|
#1
|
|||
|
|||
معاهدة كوتاهية
كان محمد علي باشا رجلاً طموحًا إلى حد الهوس، يحلم بتكوين إمبراطورية كبيرة على غرار دولة المماليك الكبرى وصاحب توسعات وأفكار استعمارية لا يبالي بأي شيء يقف في طريق طموحاته، وقد أحسنت الدول الأوروبية استغلاله ونفخت في بوق طموحاته من أجل ضرب الدولة العثمانية وإضعاف الأمة الإسلامية، وكان محمد علي يرغب في ضم بلاد الشام إليه، فاستغل فرار عدد من التجار من مصر إلى الشام ولجوءهم إلى والي عكا عبد الله باشا الجزار هربًا من الضرائب الفادحة التي فرضها عليهم محمد علي ورفض الجزار إعادتهم، فأرسل محمد علي حملة برية وبحرية إلى الشام بقيادة ولده الشهير أسد الحروب إبراهيم باشا، ورحبت الدول الأوروبية بهذه الحملة ودعمتها وذلك سنة 1247هـ. اكتسح المصريون بقيادة إبراهيم باشا غزة ويافا والقدس ونابلس وحيفا، فأرسل السلطان محمود الثاني جيشًا لرد المصريين، فانتصر عليه إبراهيم باشا، ثم فتح عكا ثم حلب، ثم واصل المصريون تقدمهم وهم يكتسحون الجيوش العثمانية الواحد تلو الآخر، حتى اجتاز إبراهيم باشا جبال طوروس واحتل أضنة وأصبحت أبواب إستانبول مفتوحة أمامه، وعندها ارتجت الدول الأوروبية كلها من صعود وقوة نجم محمد علي بصورة لم يكونوا يتوقعونها، وخشيت أوروبا من عودة الروح لجسد الدولة العثمانية إذا تولى أمرها رجل قوي مثل محمد علي، ولربما غيَّر محمد علي ولاءه وجعل توجهاته إسلامية وهو بطبعه ينزع للاستقلال ويعشق الزعامة لحد الهوس، وكانت روسيا أكثر الدول تخوفًا من ذلك، حتى أنها ورغم العداوة التاريخية والتقليدية والعميقة مع العثمانيين، أرسلت 15 ألف جندي لحماية إستانبول، فخافت إنجلترا وفرنسا من التدخل الروسي وطلبتا من الخليفة ضرورة التفاهم مع محمد علي.
وفي يوم 18 من ذي القعدة سنة 1248هـ تم توقيع معاهدة كوتاهية، ومن أهم بنودها: 1ـ أن ترجع جيوش محمد علي عن إقليم الأناضول إلى ما بعد جبال طوروس. 2ـ أن يُعطى محمد علي ولاية مصر مدة حياته. 3ـ يعين محمد علي واليًا من قبله على ولايات الشام (عكا ـ طرابلس ـ دمشق ـ حلب) وأيضًا جزيرة كريت. 4ـ يعين إبراهيم باشا واليًا على إقليم أضنة. واضطر السلطان محمود الثاني لتوقيع الاتفاقية وهو يضمر في نفسه الاستعداد للحرب مرة أخرى ويؤدب واليه المتمرد محمد علي.
__________________
|
العلامات المرجعية |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|