الموضوع: تحليلات سياسية
عرض مشاركة واحدة
  #188  
قديم 25-10-2012, 08:41 PM
الصورة الرمزية aymaan noor
aymaan noor aymaan noor غير متواجد حالياً
رئيس مجلس الادارة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 27,930
معدل تقييم المستوى: 10
aymaan noor is a glorious beacon of lightaymaan noor is a glorious beacon of light
افتراضي تداعيات التصعيد بين الحكومة الكويتية والمعارضة الإسلامية

[CENTER]
تداعيات التصعيد بين الحكومة الكويتية والمعارضة الإسلامية


أشرف عبدالعزيز عبدالقادر
احث في الشئون الخليجية
جاء الخطاب الأخير الذي ألقاه أمير دولة الكويت (الجمعة 19 أكتوبر 2012) ووجه فيه نحو تعديل آلية التصويت في الانتخابات البرلمانية القادمة التي سوف تجرى في الأول من ديسمبر 2012( ليكون لكل ناخب صوت واحد فقط بدلا من أربعة أصوات)، ليزيد من وتيرة التصعيد ويرفع من سقف المواجهة مع المعارضة التي يهيمن عليها التيار الإسلامي بشقيه السلفي والإخواني

، حيث اعتبرتها المعارضة تكتيك جديد لجأت إليها الحكومة للتقليل من فرصها في الانتخابات البرلمانية القادمة، خاصة بعد أن رفضت المحكمة الدستورية الكويتية الطعن الحكومي بشأن إدخال تعديلات على نظام الدوائر الانتخابية المعمول بها حاليا، وإبقاء المحكمة عليه (نظام الخمس دوائر).

هذه التطورات تثير عدة تساؤلات رئيسية، يحاول المقال التطرق إليها، منها: ما هي الأبعاد الرئيسية للتصعيد الجاري بين الحكومة الكويتية والمعارضة التي يسيطر عليها التيار الإسلامي؟، وما هي تداعياته على المشهد السياسي الكويتي قبيل الانتخابات البرلمانية القادمة؟

أولاً: الصعود السياسي للمعارضة الإسلامية وآليات تعامل الحكومة الكويتية معه:

لم تكن الكويت استثناءً من "المزاج العام" الذي خيم على المنطقة العربية، في أعقاب ما عُرف بـ "ثورات الربيع العربي"، والذي صب بوضوح في مصلحة الإسلاميين بتياراتهم المختلفة، وهذا ما عكسته نتائج الانتخابات البرلمانية التي جرت في فبراير الماضي 2012، وحصد فيها التيار الإسلامي على 27 مقعدا، ليشكل مع بعض النواب الآخرين كتلة أغلبية معارضة سيطرت على 34 مقعدا من مقاعد البرلمان البالغة 50 مقعدا.

ومثلما حدث في دول عربية أخرى، بعد أن نجح التيار الإسلامي في تشكيل كتلة الأغلبية المعارضة في برلمان 2012 المبطل، اتجه إلى الانفراد بتحديد أولويات الأجندة التشريعية دون التشاور مع الكتل السياسية الأخرى، كما اتجه إلى العمل على أسلمة القوانين، على نحو ما عكسه إصرار التيار السلفي على تعديل المادة الثانية والمادة 79 من الدستور، بما يفرض على البرلمان عدم سن أي تشريع، إلا إذا كان "موافقا للشريعة الإسلامية"، وكذلك وما أثير بشأن "قانون الحشمة" الذي لم يخرج إلى النور، وغيرها من القضايا في الاتجاه ذاته.

هذا بالإضافة، إلى استخدام أداة الاستجواب بشكل مكثف في مواجهة عدد من أعضاء الحكومة بما في ذلك رئيس الحكومة الشيخ جابر المبارك، مما خلق نوع من التأزيم غير المسبوق في العلاقة بين الحكومة والبرلمان، لاسيما في ظل امتلاك المعارضة الإسلامية الأغلبية اللازمة لتمرير تلك الاستجوابات.

هذه الأجواء خلقت لدى الحكومة الكويتية إدراكا بخطورة سيطرة هذه الأغلبية الإسلامية المعارضة على البرلمان، فاتجهت إلى التعامل مع هذا "الخطر" وفق آليتين:

 الآلية الأولى: استغلال بعض الثغرات الإجرائية القانونية التي وقعت قبيل إجراء انتخابات فبراير 2012، والدفع بها لدى المحكمة الدستورية الكويتية التي حكمت بالفعل ببطلان إجراء هذه الانتخابات وبالتالي بطلان مجلس 2012، والحكم بعودة مجلس 2009 الذي يشكل فيه التيار الإسلامي أقلية ويسيطر عليه أغلبية موالية للحكومة، وهو ما تم بالفعل..

 الآلية الثانية: التقدم بطعن لدى المحكمة الدستورية العليا من أجل إعادة النظر في نظام الدوائر الانتخابية المعمول به (نظام الخمس دوائر) والمطالبة بتغييره أو إدخال تعديلات عليه.
ولكن هاتين الأليتين ثبت حدود فاعليتهما، خاصة بعد رفض الطعن الذي تقدمت به الحكومة الكويتية إلى المحكمة الدستورية بشأن إعادة النظر في نظام الدوائر الانتخابية في الكويت، واضطرار أمير الكويت إلى حل مجلس الأمة لعام 2009 بعد أن باءت جميع محاولات الحكومة لعقد جلسة واحدة لهذا المجلس بالفشل، نتيجة اتفاق نواب كتلة الأغلبية على عدم حضورها.

ثانياً: أزمة تعديل آلية التصويت في الانتخابات

يبدو أن الحكومة الكويتية تنظر إلى المواجهة الحالية مع المعارضة على أنها معركة "مصيرية" أو "معركة بقاء ووجود"، وقررت بذل كل ما يمكن فعله من أجل عدم تكرار مشهد انتخابات 2012 مرة أخرى، ولكن الملاحظة العامة على سلوك الحكومة هنا، هي حرصها على الأبعاد القانونية والدستورية لجميع تصرفاتها، بدءً من الدفع نحو الإبطال القانوني لمجلس 2012 اعتماداً على بعض الثغرات القانونية في تنفيذ مرسوم حل المجلس السابق له (مجلس 2009)، مروراً بالمحاولة لتعديل نظام الدوائر الانتخابية المعمول به حالياً عبر المحكمة الدستورية، وصولاً إلى تعديل آلية التصويت في الانتخابات، وفق نص المادة 71 من الدستور والتي تجيز للأمير إصدار مراسيم بقوانين أثناء حل مجلس الأمة لمعالجة أي سلبيات قد تستوجبها الضرورة.

ورغم أن أمير الكويت برر في خطابه الأخير تعديل آلية التصويت في الانتخابات القادمة، بالرغبة في "تلافي سلبيات نظام التصويت الحالي الذي أدى إلى نتائج تجافي العدالة والتمثيل الصحيح لأطياف المجتمع الكويتي في البرلمان، وإبراز التحالفات المصلحية البعيدة عن مصلحة الوطن، بالإضافة إلى الإقصاء الدائم للعديد من الشرائح الاجتماعية عن التمثيل البرلماني، الأمر الذي انعكس سلبا على أداء مجلس الأمة، وتسبب في انحرافه في أداء مهامه ومسؤولياته"، إلا أنه يمكن القول أن التحرك الحكومي في هذا السياق ربما يكون مدفوعا بعدد آخر من الاعتبارات، منها:

 تقييم الحكومة الكويتية الخاص وإدراكها للسوابق غير المعهودة –على مدار تاريخ الكويت السياسي- في أداء وسلوك المعارضة الإسلامية وتحديدا منذ سيطرتها على البرلمان في فبراير 2012، ورفع لهجة التصعيد عبر التصريحات التي باتت تطول شخص الأمير ذاته والذي ظل محصناً من النقد لعقود طويلة ربما ترجع إلى بداية تأسيس دولة الكويت.

 أخذها على محمل الجد التحذيرات التي صدرت من مسئولين إماراتيين بشأن وجود مخطط لدى جماعة الإخوان المسلمين في منطقة الخليج للسيطرة على الحكم، وأن البداية ستكون من دولة الكويت، وربما دعم من ذلك المطلب الذي طرحته بعض القوى السياسية الكويتية مؤخراً وفي مقدمتها الحركة الدستورية الإسلامية (حدس) الجناح السياسي لجماعة الإخوان المسلمين في الكويت، بشأن "الإمارة الدستورية"، التي تتشكل فيها الحكومة من الأغلبية في البرلمان، ويكون رئيسها من خارج الأسرة الحاكمة.

 إدراكها لوجود دعم خليجي لتحركاتها ضد أي محاولات لتغيير نظام الحكم في الكويت، وحالة التدخل الخليجي في البحرين تعد سابقة مهمة في هذا الشأن.

 رهانها على كسب تأييد شعبي لتحركاتها تجاه المعارضة الإسلامية تحديداً، اعتماداً على السلبيات التي شابت أداء التيار الإسلامي خلال الفترة القصيرة التي قضاها في مجلس 2012 (أربعة أشهر)، لاسيما ما يتعلق بتبنيه عدة قضايا توحي برغبته في تحويل الكويت إلى دولة دينية، وتجاهل الأولويات والشعارات التي رفعها خلال الحملات الانتخابية ودغدغ بها مشاعر الناخبين كإقرار قانون مكافحة الفساد، والمضي قدماً في خطط التنمية المعطلة منذ فترة طويلة. لذلك لم يكن غريبا أن يصدر بالتزامن مع مرسوم تعديل آلية التصويت في الانتخابات، مرسوم آخر يستهدف مكافحة الفساد.
المعارضة من جانبها اعتبرت نفسها المستهدف الرئيسي من وراء هذا التعديل، الذي اعتبرته محاولة من الحكومة للتحكم في مخرجات العملية الانتخابية، واتخذت ردود فعلها الأولية مظهرين رئيسيين:

الأول: الاتجاه نحو مقاطعة الانتخابات البرلمانية القادمة، وقد تكون المقاطعة القادمة هي الأكبر من نوعها طوال الحياة البرلمانية، في مشهد يعيد إلى الأذهان مقاطعة الكويتيين لانتخابات المجلس الوطني عام 1990

الثاني: النزول إلى الشارع وحشد الجماهير، وتعتبر المظاهرات التي دعت إليها المعارضة بالتنظيم والتنسيق مع بعض التجمعات الشبابية يوم الأحد 21 أكتوبر 2012 (مسيرة كرامة وطن) مؤشر أولي لذلك، حيث شارك في تلك التظاهرات عشرات الآلاف (قدرتها بعض المصادر بمائة ألف متظاهر)، وشهدت مصادمات عنيفة مع قوات الأمن أدت إلى إصابة عدد من المتظاهرين واعتقال عدد آخر منهم، كما تم إعلان حالة الاستنفار العام في صفوف الجيش والحرس الوطني.

ويمكن القول أن المعارضة تراهن في هذا النوع من التحرك على عدد من الاعتبارات، يتمثل أبرزها في:

 أن "المزاج الثوري العام" في المجتمع الكويتي ما يزال قائماً، تعبر عنه التظاهرات المختلفة التي نظمتها كتلة الأغلبية المعارضة بالتنسيق مع بعض الحركات والتجمعات الشبابية حتى قبل خطاب الأمير الأخير، ويدعم هذا "المزاج" عدم صدور أحكام نهائية قاطعة بشأن قضية الإيداعات المليونية المتهم فيها عدد من نواب مجلس 2009 بالحصول على مبالغ مالية كبيرة لقاء مواقف مساندة للحكومة في البرلمان وقرار النيابة مؤخراً بحفظ التحقيقات فيها، وهي القضية التي اكتسبت زخماً شعبياً كبيراً وكان لها دور كبير في الأغلبية التي حصل عليها التيار الإسلامي في برلمان 2012.

 التنظيم الجيد الذي يميز تحركات التيار الإسلامي وقدرته على جذب مستويات عالية من الحشد والتأييد الشعبي، في مواجهة ضعف وهشاشة التيار الليبرالي الذي يفتقد إلى قاعدة شعبية نتيجة تحالفاته الدائمة مع الحكومات الكويتية المتعاقبة ودعم مواقفها في البرلمان.

 الرهان على اتساع نطاق المعارضة للحكومة بعد الخطاب الأخير
لأمير الكويت، لتشمل قوى سياسية أخرى كانت اقرب لتأييد الحكومة في بعض مواقفها.

ثالثا: الإخوان المسلمون في الكويت ومطلب الإمارة الدستورية

بُعد آخر مهم من أبعاد التصعيد والمواجهة بين التيار الإسلامي والحكومة الكويتية يتعلق بمطلب الإمارة الدستورية الذي تم الحديث عنه بشكل مكثف منذ شهر يوليو الماضي أي بعد حوالي شهر من قرار المحكمة الدستورية الكويتية بحل مجلس 2012.

هذا المطلب تدعمه بشكل أساسي الحركة الدستورية الإسلامية (حدس) الممثلة لإخوان الكويت، وبعض نواب المعارضة المحسوبين عليها أو المتحالفين معها، وقامت الحركة بمحاولات لدعم هذا المطلب وحشد أكبر تأييد ممكن له، من خلال تشكيل ما سمي بـ "الجبهة الوطنية لحماية الدستور" التي أعلن عن تأسيسها في التاسع من شهر سبتمبر الماضي 2012 بمشاركة عدد من الكتل السياسية المتحالفة مع حركة حدس. ووضعت الجبهة ضمن أهدافها الثمانية الملزمة للمشاركين فيها والراغبين في الانضمام إليها، هدف " استكمال التطور الديمقراطي نحو نظام برلماني كامل" وهو الوجه الآخر لمطلب الإمارة الدستورية.

ولكن ما تواجهه حركة حدس من تحديات في هذا الشأن، يكمن بالأساس في عدم تحول هذا المطلب إلى "مطلب شعبي"، فضلاً عن عدم وجود توافق فيما بين الكتل السياسية بشأنه، حيث ترفضه الكتل السياسية الممثلة للتيار الليبرالي التي لم تشارك في الجبهة الوطنية لحماية الدستور، كما يعد التيار السلفي من أهم التيارات القوية التي ترفضه، حيث يعتبر أن اختيار شخص رئيس الوزراء هو صلاحية مطلقة لأمير البلاد لا يجوز التدخل فيه، وهو ما يبرر رفض التيار السلفي المشاركة في الجبهة الوطنية لحماية الدستور أيضاً.

لذلك، يمكن القول أن هذا المطلب يحمل نوع من المواجهة المؤجلة، لافتقاده التأييد الشعبي والسياسي حتى الآن، ولكن التطورات الأخيرة التي تشهدها الساحة السياسية الكويتية قد تدفع جماعة الإخوان إلى التصعيد السياسي حول هذا المطلب، والعمل على تحويله إلى مطلب سياسي وشعبي، باعتباره أحد آليات الضغط والتصعيد في مواجهة التحرك الحكومي نحو تعديل آلية التصويت في الانتخابات البرلمانية.

خاتمة:

في ضوء ما سبق، يمكن القول أن المرحلة الحالية في الكويت، تشهد نوع من "المواجهة المفتوحة" على كل الاحتمالات بين كل من الحكومة والقيادة السياسية من جهة، والمعارضة التي يسيطر عليها التيار الإسلامي من جهة أخرى. هذه المواجهة لها بعدين رئيسيين، أحدهما يعكس المواجهة الحالية ويتعلق بأزمة تعديل آلية التصويت في الانتخابات البرلمانية القادمة، والآخر يحمل نوع من المواجهة المؤجلة يتعلق بمطلب الإمارة الدستورية، الذي تدعمه بشكل أساسي جماعة الإخوان المسلمين في الكويت. وسيكون لهذين البعدين، تداعيات مباشرة على مجمل المشهد السياسي في الكويت، لاسيما بعد أن أصبح الشارع لاعب أساسي في مجمل التفاعلات الدائرة في هذا المشهد

آخر تعديل بواسطة aymaan noor ، 25-10-2012 الساعة 08:44 PM
رد مع اقتباس