استفحال ظاهرة الضعف في الخط والقواعد الإملائية
تزداد في الجيل الأخير ظاهرة خطيرة، وهي الضعف في الكتابة والإملاء، وهذا الضعف ليس مقصورًا– كما كان في الجيل القديم- على البراعم الصغيرة من أبنائنا في مراحلهم التعليمية الأولى، بل وصل الأمر حتى إلى المعلم، والمؤسف حقًّا أن يكون معلم لغة عربية! فلا بد من وجود دراسة لأسباب هذه الظاهرة، ووضع السبل العملية لتلافي هذا الضعف.
وهذه الظاهرة لها آثار كثيرة على الخط العربي منها رداءة الخط وتحوله إلى قدر من كبير العجمة والألغاز، وربما وقف المعلم أمام خط الطالب حينًا من الزمن ليستبين كلمة! ويأسف المرء لما وصلت إليه خطوط طلاب الثانوية العامة والجامعات، وقد دلت بعض الدراسات على أن شكل الكتابة، وجمال الخط عامل مؤثر على تقويم المدرس وتقدير درجة الأعمال، ووجد أحد الباحثين أن الضعف العام من وجهة نظر مديري المدارس والوكلاء والمدرسين في الإملاء عند التلاميذ يعود إلى ضعفهم في الصفوف الأولى، وقد يصل الطالب إلى مستويات عليا ولا يستطيع أن يفرق بين أنواع الهمزة، أو ما يتعلَّق بالمدِّ والقصر وما يجوز فيه الحذف.
ويمكن مواجهة هذا التحدي من خلال كتابة الكلمات التي يكثر فيها الخطأ وتصحيحها بخط عريض على مجموعة من اللوافت، وتعلق على جدران الفصول المدرسية وفي الممرات وفي كل مكان يجتمع فيه التلاميذ، وتنتهي بقاعدة سهلة يمكن تطبيقها عليها، والاستفادة من بعض الرخص في كتابة بعض الكلمات، ووضع أسس ومناهج مبسطة لتدريس الإملاء والخط العربي واختيار المدرس الأكفأ لتدريسه في مراحل التعليم الأولى، فالإملاء العربي ليس صعبًا ولا معقدًا و يتميز بالاختزال وعدم التشابه بين حروفه، فكل حرف مميز عن الأحرف الأخرى، فالذي يكتب بالعربية في سطر يكتب بالإنجليزية في سطرين أو ثلاثة.
فالحقيقة أنه لا خلل في الخط العربي الذي نكتب به لغتنا الجميلة منذ مئات السنين، فلا شك في أنه خط مبرأ من العيوب، والدليل على ذلك عدم وجود هذه الظاهرة في الأجيال القديمة، وإن كانت هناك بعض الصعوبات، فالخط العربي ليس بدعًا بين الخطوط في مشاكله، إذا قوبل بلغات أخرى كالصينية التي تصل حروف إحدى كلماتها إلى أربعين حرفًا، والفرنسية يصل عدد حروف إحدى كلماتها إلى عشرة أحرف، ولا ينطق منها إلا حرفان أو ثلاثة.