|
#1
|
||||
|
||||
القرآن وعلوم الحياة
القرآن وعلوم الحياة
كامل عبدالحميد سنتناول بمشيئة الله - في هذه المقالات - أصل علوم الحياة في القرآن الكريم، وعلاقة التطور العلمي الحديث بما ذكر في الكتاب الحكيم، مهتدين بقوله تعالى: ﴿ وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِيَذَّكَّرُوا وَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا نُفُورًا ﴾ [الإسراء: 41]، ﴿ وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا ﴾ [الإسراء: 89]، ﴿ وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَلَئِنْ جِئْتَهُمْ بِآيَةٍ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُبْطِلُونَ ﴾ [الروم: 58]. وسنُشير إلى أحدث الآراء والأفكار والنظريات العِلمية، مركِّزين على بعض الموضوعات الهامة، والتي تُعتبَر موضوعات الساعة؛ مثل: خلقِ الحياة ومدى التحكُّم فيها، زراعة الأعضاء والأنسِجَة، التحكُّم في *** المولود قبل ولادته وتغييره بعد ذلك، إمكانية تخليق الكائنات الحية، وسنُناقش الأسس العلمية لهذه الموضوعات ببساطة وإيجاز؛ لتكون في متناول كافة قرائنا المسلمين، مُجتهدِين بقدر الإمكان أن نوضح العلاقة بين العلم الحديث وبين ما ذكرَه الله في كتابه الجامع؛ لنُبيِّن الإعجاز العلمي في القرآن الكريم ومدى الرابطة الوثيقة بين العلم والإيمان، وأننا على أتمِّ الاستعداد، ونُرحِّب بكل سعادة بأي استفسار أو توضيح أو رأي لنردَّ عليه بكل ما نستطيع من تفصيلات. ويرجعُ اهتمامنا بالموضوعات السابق الإشارة إليها إلى خطورتها على الفكر الإنساني ككل، وإلى ما تُثيره من بلبلة بين جموع المسلمين، وبخاصة وأن الكثيرين ممن يَبحثون هذه القضايا علميًّا ليسوا على دراية بما جاء في القرآن الكريم، بل وأن بعضهم ملحدون. مما لا شك فيه أن علوم الحياة كانت - ولا تزال - عصبَ الفِكر والعلم في كل زمان ومكان، وقضية خلق الحياة - وبالذات خلق الإنسان، أرقى المخلوقات - كانت أكثر مسألة تعقيدًا ولا زالت، وقد تطرَّق القرآن الكريم إلى ذلك في قوله تعالى: ﴿ وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً ﴾ [الكهف: 54]، ومن الأمور التي سنوضِّحها فيما بعد أن أسس الفروع المختلفة لعلوم الحياة؛ مثل: علم الأجنة، والتشريح، والتقسيم، وغيرها، قد جاء ذكرها في القرآن الكريم، ولكنا نريد أن نوضح في هذا التقديم أن العلم قد أثبت أن المكوِّن الأساسي والعنصر الرئيسي في الكائنات الحية والمواد الحية في النبات والحيوان هو الماء، وفي هذا الصدد تدبَّروا الأمثلة التالية في قوله تعالى: ﴿ وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [النور: 45]، وقوله تعالى: ﴿ وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا ﴾ [الفرقان: 54]، وقوله تعالى: ﴿ وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَرَاكِبًا وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾ [الأنعام: 99]. وستكون لنا بمشيئة الله وقفة طويلة نوضِّح فيها كيف أن كل العمليات الحيوية وكل التفاعلات الكيميائية الحيوية تَرتكِز أساسًا على جزيء الماء، فسبحان الذي خلق من الماء كل شيء حي! ومن المعروف أن علم الوراثة رغم حداثته - بالنسبة لفروع علوم الحياة الأخرى - إلا أنه عصب هذه العلوم ومركَزها، ويَستند هذا العلم في دراساته على وجود التشابه والتباين بين الكائنات الحية، ومنها وضعت القوانين الأساسية للتوارث، وكيفية انتقال الصفات في الأجيال المتتالية، وتطور الأمر حديثًا إلى مُحاولة معرفة كنْه مادة الحياة وكيفية انتقالها، فلو لم يوجد التصنيف والاختلاف ما وجِدت المادة الخام لمثل هذه الدراسات، وما تعلمنا ما لم نكُن نعلم، فانظروا إلى بديع صنعه تعالى في قوله: ﴿ وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ ﴾ [الأنعام: 141]، وقوله تعالى: ﴿ وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ ﴾ [الرعد: 3]، وكذلك: ﴿ وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ ﴾ [النحل: 13]. ومن المعروف أيضًا أن انتقال الصفات واستمرار المُحافظة على الأنواع المختلفة يتمُّ عن طريق التكاثُر، أي: إن التكاثُر وسيلة انتقال واستمرار الحياة، وللتكاثُر طرق مُختلفة منها: التكاثُر الخضري أو اللا***ي، كما هو موجود عن طريق الخِلفة في النباتات؛ ﴿ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ ﴾ [الأنعام: 99]، وكذلك عُرفت طرق التكاثُر ال***ي في النباتات الراقية الثنائية والأحادية المسكن، والتكاثر ال***ي في الحيوان والإنسان، إلى جانب ما توصَّل إليه العلماء حديثًا من اكتِشاف نوع من التكاثر ال***ي في الكائنات الدقيقة مثل: البكتريا والفِطر، وقد أحدث هذا الاكتشاف تطورًا رهيبًا وخطيرًا في علوم الحياة، وحصل مُكتشِفوه على أعلى الجوائز العلمية العالمية، فقد أدَّت نتائج هذا الكشف إلى إمكانية دراسة الأساس الجزيئي لمادة الحياة وانتقالها وتغيرها، ولكن الأكثر انبهارًاتدبُّر قوله تعالى: ﴿ وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ [الذاريات: 49]، وقوله أيضًا: ﴿ وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى ﴾ [النجم: 45]، وكذلك قوله تعالى: ﴿ فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ ﴾ [الرحمن: 52]. ولا يَفوتنا في هذه المقدمة أن نُشير إلى إحدى القواعد العِلمية الأساسية، والتي ظلَّت فترة طويلة إلى أن استقرَّت، وهي أن ظهور صفةٍ ما في كائنٍ ما توقف على مُحصلة التفاعل بين التركيب الوراثي لفرد وبين الظروف البيئية المحيطة، وأبسط مثَلٍ على ذلك لو أننا لدينا توائم صنوية - أي: مُتماثلة في تركيبها الوراثي - ووضعت تحت بيئات مختلفة، فستَختلِف خصائصها وصفاتها، فلو نظرْنا للفترة الزمنية التي انقضَت لمعرفة هذه القاعدة العِلمية الهامة ونظرنا إلى قوله تعالى: ﴿ وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ﴾ [الرعد: 4] أليس في ذلك هذه القاعدة التي حيَّرت العلماء طويلاً؟! فهنا تأثير البيئة على اختلاف صفات الثمار الناتجة، والذي يَدعو إلى تفضيلها على بعضها، واضِحٌ تمامَ الوضوح، فسبحان الذي علَّم الإنسان ما لم يعلم. |
#3
|
||||
|
||||
رائعة جدا
جزاك الله خيرا و بارك الله فيك |
#4
|
||||
|
||||
بارك الله فيكم
|
العلامات المرجعية |
|
|