا‏ً,‏ وأغلب الظن أنها هنا للابتداء‏.‏
و أما لا فقد اعتبرها نحاة البصريين حرفاً زائداً في اللفظ لا في المعني‏,‏ بينما اعتبرها نحاة الكوفيين اسماً لوقوعها موقع الاسم‏,‏ خاصة إذا سُبقت بحرف من حروف الجر‏,‏ وهي تأتي نافية للجنس‏,‏ أو ناهية عن أمر‏,‏ أو جوابية لسؤال‏,‏ أو بمعني غير أو زائدة‏,‏ وتارة تعمل عمل إن‏,‏ أو عمل ليس‏,‏ أو غير ذلك من المعاني‏.‏
ومن أساليب اللغة العربية إدخال لا النافية للجنس على فعل القسم‏:‏ لا أقسم من أجل المبالغة في توكيد القسم‏,‏ بمعني أنه لا يقسم بالشيء إلا تعظيماً له‏,‏ كأنهم ينفون ما سوى المقسم عليه فيفيد تأكيد القسم به‏,‏ وقيل‏:‏ هي للنفي‏,‏ بمعني لا أقسم به إذ الأمر أوضح من أن يحتاج إلى قسم أصلاً فضلا عن هذا القسم العظيم‏.‏
ومواقع النجوم هي الأماكن التي تمر بها في جريها عبر السماء وهي محتفظة بعلاقاتها المحددة بغيرها من الأجرام في المجرة الواحدة‏,‏ وبسرعات جريها ودورانها‏,‏ وبالأبعاد الفاصلة بينها‏,‏ وبقوى الجاذبية الرابطة بينها‏,‏ واللفظة مواقع جمع موقع يقال‏:‏ وقع الشيء موقعه‏,‏ من الوقوع بمعنى السقوط‏.‏ والمسافات بين النجوم مذهلة للغاية لضخامة أبعادها‏,‏ وحركات النجوم عديدة وخاطفة‏,‏ وكل ذلك منوط بالجاذبية‏,‏ وهي قوة لا تُري‏,‏ تحكم الكتل الهائلة للنجوم‏,‏ والمسافات الشاسعة التي تفصل بينها‏,‏ والحركات المتعددة التي تتحركها من دوران حول محاورها وجري في مداراتها المتعددة‏,‏ وغير ذلك من العوامل التي نعلم منها القليل ...!!!

وهذا القَسم القرآني العظيم بمواقع النجوم يشير إلى سبق القرآن الكريم بالإشارة إلى إحدى حقائق الكون المبهرة‏,‏ والتي تقول أنه نظراً للأبعاد الشاسعة التي تفصل نجوم السماء عن أرضنا‏,‏ فإن الإنسان على هذه الأرض لا يري النجوم أبدا‏ً,‏ ولكنه يري مواقع مرت بها النجوم ثم غادرتها‏,‏ و على ذلك فهذه المواقع كلها نسبية‏,‏ وليست مطلقة‏,‏ ليس هذا فقط بل إن الدراسات الفلكية الحديثة قد أثبتت أن نجوماً قديمة قد خبت أو تلاشت منذ أزمنة بعيدة‏,‏ والضوء الذي انبثق منها في عدد من المواقع التي مرت بها لا يزال يتلألأ في ظلمة السماء في كل ليلة من ليالي الأرض إلى اليوم الراهن‏,‏ كما أنه نظراً لانحناء الضوء في صفحة الكون فإن النجوم تبدو لنا في مواقع ظاهرية غير مواقعها الحقيقية‏,‏ ومن هنا كان هذا القسم القرآني بمواقع النجوم‏,‏ وليس بالنجوم ذاتها ـ على عظم قدر النجوم ـ التي كشف العلم عنها أنها أفران كونية عجيبة يخلق الله‏‏ تعالى‏ لنا فيها كل صور المادة والطاقة التي ينبني منها هذا الكون المدرك‏.‏
ماهية النجوم
النجوم هي أجرام سماوية منتشرة بالسماء الدنيا‏,‏ كروية أو شبه كروية‏,‏ غازية‏,‏ ملتهبة‏,‏ مضيئة بذاتها‏,‏ متماسكة بقوة الجاذبية على الرغم من بنائها الغازي‏,‏ هائلة الكتلة‏,‏ عظيمة الحجم‏,‏ عالية الحرارة بدرجة مذهلة‏,‏ وتشع كلاً من الضوء المرئي وغير المرئي بجميع موجاته‏.‏ ويمكن بدراسة ضوء النجم الواصل إلينا التعرف على العديد من صفاته الطبيعية والكيميائية من مثل درجة لمعانه‏,‏ شدة إضاءته‏,‏ درجة حرارته‏,‏ حجمه‏,‏ كتلته‏,‏ موقعه منا‏,‏ سرعة دورانه حول محوره‏,‏ وسرعة جريه في مداره‏,‏ تركيبه الكيميائي‏,‏ ومستوي التفاعلات النووية فيه إلى غير ذلك من صفات‏.‏
وقد أمكن تصنيف النجوم العادية على أساس من درجة حرارة سطحها إلى نجوم حمراء ‏(3200‏ درجة مطلقة‏)‏ وهي أقلها حرارة‏,‏ إلى نجوم برتقالية‏,‏ وصفراء‏,‏ وبيضاء مائلة إلى الصفرة‏,‏ وبيضاء‏,‏ وبيضاء مائلة إلى الزرقة‏,‏ وزرقاء ‏(30,000‏ درجة مطلقة‏)‏ وهي أشدها حرارة‏,‏ وشمسنا من النجوم الصفراء متوسطة الحرارة إذ تبلغ درجة حرارة سطحها حوالي ستة آلاف درجة مطلقة‏.‏

والغالبية الساحقة من النجوم‏(90%)‏ تتبع هذه الأنواع من النجوم العادية التي تعرف باسم نجـوم النسـق الأسـاسي(
Main Sequence Srars),‏والباقي هي نجوم في مراحل الانكدار أو الطمس أو في مراحل الانفجار والتلاشي‏,‏ من مثل الأقزام البيضاء‏,‏ النجوم النيوترونية‏(‏ النابضة وغير النابضة‏)‏ والثقوب السود في المجموعة الأولي‏,‏ والعمالقة الحمر‏,‏ والعمالقة العظام‏,‏ والنجوم المستعرة‏,‏ وفوق المستعرات في المجموعة الثانية‏.‏
وأكثر النجوم العادية لمعاناً هي أعلاها كثافة‏,‏ وبعضها يصل في كتلته إلى مائة مرة قدر كتلة الشمس‏,‏ وتشع قدر إشعاع الشمس ملايين المرات‏، وأقل نجوم السماء لمعاناً هي الأقزام الحمر(
Red Dwarfs),‏ وتبلغ درجة لمعانها أقل من واحد من الألف من درجة لمعان الشمس‏.‏
وأقل كتلة لجرم سماوي يمكن أن تتم بداخله عملية الاندماج النووي فيسلك مسلك النجوم هو‏8%‏ من كتلة الشمس ‏(‏ المقدرة بحوالي ألفي مليون مليون مليون مليون طن‏),‏ والنجوم بمثل هذه الكتل الصغيرة‏,‏ نسبيا هي من النجوم المنكدرة من أمثال النجوم البنية القزمة أو ما يعرف باسم الأقزام البنية (
Brown Dwarfs)..‏
والنجوم تمر بمراحل من الميلاد والشباب والشيخوخة قبل أن تنفجر أو تتكدس على ذاتها فتطمس طمساً كاملا‏ً,‏ فهي تولد من الدخان الكوني بتكدس هذا الدخان على ذاته‏(‏ بإرادة الخالق سبحانه وتعالى‏)‏ وبفعل الجاذبية فتتكون نجوم ابتدائية(
Prostars),‏ ثم تتحول هذه النجوم الابتدائية إلى النجوم العادية(Main SequenceSrars),‏ ثم تنتفخ متحولة إلى العماليق الحمر (RedGiants),‏ فإذا فقدت العماليق الحمر هالاتها الغازية تحولت إلى ما يعرف باسم السدم الكوكبية (Planetary Nebulae),‏ ثم تنكمش على هيئة ما يعرف باسم الأقزام البيض (WhiteDwarfs),‏ وقد تتكرر عملية انتفاخ القزم الأبيض إلى عملاق أحمر ثم العودة إلى القزم الأبيض عدة مرات‏,‏ وتنتهي هذه الدورة بالانفجار على هيئة فوق مستعر من الطراز الأول (Type I Supernova Explosion)‏ أما إذا كانت الكتلة الابتدائية للنجم العادي كبيرة‏( عدة مرات قدر كتلة الشمس‏)‏ فإنه ينتفخ في آخر عمره على هيئة العمالقة الكبار (Super giants), ثم ينفجر على هيئة فوق مستعر من الطراز الثاني (Type II Super novaExplosion),‏ فينتج عن هذا الانفجار النجوم النيوترونية ‏(NeutronStars)‏ النابضة (Pulsars),‏ وغير النابضة (Non-Pulsating Neutron Stars),‏ أو الثقوب السود (Black Holes)‏ أو ما نسميه باسم النجوم الخانسة الكانسة وذلك حسب الكتلة الابتدائية للنجم‏.‏ والنجوم العادية منها المفرد‏(‏ مثل شمسنا‏)‏ والمزدوج (BinaryStars)‏ ومنها المتعدد (Multiple Stars),‏ وتشير الدراسات الفلكية إلى أن أغلب النجوم مزدوجة أو متعددة‏,‏ والنجوم المزدوجة تتشكل من نجمين يدوران في مدار واحد حول مركز ثقلهما‏Common Cente of Mass,‏ومن النجوم المزدوجة ما يتقارب فيها النجمان من بعضهما البعض بحيث لا يمكن فصلهما إلا عن طريق فصل أطياف الضوء المنبثق من كل منهما بواسطة المطياف الضوئي (Spectroscope),‏ومن هذه النجوم المزدوجة ما يمكن أن يخفي احدهما الآخر لدرجة الكسوف الكلي‏.‏
والنجوم أفران كونية يتم في داخلها سلاسل من التفاعلات النووية التي تعرف باسم عملية الاندماج النووي(
Nuclear Fusion)‏ وهي عملية يتم بواسطتها اندماج نوي ذرات الإيدروجين‏(‏ أخف العناصر المعروفة‏)‏ لتكون نوي الذرات الأثقل بالتدريج وتنطلق الطاقة التي تزيد من درجة حرارة النجم حتى يتحول إلى ما يعرف باسم النجم المستعر(Nova)‏والعملاق الأحمر ‏RedGiant,‏ أو النجم العملاق الأعظم (Supergiant)‏ وحينما يتحول قلب النجم المستعر إلى حديد تستهلك طاقة النجم‏,‏ وتتوقف عملية الاندماج النووي فيه‏,‏ وينفجر النجم فيتحول إما إلى قزم ابيض‏,‏ أو إلى نجم نيوتروني أو إلى ثقب اسود حسب كتلته الابتدائية فينكدر النجم أو يطمس ضوؤه طمساً كاملاً‏.‏
وعند انفجار النجوم تتناثر اشلاؤها ـ ومنها الحديد ـ في صفحة السماء‏,‏ فيبدأ بعض هذا الحديد في اصطياد الجسيمات الأولية للمادة لتكوين العناصر الأعلى في وزنها الذري من الحديد بالتدريج‏.‏

الشمس نجم من نجوم السماء الدنيا
الشمس هي النجم الذي تتبعه أرضنا فتدور حولها مع باقي أفراد المجموعة الشمسية‏,‏ وتدور معها حول مركز المجرة‏,‏ وهي أقرب نجوم السماء إلينا‏,‏ ويقدر بُعدها عنا بحوالي مائة وخمسين مليوناً من الكيلو مترات‏,‏ ويقدر نصف قطرها بحوالي سببعمائة ألف كيلو متر‏(6.960*510‏ كيلو متر‏(,‏ وتقدر كتلتها بحوالي ألفي مليون مليون مليون مليون طن‏(1.99*10(27)‏ طن‏),‏ ومتوسط كثافتها‏)1.41‏ جرام للسنتيمتر المكعب‏(‏ أي ا على قليلا من كثافة الماء‏,‏ وتبدو الشمس لنا قرصا صغيرا في السماء على الرغم من ان حجمها يزيد عن مليون ضعف حجم الأرض نظرا لبعدها الشاسع عنا‏.‏
وتقدر درجة حرارة لب الشمس بحوالي‏15‏ مليون درجة مطلقة‏,‏ ودرجة حرارة سطحها حوالي ستة آلاف درجة مطلقة‏(5800‏ درجة مطلقة‏)‏ بينما تصل درجة الحرارة في هالة الشمس‏(‏ أي اكليلها‏)‏ إلى مليوني درجة مطلقة‏,‏ وهذه الدرجات العالية من الحرارة‏,‏ والانخفاض الشديد في كثافة مادة الشمس لا يسمحان للإنسان من على سطح الأرض برؤية الشمس بالعين المجردة‏,‏ ولا باستخدام المناظير المقربة إلا إذا احتجبت الكرة المضيئة للشمس (
Photosphere)‏ احتجاباً كاملا بالكسوف الكلي لها أو بالطرق المختبرية المختلفة‏,‏ والكثافة في مركز الشمس تصل الي‏90‏ جراما للسنتيمتر المكعب‏,‏ وتتناقص في اتجاه سطح الشمس لتصبح جزءا من عشرة ملايين من الجرام للسنتيمتر المكعب‏,‏
وتنتج الطاقة في الشمس أساسا من تحول الإيدروجين إلى هيليوم بعملية الاندماج النووي‏,‏ وان كانت العملية تستمر بمعدلات بسيطة لتنتج بعض العناصر الأعلى في وزنها الذري وتتكون الشمس بنسبة‏70%‏ إيدروجين‏,28%‏ هيليوم‏,2%‏ عناصر أخري‏,‏ والشمس هي مصدر كافة صور الطاقة الأرضية‏.‏
ونظرا لأن غالبية جسم الشمس غازي لا تمسك به إلا الجاذبية الشديدة للشمس فان دورانها حول محورها يتم بطريقة جزئية‏,‏ قلب الشمس‏(‏ حوالي ثلث قطرها‏)‏ يدور كجسم صلب يتم دورته في‏36.5‏ يوم من أيام الأرض تقريبا‏,‏ بينما الكرة الغازية المحيطة بذلك اللب‏(‏ وسمكها حوالي ثلثي نصف قطر الشمس‏)‏ يتم دورته حول مركز الشمس في حوالي‏24‏ يوما من أيام الأرض‏,‏ و على ذلك فان متوسط سرعة دوران الشمس حول محورها يقدر بحوالي‏27‏ وثلث يوم من أيامنا‏.‏
وتجري الشمس‏(‏ ومعها مجموعتها الشمسية‏)‏ في صفحة الكون بسرعة تقدر بحوالي‏19‏ كيلو متر في الثانية نحو نقطة في كوكبة هرقل بالقرب من نجم النسر الواقع
‏(
Vega)‏ وهي تسمي علميا باسم مستقر الشمس‏,‏ كما تجري الشمس‏(‏ ومعها مجموعتها الشمسية بسرعة تقدر بحوالي‏220‏ كيلو مترا في الثانية حول مركز مجرتنا‏(‏ درب اللبانة‏)‏ لتتم هذه الدورة في‏250‏ مليون سنة‏.‏

وأقرب كواكب المجموعة الشمسية إلى الشمس وهو كوكب عطارد يبعد عنها بحوالي‏58‏ مليون كيلو متر‏,‏ وأبعدها عن الشمس وهو كوكب بلوتو يبعد عنها بحوالي ستة آلاف مليون كيلومتر‏.‏
واذا خرجنا عن نطاق المجموعة الشمسية فان هذه المقاييس الأرضية لاتفي بقياس المسافات التي تفصل بقية نجوم السماء الدنيا عنا‏,‏ فاتفق العلماء على وحدة قياس كونية تعرف باسم السنة الضوئية‏,‏ وهي المسافة التي يقطعها الضوء بسرعته‏(‏ المقدرة بحوالي الثلاثمائة الف كيلو متر في الثانية‏)‏ في سنة من سنينا‏,‏ وهي مسافة مهولة تقدر بحوالي‏9.5‏ مليون مليون كيلو متر‏.‏
أبعاد النجوم عن أرضنا اكتشف علماء الفلك أن اقرب النجوم إلينا بعد الشمس هو نجم الأقرب القنطوري Alpha Centaurus‏ يبعد عنا بمسافة‏4.3‏ من السنين الضوئية‏,‏ بينما يبعد عنا النجم القطبي بحوالي‏400‏ سنة ضوئية‏,‏ ومنكب الجوزاء يبعد عنا بمسافة‏1600‏ سنة ضوئية‏,‏ وأبعد نجوم مجرتنا‏(‏ درب اللبانة‏)‏ يبعد عنا بمسافة ثمانين ألف سنة ضوئية‏.‏
ومجموعتنا الشمسية عبارة عن واحدة من حشد هائل للنجوم على هيئة قرص مفرطح يبلغ قطره مائة ألف سنة ضوئية‏,‏ وسمكه نحو عشر ذلك‏,‏ وتقع مجموعتنا الشمسية على بعد ثلاثين الف سنة ضوئية من مركز المجرة‏,‏ وعشرين الف سنة ضوئية من اقرب اطرافها‏.‏
وتحتوي مجرتتا‏(‏ درب اللبانة‏ =
MilkyWay)‏ على تريليون‏(‏ مليون مليون‏)‏ نجم‏,‏ وبالجزء المدرك من السماء الدنيا مائتي ألف مليون مجرة على الأقل‏,‏ تسبح في ركن من السماء الدنيا يقدر قطرة بأكثر من عشرين الف مليون سنة ضوئية‏.‏
أقرب المجرات الينا تعرف باسم سحب ماجيلان
Magellanic Clouds تبعد عنا بمسافة مائة وخمسين الف سنة ضوئية‏.‏

المجرات تجمعات للنجوم
المجرات هي نظم كونية شاسعة الاتساع تتكون من التجمعات النجمية والغازات والغبار الكونيين ‏(‏ الدخان الكوني‏)‏ بتركيز يتفاوت من موقع لآخر في داخل المجرة‏.‏
وهذه التجمعات النجمية تضم عشرات البلايين إلى بلايين البلايين من النجوم في المجرة الواحدة‏,‏ وتختلف نجوم المجرة في إحجامها‏,‏ ودرجات حرارتها‏,‏ ودرجات لمعانها‏,‏ وفي غير ذلك من صفاتها الطبيعية والكيميائية‏,‏ وفي مراحل دورات حياتها‏,‏ وأعمارها‏,‏ فمنها النجوم العادية المفردة‏,‏ والمزدوجة‏,‏ والعديدة‏,‏ والعماليق الكبار والحمر‏,‏ والنجوم القزمة البيضاء والبنية والسوداء‏,‏ والنجوم النيوترونية‏,‏ والثقوب السود‏,‏ وأشباه النجوم وغيرها مما يتخلق باستمرار من الدخان الكوني‏.‏
ومن المجرات ما هو حلزوني الشكل‏,‏ ومنها ما هو بيضاني‏(‏ إهليلجي‏),‏ ومنها ما هو غير محدد الشكل‏,‏ ومنها ما هو اكبر من مجرتنا بكثير‏,‏ ومنها ما هو في حجمها أو أصغر منها‏,‏ وتتبع مجرتنا عددا من المجرات يعرف باسم المجموعة المحلية
Local Group‏ وقد يتجمع عدد أكبر من المجرات على هيئة عنقود مجري ‏GalacticCluster كما قد يتجمع عدد من العناقيد المجرية على هيئة عنقود مجري عملاق Galactic Super cluster يضم عشرات الآلاف من المجرات‏.‏
وتتراوح المجرات في شدة اضاءتها بين سحب ماجلان العظيمة‏,‏ وعدد من النقاط الباهتة التي لا تكاد أن تدرك بأكبر المقاريب‏(‏ المناظير المقربة‏),‏ وتقع أكثر المجرات ضياء في دائرة عظمي تحيط بنا في اتجاه عمودي تقريبا على مستوي مجرتنا‏,‏ وتتراوح المسافات بين المجرات في التجمع المجري الواحد بين المليون والمليونين من السنين الضوئية‏,‏ وتبلغ مائة مرة ضعف ذلك بين التجمعات المجرية التي تعتبر وحدة بناء السماء الدنيا‏.‏
وبالاضافة إلى المجرات وتجمعاتها المختلفة في الجزء المدرك من السماء الدنيا فاننا نري السدم
Nebulae, ‏وهي أجسام دخانية تتخلق بداخلها النجوم‏,‏ ومن السدم ماهو مضئ وماهو معتم‏.‏

أشباه النجوم
وهناك أشباه النجوم
Quasars‏ وهي اجسام ضعيفة الاضاءة‏,‏ ولكنها تطلق اقوي الموجات الراديوية في السماء الدنيا‏,‏ وقد اشتق اسمها باللغة الانجليزية من الوصف
Quasi-Srellar RadioSources أشباه نجوم مصدرة للموجات الراديوية‏,‏ وان كان منها مالا يصدر موجات راديوية (Radio-quietQuasiStellarObjects).‏
وهي أجرام سماوية تتباعد عنا بسرعات فائقة‏,‏ وتعتبر أبعد ماتم رصده من أجرام السماء بالنسبة للأرض إلى الآن‏.‏ وتبدو أنها حالة خاصة من حالات المادة غير معروفة لنا‏,‏ وتقدر كتلة شبيه النجوم بحوالي مائة مليون ضعف كتلة الشمس‏,‏ وتبلغ كثافته واحدا على البليون من الطن للسنتيمتر المكعب‏(‏ واحد على ألف مليون مليون من الجرام للسنتيمتر المكعب‏),‏ وتبلغ الطاقة الناتجة عنه مائة مليون مليون مرة قدر طاقة الشمس‏.‏
وقد تم الكشف عن حوالي‏1500‏ من اشباه النجوم على أطراف الجزء المدرك من الكون‏,‏ وكشفت دراستها بواسطة المقربات الراديوية عن عدد من المفاجآت الفلكية المذهلة‏,‏ ويتوقع الفلكيون وجود آلاف من هذه الأجرام السماوية العجيبة‏.‏

من أسباب القسم بمواقع النجوم
هذه الصفات المذهلة للنجوم تركها القسم القرآني وركز على مواقع النجوم فقال ربنا تبارك وتعالي‏:‏
(74) فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ (75) وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (76) ‏[‏ الواقعة‏:75‏ ـ‏76]‏
ولعل من أسباب ذلك ما يلي‏:‏
أولا‏:‏ أنه نظرا للأبعاد الشاسعة التي تفصل نجوم السماء عنا‏,‏ فإننا لا يمكن لنا رؤية النجوم من على سطح الأرض أبدا‏,‏ ولا بأية وسيلة مادية‏,‏ وكل الذي نراه من نجوم السماء هو مواقعها التي مرت بها ثم غادرتها‏,‏ إما بالجري في الفضاء الكوني بسرعات مذهلة‏,‏ أو بالانفجار والاندثار‏,‏ أو بالانكدار والطمس‏.‏
فالشمس وهي أقرب نجوم السماء إلينا تبعد عنا بمسافة مائة وخمسين مليون كيلومتر‏,‏ فإذا أنبثق منها الضوء بسرعته المقدرة بحوالي الثلاثمائة ألف كيلومتر في الثانية من موقع معين مرت به الشمس فإن ضوءها يصل إلى الأرض بعد ثماني دقائق وثلث دقيقة تقريبا‏,‏ بينما تجري الشمس بسرعة تقدر بحوالي‏19‏ كيلومترا في الثانية في اتجاه نجم النسر الواقع
Vega‏ فتكون الشمس قد تحركت لمسافة لا تقل عن عشرة آلاف كيلومتر عن الموقع الذي انبثق منه الضوء‏.‏
وأقرب النجوم إلينا بعد الشمس وهو المعروف باسم الأقرب القنطوري يصل إلينا ضوؤه بعد‏4,3‏ سنة من انطلاقه من النجم‏,‏ أي بعد أكثر من خمسين شهرا يكون النجم قد تحرك خلالها ملايين عديدة من الكيلومترات‏,‏ بعيدا عن الموقع الذي صدر منه الضوء‏,‏ وهكذا فنحن من على سطح الأرض لا نري النجوم أبدا‏,‏ ولكننا نري صورا قديمة للنجوم انطلقت من مواقع مرت بها‏,‏ وتتغير هذه المواقع من لحظة إلى أخري بسرعات تتناسب مع سرعة تحرك النجم في مداره‏,‏ ومعدلات توسع الكون‏,‏ وتباعد المجرات عنا‏,‏ والتي يتحرك بعضها بسرعات تقترب أحيانا من سرعة الضوء‏,‏ وأبعد نجوم مجرتنا عنا يصلنا ضوءه بعد ثمانين ألف سنة من لحظة انبثاقه من النجم‏,‏ بينما يصلنا ضوء بعض النجوم البعيدة عنا بعد بلايين السنين‏,‏ وهذه المسافات الشاسعة مستمرة في الزيادة مع الزمن نظرا لاستمرار تباعد المجرات عن بعضها البعض في ضوء ظاهرة اتساع الكون‏,‏ ومن النجوم التي تتلألأ أضواؤها في سماء ليل الأرض ما قد انفجر وتلاشي أو طمس واختفي منذ ملايين السنين‏,‏ لأن آخر شعاع انبثق منها قبل انفجارها أو طمسها لم يصل إلينا بعد‏,‏ والضوء القادم منها اليوم يعبر عن ماض قد يقدر بملايين السنين‏.‏
ثانيا‏:‏ ثبت علميا أن الضوء مثل المادة ينحني أثناء مروره في مجال تجاذبي مثل الكون‏,‏ وعليه فإن موجات الضوء تتحرك في صفحة السماء الدنيا في خطوط منحنية يصفها القرآن الكريم بالمعارج‏,‏ ويصف الحركة ذاتها بالعروج‏,‏ وهو الانعطاف والخروج عن الخط المستقيم‏,‏ كما يمكن أن يفيد الصعود في خط منعطف‏,‏ ومن هنا كان وصف رحلة المصطفي صلي الله عليه وسلم في السماوات العلا بالعروج‏,‏ وسميت الليلة باسم المعراج والجمع معارج ومعاريج‏.‏
وحينما ينعطف الضوء الصادر من النجم في مساره إلى الأرض فإن الناظر من الأرض يري موقعا للنجم على استقامة بصره‏,‏ وهو موقع يغاير موقعه الذي صدر منه الضوء‏,‏ مما يؤكد مرة أخري أن الإنسان من فوق سطح الأرض لا يمكنه أن يري النجوم أبدا‏.‏
ثالثا‏:‏ أن النجوم في داخل المجرة الواحدة مرتبطة مع بعضها بالجاذبية المتبادلة بينها‏,‏ والتي تحكم مواقع النجوم وكتلها‏,‏ فمع تسليمنا بأن الله تعالى هو الذي يمسك السماوات والأرض أن تزولا كما أخبرنا تبارك وتعالي بقوله‏:‏
( إن اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً) [فاطر:41]

‏ويقول ربنا عز من قائل‏:‏
( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَحِيمٌ) [الحج:65].
إلا أن الله تعالى له سننه التي يحقق بها مشيئته ـ وهو القادر على أن يقول للشيء‏:‏ كن فيكون لكنه تعالى وضع للكون هذه السنن المتدرجة لكي يستطيع الإنسان فهمها ويتمكن من توظيفها في حسن القيام بواجب الاستخلاف في الأرض‏,‏ فمواقع النجوم على مسافات تتناسب تناسبا طرديا مع كتلها ومرتبطة ارتباطا وثيقا بقوي الجاذبية التي تمسك بها في تلك المواقع وتحفظ السماء أن تقع على الأرض إلا بإذن الله ومن هنا كانت قيمة مواقع النجوم التي كانت من وراء هذا القسم القرآني العظيم‏...!!‏
رابعا‏:‏ أثبتت دراسات الفلك‏,‏ ودراسات كل من الفيزياء الفلكية والنظرية أن الزمان والمكان شيئان متواصلان‏,‏ ومن هنا كانت مواقع النجوم المترامية الأبعاد تعكس أعمارها الموغلة في القدم‏,‏ والتي تؤكد أن الكون الذي نحيا فيه ليس أزليا‏,‏ بل كانت له بداية يحددها الدارسون باثني عشر بليونا من السنين على أقل تقدير‏,‏ ومن هنا كان في القسم بمواقع النجوم إشارة إلى قدم الكون مع حدوثه‏,‏ وهي حقائق لم يتوصل إليها العلم المكتسب إلا بنهاية القرن العشرين‏.‏
فقد كان اليونانيون القدامى يصرون على أن الأرض هي مركز الكون‏,‏ أو أن الشمس هي مركز الكون‏,‏ وأن كليهما ثابت لا يتحرك‏,‏ غير متصورين وجود أية بنية سماوية إلا حول الشمس‏,‏ وكان غيرهم من أصحاب المدنيات السابقة واللاحقة يؤمنون بديمومة الأرض والنجوم‏,‏ وما بها من صور المادة والطاقة‏,‏ بل ظل الغربيون إلى أوائل القرن الثامن عشر الميلادي يؤمنون بأن النجوم مثبتات بالسماء‏,‏ وأن السماء بنجومها تتحرك كقطعة واحدة حول الأرض‏,‏ وأن الكون في مركزه ثابت غير متحرك‏,‏ ومكون من عناصر أربعة هي التراب‏,‏ والماء‏,‏ والهواء والنار وحول تلك الكرات الأربع الثابتة تتحرك السماوات‏,‏ ثم يأتي القرآن الكريم قبل ألف وأربعمائة من السنين ليقسم بمواقع النجوم هذا القسم العظيم‏,‏ مؤكدا نسبية وأهمية وتعاظم تلك المواقع‏,‏ وأن الإنسان لا يمكن له رؤية النجوم من فوق الأرض‏,‏ وكل ما يمكن أن يراه هي مواقع مرت بها النجوم‏,‏ ويأتي العلم في نهاية القرن العشرين مؤكدا كل ذلك‏..!!‏
وهنا يتبادر إلى الذهن السؤال المهم‏:‏ من الذي علم سيدنا محمدا صلي الله عليه وسلم كل هذه المعارف العلمية الدقيقة لو لم يكن القرآن الذي أوحي إليه هو كلام الله الخالق‏..!!‏؟ ولماذا أشار القرآن الكريم إلى مثل هذه القضايا الغيبية التي لم يكن لأحد علم بها في زمان الوحي ولا لقرون متطاولة من بعد ذلك؟ لولا أن الله تعالى يعلم بعلمه المحيط أن الناس سوف يأتي عليهم زمان يدركون فيه تلك الحقيقة الكونية‏,‏ ثم يرجعون إلى كتاب الله الخاتم فيقرأون فيه هذا القسم القرآني العظيم‏:‏ فلا أقسم بمواقع النجوم‏*‏ وإنه لقسم لو تعلمون عظيم‏*‏ الواقعة‏:75‏ ـ‏76‏ فيشهدون بأن القرآن الكريم هو كلام الله الخالق‏,‏ الذي أبدع هذا الكون بعلمه وحكمته وقدرته‏,‏ ويشهدون لهذا النبي الخاتم صلي الله عليه وسلم أنه كان موصولا بالوحي‏,‏ ومعلما من قبل خالق السماوات والأرض‏,‏ وأنه عليه أفضل الصلاة وأزكي التسليم كان ـ بحق ـ كما وصفه ربنا تبارك وتعالى‏:‏
(ومَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (5)) [‏ النجم‏:3‏ ـ‏5].‏
وحينما يتم لهم ذلك تخر أعناقهم للقرآن خاضعين بسلاح العلم الكوني الذي كثيرا ما استخدم من قبل ـ كذبا وزورا ـ لهدم الدين‏..‏
( وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) (يوسف:21).

المصدر : بحث للدكتور زغلول النجار
  #8  
قديم 01-07-2010, 05:18 PM
عمروعبده عمروعبده غير متواجد حالياً
مدرس لغة عربية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 4,766
معدل تقييم المستوى: 21
عمروعبده is on a distinguished road
افتراضي

انكسار الأشعة الضوئية

قال تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِناً ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلاً ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضاً يَسِيراً) (الفرقان:46)
فالظل هنا هو الظل بمعناه العام ، سواء كان ظل حيوان أو نبات أو جماد بما في ذلك الليل الذي هو ظل الأرض .
تدعو الآية الكريمة أن نرى صنع الله الذي أتقن كل شيء صنعه ، فيما نرى ، في الظل . فهو الذي خلقه و خلق أسبابه و مده ، و لو شاء سبحانه لغير في أسبابه فجعله ساكناً لا يتحول و لا يزول ، كما يحدث في بعض الكواكب ، كعطارد مثلاً ، ذلك الكوكب القريب من الشمس ، و الذي يقابلها بوجه واحد فقط . فنهاره نهار أبدي ، و ليله ليل أبدي ،و الظل فيه ساكن .
و جعل سبحانه الشمس دليلاً على الظل فبها عرف و بها حدد .
ثم يعرض سبحانه واحدة من آياته في الآفاق . و إحدى معجزات هو الظل لعصرنا : " ثم قبضناه إلينا قبضاً يسيراً".
و يجب أن ننتبه هنا إلى أن الظل الذي ( قبضناه قبضاً يسيراً) هو الظل الذي دليله ضوء مصباح مثلاً ، أو ضوء نار ،لا يدخل في حكم الآية .
إن اله سبحانه لم يترك الظل الناتج في الأرض عن الشمس على امتداده الذي كان من الممكن أن يكون عليه . بل قبضه قليلاً ،و جعله أصغر أو أقل من ذلك .
لتفسير الآية و فهمها جيداً ، يجب أن ندرس حادثة انكسار الأشعة عندما تمر من وسط إلى آخر مختلف الكثافة .
ـ تسير الأشعة الضوئية بخطوط مستقيمة ما دامت في وسط متجانس ذي كثافة ثابتة ، حتى إذا صادفت طبقة أخرى مختلفة الكثافة ، اجتازتها ـ إن كان ذلك ممكنا ً ـ بعد أن ينحرف خط سرها انحرافاً يتناسب مع الفرق بين الكثافتين .
أظن أن كل واحد منا رأى هذه الحادثة عندما رأى صدفة ، أو غير صدفة ، قضيباً موضوعاً بشكل مائل في الماء ، و القسم الأعلى منه بارز في الهواء ، فإن سحبه من الماء وجده مستقيماً و إن أرجعه وجده معقوفاً . و لعل البعض لم يستطع أن يجد تعليلاً لهذه الحادثة .
إن تعليلها هو أن الأشعة تنحرف عندما تنتقل من الماء إلى الهواء بسبب اختلاف الكثافتين ، فيظهر القضيب و كأنه معقوف .
نعود إلى الظل الذي دليله الشمس .
ينبعث الضوء من الشمس ، و يسير عبر الفراغ الكوني بخطوط مستقيمة ، حتى إذا اصطدم بعضه بالهواء الأرضي ، ذي الكثافة العالية بالنسبة للفضاء ، انحرف ليسير في خط مستقيم آخر يشكل خط سيره في الفراغ زاوية ما .
هكذا يظهر لنا بوضوح كيف ا، حادثة الانكسار سبب قبض الظل قبضاً يسيراً .
المرجع :
الإسلام و الحقائق العلمية تأليف محمود القاسم دار الهجرة بيروت
  #9  
قديم 01-07-2010, 05:20 PM
عمروعبده عمروعبده غير متواجد حالياً
مدرس لغة عربية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 4,766
معدل تقييم المستوى: 21
عمروعبده is on a distinguished road
افتراضي

تكون المطر والبرد

قال تعالى : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَاماً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ) (النور:43) يقول الشيخ عبد المجيد الزنداني : درسنا السحاب لمدة سنتين تقريباً في جامعة الملك عبد العزيز مع قسم الأرصاد في جدة فعند الدراسة ظهرت لنا أن هناك أنواع متعددة من السحب، لكن الأنواع الممطرة ثلاثة أنواع فقط، فلما راجعت القرآن وجدت أن القرآن ذكر الأنواع الثلاثة بالضبط، ووصف كل نوع منها وصفاً دقيقاً هذا الوصف.. هذا الوصف لكل سحاب يختلف تماماً عن وصف السحاب الآخر، فالسحب الممطرة ثلاث أنواع منها النوع الركامي، يقول الله –جل وعلا- في السحاب الركامي: (ألم تر أن الله يزجي سحاباً ثم يؤلف بينه) يعني الآن يصنف لنا القرآن طريقة تكوين السحاب الركامي، ووجد أن السحاب الركامي يتكون هكذا، يزجي أي يسوق برفق يتكون (قزع)
صورة للسحاب على شكل قزع
ثم يساق هذا (القزع) إلى خط تجمع السحاب فيساق برفق إلى خط هذا التجمع (ألم تر أن الله يزجي سحاباً ثم يؤلف بينه -في هذا الخط- ثم يجعله ركاماً) يقوم فوقه فوق بعض (ثم يجعله ركاماً فترى الودق يخرج من خلاله) يعني قطرات المطر تخرج متى؟ إذا حدث الركام (فترى الودق يخرج من خلاله وينزل من السماء من جبال فيها من برد فيصيب به من يشاء ويصرفه عمن يشاء يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار) وصف كامل بالضبط لطريقة تكوين السحاب، للظواهر المصاحبة لتكوينه، للنتائج المترتبة عليه، قلنا يبدأ بالسوق، ثم بتأليف، ثم بالتراكم، فينزل المطر، تغير حرف العطف انظر الدقة على مستوى الحرف، لأن الفترة من فترة السوق إلى التأليف تأخذ زمن، ومن التأليف إلى نهاية الركم تأخذ زمن، لكن بعد أن ينتهي الركم إلى نزول المطر بدون وجود زمن، ولذلك كان
هذه الصورة التقطت عن طريق الأقمار الصناعية تبين سوق الرياح للسحاب كأن يداً خفية تقوم بتوجيه حركة السحاب .
الفارق في هذا الحرف (فاء) عبر بالفاء الذي يدل على التعقيب والترتيب، بسرعة، ولذلك قال (ألم تر أن الله يزجي سحاباً ثم يؤلف بينه ثم يجعله ركاماً –فـ- فترى الودق يخرج من خلاله وينزل من السماء من جبال) يعني يقول لك أنظر إلى السماء (وينزل من السماء.. من جبال) ما الجبال (فيها من برد) إذن هي سحاب (وينزل من جبال فيها من برد) لا يتكون البرد إلا في السحاب الركامي، الذي تختلف درجة حرارة قاعدته عن قمته، وبسبب هذا الشكل الجبلي للسحاب يتكون البرد، الشكل الطبقي لا يتكون فيه برد ولذلك قال: (وينزل من السماء من جبال) يجب أن يكون السحاب على شكل جبل.
صورة للسحاب التي لها شكل الجبال التي يتكون منها البرد
(وينزل من السماء من جبال فيها من برد فيصيب به من يشاء) الله الضمير يرجع إلى البرد (وينزل من السماء من جبال فيها من برد فيصيب به –أي بالبرد- فيصيب به من يشاء ويصرفه عمن يشاء).
يقول علماء الأرصاد يتكون البرد وينزل إلى قاعدة السحاب وفجأة يأتي تيار هوائي يصرفه ويعيده إلى وسط السحاب.
أما كيف نفهم قوله تعالى :(فيصيب به من يشاء ويصرفه عمن يشاء) يعني
هذه صورة توضيحية لحركة البرد داخل السحابة الركامية
كان متجهاً إلى قوم... فقال له ارجع اطلع فوق، وتتبع علماء الأرصاد ذلك... فوجدها دورة يدورها.. تدورها البردة تكون غلاف فلما تنزل البردة إلى الأرض نحسب كم غلاف نعرف كم دورة دارت هذه البردة في جسم السحابة (فيصيب به من يشاء ويصرفه عمن يشاء يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار) سنا برقه يعني لمعان برقه، و الكلام كله عن البرد (فيصيب به- أي بالبرد- من يشاء ويصرفه- أي يصرف البرد- ويصرفه عمن يشاء يكاد سنا برقه) لمعان برقه، أي برق البرد، في عام 1985م قُدِّم ولأول مرة في مؤتمر دولي أن البرد هو السبب الحقيقي لتكوين البرق
صورة لكيفية تكون البرق والرعد
فعندما يتحول البرد من سائل إلى جسم صلب تتكون الشحنات الكهربائي الموجبة والسالبة، عندما تدور حبة البرد توزع الشحنات الموجبة والشحنات السالبة، عندما يستمر الدوران تقوم بعملية التوصيل فالبرد.. فالبرق من البرد.
قام بإضافة الصور والتعديل عليها فراس نور الحق
المصدر :عن محاضرة للشيخ عبد المجيد الزنداني في قناة الجزيرة بتصرف 24/02/2002
  #10  
قديم 01-07-2010, 05:21 PM
عمروعبده عمروعبده غير متواجد حالياً
مدرس لغة عربية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 4,766
معدل تقييم المستوى: 21
عمروعبده is on a distinguished road
افتراضي

جمع الشمس و القمر

قال تعالى ( فإذا برق البصر ، و خسف القمر و جمع الشمس و القمر) القيامة 7ـ9 .
هذه الآيات تعبر عن نزع الإنسان من هول علامة من علامات تدمير الكون ، فجمع الشمس و القمر أصبح حقيقة علمية الآن ، لأنه ثبت بقياسات دقيقة للغاية أن القمر ( الذي يبعد عنا في المتوسط حوالي 400 ألف كم ) يتباعد عنا بطريقة مستمرة بمعدل ثلاثة سنتيمترات في السنة ن هذا التباعد سيدخل القمر وقت من الأوقات في نطاق جاذبية الشمس فتبتلعه الشمس ، و هذا من التنبؤات العلمية المبنية على استقراءات كونية و حسابات فلكية دقيقة ، فالقمر يستمر بتباعده عن الأرض لابد و أن يؤدي به هذا التباعد في يوم من الأيام إلى أن تبتلعه الشمس ، و لكن متى سيتم ذلك ؟ هذا في علم الله .
المصدر :
من آيات الإعجاز في القرآن الكريم الدكتور زغلول النجار
  #11  
قديم 01-07-2010, 05:24 PM
عمروعبده عمروعبده غير متواجد حالياً
مدرس لغة عربية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 4,766
معدل تقييم المستوى: 21
عمروعبده is on a distinguished road
افتراضي

حركة الجبال

قال تعالى : (وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ) (النمل:88)
إن حركة الجبال تعود إلى حركة الأرض التي تتواجد عليها، حيث إن القشرة الأرضية تطفوا فوق طبقة الأوشحة الأعلى منها كثافة . في بداية القرن العشرين افترض العالم الألماني الفرد واغنران القارات كانت متلاصقة عند بداية تكونها ثم انجرفت بعد ذلك في اتجاهات مختلفة وبالتالي تفرقت وابتعدت عن بعضها .
و لم يدرك الجيولوجيون أن واغنر كان على حق إلا في ثمانينيات القرن الماضي بعد خمسين عاماً على وفاته . وكما واغنر في مقالة له نشرت عام 1915 فإن الكتل الأرضية كانت مجتمعة مع بعضها البعض قبل 500 مليون عام، وهذه الكتلة الكبيرة من الأرض التي سميت البانجيا كانت متواجدة في القطب الجنوبي .
و قبل 180 مليون عام تقريباً انقسمت البانجيا إلى قسمين انجرفا باتجاهين مختلفين، فسميت إحدى هذه القارتين العظيمتين الغوندوانا وتضمنت أفريقيا واستراليا والأنتاركتيكا والهند، فيما سميت الأخرى للوراسيا وشملت أوربا وأمريكا الشمالية وآسيا باستثناء الهند وبعد مرور 150 مليون عاماً على هذا الافتراق انقسمت الغوندوانا واللوراسيا إلى أقسام أصغر .
و القارات التي انبثقت عن انقسام البانجايا هي في حركة دائمة على سطح الأرض تقد رببضع سنتيمترات سنوياً، وهذه الحركة تحدث تغييراً في نسبة اليابسة إلى الماء في الكرة الأرضية . وبعد اكتشاف هذه الحقيقة في بداية القرن العشرين شرحها العلماء بما يأتي :
القشرة الأرضية والقسم العلوي من الأوشحة اللذين تبلغ مساحتهما 100كلم تقريباً مقسمات إلى ستة صفائح أساسية، ومجموعة أخرى أصغر، ووفقاً للنظرية المسمات : تشوه الصفائح فإن هذه الصفائح تنتقل في الأرض حاملة معها القارات وقاع المحيطات . وحركة القارات هذه قد تم تقديرها ب1ـ 5 سنتيمترات في السنة . وفيما تستمر الصفائح بالتنقل فإنها سوف تحدث تغيراً في جيولوجية الأرض، فكل سنة على سبيل المثال يتسع المحيط الأطلسي قليلاً[1].
هناك نقطة مهمة يجب ذكرها هنا وهي أن الله سبحانه وتعالى قد أشار في الآية الكريمة إلى حركة القارات على أنها عملية انجراف . واليوم استعمل العلم الحديث مصطلح الانجراف القاري للتعبير عن هذه الحركة [2].
و بالطبع فإن ذلك كله أحد وجوه إعجاز القرآن الكريم الذي كشف هذه الحقائق العلمية، في حين أن العلم الحديث لم يستطع اكتشافها إلا مؤخراً .
المصدر : كتاب معجزة القرآن تأليف هارون يحيى .

[1]Carolyn Sheets, Robert Gardner, Samuel F. Howe; General Science, Allyn and Bacon
Inc. Newton, Massachusetts, 1985, p. 305
[2]National Geographic Society, Powers of Nature, Washington D.C., 1978, p.1213
  #12  
قديم 01-07-2010, 05:25 PM
عمروعبده عمروعبده غير متواجد حالياً
مدرس لغة عربية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 4,766
معدل تقييم المستوى: 21
عمروعبده is on a distinguished road
افتراضي

‏والســماء ذات الحبك‏

قال تعالى : (والسماء ذات الحبك‏*‏ إنكم لفي قول مختلف‏*‏ يؤفك عنه من أفك‏*‏ قتل الخراصون‏*‏الذين هم في غمرة ساهون‏*‏ يسألون أيان يوم الدين‏*‏ يوم هم علي الناريفتنون‏*‏ ذوقوا فتنتكم هذا الذي كنتم به تستعجلون‏) (‏ الذاريات‏:7‏ ـ‏14).‏
يستهل ربنا الله تعالى سورة الذاريات بالقسم بعدد من آياته الكونية‏,‏ الدالة علي طلاقة قدرته‏,‏ وكمال علمه‏,‏ وتمام حكمته‏,‏ وشمول سلطانه علي أن ما وعد به خلقه من البعث والحساب‏,‏ هو وعد صادق‏,‏ وأن الجزاء علي كل ما يفعله العبد في هذه الحياة الدنيا أمر محقق‏,‏ واقع‏,‏ لا فكاك منه‏,‏ ولا هروب عنه‏...!!!‏
ثم يعاود ربنا‏(‏ تبارك وتعالى ‏)‏ القسم مرة أخري‏,‏ في نفس السورة بالسماء ذات الحبك علي أن الناس ـ بصفة عامة ـ وكفار قريش ـ بصفة خاصة ـ مختلفون في أمور الدين اختلافا كبيرا‏,‏ وذلك لانطلاقهم فيه من منطلق التخرصات والظنون‏,‏ والخلط بين ميراث البشرية من بقايا الهدايات الربانية القديمة‏,‏ والانحرافات البشرية المبتدعة عن بواعث الهوى والضلال‏,‏ فقد كان كفار قريش يعترفون بأن الله‏(‏ تعالى ‏)‏ هو خالق السماوات والأرض‏,‏ وخالق كل شيء‏,‏ ولكنهم كانوا في نفس الوقت يعبدون الأصنام بدعوى أنها تقربهم إلى الله زلفى‏,‏ وبزعم أنها تشفع لهم عند الله‏(‏ تعالى ‏),‏ كما كانوا يعرفون عن سيدنا محمد‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ أنه الصادق الأمين‏,‏ وصاحب الخلق العظيم‏,‏ ولكن تغير حكمهم فجأة حين جاءهم بوحي السماء‏,‏ فألقوا عليه من التهم الباطلة ما يتنافى مع كل ما عرفوه عنه فاتهموه‏(‏ شرفه الله تعالى وكرمه‏)‏ بالسحر‏,‏ والشعوذة‏,‏ وبالشعر‏,‏ والكهانة‏,‏ بل بالجنون‏,‏ وكان ذلك كله في محاولة يائسة لصرف الناس عن التوحيد الخالص لله الخالق ـ بغير شريك ولا شبيه ولا منازع ـ وعن التسليم لهذا الدين الخاتم‏,‏ ومن ركائزه الإيمان بحتمية البعث والحساب‏,‏
ثم الخلود في حياة أبدية قادمة‏,‏ إما في الجنة أبدا أو في النار أبدا‏...!!‏
وصرف الناس عن الحق إضلال لهم‏,‏ وهدر لحياتهم‏,‏ وإفشال لدورهم في هذه الحياة‏,‏ ومن هنا كانت جريمة من أفظع الجرائم وأقبحها عند الله‏,‏ ولذلك وصفها‏(‏ تبارك وتعالى ‏)‏ بـ الإفك‏,‏ وهو صرف الشيء عن وجهه الذي يحق أن يكون عليه من مثل الانصراف عن الحق إلى الباطل في الاعتقاد‏,‏ وعن الصدق إلى الكذب في المقال‏,‏ وعن الجميل إلى القبيح في الأفعال‏...!!!‏
ومن هنا‏,‏ كان التعبير بـ المأفوك في اللغة عمن صرف عقله‏,‏ أي ضاع عقله منه‏,‏ فأصبح فاقد العقل والمنطق‏.‏ ومن هنا أيضا كان هذا القسم القرآني‏:‏
(والسماء ذات الحبك‏*‏ إنكم لفي قول مختلف‏*‏ يؤفك عنه من أفك‏*‏ قتل الخراصون‏*‏الذين هم في غمرة ساهون‏*‏ يسألون أيان يوم الدين‏*‏ يوم هم علي النار يفتنون‏*‏ ذوقوا فتنتكم هذا الذي كنتم به تستعجلون‏) (‏ الذاريات‏:7‏ ـ‏14).‏
ومعني ذلك أن الكافرين في قول مختلف‏,‏ مضطرب‏,‏ وحيرة بالغة‏,‏ وقلق دائم‏,‏ وأوهام مفزعة‏,‏ وظنون مضيعة في أمر الدين ـ بصفة عامة ـ وفي أمر الآخرة ـ بصفة خاصة ـ وما تستلزمه من بعث وحساب‏,‏ وجنة ونار‏...!!!‏

ومع التسليم الكامل بأن الله‏(‏ تعالى ‏)‏ غني عن القسم لعباده‏,‏ وبأن القسم إنما يأتي في القرآن الكريم من قبيل تنبيهنا إلى أهمية الأمر المقسوم به في تنظيم الكون‏,‏ واستقامة الحياة علي الأرض‏,‏ أو فيهما معا يبقي السؤال‏:‏ ما المقصود بـالسماء ذات الحبك التي استوجبت هذا القسم القرآني العظيم؟
وللإجابة علي ذلك‏,‏ نبدأ بشرح المدلول اللغوي للفظة الحبك

الحبك في اللغة العربية
لفظة‏(‏ الحبك‏)‏ مستمدة من الفعل‏(‏ حبك‏),‏ بمعني شد وأحكم يقال‏‏ حبك‏)‏ الأمر‏(‏ يحبكه‏)(‏ حبكا‏),‏ كما يقال‏‏ أحبك‏)‏ الأمر‏(‏ يحبكه‏)(‏ حبكا‏)‏ و‏(‏إحباكا‏)‏ أي شده وأحكمه‏.‏
ويقال‏‏ حبك‏)‏ النساج الثوب‏,‏ أي أجاد نسجه‏,‏ و‏(‏حبك‏)‏ الحائك الثوب أي أجاد صنعه‏,‏ وضبط أبعاده‏,‏ فالأمر‏(‏ المحبوك‏)‏ المحكم الصنعة‏,‏ وكذلك‏(‏ الحبيك‏)‏ و‏(‏الحبيكة‏)‏ أي‏(‏ المحبوك‏)‏ و‏(‏المحبوكة‏),‏ قال ابن الأعرابي‏:‏ كل شيء أحكمته وأحسنت عمله فقد‏(‏ أحبكته‏).‏
كذلك يقال في اللغة‏‏ حبك‏)‏ الأمر‏(‏ يحبكه‏)(‏ تحبيكا‏),‏ أي وثقه وشدده ويقال‏‏ تحبك‏)‏ ثوبه أي التف به وشد‏(‏ الحبكة‏),‏ و‏(‏احتبك‏)‏ الثوب أي‏(‏ حبكه‏)‏ حول جسده‏,‏ و‏(‏احتبك‏)‏ بالإزار أي احتزم به‏,‏ و‏(‏الحبكة‏)‏ هي مشد الإزار أو ما يشد به الوسط‏,‏ و‏(‏المحبك‏)‏ هو مكان شد الإزار من الجسم‏,‏ و‏(‏الاحتباك‏)‏ شد الإزار‏,‏ و‏(‏الحبكة‏)‏ والحبيكة تطلق علي الحظيرة تكون بقصبات تعرض ثم تشد أو هي الطريقة في الرمل ونحوه اذا هبت عليه رياح لطيفة أو أمواج متحركة‏,‏ والجمع‏(‏ حباك‏)‏ و‏(‏حبك‏)‏ و‏(‏حبائك‏),‏ فالتموجات التي تظهر علي صفحة الرمل اذا هبت عليه الرياح أو جرت عليه التيارات المائية تسمي‏(‏ حبكا‏)‏ و‏(‏حبائك‏)‏ ومفردها‏(‏ حبيكة‏)‏ أو ما يطلق عليه إلى وم اسم علامات النيم‏,‏ ودرع الحديد لها حبك‏.‏
و‏(‏الحبيكة‏)‏ وجمعها‏(‏ حبائك‏)‏ و‏(‏حبك‏)‏ هي الطريق من خصل الشعر ونحوه‏,‏ فالشعرة الجعدة تكسرها‏(‏ حبك‏),‏ وفي حديث الدجال أن شعره‏(‏ حبك‏),‏ وعلي ذلك يقال‏:‏ فلان رأسه‏(‏ حبك‏)‏ أي شعر رأسه متكسر من الجعودة‏.‏
وقد جاءت لفظة‏(‏ الحبك‏)‏ في القرآن الكريم مرة واحدة فقط‏,‏ وذلك في قول الحق‏(‏ تبارك وتعالى ‏):‏ والسماء ذات الحبك‏*‏
ومن الاستعراض اللغوي السابق‏,‏ يتضح أن من معاني ذلك‏:‏
‏1‏ ـ السماء ذات الصنع المحكم والإبداع في الخلق‏.‏
‏2‏ ـ السماء ذات الروابط الشديدة والنسيج المحكم‏.‏
‏3‏ ـ السماء ذات التباين الواضح في كثافة المادة المكونة لها‏.‏
‏4‏ ـ السماء ذات المدارات المحددة لجميع الأجرام الجارية فيها‏.‏

آراء المفسرين
في تفسير القسم القرآني‏:‏ والسماء ذات الحبك ذكر ابن كثير‏(‏ يرحمه الله‏)‏ قول ابن عباس‏(‏ رضي الله تبارك وتعالى عنهما‏):‏ ذات الحبك أي ذات الجمال والبهاء‏,‏ والحسن والاستواء‏,‏ أي ذات الخلق الحسن المستوي‏,‏ وهو ما قال به أيضا كل من مجاهد‏,‏ وعكرمة‏,‏ وسعيد بن جبير‏,‏ والسدي‏,‏ وقتادة وغيرهم من قدامي المفسرين‏(‏ يرحمهم الله جميعا‏).‏
كذلك أشار ابن كثير إلى قول الضحاك‏(‏ يرحمه الله‏):‏ الرمل والزرع اذا ضربته الريح فينسج بعضه بعضا طرائق طرائق‏,‏ فذلك الحبك‏,‏ وإلى قول أبي صالح‏(‏ يرحمه الله‏)‏ ان ذات الحبك أي ذات الشدة‏,‏ وإلى قول خصيف‏(‏ رحمة الله عليه‏)‏ ان ذات الحبك‏,‏ تعني ذات الصفاقة أي الشفافية والرقة‏,‏ وإلى قول الحسن البصري‏(‏ رضي الله عنه‏)‏ أنها حبكت بالنجوم‏,‏ وإلى قول عبدالله بن عمرو‏(‏ رحمه الله‏):‏ والسماء ذات الحبك‏,‏ يعني السماء السابعة‏,‏ ويلخص ابن كثير كل هذه الأقوال بأنها ترجع إلى شيء واحد وهو الحسن والبهاء كما قال ابن عباس‏(‏ رضي الله تبارك وتعالى عنهما‏),‏ فإنها من حسنها مرتفعة‏,‏ شفافة‏,‏ صفيقة‏,‏ شديدة البناء‏,‏ متسعة الأرجاء‏,‏ أنيقة البهاء‏,‏ مكللة بالنجوم الثوابت والسيارات‏,‏ موشحة بالكواكب الزاهرات‏.‏
وذكر مخلوف‏(‏ يرحمه الله‏)‏ أن الله‏(‏ تعالى ‏):‏ أقسم بالسماء ذات الطرق التي تسير فيها الكواكب‏,‏ وهي من بدائع الصنع‏,‏ جمع‏(‏ حبيكة‏),‏ كطريقة وزنا ومعني‏,‏ أو‏(‏ حباك‏)‏ كمثل ومثال‏,‏ و‏(‏الحبيكة‏)‏ و‏(‏الحباك‏):‏ الطريقة في الرمل ونحوه‏,‏ ويقال‏‏ حبك‏)‏ لما يري في الماء أو الرمل اذا مرت به الريح اللينة من التكسر والتثني‏,‏ أو ذات الخلق السوي الجيد‏,‏ من قولهم‏(‏ حبك‏)‏ الثوب‏(‏ يحبكه‏)(‏ حبكا‏),‏ أجاد نسجه‏,‏ وكل شيء أحكمته وأحسنت عمله فقد‏(‏ احتبكته‏),‏ وجواب القسم‏:‏ إنكم لفي قول مختلف‏*....‏
وذكر صاحب الظلال‏(‏ يرحمه الله‏):‏ يقسم بالسماء المنسقة المحكمة التركيب‏,‏ كتنسيق الزرد‏(‏ أي الدرع‏)‏ المتشابك المتداخل الحلقات‏...,‏ وقد تكون هذه إحدى هيئات السحب في السماء حين تكون موشاة كالزرد‏,‏ مجعدة تجعد الماء والرمل إذا ضربته الريح‏,‏ وقد يكون هذا وضعا دائما لتركيب الأفلاك ومداراتها المتشابكة المتناسقة‏.‏
وذكر الصابوني‏(‏ أمد الله في عمره‏)‏ في شرح قول الحق‏(‏ سبحانه وتعالى ‏):‏
والسماء ذات الحبك‏:‏ أي وأقسم بالسماء ذات الطرائق المحكمة والبنيان المتقن‏.‏

السماء ذات الحبك في المفهوم العلمي
تفيد المعلومات المتوفرة عن الجزء المدرك من السماء الدنيا‏,‏ أن لتلك السماء من الصفات مايلي‏:‏
‏(‏أ‏)‏ أنها شاسعة الاتساع‏,‏ عظيمة البناء‏,‏ متقنة الخلق والصنعة‏.‏
‏(‏ب‏)‏ أنها ذات ترابط محكم شديد في كل جزئية من جزئياتها‏.‏
‏(‏ج‏)‏ أنها ذات كثافات متباينة في مختلف أجزائها‏.‏
‏(‏د‏)‏ أنها ذات مدارات محددة لكل جرم من أجرامها‏,‏ علي الرغم من تعاظم أعدادها واستمرارية سبحها‏.‏

‏(‏أ‏)‏ والسماء ذات الحبك‏,‏ بمعني ذات الإحكام في الخلق
يحصي علماء الفلك في الجزء المدرك من الكون مائتي بليون مجرة علي الأقل‏,‏ وتتفاوت هذه المجرات في الشكل‏,‏ وفي الحجم‏,‏ وفي الكتلة‏,‏ وفي سرعة الدوران حول محورها‏,‏ وسرعة الجري في تباعدها عنا‏,‏ وفي مراحل تطور نجومها‏,‏ وفي ميلاد تلك النجوم واندثارها‏,‏ فمنها المجرات البيضانية‏,‏ والحلزونية‏,‏ وغير المنتظمة والغريبة في الشكل‏,‏ ومنها المجرات القزمة‏(‏ التي لا يكاد قطرها يتعدى‏3200‏ سنة ضوئية‏),‏ ومنها المجرات العملاقة‏(‏ التي يصل طول قطرها إلى ‏750,000‏ سنة ضوئية‏),‏ وتقدر كتلة أصغر المجرات المعروفة لنا بنحو مليون مرة قدر كتلة شمسنا‏,‏ بينما تصل كتلة أكبر المجرات المعروفة لنا بنحو تريليون‏(‏ أي مليون مليون‏)‏ مرة قدر كتلة شمسنا‏,‏ وتبلغ كتلة مجرتنا‏(‏ الطريق اللبني‏)‏ حوإلى ‏230‏ بليون مرة قدر كتلة شمسنا‏.‏
وتتجمع المجرات في مجموعات محلية ‏(
LocalGroups)‏
تضم العشرات من المجرات ‏(
Galaxies),‏
وتلتقي المجموعات المحلية في وحدات أكبر تسمي باسم التجمعات المجرية ‏
GalacticClusters),‏
التي تضم مئات إلى عشرات الآلاف من مختلف أنواع المجرات‏,‏ والتي تعرف العلماء علي آلاف منها‏,‏ وتلتقي تلك في وحدات أكبر تعرف باسم

(‏ المجموعات المحلية العظمي‏) (TheLocalSupergrups)‏
التي تتجمع بدورها في وحدات أكبر تعرف باسم التجمعات المجرية العظمي
‏(
GalacticSuperclusters)‏
والتي تحوي مائة تجمع مجري‏,‏ وقد حصي علماء الفلك منها‏16‏ تجمعا في مسافة تقدر بحوالي عشرين بليون سنة ضوئية منا‏,‏ وترتقي التجمعات المجرية العظمي إلى وحدات أعظم‏,‏ تعرف باسم تجمعات التجمعات المجرية العظمي ‏(
ClustersofGalacticSuperclusters)‏
إلى نهاية لا يعلمها إلا الله‏(‏ تعالى ‏).‏

أ ـ شدة تماسك أجزاء السماء من مرحلة الايونات إلى مرحلة الذرات إلى بداية الاندماج النووى وتخليق العناصر وتكون المجرات
ب ـ مدارات كواكب المجموعة الشمسية شديدة الاحكام
والتجمع المجري الأعظم الذي تنتسب إلى مجرتنا يضم مائة من التجمعات المجرية علي هيئة قرص يبلغ قطره مائة مليون من السنين الضوئية‏,‏ وسمكه عشر ذلك‏(‏ أي عشرة ملايين من السنين الضوئية‏)‏ وهي نفس النسبة بين طول قطر مجرتنا وسمكها‏.‏
وقد اكتشف مؤخرا تجمع مجري عظيم يبلغ طوله بليون ونصف البليون من السنين الضوئية‏,‏ ومائتي مليون سنة ضوئية في أقصر أبعاده‏.‏
وتدرس السماء الدنيا في شرائح تقدر أبعادها بحوالي‏150‏ مليونا‏*100‏ مليون‏*15‏ مليونا من السنين الضوئية‏,‏ ووصل أطولها إلى ‏250‏ مليون سنة ضوئية‏,‏ وتسمي باسم الحائط العظيم ‏(
TheGreatWall)‏
وبعد إطلاق القمر الصنعي المعروف باسم مستكشف الخلفية الإشعاعية للكون في سنة‏1989‏ م تمكن العلماء من إدراك ستة نطق متمركزة حول ما يعتقد بأنه مركز الانفجار العظيم الذي نشأ عنه الكون‏,‏ وذلك علي النحو التإلى ‏:‏
‏(1)‏ نطاق الانفجار العظيم‏(‏ نطاق كرة النار الأولي‏):‏
ويمتد بقطر يقدر بحوالي بليون سنة ضوئية حول نقطة يعتقد بأنها مركز الانفجار الكوني العظيم‏.‏
(2)‏ النطاق الغامض‏:‏ ويضم سحبا بيضاء كثيفة تحيط نطاق الانفجار العظيم بسمك يصل إلى بليوني سنة ضوئية‏.‏
(3)‏ النطاق بعد النطاق الغامض‏:‏ ويضم سحبا من دخان السماء تغلف النطاق الغامض بسمك يتراوح بين بليونين إلى ثلاثة بلايين من السنين الضوئية‏.‏
(4)‏ نطاق أشباه النجوم السحيقة‏:‏ ويضم أكثر أشباه النجوم بعدا عنا‏,‏ ويمتد بسمك يقدر بحوالي خمسة بلايين من السنين الضوئية حول النطاق السابق‏.‏

‏(5)‏ نطاق أشباه النجوم القديمة‏:‏ ويضم أقرب أشباه النجوم إلينا ‏,‏ ويمتد بسمك يقدر بحوالي سبعة بلايين من السنين الضوئية حول نطاق أشباه النجوم السحيقة‏.‏
(6)‏ نطاق المجرات‏:‏ ويحيط النطق السابقة كلها بسمك يقدر بحوالي أربعة بلايين من السنين الضوئية‏.‏
وعلي ذلك‏,‏ فإن قطر الجزء المدرك من السماء الدنيا يقدر بحوالي‏23‏ بليون سنة ضوئية علي الأقل‏.‏
ومجرتنا‏(‏ سكة التبانة أو درب اللبانة أو الطريق اللبني‏)‏ تعتبر في هذا الحشد هباءة منثورة في السماء الدنيا‏,‏ التي لا يعلم حدودها إلا الله‏(‏ تعالى ‏).‏ وهي عبارة عن قرص مفرطح يبلغ طول قطره حوالي مائة ألف سنة ضوئية‏,‏ ويبلغ سمكه عشرة آلاف من السنين الضوئية‏,‏ ويضم ما بين مائة بليون إلى تريليون‏(‏ مليون مليون‏)‏ نجم في مراحل مختلفة من العمر‏,‏ منها نجوم النسق العادي كشمسنا‏,‏ ومنها العمإلى ق الحمر‏,‏ والعمإلى ق الكبار‏,‏ ومنها النجوم الزرقاء شديدة الحرارة‏,‏ ومنها الأقزام البيض الباردة نسبيا‏,‏ ومنها النجوم النيوترونية‏,‏ والنجوم الخانسة الكانسة‏(‏ الثقوب السود‏)‏ ومنها أشباه النجوم وغيرها‏.‏
وكما أن لشمسنا توابع من الكواكب والكويكبات‏,‏ والأقمار والمذنبات التي تكون مجموعتنا الشمسية‏,‏ فإنه من المنطقي أن يكون لكل نجم من هذه الملايين من النجوم توابعه الخاصة به‏.‏
وتقدر كتلة مجرتنا‏(‏ سكة التبانة‏)‏ بحوالي ‏4,6*3810‏ طن‏,[‏ أي بمائتين وثلاثين بليون مرة قدر كتلة شمسنا‏(‏ والمقدرة بحوالي ‏333,000‏ مرة قدر كتلة الأرض والمقدرة بحوالي ستة آلاف مليون مليون مليون طن‏)].‏
وتدور مجرتنا دورة كاملة حول مركزها في مدة تقدر بحوالي ‏250‏ مليون سنة من سنيننا‏,‏ وهذا هو يومها‏.‏
والنجوم في مجرتنا إما مفردة أو ثنائية أو عديدة‏,‏ وهي تدور جميعا حول مركز المجرة بطريقة موازية أو متعامدة أو مائلة علي خط استواء المجرة‏.‏
ولمجرتنا نواة تحتوي علي حشد كثيف من النجوم‏,‏ وحلقة من غاز الإيدروجين تدور حوله‏,‏ ويمتد قطر النواة لعشرات السنين الضوئية حول المركز الهندسي للمجرة‏,‏ والنواة ذات نشاط إشعاعي واضح بما يشير إلى وجود نجم خانس كانس‏(‏ ثقب أسود‏)‏ في مركزها تقدر كتلته بمائة مليون مرة قدر كتلة شمسنا‏,‏ ويحيط بنواة المجرة انبعاج يعرف باسم الانبعاج المجري‏,‏ كما يحيط بالانبعاج المجري قرص المجرة بسمك يصل إلى ستين ألف سنة ضوئية‏,‏ ويتكون من نجوم و غازات وأتربة‏(‏ دخان‏)‏ تزيد كتلتها عن نصف كتلة المجرة‏,‏ وتبعد شمسنا عن مركز القرص بمسافة ثلاثين ألف سنة ضوئية‏,‏ وعن أقرب أطراف المجرة بمسافة عشرين ألف سنة ضوئية‏,‏ وتجري شمسنا ومعها مجموعتها الشمسية‏(‏ شمس‏+‏ تسع كواكب علي الأقل‏+61‏ قمرا‏+‏ عدد من الكويكبات والمذنبات‏)‏ حول مركز المجرة بسرعة تقدر بثلاثمائة كيلومتر في الثانية‏,‏ لتتم دورتها في مائتي مليون سنة‏,‏ ولمجرتنا أربعة أذرع حلزونية تبلغ سمك أطرافها‏2600‏ من السنين الضوئية‏,‏ ويحيط بها هالة اسطوانية تمتد إلى مائتي ألف سنة ضوئية طولا‏,‏ وعشرين ألف سنة ضوئية سمكا‏.‏
وهالة مجرتنا تنقسم إلى نطاق داخلي يضم عددا من النجوم المتباعدة عن بعضها البعض‏,‏ ونطاق وسطي سميك يتكون من مادة قاتمة و غازات منخفضة الكثافة‏,‏ ونطاق خارجي علي هيئة حزام إشعاعي يمتد إلى مسافات شاسعة‏.‏
وتجري مجموعتنا الشمسية في وضع مائل علي خط استواء المجرة‏,‏ دون تصادم أو خروج عن مداراتها المحددة‏.‏
ويعتقد بوجود أكثر من نجم خانس كانس في مجرتنا‏,‏ بالإضافة إلى الموجود في مركزها‏,‏ تم اكتشاف أحدها في سنة‏1971‏ م في كوكبة الدجاجة مع نجم مرئي مرافق تقدر كتلته بحوالي ثلاثين مرة قدر كتلة الشمس‏.‏
وكل من المادة والطاقة يتحرك في مجرتنا ـ كما يتحرك في كل الجزء المدرك من السماء الدنيا ـ من أجرام تلك السماء إلى دخانها وبالعكس في حركة شديدة الانضباط والإحكام‏,‏ فالنجوم الابتدائية تتولد من التكثف الشديد لدخان السماء فيما يعرف باسم السحب الجزيئية فتنكمش تلك السحب الكثيفة‏,‏ وتنهار مادتها في المركز بمعدل أسرع من انهيارها في الأطراف‏,‏ ولأن النواة المنهارة تدور بسرعات فائقة‏,‏ فإن أجزاءها الخارجية تتشكل علي هيئة قرص‏,‏ وتظل عملية تكثيف المادة وتراكمها في تصاعد مما يؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة النواة باطراد‏,‏ حتى تصل إلى الدرجة اللازمة لبدء التفاعلات النووية‏,‏ فيولد النجم‏.‏
ونجوم النسق الرئيسي تمثل المرحلة الأساسية في حياة نجوم السماء الدنيا‏(‏ حيث تمثل‏90%‏ من حياة النجم‏),‏ وعند الشيخوخة تسلك النجوم الهرمة مسلكا من اثنين حسب كتلة المادة والطاقة فيها‏,‏ فإذا كانت كتلة النجم في حدود‏1,4‏ من كتلة الشمس‏,‏ فإنه يتوهج بدرجة فائقة علي هيئة عملاق أحمر ثم يتحول إلى نجم أزرق شديد الحرارة وسط هالة من الايدروجين المتأين‏(‏ أي الحامل لشحنة كهربائية‏)‏ يعرف باسم السديم الكوكبي الذي سرعان ما يتبرد وينكمش علي هيئة تعرف باسم القزم الأبيض‏,‏ وقد تدب الحياة مرة أخري في ذلك القزم الأبيض‏,‏ فيعاود الانفجار علي هيئة عملاق أحمر‏,‏ ويعود قزما أبيض أكثر من مرة حتى ينتهي به العمر فينفجر علي هيئة مستعر أعظم من النسق الأول وتنتهي مادته وطاقته إلى دخان السماء فتدخل أو لا تدخل في دورة ميلاد نجم جديد‏.‏
أما اذا تراوحت كتلة النجم بين‏1,4‏ من كتلة الشمس إلى ثلاثة أضعاف كتلة الشمس‏,‏ فإن توهجه يزداد زيادة ملحوظة في شيخوخته متحولا إلى عملاق أعظم
‏(
Supergiant),‏ ثم ينفجر علي هيئة مستعر أعظم من النسق الثاني ‏(TypeIISupernova)‏
عائدا جزئيا إلى دخان السماء علي هيئة بقايا المستعر الأعظم
‏(
SupernovaRemnants),‏
ومكدسا جزءا من كتلته علي هيئة ما يعرف باسم النجم النيوتروني ‏(
NeutronStar)‏
وهو نجم قزم‏,‏ منكدر‏,‏ لا يتعدى قطره ستة عشر كيلومترا‏,‏ سريع الدوران حول محوره بمعدلات فائقة‏,‏ تنتج أحيانا تيارا من الموجات الراديوية التي يمكن الاستدلال عليه بها‏,‏ لما تبثه من نبضات راديوية منتظمة يمكن تسجيلها بواسطة المرقاب الراديوي‏.‏
واذا تعدي حجم النجم ثلاثة أضعاف كتلة الشمس‏,‏ فإن ناتج الانفجار يكون نجما خانسا كانسا‏(‏ ثقبا أسود‏).‏
هذه الصورة للجزء المدرك من الكون تعكس شيئا عن ضخامة ذلك البناء‏,‏ ودقة بنائه‏,‏ وشساعة أبعاده‏,‏ وإتقان صنعته‏,‏ وروعة خلقه‏,‏ وإحكام كل جزئية فيه وهي من معاني‏(‏ حبك‏)‏ الصنعة‏,‏ ومن هنا كان وصف السماء بأنها ذات‏(‏ حبك‏).‏

(‏ب‏)‏ السماء ذات الحبك بمعني ذات الترابط المحكم الشديد‏
ج ـ شدة الترابط في داخل نواة ذرة الكربون 10ـ 11 ملليمتر
د ـ مجرة حلزونية بها بلاين النجوم المرتبطة بالجاذبية هذه الأعداد المذهلة مما عرفنا من أجرام الجزء المدرك من السماء الدنيا‏(‏ وهي لا تمثل أكثر من‏10%‏ من مجموع كتلة ذلك الجزء المدرك‏),‏ لابد لها من قوي تعمل علي إحكام تماسكها بشدة‏,‏ وتماسك مختلف الأجرام وصور المادة وأشكال الطاقة فيها‏,‏ و إلا لزالت وانهارت‏,‏ وسبحان القائل‏:‏
إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده إنه كان حليما غفورا‏*)(‏ فاطر‏:41).‏
ولله في إمساك السماوات والأرض عدد من السنن‏,‏ والقوي التي استطاع الإنسان التعرف علي شيء منها‏,‏ كمايلي‏:‏
(1)‏ القوة الشديدة أو القوة النووية
وهي القوة التي تقوم بربط الجسيمات الأولية للمادة في داخل نواة الذرة‏(‏ من مثل البروتونات والنيوترونات‏),‏ وعلي التحام نوي الذرات مع بعضها البعض في عمليات الاندماج النووي‏(‏ التي تتم بداخل النجوم‏),‏ وهي أشد أنواع القوي المعروفة لنا في مادة الجزء المدرك من الكون‏,‏ ولو أن هذه الشدة البالغة عبر الأبعاد الضئيلة تتضاءل بشدة عبر المسافات الكبيرة‏,‏ فدورها يكاد يكون منحصرا في داخل نوي الذرات‏,‏ وبين تلك النوى ومثيلاتها‏,‏ وتحمل هذه القوة علي جسيمات تسمي اللاحمة أو جليون
‏(
Gluon)‏ لم تكتشف إلا في أواخر السبعينيات من القرن العشرين‏.‏
‏(2)‏ القوة الضعيفة‏:‏ وتساوي‏10‏ ـ‏13‏ من شدة القوة النووية الشديدة‏,‏ وتعمل علي تفكك الجسيمات الأولية للمادة في داخل الذرة‏,‏ كما يحدث في تحلل العناصر المشعة‏,‏ وتؤثر علي جميع أنواع تلك الجسيمات‏,‏ وتحمل هذه القوة علي جسيمات تسمي البوزونات ‏(
Bosons)‏
وهي إما سالبة أو عديمة الشحنة‏.‏
(3)‏ القوة الكهرومغناطيسية‏:‏ وتساوي‏137/1‏ من شدة القوة النووية الشديدة‏,‏ وتؤدي إلى حدوث الاشعاع الكهرومغناطيسي علي هيئة فوتونات أو ما يعرف باسم الكم الضوئي تنطلق بسرعة الضوء لتؤثر علي جميع الجسيمات التي تحمل شحنات كهربية ومن ثم فهي تؤثر في جميع التفاعلات الكيميائية‏.‏
(4)‏ قوة الجاذبية‏:‏وهي أضعف القوي المعروفة علي المدى القصير‏(10‏ ـ‏39‏ من القوة النووية الشديدة‏),‏ ولكن نظرا لطبيعتها التراكمية فإنها تتزايد باستمرار علي البعد حتى تصبح القوة الحاكمة علي اتساع السماء والأرض‏(‏ أي علي اتساع الكون‏)‏ بعد إرادة الله الخالق‏(‏ سبحانه و تعالى ‏),‏ حيث تمسك بمختلف أجرام السماء وتجمعاتها من الكواكب وأقمارها‏,‏ والنجوم ومجموعاتها‏,‏ والتجمعات النجمية بمختلف مراتبها‏(‏ المجرات‏,‏ التجمعات المحلية‏,‏ التجمعات المجرية‏,‏ التجمعات المحلية العظمي‏,‏ التجمعات المجرية العظمي إلى نهاية لا يعلمها إلا الله‏),‏ وأشباه النجوم‏,‏ و السدم‏,‏ وغير ذلك من مختلف صور المادة والطاقة التي تملأ صفحة السماء‏,‏ ولولا هذا الرباط الذي أوجده الخالق‏(‏ سبحانه و تعالى ‏)‏ لانفرط عقد الكون‏.‏
ويفترض وجود قوة الجاذبية علي هيئة جسيمات خاصة في داخل الذرة لم تكتشف بعد‏,‏ اقترح لها اسم الجسيم الجاذب أو الجرافيتون
‏(
Graviton),‏ ويعتقد أنه يتحرك بسرعة الضوء‏.‏
وسبحان الذي أنزل من قبل أربعة عشر قرنا قوله الحق‏:‏
الله الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها‏...*‏ ‏(‏الرعد‏:2)‏
وذلك قبل تعرف الإنسان علي قوة الجاذبية بأكثر من عشرة قرون‏.‏
وكما تم توحيد قوتي الكهرباء والمغناطيسية في قوة واحدة هي القوة الكهرومغناطيسية‏,‏ يحاول العلماء جمع كل من القوة الكهرومغناطيسية والقوة النووية الضعيفة فيما يسمي باسم القوة الكهربائية الضعيفة‏,‏ حيث لا يمكن فصل هاتين القوتين في درجات الحرارة العليا‏,‏ كما يحاولون جمع كل من القوة الكهربية الضعيفة والقوة النووية في قوة واحدة في عدد من النظريات تسمي نظريات التوحيد الكبرى‏,‏ وجمع كل ذلك مع الجاذبية فيما يسمي بالجاذبية العظمي يعتقد العلماء أنها كانت القوة الوحيدة السائدة في درجات الحرارة العليا عند بدء الخلق‏,‏ ثم تمايزت إلى القوي الأربع المعروفة لنا إلى وم‏,‏ والتي ليست سوي أوجه أربعة لتلك القوة الكونية الواحدة‏,‏ التي تشهد لله الخالق بالوحدانية المطلقة فوق جميع خلقه‏.‏
وفي محاولة لجمع كل القوي المعروفة لنا في قوة واحدة اقترح علماء الفيزياء النظرية‏,‏ ما يعرف باسم نظرية الخيوط العظمي والتي تفترض أن اللبنات الأساسية للمادة تتكون من خيوط طولية في حدود‏10‏ ـ‏35‏ من المتر‏,‏ تلتف حول ذواتها فتبدو كما لو كانت نقاطا متناهية في الصغر‏,‏ وتقترح النظرية وجود مادة خفية تتعامل مع المادة العادية عبر الجاذبية‏.‏
وهنا يتضح جانب من الوصف القرآني للسماء‏,‏ بأنها ذات حبك أي ذات ترابط محكم شديد يربط بين جميع مكوناتها‏,‏ من أدق دقائقها وهي اللبنات الأولية في داخل نواة الذرة‏,‏ إلى أكبر وحداتها وهي التجمعات المجرية العظمي إلى كل الكون‏.‏

‏(‏ج‏)‏ والسماء ذات الحبك بمعني ذات الكثافات المتباينة في مختلف أجزائها‏.‏
يتفاوت متوسط كثافة المادة في صفحة السماء الدنيا‏,‏ بين واحد من ألف مليون مليون من الجرام للسنتيمتر المكعب‏(1*10‏ ـ‏15‏ جرام‏/‏سم‏3)‏ في أشباه النجوم‏,‏ إلى حوالي ‏14‏ من ألف من الجرام للسنتيمتر المكعب في العماليق العظام‏(‏ أي واحد من مائة من كثافة الشمس‏)‏ إلى ‏1,41‏ جرام للسنتيمتر المكعب في شمسنا‏,‏ إلى طن واحد للسنتيمتر المكعب‏(610‏ جرامات‏/‏سم‏3)‏ في الأقزام البيض‏,‏ إلى بليون طن للسنتيمتر المكعب‏(1510‏ جرامات‏/‏سم‏3)‏ في النجوم النيوترونية‏,‏ إلى أضعاف مضاعفة لتلك الكثافة في النجوم الخانسة الكانسة‏(‏ الثقوب السود‏).‏
واذا انتقلنا من أجرام السماء إلى المادة بين كل من النجوم والمجرات‏,‏ والمادة في السدم وفي دخان السماء‏,‏ وجدنا درجة أخري من التباين في كثافة المادة السماوية‏,‏ يجعلها تبدو مجعدة كتجعد الرمل وغيره من الفتات الصخري‏,‏ إذا مرت به أمواج المياه المندفعة‏,‏ أو تيارات الرياح اللينة فتحدث بها من التكسر والتثني ما ينطبق مع المدلول اللغوي للفظة‏(‏ الحبك‏).‏
وتتجسد هذه الصورة في داخل مختلف هيئات تجمع المادة في صفحة السماء من المجموعات النجمية من مثل مجموعتنا الشمسية إلى المجرات‏,‏ إلى التجمعات المجرية العظمي في داخل كل وحدة من تلك الوحدات البانية للسماء الدنيا‏,‏ وبين كل وحدة والوحدات المشابهة لها والأعلي منها رتبة‏.‏

‏(‏د‏)‏ والسماء ذات الحبك بمعني ذات المدارات‏(‏ الطرق‏)‏ المحددة لكل جرم من أجرامها‏.‏
من الأمور المبهرة حقا في الجزء المدرك من السماء الدنيا‏,‏ كثرة الأجرام فيها بصورة لا يكاد الإنسان يحصيها‏,‏ وتعدد مسارات تلك الأجرام‏,‏ وتباين مستوياتها‏,‏ دون أدني قدر من التضارب أو الاصطدام إلا بالقدر المقنن والمحسوب بدقة بالغة لحكمة بالغة‏,‏ حتى في لحظات احتضار النجوم وانكدارها‏,‏ وطمسها‏,‏ ثم انفجارها وتناثر أشلائها‏,‏ وتبخر مادتها‏,‏ وكذلك في لحظات انفجار الكواكب وتناثرها علي الرغم من كثرة المسارات وتعدد الحركات للجرم الواحد‏.‏
ومن هنا نفهم من القسم القرآني بـ والسماء ذات الحبك شمول تلك المدارات المخططة بدقة فائقة‏,‏ بالإضافة إلى روعة البناء‏,‏ وإحكام الترابط‏,‏ وتباين الكثافات‏,‏ وكلها من معاني هذا الوصف المعجز ذات الحبك‏.‏
فسبحان الذي أنزل هذا الوصف القرآني من فوق سبع سماوات‏,‏ ومن قبل ألف وأربعمائة من السنين‏,‏ أنزله بعلمه الشامل‏,‏ الكامل‏,‏ المحيط‏,‏ ليصف بلفظة‏(‏ الحبك‏)‏ هذا الكم من صفات السماء‏,‏ التي لم تعرف إلا في العقود المتأخرة من القرن العشرين‏,‏ ولا يمكن لعاقل أن يتصور مصدرا لها غير الإله الخالق‏(‏ سبحانه و تعالى ‏).‏
وقد يري القادمون في هذا الوصف القرآني ما لا نراه الآن‏,‏ لتظل اللفظة القرآنية مهيمنة علي المعرفة الإنسانية مهما اتسعت دوائرها وتظل دلالاتها تتسع مع الزمن ومع اتساع معرفة الإنسان في تكامل لا يعرف التضاد‏,‏ وليس هذا لغير كلام الله‏...!!!‏
وتبقي هذه اللمحات الكونية في كتاب الله ـ في اتساع دلالاتها مع الزمن في تكامل لا يعرف التضاد ـ مصدقة لقول الحق‏(‏ تبارك و تعالى ‏):‏
ولتعلمن نبأه بعد حين‏*(‏ ص‏:88)‏ ولقوله‏(‏ عز من قائل‏):‏
لكل نبأ مستقر وسوف تعلمون‏*(‏ الأنعام‏:67)‏ ولقوله‏(‏ سبحانه‏):‏
سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أولم يكف بربك أنه علي كل شيء شهيد‏*(‏ فصلت‏:53)‏
وتبقي أيضا تصديقا لنبوءة المصطفي‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ في وصفه للقرآن الكريم بأنه لا يخلق علي كثرة الترداد‏,‏ ولا تنقضي عجائبه‏.‏

المصدر : بحث للدكتور زغلول النجار
  #13  
قديم 01-07-2010, 05:26 PM
عمروعبده عمروعبده غير متواجد حالياً
مدرس لغة عربية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 4,766
معدل تقييم المستوى: 21
عمروعبده is on a distinguished road
افتراضي

والسـماء ذات الرجـع

هذه الآية الكريمة التي جاءت في منتصف سورة الطارق هي من آيات القسم في القرآن الكريم‏,‏ والقسم في كتاب الله يأتي من قبيل تنبيهنا إلي أهمية الأمر المقسوم به‏,‏ لأن الله‏(‏ تعالى‏)‏ غني عن القسم لعباده كما سبق وأن ذكرنا‏.‏
والقسم هنا بالسماء وبصفة خاصة من صفاتها وهي أنها ذات الرجع‏,‏ وفي ذلك قال قدامي المفسرين إن رجع السماء هو المطر‏,‏ وأنه سمي رجعا لأن بخار الماء يرتفع أصلا من الأرض إلي السماء حيث يتكثف ويعود إلى الأرض مطرا بإذن الله‏,‏ في عملية دائمة التكرار والإعادة‏,‏ ولفظة الرجع هنا مستمدة من الفعل رجع بمعني عاد وآب ولذا سمي المطر رجعا كما سمي أوبا‏.‏
ومع تسليمنا بصحة هذا الاستنتاج يبقي السؤال المنطقي‏:‏ إذا كان المقصود بالتعبير رجع السماء هو المطر فقط فلماذا فضل القرآن الكريم لفظة الرجع علي لفظة المطر؟ ولماذا لم يأت القسم القرآني بالتعبير والسماء ذات المطر بدلا من والسماء ذات الرجع؟
واضح الأمر ــ والله تعالى أعلم ــ أن لفظة الرجع في هذه الآية الكريمة لها من الدلالات مايفوق مجرد نزول المطر ــ علي أهميته القصوى لاستمرارية الحياة علي الأرض ــ مما جعل هذه الصفة من صفات السماء محلا لقسم الخالق‏(‏ سبحانه و تعالى‏)‏ ــ وهو الغني عن القسم ــ تعظيما لشأنها وتفخيما‏.‏ فما هو المقصود بالرجع في هذه الآية الكريمة؟

يبدو ــ والله تعالى أعلم ــ أن من معاني الرجع هنا الارتداد أي أن من الصفات البارزة في سمائنا أنها ذات رجع أي ذات ارتداد‏,‏ بمعني أن كثيرا مما يرتفع إليها من الأرض ترده إلي الأرض ثانية‏,‏ وأن كثيرا مما يهبط عليها من أجزائها العلا يرتد ثانية منها إلي المصدر الذي هبط عليها منه‏,‏ فالرجع صفة أساسية من صفات السماء‏,‏ أودعها فيها خالق الكون ومبدعه‏,‏ فلولاها ما استقامت علي الأرض حياة‏,‏ ومن هنا كان القسم القرآني بها تعظيما لشأنها‏,‏ وتنبيها لنا لحكمة الخالق‏(‏ سبحانه و تعالى‏)‏ من إيجادها وتحقيقها‏...!!!‏

الرجع في اللغة العربية
يقال‏‏ رجع يرجع رجوعا‏)‏ بمعني عاد يعود عودا‏,‏ و‏(‏رجعه‏)‏ غيره أو‏(‏ أرجعه‏)‏ بمعني أعاده ورده‏,‏ و‏(‏الرجوع‏)‏ العودة إلي ما كان منه البدء‏,‏ ويقال‏(‏ رجعه‏,‏ يرجعه رجعا‏).‏
كما يقال‏(‏ رجع يرجع رجعا وترجيعا‏)‏ بمعني رد يرد ردا‏,‏ فالرجع لغة هو العود‏,‏ والارتداد‏,‏ والرد‏,‏ والانصراف والإفادة‏,‏ والإعادة‏,‏ ولذلك يقال للمطر رجعا لرد الهواء ما تناوله من ماء الأرض بطريقة مستمرة‏,‏ كما يقال للغدير رجعا بنسبته إلي المطر الذي ملأه‏,‏ أو لتراجع أمواجه وتردده في مكانه ويستند في ذلك إلي قول الحق‏(‏ تبارك و تعالى‏):‏ والسماء ذات الرجع أي ذات المطر وقيل فيها أيضا أي ذات النفع‏.‏
ويقال‏(‏ رجع يرجع ترجيعا‏)‏ أي ردد يردد ترديدا‏,(‏ فالترجيع‏)‏ ترديد الصوت في الحلق في القراءة وفي الغناء‏,‏ وتكرير القول مرتين فصاعدا‏,‏ ومنه‏(‏ الترجيع‏)‏ في الأذان‏,‏ وكل شئ يردد فهو‏(‏ رجع‏)‏ و‏(‏رجيع‏)‏ ومعناه‏(‏ مرجوع‏)‏ أي مردود‏,‏ و‏(‏الرجع‏)‏ أيضا صدي الصوت‏,‏ ويقال‏(‏ راجع‏)‏ أي عاود‏,‏ و‏(‏المراجعة‏)‏ المعاودة‏,‏ ويقال‏(‏ راجعه‏)‏ الكلام أي رد عليه‏.‏
و‏(‏الرجعة‏)‏ العودة من الطلاق‏,‏ والعودة إلي الدنيا بعد الممات‏.‏
يقال‏(‏ رجعت‏)‏ عن كذا‏(‏ رجعا‏)‏ و‏(‏رجوعا‏)‏ أي رفضته بعد قبوله‏,‏ و‏(‏رجعت‏)‏ الجواب أي رددت عليه‏,‏ و‏(‏المرجع‏)‏ و‏(‏الرجعي‏)‏ الرجوع والعود أو مكان العود وذلك من مثل قوله‏(‏ تعالى‏):‏ إلي الله مرجعكم جميعا‏..‏ وقوله‏(‏ سبحانه‏):‏ إن إلي ربك الرجعي وقوله‏(‏ سبحانه و تعالى‏):‏ لعلهم يرجعون أي يرجعون عن الذنب أو يعودون إلي الله‏(‏ تعالى‏)‏ وهدايته الربانية‏,‏ وقوله‏(‏ عز من قائل‏):..‏ فناظرة بم يرجع المرسلون من الرجوع أو من رجع الجواب‏,‏ وقوله‏(‏ تبارك اسمه‏):‏ يرجع بعضهم إلي بعض القول وقوله‏(‏ تعالى جده‏):‏ ثم تول عنهم فانظر ماذا يرجعون
ويقال ليس لكلامه‏(‏ مرجوع‏)‏ أي مردود أو جواب‏,‏ ودابة لها‏(‏ مرجوع‏)‏ أي لها مردود بمعني أنه يمكن بيعها بعد استخدامها‏.‏
و‏(‏الراجع‏)‏ المرأة يموت عنها زوجها فترجع إلي أهلها‏(‏ أما المطلقة فيقال لها مردودة‏).‏
وفي قوله‏(‏ تعالى‏):‏ يرجع بعصهم إلي بعض القول أي يتلاومون‏.‏
و‏(‏الاسترجاع‏)‏ الاسترداد‏,‏ و‏(‏التراجع‏)‏ الارتداد إلي الخلف أو الرجوع عن الأمر‏,‏ يقال‏(‏ استرجع‏)‏ فلان منه الشئ أي أخذ منه ما كان قد دفعه إليه‏,‏ و‏(‏استرجع‏)‏ عند المصيبة أي قال‏:‏ إنا لله وإنا إليه راجعون‏.‏
و‏(‏الرجيع‏)‏ الاستفراغ أو الرفث ويستخدم كناية عن أذي البطن عند كل من الإنسان والحيوان‏,‏ وهو من‏(‏ الرجوع‏)‏ ويكون بمعني الفاعل‏,‏ أو من‏(‏ الرجع‏)‏ ويكون بمعني المفعول‏.‏ و‏(‏الرجيع‏)‏ من الكلام المردود إلي صاحبه أو المكرر‏.‏

المفسرون ورجع السماء
ذكر ابن كثير‏(‏ يرحمه الله‏)‏ أن رجع السماء هو المطر‏,‏ ذكره ابن عباس‏(‏ رضي الله عنهما‏),‏ وعنه أيضا أن‏(‏ الرجع‏)‏ هو السحاب فيه المطر‏,‏ وأشار ابن كثير أيضا إلي رأي قتادة‏(‏ يرحمه الله‏)‏ في‏(‏ السماء ذات الرجع‏)‏ أنها ترجع رزق العباد كل عام‏,‏ ولولا ذلك لهلكوا وهلكت مواشيهم‏,‏ وذكر الصابوني‏(‏ أمد الله في عمره‏)‏ نفس المعاني‏.‏ ويؤكد صاحب الظلال‏(‏ يرحمه الله‏)‏ علي هذا المعني بقوله الرجع المطر ترجع به السماء المرة بعد المرة‏.‏
وذكر مخلوف‏(‏ يرحمه الله‏)‏ والسماء‏)‏ أي المظلة‏,(‏ذات الرجع‏)‏ أي المطر‏,‏ وسمي رجعا لأن السحاب يحمل الماء من بخار البحار والأنهار‏,‏ ثم يرجعه إلي الأرض مطرا‏,‏ أو لأنه يعود ويتكرر‏,‏ من رجع‏:‏ إذا عاد‏,‏ ولذا يسمي أوبا‏,‏ لرجوعه وتكرره‏,‏ وكذلك ذكر أصحاب المنتخب في تفسير القرآن الكريم أن القسم هنا بالسماء ذات المطر الذي يعود ويتكرر‏.‏

الفعل رجع في القرآن الكريم
ورد الفعل‏(‏ رجع‏)‏ بمشتقاته في القرآن الكريم مائة وأربع مرات‏(104)‏ ا في الصيغ التالية‏:‏
‏[‏ رجع‏,‏ رجعتم‏,‏ رجعك‏,‏ رجعنا‏,‏ رجعناك‏,‏ رجعوا‏,‏ أرجع‏,‏ ترجعونها‏,‏ ترجعوهن‏,‏ يرجع‏,‏ يرجعون‏,‏ ارجع‏,‏ أرجعنا‏,‏ ارجعوا‏,‏ أرجعون‏,‏ ارجعي‏,‏ رجعت‏,‏ ترجع‏,‏ ترجعون‏,‏ يرجع‏,‏ يرجعون‏,‏ يتراجعا‏,‏ رجع‏,‏ الرجع‏,‏ رجعه‏,‏ الرجعي‏,‏ راجعون‏,‏ مرجعكم‏,‏ مرجعهم‏].‏

وجاءت لفظة رجع فيها ثلاث مرات علي النحو التالي‏:‏ أئذا متنا وكنا ترابا ذلك رجع بعيد‏(‏ ق‏:3)‏ إنه علي رجعه لقادر‏(‏ الطارق‏:8)‏
والسماء ذات الرجع‏(‏ الطارق‏:11)‏
وكلها بمعني الرجوع‏,‏ والعودة‏,‏ والارتداد‏,‏ والرد‏,‏ والإعادة‏,‏ وهو ما يمكن أن يعيننا في فهم دلالة الرجع في قوله‏(‏ تعالى‏):‏ والسماء ذات الرجع‏,‏ وهو معني أوسع وأشمل من مجرد رجوع ماء الأرض المتبخر من سطحها ومن تنفس إنسها وحيواناتها ونتح نباتاتها‏,‏ وإلا لكان القسم بالسماء ذات المطر‏.‏

السماء في اللغة العربية:
‏(‏السماء‏)‏ لغة اسم مشتق من‏(‏ السمو‏)‏ بمعني الارتفاع والعلو‏,‏ تقول‏‏ سما‏,‏ يسمو‏,‏ سموا‏),‏ فهو سام بمعني علا‏,‏ يعلو‏,‏ علوا‏,‏ فهو عال أو مرتفع‏,‏ لأن السين والميم والواو أصل يدل علي الارتفاع والعلو‏,‏ يقال‏‏ سموت وسميت‏)‏ بمعني علوت وعليت للتنويه بالرفعة والعلو‏,‏ وعلي ذلك فإن سماء كل شيء أعلاه ومن هنا قيل‏:‏ كل ما علاك فأظلك فهو سماء‏.‏
ولفظة‏(‏ السماء‏)‏ في العربية تذكر وتؤنث‏(‏ وإن كان تذكيرها يعتبر شاذا‏),‏ وجمعها‏(‏ سماوات‏)‏ كما جاء في القرآن الكريم وهناك صيغ أخري لجمعها ولكنها غريبة‏.‏
وانطلاقا من هذا التعريف اللغوي قيل لسقف البيت‏(‏ سماء‏)‏ لارتفاعه‏,‏ وقيل للسحاب‏(‏ سماء‏)‏ لعلوه‏,‏ واستعير اللفظ للمطر بسبب نزوله من السحاب‏,‏ وللعشب لارتباط نبته بنزول ماء السماء‏.‏
والسماء دينا هي كل ما يقابل الأرض من الكون‏,‏ والمراد بها ذلك العالم العلوي من حولنا والذي يضم الإجرام المختلفة من الكواكب والكويكبات‏,‏ والأقمار والمذنبات‏,‏ والنجوم والبروج‏,‏ وغيرها من مختلف صور المادة والطاقة التي تملأ الكون بصورة واضحة جلية أو مستترة خفية‏.‏
وقد خلق الله‏(‏ تعالى‏)‏ السماء ـ وهو سبحانه خالق كل شيء ـ ورفعها بغير عمد نراها‏,‏ وجعل لها عمارا من الملائكة ومما لا نعلم من الخلق‏,‏ وحرسها من كل شيطان مارد من الجن والإنس‏,‏ فهي محفوظة بحفظه‏(‏ تعالى‏)‏ إلي أن يرث الكون بما فيه ومن فيه‏.‏

السماء في القرآن الكريم
تكرر ورود لفظة‏(‏ السماء‏)‏ في القرآن الكريم ثلاثمائة وعشر مرات‏,‏ منها مائة وعشرون بالإفراد‏(‏ السماء‏),‏ ومائة وتسعون بالجمع‏(‏ السماوات‏),‏ والجمع في غالبيته إشارة إلي كل ما حول الأرض من خلق أي إلي الكون في جملته‏,‏ والإشارات المفردة منها ثمان وثلاثون‏(38)‏ يفهم من مدلولها الغلاف الغازي للأرض بسحبه ورياحه وكسفه‏,‏ واثنتان وثمانون‏(82)‏ يفهم منها السماء الدنيا غالبا والكون أحيانا‏.‏
وقد جاءت الإشارة القرآنية إلي السماوات والأرض وما بينهما في عشرين موضعا من كتاب الله‏,‏ وأغلب الرأي أن المقصود بما بين السماوات والأرض هو الغلاف الغازي للأرض بصفة عامة‏,‏ والجزء الأسفل منه‏(‏ نطاق المناخ‏)‏ بصفة خاصة‏,‏ وذلك لقول الحق‏(‏ تبارك و تعالى‏):‏
والسحاب المسخر بين السماء والأرض‏..(‏ البقرة‏:164)‏ والسحاب يتحرك في نطاق المناخ الذي لا يتعدي سمكه‏16‏ كيلو مترا فوق مستوي سطح البحر عند خط الاستواء‏,‏ والذي يحوي أغلب مادة الغلاف الغازي للأرض‏(75%‏ بالكتلة‏)‏ والقرآن الكريم يشير إلي إنزال الماء من السماء في أكثر من آية‏,‏ وواضح الأمر أن المقصود بالسماء هنا هو السحاب أو النطاق المحتوي علي السحاب والمعروف علميا بنطاق المناخ‏.‏

العلوم الكونية ورجع السماء
إذا كان المقصود بالسماء ذات الرجع في سورة الطارق هو الغلاف الغازي للأرض بنطاق من نطاقاته‏(‏ نطاق الطقس‏)‏ أو بكل نطقه‏,‏ فإن دراسة ذلك الغلاف الغازي قد أكدت لنا أن كثيرا مما يرتفع من الأرض إليه من مختلف صور المادة والطاقة‏(‏ من مثل هباءات الغبار المتناهية الدقة في الصغر‏,‏ بخار الماء‏,‏ كثير من غازات أول وثاني أكسيد الكربون‏,‏ أكاسيد النيتروجين‏,‏ النوشادر‏,‏ الميثان وغيرها‏,‏ الموجات الحرارية كالأشعة تحت الحمراء‏,‏ والراديوية كموجات البث الاذاعي‏,‏ والصوتية‏,‏ والضوئية والمغناطيسية وغيرها‏)‏ كل ذلك يرتد ثانية إلي الأرض راجعا إليها‏.‏
كذلك فإن كثيرا مما يسقط علي الغلاف الغازي للأرض من مختلف صور المادة والطاقة يرتد راجعا عنها بواسطة عدد من نطق الحماية المختلفة التي أعدها ربنا‏(‏ تبارك و تعالى‏)‏ لحمايتنا وحماية مختلف صور الحياة الأرضية من حولنا‏.‏
وإذا كان المقصود ـ السماء ذات الرجع في هذه السورة المباركة هو كل السماء الدنيا التي زينها‏(‏ تبارك و تعالى‏)‏ بالنجوم والكواكب فإن علوم الفلك قد أكدت لنا أن كل أجرام السماء قد خلقها الله‏(‏ تعالى‏)‏ من الدخان الكوني‏(‏ دخان السماء‏)‏ الذي نتج عن عملية الانفجار العظيم التي يسميها القرآن الكريم عملية الفتق أو فتق الرتق‏,‏ وأن كل أجرام السماء الدنيا تمر في دورة حياة تنتهي بالعودة إلي دخان السماء عن طريق الانفجار أو الانتثار‏,‏ لتتخلق من هذا الدخان السماوي أجرام جديدة لتعيد الكرة في دورات مستمرة من تبادل المادة والطاقة بين أجرام السماء ودخانها‏(‏ المادة المنتشرة بين النجوم في المجرة الواحدة‏,‏ المجرات وتجمعاتها المختلفة‏,‏ وفي السدم وفي فسحة السماء الدنيا‏,‏ وربما في كل الكون الذي لانعلم منه إلا جزءا يسيرا من السماء الدنيا‏).‏
وهذه صورة مبهرة من صور الرجع التي لم يدركها العلماء إلا بعد اكتشاف دورة حياة النجوم في العقود المتأخرة من القرن العشرين‏.‏ وسواء كان المقصود بالسماء ذات الرجع إحدى الصورتين السابقتين أو كليهما معا فهو سبق قرآني مبهر بحقيقة كونية لم يدركها العلماء إلا منذ عشرات قليلة من السنين وذلك مما يشهد للقرآن الكريم بأنه كلام الله الخالق‏,‏ ويشهد لخاتم الأنبياء والمرسلين‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ بأنه كان موصولا بالوحي ومعلما من قبل خالق السماوات والأرض‏.‏
نطق الغلاف الغازي للأرض
تحاط الأرض بغلاف غازي يقدر سمكه بعدة آلاف من الكيلو مترات‏,‏ ويتناقص فيه الضغط مع الارتفاع من واحد كيلو جرام علي السنتيمتر المكعب تقريبا‏(1.0336‏ كج‏/‏ سم‏3)‏ عند مستوي سطح البحر إلي قرابة الصفر عند ارتفاع ستين كيلو مترا تقريبا فوق مستوي سطح البحر‏.‏
ويقسم هذا الغلاف الغازي للأرض علي أساس من درجة حرارته إلي عدة نطق من أسفل إلي أعلي علي النحو التالي‏:‏
(1)‏ نطاق التغيرات الجوية‏(‏ نطاق الطقس أو نطاق الرجع‏)
TheTroposphere
ويمتد من سطح البحر إلي ارتفاع‏16‏ كيلو مترا فوق خط الاستواء‏,‏ ويتناقص سمكه إلي نحو عشرة كيلو مترات فوق القطبين وإلي أقل من ذلك فوق خطوط العرض الوسطي‏(7‏ ــ‏8‏ كيلو مترات‏)‏ وعندما يتحرك الهواء من خط الاستواء في اتجاه القطبين يهبط فوق هذا المنحني الوسطي فتزداد سرعته‏,‏ وتجبر حركة الأرض في دورانها حول محورها من الغرب إلي الشرق كتل الهواء في التحرك تجاه الشرق بسرعة فائقة تعرف باسم التيار النفاث
The Jet Stream
وتنخفض درجة الحرارة في هذا النطاق باستمرار مع الارتفاع حتى تصل إلي ستين درجة مئوية تحت الصفر في قمته‏,‏ وذلك نظرا للابتعاد عن سطح الأرض الذي يمتص‏47%‏ من أشعة الشمس فترتفع درجة حرارته ويعيد إشعاع الحرارة علي هيئة أشعة تحت حمراء إلي الغلاف الغازي للأرض‏,‏ خاصة إلي بخار الماء وجزيئات ثاني أكسيد الكربون الجويين‏,‏ ومن هنا تنخفض درجة حرارة نطاق التغيرات الجوية مع الارتفاع للبعد عن مصدر الدفء وهو سطح الأرض‏.‏
وعندما يتجمع هواء بارد فوق هواء ساخن يجعل كتل الهواء غير مستقرة فيهبط الهواء البارد إلي أسفل‏,‏ بينما يصعد الهواء الساخن إلي أعلي محدثا تيارات حمل مستمرة في هذا النطاق أعطته اسم
Troposphere
أو نطاق الرجع كما يعبر عنه الأصل اليوناني للكلمة‏.‏
ولولا الانخفاض المطرد لدرجات الحرارة في هذا النطاق السفلي من نطق الغلاف الغازي للأرض لفقدت الأرض مياهها بمجرد اندفاع أبخرة تلك المياه من فوهات البراكين ولا ستحالت الحياة علي الأرض‏.‏
(2)‏ نطاق التطبق
TheStratosphere
ويمتد من فوق نطاق التغيرات الجوية إلي ارتفاع حوالي خمسين كيلومترا فوق مستوي سطح البحر‏,‏ وترتفع فيه درجة الحرارة من ستين درجة مئوية تحت الصفر في قاعدته إلي الصفر المئوي في قمته‏,‏ ويعود السبب في ارتفاع درجة الحرارة إلي امتصاص وتحويل الأشعة فوق البنفسجية القادمة من الشمس بواسطة جزيئات الأوزون التي تتركز في قاعدة هذا النطاق‏(‏ حول ارتفاع يتراوح بين‏18‏ كم و‏30‏كم‏)‏ مكونة طبقة خاصة تعرف بطبقة‏,‏ أو نطاق الأوزون
Ozonosphere
(3)‏ النطاق المتوسط‏
TheMesosphere
ويمتد من فوق نطاق التطبق إلي ارتفاع‏80‏ ـ‏90‏ كيلو مترا فوق مستوي سطح البحر‏,‏ وتنخفض فيه درجة الحرارة لتصل إلي مائة وعشرين درجة مئوية تحت الصفر‏.‏
(4)‏ النطاق الحراري
The Thermosphere
ويمتد من فوق النطاق المتوسط إلي عدة مئات من الكيلومترات فوق مستوي سطح البحر‏,‏ وترتفع فيه درجة الحرارة باستمرار إلي خمسمائة درجة مئوية عند ارتفاع مائة وعشرين كيلو مترا فوق مستوي سطح البحر‏,‏ وتبقي درجة الحرارة ثابتة عند هذا الحد إلي أكثر من ألف كيلو متر فوق مستوي سطح البحر‏,‏ ولكنها تقفز إلي‏1500‏ درجة مئوية في فترات نشاط البقع الشمسية‏.‏
وفي جزء من هذا النطاق‏(‏ من ارتفاع مائة كيلو متر إلي أربعمائة كيلو متر فوق مستوي سطح البحر‏)‏ تتأين جزيئات الغاز‏(‏ أي تشحن بالكهرباء‏)‏ بفعل الأشعة فوق البنفسجية والسينية القادمة من الشمس‏,‏ ولذا يسمي باسم النطاق المتأين
The Ionosphere
وفوق نطاق التأين يعرف الجزء الخارجي من النطاق الحراري باسم النطاق الخارجي
The Exosphere
ويقل فيه الضغط حتي يتداخل في دخان السماء أو ما يعرف بالفضاء الخارجي‏.‏
(5)‏ أحزمة الإشعاع
The Radiation Belts
وهي عبارة عن زوجين من الأحزمة الهلالية الشكل التي تزداد في السمك حول خط الاستواء‏,‏ وترق رقة شديدة عند القطبين‏,‏ وتحتوي علي أعداد كبيرة من البروتونات والإليكترونات التي اصطادها المجال المغناطيسي للأرض‏.‏ ويتركز الزوج الداخلي من هذه الأحزمة حول ارتفاع‏3200‏ كيلو متر فوق مستوي سطح البحر‏,‏ بينما يتركز الزوج الخارجي من هذه الأحزمة حول ارتفاع‏25000‏ كيلو متر فوق مستوي سطح البحر‏.‏
من صور رجع السماء
باعتبار المقصود من السماء في الآية الكريمة والسماء ذات الرجع هو الغلاف الغازي للأرض نجد الصور التالية من رجع السماء‏.‏
(1)‏ الرجع الاهتزازي للهواء‏(‏ الأصوات وصداها‏):‏
تحتوي الطبقة الدنيا من الغلاف الغازي للأرض‏(‏ نطاق التغيرات الجوية‏)‏ علي‏75%‏ من كتلة ذلك الغلاف ويتكون أساسا من غاز النيتروجين‏(78%‏ حجما‏),‏ والأوكسجين‏(21.95%‏ حجما‏)‏ وآثار خفيفة من بخار الماء‏,‏ وثاني أكسيد الكربون‏,‏ والأوزون‏,‏ وبعض هباءات الغبار‏,‏ وآثار أقل تركيزا من الإيدروجين‏,‏ الأرجون‏,‏ الهيليوم‏,‏ وبعض مركبات الكبريت‏.‏
وكل من التركيب الكيميائي والصفات الفيزيائية لهذا النطاق أساسي لوجود الحياة الأرضية‏,‏ ومهم للاهتزازات المحدثة للأصوات وصداها‏,‏ فعندما تهتز أحبالنا الصوتية تحدث اهتزازاتها ضغوطا في الهواء تنتشر علي هيئة أمواج تتحرك في الهواء في كل الاتجاهات من حولنا‏,‏ فتتلقي طبلة الأذن لأفراد آخرين تلك الاهتزازات فيسمعونها بوضوح‏,‏ ولولا التركيب الكيميائي والصفات الفيزيائية المحددة لذلك النطاق ما سمع بعضنا بعضا و لاستحالت الحياة‏.‏
فالصوت لا ينتقل في الفراغ‏,‏ وذلك لعدم وجود جزيئات الهواء القادرة علي نقل الموجات الصوتية وتتحرك الموجات الصوتية في الهواء بسرعة‏1200‏ كيلو متر في الساعة عند مستوي سطح البحر‏,‏ وتزداد سرعة الصوت كلما زادت كثافة الوسط الذي يتحرك فيه‏,‏ وتقل بقلة كثافته‏,‏ ففي الماء تتضاعف سرعة الصوت أربع مرات تقريبا عنها في الهواء‏,‏ وفي النطق العليا من الغلاف الغازي للأرض تتناقص حتى لا تكاد تسمع‏,‏ ولذلك يتخاطب رواد الفضاء مع بعضهم بعضا بواسطة الموجات الراديوية التي يمكنها التحرك في الفراغ وعندما تصطدم الموجات الصوتية بأجسام أعلي كثافة من الهواء‏,‏ فإنها ترتد علي هيئة صدي للصوت الذي له العديد من التطبيقات العملية‏.‏
والرجع الاهتزازي للهواء علي هيئة الأصوات وصداها هو أول صورة من صور رجع السماء‏,‏ ولولاه ما سمع بعضنا بعضا وما استقامت الحياة علي الأرض‏.‏
(2)‏ الرجع المائي‏:‏ يغطي الماء أكثر قليلا من‏71%‏ من المساحة الكلية للكرة الأرضية‏:‏ وتبلغ كميته‏1.36‏ مليار كيلو متر مكعب‏(‏ منها‏97.2%‏ في المحيطات والبحار‏,2.15%‏ علي هيئة جليد حول القطبين وفي قمم الجبال‏,0.65%‏ في المجاري المائية المختلفة من الأنهار والجداول وغيرها‏,‏ وفي كل من البحيرات العذبة وخزانات المياه تحت سطح الأرض‏.‏
وهذا الماء اندفع كله أصلا من جوف الأرض عبر ثورات البراكين‏,‏ وتكثف في الأجزاء العليا من نطاق التغيرات الجوية والتي تتميز ببرودتها الشديدة‏,‏ فعاد إلي الأرض ليجري أنهارا علي سطحها‏,‏ ويفيض إلي منخفضاتها‏,‏ ثم بدأ في حركة دائبة بين الأرض والطبقات الدنيا من الغلاف الغازي حفظته من التعفن ومن الضياع إلي طبقات الجو العليا‏.‏
وماء الأرض يتبخر منه سنويا‏380000‏ كيلو متر مكعب أغلبها‏(320000‏ كم‏3)‏ يتبخر من أسطح المحيطات والبحار والباقي‏(60000‏ كم‏3)‏ من سطح اليابسة‏,‏ وهذا البخار تدفعه الرياح وتحمله السحب إلي الطبقة الدنيا من الغلاف الغازي للأرض‏,‏ حيث يتكثف ويعود إلي الأرض مطرا أو ثلجا أو بردا‏,‏ وبدرجة أقل علي هيئة ندي أو ضباب‏.‏
وحينما ترجع أبخرة المياه من الجو إلي الأرض بعد تكثفها يجري قسم منها في مختلف أنواع المجاري المائية علي اليابسة‏,‏ وتصب هذه بدورها في البحار والمحيطات‏,‏ كما يترشح جزء منها خلال طبقات الأرض ذات النفاذية ليكون المياه تحت السطحية‏,‏ وهناك جزء يعاود تبخره إلي الجو مرة أخري‏.‏
والمياه تحت السطحية ذاتها في حركة دائبة حيث تشارك في تغذية بعض الأنهار والبحيرات والمستنقعات‏,‏ وقد تخرج إلي سطح الأرض علي هيئة ينابيع‏,‏ أو ينتهي بها المطاف إلي البحار والمحيطات‏.‏
وماء المطر يسقط علي المحيطات والبحار بمعدل‏284000‏ كيلو متر مكعب في السنة‏,‏ وعلي اليابسة بمعدل‏96000‏ كيلو متر مكعب في السنة وذلك في دورة معجزة في كمالها ودقتها‏,‏ ومن صور ذلك أن ما يتبخر من أسطح المحيطات والبحار في السنة يفوق مايسقط فوقها وأن ما يسقط من مطر علي اليابسة سنويا يفوق مايتبخر منها والفارق في الحالتين متساو تماما فيفيض إلي البحار والمحيطات ليحفظ منسوب المياه فيها عند مستوي ثابت في الفترة الزمنية الواحدة‏.‏
هذه الدورة المعجزة للمياه حول الأرض هي الصورة الثانية من صور رجع السماء‏,‏ ولولاها لفسد كل ماء الأرض‏,‏ ولتعرض كوكبنا لحرارة قاتلة بالنهار‏,‏ ولبرودة شديدة بالليل
(3)‏ الرجع الحراري إلي الأرض وعنها إلي الفضاء بواسطة السحب‏.

يصل إلي الأرض من الشمس في كل لحظة شروق كميات هائلة من طاقة الشمس‏,‏ ويعمل الغلاف الغازي للأرض كدرع واقية لنا من حرارة الشمس أثناء النهار‏,‏ كما يعمل لنا كغطاء بالليل يمسك بحرارة الأرض من التشتت‏.‏
فذرات وجزيئات الغلاف الغازي للأرض تمتص وتشتت وتعيد إشعاع أطوال موجات محددة من الأشعة الشمسية في كل الاتجاهات‏.‏
ومن الأشعة الشمسية القادمة إلي الأرض يمتص ويشتت ويعاد إشعاع‏53%‏ منها بواسطة الغلاف الغازي للأرض‏,‏ وتمتص صخور وتربة الأرض‏47%‏ منها‏,‏ ولولا هذا الرجع الحراري إلي الخارج لأحرقت أشعة الشمس كل صور الحياة علي الأرض‏,‏ ولبخرت الماء وخلخلت الهواء‏.‏
وعلي النقيض من ذلك فإن السحب التي ترد عنا ويلات حرارة الشمس في نهار الصيف هي التي ترد إلينا أشعة الدفء بمجرد غروب الشمس‏(98%)‏ فصخور الأرض تدفأ أثناء النهار بحرارة الشمس بامتصاص‏47%‏ من أشعتها فتصل درجة حرارتها الي‏15‏ درجة مئوية في المتوسط وبمجرد غياب الشمس تبدأ صخور الأرض في إعادة إشعاع حرارتها علي هيئة موجات من الأشعة تحت الحمراء التي تمتصها جزيئات كل من بخار الماء وثاني أكسيد الكربون فتدفيء الغلاف الغازي للأرض‏,‏ كما تعمل السحب علي إرجاع غالبية الموجات الطويلة‏(98%)‏ إلي سطح الأرض وبذلك تحفظها من التجمد بعد غياب الشمس‏.‏
ولو لم يكن للأرض غلاف غازي لتشتتت هذه الحرارة إلي فسحة الكون وتجمدت الأرض وما عليها من صور الحياة في نصف الكرة المظلم بمجرد غياب الشمس‏.‏
وهذا الرجع الحراري بصورتيه إلي الخارج وإلي الداخل مما يحقق صفة الرجع لسماء الأرض‏.‏
(4)‏ رجع الغازات والأبخرة والغبار المرتفع من سطح الأرض‏:‏ عندما تثور البراكين تدفع: بملايين الأطنان من الغازات والأبخرة والأتربة إلي جو الأرض الذي سرعان مايرجع ذلك إلي الأرض‏,‏ كذلك يؤدي تكون المنخفضات والمرتفعات الجوية إلي دفع الهواء في حركة أفقية تنشأ عنها الرياح التي يتحكم في هبوبها‏(‏ بعد إرادة الله تعالى‏)‏ عدة عوامل منها مقدار الفرق بين الضغط الجوي في منطقتين متجاورتين‏,‏ ومنها دوران الأرض حول محورها من الغرب إلي الشرق‏,‏ ومنها تنوع تضاريس الأرض والموقع الجغرافي للمنطقة‏.‏
والغالبية العظمي من المنخفضات الجوية تتحرك مع حركة الأرض‏(‏ أي من الغرب إلي الشرق‏)‏ بسرعات تتراوح بين‏20‏ و‏30‏ كيلو مترا في الساعة وعندما تمر المنخفضات الجوية فوق اليابسة تحتك بها فتبطؤ حركتها قليلا وتحمل بشيء من الغبار الذي تأخذه من سطح الأرض‏,‏ وإذا صادف المنخفض الجوي في طريقه سلاسل جبلية معترضة فإنه يصطدم بها مما يزيد علي إبطاء سرعتها ويقوي من حركة صعود الهواء إلي أعلي‏,‏ ولما كان ضغط الهواء يتناقص بالارتفاع إلي واحد من ألف من الضغط الجوي العادي عند سطح البحر إذا وصلنا إلي ارتفاع‏48‏ كيلو مترا فوق ذلك السطح‏,‏ وإلي واحد من مائة الف من الضغط الجوي إذا وصلنا إلي ارتفاع ألف كيلو متر فوق سطح البحر فإن قدرة الهواء علي الاحتفاظ بالغبار المحمول من سطح الأرض تضعف باستمرار مما يؤدي إلي رجوعه إلي الأرض وإعادة توزيعه علي سطحها بحكمة بالغة‏,‏ وتعين علي ذلك الجاذبية الأرضية‏.‏
(5)‏ رجع الأشعة فوق البنفسجية بواسطة طبقة الأوزون‏:‏

تقوم طبقة الأوزون في قاعدة نطاق التطبق بامتصاص وتحويل الأشعة فوق البنفسجية القادمة مع أشعة الشمس بواسطة جزيئات الأوزون‏(‏ أ‏3)‏ وترد نسبا كبيرة منها إلي خارج ذلك النطاق‏.‏
(6)‏ رجع الإشارات الراديوية بواسطة النطاق المتأين‏:‏
في النطاق المتأين‏(‏ بين‏100‏ و‏400‏ كم فوق مستوي سطح البحر‏)‏ تمتص الغوتونات النشيطة القادمة مع أشعة الشمس من مثل الأشعة السينية فتؤدي إلي رفع درجة الحرارة وزيادة التأين‏,‏ ونظرا لانتشار الإليكترونات الطليقة في هذا النطاق فإنها تعكس الإشارات الراديوية‏(‏ ذات
الأمواج الطويلة‏)‏ وتردها إلي الأرض فتيسر عمليات البث الإذاعي والاتصالات الراديوية وكلها تمثل صورا من الرجع إلي الأرض‏.‏
(7)‏ رجع الأشعة الكونية بواسطة كل من أحزمة الإشعاع والنطاق المغناطيسي للأرض‏:‏
يمطر الغلاف الغازي للأرض بوابل من الأشعة الكونية الأولية التي تملأ فسحة الكون فتردها‏,‏ إلي الخارج كل من أحزمة الإشعاع والنطاق المغناطيسي للأرض فلا يصل الي سطح الأرض منها شيء ولكنها تؤدي إلي تكون أشعة ثانوية قد يصل بعضها إلي سطح الأرض فتؤدي إلي عدد من ظواهر التوهج والإضاءة في ظلمة الليل من مثل ظاهرة الفجر القطبي‏.‏

والأشعة الكونية بأنواعها المختلفة تتحرك بمحاذاة خطوط المجال المغناطيسي للأرض والتي تنحني لتصب في قطبي الأرض المغناطيسيين‏,‏ وذلك لعجزها عن عبور مجال الأرض المغناطيسي‏,‏ ويؤدي ذلك إلي رد المزيد من الأشعة الكونية القادمة إلي خارج نطاق الغلاف الغازي للأرض وهي صورة من صور الرجع‏.‏
هذه الصور المتعددة لرجع الغلاف الغازي للأرض لم تعرف إلا في العقود المتأخرة من القرن العشرين‏,‏ ووصف السماء بأنها ذات رجع في القرآن الكريم من قبل ألف وأربعمائة من السنين هو شهادة صدق بأن القرآن الكريم كلام الله الخالق وأن سيدنا محمدا‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ الذي تلقي هذا الوحي الحق هو خاتم أنبياء الله ورسله‏(‏ صلي الله وسلم وبارك عليه وعليهم أجمعين‏)‏ وانه‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ كان موصولا بالوحي ومعلما من قبل خالق السماوات والأرض‏.‏
المصدر :بحث للدكتور زغلول النجار .
  #14  
قديم 01-07-2010, 05:32 PM
عمروعبده عمروعبده غير متواجد حالياً
مدرس لغة عربية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 4,766
معدل تقييم المستوى: 21
عمروعبده is on a distinguished road
افتراضي

والســــماء وما بناهـــا‏

في مطلع سورة الشمس يقسم ربنا‏(‏ تبارك وتعالى‏)‏ وهو الغني عن القسم بعدد من حقائق الكون وظواهره فيقول‏(‏ عز من قائل‏):‏
(والشمس وضحاها‏*‏ والقمر إذا تلاها‏*‏ والنهار إذا جلاها‏*‏ والليل إذا يغشاها‏*‏ والسماء وما بناها‏*‏ والأرض وما طحاها‏*‏ ونفس وما سواها‏*‏ فألهمها فجورها وتقواها‏*‏) ‏(‏الشمس‏:1‏ ـ‏8)‏
ثم يأتي جواب القسم صادعا‏,‏ جازما بالقرار الإلهي الذي منطوقه‏:‏
قد أفلح من زكاها‏*‏ وقد خاب من دساها‏*‏ ‏(‏ الشمس‏:9:10)‏
وكثيرا ما يوجه القرآن الكريم الأنظار إلى التفكر في عملية الخلق‏:‏ خلق الكون بسماواته وأراضيه‏,‏ خلق الحياة بمختلف أشكالها‏,‏ وخلق الإنسان‏,‏ بكل ما في جسده ونفسه من أسرار ومعجزات‏,‏ وما صاحب ذلك كله من مظاهر وموجودات‏,‏ وهي وإن كانت من صفحات كتاب الله المنظور التي تشهد له‏(‏ تعالى‏)‏ بطلاقة القدرة‏,‏ وكمال الصنعة‏,‏ وشمول العلم والاحاطة فهي تؤكد صدق كل ما جاء في القرآن الكريم لأنه هو كتاب الله المقروء‏,‏ في صفائه الرباني‏,‏ و إشراقاته النورانية‏.‏ وصدق إخباره في كل أمر‏,‏ وكيف لا وهو وحي السماء الخاتم الذي تعهد ربنا‏(‏ تبارك وتعالى‏)‏ بحفظه فحفظ بنفس لغة الوحي‏(‏ اللغة العربية‏),‏ وبنفس تفاصيل الوحي الذي أنزل بها سورة سورة‏,‏ وآية آية وكلمة كلمة وحرفا حرفا‏,‏ تحقيقا للوعد الالهي الذي قطعه ربنا‏(‏ سبحانه‏)‏ علي ذاته العلية فقال‏(‏ عز من قائل‏):‏ إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ‏(‏ الحجر‏:9)‏
وبقي هذا الوحي الخاتم ـ ولأنه الوحي الخاتم ـ محفوظا بحفظ الله الخالق علي مدي أربعة عشر قرنا أو يزيد‏,‏ وسوف يبقي إن شاء الله‏(‏ تعالى‏)‏ بصفائه الرباني‏,‏ وتمامه وكماله إلى أن يرث الله‏(‏ تعالى‏)‏ الأرض ومن عليها‏...!!!‏
وسورة الشمس مليئة بالإشارات الكونية التي لا يتسع المقام لعرضها في مقال واحد‏,‏ ولذا فسوف أركز في هذا المقال علي قسم واحد مما جاء في هذه السورة المباركة ألا وهو‏:‏ والسماء وما بناها‏(‏ الشمس‏:‏ الآية الخامسة‏)‏
وقبل البدء في ذلك أود أن أكرر ما أكدته مرارا من قبل أن القسم في القرآن الكريم يأتي من قبيل تنبيهنا إلى أهمية الأمر المقسوم به في استقامة الوجود‏,‏ وانتظام حركة الحياة‏,‏ لأن الله‏(‏ تعالى‏)‏ غني عن القسم لعباده‏.‏

ما في اللغة العربية‏
الوحدات الرئيسية في بناء الجزء المدرك من السماء الدنيا تأتي ما في اللغة العربية علي تسعة أوجه‏,‏ أربعة منها أسماء‏,‏ والخمسة الباقية حروف‏.‏
والأسماء تأتي بمعني الذي‏,‏ أو للاستفهام‏,‏ أو للتعجب أو تأتي للتعبير عن نكرة يلزمها النعت‏.‏
والحروف تأتي نافية بمعني‏(‏ ليس‏),‏ وتأتي جزائية‏(‏ مسلطة‏)‏ إذا أدخل عليها إذ‏(‏ إذما‏)‏ أو حيث‏(‏ حيثما‏),‏ وتأتي كذلك بصيغة إما و مهما‏,‏ كما تأتي مع الفعل لتأويل المصدر‏(‏ مصدرية‏)‏ أي لتجعل ما بعدها بمنزلة المصدر‏,‏ وتأتي كافة عن العمل إذا دخلت عليها إن وأخواتها ورب ونحو ذلك من مثل إنما‏,‏ كأنما‏,‏ ربما‏,‏ قلما‏,‏ طالما‏,‏ كما تأتي غير كافة من مثل بما‏,‏ وتأتي محذوفا منها الألف إذا ضم إليها حرف آخر من مثل لم‏,‏ بم‏,‏ عم‏,‏ كما تأتي زائدة لتوكيد اللفظ إذا دخلت عليها حروف أخري من مثل إذما‏,‏ فإما‏,‏ إما‏.‏

السماء في اللغة العربية
السماء لغة اسم مشتق من السمو بمعني الارتفاع والعلو‏,‏ تقول‏‏ سما يسمو سموا فهو سام‏)‏ بمعني علا يعلو علوا فهو عال أو مرتفع‏,‏ لأن السين والميم والواو‏..‏ أصل يدل علي الارتفاع والعلو‏,‏ يقال‏(‏ سموت وسميت‏)‏ بمعني علوت وعليت للتنويه بالرفعة والعلو‏,‏ وعلي ذلك فإن سماء كل شيء أعلاه‏,‏ ولذلك قيل‏:‏ كل ما علاك فأظلك فهو سماء‏.‏
ويقال فلان لا يسامى أي لا يباري‏,‏ وقد علا من ساماه أي الذي باراه‏,‏ وتساموا أي تباروا‏(‏ في اكتساب المعالي عادة‏).‏
ولفظة السماء في العربية تذكر وتؤنث‏(‏ وإن اعتبر تذكيرها شاذ‏),‏ وجمعها سماوات‏,‏ واسمية‏,‏ وسماو‏,‏ وسمي‏,‏ وإن كان أشهرها ذيوعا سماوات وهو ما جاء بالقرآن الكريم‏.‏
وانطلاقا من ذلك قيل لسقف البيت سماء لارتفاعه‏,‏ وقيل للسحاب سماء لعلوه واستعير اللفظ للمطر بسبب نزوله من السحاب‏,‏ وللعشب لارتباطه بنزول ماء السماء‏.‏
والسماء دينا هي كل ما يقابل الأرض من الكون‏,‏ والمراد بها ذلك العالم العلوي من حولنا والذي يضم الأجرام المختلفة من الكواكب والكويكبات‏,‏ والأقمار والمذنبات‏,‏ والنجوم والبروج‏,‏ والسدم والمجرات‏,‏ وغيرها من مختلف صور المادة والطاقة التي تملأ الكون بصورة واضحة جلية‏,‏ أو مستترة خفية‏.‏
وقد خلق الله‏(‏ تعالى‏)‏ السماء ـ وهو خالق كل شيء ـ ورفعها بغير عمد نراها‏,‏ وجعل لها عمارا من الملائكة ومما لا نعلم من الخلق‏,‏ وحرسها من كل شيطان مارد من الإنس والجن‏,‏ فهي محفوظة بحفظه‏(‏ تعالى‏)‏ إلى أن يرث‏(‏ سبحانه‏)‏ هذا الكون بمن فيه وما فيه‏.‏

آراء المفسرين
في تفسير قوله‏(‏ تعالى‏)‏ والسماء وما بناها قال المفسرون برأيين يكمل أحدهما الآخر‏,‏ فقال ابن كثير‏(‏ يرحمه الله‏):‏ يحتمل أن تكون‏(‏ ما‏)‏ ها هنا مصدرية بمعني‏:‏ والسماء وبنائها‏,‏ وهو رأي قتادة‏(‏ رضي الله عنه‏),‏ ويحتمل أن تكون بمعني‏(‏ من‏)‏ يعني‏:‏ والسماء وبانيها‏,‏ وهو قول مجاهد‏(‏ رضي الله عنه‏),‏ وكلاهما متلازم‏,‏ والبناء هو الرفع‏...‏ وقال صاحب الظلال‏(‏ يرحمه الله‏):...(‏ ما‏)‏ هنا مصدرية‏,‏ ولفظ السماء حين يذكر يسبق إلى الذهن هذا الذي نراه فوقنا كالقبة حيثما اتجهنا‏,‏ تتناثر فيه النجوم والكواكب السابحة في أفلاكها ومداراتها‏,‏ فأما حقيقة السماء فلا ندريها‏,‏ وهذا الذي نراه فوقنا متماسكا لا يختل ولا يضطرب تتحقق فيه صفة البناء بثباته وتماسكه‏,‏ أما كيف هو مبني‏,‏ وما الذي يمسك أجزاءه فلا تتناثر وهو سابح في الفضاء الذي لا نعرف له أولا ولا آخرا‏...‏ فذلك مالا ندريه‏.....,‏ إنما نوقن من وراء كل شيء أن يد الله هي تمسك هذا البناء‏.....‏
وقال مخلوف‏(‏ يرحمه الله‏)‏ والسماء ومابناها‏)‏ أي ومن أوجدها وأنشأها بقدرته وأضاف‏:‏ وإيثار‏(‏ ما‏)‏ علي‏(‏ من‏)‏ لارادة الوصفية تفخيما وتعظيما‏,‏ كأنه قيل‏‏ والسماء والإله‏)‏ القادر العظيم الذي بناها‏,‏ وزاد بعد ذلك بقليل‏:‏ وقيل إن‏(‏ ما‏)‏ في الآيات الثلاث‏(5‏ ـ‏7‏ من سورة الشمس‏)‏ مصدرية‏,‏ فيكون القسم ببناء السماء‏,‏ وطحو الأرض‏,‏ وتسوية النفوس في الخلقة‏.‏
وقال الصابوني‏(‏ أمد الله في عمره‏):...‏ أي وأقسم بالقادر العظيم الذي بني السماء‏,‏ وأحكم بناءها بلا عمد وأضاف‏:‏ قال المفسرون‏(‏ ما‏)‏ اسم موصول بمعني‏(‏ من‏),‏ أي والسماء ومن بناها‏,‏ والمراد به الله رب العالمين بدليل قوله بعده‏(‏ فألهمها فجورها وتقواها‏),‏ كأنه قال‏:‏ والقادر العظيم الشأن الذي بناها‏,‏ فدل بناؤها وإحكامها علي وجوده‏,‏ وكمال قدرته‏....‏
وهذا هو عين الصواب لأن القسم بالسماء وبخالقها العظيم يحوي قسما ببنائها المذهل في اتساعه‏,‏ وتعدد أجرامه‏,‏ وإحكام تماسكه وترابط مختلف أجزائه علي الرغم من الطبيعة الدخانية الغالبة عليه‏,‏ وهذه الأمور وغيرها مما يشهد لله الخالق‏(‏ سبحانه وتعالى‏)‏ بطلاقة القدرة‏,‏ وإبداع الصنعة‏,‏ وكمال العلم‏,‏ وعظيم الحكمة‏,‏ وبالتفرد بالألوهية‏,‏ والربوبية‏,‏ والوحدانية فوق جميع خلقه‏,‏ ومن هنا كان القسم بالسماء وبخالقها الأعظم وببنائها المذهل البديع‏...!!!‏
ثم يستمر السياق القرآني بالقسم بالأرض وبالذي طحاها مع روعة هذا الطحو والدحو‏,‏ وبالنفس وبخالقها المبدع الذي سواها فألهمها فجورها وتقواها وجعلها علي هذا القدر من عظمة البناء وتعقيده‏,‏ وكرمها من فضله وجوده‏,‏ ومنحها الارادة الحرة‏,‏ وحرية الاختيار‏,‏ ثم يأتي جواب القسم‏:‏ قد أفلح من زكاها‏*‏ وقد خاب من دساها‏.‏
بمعني أن كل من اجتهد في تزكية نفسه‏,‏ وتطهيرها‏,‏ وتنمية الاستعدادات الفطرية للخير فيها‏,‏ ومقاومة نوازع الشر المتداعية بين جوانبها فقد فاز وأفلح‏,‏ ومن أهمل كل ذلك‏,‏ وجافي هداية ربه‏,‏ واتبع شهوات نفسه‏,‏ وأطفأ أنوار الفطرة الربانية فيها فقد خاب وخسر‏,‏ وذلك لأن الله‏(‏ تعالى‏)‏ قد خلق الإنسان من الطين بما لهذا الطين من حاجات وشهوات‏,‏ ونفخ فيه من روحه ومالها من أنوار‏.‏ وإشراقات‏,‏ وغرس في الجبلة الإنسانية حب الخيرات‏,‏ وكراهية المنكرات ومنح الإنسان العقل ميزانا بين جميع الاتجاهات وأنزل هدايته الربانية نورا للإنسان يفرق بين ما ينبغي ومالا ينبغي له أن يفعل‏,‏ فمن اتبع الهداية الربانية‏,‏ ونمي تلك الإشراقات الفطرية النورانية في نفسه فقد فاز وأفلح‏,‏ ومن أتبع نفسه هواها‏,‏ وأغرقها في شهواتها فقد خاب وخسر‏,‏ وهذا هو جواب القسم المفخم بالسماء وخالقها ومبدعها‏,‏ وبروعة بنائها الذي أقسم به ربنا تبارك وتعالى ـ وهو الغني عن القسم ـ ليؤكد هذا القرار الذي أنزله‏(‏ سبحانه‏)‏ من فوق سبع سماوات‏:‏ قد أفلح من زكاها‏*‏ وقد خاب من دساها‏*‏
فماذا تقول العلوم الكونية في عظمة شيء واحد من المقسوم به في هذه الآية الكريمة ألا وهي السماء؟ وقبل الجواب علي ذلك أعرض لمفهوم السماء في القرآن الكريم‏.‏

السماء في القرآن الكريم
جاءت لفظة السماء في القرآن الكريم في ثلاثمائة وعشرة مواضع‏,‏ منها مائة وعشرون بالإفراد‏(‏ السماء‏),‏ ومائة وتسعون بالجمع‏(‏السماوات‏).‏
كذلك جاءت الاشارة إلى السماوات والأرض وما بينهما في عشرين موضعا من تلك المواضع‏(‏ المائدة‏:18,17),(‏ الحجر‏:85),(‏ مريم‏:65),(‏ طه‏:6),(‏ الأنبياء‏:16),(‏ الفرقان‏:59),(‏ الشعراء‏:24),(‏ الروم‏:8),(‏ السجدة‏:4),(‏ الصافات‏:5),(‏ ص‏:66,27,10),(‏ الزخرف‏:85),(‏ الدخان‏:38,7),(‏ الأحقاف‏:3),(‏ ق‏:38),(‏ النبأ‏:37).‏
وجاء ذكر السحاب المسخر بين السماء والأرض في موضع واحد من الآية رقم‏164‏ في سورة البقرة‏,‏ والتي تشير إلى أن القرآن الكريم يفصل بين السماء والأرض بنطاق يضم السحاب‏,‏ وهو ما يعرف بنطاق المناخ الذي لا يتعدى سمكه‏16‏ كيلو مترا فوق خط الاستواء‏,‏ ويحوي أغلب مادة الغلاف الغازي للأرض‏(75%‏ بالكتلة‏).‏
وعلي ذلك فإن السماء في القرآن الكريم تشمل كل ما يحيط بالأرض بدءا من نهاية نطاق المناخ إلى نهاية الكون التي لا يعلمها إلا الله‏,‏ ويشير القرآن الكريم إلى أن الله تعالى قد قسم السماء إلى سبع سماوات‏,‏ كما قسم الأرض إلى سبع أرضين فقال‏(‏ تعالى‏):‏
الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن يتنزل الأمر بينهن لتعلموا أن الله علي كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علما ‏(‏الطلاق‏:12)‏
وقال‏(‏ سبحانه وتعالى‏):‏ ألم تروا كيف خلق الله سبع سماوات طباقا‏,‏ وجعل القمر فيهن نورا وجعل الشمس سراجا ‏(‏نوح‏:16,15)‏ وقال‏(‏ عز من قائل‏):‏ الذي خلق سبع سماوات طباقا‏...‏ ‏(‏ الملك‏:3)‏
و يتضح من هذه الآيات بصفة عامة‏,‏ ومن آيتي سورة نوح‏(16,15)‏ بصفة خاصة أن السماوات السبع متطابقة حول مركز واحد‏,‏ يغلف الخارج منها الداخل‏,‏ وإلا ما كان جميع ما في السماء الدنيا واقعا في داخل باقي السماوات‏,‏ فيكون كل من القمر والشمس ـ وهما من أجرام السماء الدنيا ـ واقعين في كل السماوات السبع‏.‏
وجاء ذكر السماوات السبع في سبع آيات قرآنية كريمة هي‏:[(‏ الإسراء‏:44),(‏ المؤمنون‏:86),(‏ فصلت‏:12),(‏ الطلاق‏:12),(‏ الملك‏:3),(‏ نوح‏:16,15),(‏ النبأ‏:12)].‏
كذلك جاءت الإشارة القرآنية إلى سبع طرائق في الآية‏(17)‏ من سورة‏(‏ المؤمنون‏),‏ واعتبرها عدد من المفسرين إشارة إلى السماوات السبع‏,‏ وإن كان الاشتقاق اللفظي يحتمل غير ذلك‏.‏
ويشير القرآن الكريم إلى أن النجوم والكواكب هي من خصائص السماء الدنيا وذلك بقول الحق‏(‏ تبارك وتعالى‏):‏
إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب ‏(‏الصافات‏:6)‏
وقوله‏(‏ سبحانه وتعالى‏):‏ ‏....‏ وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا ذلك تقدير العزيز العليم ‏(‏فصلت‏:12)‏
وقوله‏(‏ عز من قائل‏):‏ ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح‏...‏ ‏(‏الملك‏:5)‏
وفي زمن تفجر المعارف العلمية‏,‏ والتطور المذهل للوسائل التقنية الذي نعيشه لم يستطع الانسان إدراك سوي جزء صغير من السماء الدنيا‏,‏ ولم يتجاوز إدراكه لذلك الجزء‏10%‏ مما فيه‏...!!!‏

السماء في علوم الفلك
يقدر علماء الفلك قطر الجزء المدرك من الكون بأكثر من أربعة وعشرين بليونا من السنين الضوئية‏(24‏ بليون‏*9.5‏ مليون مليون كيلو متر‏),‏ وهذا الجزء من السماء الدنيا دائم الاتساع إلى نهاية لا يعلمها إلا الله‏(‏ تعالى‏),‏ وبسرعات لا يمكن للانسان اللحاق بها‏,‏ وذلك لأن سرعة تباعد بعض المجرات عنا وعن بعضها بعضا تقترب من سرعة الضوء المقدرة بنحو الثلاثمائة ألف كيلو متر في الثانية‏,‏ وهذا الجزء المدرك من الكون مبني بدقة بالغة علي وتيرة واحدة‏,‏ تبدأ بتجمعات فلكية حول النجوم كمجموعتنا الشمسية التي تضم بالإضافة إلى الشمس عددا من الكواكب والكويكبات‏,‏ والأقمار والمذنبات التي تدور في مدارات محددة حول الشمس‏,‏ وتنطوي أمثال هذه المجموعة الشمسية بملايين الملايين في مجموعات أكبر تعرف باسم المجرات‏,‏ وتكون عشرات من المجرات المتقاربة ما يعرف باسم المجموعة المحلية‏,‏ وتلتقي المجرات ومجموعاتها المحلية فيما يعرف باسم الحشود المجرية‏,‏ وتنطوي تلك في تجمعات محلية للحشود المجرية‏,‏ ثم في حشود مجرية عظمي‏,‏ ثم في تجمعات محلية للحشود المجرية العظمي إلى ما هو أكبر من ذلك إلى نهاية لا يعلمها إلا الله‏(‏ سبحانه وتعالى‏).‏
شمسنا‏:‏ هي عبارة عن كتلة غازية ملتهبة‏,‏ مشتعلة‏,‏ مضيئة بذاتها علي هيئة نجم عادي متوسط الحجم ومتوسط العمر‏.‏ ويقدر نصف قطر الشمس بنحو سبعمائة ألف كيلو متر‏(6.960*510‏ كم‏),‏ وتقدر كتلتها بنحو ألفي مليون مليون مليون مليون طن تقريبا‏(1.99*2710‏ طن‏),‏ ويقدر متوسط كثافها بحوالي ‏1.41‏ جرام للسنتيمتر المكعب‏,‏ بينما تصل كثافة لبها إلى‏90‏ جراما للسنتيمتر المكعب‏,‏ وتتناقص الكثافة في اتجاه إكليل الشمس لتصل إلى جزء من عشرة ملايين من الجرام للسنتيمتر المكعب‏.‏
ويزيد حجم الشمس علي مليون مرة قدر حجم الأرض‏,‏ كما تزيد كتلتها علي كتلة الأرض بنحو‏333.400‏ ضعف‏.‏
وتقدر درجة حرارة سطح الشمس بنحو ستة آلاف‏(5800)‏ درجة مطلقة‏,‏ ودرجة حرارة لبها بنحو‏15‏ مليون درجة مطلقة‏,‏ بينما تصل درجة حرارة هالتها‏(‏ إكليلها‏)‏ إلى مليوني درجة مطلقة‏.‏ وتتكون الشمس أساسا من غاز الايدروجين‏(70%),‏ والهيليوم‏(28%)‏ ومن نسب ضئيلة من عدد من العناصر الأخري‏(2%).‏ وتنتج الطاقة في الشمس‏(‏ وفي أغلب النجوم‏)‏ أساسا من تحول الإيدروجين إلى هيليوم بعملية الاندماج النووي‏,‏ وتستمر العملية لإنتاج آثار طفيفة من عناصر أعلي في وزنها الذري‏.‏
ونظرا للطبيعة الغازية الغالبة للشمس فإن دورانها حول محورها يتم بطريقة تفاضلية ‏(
Differential Rotation),‏ وذلك لان قلب الشمس يدور كجسم صلب يتم دورته في‏36.5‏ يوم من أيامنا‏,‏ بينما الكرة الغازية المحيطة بهذا القلب الشمسي‏(‏ ويبلغ سمكها ثلثي نصف قطر الشمس‏)‏ يتم دورته حول مركز الشمس في نحو‏24‏ يوما من أيامنا‏,‏ وعلي ذلك فإن متوسط سرعة دوران الشمس حول محورها يقدر بنحو‏27‏ يوما وثلث يوم من أيام الأرض‏.‏
وتجري الشمس‏(‏ ومعها مجموعتها‏)‏ نحو نقطة محددة في كوكبة هرقل‏(‏ كوكبة الجاثي‏)‏ بالقرب من نجم النسر الواقع ‏(
Vega)‏ بسرعة تقدر بنحو‏19.5‏ كيلو متر في الثانية‏,‏ وتسمي هذه النقطة باسم مستقر الشمس‏.‏ وتجري المجموعة الشمسية كذلك حول مركز مجرتنا‏(‏ الدرب اللبني‏)‏ بسرعة خطية تقدر بنحو‏250‏ كيلومترا في الثانية لتتم دورتها في نحو‏250‏ مليون سنة من سنينا‏.‏
مجموعتنا الشمسية‏
تضم مجموعتنا الشمسية بالإضافة إلى الشمس كواكب تسعة هي‏(‏ قربا من الشمس إلى الخارج‏):‏ عطارد‏,‏ الزهرة‏,‏ الأرض‏,‏ المريخ‏,‏ المشتري‏,‏ زحل‏,‏ يورانوس‏,‏ نبتيون‏,‏ بلوتو‏,‏ ثم مدارات المذنبات التي لم تعرف لها حدود‏,‏ هذا بالإضافة إلى عدد من التوابع‏(‏ الأقمار‏)‏ التي يقدر عددها بواحد وستين تدور حول بعض من هذه الكواكب‏,‏ وآلاف الكويكبات المنتشرة بين كل من المريخ والمشتري والتي يعتقد بأنها بقايا لكوكب منفجر‏,‏ وآلاف الشهب والنيازك‏,‏ وكميات من الدخان‏(‏ الغاز الحار والغبار‏).‏
والكواكب الأربعة الداخلية‏(‏ عطارد‏,‏ والزهرة‏,‏ والأرض‏,‏ والمريخ‏)‏ هي كواكب صخرية‏,‏ والكواكب الخارجية‏(‏ من المشتري إلى بلوتو‏)‏ هي كواكب غازية تتكون من عدد من الغازات المتجمدة علي هيئة جليد‏(‏ من مثل بخار الماء ثاني أكسيد الكربون‏,‏ الأمونيا‏,‏ الايدروجين والهيليوم‏)‏ حول لب صخري ضئيل‏.‏

وكواكب المجموعة الشمسية تدور كلها حول الشمس في اتجاه واحد‏,‏ وفي مستوي واحد تقريبا ما عدا بلوتو‏,‏ وذلك في مدارات شبه دائرية‏(‏ اهليلجية‏)‏ بحيث تقع الشمس في إحدى بؤرتيه‏,‏ وأبعد نقطة علي المدار يصل إليها الكوكب تسمي الأوج‏,‏ وأقرب نقطة تسمي الحضيض ومتوسط مجموعهما يمثل متوسط بعد الكوكب عن الشمس‏,‏ كذلك تزداد سرعة الكوكب بقربه من الشمس وتقل ببعده عنها بحيث يمس الخط الوهمي الواصل بينه وبين الشمس مساحات متساوية في وحدة الزمن‏.‏
وتقدر المسافة بين الأرض والشمس بنحو المائة والخمسين مليون كيلو متر‏(149.6‏ مليون كم‏)‏ وقد اعتبرت هذه المسافة وحدة فلكية دولية واحدة‏.‏
وتقدر المسافة بين الشمس وأقرب كواكبها‏(‏ عطارد‏)‏ بنحو الثمانية والخمسين مليونا من الكيلومترات‏(57.9‏ مليون كم‏),‏ كما تقدر المسافة بين الشمس وأبعد الكواكب المعروفة عنها‏(‏ بلوتو‏)‏ بنحو ستة بلايين من الكيلومترات‏5913.5‏ مليون كم‏),‏ ويلي مدار بلوتو إلى الخارج سحابة ضخمة من المذنبات التي تدور حول الشمس في مدارات يقدر بعد بعضها عن الشمس بأربعين ألف وحدة فلكية‏(‏ أي نحو ستة تريليونات من الكيلومترات‏),‏ ومن الممكن وجود مدارات حول الشمس أبعد من ذلك ولكنها لم تكتشف بعد‏,‏ وإذا كان امتداد المجموعة الشمسية يعبر عنه بأبعد مسافة نعرفها حول الشمس تتم فيها حركة مدارية حول هذا النجم فإن مدار بلوتو لا يمكن أن يعبر عن حدود مجموعتنا الشمسية‏,‏ وعليه فإننا في زمن التقدم العلمي والتقني المذهل الذي نعيشه لم ندرك بعد حدود مجموعتنا الشمسية‏...!!!‏

مجرتنا‏(‏ مجرة الدرب اللبني‏)‏ ‏(The Milky Way Galaxy)
تنطوي مجموعتنا الشمسية مع حشد هائل من النجوم يقدر بنحو التريليون‏(‏ مليون مليون‏)‏ نجم فيما يعرف باسم مجرة الدرب أو الطريق اللبني‏(‏ درب اللبانة‏)‏ علي هيئة قرص مفرطح يقدر قطره بنحو المائة ألف سنة ضوئية‏,‏ ويقدر سمكه بعشر ذلك‏(‏ أي حوإلى العشرة آلاف سنة ضوئية‏),‏ وتقع مجموعتنا الشمسية علي بعد يقدر بنحو الثلاثين ألف سنة ضوئية من مركزه‏,‏ وعشرين ألف سنة ضوئية من أقرب أطرافه‏.‏
وتتجمع النجوم حول مركز المجرة فيما يشبه النواة‏,‏ وتلتوي الأجزاء الخارجية من قرص المجرة مكونة أذرعا لولبية تعطي لمجرتنا هيئتها الحلزونية‏,‏ وترتبط النجوم في مجرتنا‏(‏ وفي كل مجرة‏)‏ مع بعضها بعض بقوي الجاذبية‏,‏ مشكلة نظاما يتحرك في السماء كجسم واحد وتتجمع النجوم في مجرتنا في ثلاث جمهرات نجمية ‏(
Stellar populations)‏
علي النحو التإلى‏:‏
‏(1)‏ جمهرة القرص الرقيق وتقع علي مستوي‏1155‏ سنة ضوئية من مستوي المجرة وتضم أحدث النجوم عمرا بصفة عامة‏.‏
‏(2)‏ جمهرة القرص السميك‏;‏ وتقع علي ارتفاع‏3300‏ سنة ضوئية من مستوي المجرة‏,‏ وتضم نجوما متوسطة في العمر بصفة عامة‏.‏
‏(3)‏ جمهرة الهالة المجرية وتقع علي ارتفاع‏11.550‏ سنة ضوئية من مستوي المجرة وتضم أقدم نجوم مجرتنا عمرا بصفة عامة‏.‏
وتنتشر بين النجوم سحب دخانية ساخنة يغلب علي تركيبها غاز الايدروجين الحامل للغبار علي هيئة هباءات متناهية في الدقة من المواد الصلبة مكونة ما يعرف باسم المادة بين النجوم ‏(
InterstellarMatter)‏
التي تمتص ضوء النجوم فتخفيها‏,‏ ولذلك فإن الراصد لمجرتنا من الأرض لا يري بوضوح أكثر من‏15%‏ من مجموع مكوناتها إلا باستخدام المقربات‏(‏ التليسكوبات‏)‏ الراديوية‏.‏
ونواة مجرتنا تجر معها أذرعها اللولبية التي قد ترتفع فوق مستوي النواة‏,‏ والسحب الدخانية في تلك الأذرع تتحرك بسرعات تتراوح بين الخمسين والمائة كيلو متر في الثانية‏,‏ وتتراكم هذه السرعات الخطية علي سرعة دوران محورية تقدر بنحو‏250‏ كيلو مترا في الثانية دون أن تنفصل أذرع المجرة عن نواتها بسبب التفاوت في سرعة الأجزاء المختلفة منها‏.‏
وهذا الدوران التفاضلي‏(‏ التفاوتي‏)‏ يؤدي إلى تسارع المادة الدخانية بين النجوم‏,‏ ثم إلى كبح سرعتها مما ينتج عنه تكثيفها بدرجة كبيرة و بالتالي تهيئتها لتخلق النجوم الابتدائية ‏(
pro-or proro-stars)‏ التي تتطور إلى ما بعد ذلك من مراحل‏.‏
ومن نجوم مجرتنا ما هو مفرد‏,‏ وما هو مزدوج‏,‏ وما هو عديد الأفراد‏.‏
وتدور نجوم مجرتنا في حركة يمينية أساسية منتظمة حول مركز المجرة في اتجاه القطر الأصغر لها‏,‏ مع وجود الدوران التفاوتي لمختلف أجزائها‏.‏
ويحصي علماء الفلك في الجزء المدرك من السماء الدنيا مائتي ألف مليون مجرة ــ علي الأقل ــ بعضها أكبر من مجرتنا كثيرا‏,‏ وبعضها الآخر أصغر قليلا‏,‏ والمجرات عبارة عن تجمعات نجمية مذهلة في أعدادها‏,‏ يتخللها الدخان الكوني بتركيز متفاوت في داخل المجرة الواحدة‏,‏ والتي قد تضم عشرات البلايين إلى بلايين البلايين من النجوم‏.‏
وتتباين المجرات في أشكالها كما تتباين في أحجامها‏,‏ وفي شدة إضاءتها‏,‏ فمنها الحلزوني‏,‏ والبيضاني‏(‏ الإهليلجي‏),‏ وما هو غير محدد الشكل‏,‏ ومنها ما هو شديد الاضاءة‏,‏ وما يبدو علي هيئة نقاط باهتة لا تكاد تدرك بأكبر المناظير المقربة‏(‏ المقاريب‏),‏ وتقع أكثر المجرات ضياء في دائرة عظمي تحيط بنا في اتجاه عمودي تقريبا علي مستوي مجرتنا‏.‏ وتبلغ كتلة الغازات في بعض المجرات ما يعادل كتلة ما بها من نجوم وتوابعها‏,‏ في حين أن كتلة الغبار تقل عن ذلك بكثير‏,‏ وكثافة الغازات في المجرة تقدر بحوإلى ذرة واحدة لكل سنتيمتر مكعب بينما يبلغ ذلك‏1910‏ ذرة‏/‏سم‏3‏ في الغلاف الغازي للأرض عند سطح البحر‏.‏

المجموعة المحلية ‏(The Local Group)‏
تحشد مجرتنا‏(‏ درب اللبانة‏)‏ في مجموعة من أكثر من عشرين مجرة في تجمع يعرف باسم المجموعة المحلية للمجرات ‏(The Local Group of Galaxies)‏
يبلغ قطرها مليون فرسخ فلكي ‏(
OneMillion Parsec)
(‏ أي يساوي‏3,261,500‏ سنة ضوئية‏=3,0856*1910‏ كيلومتر‏)‏ وتحتوي المجموعة المحلية التي تتبعها مجرتنا علي ثلاث مجرات حلزونية وأربع مجرات غير محددة الشكل‏,‏ وأعداد من المجرات البيضانية العملاقة والقزمة‏,‏ وقد تحتوي علي عدد أكبر من المجرات الواقعة في ظل مجرتنا ومن هنا تصعب رؤيتها‏.‏

الحشود المجرية والحشود المجرية العظمي
‏(
Galactic Clusters and Superclusters)‏
هناك حشود للمجرات أكبر من المجموعة المحلية من مثل‏,‏ حشد مجرات برج العذراء ‏(The VirgoCluster of Galaxies)‏
والذي يضم مئات المجرات من مختلف الأنواع‏,‏ ويبلغ طول قطره مليوني فرسخ فلكي أي أكثر من ستة ملايين ونصف من السنين الضوئية‏(6,523,000‏ سنة ضوئية‏),‏ ويبعد عنا عشرة أضعاف تلك المسافة‏(‏ أي عشرين مليون فرسخ فلكي‏).‏ وهذه الحشود المجرية تصدر أشعة سينية بصفة عامة‏,‏ وتحوي فيما بينها دخانا توازي كتلته كتلة التجمع المجري‏,‏ وتتراوح درجة حرارته بين عشرة ملايين ومائة مليون درجة مطلقة‏,‏ ويحوي هذا الدخان الإيدروجيني علي نسبا ضئيلة من هباءات صلبة مكونة من بعض العناصر الثقيلة بما في ذلك الحديد‏(‏ بنسب تقترب مما هو موجود في شمسنا‏)‏ مما يشير إلى اندفاع تلك العناصر من قلوب نجوم متفجرة وصلت فيها عملية الاندماج النووي إلى مرحلة إنتاج الحديد‏(‏ المستعرات وما فوقها‏).‏ وتحوي بعض الحشود المجرية أعدادا من المجرات قد يصل إلى عشرة آلاف مجرة‏,‏ ويحصي علماء الفلك آلافا من تلك الحشود المجرية‏,‏ التي ينادي البعض منهم بتكدسها في حشود أكبر يسمونها باسم الحشود المجرية العظمي ‏(
Galactic Super clusters).‏
علي النحو التإلى‏:‏
‏(1)‏ جمهرة القرص الرقيق وتقع علي مستوي‏1155‏ سنة ضوئية من مستوي المجرة وتضم أحدث النجوم عمرا بصفة عامة‏.‏
‏(2)‏ جمهرة القرص السميك‏;‏ وتقع علي ارتفاع‏3300‏ سنة ضوئية من مستوي المجرة‏,‏ وتضم نجوما متوسطة في العمر بصفة عامة‏.‏
‏(3)‏ جمهرة الهالة المجرية وتقع علي ارتفاع‏11.550‏ سنة ضوئية من مستوي المجرة وتضم أقدم نجوم مجرتنا عمرا بصفة عامة‏.‏
وتنتشر بين النجوم سحب دخانية ساخنة يغلب علي تركيبها غاز الايدروجين الحامل للغبار علي هيئة هباءات متناهية في الدقة من المواد الصلبة مكونة ما يعرف باسم المادة بين النجوم ‏(
Interstellar Matter)‏
التي تمتص ضوء النجوم فتخفيها‏,‏ ولذلك فإن الراصد لمجرتنا من الأرض لا يري بوضوح أكثر من‏15%‏ من مجموع مكوناتها إلا باستخدام المقربات‏(‏ التليسكوبات‏)‏ الراديوية‏.‏
ونواة مجرتنا تجر معها أذرعها اللولبية التي قد ترتفع فوق مستوي النواة‏,‏ والسحب الدخانية في تلك الأذرع تتحرك بسرعات تتراوح بين الخمسين والمائة كيلو متر في الثانية‏,‏ وتتراكم هذه السرعات الخطية علي سرعة دوران محورية تقدر بنحو‏250‏ كيلو مترا في الثانية دون أن تنفصل أذرع المجرة عن نواتها بسبب التفاوت في سرعة الأجزاء المختلفة منها‏.‏
وهذا الدوران التفاضلي‏(‏ التفاوتي‏)‏ يؤدي إلى تسارع المادة الدخانية بين النجوم‏,‏ ثم إلى كبح سرعتها مما ينتج عنه تكثيفها بدرجة كبيرة و بالتالي تهيئتها لتخلق النجوم الابتدائية ‏(
pro-or proro-stars)‏ التي تتطور إلى ما بعد ذلك من مراحل‏.‏
ومن نجوم مجرتنا ما هو مفرد‏,‏ وما هو مزدوج‏,‏ وما هو عديد الأفراد‏.‏
وتدور نجوم مجرتنا في حركة يمينية أساسية منتظمة حول مركز المجرة في اتجاه القطر الأصغر لها‏,‏ مع وجود الدوران التفاوتي لمختلف أجزائها‏.‏
ويحصي علماء الفلك في الجزء المدرك من السماء الدنيا مائتي ألف مليون مجرة ــ علي الأقل ــ بعضها أكبر من مجرتنا كثيرا‏,‏ وبعضها الآخر أصغر قليلا‏,‏ والمجرات عبارة عن تجمعات نجمية مذهلة في أعدادها‏,‏ يتخللها الدخان الكوني بتركيز متفاوت في داخل المجرة الواحدة‏,‏ والتي قد تضم عشرات البلايين إلى بلايين البلايين من النجوم‏.‏
وتتباين المجرات في أشكالها كما تتباين في أحجامها‏,‏ وفي شدة إضاءتها‏,‏ فمنها الحلزوني‏,‏ والبيضاني‏(‏ الإهليلجي‏),‏ وما هو غير محدد الشكل‏,‏ ومنها ما هو شديد الاضاءة‏,‏ وما يبدو علي هيئة نقاط باهتة لا تكاد تدرك بأكبر المناظير المقربة‏(‏ المقاريب‏),‏ وتقع أكثر المجرات ضياء في دائرة عظمي تحيط بنا في اتجاه عمودي تقريبا علي مستوي مجرتنا‏.‏ وتبلغ كتلة الغازات في بعض المجرات ما يعادل كتلة ما بها من نجوم وتوابعها‏,‏ في حين أن كتلة الغبار تقل عن ذلك بكثير‏,‏ وكثافة الغازات في المجرة تقدر بحوإلى ذرة واحدة لكل سنتيمتر مكعب بينما يبلغ ذلك‏1910‏ ذرة‏/‏سم‏3‏ في الغلاف الغازي للأرض عند سطح البحر‏.‏
المجموعة المحلية ‏(The Local Group)‏
تحشد مجرتنا‏(‏ درب اللبانة‏)‏ في مجموعة من أكثر من عشرين مجرة في تجمع يعرف باسم المجموعة المحلية للمجرات ‏(The Local Group of Galaxies)‏يبلغ قطرها مليون فرسخ فلكي ‏(OneMillion Parsec)
(‏ أي يساوي‏3,261,500‏ سنة ضوئية‏=3,0856*1910‏ كيلومتر‏)‏ وتحتوي المجموعة المحلية التي تتبعها مجرتنا علي ثلاث مجرات حلزونية وأربع مجرات غير محددة الشكل‏,‏ وأعداد من المجرات البيضانية العملاقة والقزمة‏,‏ وقد تحتوي علي عدد أكبر من المجرات الواقعة في ظل مجرتنا ومن هنا تصعب رؤيتها‏.‏
الحشود المجرية والحشود المجرية العظمي
‏(
Galactic Clusters and Superclusters)‏
هناك حشود للمجرات أكبر من المجموعة المحلية من مثل‏,‏ حشد مجرات برج العذراء ‏(The VirgoCluster of Galaxies)‏
والذي يضم مئات المجرات من مختلف الأنواع‏,‏ ويبلغ طول قطره مليوني فرسخ فلكي أي أكثر من ستة ملايين ونصف من السنين الضوئية‏(6,523,000‏ سنة ضوئية‏),‏ ويبعد عنا عشرة أضعاف تلك المسافة‏(‏ أي عشرين مليون فرسخ فلكي‏).‏ وهذه الحشود المجرية تصدر أشعة سينية بصفة عامة‏,‏ وتحوي فيما بينها دخانا توازي كتلته كتلة التجمع المجري‏,‏ وتتراوح درجة حرارته بين عشرة ملايين ومائة مليون درجة مطلقة‏,‏ ويحوي هذا الدخان الإيدروجيني علي نسبا ضئيلة من هباءات صلبة مكونة من بعض العناصر الثقيلة بما في ذلك الحديد‏(‏ بنسب تقترب مما هو موجود في شمسنا‏)‏ مما يشير إلى اندفاع تلك العناصر من قلوب نجوم متفجرة وصلت فيها عملية الاندماج النووي إلى مرحلة إنتاج الحديد‏(‏ المستعرات وما فوقها‏).‏ وتحوي بعض الحشود المجرية أعدادا من المجرات قد يصل إلى عشرة آلاف مجرة‏,‏ ويحصي علماء الفلك آلافا من تلك الحشود المجرية‏,‏ التي ينادي البعض منهم بتكدسها في حشود أكبر يسمونها باسم الحشود المجرية العظمي ‏(
Galactic Super clusters).‏
وقد أحصي الفلكيون منها إلى اليوم أعدادا كبيرة علي بعد مليوني سنة ضوئية منا‏.‏
ويعتقد أن المجموعة المحلية التي تنتمي إلىها مجرتنا‏(‏ درب اللبانة‏),‏ والحشود المجرية المحيطة بها من مثل حشد مجرات برج العذراء تكون تجمعا أكبر يعرف باسم الحشد المجري المحلي الأعظم (
TheLocal Galactic Super cluster)‏ يضم قرابة المائة من الحشود المجرية علي هيئة قرص واحد يبلغ قطره مائة مليون من السنين الضوئية‏,‏ ويبلغ سمكه عشر ذلك‏(‏ أي عشرة ملايين من السنين الضوئية‏)‏ وهي نفس نسبة سمك مجرتنا‏(‏ درب اللبانة‏)‏ إلى طول قطرها‏,‏ فسبحان الذي بني السماء علي نمط واحد بهذا الانتظام الدقيق‏!!!‏
وتبدو الحشود المجرية والحشود المجرية العظمي علي هيئة كروية تدرس في شرائح مقطعية تكون أبعادها في حدود‏(150*100*15)‏ سنة ضوئية‏,‏ وأكبر هذه الشرائح ويسمي مجازا باسم الحائط العظيم ‏(
The Great Wall)‏ يزيد طوله علي‏250‏ مليون سنة ضوئية‏.‏
وقد تم الكشف أخيراً عن حوالي المائة من الحشود المجرية العظمي التي تكون حشدا أعظم علي هيئة قرص يبلغ طول قطره‏2‏ بليون سنة ضوئية‏,‏ وسمكه مائتي مليون سنةضوئية‏,‏ ويعتقد عدد من الفلكيين المعاصرين بأن في الجزء المدرك من الكون تجمعات أكبر من ذلك‏.‏
والنجوم في مختلف تجمعاتها وحشودها‏,‏ وعلي مختلف هيئاتها ومراحل نموها تمثل أفرانا كونية يخلق الله‏(‏ تعالى‏)‏ فيها مختلف صور المادة والطاقة اللازمة لبناء الجزء المدرك من الكون‏.‏
وبالإضافة إلى النجوم وتوابعها المختلفة هناك السدم ‏(
Nebulae)‏
علي تعدد أشكالها وأنواعها‏,‏ وهناك المادة بين النجوم
‏(
Inter-Stellar Matter),‏ وهناك المادة الداكنة ‏(DarkMatter),‏
وغير ذلك من مكونات الكون المدرك‏,‏ والمحسوس منها وغير المحسوس من مختلف صور المادة والطاقة المدسوسة في ظلمة الكون‏.‏
ويقدر الفلكيون كتلة الجزء المدرك من السماء الدنيا بمائة ضعف كتلة المادة والطاقة والأجرام المرئية والمحسوسة فيه‏,‏ بمعني أننا ــ في زمن تفجر المعرفة الذي نعيشه ــ لا ندرك إلا أقل من عشرة في المائة فقط من الجزء الذي وصل إلىه علمنا من السماء الدنيا وسبحان الذي انزل من قبل ألف وأربعمائة سنة قوله الحق‏:‏
لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس ولكن أكثر الناس لا يعلمون‏*‏ ‏(‏ غافر‏:57)‏
وقوله الحق‏:‏ وما أوتيتم من العلم إلا قليلا‏*‏ ‏(‏ الإسراء‏:85)‏
ومن هنا تتضح أهمية القسم بالسماء وما بناها في الآية الخامسة من سورة الشمس‏,‏ هذا القسم التفخيمي الذي جاء تعظيما لشأن السماء وتقديسا لخالقها‏,‏ وتنبيها لنا للتفكر في عظم اتساعها‏,‏ ودقة بنائها‏,‏ وانضباط حركتها‏,‏ وإحكام كل أمر من أمورها‏,‏ والإعجاز في خلقها‏,‏ وهي قضايا لم يدركها الإنسان بشيء من التفصيل إلا منذ عشرات قليلة من السنين‏,‏ وورود القسم بها في كتاب الله‏,‏ مما يشهد للقرآن الكريم بأنه كلام الله الخالق‏,‏ ويشهد لخاتم الأنبياء والمرسلين‏(‏ صلي الله وسلم وبارك عليه وعليهم أجمعين‏)‏ بأنه كان موصولا بالوحي ومعلما من قبل خالق السماوات والأرض‏.‏ وذلك مما يزيد المؤمنين تثبيتا علي إيمانهم‏,‏ ويدعو غيرهم من المشركين والكفار إلى الايمان بالله الخالق‏,‏ وطاعته وعبادته وحده بغير شريك ولا شبيه ولا منازع‏,‏ ففي ذلك النجاة والنجاح في الدنيا والآخرة‏,‏ ولا نجاة ولا نجاح في غير ذلك‏,‏ وان كانت السماء شاسعة الاتساع‏,‏ دقيقة البناء‏,‏ ومنضبطة الحركة فهي شاهدة علي عظمة الله خالقها وخالق كل شيء سبحانه وتعالى‏...!!!‏
من هنا كان قسم الله‏(‏ تعالى‏)‏ بالسماء ــ وهو الغني عن القسم ــ وكان التأكيد القرآني علي عظم شأنها في عدد غير قليل من آيات القرآن الكريم نختار منها قول الحق‏(‏ تبارك وتعالى‏):‏
‏(1)‏ وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما لاعبين‏*..‏ ‏(‏الانبياء‏:16)‏
‏(2)‏ تبارك الذي جعل في السماء بروجا وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا‏*‏ ‏(‏الفرقان‏:61)‏
‏(3)‏ وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلا ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار‏*‏ ‏(‏ ص‏:27)‏
‏(4)‏ إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس‏....‏ لآيات لقوم يعقلون‏*‏ ‏(‏ البقرة‏:164)‏

‏(5)‏ إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب‏*‏ ‏(‏ آل
عمران‏:190)‏
‏(6)‏ وهو الذي خلق السماوات والأرض بالحق‏....*‏ ‏(‏ الأنعام‏:73)‏
‏(7)‏ وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق‏...*‏ ‏(‏الحجر‏:85)!‏
‏(8)‏ أولم يتفكروا في أنفسهم ما خلق الله السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق وأجل مسمي‏....*‏ ‏(‏ الروم‏:8)‏
‏(9)‏ ومن آياته خلق السمارات والأرض‏...*‏ ‏(‏الروم‏:22)(‏ الشوري‏:29)‏
‏(10)‏ لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس ولكن أكثر الناس لا يعلمون‏*‏ ‏(‏ غافر‏:57)‏
‏(11)‏ وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما لاعبين‏*‏ ما خلقناهما إلا بالحق ولكن أكثرهم لا يعلمون‏*‏ ‏(‏ الدخان‏:38‏ و‏39)‏
‏(12)‏ إن في السماوات والأرض لآيات للمؤمنين‏*(‏ الجاثية‏:3)‏
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين‏,‏ وصلي الله وسلم وبارك علي سيدنا محمد وعلي آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا‏.‏

المصدر : بحث للدكتور زغلول النجار
  #15  
قديم 01-07-2010, 05:34 PM
عمروعبده عمروعبده غير متواجد حالياً
مدرس لغة عربية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 4,766
معدل تقييم المستوى: 21
عمروعبده is on a distinguished road
افتراضي

والصبح إذا تنفس

قال الله تعالى في كتابه العزيز : (فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ {15} الْجَوَارِ الْكُنَّسِ {16} وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ {17} وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ {18}إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ ) [سورة التكوير].
يقسم الله سبحانه وتعالى بقوله : " والصبح إذا تنفس " والواو هنا للقسم والعظيم لا يقسم إلا بعظيم، ففي هذه آية أقسم الله سبحانه بالصبح إذا تنفس وفي هذه العبارة يشبه الله سبحانه وتعالى عملية بدأ ظهور الشمس في الأفق (الصبح )بإنسان بدأ بأخذ النفس أي أخذ شهيق بعد استراحة أو سبات مؤقت عند الزفير وكما نعلم أن عملية التنفس هي من أهم العمليات الحيوية التي تقوم بها الكائنات الحية حيث يقوم الإنسان من خلال هذه العملية بإدخال الهواء الغني بالأوكسجين إلى الرئتين( الشهيق) حيث تقوم الرئتين بامتصاص الأوكسجين وطرح ثاني أكسيد الكربون وهذه العملية هامة جداً لجسم الإنسان ولا يستطيع إي إنسان أن يستغني عنها أكثر من دقائق معدودة وتوقفها يعني الموت المحقق حيث يستفيد الجسم من الأوكسجين في حرق الغذاء وإنتاج الطاقة التي تبعث الحياة في خلايا الجسم وأنسجته ففي الصباح عند بدأ ظهور الشمس ( الصبح ) تبدأ عملية غاية في الأهمية والتعقيد هي عملية التركيب الضوئي حيث تقوم النباتات بأخذ غاز ثاني أكسيد الكربون ( الغاز المؤذي الذي لا يستطيع الإنسان استهلاكه ) من الهواء وتطرح غاز الأوكسجين بدلاً عنه.
إن الأوكسجين الذي نتنفسه والذي هو المصدر الأساسي للحياة إنه المُنتج الرئيسي في عملية التركيب الضوئي .
إن 30% من الأوكسجين الموجود في الجو تنتجه النباتات على الأرض والـ 70% المتبقية تنتجها النباتات والأحياء الوحيدة الخلية في البحار والمحيطات وهذه العملية لا يمكن ملاحظتها بالعين المجردة، لأن هذه الآلية تستخدم الإلكترونات والذرات والجزيئات ومع ذلك نستطيع رؤية نتائج عملية التركيب الضوئي من خلال الأوكسجين الذي يجعلنا قادرون على التنفس والغذاء الذي يحافظ على حياتنا.
صورة لخلية نباتية أثناء عملية التركيب الضوئي
التركيب الضوئي هو نظام معقد يستخدم صيغ كيميائية ووحدات من الوزن على نطاق ضيق جداً، ويحتوي على تجهيزات دقيقة الحساسية جداً.
يوجد ملايين الملايين من المختبرات الكيميائية التي تقوم بهذه العملية في كل النباتات الخضراء حولنا وعلاوة على ذلك تصنع النباتات الأوكسجين الذي نتنفسه والطعام الذي نتناوله ونستمد منها الطاقة ولم تتوقف هذه العلمية منذ ملايين السنين.
العبارة " إذا تنفس " هي دلالة واضحة على عملية التمثيل الضوئي حيث شبه الله سبحانه الصبح وهو بدأ طلوع الشمس في الأفق بإنسان أخذ نفساً وهو إشارة واضحة إلى تلازم إنتاج الأوكسجين مع طلوع الشمس وأن بدأ هذه عملية التنفس الحيوي أو التركيب الضوئي تبدأ مع بدأ طلوع الشمس
وتتأكد أهمية هذه الظاهرة بالطريقة التي أقسم بها الله والطريقة التي حددها الله لعملية التركيب الضوئي.
وإن الإشارة إلى هذه الظاهرة ( التمثيل الضوئي ) وتشبيهها بالتنفس دلالة على أهميتها فهي كأهمية التنفس بالنسبة إلى الإنسان فلا يمكن للأرض الاستغناء عنها فبدونها سوف تتحول الأرض إلى خراب لا حياة فيها كالقمر .
كما أن استعمال (إذا) تدل على تلازم بدأ عملية التركيب الضوئي مع بدأ طلوع الشمس كما أن ترتيب كلمات الآية حيث ذكر الله طلوع ضوء الشمس أولاً ثم بدأ عملية التنفس بشكل مرتب وهذا ما يتطابق مع عملية التركيب الضوئي وإنتاج الضوء فبدون هذا الترتيب لا يمكن أن تتم عملية التنفس الحيوي للنبات أو التركيب الضوئي ثم إنتاج الأوكسجين .
وهناك لفتة رائعة فكما أن الطفل حينما يولد فإنه يبدأ بأخذ شهيق أثناء البكاء للتنفس فالتنفس هو بداية لحياته كذلك النهار حينما يولد يبدأ بالتنفس .
يتم أثناء عملية التركيب الضوئي تركيب سكر الكاربوهيدات في عملية غاية في التعقيد
عملية التركيب الضوئي التي تقوم بها النباتات وأحياناً تقوم بها بكيريا وأحياء وحيدة الخلية تستخدم أشعة الشمس لكي تنتج سكر ( كاربوهيدات ) من غاز ثاني أوكسيد الكربون والماء وكنتيجة لهذه المعادلة فإن الطاقة في أشعة الشمس تخزن داخل السكر المنتج وهذه الصيغة تلخص المعادلة التي تحدث العملية التي تنتقل بها الطاقة الشمسية الغير مستخدمة إلى طاقة كيميائية قابلة للاستخدام :
® c6h12o6+6o2 عملية التركيب الضوئي 6h2o+6co2®
بقلم فراس نور الحق محرر موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة
تم الاستفادة من أبحاث الداعية التركي هارون يحيى في إعداد هذا البحث
 

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 05:42 PM.